الأمل و القرآن ( اجتهاد شخصي)
معنى الأمل
الأمل هو الرابط القوي شيد الإنسان إلى الحياة فيكسبها هدفا و معنى .
و قد يتجاوز حياة الدنيا ليتعلق بالآخرة من خلال الثقة في العدل اللاهي و الرجاء في ثوابه و رحمته.
للأمل قيمة كبرى في حياة الإنسان..
لأنه ينقذ من التفاهة و الإحباط و يزود بالقوة و الصحة و يدفع إلى أعمال ناهضة بالحياة مفعمة بالرجاء.
معنى الصحة النفسية
تعني وجود انسجام بين عناصر و مقومات الذات الإنسانية
بحيث تنتظم في كيان نفسي واحد يحقق توازن الشخصية و تكامل جوانبها.
و مصطلح الصحة النفسية يستخدم في مقابل المرض النفسي الذي يتميز بوجود صراعات داخلية.
بعض الظواهر النفسية و الاجتماعية
التشاؤم
هو نزعة سلبية تجعل الإنسان يميل دائما إلى الجانب السيئ كل شئ
كما يبدي موقفا عدائيا تجاه الآخرين.و يكون قاسيا في الحكم عليهم.
و من آثار التشاؤم إلغاء دور العقل و الميل إلى العزلة و الانطواء.
الجنوح
هو الميل للقيام بأعمال مخالفة للدين و القانون و الأخلاق.
و من أبرز أسبابه تفكك العلاقات الأسرية , الجهل و الفقر و الخصاصة , الفشل الدراسي.
أثر الإيمان في ضمان الصحة النفسية
أثر العقيدة
للإيمان دور كبير في تحقيق توازن الشخصية و تكامل جوانبها
لأنه يمده بأعظم البواعث و الغايات , يسلحه بأنجع الوسائل لمقاومة اليأس و التردد و هو خير علاج للأمراض النفسية كالهم و الحزن و الخوف و الحيرة ( المؤمن لا يخاف شيئا لأنه يدرك أن الرزق و الأجل ببيد الله)
قال تعالى ( الذي خلقني فهو يهديني والذي هو يطعمني ويسقين واذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين ) الشعراء 80
و الإيمان ملجأ الإنسان في كل الأحوال أي في الشدة و اليسر
قال من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم :
عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛
إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له . رواه مسلم .
أثر العبادة
للعبادة أثر كبير في تهذيب النفوس و تطهير الضمائر و القلوب
و مساعدة الإنسان على التخلص من الإمراض و العقد النفسية
من خلال ممارسة العبادات و التوجه إلى الله بمختلف الطاعات كالدعاء و الاستغفار و التسبيح.
و العبادة توثق الصلة بين الإنسان و ربه فيحسن الظن به و يتوكل عليه و يفوض الأمر إليه.
قال تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28)
فلنتفكر في دور الأمل في الحياة..
ما لنا في هموم الحياة و أحزانها ؟؟
فلندع الألم جانبا و لنتسلق بخطوات ثابتة جبل الدنيا ..
و لنتجاهل صرخات اليأس و لنسبح في فضاء النور و الجمال و الحق بكل ما في شبابنا
من قدره و قوة و حياة ..بكل ما يحتويه إيماننا من حماس
إلى أي مدى يحرك القرآن وعي الإنسان ليكون فاعلا في الحياة و الكون ؟
موقع الأمل في القرآن الكريم
تعني فكرة الأمل الحركية و عدم الاستقرار على حال واحده سواء بالنسبة للفرد أو الجماعة ..
إذ فيها إشارة إلى التجديد المستمر و الحركة الدائمة التي يصنعها الإنسان
بما خلق فيه من أمل و رغبة في التغيير..
و بهذه الفكرة , يحرص القرآن على بناء إنسان فاعل قادر على مقاومة نوازع اليأس و الإحباط, متحرر من القيود و العقد
من الآثار الايجابية لهذه الفكرة أنها
تدفع لمزيد البناء و التغيير ,
تفتح للإنسان آفاقا رحبة من التفاؤل و الأمل و التجدد ,
كما قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في خطبته لما ولي الخلافة : أيها الناس ، إن لي نفسا تواقة لا تعطى شيئا إلا تاقت إلى ما هو أعلى منه ، وإني لما أعطيت الخلافة تاقت نفسي إلى ما هو أعلى منها وهي الجنة))ابن كثير البداية و النهاية ج 9 ص 226
تأسس لوضوح الرؤية و الأمل ,
تدفع الإنسان إلى التقرب من الله بمجاهدة النفس
في سبيل بلوغ الكمال الإنساني و تحقيق التوازن النفسي.
قال تعالى : يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ( 87 )
الأمل بهذا المعنى هو فكرة محورية في التصور القرآني
لأنه يدفع الإنسان إلى تحقيق توازنه فيسعى بدافع من صدق إيمانه و توكله على خالقه إلى نشر قيم الخير في الكون و الطموح إلى الرقي المادي و الروحي.
قال الله تعالي :(( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ))
مظاهر الأمل
التوبة بعد المعصية*
تعتبر التوبة من أبرز المفاهيم التربوية التي تحفظ روح الأمل
و تجدد عناصر الرجاء و تبعث الثقة و التفاؤل عند أصحاب الذنوب .
قال تعالى {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}[الشورى: 26،25].
اليسر بعد العسر
إن تحلي الإنسان بروح الأمل و التفاؤل يجعله قادرا على مواجهة الصعوبات
و تحمل أعباء الحياة كما يعوده على الصبر و الشجاعة و الثبات فتهون الشدائد و تفرج الكروب
و يتحول العسر إلى يسر.
قال تعالى (لاَ تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (الطلاق: 1)
و يقول جل في علاه{سيجعل الله بعد عسر يسرا}الطلاق 7
النجاح بعد الفشل
إن الأمل يغذي النفس و يكسب الإنسان فاعلية
و يمده بالقوة و يعلمه إن الحياة لا تتوقف عند الخيبة فيدفعه لتجاوز الفشل
و تحقيق النجاح إلى أساس من قوة الإرادة و العزيمة الثابتة.
الحياة بعد الموت
إن فكرة الأمل تضفي على الوجود الإنساني قيمة كبرى
لأن الإنسان المؤمن يدرك أن الموت بداية و ليس نهاية .. و هو هدف و ليس غاية ..
هو طريق لحياة أخرى خالدة لا تنتهي ..
الأمل بهذا المعنى يحقق الاستقامة في السلوك و العمل و ليشعر الانسان بمراقبة الله له
فيلتزم بأوامره و يبتعد عن نواهيه و ذلك كفيل بتحقيق السعادة في الدنيا و الآخرة.
قوله تعالى : الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور
موقع الأمل في حياة الأنبياء و الصالحين
أم موسى نموذجا للأمل و الأمن النفسي
قال تعالى (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)
أيوب عليه السلام نموذج الأمل و الصبر
فأيوب ابتلاه ربه بدون ذنب , و قابل الابتلاء بالصبر و استحضر الأمل في الله تعالى.
العلاقة بين الامل و التوكل
هناك علاقة جدلية بين الأمل و التوكل
إذ أن الأمل لا يكون له أي قيمة إلا إذا ارتبط بالتوكل
و في ظل غياب التوكل يفقد الأمل لأن التوكل يؤسس للثقة في الله
و الرجاء في ثوابه كما يدفع الإنسان للأخذ بالأسباب و التأهب المستمر للقيام بالفعل
و التسلح بالإرادة القوية و العزيمة الثابتة
مما يحول الضعف إلى قوة و الفشل إلى نجاح و القلة إلى كثرة .
هذا الطرح اجتهاد شخصي مني
أسأل الله أن يكون خالصا لوجهه الكريم
و ان يجعله في موازين حسناتي
دمتم بود
جووود
|
hgHlg , hgrvNk ( h[jih] aowd)
التعديل الأخير تم بواسطة جووود ; 15-11-2010 الساعة 09:06 PM