عرض مشاركة واحدة
قديم 27-03-2013, 03:04 PM
المشاركة 2

  • غير متواجد
رد: سلْسلة الدّار الآخرة - ما هي أسباب دخول الجنة ( 25)







بيان حقارة الدنيا وضعف كيد الشيطان

والله عز وجل يقول للجنة: (طوبى لك منزل الملوك) والرجل المتربة يصير ملكاً في الجنة؛ لأن الجنة لا حزن فيها ولا ألم ولا أسى ولا لغو ولا بلايا.
والدنيا دار بلاء لا دار جزاء، والله ما نظر إلى الدنيا منذ أن خلقها، ولو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها جرعة ماء، والدينا يكفينا منها أن فيها الحزن على الماضي، والخوف من المستقبل، وفيها إبليس، وإبليس يعد الناس الفقر، ويأمرهم بالسوء والفحشاء، وأن يقولوا على الله ما لا يعلمون، وقد سئل الحسن البصري : ماذا تصنع مع الشيطان؟! فتبسم وقال: وما الشيطان؟ لقد أطيع فما نفع، وعصي فما ضر.
وربنا قال: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا [النساء:76]، والله سبحانه لم يجعل له سبيل إلا على الذي قد اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم والعياذ بالله.

بيان طريق الجنة

وإن الطريق إلى الجنة طريق واحد، قال تعالى: وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ [الجن:16]، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (تركتكم على المحجة البيضاء)، وهو الطريق الممهد الواحد، (تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك) فالرسول صلى الله عليه وسلم تركنا وقد وضح لنا الأمور. والمرأة الأوروبية عالمة الفلك الألمانية الشهيرة التي أسلمت في سنة خمسه وستين قالت: عجبت لنبيكم محمد، ما ترك شيئاً إلا ووضحه لكم وبينه! حتى آداب دورة المياه قد حدثكم عنها! فقال: ادخل بالرجل الشمال، واستعذ بالله، واقعد من ناحية الشمال، ونظف جيداً، ثم توضأ، فتخرج طاهراً، ولا تتبول في شقوق الأرض، فالرسول صلى الله عليه وسلم يخاف عليك إلى هذه الدرجة، وهو أحن عليك من أبيك وأمك، فقال: (لا تتبول في شقوق الأرض)، خوفاً من أن يكون فيها حشرات أو شيء يضرك، ولا في الأرض الصلبة؛ حتى لا يرجع الرشاش عليك وينجس ثيابك، فهو يخاف على ثيابك.
فهذا حنين قوي، وقد قال الله له: يا محمد! أنجعل إليك حساب أمتك؟ قال: يا رب! بل أكلهم إليك، فأنت أرحم بهم مني. فيا شقاء من ابتعد عن حنان الحبيب المصطفى! وقد كان إذا أراد أن يؤدب خوف بالسواك، وقد خدم أنس النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين يأتي له بوضوئه وما يحتاج إليه، و عبد الله بن مسعود كان يحمل نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعندما كان يغضب الرسول صلى الله عليه وسلم من أنس يقول: يا أنيس ! ويهز له السواك هكذا، لولا مخافة القصاص يوم القيامة لأوجعتك ضرباً بهذا السواك. ولما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنساً إلى السوق ليشتري أقطاً -وهو مثل الجبنة، واللبن الرايب الناشف- فذهب فوجد في الطريق صبياناً يلعبون فجلس يلعب معهم فضاع منه المال، فخاف الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون قد تاه، وهو أمانة عنده، فأمه أتت به ليخدم الرسول صلى الله عليه وسلم، ويتعلم منه العلم، ويرق قلبه، فذهب يبحث عنه فوجده يلعب مع الصبيان، فأمسكه من قفاه، وقال : (يا أنيس ؟! أين الأقط؟) فارتبك أنس وخاف، وقال له: إنه ضاع منه المال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي الله بخير منها يا أنس! فأكمل لعبك واتبعني إلى البيت.
فلماذا لا نتعلم الأدب من أستاذ الأدب؟ فهو هنا يقول: أنت أرحم بهم مني، فإذا بالعلي القدير يقول: يا جبريل! نبئ محمداً وقل له: إننا لن نخزيه في أمته أبداً، فهذه أمثلة لرحمته صلى الله عليه وسلم، والله عز وجل أنعم علينا بهذه النعم: نعمة الهداية، ونعمة مجالس العلم، ونعمة القرآن، فننظر إليها على أنها نعمة من المنعم المتفضل سبحانه، ونستخدم هذه النعمة في إرضائه سبحانه وتعالى، وأين ما يهديه إليك البشر مما يهديه إليك رب البشر؟ ولو جاء عبد من عباد الله إلى باب أحد منكم يسأله فلساً أو فلسين لم يعطه، ولو سأل الله الجنة لأعطاها له، وأمة محمد صلى الله عليه وسلم فيها خير وهي مثل المطر، لا يدرى الخير في أولها أم في آخرها؟ فلا طريق إلى الجنة إلا طريق واحد، وهو طريق كتاب الله وسنة حبيبه صلى الله عليه وسلم.

إغواء الشيطان لآدم في أكل الشجرة
قال تعالى: وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ [البقرة:35]، فكلها حلال ما عدا هذه الشجرة، والذي يشرب الخمر -ربنا يعافينا وإياكم- عنده ألف مشروب حلال، ولكنه يأتي إلى الحرام ويعمله، وربنا سبحانه وتعالى ما حرم شيئاً إلا وأعطاك بديلاً حلالاً، فحرم الفواحش وأعطاك الزواج، وحرم الربا وأحل البيع، وحرم الخمر وأحل كل المشروبات الباقية، وحرم الميتة ولحم الخنزير وأحل لحوم كل الحيوانات، ما عدا السباع فما حرمه الله قليل، وهذا نفس قضية أبينا آدم ، فقد قال له الله: كل مما تريد أنت وزوجتك إلا هذه الشجرة، وكل شيء على الحل والإباحة، إلا ما جاء نص بتحريمه، فجلس أبونا آدم وأمنا حواء في هذه الجنة، ووسوس إليهما الشيطان، فأتى إبليس هو أول حسود وحاقد ومتكبر إلى أبينا آدم من مدخل غريب فقال: مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ [الأعراف:20]. يعني: لو أكلت يا آدم! أنت وحواء من هذه الشجرة حصل لكما واحدة من اثنتين: فإما أن تكونا ملكين من الملائكة، وكل إنسان فينا يتمنى أن يصير ملكاً، وعندما تجد شخصاً فاضل الأخلاق متواضعاً في ألفاظه طيباً ودوداً تقول: فلان هذا ملك، ولذلك صويحبات يوسف: وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ [يوسف:31]، أي: من شكله ومن حيائه؛ لأن المتبجح تلقاه شيطاناً، ولكن المؤمن حيي، وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يعظ أخاه في الحياء فقال له: (دعه فإن الحياء من الإيمان)، فالذي عنده إيمان عنده حياء، والذي ليس عنده حياء ليس عنده إيمان، والمرأة الموظفة التي تلبس إلى ركبتها وتجلس واضعة رجلاً على رجل وسط الموظفين وزميلها يولع لها السجارة ليس عندها حياء وإيمان. وقد كان عند بناتنا حياء العذارى، فلو سمعت طلبها للزواج احمر وجهها وهربت إلى غرفتها وجلست تبكي. والحياء ثمرة من ثمار الإيمان، فالإنسان الحيي مؤمن، والإنسان الذي ليس عنده حياء شيطان. قال تعالى: إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ [الأعراف:20] يعني: تخلد فلا تموت، وكلنا نحرص على الحياة، ونريد أن يمتد بنا الأجل. قال تعالى: وَقَاسَمَهُمَا [الأعراف:21] حلف لهما وأقسم لهما: إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ [الأعراف:21]. وقد قال ابن سيدنا آدم لأبيه آدم: يا أبت! أتطيع الشيطان وتعصي الرحمن، قال: يا بني! ما ظننت أن أحداً يقسم بالله كاذباً. واليوم الواحد يحلف ويحلف وهو يعلم أنه كاذب، وهذا القسم والعياذ بالله هو اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في النار والعياذ بالله، ولا كفارة لها. فإبليس دخل إلى أبينا آدم وأمنا حواء الجنة، وحلف لهما إذا أكلا من الشجرة فسيخلدان، فبدت لهما سوءتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة. قال تعالى: قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا [البقرة:38] أي: أنزلوا إلى الأرض منها بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ [طه:123].

الأدلة على أن الجنة التي كان فيها آدم ليست جنة الرضوان
والجنة التي دخل فيها أبونا آدم ليست هي الجنة التي يدخلها المؤمنون يوم القيامة،
ولنا خمسة عشر دليلاً على ذلك، منها على سبيل المثال: كيف إبليس يدخل الجنة،
وكيف يطرد أبونا آدم منها، وجنة الرضوان التي وعد المتقون لا يعصى الله فيها؟
فجنة الخلد التي وعد المتقون لا يدخلها الشيطان، وهذه الجنة دخلها الشيطان، وجنة
الرضوان التي يدخل الله فيها عباده لا حزن فيها ولا كآبة، وأبونا آدم لما أكل من الشجرة
حزن وندم، والندم هذا ألم نفسي، والجنة لا حزن فيها.
والجنة التي وعد المتقون ما هم منها بمخرجين، ولكن آدم أخرج وحواء من الجنة.
وهناك أدلة أخرى من الكتاب والسنة تدل على أن هذه الجنة التي دخلها أبونا آدم وأمنا
حواء ليست جنة الرضوان، إنما هي جنة أخرى فيها جميع مقومات الحياة، من أكل وشرب،
وليس فيها شغل ولا تعب ولا حاجة وهذا كما إذا جاءك ضيف ووضعت له الأكل والشرب في
الثلاجة وقلت له: انظر هذا هو البوتجاز، وهذه الثلاجة، وهذا الماء، وهذه دورة المياه، وهذه
الفوطة، وهذه السجادة، ثم تركته وقلت:
قد عملت له كل الفروض التي يستطيع أن يقيم بها حياته. هذه هي النقطة الأولى.
والنقطة الثانية: يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرحته بنا:
(لكظيظهم على أبواب الجنة أحب إلي من شفاعتي
والشفاعة هي فخر للرسول صلى الله عليه وسلم، وهي المقام المحمود، ورغم ذلك يقول:
أنا فرحتي بزحمة أمتي على أبواب الجنة أحسن لي وأحب لي من الشفاعة؛
لأن ثمرة الشفاعة دخول الجنة، والثمرة أحسن من الفعل. وأنت عندما تجد المساجد مزدحمة،
والناس بعضهم يصلون على ظهر بعض، ومزدحمين عند الباب في الدخول وفي الخروج تفرح؛
لأن هذه صورة من صور رحمة الله سبحانه، لأنه كلما كثر العدد كثر احتمال وجود صالح، ونظرية
الاحتمال أو الاحتمالات تقول: لو كثر العدد كثر احتمال وجود صالح أو صالحة يستجاب الدعاء من أجله.
وحج عطاء بن أبي رباح فلما كان في الموقف نظر إلى الناس وقال:
لولا أن عطاء بينكم لقبل الله أهل الموقف، فنام عشرة من المريدين في هذه الليلة في مزدلفة
فرأوا في النوم أن القيامة قد قامت، ومناد ينادي: قد قبل الله أهل الموقف في هذا اليوم من أجل
عطاء بن أبي رباح.

بيان أن أصحاب كل عمل يدخلون الجنة من باب
وكل صنف يدخل الجنة من باب، ولهم قائد يقودهم، فالمجاهدون في سبيل الله أو الشهداء سيدخلون من باب
الشهداء يقدمهم الحمزة بن عبد المطلب أمامهم رافع الراية، وكل شهيد يمشي وراء حمزة ، وقد سئل الرسول
صلى الله عليه وسلم أصحابه: (ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: من استشهد في سبيل الله يا رسول الله! قال: إن شهداء أمتي إذاً لقليل، الشهداء سبعة: الحرق والغريق وصاحب الهدم والمبطون والمطعون والمجاهد في سبيل
الله والمرأة تموت بجمع
).
فالحرق هو: الذي مات محروقاً، كأن احترق عليه البيت بدون قصد، والغريق: الذي مات غرقاً، والمبطون:
الذي مات من استقاء أو من مرض خبيث أو سرطان أو غيره، اللهم اشفي مرضانا ومرضى المسلمين، فيصبر
كل مريض على ما ابتلاه الله به. والمرأة تموت في نفاسها، فكل هؤلاء شهداء، والحمد لله. والشهداء درجات.
قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]. فالإنسان الذي يصلي ويؤدي حقوق الله
ويتقي الله ويحصل له هذا الابتلاء يكون شهيداً. وأما شخص لا يصلي ولا يصوم ثم تقول:
مات المرحوم، فمن أعلمك أنه مرحوم؟ فأنت كذاب تتألى على الله، فمن أعلمك أنه قد رحمه الله؟ فهل أعطاك
ضماناً أو آتاك جواباً؟ فقل: رحمه الله في الدنيا والآخرة.
وأما المرحوم أو المغفور له فلان الفلاني وكتابة ذلك على الجبانة هكذا أو على الضريح أو على المقابر فلا.


فضل الشهادة في سبيل الله
والشهيد يبعث يوم القيامة جرحه يشخب دماً، اللون لون دم، والريح ريح مسك، ومن لم يحدث
نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق.
يعني: كأن تقول في نفسك: لو أنهم ينتدبوننا لنحرر بيت المقدس، ونحارب ونخرج الاستعمار
من البلدة الفلانية المسلمة.
فهذا حديث النفس، أن تحدث نفسك بالجهاد، وهذا أمر مهم، فيجب أن تحدث نفسك بالغزو،
فمن مات ولم يغز أو يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق. ومن خرج ليتعلم العلم
فهو في سبيل الله حتى يرجع، وسيدنا أنس بن النضر رضي الله عنه يقول:
والله إني لأشم رائحة الجنة من دون أحد، وصحابي آخر يقول: يا رسول الله!
إن قاتلت صابراً محتسباً فقتلت، أأدخل الجنة؟ قال: نعم، فقال:
عجباً، ثلاث تمرات تؤخرني عن دخول الجنة! فرمى بهن ودخل في سبيل الله مقاتلاً محتسباً،
فرزق الشهادة. ومن رابط في سبيل الله ليلة حرم الله عليه النار.
وسيدنا أبو هريرة خرج ليلة فبحث عنه الصحابة فلم يجدوه، ثم جاء في الفجر إلى الجامع فسألوه:
أين كنت يا أبا هريرة ؟! فقال: كنت أحرس حدود المدينة. وفي الجنة باب يسمى باب الريان يدخل
منه الصائمون، وباب للعلماء وقائدهم سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه، فهو حامل راية العلماء
يوم القيامة، وهذا تشريف عظيم، فهو ليس إمام العلماء من أمة محمد صلى الله عليه وسلم،
بل والعلماء من جميع الأمم يأتون تحت راية معاذ بن جبل رضي الله عنه. وللصابرين باب، ويأتون
تحت قيادة سيدنا أيوب عليه السلام.










عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..