الموضوع: ...ولكـنْ,؟؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 21-05-2010, 01:40 AM
المشاركة 69
زمـنَ
عضو عذب التواجد
  • غير متواجد
رد: ...ولكـنْ,؟؟

(28)
" عَجوزٌ غَـامِضَ "


اخَّتفـى الصَـبيَّ فَ كانــتَ زحــمةُ الناسَ تُساعِــده لِـ الهـروبَ
وَ تقِفُ بِ وجهـيَّ عـائقَ , فَــ أصبـحتُ بـِعدها فـَطـينَ لــِ أمَّثالةَ
فَوضعتُ الحقيبةُ أمامي بِدلاً مِنَ جَانِبيَّ و سِيرها حول عُـنْقِي
و كِـلـتا يـداي تَـقّـبِـضُــها ,, اقــتربَ شـخـصٌ شــَخصـانِ ثـلاثـةَ
حَـتى امـتــلاء الـمَــكانُ بِــهــمْ وَ الـكـلُ يـطـلبَ مـا يـحلوُ لـه
تَـعـثـَـرتُ قـَلِــيـلاً فِـي بِــدايةُ الأمـرَ , هـذا يـمدُ بِــ يـدهَ و هـذا
يـصرخُ تَفـضلَ و أعَّـطِني , وهذا يقـول بِـكمَ هـذهَ , وهــذا ...
إلى أنَ أعتَدتُ عَـلى ذلكِ فـ صَار الأمرُ طَبيَعياً أمارسُ عـمَليَّ
بـِ كُلِ يُسِرٍ و سُهـولة , خَـفَ عَددُ النَـاسِ بِــ شكلِ تَـدريِجـيٌ
مَلــحـوظَ .. حـَتى أنَ بـَعضُ البَـاعةَ قـدَّ أنـْها عَـملةُ وَ جَـهزَ نـْفـسهُ
وَ ربــطَ أمتِعــتهُ لـ يرحـلَ , فَـ لمَ يَتبقـى سَوى القَــليـلُ مِنــا بــيـنْ
ِرُكامِ الورقَ وَ بَقايا خَلفَتها زحمتُ النَاسَ .. فَـ هبتَ رِياحُ الرَحيلَ
وصـمــتُ عَـــمَ الـمَكـانْ , أقـبـلَ حَـارِسُ الأمــنَ .. مــُـتَـفـَـقَــداً
يَــنـْـظُــرُ إلـى مَـوضِـعُ قَـدمـِـهَ خَــشيـتـاً أنَ يـَـتـعــثرَ بـِ الـنـِفــايَـاتً
و يقُولَ :"أحسنتَ عملاً أيـُها الشَـابُ اللـّطيفَ , كُنـتَ أراقِبُـكَ
أشَاهَدُكَ تُلّوِحَ بِـ يدكَ وَ تعرِضُ سِلعتَكَ , حَافَظتَ عَلى الأمَانة
وَ أديتَ وَا جِبُكَ , رغمَ أُمَـورٍ عَكسيةَ مرتَ عليكَ و صَبيٍ سَارِقَ
ولكنَ ..! شُكـراً لكَ على أيةُ حَـال " . مَدَدتُ يدِي لـِ حَقِيبتَي
لِـ أُسَلِمها لـهَ , لمَ يَتبـقـى بِــها سِوى بـِضَّعُ وَرقــاتَ وَ أخرجَّـتُ
النُقودَ فَـ قدَّ مَلئـتَ جَيبـي لـِ أضِعُها بِينَ كفيه وقلتَ :" لا شُـكرَ
عَلـى وَاجِـبَ , هَــذا عَـملِـي مُـقَابِـلَ مُخَالـفَـتي لِـ الـقَـانُـونَ ..! "
عَّدَ النُقودَ إلى أنَ تَوصلَ إلى عَددِ مُعِينَ لا أعلمُ كَمَ هوَ بالضبطَ
ثَـمَ قـالِ :"هـذِهَ لكَ , حَسـبَ أتـَفاقٍ سـابِقَ دار بِينِـي و بِيـنْكَ ,
تَـشرفَّتُ بـِ لـِقائكَ هَيا أذهــبَ , فـ اللِـيـلُ بَـاردٌ ..! إلـى اللـِقـاء "
ثُــمَ اخَتفى بِينَ ضَـبابِ اللِـيلَ بِـعدَ أنَ أدار مِـعطَـفهُ حـولَ عُنُـقهَ .
تَــقّــدَمتُ بِ السـيرَ إلى أنَ تَوصَّلتُ لـِ شَارِعٍ رئيسي , و بِـ طرفِـهَ
رَصِيفٌ مُـمَهدَ تَعتَلهَ إنَارةٌ جَميلةَ , ولكِنَ هــدوءءء ..! ! مُخَيـفَ
أسَـيرُ مَـعَ الوِحـدةَ ..! وَ التَفِـتُ يَمـنَةٌ وَ يَـسرةَ ..! صَمتٌ و لا أحـدَّ
لا يُسَـمعَ فـي ذلكِ الـوَقتَ سِـوى قَـرعَ خُطـايَ وَ قِـطَطُ الـشَوارِعَ
استَمريتُ عَلى هذا الحـال دَقائقَ , إلى أنَ صَادفتُ رجُلِ عَجوزَ
بِـ طَريقِي , كَانَ يَرتَديَّ جِلبَابُ نَومِ وَ بِـ يدهَ مِصَباحٌ يَدويَّ خـافِتُ
الضـوء ..! كانَ حِينُها يَفَترِسُ بـِ عينيهَ النِصفُ مَغَمِضَتينَ أحِدَ السّطح
المَـنازلَ الـمُقابِلةُ لـ الـشَارِع ,, تَـملكَـتِـني حَـبُ الاسَـتِطلاعِ وَقَّتــها
فـَ سَألتهُ ." عَلى مَا تَنْـظـر " ..هَمسَ العَجَّـوز وَ هو يُشــيرُ بـ يَدهَ نْحو
الظَلام ." إلى سَطحِ ذَلكِ المَنْزِلَ , أنْظـر إلى ذَلكِ الرَجُلَ المُـقَنعَ
يَرتَدي زياً ذاتِ ألوان صَارِخةَ ..! وَ بِيدهَ حَقيبةٌ تَنتَفِخُ أكّـثـر وَ أكـثَر
بـ المَسَروقـاتَ حِينَ يَـنتَقِـلُ مِنَ إيٌّ مَـنزِلِ يَزُورهَ ..! " نَظَرتُ بِـ نْـفِـسِ
الاتِجـاه الـذيَ أشَارَ إلـيةَ ذلكَ العـَجـوزَ .. " حقاً أنْي أراهُ , نـعمَ , هُو
ولكنَ ..؟ لِماذا لا تُطَّـلِقُ الإنْـذار َ لـ تُحَّذر الجَميعَ فَـ هو خَطرُ عَليِهم .."
أرتَعـــدَ العَّــجوزَ وَ التَفـتَ إلِي الـتـفاتـة غَضَبَ وَ هو يَضَــــعُ إصَبعهُ عَـــلى
شَفَتيه مُحَـذِراً ." شششششش !! لا. لا لنَ أفَعلَ أخَفـضَ صَوتَكَ فـ حسبَ ..



10-5-21 .. جَ