عرض مشاركة واحدة
قديم 28-10-2012, 04:02 AM
المشاركة 3

  • غير متواجد
رد: سلْسلة الدّار الآخرة - الشفاعـــة ( 15)








الشفعاء غير النبي

وهل هناك من يشفع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ نعم، الأنبياء على منابر تحت العرش من نور يوم القيامة، وبجانبهم منابر للعلماء العاملين، العالم العامل بعلمه على منابر أقل من منابر الأنبياء، ولهم شفاعة أيضاً،
ثم الشهداء، وقراء القرآن العاملون به، والمؤذنون المحتسبون لوجه الله، والمؤذنون هم أطول الناس أعناقاً يوم
القيامة، ويد الله على رأس المؤذن حتى يفرغ من أذانه وإذا أذن المؤذن لا يسمعه إنس ولا جن ولا شيء من المخلوقات حتى الحيتان في بحارها، والحشرات في هوائها إلا ويشهدون ويستغفرون له يوم القيامة، وكذا يصلون على معلم الناس الخير من أمة محمد، والذي يؤذن ويحتسب أذانه يفرح وينبسط.
إذاً: فهناك يوم القيامة شفاعات غير شفاعات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالعالم العامل يشفع، وكذا الشهداء، ثم الصالحون، ومن الصالح؟ هو كل إنسان في الدنيا يسير على كتاب الله وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم،
أن يشفع في سبعين من أهله وجبت لهم النار، وكل واحد من هؤلاء يشفع على قدر إيمانه، فيشفع المؤمن في الرجل والرجلين، وفي العشيرة والعشيرتين، وفي القبيلة والقبيلتين، فلذلك قال صلى الله عليه وسلم:
(أكثروا من الأخلاء الصالحين، فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة)
يعني: أنت دللت صاحبك على خير كأن قلت: يا فلان! لو تحضر درساً علمياً في المكان الفلاني، ثم تأخذه إليه، ثم
تراه وقد سبقك إلى الدرس الجديد والقديم، ثم انقطعت عن الدرس، فيأتي الثاني يوم القيامة الذي انقطع عن
الدرس وضحكت عليه الدنيا، وفتن بها، يرى صاحبه الذي واظب على الدرس أخذ به إلى الجنة، وأخوه الذي دله
على الخير في النار، فيقول أخوه المسلم المواظب: يا رب! فلان هذا، لقد أخذ بوجهي إلى الخير فشفعني فيه،
أي: هذا الرجل دلني على الخير، فخذ بيد أخيك وانتشله من جهنم، ادخلا الاثنان الجنة.

أهمية الرفيق الصالح..
وما سار مسلم أو جلس مع مسلم إلا وسألا الله يوم القيامة عن حق هذا عند هذا وعن حق هذا عند ذاك، يعني:
أنت جلست مع أخوك جلسة، أو مشيت معه فربنا سيسألك يوم القيامة: أمرته بمعروف؟ نهيته عن منكر؟ كان الأصمعي يمشي فوجد جارية تحمل وعاء فيه رمان، فجاء رجل فأخذ رمانة من الرمان بدون إذن فاستغرب الأصمعي فجاء سائل يسأل، فذهب الرجل الذي خطف الرمانة وأعطاها للسائل، فقال له الأصمعي : ما هذا؟ قال له: أخذتها بسيئة وأعطيتها بعشر حسنات، فلي عند الله تسع.
فقال له: أخذتها حراماً فأنفقتها حراماً، فمن ينفق المال الحرام كمن يغسل الثوب النجس بالبول، فما زادك هذا إلا
قرباً من جهنم، وبعداً عن الجنة، ومن الناس من يضع جنيهاً شهادة استثمار ويقول: هذا حلو، كيف لا وقد كسبت خمسين ألفاً ثم يخرج منها عشرة آلاف جنيه لله، ويظن أنه أنفق في سبيل الله تخيل أن ثوبك نجس فغسلته بالبول، هل ينفعه هذا؟ فلا تدخل الجنة بمعاصي الله.
وتجد الطالب في الجامعة مع ثلاث أو أربع بنات حوله، وإن سئل: لماذا تعمل هكذا؟ وهل هن أخواتك؟ فيقول:
نعم، إذاً: ماذا تعمل معهن؟ يقول: أنصحهن في الله!! اذهب انصح زملاءك، وما معنى أن النصيحة ما نفعت إلا في الأخوات؟ أما زملاؤك فلا تنفع فيهم، فيقول: وهل أقول شيئاً يا أستاذ؟ سوى أني أنا أقول لها: أعطيني الكشكول، ومصطفى صاحبك لماذا لا ينفع كشكوله؟ يقول لك: لا، الأخت رانيا منسقة! فإلى متى نضحك على أنفسنا؟ فلا بد
أن نوصي أبناءنا وبناتنا، فنقول للبنت: تنبهي، سندخلك الجامعة؛ لأن العلم نور، وعندي اقتناع تام بعدم جدوى العلم فيها، وهناك فرق بين الذكر والأنثى، قال تعالى:" وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى ":[النجم:45]،
وقال الله: "وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى" [آل عمران:36]، وكذا قالت أم سيدتنا مريم بنت عمران قالت:
"رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى "[آل عمران:36]
وهؤلاء يقولون: البنت مثل الرجل، والقرآن يقول: "وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى "[آل عمران:36].
فنوصي بناتنا أن يتقين الله ويتكلمن مع زميلاتهن، أما الأولاد فيتكلمون مع الأولاد، فبهذا ترتاح الفتاة، وهم يقولون: الرياضة جميلة، وهذه روح رياضية، وفيها من قلة الأدب والسفاهة الشيء الكثير وهؤلاء في عرف الدولة ليسوا متطرفين، إنما من كان في المسجد فهو المتطرف!

من يذادون عن الحوض..
نعود للشفاعة، إذاً لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة، وهناك أناس يجيء الرسول ليشفع لهم، فلا يسمح له بالشفاعة؟ قال عليه الصلاة والسلام: (يذاد أناس -أي: يطرد، ويمنع ويحجب- من أمتي عن الحوض يوم القيامة، فأنهض لأشفع لهم عند ربي، فيقول ربي لي: يا محمد لا تفعل) إذاً هنا لا تنفع الشفاعة، ولا داعي لها،
(إنك لا تدري ماذا أحدثوا من بعدك، إنهم رجعوا على أدبارهم القهقرى) أي: رجعوا للوراء، وتركوا الكتاب والسنة، (فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدل وغير) فلا يشفع لهم، وتخيل أنت لو وجدت ابنتك تذهب وترقص في الماء أمام الناس، أترضاها؟ لا يرضاها إلا ديوث، وأنت لا ترضى الدياثة، فلا يدخل الجنة ديوث.
وهو من يعرف القبح على أهله ويسكت عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
والقبح هو أن تخرج زوجته عريانة في الشارع، أي: عريانة بعرف الإسلام والعقل المستنير، وهو عرف الشهامة، والكارثة أن تكون بنت بعمر ثماني عشرة سنة وهي كذلك، فمن كان ديوثاً يرضى الدياثة، فلن ينكر، ومعلوم أن العسل إن لم تغطيه فالذباب يدور حوله، فإن كانت زوجتك تمشي بجوارك وهي محترمة تلبس اللباس الشرعي، فلن ينظر أحد إليها، وإن خرجت وزوجتك أو ابنتك عارية..
فالأنظار تنصرف إليها، وتكون من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة وتنتشر في الذين آمنوا.
وقد يقال لك: الحجاب حجاب القلب، ونقول: لو احتجب القلب عن المعاصي لاحتجبت الجوارح.
إذاً: فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنهم رجعوا على أدبارهم القهقرى فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدل وغير).
لو دخل النبي مسجداً من المساجد وفيه بدع، فهل يقول صلى الله عليه وسلم: إن هذه أمتي؟ لا يمكن ذلك، ومن البدع التي تقع في المساجد ارتفاع الأبواب، وزخرفة المساجد، وما فيها من البدع والمنكرات كثير فلا يقول الرسول: إن هذه هي المساجد، بل إن المساجد في أيامنا قد يدخل فيها الأجانب وهم نجس، ولو اغتسل فلا تزال نجاسة
الكفر عليه، قال تعالى:" إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا" [التوبة:28]، ويدخل في حكم المسجد الحرام كل المساجد التي يصلى فيها الصلوات الخمس، فلا يجوز أن يدخلها مشرك؛ لأنه نجس، حتى ولو دفعوا ما دفعوا، قال تعالى: "وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً " [التوبة:28] أي: فقراً وقلة، لشحة الموارد السياحية ..
" فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ "[التوبة:28].
نعود إلى مسألة الشفاعة، وعلمنا أن شفاعات النبي صلى الله عليه وسلم خمس، بإضافة شفاعته في عمه
أبي طالب ...ثم تكون شفاعة العلماء العاملين، وشفاعة الشهداء.

دليل ضعف البصيرة..
نجمل القضية بعد ذلك بأمر هام حتى لا يتشوش المسلم في موضوع الشفاعة، أنت كما قال لنا أهل العلم:
اشتغالك فيما هو لغيرك لا لك، وتقصيرك عما هو مطلوب منك دليل على ضعف البصيرة فيك، وهذه فتنة الناس
في هذا الزمان، فالمساجد ليست ممتلئة؛ لأن الناس وراء الدنيا والمشاغل، ولو وقف من الأسبوع ساعة أو
ساعتين يحضر فيها درساً في علم من العلوم لأفلح، ولكن الناس يظنون أن هذا صعب وليس كذلك، عندما يبقى
رجل الأعمال من الصبح إلى الساعة الثانية عشرة في الليل، ويرجع ينام كالجيفة، لا يعرف حق الله عليه،
ثم يقول: إن من الذنوب ذنوباً لا يكفرها إلا السعي، مع أن المجلس الواحد من مجالس العلم يكفر سبعين مجلساً
من مجالس السوء، ولو يدري المسلم ما في مجالس العلم من خير لأتى إليها حبواً، ففيم اشتغالك فيما هو
مضمون لك مثل مسألة الرزق؟ وقد قال تعالى: "وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ
مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ
"[الذاريات:22-23].
فقال الأعرابي وهو أول مرة يسمع الآية، يسأل سيدنا عمر قائلاً:
من أغضب الحليم حتى يقسم؟ لأن هذا الأمر لا يحتاج إلى قسم من الله.
فاشتغالك فيما هو مضمون لك، وتقصيرك عما هو مطلوب منك.
ومما هو مطلوب منك، قال تعالى:" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ
يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
"[الذاريات:56-58].
وليس المعنى: أن نعبده ونترك العمل، بل نعمل بالقدر الذي لا يفضي إلى محرم، وننتقل من الكون إلى المكون،
ومن كون إلى كون، فتكون كحمار الرحى، بل نريدك أن تنتقل من الأكوان إلى المكون، قال تعالى:
"وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى" [النجم:42].

خبر نملة سليمان..
الحكومات في الدول المتخلفة تشغل الناس بأمر الرزق، فينشغلون به عن أمر الإسلام، ولك في نملة سليمان الأسوة، وأنا أكررها كثيراً من أجل مسألة العقيدة.
ونملة سليمان في قصتها عبرة، فقد قال لها: يا نملة سمعناك تحذرين إخوتك وتأمرينهم بالدخول في الجحور؟
وذلك في قوله تعالى: "ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ "[النمل:18] فالنملة:
تلتمس العذر لسيدنا سليمان، أنه إن مشى عليها فهو من غير قصد، وهذا من الأدب الذي ينبغي أن يتحلى
الناس به، فلا حقد فيها عليه، بل قالت: "وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ "[النمل:18]
يعني: هم سيدوسون عليكم غير منتبهين لكم.
ثم قال لها نبي الله: لماذا تقولين للنمل: ادخلوا مساكنكم؟ قالت: يا نبي الله! خشيت أن يرى النمل عظمتك
وعظمة جيشك فتشغل النمل لحظة عن ذكر الله.
تخاف النملة أن ينسى النمل ذكر الله لحظة.
أعجب سيدنا سليمان بها جداً وقال لها: تعالي إذاً يا رئيسة النمل، وسليمان كما قال الله عنه:
"عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ "[النمل:16] أي: يكلم الحشرات ويسمعها، ويحكى أن عصفوراً رآه سيدنا سليمان وهو
يغازل عصفورة، وقال لها: لو أردت لحملت لك عرش سليمان بمنقاري، قالت: نعم، فضحك سليمان عليه السلام
وقال: كم يزين العشق للعاشقين كلاماً.
ثم قال سليمان للنملة: تعالي يا نملة، كم يكفيكِ من الطعام في العام؟ فقالت: يا نبي الله! حبتان من القمح،
فتعجب سليمان عليه السلام من ذلك، فأعطاها حبتين من قمح في قارورة، فرجع لها بعد سنة، قالت:
يا نبي الله! عندما كان رزقي على الله كنت أعلم أنه لن ينساني، فكنت آكل الحبتين، وعندما صار رزقي محصوراً
بين يدي مخلوق قد ينسى فكنت أصوم يوماً وأفطر يوماً، فأكلت حبة وأبقيت الأخرى.
إذاً: فمن كان رزقه على الله فلماذا يحزن، ما الذي يحزنه؟ وقد كتب ربنا لك الرزق وأنت في بطن أمك، فلا تشغل بالك بالرزق، ولكن اشغله بطاعة الله، وفي الحديث القدسي:
(من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل مما أعطي السائلين).
هذا وبالله التوفيق حديثنا عن أمر الشفاعة والحلقة القادمة إن كنا من أهل الدنيا إن شاء الله سوف تكون ..
عن الصراط.











عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..