عرض مشاركة واحدة
قديم 22-08-2014, 09:05 PM
المشاركة 16
  • غير متواجد
رد: سلسلة ( زاد المعاد في هدي خير العباد) الجزء لثاني
بسم الله الرحمن الرحيم



سلسلة ( زاد المعاد في هدي خير العباد) 56



ملابسه صلى الله عليه وسلم 10



مخدته :



وكانت مِخَدَّتُه صلى الله عليه وسلم من أَدَمٍ حَشوُهَا لِيف، فالذين يمتنعون عما أباح اللَّهُ مِن الملابس والمطاعم والمناكح تزهُّداً وتعبُّداً، بإزائهم طائفةٌ قابلوهم، فلا يلبَسُون إلا أشرفَ الثياب، ولا يأكلون إلا ألينَ الطعام، فلا يرون لَبِسَ الخَشنِ ولا أكله تكبُّراً وتجبُّراً، وكلا الطائفتين هديُه مخالِفٌ لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا قال بعض السلف: كانوا يكرهون الشهرتين من الثياب: العالي، والمنخفضِ.



وفي ((السنن)) عن ابن عمر يرفعه إلى صلى الله عليه وسلم:



((مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ، أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ، ثُمَّ تَلَهَّبُ فيه النَّارُ))
وهذا لأنه قصد به الاختيال والفخر، فعاقبه اللّه بنقيضِ ذلك، فأَذَلَّه، كما عاقب من أطال ثيابه خُيلاء بأَن خسف به الأرض، فهو يتجلجلُ فيها إلى يوم القيامة.
وفي ((الصحيحين)) عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:



((مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ،لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ))
وفي ((السنن)) عنه أيضاً صلى الله عليه وسلم قال: ((الإِسْبَالُ في الإِزَار، وَالقَمِيصِ وَالعِمَامَةِ، مَنْ جَرَ شَيْئَاً مِنْهَا خُيَلاَءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ))
وفي ((السنن)) عن ابن عمر أيضاً قال: مَا قَال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإِزَارِ، فَهُوَ فِي القَمِيصِ، وكذلك لُبس الدنيء من الثياب يُذَمُّ في موضع، ويُحمد في موضع، فيُذم إذا كان شُهرةً وخُيلاء ويمدح إذا كان تواضعاً واستكانة، كما أن لبس الرفيع من الثياب يُذم إذا كان تكبُّراً وفخراً وخيلاء، ويُمدح إذا كان تجملاً وإظهاراً لنعمة اللّه، ففي ((صحيح مسلم)) عن ابن مسعود قال: قال رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم:



((لا يَدْخُلُ الجَنَةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كبْرِ، وَلاَ يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إيمَانٍ))، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُول َاللَّهِ إنِّي أُحِبُّ أَن يَكُونَ ثَوْبِي حَسَنَاً، وَنَعْلِي حَسَنَةً، أفَمِنَ الكِبْرِ ذَاكَ؟ فَقَالَ:



((لا، إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ، الكِبْرُ: بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَاسِ)).



زاد المعاد في هدي خير العباد



للإمام العلامة شيخ الإسلام ابن قيم الجوزية