الموضوع
:
سيرةُ نبيّ الرّحمة وصَحابَته ( في حَلَقاتْ )
عرض مشاركة واحدة
11-10-2012, 11:20 AM
المشاركة
110
تاريخ الإنضمام :
Mar 2008
رقم العضوية :
17365
المشاركات:
53,311
رد: سيرةُ نبيّ الرّحمة وصَحابَته ( في حَلَقاتْ )
نـــــسبــــه
طلحة بن عبيـد اللـه بن عثمان التيمـي القرشي المكي المدني ، أبو محمـد لقد كان في تجارة له بأرض بصرى ،
حين لقي راهبا من خيار رهبانها ، وأنبأه أن النبي الذي سيخرج من أرض الحرم ، قد أهل عصره ، ونصحه باتباعه
وعاد الى مكـة ليسمع نبأ الوحي الذي يأتي الصادق الأميـن ، والرسالة التي يحملها ، فسارع الى أبي بكر
فوجـده الى جانب محمد مؤمنا ، فتيقن أن الاثنان لن يجتمعا الا علـى الحق ، فصحبه أبـو بكر الى الرسـول
-صلى الله عليه وسلم- حيث أسلم وكان من المسلمين الأوائل.
إيــمــانـــه
لقد كان طلحة -رضي الله عنه- من أثرياء قومه ومع هذا نال حظه من اضطهاد المشركين ، وهاجر الى المدينة
وشهد المشاهد كلها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- الا غزوة بدر ..
فقد ندبه النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعه سعيد بن زيد الى خارج المدينة ، وعند عودتهما عاد المسلمون
من بدر ، فحزنا الا يكونا مع المسلمين ..
فطمأنهما النبي -صلى الله عليه وسلم-..
بأن لهما أجر المقاتلين تماما ، وقسم لهما من غنائم بدر كمن شهدها وقد سماه الرسول الكريم يوم أحُد..
(
طلحة الخير
) وفي غزوة العشيرة (
طلحة الفياض
) ويوم حنين (
طلحة الجود
).
بطــولتــــه يــوم أحــد
في أحد أبصر طلحة -رضي الله عنه- جانب المعركة الذي يقف فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلقيه
هدفا للمشركين ، فسارع وسط زحام السيوف والرماح الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرآه والدم
يسيل من وجنتيه ، فجن جنونه وقفز أمام الرسول -صلى الله عليه وسلم- يضرب المشركين بيمينه
ويساره ، وسند الرسول -صلى الله عليه وسلم وحمله بعيدا عن الحفرة التي زلت فيها قدمه ..
ويقول أبو بكر - رضي الله عنه- عندما يذكر أحدا
:
(
ذلك كله كان يوم طلحة ، كنت أول من جاء الى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لي الرسول ولأبي
عبيدة بن الجراح:
"
دونكم أخاكم
"
ونظرنا ، واذا به بضع وسبعون بين طعنة وضربة ورمية ، واذا أصبعه
مقطوعة ، فأصلحنا من شأنه
).
وقد نزل قوله تعالى
: "
من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ، ومنهم من
ينتظر ، وما بدلوا تبديلا
" .
تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية أمام الصحابة الكرام ،
ثم أشار الى طلحة قائلا
:
(
من سره أن ينظر الى رجل يمشي على الأرض ، وقد قضى نحبه ، فلينظر الى طلحة
)
ما أجملها من بشرى لطلحة -رضي الله عنه- ، فقد علم أن الله سيحميه من الفتنة طوال حياته وسيدخله
الجنة فما أجمله من ثواب.
عطائــه وجــوده
وهكذا عاش طلحة -رضي الله عنه- وسط المسلمين مرسيا لقواعد الدين ، مؤديا لحقوقه ، واذا أدى حق ربه
اتجه لتجارته ينميها ، فقد كان من أثرى المسلمين ، وثروته كانت دوما في خدمة الدين ، فكلما أخرج منها
الشيء الكثير ، أعاده الله اليه مضاعفا ،
تقول زوجته سعدى بنت عوف
:
(
دخلت على طلحة يوما فرأيته مهموما ،
فسألته
: ما شأنك ؟ فقال : المال الذي عندي ، قد كثر حتى
أهمني وأكربني وقلت له: ما عليك ، اقسمه فقام ودعا الناس ، وأخذ يقسمه عليهم حتى ما بقي منه
درهما
)
وفي احدى الأيام باع أرضا له بثمن عال ،
فلما رأى المال أمامه فاضت عيناه من الدمع وقال
:
(
ان رجلا تبيت هذه الأموال في بيته لا يدري مايطرق من أمر ، لمغرور بالله
)
فدعا بعض أصحابه وحملوا المال معه ومضى في الشوارع يوزعها حتى أسحر وما عنده منها درهما..
وكان -رضي الله عنه- من أكثر الناس برا بأهله وأقاربه ، وكان يعولهم جميعا ،
لقد قيل
:
(
كان لا يدع أحدا من بني تيم عائلا الا كفاه مئونته ، ومئونة عياله
)
(
وكان يزوج أياماهم ، ويخدم عائلهم ، ويقضي دين غارمهم
)
ويقول السائب بن زيد
: (
صحبت طلحة بن عبيد الله في السفر و الحضر فما وجدت أحدا ، أعم سخاء على
الدرهم ، والثوب ، والطعام من طلحة
).
طلحــة والفتنــه
عندما نشبت الفتنة في زمن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أيد طلحة حجة المعارضين لعثمان ، وزكى
معظمهم فيما ينشدون من اصلاح ، ولكن أن يصل الأمر الى قتل عثمان -رضي الله عنه- ، لا لكان قاوم
الفتنة ، وما أيدها بأي صورة ، ولكن ماكان كان ، أتم المبايعة هو والزبير لعلي -رضي الله عنهم جميعا-
وخرجوا الى مكة معتمرين ، ومن هناك الى البصرة للأخذ بثأر عثمان..
وكانت (
وقعة الجمل
)
عام 36 هجري
طلحة والزبير في فريق وعلي في الفريق الآخر ، وانهمرت دموع
علي -رضي الله عنه- عندما رأى أم المؤمنين (
عائشة
) في هودجها بأرض المعركة ،
وصاح بطلحة
:
(
يا طلحة ، أجئت بعرس رسول الله تقاتل بها ، وخبأت عرسك في البيت
؟)
ثم قال للزبير
: (
يا زبير : ناشدتك الله ، أتذكر يوم مر بك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن بمكان
كذا ،
فقال لك
: يا زبير ، ألا تحب عليا ؟؟ فقلت : ألا أحب ابن خالي ، وابن عمي ، ومن هو على ديني ؟
فقال لك
: يا زبير ، أما والله لتقاتلنه وأنت له ظالم
)
فقال الزبير
: (
نعم أذكر الآن ، وكنت قد نسيته ، والله لاأقاتلك
).
الشهــــاده
وأقلع طلحـة و الزبيـر -رضي الله عنهما- عن الاشتراك في هذه الحرب ، ولكن دفعـا حياتهما ثمنا لانسحابهما ،
و لكن لقيا ربهما قريرة أعينهما بما قررا ، فالزبير تعقبه رجل اسمه عمرو بن جرموز وقتله غدرا وهو يصلي ،
وطلحة رماه مروان بن الحكم بسهم أودى بحياته..
وبعد أن انتهى علي -رضي الله عنه- من دفنهما ودعهما بكلمات
أنهاها قائلا
:
اني لأرجو أن أكون أنا وطلحـة والزبيـر وعثمـان من الذين قال الله فيهم
:
(
ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين
) ثم نظر الى قبريهما
وقال
:
(
سمعت أذناي هاتان
) رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
يقول
: (
طلحة و الزبير ، جاراي في الجنة
).
قبـــــر طلحــة
مّا قُتِلَ طلحة دُفِنَ الى جانب الفرات ،
فرآه حلماً بعض أهله فقال
:
(
ألاّ تُريحوني من هذا الماء فإني قد غرقت
) قالها ثلاثاً ، فأخبر من رآه ابن عباس ، فاستخرجوه بعد بضعة
وثلاثين سنة ، فإذا هو أخضر كأنه السِّلْق ، ولم يتغير منه إلا عُقْصته ، فاشتروا له داراً بعشرة آلاف ودفنوه
فيها ، وقبره معروف بالبصرة ، وكان عمره يوم قُتِلَ ستين سنة وقيل أكثر من ذلك.
عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ،
وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك
الأصدقاءْ ..
وعظـَـمة ثرائك
تخلقُ
لك الْمنافقونْ
..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..
اللّهم أغفر "
لأم عبدالعزيز
" واسكنها جنات الفردوس الأعلى
واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..