المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحب يبقى .. والجرح يرحل


good girl
12-08-2006, 10:58 PM
هذه القصة عن شاب يحكي قصته للقارئين أتمنى أنها تنال إعجابكم

في البدء كانت ياسمينة
هذه القصة ليست من نسج الخيال .. بل هي من صفحات الحياة وسطور الزمان .. كانت هناك .. هناك في أقاصي قلبه الرطيب طفلة كالياسمينة الغضة .. فكتب عنها سطورا طاهرة .. لاتخدش فضيلة ولا تنتهك حرمة .. انقشها خالدة في (أوراق وردية ) لتؤمنوا مثلما آمنت .. أن لازال للحب عذريته وللصفاء عذوبته ..
بدأت قصتي حين ولدت مها لعمي الأبعد والذي يسكن في الرياض .. بينما نحن نسكن في إحدى القرى القريبة منها ..
تصغرني بست سنوات هي .. لم أكن أعرف الكثير من عالم الصغار ولا أحب مداعبتهم حتى رأيتها كملاك طاهر يتربع على حجر والدتي التي اصطحبتني معها لزيارتهم حين جاؤوا لقريتنا لقضاء عطلة العيد .. كانت كوردة ربيعية .. أزهرتها سحابة مشبعة بالمطر .. حملتها بإذن أمها وخرجت بها إلى مزرعة البيت وكانت المرة الأولى التي أحمل فيها وردة .. في شهرها الثامن ..! لا ادري كيف استلطفتها .. واستظرفتها .. وأحببتها ..! فكرت .. ربما لان والدتي لم تنجب سوى الذكور ..؟
وحين كنت ألاعبها حملتها بسرعة لأجعلها تطير في الهواء مما جعلها تضحك بشكل هستيري .. لكنني ولفرط جهلي وقلة خبرتي في الصغار تماديت في رفعها إلى أعلى فاختل توازنها وسقطت من بين يدي ..! لم أصدق نفسي حين رأيتها تسقط أرضا ويرتطم رأسها الصغير بجذع النخلة الخشن الذي تسبب في جرح جبينها ونزف الدم منه ...!!
ورغم خوفي ورغم خوفي كطفل من العقوبة غلا أني لم أهرب ... بل أسرعت بها أحملها لوالدتها .. صرحت بي أمي :ماذا فعلت بها ؟!
والكل يرقبني بنظرات حادة وأخذوها مني .. أخبرتهم بما حصل ووقفت في انتظار العقوبة ليرتاح ضميري الذي كاد يقتلني عذابا وقلقا ..
أما أمها .. التي كانت مشهورة بعقلها الراجح .. فلم تزد على قولها :هداك الله يا ولدي .. ثم انصرفت تغسل دماء الصغيرة ..
أقسم أني لم أكن راضيا عن هذه العقوبة الباردة في نظري ، تمنيت لو أن إحداهن أمسكتني وضربت على راسي تماما كما حصل لمها .. لكني جرجرت أقدامي وتواريت عن الأنظار ..
وفي الغد سمعت والدتي تحادث والدتها بالهاتف ، أرخيت السمع لأطمئن قلبي .. الذي سكن وهدأ حينما سمعت أمي تقول .. الحمد لله .. الحمد لله ... إنها بخير .
ومرت الأيام السريعة .. وانقضى العيد .. ورحلت عائلة مها إلى الرياض وذكراها عالقة بذهني .. وقلت لنفسي : لا بأس .. حب الأطفال شيء معروف وشائع .. وسينتهي يوما ما .. حين تكبر هذه الصغيرة ...
في العيد القادم انتظرتها بشوق ، ورأيتها كالياسمينة على كتف أخيها الذي يكبرني بعام يتجول بها في أرجاء المزرعة .. رأيتها تمشي ..
وتضحك وتتكلم بحروف عذبة .. جذبتني أكثر .. فازددت بهذه الندبة تعلقا ..!
وحين بدأت أحادث أخاها وأخفي رغبتي الملحة في حملها ومداعبتها .. لمحت خلف خصلاتها المتناثرة على ذلك الجبين الوضاء أثر
ندبة جرح الماضي ..! وعاودني شعور يستقر مؤلما بين أضلاعي .. إذ كيف أجرح مثل هذا الجبين .. المستقى بالطهارة والجمال .؟
ومضت ثلاث سنوات ... وعائلتها لا تأتي لقريتنا أبدا .. فرابطة والدها بالقرية انتهت بعد وفاة والدته رحمها الله ..
وبلغت الثالثة عشرة .. ومها في عامها السادس .. وكان زواج شقيقي الأكبر .. وعلمت من والدتي أنهم مدعوون للحفل وسيحضرون من الرياض .. لم أصدق أذني ...!! أيعقل ..!!هل سأراها بعد كل هذا الغياب .. والسنين ..؟! وانتظرت ليلة الفرح بفارغ الصبر .. وكلي أمل .. أن أراها .. وأهدئ من وجيب هذا المتخلف بين ضلوعي .. والذي يكاد يطير فرحا وشوقا ...!!!!!!!!!
وحانت الليلة .. وتسللت لمكان النساء متظاهرا برغبتي في الحديث إلى إحدى عماتي ، وهناك أرسلت نظراتي بحثا عنها .. وتركت لقلبي الطريق ليعثر عليها .. فو الله ما أخطأها .. وكيف يخطئ من سكنته ..؟
هاهي .. ترفل بثوب وردي كتفاحتي خديها .. وتتساقط خصلاتها المترفة بالغرور على كتفيها .. لكن طوق الورد على رأسها سمح لعيني أن تطلع على الندبة الصغيرة .. التي أصبحت بيضاء..على حافة جبينها اليمني ..
خفق قلبي بشدة، عضضت على شفتي ..وتمنيت لو اقتربت منها واعتذرت أو قلت أي شيء..؟!
لكنني خرجت مشيعا باللوم والتوبيخ من والدتي التي تعتبرني رجلا لا يليق بأن يبقى بين النساء ...!
وبقيت تلك الصورة في داخلي في داخلي فترة ليست بالقصيرة .. الوردة الناعمة .. بالثوب الوردي .. وطوق الأزهار اللطيفة يحيط الوجه الحبيب ...
ولكن الحلم كان أسرع رحيلا .. لقد غادر أهلها من الغد مباشرة بعد انتهاء الفرح ...
وطالت زيارتهم التالية لزيارة قريتنا .. فلم يأتوا لقريتنا إلا بعد ................. خمس سنوات ..!!
أوصدت خلالها العلى مها الأبواب ولبست الحجاب ، لقد انتقلت للمرحلة المتوسطة .. ورجل مثلي في 18 لايصلح أن ينظر إلى مثلها .. حينما تخرجت من الثانوية أصررت على الالتحاق بجامعة الرياض
ورفضت رفضا قاطعا إكمال تعليمي في معهد القرية .. فطموحي كبير جدا أيضا ..
وطموحي يستحق العناء والتضحيات .. طالما أن مها هي جزء من هذا الطموح .. بقيت طوال دراستي في سكن الجامعة الخاصة ، وترددت كثيرا على بيتهم بدعوة من أخيها الذي يشاركني الجامعة في تخصص آخر .. أنهيت مشواري هذا بالحصول على الماجستير .. وانتشرت الفرحة حتى دخلت كل بيت في قريتنا .. وتراقصت الابتسامات زهوا على شفاه والدي وافتخارا بي .. وهمست أمي .. فرحتي الكبرى .. هي يوم زواجك ..!
وأشرق بداخلي شعور رائع .. بل .. أروع من الروعة ذاتها .. جمعت أصابعي لأحسب كم من السنوات تبلغ مها ..؟ كم عمر ياسمينتي الآن ..؟
وهوى داخلي شعور بالخيبة لما وجدتها لم تكمل الثامنة عشرة بعد ، وأنا في الخامسة والعشرين .. تعثرت الكلمات على لساني .. وقلت لأمي .. ادعي لي بالخيرة يايمه ...
ولكن .. بقي الإصرار ذاته في داخلي .. ولو كان ..؟؟ستنهي مها الثانوية هذا العام ، سأصارح أمي برغبتي بها .. وإن وافق أهلها كان بها .. وإن لم يوافقوا لصغرها .. فلأجلها أنتظر العمر كله ..
وحينما انتهت اختبارات الثانوية العامة ولم تعلن النتائج بعد في الصحف ، طلبت من صديق لي أن أعرف نتيجتها قبل النشر .. وبالفعل علمت بنجاحها بتقدير امتياز وبنسبة رائعة جدا ، فلم أتمالك نفسي .. فرفعت سماعة الهاتف لأبشر أخاها بذلك ، لكن والدته أخبرتني أنه غير موجود .. فسلمت عليها وعرفتها بنفسي فرحبت بي .. ثم زفيت لها خبر نجاح مها .. وأنني علمت بيه بعد أن هنأني أحد الأصدقاء على ظنا منه أنها أختي .. وأردت أن أبشركم .. وأبارك للجميع ...! كم كانت فرحة أمها كبيرة .. ودعت لي كثيرا ..وسمعتها تناديها .. لتزف لها الخبر وهي تغلق السماعة .. فلم أغلقها لعلي أسمع صوت الفرح في نبراتها .. لكن الانقطاع كان الأقرب لسمعي ..!
وازدادت نشوتي .. وأصبح الإحساس بالغبطة يغمرني ويكبر صدري .. إن ياسمينتي الصغيرة متفوقة .. ذكية .. وجميلة.. كما أعرفها منذ صغرها ..!
كبر الحلم ..حتى أصبح كاليقطين .. وكنت أنتظر الفرصة المواتية لأبوح لوالدي بذلك ..عدت للقرية حاملا حلمي في صدري متلهفا للبوح به وإعلانه بعد أن أظل حبيس قلبي سنوات .. إذ المفاجأة الغير متوقعة تنتظرني ...
والدتي تحدث والدي عن ترتيبات سفر للرياض ، ولوازم لها وللصغار ، وأن أهلي سيكونون ضيوفي أسبوعا كاملا في شقتي في الرياض بعد شهر من الآن .......
وسألت عن سبب الزيارة المفاجأة .. وليتني لم أسأل ... بل ليت تلك اللحظات لم تمر علي........
إنه زواج مها ..
من..؟ ومتى ...؟؟؟؟؟؟
هذا ما استطعت السؤال عنه والمفاجأة تكاد تقطع أنفاسي .. الجميع لاحظ فجيعتي في شكل عيني ....
استدركت وقلت : معقول ..؟ أوصلت إلى سن الزواج ؟مازلت أذكرها صغيرة جدا ...
قالت أمي :
الأيام تمضي سريعة .. صحيح هي صغيرة نوعا ما...لكنها عاقلة رزينة .. والوقت مناسب خصوصا وان الرجل كفء .... يا الله ياولدي ... متى ستفرح قلبي ..؟؟؟؟
قلت ولازلت أداري دهشتي .. وأكابر على الطعنات المتتالية التي تكاد تودي بي
من هو...؟؟
_ ابن جيرانهم .. من آل فلان ..
وبدأت الأرض تميد من تحتي إنه رفيق أخيها ..لكنه لم يكن أقرب مني إليه ..!
كيف للناس أن يعلنوا عن رغباتهم في الوقت المناسب .. بينما أنا أمسك بحلم صعب الكتمان في صدري سنوات .. يا إلهـــــــــــي
ماذا يريد أهلها من رحل لا يربطهم به صلة ولا قرابة ..؟!
أتراه يستحقها ..؟ أيستطيع أن يحبها ويسعدها كما أشعر أني سأفعل ذلك ..؟
صحوت من دوامتي على صوت المؤذن، قمت للصلاة واهن القوى ..كسير الخاطر ..مجروح الفؤاد ..هكذا أنا دائما .
الحزن يملأ حياتي ..والخيبة تبدو على ملامحي ..كنت ومازلت ضعيفا عن إبداء رغباتي في الوقت المناسب .. فانا ابن القرية البسيط الذي يحسب للكلمة ألف حساب ...
وها قد رحلت مها من عالمي ....
نعم أصبحت مها لم تعد ياسمينتي ....
وقد سافرت مها مع زوجها للخارج لإكمال دراستها
وذات يوم .. ذهبت بطفلي الذي لم يتجاوز الثالثة لمدينة الألعاب ، ففوجئت بابن عمي (أخو مها ) ومعه طفلان ... أما الطفل كان شديد الشبه بأبيه ،وأما الطفلة ..والتي عرفت بأنها برفقة خالها فقد أجابني شيء ما أنها هي ..مها الصغيرة .ثم ودعنا بعضنا وأنا لازلت أتأمل جبين الطفلة لعلي أرى الندبة فيه ..............!!


** منقول **
وإنشـــــــااللـــه تكــون عجبتكم القصــــــــة

النظره الخجوله
13-08-2006, 03:41 AM
روووووووووووعه

يعطيك العافيه حبيبتي

good girl
16-08-2006, 02:32 AM
مشكــــــــــــــورة


على ردك والله طمنتيني كنت خايفة إنو القصة ما تعجبكم


وأهم شي إنها عجبتكي .........!!


دمــــــــــــت لمــن تحبــــيــن ..

عيووووني حزينه
16-08-2006, 03:17 AM
:076: يعطيييييييييييييك العافيييييييييه :076:

كلي أحساس
16-08-2006, 03:58 AM
من جد والله حزييينة .. الله يكون في عونه ..

يعطيك العافية حبيبتي على القصة العظيمة هذي..

الموضوع منور بوجودك..

...كلي أحساس...

good girl
19-08-2006, 03:20 AM
مشكـــــــورة على مروركم


..تحيــــاتي لكم..

عاشق سراب...
20-08-2006, 07:57 PM
جوود جيرل
اخترتي من عذب الكلام ما صال وجال
تلك الحروف تشابه الكثير من القصص ولعل السبب الوحيد
عدم البوح عما يكن في مكنون المحب
هذه هي حال الدنيا
الحب الطاهر ينتهي ويكون هباء منثورا
تقبلي تحياتي والف شكر لكي على ما كتتي
عاشق سراب...

good girl
31-08-2006, 11:57 PM
شكرا على ردك

اسعدني مرورك بقصتي

دمت لمن حب

soso 90
05-09-2006, 02:32 PM
قد قيرل... اشكرك على ماقدمتيه لنا

وقصه محزنة جميلة بنفس الوقت اهنئك على انتقائها

وعلى حسك المرهف

دمتي بخير

سوسو..

عـطـ الليل ـر
05-09-2006, 11:29 PM
مشكوره وقصة جميله تجسد برائة روح بطلها ولعلنا نستفيد ان الحب شيء جميل يملاء الحياه بالمرح والسعاده

مشكوره اختي وما قصرتي على اهتمامك

good girl
06-09-2006, 04:33 AM
اسعدني مروركم ومشكورة


على مدحكم الرائع والاكثر من رائع


"ودمت لمن تحبون " :081: :081: :081:

عـطـ الليل ـر
06-09-2006, 09:34 PM
اني تايم

عبدالعزيزالعمري
09-09-2006, 05:16 PM
سلم الناقل والقائل

سلمتي على هذه القصة