صقر النفوذ
10-05-2006, 07:48 PM
سألني احدهم: هل الماء يحاول النجاة ؟
من الطين أم الطين يحاول الغرق في الماء؟
ومن هذا السؤال تمخضت هذه الحكاية:
أصل الحكاية- كما تناقلها الرواة الذين شهدوا الواقعة قديماً – أن ذرات من التراب كانت تتطاير بالفضاء منطلقة بكل حرية ورشاقة تذروها الرياح أنّ اتجهت.. وفجأة هطلت أمطار فسقطت قطرات منها على تلك الذرّات المتطايرة والتي هوت مثقلة بالقطرات على الأرض .. وخلال هبوطهما أحسا بأن كل واحد منهما بحاجة للآخر.. فالتحما واتحدا ليتعاونا على تخفيف حدة الارتطام بالأرض ، كان الجو باردا جداُ فأصيبا خلال رحلة هبوطهما بفيروس فضائي خطير يدعى ( الحب الصادق )- حباً ولكنه بالتأكيد لايشبه ذلك الحب المزيف والمنتشر للأسف بين شباب هذا العصر.. بل حب( الأولين ) -.. ذلك الحب العذري العفيف.
(وجعلنا من الماء كل شيء حي) لقد دبت الحياة بالتراب بعد تعرفه على حبيبته ماء.. حتى الحب بحاجة إلى الماء فسبحان الله.. لم يعد التراب تراب تذروه الرياح فقد تم تقييد حريته بعد امتزاجه بمعشوقته ( ماء ) وأصبحت حركاته محسوبة وثقيلة.. كيف لا فقد أصبحت لديه مسؤوليات تجاه تلك الحبيبة.. وكذلك ( ماء ) لم تعد تلك الفتاة المدلعة التي تسرح وتمرح بكل حرية و ( دايرة على حل شعرها ) وتتشكل حسب الإناء الذي توضع فيه ويشربها كل من أحس بالعطش.. لا .. فقد منحها الحب قوة وصلابة وصارت (حرمه) ولديها مسؤوليات وواجبات وعليها الإخلاص لحبيبها وزوجها (تراب). وتزوجا فورا وعاشا شهر عسل من ألذ وأحلى الشهور.
وحملت ماء من حبيبها تراب طفل جميلاً لطيفاً لين مطيعأً استمد صفاته الجينية من أبويه بالتساوي ولكنه بشخصية مستقلة مختلفة عنهما.
الولادة في عصرهم لم يكن فيها إنجاب أطفال مثل ما يحدث لبني البشر بل تكون بتحولهما إلى شكل آخر حيث يمتزج الحبيبان فيتلاشيا وينتج عن تلاشيهما وليد جديد أطلقوا عليه اسم )) طيـــــــن ))
وككل قصة حب سعيدة لابـد أن تمر بفترات من الشقاء والعذاب والمفاجآت الحزينة والمحن التي تنغص على المحبين تلك السعادة.. فقد كانت لهما عدوة حاقدة غاضبة يتطاير الشرر والنار من عينيها متربصة دوماً بهما ، كان يخشاها الطين كثيرا.. ولا ادري فقد تكون الغيرة العمياء والحقد الدفين هي السبب؟.. لان تلك العـدوة عاشت طوال عمره وحيدة مكتئبة بائسة لا ونيس ولا جليس ولا حبيب كانت ترقب بكل غيرة وغضب قصة مولد ذلك العشق الأبدي بين الماء والتراب منذ ولادته .. أتدرون من هي تلك العدوة اللدودة.. إنها الشمس.. وما أدراك ما الشمس.
لذلك نرى الطين الذكي يتقي سطوتها دوماً بالتواري والهرب منها ، تلقاه دوماً مختبئ تحت ضفاف الأنهار مندساً تحت أشجار الحلفا وأعواد القصيب وغيرها من النباتات التي تنبت على ضفاف الأنهار والمستنقعات ليتقي بها حرارة عدوة حبهما الحارقة.
والشمس تتحين أي فرصة تتاح لها لتراهما وتوجه لهما سهام أشعتها الحارقة التي تقضي على الطين دون أن تلمسه ، فهي خبيرة بسر حياته وتعرف مقتله ،حيث مقتل الحبيب سهل ومؤلم جدا وهو بكل بساطه ( اسلبه عشيقته فيموت تلقائياً لوحده حزناً وكمداً عليها ) .. كيف لا فهي روحه التي يعيش بها ونفسه التي يتنفسه .. وهذا بالضبط ما قامت به الشمس فبخرت من الطين قطرات ماءه الممتزجة بشرايينه ومسامه ونفتها إلى حيث نشأتها في مملكة السحاب.
وترحل حبيبته.. فيتحول من شدة قهره إلى صلصال اسود الوجه يتفطر حزناً على محبوبته.
ويأتي دورنا نحن بني البشر فيمعن بعضنا في تعذيبه ونزيد في تعريضه لعـدوته الشمس ونبني منه بيوتاً نتقي بها حرارة الشمس والمطر.. ويحوله البعض إلى هيئة أوعية طعام ومزهريات وجـرار وأباريق وهكذا يتحول الطين إلى فخار جامد متحجر وحساس وهش يكسر عند أول صدمة يتعرض لها.. كيف لا وقد كسرنا ظهره من قبل بحرمانه من حبيبته.
أما الفخار الذي نحفظ فيه بالماء فهو الأكثر سعادة وحظاً بهذه الحياة .. حيث نعيد إليه حبيبته ماء- دون أن نقصد- ونسكبها داخله ليس من اجله بل من اجلنا، لكي نشربه عندما نحس بالعطش.. فتدب بهما الحياة من جديد - سبحان الذي يحي العظام وهي رميم – فيبتهج ذلك المحب المسكين وتدب فيه الحياة.. كيف لا وقد عادت إليه حبيبته ماء بعد طول غياب وتبدء أهازيج الفرح بالانطلاق .. ألا تسمعونها ؟ أصغوا السمع جيدا وقربوا آذانكم من الفخار عندما نضع فيه الماء وشنفوا أسماعكم بأنغام الحب والوله وهمسات العشاق وأصوات نحيبهما.. لاحظوا كيف يتفاعلان معاً.. لا ندري ماذا يقولان بالتحديد ولا ماذا يجري بالداخل..ولكنّا نلمس تغيرات حصلت لكليهما، حيث تتلاشى حرارة الماء فتخرج قطراته باردةًً ننعم بشربها.. وكيف لا ننعم بحلو مذاقه وهو ثمرة من ثمار حب صادق.
وبعد فترة وجيزة نرى قطرات من الماء تخرج نشوانة فرحه.. يحسبها الجاهل حبات عرق الفخار نتيجة ما بذل من جهد في تبريد ماء حرارة شوق ماء لمحبوبها تراب .. ولا يعلم أنها قطرات محبوبته تخرج متخللة من مسام محبوبها والتي خبرت مسالكها جيداً.. ترشح من داخله للخارج لتبرد وتمسح عن ظهره الهموم وآلآم التي عاناها خلال الفترة التي عاشها وحيداً محروماً منها.. فيترطب ظهره ويشفى من آلامه بسحر لمساتها الباردة ويشع لمعاناُ وبهجـة وسعادة.
من الطين أم الطين يحاول الغرق في الماء؟
ومن هذا السؤال تمخضت هذه الحكاية:
أصل الحكاية- كما تناقلها الرواة الذين شهدوا الواقعة قديماً – أن ذرات من التراب كانت تتطاير بالفضاء منطلقة بكل حرية ورشاقة تذروها الرياح أنّ اتجهت.. وفجأة هطلت أمطار فسقطت قطرات منها على تلك الذرّات المتطايرة والتي هوت مثقلة بالقطرات على الأرض .. وخلال هبوطهما أحسا بأن كل واحد منهما بحاجة للآخر.. فالتحما واتحدا ليتعاونا على تخفيف حدة الارتطام بالأرض ، كان الجو باردا جداُ فأصيبا خلال رحلة هبوطهما بفيروس فضائي خطير يدعى ( الحب الصادق )- حباً ولكنه بالتأكيد لايشبه ذلك الحب المزيف والمنتشر للأسف بين شباب هذا العصر.. بل حب( الأولين ) -.. ذلك الحب العذري العفيف.
(وجعلنا من الماء كل شيء حي) لقد دبت الحياة بالتراب بعد تعرفه على حبيبته ماء.. حتى الحب بحاجة إلى الماء فسبحان الله.. لم يعد التراب تراب تذروه الرياح فقد تم تقييد حريته بعد امتزاجه بمعشوقته ( ماء ) وأصبحت حركاته محسوبة وثقيلة.. كيف لا فقد أصبحت لديه مسؤوليات تجاه تلك الحبيبة.. وكذلك ( ماء ) لم تعد تلك الفتاة المدلعة التي تسرح وتمرح بكل حرية و ( دايرة على حل شعرها ) وتتشكل حسب الإناء الذي توضع فيه ويشربها كل من أحس بالعطش.. لا .. فقد منحها الحب قوة وصلابة وصارت (حرمه) ولديها مسؤوليات وواجبات وعليها الإخلاص لحبيبها وزوجها (تراب). وتزوجا فورا وعاشا شهر عسل من ألذ وأحلى الشهور.
وحملت ماء من حبيبها تراب طفل جميلاً لطيفاً لين مطيعأً استمد صفاته الجينية من أبويه بالتساوي ولكنه بشخصية مستقلة مختلفة عنهما.
الولادة في عصرهم لم يكن فيها إنجاب أطفال مثل ما يحدث لبني البشر بل تكون بتحولهما إلى شكل آخر حيث يمتزج الحبيبان فيتلاشيا وينتج عن تلاشيهما وليد جديد أطلقوا عليه اسم )) طيـــــــن ))
وككل قصة حب سعيدة لابـد أن تمر بفترات من الشقاء والعذاب والمفاجآت الحزينة والمحن التي تنغص على المحبين تلك السعادة.. فقد كانت لهما عدوة حاقدة غاضبة يتطاير الشرر والنار من عينيها متربصة دوماً بهما ، كان يخشاها الطين كثيرا.. ولا ادري فقد تكون الغيرة العمياء والحقد الدفين هي السبب؟.. لان تلك العـدوة عاشت طوال عمره وحيدة مكتئبة بائسة لا ونيس ولا جليس ولا حبيب كانت ترقب بكل غيرة وغضب قصة مولد ذلك العشق الأبدي بين الماء والتراب منذ ولادته .. أتدرون من هي تلك العدوة اللدودة.. إنها الشمس.. وما أدراك ما الشمس.
لذلك نرى الطين الذكي يتقي سطوتها دوماً بالتواري والهرب منها ، تلقاه دوماً مختبئ تحت ضفاف الأنهار مندساً تحت أشجار الحلفا وأعواد القصيب وغيرها من النباتات التي تنبت على ضفاف الأنهار والمستنقعات ليتقي بها حرارة عدوة حبهما الحارقة.
والشمس تتحين أي فرصة تتاح لها لتراهما وتوجه لهما سهام أشعتها الحارقة التي تقضي على الطين دون أن تلمسه ، فهي خبيرة بسر حياته وتعرف مقتله ،حيث مقتل الحبيب سهل ومؤلم جدا وهو بكل بساطه ( اسلبه عشيقته فيموت تلقائياً لوحده حزناً وكمداً عليها ) .. كيف لا فهي روحه التي يعيش بها ونفسه التي يتنفسه .. وهذا بالضبط ما قامت به الشمس فبخرت من الطين قطرات ماءه الممتزجة بشرايينه ومسامه ونفتها إلى حيث نشأتها في مملكة السحاب.
وترحل حبيبته.. فيتحول من شدة قهره إلى صلصال اسود الوجه يتفطر حزناً على محبوبته.
ويأتي دورنا نحن بني البشر فيمعن بعضنا في تعذيبه ونزيد في تعريضه لعـدوته الشمس ونبني منه بيوتاً نتقي بها حرارة الشمس والمطر.. ويحوله البعض إلى هيئة أوعية طعام ومزهريات وجـرار وأباريق وهكذا يتحول الطين إلى فخار جامد متحجر وحساس وهش يكسر عند أول صدمة يتعرض لها.. كيف لا وقد كسرنا ظهره من قبل بحرمانه من حبيبته.
أما الفخار الذي نحفظ فيه بالماء فهو الأكثر سعادة وحظاً بهذه الحياة .. حيث نعيد إليه حبيبته ماء- دون أن نقصد- ونسكبها داخله ليس من اجله بل من اجلنا، لكي نشربه عندما نحس بالعطش.. فتدب بهما الحياة من جديد - سبحان الذي يحي العظام وهي رميم – فيبتهج ذلك المحب المسكين وتدب فيه الحياة.. كيف لا وقد عادت إليه حبيبته ماء بعد طول غياب وتبدء أهازيج الفرح بالانطلاق .. ألا تسمعونها ؟ أصغوا السمع جيدا وقربوا آذانكم من الفخار عندما نضع فيه الماء وشنفوا أسماعكم بأنغام الحب والوله وهمسات العشاق وأصوات نحيبهما.. لاحظوا كيف يتفاعلان معاً.. لا ندري ماذا يقولان بالتحديد ولا ماذا يجري بالداخل..ولكنّا نلمس تغيرات حصلت لكليهما، حيث تتلاشى حرارة الماء فتخرج قطراته باردةًً ننعم بشربها.. وكيف لا ننعم بحلو مذاقه وهو ثمرة من ثمار حب صادق.
وبعد فترة وجيزة نرى قطرات من الماء تخرج نشوانة فرحه.. يحسبها الجاهل حبات عرق الفخار نتيجة ما بذل من جهد في تبريد ماء حرارة شوق ماء لمحبوبها تراب .. ولا يعلم أنها قطرات محبوبته تخرج متخللة من مسام محبوبها والتي خبرت مسالكها جيداً.. ترشح من داخله للخارج لتبرد وتمسح عن ظهره الهموم وآلآم التي عاناها خلال الفترة التي عاشها وحيداً محروماً منها.. فيترطب ظهره ويشفى من آلامه بسحر لمساتها الباردة ويشع لمعاناُ وبهجـة وسعادة.