عرض مشاركة واحدة
قديم 09-08-2012, 07:58 PM
المشاركة 2

  • غير متواجد
رد: سلْسلة الدّار الآخرة - المنجيات عند الميزان [ 1] ( 13 )






البكاء من خشية الله

قال صلى الله عليه وسلم: (ورأيت رجلاً من أمتي وقد أحاطت به جهنم فجاءته دمعة تقاطرت من عينه مرة من
خشية الله فأطفأت عليه بحور جهنم فنقلته إلى نعيم الجنة
).
فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم إذا بكى الواحد منهم مسح بدموعه وجهه، وكانوا يقولون: بلغنا أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: (لن تمس النار عين بكت من خشية الله).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في
سبيل الله
). وكان هناك سبعة من الصحابة يسمون البكائين السبعة، والبكاء عند أصحاب اللغة العربية صيغة
مبالغة، فبكاء أي: كثير البكاء، وكان في مقدمتهم: أبو بكر الصديق ، فلم يكن تمر عليه آية ولا يقرأ القرآن مرة إلا
ويبكي رضي الله عنه، حتى إنه لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبلغوا أبا بكر أن يصلي بالناس..
قالت عائشة : إن أبا بكر رجل أسيف -ضعيف القلب- إذا قام لم يسمع الناس من البكاء. وفي صدر الإسلام عذب المشركون أبا بكر حتى استوى وجهه بأنفه من شدة التعذيب وكان غزير الشعر، فكان إذا مس خصلة من شعره تساقطت، فأجاره مطعم بن عدي وكان رجلاً مشركاً ولم يسلم، أجاره، فكان أبو بكر يقف ليصلي فيبكي، فكان
النساء يصعدن من أجل أن ينظرن إلى الرجل الغريب الذي يبكي من غير أن يلمسه أحد، وبسبب بكاء أبي بكر
هذا دخل عشرة من نساء الكفار وأبنائهم في الإسلام، فقال له مطعم :
أدخلتك في جواري وتجعل الناس يدخلون في الإسلام ويكفرون بديني؟!
قال له: يا مطعم ! فماذا تريد؟ قال له: إذا صليت لربك لا تبكِ، قال له: عجباً يا مطعم ! لقد رددت عليك جوارك
وصرت في جوار الله عز وجل. وكان سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم عندما يمشي يحرسه ثلاثة من بني
عبد المطلب، فهؤلاء الثلاثة يمشون كظله حتى لا يؤذيه أحد، إلى أن نزلت الآية الكريمة:
وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة:67].
وهناك عمود في المسجد النبوي مكتوب عليه اسطوانة الحرس، فقد كان الحبيب المصطفى ..
صلى الله عليه وسلم يدخل ليستريح، وكان حراسه الثلاثة ينامون عند هذا العمود.
فإذا لمحوا النبي صلى الله عليه وسلم دخل جروا حوله، فلما نزلت الآية: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة:67]
قال لهم: (دعوا حراستي فإنما صرت في حراسة الله وأمنه) وقد قال الله له: فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا [الطور:48]
صلى الله عليه وسلم. قيل لموسى: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه:39] وقيل لمحمد: فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا [الطور:48]
وشتان ما بين الحراستين عليهما الصلاة والسلام.
اللهم احشرنا في زمرتهم يوم القيامة، ومتعنا بالجوار معهم يوم القيامة بدون سابقة عذاب يا رب العالمين!
فالبكاء أطفأ بحوراً من النار. قال صلى الله عليه وسلم: (ورأيت رجلاً من أمتي والشمس قد اقتربت من الرءوس
قدر ميل
) والعلماء على رأيين: هل الميل مسافة؟ أو أن الميل هو الذي تضع به النساء الكحل في العين،
فالمهم أنه اقتربت الشمس قدر ميل قل: شبراً، قل: قيراطاً أو أقل. قال: (وزيد في حرها سبعين ضعفاً)
لأنها تركت المدار، قال الله سبحانه وتعالى:
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا
[طه:105-107]. فليس هناك حفرة تختبئ فيها ولا هضبة ولا تل، قال تعالى:
وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا [الفرقان:25]، وسكان السماوات بنص الحديث أكبر عدداً من سكان الأرض، قال تعالى:
وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31]. قال صلى الله عليه وسلم:
(ينزل سكان السماوات الأولى فيحيطون بأهل المحشر)، وهم أكثر من عدد البشر،
(ثم ينزل سكان السماء الثانية عشرون ضعفاً من سكان السماء الأولى) يقعدون في الحلقة الثانية،
إذاً: يحيطون بأهل المحشر فأول حلقة أصحاب السماء الأولى، والسماء الثانية الحلقة الثانية، والسماء الثالثة
ثلاثون ضعفاً، والسماء الرابعة أربعون ضعفاً، إلى السابعة سبعون ضعفاً، فينزل هؤلاء كلهم، قال تعالى:
وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [الفجر:22] جملة حالية، أي: (وَجَاءَ رَبُّكَ) بعد أن صار الملائكة صفاً صفاً.
قال تعالى: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ [الحاقة:17] والقدم الواحد في حملة العرش مسيرة
عشرين ألف سنة!! وقلنا: إن السماوات والأرض وما فيهن بالنسبة إلى الكرسي كحلقة ملقاة في فلاة،
والكرسي بالنسبة إلى العرش كحلقة ملقاة في فلاة، فيكون العرش قدر ماذا؟
سبحانك يا خلاق، فكيف هؤلاء الثمانية الذين يحملون عرش الرحمن؟

حسن الظن بالله تعالى
(ورأيت رجلاً من أمتي وقد ارتعدت فرائصه) أي: حصلت له رعشة، قال صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث: (كالسعفة في مهب الريح) والسعفة: من جريد النخل (فجاءه حسن ظنه بالله فسكن ما به من رعدة).
يقول صلى الله عليه وسلم: (إن قوماً غرتهم الأماني يقولون: نحسن بالله الظن)
فيقولون: ربك رحيم غفور، فهل أنت مصدق كلام الشيخ عمر في الجامع! يا رجل ربك سبحانه وتعالى سيكرم وسيغفر، فغرته الأماني، فتراه لا يصلي، وترى المرأة غير محجبة ولا مخمرة، وتجدها محتكة بالرجال ليل ونهار،
وتغتاب فلاناً وفلاناً وحاقدة وناقمة، والرجل مجرم ومرتش ومختلس وعنده أمل في رحمة الله عز وجل،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل). ودائماً نحن نكون في الأحوط
والأحرص، وعندما تقرأ قول الله سبحانه: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ [لقمان:6]
يقول ابن مسعود : والله إن لهو الحديث الغناء. فـابن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله
عليه أخذ القرآن من فم الحبيب صلى الله عليه وسلم حتى إنه كان يقول: ليس هناك سورة نزلت إلا وأنا أعرف
أأنزلت ليلاً أو نهاراً، في مكة أو في المدينة، في سهل أو في جبل، في غزوة أو في سلم، في كذا أو في كذا.
فانظر إلى هذا العلم كله، فيقسم ابن مسعود بالله أن لهو الحديث هو الغناء.
إذاً: هل أصدقك أم أصدق ابن مسعود ؟
لا والله، بل إنني سأصدق ابن مسعود ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اهتدوا بهدي ابن أم عبد)
ولما ضحك الصحابة من دقة ساقه قال صلى الله عليه وسلم:
(والذي بعثني بالحق نبياً إن ساق ابن مسعود أثقل عند الله من جبل أحد).
وقال صلى الله عليه وسلم: (من أراد أن يسمع القرآن غضاً كما أنزله جبريل فليسمع من عبد الله بن مسعود).
فهل بعد هذا الكلام كله أركل كلام ابن مسعود وآخذ بكلامك أنت؟!
الجواب: لا، بل نأخذ كلام ابن مسعود وأستريح لما قاله ابن مسعود فهو الصحابي الوحيد المأذون له بالدخول
على رسول الله في كل وقت، فإن أبا بكر ومكانته في الإسلام إذا طرق الباب يدخل الخادم فيقول للرسول
صلى الله عليه وسلم: هذا أبو بكر في الباب، فيقول له: يقابلني في المسجد، أو يأتي بعد العصر، أو يأتي
بعد المغرب وهكذا، إلا ابن مسعود فإنه أول ما يدق الباب يدخل الخادم فيبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم،
ويدخل ابن مسعود مباشرة..
فهو الصحابي الوحيد المأذون له في الدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الحج والعمرة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ورأيت رجلاً وقد أحاطت به الظلمة من كل مكان يتخبط فيها)، عن يمينه
ظلمة وعن شماله ظلمة ومن أمامه ظلمة ومن ورائه ظلمة، قال:
(فجاءه حجه وعمرته فأضاء ما حوله فوجد نفسه بجواري).
فهذه وسائل للمغفرة ووسائل للنجاة، لكن لا يأخذ المرء من الدين ما يعجبه، فالإسلام نظام عام، قال تعالى:
مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ [يوسف:76] وهل الملك في وقته كان له دين؟
إنما الدين هنا هو النظام العام، فالدين الإسلامي نظام، فلا تأخذ من الدين الذي يعجبك وترفض ما لا يعجبك،
وتقول: الدين قوي، الدين أخلاق، الدين سلوك، قال: نعم، ولكن ليس ضرورياً أن أصلي معك في المسجد، فإن
قلت: لماذا هكذا؟ قال: هذه ليست واردة!! يعني: يأخذ الشيء الذي يعجبه ويرفض الشيء الذي لا يعجبه.
امرأة تصلي وتصوم ومطيعة لزوجها وتحضر دروس العلم، لكنها تقول: موضوع الحجاب هذا لم أقتنع به، لماذا
لا تقتنعين به والله يقول: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا
[الأحزاب:36] أليست هذه الآية تخص جميع المسلمين.











عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..