عرض مشاركة واحدة
قديم 13-02-2010, 04:39 PM
المشاركة 103

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المسألة الرابعة: أصحاب الجنة

******

بعض الأعمال التي استحقوا بها الجنة

أصحاب الجنة هم المؤمنون الموحدون، فكل من أشرك بالله أو كفر به، أو كذب بأصل من أصول الإيمان فإنه يحرم من الجنان، ويكون في النيران.والقرآن يذكر كثيراً أن أصحاب الجنة هم المؤمنون الذين يعملون الصالحات، وفي بعض الأحيان يفصل الأعمال الصالحة التي يستحق بها صاحبها الجنة. ومن المواضع التي نص القرآن على استحقاق أهل الجنة الجنة بالإيمان والأعمال الصالحة قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَناتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 25]. وقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَناتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً} [النساء: 57]، وقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأعراف: 42]، وقوله: {وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَناتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَناتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [ التوبة: 72]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَناتِ النَّعِيمِ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 9-10]. وقوله تعالى: {أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَناتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 31]. وقوله تعالى: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى جَناتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى} [طه: 75-86]. وفي بعض الأحيان يذكر أنهم استحقوا الجنة لتحقيقهم أمراً من أمور الإيمان أو عملاً صالحاً، وقد يفصل في الأعمال الصالحة، ويطيل في ذلك. ففي بعض الأحيان يذكر أنهم استحقوا الجنة بالإيمان والإسلام {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} [الزخرف:68-70]. وأحياناً يذكر أنهم استحقوها لأنهم أخلصوا دينهم لله: {إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ فِي جَناتِ النَّعِيمِ} [ الصافات: 40-43]. وأحياناً يذكر استحقاقهم لها لقوة ارتباطهم بالله ورغبتهم إليه وعبادتهم له {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِما رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 15-18] . ومن الأعمال الصبر والتوكل: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [ العنكبوت: 58-59]. ومنها الاستقامة على الإيمان:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [ الأحقاف: 13-14]، ومنها الإخبات إلى الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [ هود: 23]، ومن ذلك الخوف من الله: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [ الرحمن: 46]. ومن ذلك بغض الكفرة المشركين، وعدم موادتهم {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَناتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [ المجادلة: 22]. وفي بعض الأحيان تفصل الآيات في ذكر الأعمال الصالحة التي يستحق بها أصحابها الجنة تفصيلاً كثيراً، فذكر في سورة الرعد أنهم استحقوها باعتقادهم أن ما أنزل على الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الحق، وبوفائهم بالعهود، وعدم نقضهم الميثاق، ووصلهم ما أمر الله بوصله، وخشيتهم لله، وخوفهم من سوء الحساب، وصبرهم لله، وإقام الصلاة، والإنفاق سراً وعلانية، ودرئهم بالحسنة السيئة {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِما رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدار} [ الرعد: 19-24] وفي مطلع سورة المؤمنين حكم أن الفلاح إنما هو للمؤمنين، ثم بين الأعمال التي تؤهلهم للفلاح، وأعلمنا أن فلاحهم إنما يكون بإدخالهم الفردوس خالدين فيها أبداً. {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 1 – 11]. وقد حدثنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن ثلاثة أعمال عظيمة يستحق بها أصحابها الجنة، فقد روى مسلم في (صحيحه) عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم في خطبته: ((... وأهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال)).

الجنة والنار لعمر بن سليمان الأشقر - ص185

******

طريق الجنة شاق الجنة درجة عالية، والصعود إلى العلياء يحتاج إلى جهد كبير، وطريق الجنة فيه مخالفة لأهواء النفوس ومحبوباتها، وهذا يحتاج إلى عزيمة ماضية، وإرادة قوية، ففي الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره )) ولمسلم حفت بدل حجبت وفي (سنن النسائي) و(الترمذي) و(أبي داود) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( لما خلق الله الجنة قال لجبريل: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، فقال: وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، فحفها بالمكاره، فقال: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد )) وقد علق النووي في (شرحه على مسلم) على الحديث الأول قائلاً: هذا من بديع الكلام وفصيحه وجوامعه التي أوتيها - صلى الله عليه وسلم - من التمثيل الحسن، ومعناه لا يوصل الجنة إلا بارتكاب المكاره، والنار بالشهوات، وكذلك هما محجوبتان بهما، فمن هتك الحجاب وصل إلى المحجوب، فهتك حجاب الجنة باقتحام المكاره، وهتك حجاب النار بارتكاب الشهوات، فأما المكاره فيدخل فيها الاجتهاد في العبادة، والمواظبة عليها، والصبر على مشاقها، وكظم الغيظ، والعفو، والحلم، والصدقة، والإحسان إلى المسيء، والصبر عن الشهوات، ونحو ذلك "

الجنة والنار لعمر بن سليمان الأشقر - ص190

******

أهل الجنة يرثون نصيب أهل النار في الجنة

جعل الله لكل واحد من بني آدم منزلين: منزلاً في الجنة، ومنزلاً في النار، ثم إن من كتب له الشقاوة من أهل الكفر والشرك يرثون منازل أهل الجنة التي كانت لهم في النار، والذين كتب لهم السعادة من أهل الجنة يرثون منازل أهل النار التي كانت لهم في الجنة، قال تعالى في حق المؤمنين المفلحين بعد أن ذكر أعمالهم التي تدخلهم الجنة: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [ المؤمنون: 10-11].قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: " قال ابن أبي حاتم – وساق الإسناد إلى أبي هريرة رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -(ما منكم من أحد إلا وله منزلان: منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإن مات فدخل النار وَرثَ أهل الجنة منزله، فذلك قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} [المؤمنون:10])) . وقال ابن جُرَيْج، عن لَيْث، عن مجاهد: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} قال: ((ما من عبد إلا وله منزلان: منزل في الجنة، ومنزل في النار، فأما المؤمن فيبني بيته الذي في الجنة، ويهدم بيته الذي في النار)) . وروي عن سعيد بن جبير نحو ذلك، فالمؤمنون يرثون منازل الكفار، لأنهم خلقوا لعبادة الله وحده لا شريك له، فلما قام هؤلاء بما وجب عليهم من العبادة، وترك أولئك ما أمروا به مما خلقوا له، أحرز هؤلاء نصيب أولئك لو كانوا أطاعوا ربهم عز وجل، بل أبلغ من هذا أيضاً، وهو ما ثبت في (صحيح مسلم) عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( يجيء ناس يوم القيامة من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى)) وفي لفظ له: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إذا كان يوم القيامة دفع الله لكل مسلم يهودياً أو نصرانياً، فيقال: هذا فكاكك من النار)) . وهذا الحديث كقوله تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا} [مريم:63] وقوله: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72] فهم يرثون نصيب الكفار في الجنان.

الجنة والنار لعمر بن سليمان الأشقر - ص192

******

الضعفاء أكثر أهل الجنةأكثر من يدخل الجنة الضعفاء الذين لا يأبه الناس لهم، ولكنهم عند الله عظماء، لإخباتهم لربهم، وتذللهم له، وقيامهم بحق العبودية لله، روى البخاري ومسلم عن حارثة بن وهب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( ألا أخبركم بأهل الجنة؟ قالوا: بلي، قال: كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره )) . قال النووي في شرحه للحديث: " ومعناه يستضعفه الناس، ويحتقرونه، ويتجبرون عليه، لضعف حاله في الدنيا، والمراد أن أغلب أهل الجنة هؤلاء ... وليس المراد الاستيعاب وفي (الصحيحين) و(مسند أحمد) عن أسامة بن زيد، قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( قمت على باب الجنة، فكان عامة من دخلها المساكين، وأصحاب الجد محبوسون غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار، وقمت على باب النار فإذا عامة من دخلها النساء )). وفي (الصحيحين) عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( اطلعت في الجنة، فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء ))

الجنة والنار لعمر بن سليمان الأشقر - ص194

******


هل الرجال أكثر في الجنة أم النساء ؟تخاصم الرجال والنساء في هذا والصحابة أحياء، ففي (صحيح مسلم) عن ابن سيرين قال: اختصم الرجال والنساء: أيهم أكثر في الجنة ؟ وفي رواية: إما تفاخروا، وإما تذاكروا: الرجال في الجنة أكثر أم النساء ؟ فسألوا أبا هريرة، فاحتج أبو هريرة على أن النساء في الجنة أكثر بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (( إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضوأ كوكب دري في السماء، لكل امرئٍ منهم زوجتان اثنتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، وما في الجنة أعزب )). والحديث واضح الدلالة على أن النساء في الجنة أكثر من الرجال، وقد احتج بعضهم على أن الرجال أكثر بحديث: ((رأيتكن أكثر أهل النار )) . والجواب أنه لا يلزم من كونهن أكثر أهل النار أن يكن أقل ساكني الجنة كما يقول ابن حجر العسقلاني ، فيكون الجمع بين الحديثين أن النساء أكثر أهل النار وأكثر أهل الجنة، وبذلك يكن أكثر من الرجال وجوداً في الخلق . ويمكن أن يقال: إن حديث أبي هريرة يدل على أن نوع النساء في الجنة أكثر سواء كن من نساء الدنيا أو من الحور العين، والسؤال هو: أيهما أكثر في الجنة: رجال أهل الدنيا أم نساؤها ؟ وقد وفق القرطبي بين النصين بأن النساء يكن أكثر أهل النار قبل الشفاعة وخروج عصاة الموحدين من النار، فإذا خرجوا منها بشفاعة الشافعين ورحمة أرحم الراحمين كن أكثر أهل الجنة .ويدل على قلة النساء في الجنة ما رواه أحمد وأبو يعلى عن عمرو بن العاص قال: ((بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الشعب إذ قال: انظروا هل ترون شيئا؟ فقلنا: نرى غرباناً فيها غراب أعصم، أحمر المنقار والرجلين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يدخل الجنة من النساء إلا من كان منهن مثل هذا الغراب في الغربان )).

الجنة والنار لعمر بن سليمان الأشقر - ص195

******

الذين توفوا قبل التكليف
أطفال المؤمنين
أطفال المؤمنين الذين لم يبلغوا الحلم
هم في الجنة إن شاء الله تعالى بفضل الله ورحمته. قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21].واستدل علي بن أبي طالب بقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38] . على أن أطفال المؤمنين في الجنة، لأنهم لم يكتسبوا فيرتهنوا بكسبهم . وقد عقد البخاري في (صحيحه) باباً عنون له بقوله: " باب فضل من مات له ولد فاحتسب ". وساق فيه حديث أنس رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من الناس مسلم يتوفي له ثلاث لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم " . وحديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النساء قلن للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اجعل لنا يوماً، فوعظهن، وقال( أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا لها حجاباً من النار. قالت امرأة: واثنان؟ قال: واثنان )). وعقد باباً آخر عنوانه: " باب ما قيل في أولاد المشركين " وساق فيه حديث أنس السابق، وحديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كانوا له حجاباً من النار أو دخل الجنة )). وحديث البراء رضي الله عنه قال: لما توفى إبراهيم عليه السلام قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إنّ له مرضعاً في الجنة )). ووجه الدلالة في الأحاديث التي ساقها البخاري على أن أطفال المؤمنين في الجنة – كما يقول – ابن حجر -: " إن من يكون سبباً في حجب النار عن أبويه أولى بأن يحجب هو. لأنه أصل الرحمة وسببها ". وحديث أبي هريرة عند أحمد في (مسنده) مرفوعاً: (( ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله وآبائهم بفضل رحمته الجنة )). وروى مسلم في (صحيحه)، وأحمد في (مسنده) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((صغارهم دعاميص الجنة، يتلقى أحدهم أباه أو قال: أبويه، فيأخذ بثوبه، أو قال بيده، كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا، فلا يتناهى، أو قال: فلا ينتهي حتى يدخله الله وإياه الجنة )). وروى الإمام أحمد، وابن حبان، والحاكم عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( ذراري المسلمين في الجنة يكفلهم إبراهيم صلى الله عليه وسلم )) وروى أبو نعيم في أخبار أصبهان، والديلمي، وابن عساكر عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( أطفال المؤمنين في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة، حتى يدفعوهم إلى آبائهم يوم القيامة )) وقد نقل النووي إجماع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين في الجنة، ونقل عنه أنه توقف بعضهم في ذلك . وحكى القرطبي التوقف عن حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وإسحاق ابن راهويه قال النووي: "توقف فيه بعضهم لحديث عائشة، يعني الذي أخرجه مسلم بلفظ: ((توفي صبي من الأنصار، فقلت: طوبى له لم يعمل سوءاً ولم يدركه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أغير ذلك يا عائشة، إن الله خلق للجنة أهلاً...)). قال: " والجواب عنه أنه لعله نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير دليل، أو قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة ". أقول: لعل الصواب أن الحديث يسير إلى أنه لا يجوز أن نجزم لواحد بعينه أنه من أهل الجنة، وإن كنا نشهد لهم مطلقاً بالجنة. والأمر الثاني هو عدم الهجوم على ذلك كي لا يتجرأ الناس على مثل هذا كما هو حاصل في زماننا، إذ يزعم نعاة الموتى أن ميتهم في الجنة، وإن كان أفسق الناس. يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: " لا يشهد لكل معين من أطفال المؤمنين بأنه في الجنة، وإن شهد لهم مطلقاً "

الجنة والنار لعمر بن سليمان الأشقر - ص197


******

أطفال المشركين بوب البخاري في (صحيحه) باباً بعنوان "باب ما قيل في أولاد المشركين" وأورد فيه حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أولاد المشركين، فقال: الله إذ خلقهم أعلم بما كانوا عاملين)) .وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذراري المشركين، فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين )) . وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة، هل ترى فيها جدعاء )) .والبخاري رحمه الله تعالى – كما يقول ابن حجر – أشعر بهذه الترجمة أنه كان متوقفاً في أولاد المشركين، وقد جزم بعد هذا في تفسير سورة الروم من (صحيحه) بما يدل على اختيار القول الصائر إلى أنهم في الجنة، وقد رتب أيضاً أحاديث هذا الباب ترتيباً يشير إلى المذهب المختار، فإنه صدره بالحديث الدال على التوقف، ثم ثنى بالحديث المرجح لكونهم في الجنة، ثم ثلث بالحديث المصرح بذلك في قوله في سياقه: " وأما الصبيان حوله فأولاد الناس " قد أخرجه البخاري في التعبير بلفظ: (( وأما الولدان الذين حوله فكل مولود يولد على الفطرة، فقال بعض المسلمين: وأولاد المشركين ؟ فقال: وأولاد المشركين )) . قال ابن حجر: ويؤيده ما رواه أبو يعلى من حديث أنس مرفوعاً (( سألت ربي اللاهين من ذرية البشر أن لا يعذبهم فأعطانيهم)) إسناده حسن واحتجوا أيضاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (( أطفال المشركين خدم أهل الجنة )) رواه ابن منده في المعرفة، وأبو نعيم في (الحلية)، وأبو يعلى في (مسنده)، وحكم عليه الشيخ ناصر الدين الألباني بالصحة بمجموع طرقه . .والقول بأنهم في الجنة هو قول جمع من أهل العلم، وهو اختيار أبي الفرج بن الجوزي، وقال النووي في هذا المذهب: "وهو المذهب الصحيح المختار الذي صار إليه المحققون لقوله تعالى: {وَمَا كُنا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [ الإسراء: 15]، واحتج بالأدلة التي ساقها البخاري وغيره ". . وأقول: وهذا القول هو الذي رجحه القرطبي أيضاً وقد وفق القرطبي بين النصوص التي يظهر منها التعارض في هذا الموضوع بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: قال في أول الأمر هم مع آبائهم أي في النار، ثم حصل منه توقف في ذلك، فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين، ثم أوحي إليه أنه لا يعذب أحد بذنب غيره {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 15]، فحكم بأنهم في الجنة، وذكر في ذلك حديثاً رواه عبد الرزاق، ولكن الحديث ضعيف كما قال ابن حجر العسقلاني . ويشكل على هذا التوفيق الذي ذكره ابن حجر أن المسألة ليست من مسائل النظر والاجتهاد، ولكنها مسألة غيبية لا يتكلم فيها إلا بوحي، والله أعلم . وقد يشكل على القول بأن أولاد المؤمنين والمشركين في الجنة ما ورد من نصوص دالة على أن الله علم أهل الجنة والنار أزلاً، وأن الملك عندما يزور الرحم يكتب رزق الجنين وأجله وشقاءه وسعادته، وقد يقال في الجواب: إن من مات صغيراً قبل الاكتساب فإنه يكون مكتوباً من السعداء وهو في بطن أمه، والله أعلم بالصواب. وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنهم في مشيئة الله تعالى، وهذا منقول عن حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وابن المبارك، وإسحاق، ونقله البيهقي في " الاعتقاد " عن الشافعي في حق أولاد الكفار خاصة، قال ابن عبد البر: وهو مقتضى صنيع مالك، وليس عنده في هذا شيء منصوص، إلا أن أصحابه صرحوا بأن أطفال المسلمين في الجنة وأطفال الكفار خاصة في المشيئة، والحجة فيه حديث: " الله أعلم بما كانوا عاملين ". وهذا القول حكاه أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة والجماعة، وهو اختيار شيخ الإسلام، فقد اختار أن أطفال المشركين في مشيئة الله، وأنهم يمتحنون في يوم القيامة، وعزا القول بذلك إلى أبي الحسن الأشعري والإمام أحمد، قال شيخ الإسلام: "والصواب أن يقال فيهم: الله أعلم بما كانوا عاملين، ولا يحكم لمعين منهم بجنة ولا نار، وقد جاء في عدة أحاديث أنهم يوم القيامة يمتحنون في عرصات القيامة يؤمرون وينهون، فمن أطاع دخل الجنة، ومن عصى دخل النار، وهذا هو الذي ذكره أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة والجماعة. وقال في موضع آخر: "أطفال المشركين الذين لم يكلفوا في الدنيا يكلفون في الآخرة، كما وردت بذلك أحاديث متعددة، وهو القول الذي حكاه أبو الحسن الأشعري في أطفال المشركين، كما ثبت في (الصحيحين) عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه سئل عنهم فقال: ((الله أعلم بما كانوا عاملين)) وقد ذكر ابن حجر أنهم يمتحنون في الآخرة بأن ترفع لهم نار، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً، ومن أبى عذب، أخرجه البزار من حديث أنس وأبي سعيد، وأخرجه الطبراني من حديث معاذ بن جبل، وقد صحت مسألة الامتحان في حق المجنون، ومن في الفترة من طرق صحيحة، وحكى البيهقي في كتاب (الاعتقاد) أنه المذهب الصحيح . ويدل لصحة هذا القول ما ورد في محكم القرآن في قصة العبد الصالح الذي رحل نبي الله موسى إلى لقائه في مجمع البحرين، فإنه قال مبيناً السر في قتله الغلام: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [الكهف: 80]، وفي (صحيح مسلم) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: في الغلام الذي قتله الخضر: (( طبع يوم طبع كافراً، ولو ترك لأرهق أبويه طغياناً وكفراً )) قال ابن تيمية معقباً على الحديث: " يعني طبعه الله في أم الكتاب، أي أثبته وكتبه كافراً، أي أنه إن عاش كفر بالفعل ". وقد ضعف القرطبي هذا المذهب محتجاً بأن الآخرة دار جزاء لا ابتلاء، ففي " التذكرة " قال المؤلف (يعني نفسه): "ويضعفه (القول بامتحانهم في عرصات القيامة) من جهة المعنى أن الآخرة ليست بدار تكليف، وإنما هي دار جزاء: ثواب، وقال الحليمي: وهذا الحديث ليس بثابت، وهو مخالف لأصول المسلمين، لأن الآخرة ليست بدار امتحان، فإن المعرفة بالله تعالى فيها تكون ضرورة، ولا محنة مع الضرورة ". وهذا الذي اعترض به من أن التكليف ينقطع بالموت غير صحيح، وقد رد على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، قال: " التكليف إنما ينقطع بدخول دار الجزاء وهي الجنة والنار، وأما عرصات القيامة فيمتحنون فيها كما يمتحنون في البرزخ، فيقال لأحدهم: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك ؟ وقال تعالى:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ} [ القلم: 42]، وقد ثبت في (الصحيح) من غير وجه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (( يتجلى الله لعباده في الموقف، إذا قيل ليتبع كل قوم ما كانوا يعبدون، فيتبع المشركون آلهتهم، ويبقى المؤمنون، فيتجلى لهم الرب الحق في غير الصورة التي كانوا يعرفون، فينكرونه، ثم يتجلى لهم في الصورة التي يعرفون، فيسجد له المؤمنون، وتبقى ظهور المنافقين كقرون البقر، فيريدون أن يسجدوا فلا يستطيعون، وذلك لقوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ} [القلم: 42])). فالمحنة لا تتوقف إلا بدخول الجنة والنار، وما ذكره القرطبي من أن المعرفة بالله في ذلك اليوم ضرورية صحيح، إلا أن المحنة تكون بالأمر والنهي كما ورد في بعض النصوص أن الله يكلفهم في ذلك اليوم بالدخول في النار، فالذي يطيع يكون من أهل السعادة، والذي يعصي يكون من أهل الشقاء.

الجنة والنار لعمر بن سليمان الأشقر - ص200

******

مقدار ما يدخل الجنة من هذه الأمةيدخل من هذه الأمة الجنة جموع كثيرة الله أعلم بعددهم، ففي (صحيح البخاري) عن سعيد بن جبير قال: حدثني ابن عباس، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( عرضت على الأمم، فأخذ النبي يمر معه الأمة، والنبي يمر معه النفر، والنبي يمر معه العشرة، والنبي يمر معه الخمسة، والنبي يمر وحده، فنظرت فإذا سواد كثير، قلت: يا جبريل هؤلاء أمتي؟ قال: لا، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد كثير، قال: هؤلاء أمتك، وهؤلاء سبعون ألفاً قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب )) والسواد الأول الذي ظنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمته هم بنو إسرائيل، كما في بعض الروايات في (الصحيح) (( فرجوت أن تكون أمتي فقيل: هذا موسى وقومه )). ولا شك أن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أكثر من بني إسرائيل، ففي الحديث: (( فإذا سواد كثير )) قال ابن حجر " في رواية سعيد بن منصور (( عظيم )) وزاد (( فقيل لي: انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر مثله ))، وفي رواية ابن فضيل: (( فإذا سواد قد ملأ الأفق، فقيل لي: انظر هاهنا، وهاهنا في آفاق السماء )) وفي حديث ابن مسعود: (( فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال )) ، وفي لفظ لأحمد: (( فرأيت أمتي قد ملؤوا السهل والجبل، فأعجبني كثرتهم وهيئتهم، فقيل: أرضيت يا محمد ؟ قلت: نعم يا رب )) وقد ورد في بعض الأحاديث أن مع كل ألف من السبعين ألفاً سبعين ألفاً، وثلاث حثيات من حثيات الله، ففي (مسند أحمد)، و(سنن الترمذي) و(ابن ماجه) عن أبي أمامة، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً لا حساب عليهم، ولا عذاب، مع كل ألف سبعون ألفاً، وثلاث حثيات من حثيات ربي )) ، ولا شك أن الثلاث حثيات تدخل الجنة خلقاً كثيراً. وقد كان رسولنا - صلى الله عليه وسلم - يرجو أن تكون هذه الأمة نصف أهل الجنة، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذكر بعث النار، قال صلوات الله وسلامه عليه في آخره: (( والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " فكبرنا. فقال: " أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة "، فكبرنا. فقال: " أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة " فكبرنا. قال: " ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود )) بل ورد في بعض الأحاديث أن هذه الأمة تبلغ ثلثي أهل الجنة، ففي (سنن الترمذي) بإسناد حسن، و(سنن الدارمي)، و(البعث والنشور) للبيهقي عن بريدة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون منها من هذه الأمة، وأربعون من سائر الأمم )) وفي (صحيح مسلم) عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( أنا أول شفيع في الجنة لم يصدق نبي من الأنبياء ما صدقت، وإن من الأنبياء نبياً ما صدقه من أمته إلا رجل واحد)) والسر في كثرة من آمن من هذه الأمة أن معجزة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكبرى كانت وحياً متلواً يخاطب العقول والقلوب، وهي معجزة باقية محفوظة إلى قيام الساعة، ففي (الصحيحين) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحى الله إلي، وأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ))

الجنة والنار لعمر بن سليمان الأشقر - ص206




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..