منتديات الأماكن

منتديات الأماكن (https://www.al-amakn.com/vb//index.php)
-   ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ (https://www.al-amakn.com/vb//forumdisplay.php?f=6)
-   -   أحكام شرب الماء في الشريعة الإسلامية وفوائدها الصحية والبيئية (https://www.al-amakn.com/vb//showthread.php?t=90457)

FATHYATTA 18-12-2014 11:33 PM

أحكام شرب الماء في الشريعة الإسلامية وفوائدها الصحية والبيئية
 
أحكام شرب الماء في الشريعة الإسلامية

وفوائدها الصحية والبيئية
الحمد لله الذي صبّ الماء صبا، ثم شق الأرض شقا،
فأنبت فيها حبا، وعنبا وقضبا،

وزيتونا ونخلا، وحدائق غلبا، وفاكهة، وأبّاً متاعا لنا وأنعما،
وصلى الله وسلم على حبيبنا المصطفى، ورسولنا المحببين،
وعلى آله وصحبه، نجوم الهدى،

ومصابيح الدجى.

الماء هو النعمة الكبرى والمنة العظمى التي أنعم الله بها
على بني الانسان،

فبه قيام حياتهم، وهو علة وجودهم، قال تعالى:

﴿ وجعلنا من الماء كل شيء حي﴾[1]،

وقال جل شأنه:

﴿ والله خلق كل دابة من ماء﴾[2]،

وامتن به على الناس
فقال سبحانه:

﴿ أفرأيتم الماء الذي تشربون ، أنتم أنزلتموه من المنزل
أم نحن المنزلون﴾[3]،

وجعله لشربه يوم القيامة لذة ونعيما لأهل طاعته،
وحميما وعذابا لأهل معصيته،

قال عز وجل:

﴿مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن
وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين ﴾[4]

وقال عز من قائل:
﴿ وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ﴾[5] .

وعليه فلا يمكن حصر فوائد الماء ومنافعه وفوائده،
إذ دون ذلك خرط القتاد ،

ولكني أحببت أن أتبين بعض هذه الفوائد في مجال خاص
هو أحكام شرب الماء

وهدي الإسلام في ذلك.

أولا: تعريف الماء لغة واصطلاحا:

من حيث اللغة: قال الرازي: م و هـ –
الماء معروف والهمزة فيه مُبْدَلَةٌ من الهاء

في موضع اللام، وأصله مَوَهٌ بالتحريك
لأن جمعه أمواه في القلة ومياه في الكثرة،

والذاهب منه الهاءُ لأن تصغيره مُوَيْهٌ[6].
وقال الفيروزآبادي:
الماءُ والماهُ والماءةُ، وهمزة الماء منقلبة عن هاء، وسُمعَ:
اسقيني ماً، بالقصر،

جمع أمواه ومياه، وعندي مُوَيْهٌ ومُوَيْهَةٌ[7].

من حيث الاصطلاح: قال أبو البقاء الكفوي:
الماء: هو جسم رقيق مائع به

حياة كل نام[8].
وهل للماء لون أم لا ؟
الراجح أنه جوهر لا لون له ،
وإنما يتكيف بلون مقابله كما حكى الزبيدي عن قوم[9]،
وإن كانوا قد اختلفوا في ذلك اختلافا واسعا [10].
ثانيا : أقسام المياه الصالحة للشرب .

أحْسِبُهَا ما يطلق عليه الفقهاء في كتب الفقه مصطلح
” الماء المطلق “،

وقد عرفه الجرجاني بقوله:
” هو الماء الذي بقي على أصل حلقته، ولم تخالطه نجاسة،
ولم يغلب عليه شيء طاهر ” [11].
وقد أجمع الفقهاء على أن الماء المطلق طاهر في ذاته
مطهر لغيره ” [12] .

ويتنوع الماء المطلق الى جملة أنواع هي:

1- ماء المطر :
والأصل فيه قوله تعالى:
﴿وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ﴾[13]،

وقوله تعالى:
﴿ وأنزلنا من السماء ماء طهورا ﴾[14]
2 – ماء الثلج والبرد والجليد والندى:
والأصل فيه الآيتان المتقدمتان حيث أنها من جنس
ما أُنزل من السماء ،

وكذا دليل دعائه صلى الله عليه وسلم بقوله:
” اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد “[15]
3 – ماء الأنهار :
لأن ماءها يتكون من سيول الأمطار أو يخرج من الحجارة
ونحوها ،

والكل من السماء ، قال الله تعالى :
﴿ وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار

وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء ﴾[16] ،
وقال تعالى:
﴿ وسخر لكم الأنهار﴾[17]

وقال سبحانه:
﴿ أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها..﴾[18]
4 – ماء العيون :

لقوله تعالى:
﴿ ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع
في الأرض﴾[19].

5– ماء الآبار :
جمع بئر: وهي ما يحفره الناس للحصول على الماء،
وقد كان أيام النبوة

آبار بالمدينة المنورة، ومن أشهرها بئر بُضَاعة،
وعلى رأسها جميعا الماء

الذي بارك الله فيه ، ماء زمزم ،
وفي حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بسجل من ماء زمزم
فشرب منه وتوضأ”[20].

6– ماء البحر:
والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم:
” هو الطهور ماؤه الحل ميتته”[21]،

وقد ذكرناه هنا رغم ملوحته الشديدة التي
لا تستسيغ صلاحيته للشرب،

لما أصبح عليه اليوم واقع كثير من الدول التي تصير
ماء البحرحلوا بالمعالجة والتصفية؛
وبلادنا سائرة في هذا الاتجاه كذلك .

هذه جماع المياه الصالحة للشرب، وما لم يُذكر
فهو متفرع عنهاأو راجع اليها في أصله.


ثالثا: أحكام شرب الماء آدابه في الشريعة الإسلامية
1- وجوب تغطية أواني الماء وإيكاء الأسقية .

اهتم الإسلام بنظافة الماء، وعدم تركه مكشوفا ومعرضا
للغبار والهواء والهوام،

ومن هنا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتغطية آنية الطعام،
وإغلاق فم السقاء،
فقد روى مسلم في صحيحه قول النبي صلى الله عليه وسلم:
” غطوا الإناء، وأوكوا السقاء، وأغلقوا الأبواب، وأطفئوا السراج،
فإن الشيطان لا يحُلُّ سقاء ولا يفتح باباً ولا يكشف إناء،
فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودا ويذكر اسم الله؛
فليفعل فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم ” [22].
وأخرج مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال:
” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
”غطوا الإناء، وأوكوا السقاء، فإن في السّنةِ ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بالإناء
ليس عليه غطاء، أو سقاءٍ ليس عليه وكاء، إلا وقع فيه ذلك الداء “[23] .
والحديث نص في أن عدم تغطية الآنية وإغلاق الأسقية
سبب أساسى
في الأمراض والأدواء والعلل،
وهو الأمر الذي وصلت إليه علوم الأطباء

ومعارفهم اليوم، وأدركه من أدركه من عقلاء الناس بالتجربة.
أما أمر النبي صلى الله عليه وسلم – في الحديث الأول –
بتخمير الإناء ولو أن يعرض عليه عود،
فالحكمة منه أن لا ينسى الانسان تخميره؛

بل يعتاده حتى بالعود، ويتربى على ذلك حتى تصبح عادة له
لا ينفك عنها ولا تنفك عنه .
2 - النهي عن الشرب من فم السقاء.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
” نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم

أن يشرب من في السقاء أو القربة “[24].
والمراد أنه ينبغي صب الماء في كأس أو غيره،
ولا يشرب من حافّة الجرة

أو القربة وفي معناهما الصنبور والقنينة وغيره اليوم،
وذلك للتأكد من صفاء الماء

وخلوه من الشوائب والقاذورات، وحفاظا على
نظافة وعاء الماء الجماعي.

وفي هذا فوائد صحية وبيئية عديدة بسطها
العلاّمة محمود شكري الألوسي في الآتي :
  • منها أنّ تَرَدُّد أنفاس الشارب فيه ، يكسبه زهومة[25]،
  • ورائحة كريهة يعاف لأجلها.
  • ومنها أنه ربما غلب الداخل إلى جوفه من الماء فتضرر به.
  • ومنها أنه ربما كان فيه حيوان لا يشعر به فيؤذ يه .
  • ومنها أن الماء ربما كان في قذاة[26] أو غيرها،
  • لا يراها عند الشرب، فتلج جوفه.
  • ومنها أن الشرب كذلك يملأ البطن من الهواء،
  • فيضيق عن أخذ حظه من الماء،
  • ويزاحمه، أو يؤذيه، ولغير ذلك من الحكم [27].
3 – النهي عن الشرب من الإناء المكسور
أو المشعور .

فقد أخرج أبو داود في سننه من حديث أبي سعيد الخدري قال:
” نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من ثُلمَة القدح
وأن ينفخ في الشراب”[28].
وأخرج الشيخان في صحيحهما حديث أبي سعيد الخدري، قال:
” نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية،
يعني أن تُكسر أَفواهُها فيُشْرب منها “[29].
والنهي عن الشرب من الإناء المكسور أو المشعور؛
لعدم إمكانية تنظيفه

من الجراثيم العالقة مكان الكسر،
وهذا من المصالح التي تتم بها منفعة الشارب،

فإن الشرب من مكان الكسر في القدح أو غيره فيه عدة مفاسد،
منها أن ما يكون على سطح الماء من تراب وأقذاء
تجتمع كلها في محل الكسر

بخلاف الجانب الصحيح، وحتى إن غُسل القدْحُ فإن محل الكسر
لا يصل إليه الغسل كما يصل الجانبَ الصحيح،
ومنها أنه ربما كان في محل الكسر شقٌ وتحدِيدٌ يجرح شفة الشارب؛
وغير ذلك من المفاسد الكثيرة التي رعاها الشارع الحكيم .
4 – النهي عن التنفس داخل الإناء أو النفخ فيه.

فقد أخرج الشيخان من حديث أبي قتادة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء”[30].
وفي الحديث الذي رواه الترمذي في سننه عن ابن عباس
جمع النبي
صلى الله عليه وسلم فيه بين النهي عن التنفس
في الإناء والنفخ فيه قال:

” نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يتنفس في الإناء وينفخ فيه”[31].

فلا ينبغي للمؤمن أن يتنفس داخل الإناء أو أن ينفخ فيه،
فإن وجد به جسما غريبا عنه فليصب من الماء حتى يزول الكدر،
ولا يصح أن يزيله بالنفخ؛ فعن أبي سعيد الخدري
” أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في الشرب،
فقال رجل :

القذاة أراها في الإناء ؟ قال أهرقها، قال:
فإني لا أَرْوَى من نفسٍ واحد ؟ قال :
فأَبِنِ القدح – إذن – عن فيك ” [32].
ذلك لأن النفخ في الشراب يكسبه من فم النافخ رائحة كريهة،
يُعاف لأجلها،

ولا سيما اذا كان متغير الفم، وبالجملة فأنفاس النافخ تخالطه[33].
وقد اكتشف الأطباء اليوم أن الفم مملوء بالجراثيم والبكتيريا،
وأنه بنفخها ونفثها في إناء الشرب تضر بصحة الأبدان،
فوجب اجتناب هذا الفعل المذموم.
5– النهي عن الشرب جملة واحدة.

أمر النبي صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الصحيح –
أن نشرب على ثلاث دفعات ونتنفس خارج إناء الماء،
وبين صلى الله عليه وسلم حكمة وفائدة ذلك بقوله:
“إنه أروى وأمرأ وأبرأ”، فهذه حكم جمة، وفوائد مهمة،
نبه عليه الصلاة والسلام على مجامعها؛ فإنه ” أروى”،
أشد ريا وأبلغه وأنفعه، و”أبرأ”، أفعل من البرء، وهو الشفاء،
أي يبرئ من شدة العطش.

وقوله:” أمرأ”، وهو أفعل ، من مَرِئ الطعام والشراب في بدنه،
إذا دخله وخالطه بسهولة ولذة ونفع،
ومنه قوله تعالى:
﴿ فكلوه هنيئا مريئا ﴾[34].

قال العلامة الألوسي:
” وريّه لتردده على المعدة الملتهبة دفعات،
فتسكِّنُ الدفعة الثانية ما عجزت

الدفعة الأولى عن تسكينه، والثالثة ما عجزت الثانية عنه،
وأيضا فانه أسلم لحرارة المعدة ، وابقى عليها من أن
يهجم عليها البارد

وهلة واحدة ونهلة واحدة ، وأيضا فإنه لا يروي
لمصادفته لحرارة العطش لحظة،

ثم يقلع عنها، ولم تُكسر سورتها وحدتها،
وإن انكسرت لم تبطل بالكلية،

بخلاف كسرها على التمهل والتدريج،
وأيضا فانه أسلم عاقبة وآمن غائلة

من تناول جميع ما يروي دفعة واحدة،
فانه يخاف منه أن يطفئ الحرارة الغريزية

بشدة برده وكثرة كميته، أو يضعفها فيؤدي ذلك
إلى فساد مزاج المعدة والكبد،

وإلى أمراض رديئة “[35] .
ثم قال: ” ومن آفات الشرب نهلة واحدة
أن يخاف منه الشَّرَق[36]،

بأن ينسدَّ مجرى الشراب لكثرة الوارد عليه فيغصَّ به،
فإذا تنفس رويدا ثم يشرب ،

أمن ذلك .
وقد علم بالتجربة أن ورود الماء جملة واحدة على الكبد
يؤلمها ، ويضعف حرارتها…

ولو ورد بالتدريج شيئا فشيئا، لم يضادد حراراتها، ولم يضعفها،
وهذا مثاله صب الماء البارد على القدْر وهي تفور،
لا يضرها صبه قليلا قليلا “[37].
6– النهي عن شرب الإنسان الماء قائما.
فعن قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
” أنه نهى أن يشرب الرجل قائما ، قال قتادة فقلنا : فالأكل ؟
قال:
ذلك أشر وأخبث”[38].
وعن أبي سعيد وأنس:
” أن النبي صلى اله عليه وسلم زجَر عن الشرب قائما”[39].
ومع ذلك فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أنه أتي بماء زمزم،

فشرب وهو قائم “[40]، فدل على أن النهي ليس للتحريم،
وإنما حمله بعض العلماء على الكراهة،
أو أنه للإرشاد وترك الأولى،

أو أنه نهي أدب وإرفاق وحث على ما هو أولى وأجل .
وقالت طائفة من أهل العلم، لا تعارض بين هذه الأحاديث أصلا،
فإنما شربَ قائما لأنه أمِنَ الضرر من ذلك،
أو دعته الى ذلك ضرورة أو حاجة،

لا سيما وكان على زمزم، وهو موضع مُزْدَحَم الناس،
أو لعله فعل ذلك ليري الناس

أنه ليس بصائم ، أو لأن شرب ماء زمزم
في مثل ذلك الوقت مندوب إليه،

والله تعالى أعلم [41].
والحقيقة أن للشرب قائما آفات عديدة يعرفها
أهل الاختصاص من الأطباء منها :

أن يستعجل الشارب القائم فيعب عبا
فلا يحصل له الري التام، ويصيبه وجع الكبد،

أو يشرق، أو يأخذه وجع في الحلق، أو في المعدة،
لأن الماء ينزل بسرعة وحدة

الى المعدة ” فيخشى منه أن يُبرد حرارتها ويشوشها،
ويسرع النفوذ
الى أسفل البدن بغير تدريج ،
وكل هذا يضر بالشارب”[42].

وبناء عليه فلا ينبغي للمرء أن يشرب قائما إلا لحاجة،
فالأصلح له أن يشرب وهو قاعد ليكون تناوله على سكون وطمأنينة،
فيكون أبعد من أن يكون منه فساد، ولأنه الوضع الصحي
المناسب
وأدعى الى الراحة والاستمتاع بالماء،
وفي ذلك مصلحة كبرى للشارب.

هذه بعض ملامح أحكام شرب الماء في الشريعة الإسلامية
وفوائدها الصحية والبيئية تدل على مدى عناية السنة النبوية
– بعد القرآن –

بصحة الانسان وعافية بدنه ونفسه،
ونظافة وطهارة مأكله ومشربه،

وسلامته من الأدواء والعلل والأسقام والأوبئة
التي تهدده في حياته .

فلم تترك الشريعة المطهرة جانبا من هذه الجوانب
أو جزئية صغيرة
من هذه الجزئيات
الا وبسطت أمرها بيانا وتفصيلا
من لدن حكيم خبير

﴿ما فرطنا في الكتاب من شيء ﴾،
﴿ وأنزلنا الكتاب تبيانا لكل شيء ﴾
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل ،
والحمد لله رب العالمين .
فتحــــــــى عطــــــــــا
fathy – atta


الساعة الآن 08:48 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
This Forum used Arshfny Mod by islam servant