عرض مشاركة واحدة
قديم 16-12-2009, 02:32 AM
المشاركة 25

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الفصل الرابع: موقف أهل السنة من التكييف

(وغير تكييف) تفسير لكنه شيء من صفات ربنا تعالى كأن يقال استوى على
هيئة كذا أو ينزل إلى السماء بصفة كذا أو تكلم بالقرآن على كيفية كذا ونحو
ذلك من الغلو في الدين والافتراء على الله عز وجل واعتقاد ما لم يأذن به الله
ولا يليق بجلاله وعظمته ولم ينطق به كتاب ولا سنة ولو كان ذلك مطلوبا من
العباد في الشريعة لبينه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ولم يدع ما
بالمسلمين إليه حاجة إلا بينه ووضحه والعباد لا يعلمون عن الله تعالى إلا ما
علمهم كما قال تعالى: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء}
[البقرة: 254] و قال الله تعالى:
{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء}
[البقرة: 255] فليؤمن العبد بما علمه الله تعالى وليقف معه كهذه الصفات
الثابتة في الكتاب والسنة وليمسك عما جهله وليكل إلى عالمه كيفيتها
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7]

معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي –
ص463

(وأما لفظة) "تكييف": لم ترد في الكتاب والسنة، لكن ورد ما يدل على النهي
عنها.
التكييف: هو أن تذكر كيفية الصفة، ولهذا تقول: كيَّف يكيِّف تكييفاً، أي ذكر
كيفية الصفة.
التكييف يسأل عنه بـ(كيف)، فإذا قلت مثلاً: كيف جاء زيد؟ تقول: راكباً. إذاً:
كيف مجيئه. كيف لون السيارة؟ أبيض. فذكرت اللون.
أهل السنة والجماعة لا يكيفون صفات الله، مستندين في ذلك إلى الدليل
السمعي والدليل العقلي:
أما الدليل السمعي، فمثل قوله تعالى:
{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن
تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
}
[الأعراف: 33]، والشاهد في قوله: {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}.
فإذا جاء رجل وقال: إن الله استوى على العرش، على هذه الكيفية ووصف
كيفية معينة: نقول: هذا قد قال على الله مالا يعلم! هل أخبرك الله بأنه استوى
على هذه الكيفية؟! لا، أخبرنا الله بأنه استوى ولم يخبرنا كيف استوى.
فنقول: هذا تكييف وقول على الله بغير علم.
ولهذا قال بعض السلف إذا قال لك الجهمي: إن الله ينزل إلى السماء، فكيف
ينزل؟ فقل: إن الله أخبرنا أنه ينزل، ولم يخبرنا كيف ينزل. وهذه قاعدة مفيدة.
دليل آخر من السمع: قال تعالى:
{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}
[الإسراء: 36]، لا تتبع ما ليس لك به علم، إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ
عَنْهُ مَسْؤُولاً.
وأما الدليل العقلي، فكيفية الشيء لا تدرك إلا بواحد من أمور ثلاثة: مشاهدته
أو مشاهدة نظيره، أو خبر الصادق عنه أي: إما أن تكون شاهدته أنت وعرفت
كيفيته. أو شاهدت نظيره، كما لو قال واحد: إن فلاناً اشترى سيارة داتسون
موديل ثمان وثمانين رقم ألفين. فتعرف كيفيتها، لأن عندك مثلها أو خبر صادق
عنه، أتاك رجل صادق وقال: إن سيارة فلان صفتها كذا وكذا.. ووصفها تماماً
فتدرك الكيفية الآن.
ولهذا أيضاً قال بعض العلماء جواباً لطيفاً: إن معنى قولنا: (بدون تكييف): ليس
معناه ألا نعتقد لها كيفية، بل نعتقد لها كيفية لكن المنفي علمنا بالكيفية لأن
استواء الله على العرش لا شك أن له كيفية، لكن لا تعلم، نزوله إلى السماء
الدنيا له كيفية، لكن لا تعلم، لأن ما من موجود إلا وله كيفية، لكنها قد تكون
معلومة، وقد تكون مجهولة.سئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله تعالى:
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طـه: 5]: كيف استوى؟ فأطرق مالك برأسه
حتى علاه العرق، ثم رفع رأسه وقال: (الاستواء غير مجهول)، أي: من حيث
المعنى معلوم، لأن اللغة العربية بين أيدينا، كل المواضع التي وردت فيها
(اسْتَوَى) معداة بـ(على) معناها العلو فقال:
(الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول) لأن العقل لا يدرك الكيف
فإذا انتفى الدليل السمعي والعقلي عن الكيفية، وجب الكف عنها،
(والإيمان به واجب)، لأن الله أخبر به عنه نفسه، فوجب تصديقه،
(والسؤال عن بدعة) : السؤال عن الكيفية بدعة، لأن من هم أحرص منا
على العلم ما سألوا عنها وهم الصحابة لما قال الله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ}
[الأعراف: 54]، عرفوا عظمة الله عز وجل، ومعنى الاستواء على العرش، وأنه
لا يمكن أن تسأل: كيف استوى؟ لأنك لن تدرك ذلك فنحن إذا سئلنا، فنقول:
هذا السؤال بدعة.
وكلام مالك رحمه الله ميزان لجميع الصفات، فإن قيل لك مثلاً: إن الله ينزل
إلى السماء الدنيا، كيف ينزل؟ فالنزول غير مجهول، والكيف غير معقول
والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة والذين يسألون: كيف يمكن النزول
وثلث الليل يتنقل؟! فنقول: السؤال هذا بدعة كيف تسأل عن شيء ما
سأل عنه الصحابة وهم أحرص منك على الخير وعلى العلم بما يجب لله
عز وجل، ولسنا بأعلم من الرسول عليه الصلاة والسلام، فهو لم يعلمهم.
فسؤالك هذا بدعة، ولولا أننا نحسن الظن بك، لقلنا ما يليق بك بأنك رجل
مبتدع.
والإمام مالك رحمه الله قال: (ما أراك إلا مبتدعاً) ثم أمر به فأخرج، لأن
السلف يكرهون أهل البدع وكلامهم واعتراضاتهم وتقديراتهم ومجادلاتهم.
فأنت يا أخي عليك في هذا الباب بالتسليم، فمن تمام الإسلام لله عز وجل
ألا تبحث في هذه الأمور، ولهذا أحذركم دائماً من البحث فيما يتعلق
بأسماء الله وصفاته على سبيل التعنت والتنطع والشيء الذي ما سأل
الصحابة عنه، لأننا إذا فتحنا على أنفسنا هذه الأبواب، انفتحت علينا
الأبواب، وتهدمت الأسوار، وعجزنا عن ضبط أنفسنا، فلذلك قل:
سمعنا وأطعنا وآمنا وصدقنا، آمنا وصدقنا بالخبر وأطعنا الطلب وسمعنا القول
حتى تسلم!
وأي إنسان يسأل فيما يتعلق بصفات الله عن شيء ما سأل عنه الصحابة
فقل كما قال الإمام مالك، فإن لك سلفاً: السؤال عن هذا بدعة. وإذا قلت
ذلك، لن يلح عليك، وإذا ألح، فقل: يا مبتدع! السؤال عنه بدعة، اسأل عن
الأحكام التي أنت مكلف بها، أما أن تسأل عن شيء يتعلق بالرب عز وجل
وبأسمائه وصفاته، ولم يسأل عنه الصحابة، فهذا لا نقبله منك أبداً!وهناك
كلام للسلف يدل على أنهم يفهمون معاني ما أنزل الله على رسوله من
الصفات، كما نقل عن الأوزاعي وغيره، نقل عنهم أنهم قالوا في آيات الصفات
وأحاديثها: أمروها كما جاءت بلا كيف. وهذا يدل على أنهم يثبتون لها معنى
من وجهين:

أولاً: أنهم قالوا: "أمروها كما جاءت" ومعلوم أنها ألفاظ جاءت لمعاني ولم
تأت عبثاً، فإذا أمررناها كما جاءت، لزم من ذلك أن نثبت لها معنى.
ثانياً: قوله: "بلا كيف" لأن نفي الكيفية يدل على وجود أصل المعنى، لأن
نفي الكيفية عن شيء لا يوجد لغو وعبث.
إذاً، فهذا الكلام المشهور عند السلف يدل على أنهم يثبتون لهذه النصوص
معنى.

شرح العقيدة الواسطية لمحمد بن صالح بن عثيمين – 1/97





عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..