الوسيط
06-02-2007, 11:48 PM
،
،
،
،
،
النفس ميالة لما تحب صعبة المراس في كثير من الأحيان عنيدة ترفض الإذعان للحق وتميل مع الباطل والهوى جبلت على حب الشهوات والتلذذ بها ...
ولهذا فإن الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ( قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها )
تذكرت هذا وأنا أردد قول الحق جل وعلا : ( يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم ) وفي المعنى عبر ودروس
ففي حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه أنه قال : ( سألت الرسول صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال : يا حكيم إن هذا المال حلوة خضرة ، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع ، اليد العليا خير من اليد السفلى .... الحديث ) صحيح البخاري
تأملت ذلك ثم نظرت لما نحن عليه فوجدت بيننا وبين ذلك بونا شاسعا فالتعلق في الدنيا وزينتها والتمتع بملذاتها هو ديدن الغالبية العظمى من الناس وقلما تجد في الناس من يقول مثلما قال أولو العلم ( ويلكم ثواب الله خيرٌ لمن آمن وعمل صالحا )
هذه المعاني التي أذكرها ليست من قبيل التضييق على الناس وحملهم على الورع الكاذب الذي يقعد صاحبه عن العمل أو الزهد البارد الذي يحمل صاحبه على الظهور بمظهر يزري به فيصبح متسولا لقوته وكسوته ...
إنما هي من باب حمل الناس على التعلق بالآخرة وحمل همها فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله : ( من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره و جعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة ) صحيح الترغيب من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه
ولعل مما يجدر تذكير النفس به بين الحين والآخر وكذلك تذكير الإخوة والأخوات في الله أن المسلم يجب أن يكون عالي الهمة نبيل المقصد لا يرضى بالدون من الأخلاق وقد قال أحد السلف رضوان الله عليهم لو كانت النبوة منزلة تنال بالعمل لكان الرضى بالخلافة من دنو الهمة وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله : ( ...... فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة و أعلى الجنة – أراه – فوقه عرش الرحمن ) صحيح البخاري وفي توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم بسؤال الفردوس حث على علو الهمة والسعي لنيل المطلب الأعظم ...
ولعل من الفوائد التي تتحرر من هذه الجملة أن الرضى باختيار الله وقسمه لك خير من اختيارك لنفسك فالنفس كما قدمت ميالة لحب المال والشهوات ولكن قد يكون في ذلك هلاكها والله يختار لعبده ما يصلحه فمنهم من يصلحه الفقر فلو أغناه الله لفسد عليه دينه ومنهم عكس ذلك يؤخذ هذا من قول قوم قارون : ( يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون ) فلما خسف الله به قالوا : ( لولا أن منّ الله علينا لخسف بنا )
وفائدة أخرى لعلها تكون خافية نوعا ما ألا وهي أن الإنسان بطبعه جاحد لنعم ربه فمن قوم قارون من أنعم الله عليه بنعم كثيرة وحريّ بالإنسان العاقل ألا ينظر إلى من فُضّل عليه في الدنيا فذلك قد يقوده لازدراء نعم الله عليه فيكون نظره إلى ما في يد غيره احتقارا لما بين يديه من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى ...
وهنا مسألة هامة في طلب المعونة من الله جل وعلا وهي أن الله عظيم كريم جواد خزائنه ملئ لو أن الناس كلهم أنسهم وجنهم كانوا في صعيد واحد فأعطى كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك مما عنده شيئا إلا كما ينقض المخيط إذا أدخل البحر ، ولهذا فإن من علو الهمة حتى في الدنيا أن تسأل الله أن يهبك أعلى وأكبر بكثير مما تؤمله فلا تحد نفسك بفلان أو علان فإن الله أكرم من ذلك وأجل وأعلى ولهذا فإن نبي الله سليمان عندما سأل ربه وضع نصب عينيه كرمه جل وعلا وقدرته فقال رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ...
هذه تأملات بسيطة في هذه الجملة التي عنونت بها هذا الموضوع إن كان فيها من صواب فمن الله وحده وإن كان فيها من خطأ فمن نفسي والله ورسوله بريئان من ذلك والله تعالى أسأل أن ينفعني وإياكم بما نقول ونكتب ونسمع وأن يجعل ذلك حجة لنا لا علينا ...
وفق الله الجميع لطاعته والله من وراء القصد ...
،
،
،
،
النفس ميالة لما تحب صعبة المراس في كثير من الأحيان عنيدة ترفض الإذعان للحق وتميل مع الباطل والهوى جبلت على حب الشهوات والتلذذ بها ...
ولهذا فإن الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ( قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها )
تذكرت هذا وأنا أردد قول الحق جل وعلا : ( يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم ) وفي المعنى عبر ودروس
ففي حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه أنه قال : ( سألت الرسول صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال : يا حكيم إن هذا المال حلوة خضرة ، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع ، اليد العليا خير من اليد السفلى .... الحديث ) صحيح البخاري
تأملت ذلك ثم نظرت لما نحن عليه فوجدت بيننا وبين ذلك بونا شاسعا فالتعلق في الدنيا وزينتها والتمتع بملذاتها هو ديدن الغالبية العظمى من الناس وقلما تجد في الناس من يقول مثلما قال أولو العلم ( ويلكم ثواب الله خيرٌ لمن آمن وعمل صالحا )
هذه المعاني التي أذكرها ليست من قبيل التضييق على الناس وحملهم على الورع الكاذب الذي يقعد صاحبه عن العمل أو الزهد البارد الذي يحمل صاحبه على الظهور بمظهر يزري به فيصبح متسولا لقوته وكسوته ...
إنما هي من باب حمل الناس على التعلق بالآخرة وحمل همها فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله : ( من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره و جعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة ) صحيح الترغيب من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه
ولعل مما يجدر تذكير النفس به بين الحين والآخر وكذلك تذكير الإخوة والأخوات في الله أن المسلم يجب أن يكون عالي الهمة نبيل المقصد لا يرضى بالدون من الأخلاق وقد قال أحد السلف رضوان الله عليهم لو كانت النبوة منزلة تنال بالعمل لكان الرضى بالخلافة من دنو الهمة وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله : ( ...... فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة و أعلى الجنة – أراه – فوقه عرش الرحمن ) صحيح البخاري وفي توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم بسؤال الفردوس حث على علو الهمة والسعي لنيل المطلب الأعظم ...
ولعل من الفوائد التي تتحرر من هذه الجملة أن الرضى باختيار الله وقسمه لك خير من اختيارك لنفسك فالنفس كما قدمت ميالة لحب المال والشهوات ولكن قد يكون في ذلك هلاكها والله يختار لعبده ما يصلحه فمنهم من يصلحه الفقر فلو أغناه الله لفسد عليه دينه ومنهم عكس ذلك يؤخذ هذا من قول قوم قارون : ( يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون ) فلما خسف الله به قالوا : ( لولا أن منّ الله علينا لخسف بنا )
وفائدة أخرى لعلها تكون خافية نوعا ما ألا وهي أن الإنسان بطبعه جاحد لنعم ربه فمن قوم قارون من أنعم الله عليه بنعم كثيرة وحريّ بالإنسان العاقل ألا ينظر إلى من فُضّل عليه في الدنيا فذلك قد يقوده لازدراء نعم الله عليه فيكون نظره إلى ما في يد غيره احتقارا لما بين يديه من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى ...
وهنا مسألة هامة في طلب المعونة من الله جل وعلا وهي أن الله عظيم كريم جواد خزائنه ملئ لو أن الناس كلهم أنسهم وجنهم كانوا في صعيد واحد فأعطى كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك مما عنده شيئا إلا كما ينقض المخيط إذا أدخل البحر ، ولهذا فإن من علو الهمة حتى في الدنيا أن تسأل الله أن يهبك أعلى وأكبر بكثير مما تؤمله فلا تحد نفسك بفلان أو علان فإن الله أكرم من ذلك وأجل وأعلى ولهذا فإن نبي الله سليمان عندما سأل ربه وضع نصب عينيه كرمه جل وعلا وقدرته فقال رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ...
هذه تأملات بسيطة في هذه الجملة التي عنونت بها هذا الموضوع إن كان فيها من صواب فمن الله وحده وإن كان فيها من خطأ فمن نفسي والله ورسوله بريئان من ذلك والله تعالى أسأل أن ينفعني وإياكم بما نقول ونكتب ونسمع وأن يجعل ذلك حجة لنا لا علينا ...
وفق الله الجميع لطاعته والله من وراء القصد ...