حالم
28-05-2009, 08:02 AM
الحب والحرب... للشاعر على الجارم
- هذه قصيدة من قصائد أحد أبرز شعراء العصر الحديث وهو الشاعر " على الجارم " .. والقصيدة فريدة من نوعها في هذا الباب .. حيث جمعت أبياتها بين الأصالة والمعاصرة فجاءت كحبات العقد المنظوم .. فقد بدأت على طريقة القدماء بالغزل والتشبيب وذكر الهوى والغرام وأعراضهما الجانبية التي تظهر جلية على حال من ابتلى بهما .
- ولم ينس أن يشير إلى أسباب هذا المرض العضال التي تبدأ بالنظرة ثم النظرة.. وتنتهي بصاحبها إلى ما انتهت به قصص الأشباه والنظائر من أمثال قيس ابن الملوح، وكثيرون غيرهما.. ها هو الشاعر يسلط الضوء في مطلع القصيدة على عاشق ولهان.. يصف صبابته بمحبوبته .
- ويسترسل في عرض ما تعرض له من جراء هذه العلاقة التي تشبه إلى حد كبير محيط الدائرة بحيث تكاد لا تهتدي لأحد طرفيها حتى لكأنك تشعر من وحى كلماته انه قد تحمل ما تنوء به العصبة أولو القوة من وراء هذا الأمر .. يشعرك أن المحبوبة صارت بالنسبة له منبعا للحركة والسكون .. فوصلها سعادة لا توصف.. وهجرها دونه قطع الرقاب.. تقتله الغيرة عليها من كل شيء حتى من ملامسة الكأس لشفتيها.
- ومع ذلك هي لا تشعر بتلك النيران المشتعلة بين جوانحه.. وإن شعرت كأن الأمر برمته لا يعنيها " يعنى حب من طرف واحد " في الوقت الذي انشغل الكون كله بقصة هذا البائس المنكوب، بداية من الذرة في ضئالتها ونهاية بأفلاك المجرة على ضخامتها!! .
- وقد سلك الشاعر في سبيل تقرير فكرته مسلكا وعرا حين نجح في إبداع حوار على متن أبيات قصيدته بين المحبوبة تلك وبين إحدى صويحباتها تلاومها لوما شديدا على تعنتها غير المبرر مع هذا العاشق المسكين الذي لم يجن من وراء هذا الوله غير التعاسة والشقاء .
- ولم يكتف الشاعر بهذا الحوار العاتب الذي يدور أشباهه في مجالس النساء كلما جمع بينهن مجلس للسمر والغيبة والنميمة !!! بل ذهب أبعد من ذلك حيث نقل القارئ إلى متابعة حوار آخر تدور وقائعه في الفضاء الخارجي بين الكواكب والنجوم بشان هذا الكائن الذي كاد العشق والهوى أن يسفك دمه المعصوم.
- وقد برع الشاعر في سحب القارئ إلى صف هذا المغلوب على أمره حين حاصره بأعداد المتعاطفين التي تستعصى على الحصر ويعجز عنها الحساب!! .
- ويكأن الشاعر يلقى بالملامة على حجرية الإحساس التي لم تأبه بما شغل الكون كله أرضا وسماء .
- وبهذه المقدمة الغزلية العفيفة الرائعة قد امتد الطريق وانفسح المجال أمام الرسالة التي يريد الشاعر توصيلها عبر قصيدته ،والمعاني والمضامين التي يرنو إلى تسويقها للملتقى، ففي نقلة سريعة من أجواء الحب والغرام والهيام وما يحدث في الظلام !! إلى أجواء الحرب وما يسبقها من تشاكس وعراك وما يلحقها من خراب وتدمير .
- وقد عرضّ الشاعر بالحضارة الغربية المادية العارية عن الأخلاق التي تفننت في مخترعات النسف والتدمير بقدر ما تفننت في أدوات البناء والتعمير!! وكيف أن العلم مجردا عن الأخلاق كفيل بتدمير البشرية واستئصال شأفتها .. وأن الإنسان بحاجة إلى أخلاق تكبح جماح نفسه الأمارة بالسوء بقدر ما هو بحاجة إلى مخترعات تزلل له الظروف الطبيعية والمناخية المحيطة به وأن العلم ضار إذا تجرد عن الإطار الأخلاقي وهذا هو مكمن الداء ورأس البلاء .
وإليكم القصيدة كاملة
مالي فتنت بلحظك الفتــــــاك وسلوت كل مليحة إلاك
يسراك قد ملكت زمام صبابتي ومضلتي وهداي في يمناك
فإذا وصلت فكل شيء باســـــم وإذا هجرت فكل شيء باك
هذا دمى في وجنتيك عرفتــه لا تستطيع جحوده عيناك
لو لم أخف حر الهوى ولهيبه لجعلت بين جوانحي مثواك
إني أغار من الكئوس فجنبي كأس المدامة أن يقبل فاك
خدعتك ما عذب السلاف وإنما قد ذقت لما ذقت حلو لماك
لك في شبابك أو دلالك نشــــوة سحر الأنام بفعلها عطفاك
قالت خليلتها لها لتلينــــهـــــا ماذا جني لما هجرت فتاك
هي نظرة لاقت بعينك مثلهـــا ما كان أغناه وما أغناك
قد كان أرسلها لصيدك لاهيـا ففررت منه وعاد في الإشراك
عهدي به لبق الحديث فمالـه لا يستطيع القول حين يراك
إياك أن تقضى عليه فإنــــه عرف الحياة بحبه إياك
أن الشباب وديعة مـــردودة والزهد فيه تزمت النساك
فتشممي ورد الحياة فإنـــــه يمضى ولا يبقى سوى الأشواك
لم تنصتي ومشيت غير مجيبة حتى كان حديثها لسواك
وبكت علىّ فما رحمت بكاءها ما كان أعطفها وما أقساك
عطفت علىّ النيرات وساءلت مذعورة قمر السماء أخاك
قالت نرى شبحا يروح ويغتدي ويبث في الأكوان لوعة شاك
أنات مجروح يعالج سهمـــــه وزفير مأسور بغير فكا ك
يقضى سواد الليل غير موسد عين مسهد وقلب ذاكي
حتى إذا ما الصبح جرد نصله ألفيته جسما بغير حراك
إنا نكاد أسى عليه ورحمـــــة لشبابه نهوى من الأفلاك
من عهد قابيل وليس أمامنــا في الأرض غير تشاكس وعراك
مابين فاتكة تصول بقدهـــــا وفتى يصول برمحه الفتاك
يا أرض ويحك قد رويت فارعوى وكفاك من تلك الدماء كفا ك
في كل ربع من ربوعك ما تــم وثواكل ونوادب وبواكى
قد قام أهل العلم فيك ودبروا برئت يدي من إثمهم ويداك
كاشفتهم سر العناصر فانبروا يتخيرون أمضها لرداك
نثروا كنانتهم وكل سهامهـــا للفتك والتدمير والإهلاك
دخلوا على العقبان في أوكارها وتسربوا لمسابح الأسماك
فتأملي هل في تخومك مأمــــن أم هل هناك معقل بذراك
ظهر الليوث وذلك أصعب مركب أوفى وأكرم من أديم ثراك
ليت البحار طغت عليك وسجرت أو أن من يطوى السماء طواك
لم يبق في الإنسان غير ذمائه فدراك يا رب السماء دراك
وإذا النفوس تفرقت نزعاتها قامت إذا قامت بغير مساك
والسيف أظلم ما فزعت لحكمه والحزم غير شمائل الأملاك
ومن الدماء طهرة وعدالة ومن الدماء جناية السفا ك
والعلم ميزان الحياة فإن هوى هوت الحياة لأسفل الأدراك[/poem]
- هذه قصيدة من قصائد أحد أبرز شعراء العصر الحديث وهو الشاعر " على الجارم " .. والقصيدة فريدة من نوعها في هذا الباب .. حيث جمعت أبياتها بين الأصالة والمعاصرة فجاءت كحبات العقد المنظوم .. فقد بدأت على طريقة القدماء بالغزل والتشبيب وذكر الهوى والغرام وأعراضهما الجانبية التي تظهر جلية على حال من ابتلى بهما .
- ولم ينس أن يشير إلى أسباب هذا المرض العضال التي تبدأ بالنظرة ثم النظرة.. وتنتهي بصاحبها إلى ما انتهت به قصص الأشباه والنظائر من أمثال قيس ابن الملوح، وكثيرون غيرهما.. ها هو الشاعر يسلط الضوء في مطلع القصيدة على عاشق ولهان.. يصف صبابته بمحبوبته .
- ويسترسل في عرض ما تعرض له من جراء هذه العلاقة التي تشبه إلى حد كبير محيط الدائرة بحيث تكاد لا تهتدي لأحد طرفيها حتى لكأنك تشعر من وحى كلماته انه قد تحمل ما تنوء به العصبة أولو القوة من وراء هذا الأمر .. يشعرك أن المحبوبة صارت بالنسبة له منبعا للحركة والسكون .. فوصلها سعادة لا توصف.. وهجرها دونه قطع الرقاب.. تقتله الغيرة عليها من كل شيء حتى من ملامسة الكأس لشفتيها.
- ومع ذلك هي لا تشعر بتلك النيران المشتعلة بين جوانحه.. وإن شعرت كأن الأمر برمته لا يعنيها " يعنى حب من طرف واحد " في الوقت الذي انشغل الكون كله بقصة هذا البائس المنكوب، بداية من الذرة في ضئالتها ونهاية بأفلاك المجرة على ضخامتها!! .
- وقد سلك الشاعر في سبيل تقرير فكرته مسلكا وعرا حين نجح في إبداع حوار على متن أبيات قصيدته بين المحبوبة تلك وبين إحدى صويحباتها تلاومها لوما شديدا على تعنتها غير المبرر مع هذا العاشق المسكين الذي لم يجن من وراء هذا الوله غير التعاسة والشقاء .
- ولم يكتف الشاعر بهذا الحوار العاتب الذي يدور أشباهه في مجالس النساء كلما جمع بينهن مجلس للسمر والغيبة والنميمة !!! بل ذهب أبعد من ذلك حيث نقل القارئ إلى متابعة حوار آخر تدور وقائعه في الفضاء الخارجي بين الكواكب والنجوم بشان هذا الكائن الذي كاد العشق والهوى أن يسفك دمه المعصوم.
- وقد برع الشاعر في سحب القارئ إلى صف هذا المغلوب على أمره حين حاصره بأعداد المتعاطفين التي تستعصى على الحصر ويعجز عنها الحساب!! .
- ويكأن الشاعر يلقى بالملامة على حجرية الإحساس التي لم تأبه بما شغل الكون كله أرضا وسماء .
- وبهذه المقدمة الغزلية العفيفة الرائعة قد امتد الطريق وانفسح المجال أمام الرسالة التي يريد الشاعر توصيلها عبر قصيدته ،والمعاني والمضامين التي يرنو إلى تسويقها للملتقى، ففي نقلة سريعة من أجواء الحب والغرام والهيام وما يحدث في الظلام !! إلى أجواء الحرب وما يسبقها من تشاكس وعراك وما يلحقها من خراب وتدمير .
- وقد عرضّ الشاعر بالحضارة الغربية المادية العارية عن الأخلاق التي تفننت في مخترعات النسف والتدمير بقدر ما تفننت في أدوات البناء والتعمير!! وكيف أن العلم مجردا عن الأخلاق كفيل بتدمير البشرية واستئصال شأفتها .. وأن الإنسان بحاجة إلى أخلاق تكبح جماح نفسه الأمارة بالسوء بقدر ما هو بحاجة إلى مخترعات تزلل له الظروف الطبيعية والمناخية المحيطة به وأن العلم ضار إذا تجرد عن الإطار الأخلاقي وهذا هو مكمن الداء ورأس البلاء .
وإليكم القصيدة كاملة
مالي فتنت بلحظك الفتــــــاك وسلوت كل مليحة إلاك
يسراك قد ملكت زمام صبابتي ومضلتي وهداي في يمناك
فإذا وصلت فكل شيء باســـــم وإذا هجرت فكل شيء باك
هذا دمى في وجنتيك عرفتــه لا تستطيع جحوده عيناك
لو لم أخف حر الهوى ولهيبه لجعلت بين جوانحي مثواك
إني أغار من الكئوس فجنبي كأس المدامة أن يقبل فاك
خدعتك ما عذب السلاف وإنما قد ذقت لما ذقت حلو لماك
لك في شبابك أو دلالك نشــــوة سحر الأنام بفعلها عطفاك
قالت خليلتها لها لتلينــــهـــــا ماذا جني لما هجرت فتاك
هي نظرة لاقت بعينك مثلهـــا ما كان أغناه وما أغناك
قد كان أرسلها لصيدك لاهيـا ففررت منه وعاد في الإشراك
عهدي به لبق الحديث فمالـه لا يستطيع القول حين يراك
إياك أن تقضى عليه فإنــــه عرف الحياة بحبه إياك
أن الشباب وديعة مـــردودة والزهد فيه تزمت النساك
فتشممي ورد الحياة فإنـــــه يمضى ولا يبقى سوى الأشواك
لم تنصتي ومشيت غير مجيبة حتى كان حديثها لسواك
وبكت علىّ فما رحمت بكاءها ما كان أعطفها وما أقساك
عطفت علىّ النيرات وساءلت مذعورة قمر السماء أخاك
قالت نرى شبحا يروح ويغتدي ويبث في الأكوان لوعة شاك
أنات مجروح يعالج سهمـــــه وزفير مأسور بغير فكا ك
يقضى سواد الليل غير موسد عين مسهد وقلب ذاكي
حتى إذا ما الصبح جرد نصله ألفيته جسما بغير حراك
إنا نكاد أسى عليه ورحمـــــة لشبابه نهوى من الأفلاك
من عهد قابيل وليس أمامنــا في الأرض غير تشاكس وعراك
مابين فاتكة تصول بقدهـــــا وفتى يصول برمحه الفتاك
يا أرض ويحك قد رويت فارعوى وكفاك من تلك الدماء كفا ك
في كل ربع من ربوعك ما تــم وثواكل ونوادب وبواكى
قد قام أهل العلم فيك ودبروا برئت يدي من إثمهم ويداك
كاشفتهم سر العناصر فانبروا يتخيرون أمضها لرداك
نثروا كنانتهم وكل سهامهـــا للفتك والتدمير والإهلاك
دخلوا على العقبان في أوكارها وتسربوا لمسابح الأسماك
فتأملي هل في تخومك مأمــــن أم هل هناك معقل بذراك
ظهر الليوث وذلك أصعب مركب أوفى وأكرم من أديم ثراك
ليت البحار طغت عليك وسجرت أو أن من يطوى السماء طواك
لم يبق في الإنسان غير ذمائه فدراك يا رب السماء دراك
وإذا النفوس تفرقت نزعاتها قامت إذا قامت بغير مساك
والسيف أظلم ما فزعت لحكمه والحزم غير شمائل الأملاك
ومن الدماء طهرة وعدالة ومن الدماء جناية السفا ك
والعلم ميزان الحياة فإن هوى هوت الحياة لأسفل الأدراك[/poem]