بسم
الله الرحمن الرحيم
أمنية رسول
الله صلى
الله عليه وسلم
ما تمنى رسول
الله صلى
الله عليه وسلم شيئا من الدنيا ، وإنما تمنى ما له علاقة بمنازل الآخرة ، بل برفيع المنازل ، وعالي الدرجات .
فقال
عليه الصلاة والسلام : والذي نفس
محمد بيده لولا أن يشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل
الله أبدا ، ولكن لا أجد سعة فأحملهم ، ولا يجدون سعة ، ويشق عليهم أن يتخلفوا عني ، والذي نفس
محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل
الله فأقتل ، ثم أغزو فأقتل ، ثم أغزو فأقتل . رواه البخاري ومسلم .
هذه كانت أمنية رسول
الله صلى
الله عليه وسلم .
وإذا كانت النفوس كبار = تعبت في مرادها الأجسامُ
أما إن رسول
الله صلى
الله عليه وسلم كان أشجع الشجعان حتى إنه ليحتمي به صناديد الأبطال عند اشتداد النِّـزال
قال البراء رضي
الله عنه : كنا والله إذا احمر البأس نتقي به ، وإن الشجاع مـنـّا للذي يحاذي به ، يعني النبي صلى
الله عليه وسلم . رواه مسلم
وقال عليّ رضي
الله عنه : كنا إذا احمرّ البأس ، ولقي القوم القوم ، اتقينا برسول
الله صلى
الله عليه وسلم ، فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه . رواه الإمام أحمد وغيره .
من هنا كانت أمنية رسول
الله صلى
الله عليه وسلم عالية ، كانت منزلة رفيعة ، ألا وهي الشهادة في سبيل
الله .
وليست مرة بل مرّات
تأمل :
" والذي نفس
محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل
الله فأقتل ، ثم أغزو فأقتل ، ثم أغزو فأقتل "
وفي رواية للبخاري :
والذي نفسي بيده وددت أني أقاتل في سبيل
الله فأقتل ، ثم أحيا ثم أقتل ، ثم أحيا ثم أقتل ، ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا .
وما ذلك إلا لكرامة الشهيد والشهادة على
الله .
ولذا لما قُتِل من قُتِل من أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم يوم أُحد ولقوا ربهم تبارك وتعالى ، فسألهم : ماذا يُريدون ما اختاروا غير العودة للدنيا من أجل أن يُقتلوا في سبيل
الله مرة ثانية .
لما قُتل عبد
الله بن عمرو بن حرام يوم أحد قال رسول
الله صلى
الله عليه وسلم : يا جابر ألا أخبرك ما قال
الله عز وجل لأبيك ؟ قلت : بلى . قال : ما كلم
الله أحداً إلا من وراء حجاب ، وكلّم أباك كفاحا ، فقال : يا عبدي تمنّ عليّ أعطك . قال : يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية ! قال : إنه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون . قال : يا رب فأبلغ من ورائي ، فأنزل
الله عز وجل هذه الآية ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .
وقال
عليه الصلاة والسلام : لما أصيب إخوانكم بأُحد جعل
الله عز وجل أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش ، فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن منقلبهم قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون بما صنع
الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ، ولا ينكلوا عن الحرب . فقال
الله عز وجل : أنا أبلغهم عنكم ، فأنزل
الله عز وجل هؤلاء الآيات على رسوله ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
فأي كرامة يُكرم
الله عز وجل بها الشهيد الذي قُتِل في سيل
الله لإعلاء كلمة
الله ؟
قال
عليه الصلاة والسلام :
للشهيد عند
الله عز وجل سبع خصال :
يُغفر له في أول دفعة من دمه .
ويرى مقعده من الجنة .
ويُحلى حلة الإيمان .
ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين .
ويُجار من عذاب القبر ، ويأمن من الفزع الأكبر .
ويوضع على رأسه تاج الوقار ، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها .
ويشفع في سبعين إنساناً من أقاربه . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وهو في صحيح الجامع.
فأي كرامة فوق هذه الكرامة ؟
وأي فضل فوق هذا الفضل سوى رؤية وجه الرب سبحانه وتعالى ؟
ولما سُئل رسول
الله صلى
الله عليه وسلم : ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد ؟ قال : كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة . رواه النسائي .
تلك كانت أمنية رسول
الله صلى
الله عليه وسلم ، وهو
عليه الصلاة والسلام لا يتمنى إلا ما كان يُقرّبه إلى
الله عز وجل .
فهل نتمنى ما تمناه رسول
الله صلى
الله عليه وسلم ؟
أما إنها لو كانت أمنية صادقة لكفى .
قال صلى
الله عليه وسلم : من مات ولم يغز ، ولم يحدث به نفسه ، مات على شعبة من نفاق . رواه مسلم .
وقال
عليه الصلاة والسلام : من سأل
الله الشهادة بصدق بلّغه
الله منازل الشهداء ، وإن مات على فراشه . رواه مسلم .
وأختم بوصية الصِّدِّيق رضي
الله عنه : احرص على الموت توهب لك الحياة .
وإن تعجب فاعجب لمن قال تلك الكلمة ؟
لقد قالها أبو بكر رضي
الله عنه لسيف
الله المسلول رضي
الله عنه .