عرض مشاركة واحدة
قديم 11-02-2010, 04:40 PM
المشاركة 93

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المطلب الثالث: مرور المؤمنين على الصّراط وخلاص المؤمنين من المنافقين

******
عندما يذهب بالكفرة الملحدين، والمشركين الضالين إلى دار البوار: جهنم يصلونها، وبئس القرار، يبقى في عرصات القيامة أتباع الرسل الموحدون، وفيهم أهل الذنوب والمعاصي، وفيهم أهل النفاق، وتلقى عليهم الظلمة قبل الجسر كما في الحديث الذي يرويه مسلم في (صحيحه) عن عائشة قالت: ((سئل الرسول صلى الله عليه وسلم: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ؟ فقال: هم في الظلمة دون الجسر)) . يقول شارح (الطحاوية): وفي هذا الموضع يفترق المنافقون عن المؤمنين، ويتخلفون عنهم، ويسبقهم المؤمنون، ويحال بينهم بسور يمنعهم من الوصول إليهم. روى البيهقي بسنده عن مسروق، عن عبدالله، قال: يجمع الله الناس يوم القيامة إلى أن قال: فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه ، ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك ، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه ، ومنهم من يعطى دون ذلك بيمينه ، حتى يكون آخر من يعطى نوره في إبهام قدمه ، يضيء مرة ويطفأ أخرى ، إذا أضاء قدم قدمه ، وإذا أطفأ قام ، قال: فيمر ويمرون على الصراط ، والصراط كحد السيف دحض مزلة ، ويقال لهم: امضوا على قدر نوركم ، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب ، ومنهم من يمر كالريح ، ومنهم من يمر كالطرف ، ومنهم من يمر كشد الرجل ، يرمل رملاً على قدر أعمالهم ، حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه ، تخر يد ، وتعلق يد ، وتخر رجل وتعلق رجل ، وتصيب جوانبه النار ، فيخلصون فإذا خلصوا ، قالوا: الحمد لله الذي نجانا منك، بعد أن أراناك ، لقد أعطانا ما لم يعط أحد . وقد حدثنا تبارك وتعالى عن مشهد مرور المؤمنين على الصراط ، فقال: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الحديد: 12-15] . فالحق يخبر أن المؤمنين والمؤمنات الذين استناروا بهذا الدين العظيم في الدنيا ، وعاشوا في ضوئه ، يعطون في يوم القيامة نوراً يكشف لهم الطريق الموصلة إلى جنات النعيم ، ويجنبهم العثرات والمزالق في طريق دحض مزلة ، وهناك يبشرون بجنات النعيم ، ويحرم المنافقون الذين كانوا يزعمون في الدنيا أنهم مع المؤمنين ، وأنهم منهم ، لكنهم في الحقيقة مفارقون لهم لا يهتدون بهداهم ، ولا يسلكون سبيلهم من النور ، كما حرموا أنفسهم في الدنيا من نور القرآن العظيم ، فيطلب المنافقون من أهل الإيمان أن ينتظروهم ليستضيئوا بنورهم ، وهناك يخدعون ، كما كانوا يخدعون المؤمنين في الدنيا ، ويقال لهم: ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً ، وبذلك يعود المنافقون إلى الوراء ، ويتقدم المؤمنون إلى الأمام ، فإذا تمايز الفريقان ، ضرب الله بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ، ويكون مصير المؤمنين والمؤمنات الجنة ، ومصير المنافقين والمنافقات النار. وقد أخبر الحق أن دعاء المؤمنين عندما يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم هو {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا} [التحريم:8] ، قال تعالى:: {يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم: 8] . قال مجاهد والضحاك والحسن البصري وغيرهم: هذا يقوله المؤمنون حين يرون يوم القيامة نور المنافقين قد طُفئ .

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 272

المطلب الرابع: الذين يمرُّون على الصّراط هم المؤمنون دون المشركين

******
دلت الأحاديث التي سقناها على أن الأمم الكافرة تتبع ما كانت تعبد من آلهة باطلة، فتسير تلك الآلهة بالعابدين، حتى تهوي بهم في النار ، ثم يبقى بعد ذلك المؤمنون وفيهم المنافقون، وعصاة المؤمنين، وهؤلاء هم الذين ينصب لهم الصراط. ولم أر في كتب أهل العلم من تنبه إلى ما قررناه من أن الصراط إنما يكون للمؤمنين دون غيرهم من الكفرة المشركين والملحدين غير ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى، فإنه قال: في كتابه (التخويف من النار): واعلم أن الناس منقسمون إلى مؤمن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً ، ومشرك يعبد مع الله غيره ، فأما المشركون ، فإنهم لا يمرون على الصراط ، وإنما يقعون في النار قبل وضع الصراط . وقد ساق بعض الأحاديث التي سقناها ، ومنها حديث أبي سعيد الخدري الذي في (الصحيحين) ، ثم قال: فهذا الحديث صريح في أن كل من أظهر عبادة شيء سوى الله كالمسيح والعزير من أهل الكتاب ، فإنه يلحق بالمشركين في الوقوع في النار قبل نصب الصراط ، إلا أن عباد الأصنام والشمس والقمر وغير ذلك من المشركين تتبع كل فرقة منهم ما كانت تعبد في الدنيا ، فترد النار مع معبودها أولاً ، وقد دل القرآن على هذا المعنى في قوله تعالى: في شأن فرعون: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} [هود: 98] وأما من عبد المسيح والعزير من أهل الكتاب ، فإنهم يتخلفون مع أهل الملل المنتسبين إلى الأنبياء ، ثم يردون النار بعد ذلك . وقد ورد في حديث آخر أن من كان يعبد المسيح يمثل له شيطان المسيح فيتبعونه ، وكذلك من كان يعبد العزير ، وفي حديث الصور أنه يمثل لهم ملك على صورة المسيح ، وملك على صورة العزير ، ولا يبقى بعد ذلك إلا من كان يعبد الله وحده في الظاهر سواء كان صادقاً أو منافقاً من هذه الأمة وغيرها ، ثم يتميز المنافقون عن المؤمنين بامتناعهم عن السجود ، وكذلك يمتازون عنهم بالنور الذي يقسم للمؤمنين . وهذا نظر سديد من قائله رحمه الله .

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 275




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..