عرض مشاركة واحدة
قديم 28-02-2012, 02:59 AM
المشاركة 2

  • غير متواجد
رد: سلْسلة الدّار الآخرة - المنجيات من عذاب القبر ( 5 )








المنجيات من عذاب القبر

أول سبب للنجاة من عذاب القبر هو أن نتجنب كل هذه الأسباب الأربعة والعشرين أو الخمسة والعشرين من موجبات عذاب القبر. وهناك سبعة عشر عملاً تنجيك من عذاب القبر إذا عملتها، وقد ذكرت في حديث رواه الإمام مسلم عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقبل أن ندخل في الحديث نقول:
لا بد للإنسان المسلم أن يحاسب نفسه كل يوم قبل النوم أولاً بأول، ثم تلاوة سورة الملك وذلك كل ليلة، وأحد الصحابة كان في الليل مسافراً فنصب خيمته ونام، فسمع كأن تحته من يقرأ سورة الملك: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الملك:1] فقام ونقل الخيمة وعاد إلى المدينة، فسأل سيدنا الحبيب فقال: يا رسول الله كنت مسافراً فنصبت الخيمة على قبر فسمعت صوتاً كمن يقرأ سورة الملك، فقال له: (إن صاحبها كان يتلوها كل ليلة، وهذا قبره آنسه الله بها بعد موته).


المنجيات من عذاب القبر المذكورة في حديث عبد الرحمن بن أبي سمرة

وأما حديث سيدنا عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه فقال: (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة) والصفة كانت في مؤخر المسجد النبوي، وكان فيها فقراء المسلمين، وكانوا يعلقون حبالاً في الأعمدة في المسجد النبوي، وكان المسجد من جذوع النخل، فكان من يريد من الأغنياء أن يأتي بحاجة يأتي قبل الفجر بساعة أو بساعتين ويعلقها في الحبل، والفقير المحتاج كان يأتي ويأخذ، ولكن الفقير كان قانعاً، وأما اليوم فقد سلط علينا الغلاء ومن لا يرحمنا بسبب ذنوبنا، وكان ابن عطاء الله يقول: أنتم تستبطئون المطر وأنا أستبطئ الحجر.


بر الوالدين

فعن عبد الرحمن قال: (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال: إني رأيت الليلة عجباً
ورؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم نوع من الوحي، قال: (رأيت رجلاً من أمتي أتاه ملك الموت ليقبض روحه، فجاءه
بره بوالديه فرد عنه ملك الموت
)، يعني: فالموت يمكن أن يتأجل، وقالوا: يتأجل في حالة واحدة وهي برك بوالديك، فيطول عمرك، حتى إن ملك الموت لا يعلم هذا السر الذي هو بينك وبين الله، ولا يعلمه إلا الله. فملك الموت قبل
أن ينزل عليك يقول له ربنا: يا ملك الموت! لا تقبض روح هذا، فيقول له: لماذا؟ فيقول: لأنه بار بوالديه، أو لأنه كان باراً بوالديه، فزده عشر سنوات. وفي الحديث: (ليفعل البار مهما يفعل من أبواب الشر فلن يدخل النار، وليفعل العاق بوالديه ما يفعل من أبواب الخير فلن يدخل الجنة، قالوا: وإن ظلماه يا رسول الله؟! قال: وإن ظلماه، وإن ظلماه، وإن ظلماه).

ذكر الله

قال صلى الله عليه وسلم: (ورأيت رجلاً من أمتي احتوشته الشياطين)، يعني: اجتمعت عليه تريد تضييعه،
(فجاءه ذكره لله ليل نهار فخلصه من بين أيديهم)، فذكر لله سلاحك، بل قال الحبيب صلى الله عليه وسلم:
(الوضوء سلاح المؤمن)، فالمؤمن وهو ماشي متسلح بالوضوء وبذكر الله، فإذا جاءته الشياطين ذكر الله، وإذا جاءتك ملائكة العذاب في القبر من ناحية رأسك فالعينان تقولان: يا ملائكة العذاب! لقد كان غاضاً لي عما حرم الله، ويقول اللسان: لقد كان كافاً لي عما حرم الله، والأذنان تقولان: لقد كان مغلقاً لي عما حرم الله، وإذا جاءته ملائكة العذاب
من ناحية يديه قالتا: ما سرقت ولا ارتشيت ولا ضربت ولا سفكت دماً ولا ظلمت مرة، وإنما تصدقت وأمسكت
المصحف ومسحت على رءوس اليتامى، فإذا جاءوا من ناحية القلب قال: ما حملت غلاً ولا حقداً ولا حسداً ولا غشاً
ولا نفاقاً، فإذا جاءا من ناحية الرجلين قالتا: ما فررت من الزحف مرة، وإنما ذهبت لتعمير بيوت الله، ولإصلاح ذات البين، وللإصلاح بين المتخاصمين، ولتفريج كربات المسلمين، فتقول ملائكة العذاب لملائكة الرحمة: وسعوا لعبد الله في قبره؛ حتى يرى مقعده من الجنة. اللهم اجعلنا منهم يا رب!

المحافظة على الصلاة وصيام رمضان والغسل من الجنابة

قال صلى الله عليه وسلم: (ورأيت رجلاً أحاطت به الملائكة لتأخذه إلى النار، فجاءته محافظته على الصلاة فأنقذته منهم، ورأيت رجلاً يلهث من العطش يريد أن يشرب من الحوض)، أي: أنه عطشان في القبر وفي الآخرة والعياذ بالله، (فجاءه صومه رمضان فسقاه وأرواه، ورأيت رجلاً من أمتي والنبيون جلوس حلقاً حلقاً، كلما جاء إلى حلقة طرد ومنع
منها فجاءه إسراعه بغسله من الجنابة فأجلسه في حلقة الحبيب محمد
)، فعليك بالإسراع بالغسل من الجنابة، وأحياناً تقول: الظروف تعب، أو هناك صعوبة، أو انقطعت المياه، فأقل ما فيها أن تتوضأ، وكان هكذا يصنع النبي صلى الله عليه وسلم، والأفضل ألا تنام إلا على اغتسال؛ حتى تحيط بك الملائكة.

الحج والعمرة


قال صلى الله عليه وسلم: (ورأيت رجلاً من أمتي وقد أحاطت به الظلمة يتخبط فيها، فجاءه حجه واعتماره فأضاءا له القبر، وأضاءا له الصراط يوم القيامة)، اللهم وفقنا للحج إلى بيتك يا رب العالمين! ومن حج فليحج مرات ومرات.

الصدقة وصلة الرحم

قال صلى الله عليه وسلم: (ورأيت رجلاً يتقي شرر النار بيديه، فجاءته صدقته فجعلت بينه وبين النار حجاباً وستراً
وفي الحديث: (وإن العبد ليستظل بظل صدقته يوم القيامة)، اللهم اجعلنا من المتصدقين يا رب!
(ورأيت رجلاً من أمتي يكلم الناس ولا يكلمونه فجاءه صلته للرحم، فأمر الله عز وجل الملائكة والناس أن يكلموه فكلموه)، فهذه صلة الرحم التي قطعناها، والرحم هو عمي وعمتي، وخالي وخالتي، وابن عمي وابن عمتي،
وابن خالي وابن خالتي، وأخي وأختي، وصاحب أبي، فيفرح الأب في قبره، ويكون هذا نوراً ينير به قبر أبيه بعد موته.


الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحسن الخلق

قال صلى الله عليه وسلم: (ورأيت رجلاً من أمتي وقد احتوشته زبانية جهنم، فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستخلصه من بين أيديهم، ورأيت رجلاً بينه وبين الله حجاب فجاءه حسن خلقه مع الناس فرفع الحجاب الذي بينه وبين الله، فتطلع إلى وجه الله بكرة وعشياً)، فهذا حسن الخلق، والسيدة أم سلمة تقول: (يا رسول الله! الواحدة منا تتزوج الواحد والاثنين والثلاثة فيموت أو يطلقها فيتزوجها غيره، فتتزوج بمن يوم القيامة إن دخلوا الجنة كلهم؟ فقال: يا أم سلمة ! تتزوج أحسنهم خلقاً، يا أم سلمة ! ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة)، وأنا أريد أن يقول الناس عنك: إنك ملك من الملائكة، وأنك خفيف ولطيف ومثل النسمة، إذا جلس لا تسمع صوته، ووالله أعرف أناساً -رحم الله من مات منهم، وغفر لمن هو على قيد الحياة وقواه وقوانا على طاعة الله- يعزفون عن معاملة الناس وينطوون على حالهم، وقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: (عاشروا الناس معاشرة حتى إذا غبتم عنهم حنوا إليكم، وإن متم ترحموا عليكم)، فعندما يغيب يحن إليه، وإلى جلوسه معه، وإن مات الرجل الصالح قال: رحمة الله عليه، وانظر بعد مئات السنين أكثر من ألف وأربعمائة سنة كلما نقول: أبا بكر أو عمر أو عثمان قلنا: رضي الله عنهم. وقد قص علينا أستاذ فاضل قصة لطيفة فقال: أحد الوعاظ من إخواننا الدعاة خطب خطبة عن الحساب يوم القيامة، وأن الموضوع صعب، ولم يذكر فيه آية من آيات الرحمة، وكان شيخ العرب قاعد يسمع الرجل، حتى أكمل الخطبة فقال له:
يا سيدنا الشيخ! قال: نعم، قال: الموقف الذي أنت تتكلم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم موجود؟
قال: نعم، قال: وفيه أبو بكر رضي الله عنه؟ قال: نعم، قال: وفيه عمر بن الخطاب ؟
قال: نعم، قال: وفيه عثمان بن عفان ؟
قال: نعم، قال: و علي بن أبي طالب ؟ قال: نعم، فقال: هؤلاء موجودون كلهم وتقول: العذاب، يا إخوانا ربنا سيرحمنا يوم القيامة، وهذا الرجل الذي جاء من الحكومة كذاب، سبحان الله! لا إله إلا الله! وحتى لو جاء من عند الحكومة فإن الذي يقوله: قال الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن نسأل الله أن يرحمنا وإياكم. فحسن الخلق كشف الحجاب الذي بينك وبين الله عز وجل، اللهم حسن أخلاقنا يا رب! وادع ربنا وأنت ساجد دائماً: اللهم كما حسنت
خلقي فحسن خلقي.


الخوف من الله عز وجل

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ورأيت رجلاً من أمتي وقد أتته صحيفته من شماله فجاءه خوفه من الله عز وجل فأخذ الصحيفة بيمينه). قال رجل للحسن البصري: كيف خوفك من الله؟ قال: لو ركبت البحر وتحطمت بك السفينة فلم يبق منها إلا لوح خشب وتعلقت به وسط الأمواج كيف خوفك؟ قال: شديد، قال: أنا مع الله هكذا ليل نهار.


الرضا بقضاء الله بموت الأفراط

قال صلى الله عليه وسلم: (ورأيت رجلاً من أمتي وقد خف ميزانه فجاءه أفراطه فثقلوا ميزانه)، والأفراط: هم الأولاد الصغار الذين ماتوا، والولد أو البنت إذا نزل من بطن أمه واستهل ثم مات فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه. وهنا نقطة مهمة: فلا بد من تسميته قبل دفنه، ولو لم تسميه لخاصمك أمام الله يوم القيامة، والعبد يفرح إذا مات له ولد أو اثنان أو ثلاثة؛ لأنه سيوقف على باب الجنة ويرفض دخولها إلا بصحبتك، وأنت قد صبرت عليه أنت وزوجتك. وفي الحديث:
(إن الله يقول للملائكة: أقبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم يا رب! فيقول: أقبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم يا رب! فيقول: وماذا صنع عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع)، أي: قال: الحمد لله رب العالمين، وإنا لله وإنا إليه راجعون، (فيقول: إني رضيت على عبدي، ابنوا لعبدي قصراً وبيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد، وألحقوه بمن مات من ذريته)، فافرح يا من مات لك ابن أو بنت وصبرت، فهذا من الأشياء التي تثقل ميزانك إن شاء الله يوم القيامة.
اللهم ثقل موازيننا يا رب العالمين! قال صلى الله عليه وسلم: (ورأيت رجلاً من أمتي يقف على شفير النار، فجاءه رجاؤه في الله فأخذته الملائكة فأدخلته في الجنة)، فليكن عندك حسن أمل في الله وحسن ظن بالله، لكن مع حسن العمل.
قال صلى الله عليه وسلم:
( ورأيت رجلاً وقد هوى في النار فجاءته دمعة قطرتها عينه فأطفت النيران من حوله، فأخرج فدخل الجنة)، والذين يغصبون من قنوت رمضان والجمعة ويستهزئون ويقولون: ما أنزل الله بها من سلطان، ويتطاولون على أهل العلم، ويستنكرون والنبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً متصلاً يدعو على رعل وذكوان، وقد أجمع الفقهاء على أنه يباح للإمام أن يقنت في كل صلاة عند نزول البلاء بالمسلمين، وأنا أسأل هؤلاء المعترضين سؤالاً: هل هناك بلاء أكثر من الذي نحن فيه؟ نسأل الله أن يعافينا وإياكم، فالبلاء الذي نحن فيه على مستوى الحي والمدينة والدولة والعالم الإسلامي كله، وأي بلاء أكبر من هذا؟ ويمكن يا أخي! أن ندعو ربنا مرة ونقول: يا رب! فيقول الله: استجبت يا عبادي! وأنزلت عليكم رحمتي يا عبادي! وهناك أنا فقهوا فن الاعتراض لا لشيء إلا أنه يجب أن يعترض.








عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..