منتديات الأماكن

منتديات الأماكن (https://www.al-amakn.com/vb//index.php)
-   ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ (https://www.al-amakn.com/vb//forumdisplay.php?f=6)
-   -   سلْسلة الدّار الآخرة - الجنة ومؤمن آل فرعون [2] (31) (https://www.al-amakn.com/vb//showthread.php?t=87610)

| ▐الخلــود ▐| 03-07-2013 04:23 PM

سلْسلة الدّار الآخرة - الجنة ومؤمن آل فرعون [2] (31)
 
http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1328394643.jpg






مؤمن آل فرعون ومدافعته عن موسى عليه السلام
فلما أراد فرعون وملؤه قتل موسى وهارون، إذا بصوت مليء بالإيمان هو صوت
مؤمن آل فرعون، ومؤمن آل فرعون هو ابن عم فرعون.
وتخيل فرعون وهامان وجنودهما حاشيتهما وكل هؤلاء كفرة والعياذ بالله، وفيهم
واحد كان يكتم إيمانه، فلما سمع أنهم يريدون أن يقتلوا موسى، وسيدنا موسى
عليه السلام كلمه الله أن فرعون يريد قتله.
يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:
(إنما المؤمنون ثلاثة: حبيب النجار ، ومؤمن آل فرعون، ومؤمن آل محمد)
ومؤمن آل محمد هو أبو بكر الصديق ؛لأن الفرق بين مؤمن آل فرعون ومؤمن آل محمد:
أن مؤمن آل فرعون كان يكتم إيمانه، لكن الصديق حين كان أبو جهل و أبو لهب يؤذيان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله
كان في ذلك الوقت أبو بكر مظهراً لإيمانه، فهناك فرق.

إنكار مؤمن آل فرعون على قومه في قتل المؤمنين
قال تعالى: وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ [غافر:28]
أيعقل أن يكون هذا سبباً للقتل؟ يا ويل من قتل عالماً من العلماء، يا ويل من قتل من قال:
لا إله إلا الله.
وأسامة رضي الله عنه وعن أبيه زيد لما رأى كافراً في إحدى الغزوات ورفع السيف عليه..
قال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله فقتله أسامة ، فبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم
الخبر، فقال: (يا أسامة كيف تقتله وقد قال لا إله إلا الله،
قال: قالها لما رأى بريق سيفي يا رسول الله) يعني: هو نطقها خوفاً، قال:
(وماذا تصنع يوم القيامة بلا إله إلا الله، اللهم إني لم آمر ولم أرض).
ولكن هناك نواقض لها، وعليها نحيا وعليها نموت وعليها نبعث إن شاء الله آمنين، ونحن
لو قطعنا إرباً لما كان يثنينا ذلك عن قول: لا إله إلا الله ونشر كلمة لا إله إلا الله، وهذا
قدرنا، ونحن كتب علينا جميعاً أن نسبح ضد التيار. قال تعالى:
أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ [غافر:28]، أيعقل هذا؟ وهل هذا يكون سبباً لقتله؟


معجزات موسى عليه السلام
قال تعالى: وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ [غافر:28].
أتى لكم بالبينات الواضحة، فالعصا بيده يلقيها فتصبح حية، ويضع يده في جيبه فتخرج بيضاء، وهذه بينات.
وربنا ابتلى فرعون بالجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات، فقد امتلأت البلاد جراداً، والسماء غيمت
من الجراد الذي ملأ السماء المصرية، وأكل الزرع، فقال فرعون: يا موسى!
ادع لنا ربك، فإن كشف عنا هذا آمنا بك، فقال: يا رب! سيؤمنون فاصرف عنهم الجراد، فجعل الله الجراد يذهب
إلى البحر، فرجع فرعون عن كلامه.
فابتلاهم بالحشرات في الثياب وفي البيوت فكانوا ينظفون البيوت ثم يجدونها ممتلئة؛ ابتلاء من الله، فقال:
يا موسى! ادع لنا ربك يكشف عنا ما نحن فيه، ويأخذ القمل والحشرات التي تؤذينا وتمتص دمنا وسنؤمن،
فقال: يا رب! فزالت من غير مبيد ولا غيره، فرجع فرعون عن كلامه.
ثم ابتلاهم الله سبحانه وتعالى بالضفادع، فإذا كان الواحد منهم قاعداً كانت الضفادع من حوله تتقافز، فعندما
يتكلم إذا بالضفدعة تدخل في فمه، برغوث واحد لا يتركك تنام إلى الصباح، فما بالك بالضفادع؟
وفي عام أربعة وثمانين وخمسة وثمانين لما أتى الإسرائيليون أتوا لنا بالفيران كانت تأكل آذان العيال .
ومناخيرهم في الريف، فهذه ابتلاءات من الله؛ لعصيان العباد لله عز وجل. ثم ابتلاهم الله بابتلاء شديد جداً،
وهو الدم، فقد كانوا يطبخون الطبيخ -حتى في قصر فرعون- ثم يغرفونه في الأطباق، ويضعونه أمام فرعون،
فتتحول إلى دم، فحرص على الأكل وعلى المطابخ وعلى الطباخين وعلى القصر، ومنع الدخول عليهم، ومع
ذلك كانوا يغرفون دماً، فاستغاثوا بموسى، فدعا ربه، فكشف ربنا عنهم.

مدافعة مؤمن آل فرعون لقومه عن موسى
فإذا بهم يدبرون مكيدة القتل لسيدنا موسى وأخيه هارون، فإذا بالله عز وجل يقص علينا هذه القصة في سورة
غافر، قال تعالى: وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ
مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ
[غافر:28] فبدأ بالكذب؛ لكي يطمئن من أمامه؛ لأن الذين أمامه أناس مكذبون،
كما إذا جاءك شخص يشكو امرأته وأنها تعمل وتعمل، فلا تقل له:
أنت غلطان، وإنما اسمع منه أولاً، ودعه يعبر عن وجهة نظره، ثم هدئه وريحه، وليس أول ما يأتي يكلمك تصده مباشرة، فهو أتى يشتكي لك، ويستشيرك، فاسمع منه أولاً، لأنه يريد من هذا كله عبارة عن أذن فقط، ولا يريد
منك شيئاً آخر، فاسمعه، فإنه بعد أن يفرغ ما عنده سيهدأ، ثم اعمل له أنت عملية تفريغ نفسي، ففرغ الشحنة
التي عنده، ثم بعد أن يهدأ ازرع فيه الخير، وقل له: يا رجل! امرأتك ما شاء الله، هذه صاحبتك يا شيخ!
كل النساء يشكرنها، وأولادها هي حريصة عليهم ومنتبهة لهم، وتذكر له محاسنها.
وقد كان الجاحظ دميم الخلقة، وكانت امرأته عمشاء -يعني: نظرها ضعيف قليلاً- وكانت ساخطة عليه وازدادت
سخطاً، فأتى بصديق له لكي ينصح لها، فقال له: تعال وقل كلمتين طيبتين في حقي.
وأنني رجل كبير في الأدب وفي الشعر وفي البلاغة والناس كلها تأتيني من أقاصي البلاد، ما عدا امرأتي
ليست مقتنعة بي، فقال: حسناً، فدخل عليها، فقال لها: ما الذي لا يرضيك في الجاحظ ؟ لا يغرنك منه جحوظ
عينيه، ولا كبر أنفه، ولا تعريش أذنيه، ولا تهطيل شفتيه، فقال له:
عرفتها ما لم تكن تعرفه، أنا أتيت بك تقول خيراً، فشوهتني عندها.
وكان سيدنا أبو حنيفة رضي الله عنه يقنع العالم كله ما عدا امرأته، ولما كانت تستفتيه بفتوى ويجيبها تقول له:
أنا لست مقتنعة بهذه الفتوى، فيقول لها: من تريدين أن تستفتي، فتقول له: أبو يوسف تلميذه، فيقول لها:
إن شاء الله حين نصلي العصر سآتي بـأبي يوسف، فيذهب إلى أبي يوسف ويقول له:
امرأتي تريد أن تستفتيك فتوى والسؤال كذا، فيقول له: وما هي الإجابة؟ فيقول له:
الإجابة كذا، فيقول له: حسناً، فيأتي إليها فتقول له: والله أنا سألت أبا حنيفة سؤالاً ولست مقتنعة برأيه،
فيقول لها: وما هو السؤال؟ ثم يقول لها: نفس الإجابة، فتقول له: هكذا الإجابة. فمؤمن آل فرعون قال لهم:
إن كان كذاباً فأنتم لم تخسروا شيئاً، فبدأ بقضية الكذب؛ لكي يعمل لهم تفريغاً نفسياً واستمالة قلبية له،
فقال لهم: أنا معكم إنه إن كان كذاباً فالكذب سيرجع إليه، ونحن لن نخسر شيئاً، وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ
الَّذِي يَعِدُكُمْ
[غافر:28]،
إن كان هذا الرجل صادقاً وقد وعدكم بالخير إذا أحسنتم، وبالشر إذا أسأتم، فسنذهب إلى الهاوية.


بيان عدم هداية الله للمسرف والكذاب
قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ [غافر:28]
أي: مسرف على نفسه لم يتق الله، وكذاب أي: كذب ما جاء به كتاب الله،
وما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسرف على نفسه.
والله لا يحب المسرفين، وليس الإسراف في المال فقط، بل أسوأ أنواع الإسراف
أنك تسرف في تضييع حسناتك بالسيئات.
وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: (ما تعدون السارق فيكم؟ قالوا: يا رسول الله!
السارق الذي يأخذ شيئاً ليس من حقه، قال: ما ذنبه عند الله؟ قالوا: كبيرة من الكبائر
يا رسول الله! قال: ألا أنبئكم بأسوأ السرقات عند الله؟ قالوا: ماذا يا رسول الله؟!
قال: الذي يسرق في صلاته

يعني: الذي يصلي بسرعة، وهذا حرام، ويكتب عند الله لصاً؛ لأنه يسرق الصلاة؛
لأن الصلاة لها قواعد وقوانين، فهو يسرق هذه القوانين والقواعد ويعطلها، فهو لص،
فإذا صليت فصل بتأن، اللهم اجعلنا من الخاشعين في صلاتنا يا رب!
وأبو حنيفة رضي الله عنه، قيل له: يا أبا حنيفة ! في كم تختم القرآن؟
قال لهم: في الصلاة أم في خارج الصلاة؟ يعني: السؤال ناقص هكذا، وسبحان الله!
له ختم هنا وختم هنا، وأحدهم يقول لك: أنا مرة يا أستاذ! من سبع سنين ختمت القرآن
في رمضان مرة، وهذا يقول لهم: في الصلاة أو في خارج الصلاة، فقالوا: لا، في الصلاة
في كم تختم القرآن؟ فقال: في صلاة الليل أم في صلاة النهار؟
اللهم ربنا احشرنا في زمرة الصالحين.


تخويف مؤمن آل فرعون لقومه من بطش الله
ثم قال لهم: يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ [غافر:29] أي: هذا النهار أنتم أصحاب ملك، وعندكم
ملك وجاه ومنصب، ومتبوئين مكانة عظيمة تأمرون وتنهون، فلكم الملك اليوم ظاهرين، وهذا الملك ملككم،
ويوم القيامة يضل هذا الملك ويزول، ويكون الملك لله، فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا [غافر:29].
فمن سينصرنا حين تأتي اللحظة التي فيها بأس الله سبحانه وتعالى وبطشه، قال تعالى:
إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ [البروج:12] وما بالك ببطش الله عز وجل، فالعبد منا يتق الله استعداداً لهذا اليوم.
قال تعالى: قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ [غافر:29] ففرعون رأيه بصراحة أنه
لا يوجد شيئاً صحيحاً ولا شيئاً مضبوطاً إلا الذي يراه فقط، وقد قال عن سيدنا موسى عليه السلام:
إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ [غافر:26] ومن الذي يظهر الفساد في الأرض غير
فرعون؟! ولكنه يقول عن سيدنا موسى:
أنا أخاف أنه يغير دينكم ويفسد المسائل، وفي هذه الأيام يقول بعضهم: أنت تعرف أن الذي يضيع البلد هؤلاء
أصحاب المساجد وأصحاب اللحى والجلاليب وما الذي يغضبك من صاحب الجلابية البيضاء؟
فهو مثل الملك يمشي، فما الذي يغضبك منه؟ والذي يصلح البلد إما أصحاب الجامع، أو غير أصحاب الجامع،
ولن يصلحه إلا الذي بينه وبين ربنا تواصل، وينزل ربنا الرحمة من أجله.
قال تعالى: يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ [غافر:30] وهؤلاء الأحزاب هم الأمم السابقة التي حقت
عليها كلمة الله عز وجل، وأين الاتحاد السوفيتي اليوم؟ لمن الملك اليوم؟ والمذيع الفرنسي يقول في النشرة:
الاتحاد السوفيتي سابقاً.
فربنا قال للاتحاد السوفيتي: زل فزال.
وأمريكا لو أرادت أن تنهي الاتحاد السوفيتي ففي كم من السنوات كانت ستنهيه؟ أفي مائة سنة؟
فقد كانت مغلوبة منه ومن القنابل النووية التي عنده، وبين غمضة عين وانتباهتها لا يوجد اتحاد سوفيتي.
فانظر إلى الأحداث نظرة إيمانية، وانظر إليها بمنطق البصيرة لا بمنطق البصر، وإعلامنا ليس له دعوة بهذا
المنطق، فلا يدخل في هذه القضية. ولما استعمرت فرنسا الجزائر يقول لي أستاذي: إننا حين كنا نعلم الفاتحة
كانت المديرة الفرنسية تسأل: ماذا تقول لهم؟ فيقول: أنا أعلمهم نشيد العلم؛ لكي لا تطرده.
فقد كان الحس الإسلامي موجوداً عند شعب الجزائر، فالشعوب الإسلامية مبرمجة على الإسلام، وفطرتها مع الإسلام، والبعد عن الإسلام هذه مسألة مرحلية، ولن تكون العودة إلا إلى كتاب الله، وهذا يقين عندي ثابت منذ سنوات طويلة، والذين يسمعون خطبنا من السبعينات والثمانينات يسمعون مني هذه المقولة، وإن شاء الله لن
ينتهي هذا القرن، ويبدأ القرن الواحد والعشرون إلا والإسلام هو الذي على الساحة في كل البلاد إن شاء الله.
قال تعالى: مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ [غافر:31] وقوم نوح قد عاثوا فساداً في الأرض، فأغرقهم ربنا، وكذلك عاد وثمود،
وكل هذه الأمم المتجبرة. قال تعالى: وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ [غافر:31].
ويذكرهم لينتبهوا أن يحصل لكم مثل ما حصل للأمم السابقة، وقد صدق كلام الرجل، سبحان الله! قال تعالى:
وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ [غافر:31]؛ وربنا يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، فهو يتركه ثم يتركه ثم يتركه
ويرفعه عالياً ثم حين يقع لا يستطيع القيام.








| ▐الخلــود ▐| 03-07-2013 04:24 PM

رد: سلْسلة الدّار الآخرة - الجنة ومؤمن آل فرعون [2] (31)
 
http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1328394643.jpg






تحذير مؤمن آل فرعون لقومه من يوم القيامة
قال تعالى: وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ [غافر:32]، أي: يوم القيامة، ونحن رأينا النداءات المتعددة يوم
القيامة، ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار، ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة، ونادوا على أصحاب الأعراف، وكل
رسول ينادي على أمته، وكل أناس ينادون رسولهم، والخليل ينادي على خليله، والحبيب ينادي على حبيبه، والشيطان يهرب من أتباعه الذين ينادونه، ويقول: ليس لي من الأمر شيء، ويقول: مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ
بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ
[إبراهيم:22].
فيقوم القيامة كله نداءات متعددة، حتى أمك تناديك وتأتي تقول لك: يا بني! كان بطني لك وعاء، وثدي لك سقاء، وحجري لك وطاء، فهل من حسنة عندك تنفعني في مثل هذا اليوم؟ فيقول لها: يا أماه! أنا أشكو مما تشكي أنت، أليس أنتِ عندك من حسنة واحدة؟ والابن يقول لأبيه: يا أبت! قد كنت باراً ورحيماً وشفيقاً بك، فهل عندك حسنة؟ فيقول له يا بني! أنا أشكو مما تشكو أنت منه، أليس عندك أنت من حسنة؟ وأنت نفسك حين ترى ابنك ستهرب
منه، وتهرب من امرأتك، كما قال تعالى: الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ [الزخرف:67].
وسنرى وضع المتقين هناك إن شاء الله، اللهم اجعلنا من المتقين يا رب العالمين! قال تعالى:
إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ [غافر:32] فينادون كل واحد فلا يسمع أحد، وعملك هو الذي ينجيك، اللهم حسن
أعمالنا يا رب! قال تعالى: يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [غافر:33]
تولين مدبرين من النار لما تأتي عليكم، والعياذ بالله رب العالمين، قال تعالى:
وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي [الفجر:23-24]،
أي ليتني كنت عملت خيراً، وقدمت خيراً.
و(يا ليت) هذه لا تنفع، وأنت الآن في الأمنية فافعل، فبدلاً من أن تقول: (يا ليت)، فالأمنية موجودة، والعمل
موجود، والمساجد موجودة، ومجالس العلم موجودة، وكتاب الله موجود، وأهل العلم موجودون، والخير موجود،
والمال الذي تقدر تزكيه منه موجود، فأنت في الأمنية، ولن ينفعك أحد يوم القيامة. قال تعالى: يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ
مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ
[غافر:33] فليس هناك أحد يعصمك من الله إلا رحمته، وعملك هو الذي ينصرك يوم
القيامة، اللهم حسن أعمالنا يا رب! قال تعالى: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [غافر:33]
نعم، ربنا يضله -والعياذ بالله رب العالمين- بعمله.
قال الله تعالى: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ [غافر:31] فربنا لا يظلم أحداً، ولكن الناس كانوا أنفسهم يظلمون.



بيان رسالة يوسف عليه السلام إلى أهل مصر
قال تعالى: وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ [غافر:34].
يذكرهم بسيدنا يوسف، ورسالته كانت في مصر، فقعد يذكرهم وقال: لما هلك ومات
قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا [غافر:34]، وأن الرسالة انتهت، وهذه رسالة جاءت،
وهذا أخو يوسف، وقد أتى برسالة، فذكرهم بالتاريخ. قال تعالى: حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ
لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ
[غافر:34].
مرتاب يعني: عنده شك وريبة وقلق، فهو يقول: هذا طريق السلامة، وهذه طريق الندامة،
وهذا طريق يذهب ولا يرجع، فمن أين تريد أن تمشي؟ فامش في طريق السلامة.

بيان كون الدين صراطاً مستقيماً
وأصحاب الهندسة يقولون: أقصر طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم، والمصيبة
أننا حافظون وعارفون في الهندسة، وخبراء فيها، وما شاء الله، ولكننا نريد الهندسة
التطبيقية لا النظرية. فأقرب الخطوط الموصلة بين نقطتين هو الخط المستقيم، وربنا
يقول: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام:153] .
فإذاً هو أقصر الطرق، فلا تتخبط وتنحرف وتبعد بعيداً، فطريق الله واضح، والرسول ..
صلى الله عليه وسلم يقول: (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك).
وهي الطريق الواضح، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة جالسين فخط لهم
خطاً على الأرض، وقال: (هذا طريق الله المستقيم)، ثم خط خطوطاً متعرجة منه وقال:
هذه طرق الشيطان حولها، فالذي يبعد عن الطريق يأخذه الشيطان الذي على مفترق
الطريق، فإن لم يستطع الرجوع يوصله إلى الشيطان الذي بعده، ثم إلى الذي بعده، ثم
إلى الذي بعده فيجد نفسه تائهاً في الصحراء.

ثمرة الاتباع
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث:
(إنما مثلي ومثلكم كمثل قوم خرجوا في مفازة، فلما أيقنوا الهلكة بعد أن فرغ منهم
الطعام والشراب، خرج عليهم رجل، قالوا: إن هذا رجل قريب عهد بريف
يعني:
شكله يقول: إنه ليس من أهل السفر؛ لأن المسافر في الصحراء أو في السفر يظهر
عليه الرمل والغبار والتراب، ولكن هذا شكله يظهر أنه قادم من ريف..
(قال: يا قوم! أئن دللتكم على طعام وشراب ومسكن أتعطوني مواثيقكم على الطاعة؟
فأعطوه مواثيقهم، فلما ذهبوا واستقر بهم المقام)، أي: قعدوا وأكلوا وشربوا وارتاحوا.
(قال لهم: يا قوم عند الصباح سوف يغير علينا جيش، فما علينا إلا أن نرحل الساعة،
فمنهم من أطاع، ومنهم من قال: أنا لا أرحل عن هذا النعيم، فلما أصبح الصباح - أخذ الذي
معه وأطاعوه- غار عليهم الجيش فما بين قتيل وأسير
). ومن الذي أتى لهم من الريف؟
سيدنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم يمثل
نفسه بهذا الرجل الذي جاء من الريف؛
ليريحك من الدنيا ويجعلك راضياً قانعاً، ذكر الله طعامك، والتوكل على الله سقاؤك، والرضا
عن الله مسكنك، ثم قال لك: أطعني، فإن أطعتني دخلت الجنة، وإن عصيتني دخلت النار،
والذين سلكوا خلف الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم نجوا، والذين انحرفوا عنه
هجمت عليهم شياطين الدنيا فما بين قتيل وأسير.
وانظر ما أحلى كلام الحبيب صلى الله عليه وسلم، وما أجمل تشبيهاته، اللهم اجعلنا من
أتباع رسولك يا رب العالمين!


نصح مؤمن آل فرعون لقومه
قال تعالى: وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ [غافر:38]. هنا يرد على فرعون في قوله:
مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ [غافر:29] فمؤمن آل فرعون يرد عليه ويقول: يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ
أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ
[غافر:38]. ثم قال: يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ [غافر:39] فالقلم الذي في جيبي
متاع، والبساط الذي أجلس عليه متاع، وهذا الكرسي متاع يزول، فالحياة الدنيا متاع تزول، سبحان الله!
قال تعالى: وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ [غافر:39] القرار يعني: الاستمرارية والاستقرار فيها. قال تعالى:
مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى [غافر:40].
الذي يعمل سيئة يأخذ سيئة، ومن عمل شراً فلن يجني من الشوك العنب، ومن زرع بطيخاً خرج بطيخاً.
قال تعالى: فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا
بِغَيْرِ حِسَابٍ
[غافر:40] هنا جاء لذكر الجنة، فالذي يعمل صالحاً وهو مؤمن، وهل هناك من يعمل صالحاً وهو غير
مؤمن، مثل أديسون صاحب الكهرباء عمله هذا صالح، ولكنه ليس مؤمناً، فسيؤتى به يوم القيامة ويقال له:
أنت من؟ فيقول: أنا أديسون الذي اخترع المصباح الكهربائي، فيقال له: أنت عملته لماذا؟
فيقول: عملته من أجل الإنسانية المعذبة، فيقال له: والإنسانية المعذبة ذكرتك بالخير أو لا؟
فيقول: نعم ذكرتني بالخير، فيقال له: إذاً: أخذت نصيبك، وإنما صنعت ليقال: عالم.
ولو كان مسلماً لحسب له على كل نور صدقة جارية. قال تعالى: فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ [غافر:40]؛ وفي الدنيا تأخذ مرتبك على قدر السلم الوظيفي الذي لك، فواحد يأخذ ثلاثين جنيه، وآخر يأخذ مائة
جنيه، وثالث يأخذ ألف دولار، والرابع يأخذ خمسة آلاف.
ولكن في الجنة تأخذ بغير حساب.
قال تعالى: وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ [غافر:41].
وما أجمل هذا الكلام! فهو يقول لهم: أنا أقول لكم تعالوا، فإن تبعتموني واتبعتم هذا الرجل دخلتم الجنة، وسمى الجنة نجاة، قال: مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ [غافر:41] وهم لم يقولوا له: تعال ادخل النار؟
لا، وإنما قالوا له: ابق معنا، كما لو دعاك أخوك؛ لأن بنته ستتزوج في الهيلتون في قاعة سبعة آلاف لليوم والليلة، فهؤلاء لا يدعونك لعرس، وإنما يدعونك دعوة إلى النار. قال تعالى: تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ [غافر:42]
وهم لم يقولوا له: تعال اكفر بالله، وإنما قالوا له: تعال اعمل معنا مثل ما نعمل.
وهذه هي دعوة الكفر والعياذ بالله، وهي تبتدئ هكذا، فتجد المسلم الشاب يكون ولداً صالحاً وبعيداً.
وولد يقول له: اشرب الدخان، حتى تبقى رجلاً، وخذ من أنفك، فيبدأ الولد تدريجياً حتى يبتلى، فيقال له:
أنا لم أضربك على يدك، وكذلك يبتلى من الملصقات التي يجدها في البسكويتات وفي الشوكلاتات وغيرها
ويصلقها على يده، وهذه الملصقات فيها أشياء معينة تصنعها مؤسسة يهودية عالمية، وتعمل الصمغ الذي في
هذه الملصقات، وتضع فيه شيء من المخدر الذي يؤثر على الجلد الذي بعد مدة تجعل الولد مدمناً على ..
المخدرات...وما الفائدة إذا كنت تبني وغيرك يهدم، فأنت تبني الولد في المسجد وتقول له الكلام والمبادئ
والمثل، وهو يعرف أن الراقصة في نصف ساعة تأخذ عشرة آلاف جنيه، ولو أن أباه وعائلته لا يأتون بعشرة آلاف
مليم فإنه يصبح غلبان.
فلا راحة لهذا الشعب ولا أي شعب مسلم إلا بالعودة إلى كتاب الله والسير على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ * تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ
لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ
[غافر:41-42]، أي: أنا أقول لكم: تعالوا إلى العزة؛ لأن العز كل العز في
طاعة الله، والذل كل الذل في معصية الله، وسبحان من أعز الذليل بطاعته! وأذل العزيز بمعصيته! سبحان الله!
قال تعالى: لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ [غافر:43].
فهذا الكلام الذي تقولونه لي ليس له وجه من الصحة لا في الدنيا ولا في الآخرة، فالانحراف والفسق والفجور
والبعد عن طريق الله ليس له دعوة لا في الدنيا ولا في الآخرة. قال تعالى: وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ [غافر:43]
فمرجعنا كلنا إلى الدار الآخرة. قال تعالى: وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ * فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ .
[غافر:43-44] فعندما تأتي الآخرة ستعرفون أن هذا الكلام حق. ثم قال بعد ذلك:
وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ [غافر:44]، لأنهم قرروا قتله، فقال: وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ [غافر:44].
قال تعالى: فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا [غافر:45] فنجاه الله بقوله: وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ بصدق، وكان الله معه،
وجربها وسترى، وأنت كمسلم تيقن بالله عز وجل وتوكل عليه حق التوكل.



بيان كون الساعة تأتي بغتة
ونكمل الوقت الباقي في سورة الزخرف، ونقطف هذه الزهرات اليانعة والمعاني الطيبة
من كتاب الله عز وجل؛ لكي تكمل الفائدة، وأنا كنت أود أن الحلقات نكملها ثلاثين، ولكن
القضية ليست مسألة إنتاج، وليس هناك أحد يجري وراءنا، وإنما الزمن والعمر يجريان
وراءنا، ولكن المهم نسأل الله أن يقضي أعمارنا في طاعته بعيداً عن معصيته.
قال تعالى سورة الزخرف: هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [الزخرف:66].
فهم ينتظرون الساعة وستأتيهم بغتة.
والساعة أو القيامة قيامتان: قيامة صغرى وقيامة كبرى، فإذا مات العبد قامت قيامته الصغرى،
ويقول لك بعضهم: يا سيدنا الشيخ! لا يزال الوقت طويلاً، ألم تقل:
إن الشمس ستطلع من المغرب، والمسيح الدجال يظهر، والدابة والدخان؟
نقول: نعم، ولكن لو مت هذه الليلة ولم تر هذا كله فقد قامت قيامتك. قال تعالى:
هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [الزخرف:66]،
وقال تعالى في سورة محمد: فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا [محمد:18] يعني: ظهر.

فضل صحبة الصالحين
ثم في الآية التي بعدها يقول: الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67].
فكل خليل يمسك بيد خليله يوم القيامة؛ ولذلك روي في الأثر:
(أكثروا من الأخلاء الصالحين؛ فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة).
فتكثر من الأصحاب، فإن لم يأخذك هذا يأخذك هذا.
والخليل ينكر خليله يوم القيامة، فأصحاب القهاوي والانحرافات والنوادي لا يعرف بضعهم
بعضاً، كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ
الْعَالَمِينَ
[الحشر:16] .
فأنا وأنت عبدان مأموران؛ لأن العبودية عبوديتان: عبد عبادة، وعبد عبودة.
فعبد العبادة: أن يعبد الله رب العالمين. وعبد العبودة: أن يعبد المال والزوجة والجاه والمنصب
والمسئولين.
والعبودية هذه عبودية وذل، والمؤمن لا يذل إلا لله، ويذل للمؤمنين، ويصبح عزيزاً على الكافر.
قال تعالى: الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67]
المتقي يقال له وهو خارج من القبر: أكان لك خليل في الدنيا تحبه؟ قال: أنا كنت أحبه؛ لأنه
الذي أخذ بيدي إلى الخير وهو الذي علمني الصلاة، وهو الذي صنع في كذا، قال:
تحب أن تراه؟ قال: أتمنى؟ فيذهب إلى الثاني فيقول: هل كان لك خليل في الدنيا تحب أن تراه؟
فيقول: نعم، أنا أتيت أزرع فيه خيراً فوجدت عنده خيراً كبيراً جداً، وأتيت أعلمه فأصبحت أتعلم
منه لما وجدته استقام على الطريق، فيقال: خذوا بأيدي بعض وادخلوا الجنة.

أمن المسلمين يوم القيامة
قال تعالى: يَا عِبَادِ [الزخرف:68] الله سبحانه وتعالى يخاطب المتقين فقط،
لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ [الزخرف:68].
فلا خوف من المستقبل ولا حزن على الماضي، ولا خوف من غدٍ ولا حزن على الذي
فات، والحزن هذا والأسى والألم والابتلاءات كانت في الدنيا. وعندما ينادي الله عز وجل
يوم القيامة (يا عباد) فكل العباد يرفعون رءوسهم أبو لهب و أبو جهل و أبو بكر كلهم، فكل
من هو عبد في أرض المحشر يرفع رأسه. وعندما يقول:
يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ [الزخرف:68]
يفرح الكفرة والفجرة، ويقولون للمؤمنين:
انظروا تساوينا معكم، أنتم تصومون وتصلون، ولا تنظرون ولا تسمعون، ونحن تساوينا معكم،
وقد أذللتم أرواحكم. ثم يقول تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ [الزخرف:69].
فيطأطئ الكفار والفجار رءوسهم، ويرفع المؤمنون رءوسهم فرحين بهذا النصر الحقيقي، وفي
الحديث: (إنما الأعمال بخواتيمها).

نعيم المؤمنين في الجنة
قال تعالى: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ [الزخرف:70].
تحبرون يعني: تسرون من الحبرة والسرور والحبور.
اللهم اجعلنا من أهل الحبور يا رب! فيزينك وأنت تدخل الجنة ما دمت قد زينت نفسك بزينة الإيمان والتقوى
ولباس التقوى في الدنيا، فربنا يزينك في الجنة بزينة أكبر، اللهم زينا بالإيمان في الدنيا وبالجنة في الآخرة
يا رب العالمين! قال تعالى: يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ [الزخرف:71]، أي: وأكواب أيضاً من ذهب.
والصحفة هي: الطبق الواسع الذي يكفي عشرة يأكلون فيه.
وأنت ما دمت حرمت على نفسك في الدنيا ما حرمه الرسول صلى الله عليه وسلم عليك من الأكل في الذهب والفضة فإن ربنا يوم القيامة سيؤكلك في الأطباق والصحاف والأكواب والأباريق من الفضة والذهب، وإن أكلت
منهما في الدنيا فلن تأكل منهما في الآخرة. وَفِيهَا [الزخرف:71]،
أي: في الصحاف والأكواب، مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ [الزخرف:71]،
يعني: عينك ليست كالعين التي تنظر إلى الفول وتتحسر، وإنما تنظر إلى أنواع الأكل وتنبسط، فلها كل
ما تشتهيه، سبحان الله! ومن كرم الله عليك قوله: عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ [الحجر:47]، يعني: من النعمة، فوجه
المسلم يقابل وجه المسلم، ولذلك كان سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم إذا كلم أحداً أعطاه وجهه، وكان
يوزع وجهه على الجالسين، لدرجة أن كل أحد يظن أن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس مهتماً إلا به، فانظر
حلاوة أخلاق الحبيب. قال تعالى: وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [الزخرف:71] في نعمة الخلد هنا، فلا يأس ولا قلق.
قال تعالى: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف:72].
والعبد يولد وله مكانان: مكان في الجنة، ومكان والعياذ بالله في النار، فيؤتى للمؤمن في الجنة ويقال له:
هذه الجنة لك؛ لأن هذا نصيبك في الجنة..
والجنة الثانية.. كانت لفلان الكافر الفاجر الذي دخل النار وأنت ورثت مكانه، فلك جنتان، جنتك أنت، والجنة التي
ورثتها، قال تعالى: أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ [المؤمنون:10-11].
والكافر يقال له: خذ، هذه قطعتك والعياذ بالله في النار، والقطعة الثانية قطعة المؤمن الذي نجاه ربنا وأنت ورثت قطعته، فيا نعم ميراث المؤمن! ويا بؤس ميراث الكافر! وبالله عليك الكلام الجميل الحلو هذا والنعمة التي هي
من الله ألا تستوجب منا الصبر والعمل الصالح والتوكل على الله؟
وأصلي وأسلم على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.



الأسئلة:

كفارة النذر
السؤال الأول: أخت تسأل وتقول:
مرض ابنها الوحيد فنذرت صيام شهري رجب وشعبان كاملين كل سنة إذا شفي
ابنها، واستمرت في الصيام حتى هذا العام، فإذا أصبح الصيام المتواصل خلال
هذين الشهرين مشقة بالنسبة لها فماذا تفعل؟
الجواب:
تخرج عن كل يوم لا تستطيع أن تصومه ما تطعم به مسكيناً.

حكم تمزيق المصحف
السؤال الثاني: أحدهم يسأل ويقول:
أخت مسلمة في لحظة من غضب شديد والعياذ بالله مزقت المصحف؟
الجواب:
الحقيقة الإنسان عندما يسمع هذا الكلام يقشعر جلده وبدنه، وعلى المرأة أن
تكثر من الاستغفار والتوبة والرجوع إلى الله قبل أن يهبط غضب الله عليها.
ونسأل الله أن يهديها ويهدينا ويهدي عصاة المسلمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.










شادي1980 03-07-2013 05:29 PM

رد: سلْسلة الدّار الآخرة - الجنة ومؤمن آل فرعون [2] (31)
 
لساني يعجز عن مدحك
وعن وصف ابداعك
كل ما اتمناه منك المزيد والمزيد من لابداع
لك ودي وتقديري لك..

| ▐الخلــود ▐| 05-07-2013 11:45 AM

رد: سلْسلة الدّار الآخرة - الجنة ومؤمن آل فرعون [2] (31)
 















{ شادي ..
رَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمْ بإذْنَ الله
آشْكرَكْ مِنَ الأعْماقْ لِ هَذا الْ حضُورْ..،



بَآلـ الْتَقْدِيرْ ــغْ ..http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1357215231.gif..



http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1341172084.png

Al Dalaa3 06-07-2013 05:23 AM

رد: سلْسلة الدّار الآخرة - الجنة ومؤمن آل فرعون [2] (31)
 
جزاك الله جَنة عَرضُها السَموآت والآرض
بآرك الله فيك عَ الطرح الايماني
اسآل الله ان يعطر آيامك بآلرياحين
دمت بـِ طآعة الله

آريج 31-07-2013 12:18 AM

رد: سلْسلة الدّار الآخرة - الجنة ومؤمن آل فرعون [2] (31)
 








ζζ ..


ربي يجزاك كل خير، نسأل الله أن يجعل فيما طرحت الخير والنفع
ويجعله في ميزان حسناتك



خآلص ..http://s.cdn.gaiaonline.com/images/t...1819caf0bd.png..التحيّة .. ζζ



| ▐الخلــود ▐| 01-08-2013 02:40 AM

رد: سلْسلة الدّار الآخرة - الجنة ومؤمن آل فرعون [2] (31)
 















{ الدلع ..
رَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمْ بإذْنَ الله
آشْكرَكِ مِنَ الأعْماقْ لِ هَذا الْ حضُورْ..،



بَآلـ الْتَقْدِيرْ ــغْ ..http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1357215231.gif..



http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1341172084.png

| ▐الخلــود ▐| 01-08-2013 02:41 AM

رد: سلْسلة الدّار الآخرة - الجنة ومؤمن آل فرعون [2] (31)
 















{ آريج ..
رَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمْ بإذْنَ الله
آشْكرَكِ مِنَ الأعْماقْ لِ هَذا الْ حضُورْ..،



بَآلـ الْتَقْدِيرْ ــغْ ..http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1357215231.gif..



http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1341172084.png

العـطــشان 22-08-2013 09:42 AM

رد: سلْسلة الدّار الآخرة - الجنة ومؤمن آل فرعون [2] (31)
 
الخلود


ربي يكتب لك الأجر والثواب من عنده


يسعدك ربي

| ▐الخلــود ▐| 22-08-2013 10:50 PM

رد: سلْسلة الدّار الآخرة - الجنة ومؤمن آل فرعون [2] (31)
 















{ العطشان ..
رَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمْ بإذْنَ الله
آشْكرَكْ مِنَ الأعْماقْ لِ هَذا الْ حضُورْ..،



بَآلـ الْتَقْدِيرْ ــغْ ..http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1357215231.gif..



http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1341172084.png


الساعة الآن 07:14 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
This Forum used Arshfny Mod by islam servant