منتديات الأماكن

منتديات الأماكن (https://www.al-amakn.com/vb//index.php)
-   ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ (https://www.al-amakn.com/vb//forumdisplay.php?f=6)
-   -   هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (https://www.al-amakn.com/vb//showthread.php?t=89940)

| ▐الخلــود ▐| 04-07-2014 02:28 AM

هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ
 





( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان فبأي آلاء ربكما تكذبان )

ثم قال تعالى : (
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان فبأي آلاء ربكما تكذبان ) وفيه وجوه كثيرة حتى قيل :
إن في القرآن ثلاث آيات في كل آية منها مائة قول .

الأولى : قوله تعالى : ( فاذكروني أذكركم ) [ البقرة : 152 ] ،
الثانية : قوله تعالى : ( وإن عدتم عدنا ) [ الإسراء : 8 ] ،
الثالثة : قوله تعالى : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) ولنذكر الأشهر منها والأقرب .
أما الأشهر فوجوه :
أحدها : هل جزاء التوحيد غير الجنة ، أي جزاء من قال : لا إله إلا الله إدخال الجنة .
ثانيها : هل جزاء الإحسان في الدنيا إلا الإحسان في الآخرة .
ثالثها : هل جزاء من أحسن إليكم في الدنيا بالنعم وفي العقبى بالنعيم إلا أن
تحسنوا إليه بالعبادة والتقوى ، وأما الأقرب فإنه عام فجزاء كل
من أحسن إلى غيره أن يحسن هو إليه أيضا ، ولنذكر تحقيق القول فيه وترجع الوجوه كلها إلى ذلك ،

فنقول : الإحسان يستعمل في ثلاث معان :
أحدها : إثبات الحسن وإيجاده قال تعالى : ( فأحسن صوركم ) [ غافر : 64 ]
وقال تعالى : (
الذي أحسن كل شيء خلقه ) [ السجدة : 7 ] .
ثانيها : الإتيان بالحسن كالإظراف والإغراب للإتيان بالظريف والغريب قال تعالى :
(من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) [ الأنعام : 160 ] .
ثالثها : يقال : فلان لا يحسن الكتابة ولا يحسن الفاتحة أي لا يعلمهما ، والظاهر أن الأصل في الإحسان
الوجهان الأولان ، والثالث مأخوذ منهما ، وهذا لا يفهم إلا بقرينة الاستعمال مما يغلب على الظن إرادة
العلم ، إذا علمت هذا فنقول : يمكن حمل الإحسان في الموضعين على معنى متحد من المعنيين
ويمكن حمله فيهما على معنيين مختلفين .

أما الأول : فنقول : ( هل جزاء الإحسان ) .
أي هل جزاء من أتى بالفعل الحسن إلا أن يؤتى في مقابلته بفعل حسن ، لكن الفعل الحسن من العبد

ليس كل ما يستحسنه هو ، بل الحسن هو ما استحسنه الله منه ، فإن الفاسق ربما يكون الفسق في
نظره حسنا وليس بحسن بل الحسن ما طلبه الله منه ، كذلك الحسن من الله هو كل ما يأتي به مما يطلبه
العبد كما أتى العبد بما يطلبه الله تعالى منه ، وإليه الإشارة بقوله تعالى :
(
وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ) [ الزخرف : 71 ]
وقوله تعالى : (
في ما اشتهت أنفسهم خالدون ) [ الأنبياء : 102 ]
وقال تعالى : (
للذين أحسنوا الحسنى ) [ يونس : 26 ]
أي ما هو حسن عندهم .
وأما الثاني : فنقول :
هل جزاء من أثبت الحسن في عمله في الدنيا إلا أن يثبت الله الحسن فيه وفي أحواله في
الدارين
وبالعكس ، هل جزاء من أثبت الحسن فينا وفي صورنا وأحوالنا إلا أن نثبت الحسن فيه أيضا ، لكن إثبات
الحسن في الله تعالى محال ، فإثبات الحسن أيضا في أنفسنا وأفعالنا فنحسن أنفسنا بعبادة حضرة الله
تعالى ، وأفعالنا بالتوجه إليه وأحوال باطننا بمعرفته تعالى ، وإلى هذا رجعت الإشارة ، وورد في الأخبار

من حسن وجوه المؤمنين وقبح وجوه الكافرين .
وأما الوجه الثالث :
وهو الحمل على المعنيين فهو أن تقول : على جزاء من أتى بالفعل الحسن إلا أن
يثبت الله فيه الحسن ، وفي جميع أحواله فيجعل وجهه حسنا وحاله حسنا ، ثم فيه
لطائف :

اللطيفة الأولى : هذه إشارة إلى رفع التكليف عن العوام في الآخرة ، وتوجيه التكليف على الخواص فيها .
أما الأول : فلأنه تعالى لما قال : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان )
والمؤمن لا شك في أنه يثاب [ ص: 116 ] بالجنة فيكون له من الله الإحسان جزاء له ومن جازى عبدا على

عمله لا يأمره بشكره ، ولأن التكليف لو بقي في الآخرة فلو ترك العبد القيام بالتكليف لاستحق العقاب ،
والعقاب ترك الإحسان لأن العبد لما عبد الله في الدنيا ما دام وبقي يليق بكرمه تعالى أن يحسن إليه في
الآخرة ما دام وبقي ، فلا عقاب على تركه بلا تكليف .

وأما الثاني : فتقول خاصة الله تعالى عبدنا الله تعالى في الدنيا لنعم قد سبقت له علينا ، فهذا الذي
أعطانا الله تعالى ابتداء نعمة وإحسان جديد فله علينا شكره ، فيقولون الحمد لله ، ويذكرون الله ويثنون
عليه فيكون نفس الإحسان من الله تعالى في حقهم سببا لقيامهم بشكره ، فيعرضون هم على
أنفسهم عبادته تعالى فيكون لهم بأدنى عبادة شغل شاغل عن الحور والقصور والأكل والشرب .
فلا يأكلون ولا يشربون ولا يتنابذون ولا يلعبون فيكون حالهم كحال الملائكة في يومنا هذا لا يتناكحون
ولا يلعبون ، فلا يكون ذلك تكليفا مثل هذه التكاليف الشاقة ، وإنما يكون ذلك لذة زائدة على كل لذة
في غيرها .

اللطيفة الثانية : هذه الآية تدل على أن العبد محكم في الآخرة كما قال تعالى :
(
لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون ) وذلك لأنا بينا أن الإحسان هو الإتيان بما هو حسن عند من أتى
بالإحسان ، لكن الله لما طلب منا العبادة طلب كما أراد ، فأتى به المؤمن كما طلب منه ، فصار محسنا
فهذا يقتضي أن يحسن الله إلى عبده ويأتي بما هو حسن عنده ، وهو ما يطلبه كما يريد فكأنه قال :

( هل جزاء الإحسان ) أي هل جزاء من أتى بما طلبته منه على حسب إرادتي إلا أن يؤتى بما طلبه مني
على حسب إرادته ، لكن الإرادة متعلقة بالرؤية ، فيجب بحكم الوعد أن تكون هذه آية دالة على الرؤية
البلكفية .

اللطيفة الثالثة : هذه الآية تدل على أن كل ما يفرضه الإنسان من أنواع الإحسان من الله تعالى فهو دون
الإحسان الذي وعد الله تعالى به لأن الكريم إذا قال للفقير : افعل كذا ولك كذا دينارا ، وقال لغيره افعل
كذا على أن أحسن إليك يكون رجاء من لم يعين له أجرا أكثر من رجاء من عين له ، هذا إذا كان الكريم

في غاية الكرم ونهاية الغنى ، إذا ثبت هذا فالله تعالى قال : جزاء من أحسن إلي أن أحسن إليه بما
يغبط به ، وأوصل إليه فوق ما يشتهيه ، فالذي يعطي الله فوق ما يرجوه وذلك على وفق كرمه وإفضاله .







الساعة الآن 12:19 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
This Forum used Arshfny Mod by islam servant