عرض مشاركة واحدة
قديم 22-05-2013, 01:11 AM
المشاركة 2

  • غير متواجد
رد: سلْسلة الدّار الآخرة - الجنة وعباد الرحمن [1] ( 29)







أهمية مراقبة الله سبحانه وتعالى
كذلك مراقبة العبد لله؛ ولذلك ربنا يقول: وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ [الرحمن:46] جنة لأنه رجا رحمة الله، وجنة لأنه خاف من عقاب الله: (ولمن خاف مقام ربه)، مقام الله هل هو مثل مقام سيدنا الولي؟ لا، مقام الله: كل ما أقامك الله فيه فإن الله مطلع عليك، فأنت تخاف في كل مقام أن يراك الله على معصية، فهو ناظر إليك في كل وقت وحين،
لا يراك على معصية؟ لأن أعمالنا تعرض على الله عرضين في اليوم، وعرض أسبوعي، وعرض سنوي، كيف؟
سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم وجده الصحابة يكثر من صيام يومي الإثنين والخميس، فقالوا له:
لماذا يا رسول الله؟ الدراويش الذين لا يعرفون علم الحديث يقولون لك: يوم الإثنين هذا يوم ولد فيه المصطفى، فالدرويش يقول لك: هذا دليل على أنه كان يحتفل بيوم ميلاده. قيل لـعمر بن الخطاب : مالك تلبس ثياباً مقطعة؟ ومالك تأكل العيش والملح؟ قال: لقد كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خادمه وجلوازه -الجلواز: العسكري-
إن شاء أرسلني أرسلني، وإن شاء غمدني غمدني، جاعله مثل السيف، حتى قبض وهو عني راضٍ وأنا بذلك أرضى، ثم جاء من بعده أبو بكر فكنت خادمه وجلوازه إن شاء أرسلني أرسلني، وإن شاء أغمدني أغمدني، حتى
قبض وهو عني راضٍ، وأنا بذلك أرضى، وأخاف إن بدلت أو غيرت ألا ألحق بهما في الجنة! دخل عمر الشام فلقيه الأمراء وأخبروه بطاعون عمواس، بلد اسمها عمواس والطاعون منتشر فيها، فاستشارهم عمر :
هل نمكث أو نخرج؟ فانقسم الصحابة إلى قسمين، فبعضهم قال: توكل على الله، فما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا، وبعضهم قالوا: لا ندخل، يقول تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195]، فجاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وقال: يا أمير المؤمنين! سمعت أذناي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(إذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها، وإذا كان بأرض ولستم بها فلا تدخلوها)، قال: صدق رسول الله، وعاد من
فوره استناداً لقول الحبيب صلى الله عليه وسلم. فالرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا فلا داعي للفلسفة
يأتي قول: هل الحديث صحيح أم أنه ضعيف؟ يا أخي! العالم هو الذي يقف ويتحمل وزرك ووزر الذين وراءك،
يعني: يتحمل الوزر على قنطرة تعبر بها أنت إلى الجنة ويسقط هو في قعر جهنم، العلم أمانة، ويجب أن من
تولى أمر العلم وتولى تعليم الناس أن يتقي الله رب العالمين، اللهم اجعلنا من أهل التقوى يا أكرم الأكرمين!
فلما سئل رسول الله عن صيام يوم الإثنين والخميس قال:
(هذان يومان يعرض عملي على الله فيهما، وأنا أحب أن يعرض عملي على الله وأنا صائم)، وهذا هو العرض الأسبوعي. وهناك عرضان للأعمال في اليوم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل والنهار، فملائكة الليل تسلم أعمال النهار وقت صلاة العصر بعد انصراف الإمام ثم يسأل الله الملائكة: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون، وفي صلاة الفجر: كيف تركتم عبادي؟ يقولون:
تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون، قال: أشهدكم يا ملائكتي أني قبلت عبادتهم، وغفرت ذنوبهم،
ورضيت عنهم
). هذا هو العرض اليومي.
فلا بد أن تعلم أن هناك عرضين: في اليوم، وفي الأسبوع كذلك يوم الإثنين ويوم الخميس يعرض العمل على الله سبحانه وتعالى وهو العمل الإجمالي، أما التفاصيل فإن الله يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين، يراك نائماً
ويقظان، وجالساً ومضطجعاً، ومتحركاً وساكناً، ومحبوساً وطليقاً، وحزيناً وفرحاً، في كل حالة وفي كل حين،
لا تخفى عليه خافية. كذلك في كل شهر أيام مفضلة عند الله، وهي الأيام البيض:
ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر، ففي نصف الشهر كذلك عرض للعمل فتصوم هذه الأيام، فيكون هذا
عرضاً آخر، كذلك شعبان شهر يغفل عنه الناس -بين رجب ورمضان- تعرض فيه أعمال الأمة، وهذا عرض سنوي!
إذاً: من أصبح وأمسى ولسانه رطب بذكر الله أصبح وأمسى وليس عليه خطيئة قال تعالى:
إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114]؛ لأنك متقلب في نعم الله الثلاث التي قلنا عليها قبل ذلك، نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد. فاللهم اشحن قلوبنا بالخير والطاعة يا رب العالمين.

صفات عباد الرحمن
لقد قلنا: إن لعباد الرحمن ثلاث عشرة صفة، شرحنا.. منها خمس صفات.

من صفات عباد الرحمن التواضع
أول صفة لهم: التواضع. قال تعالى: الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا [الفرقان:63] وعرفنا ما معنى كلمة: (هوناً)
وأنه المشي بالهداوة: سر إن استطعت في الهواء رويداً لا اختيالاً على رفات العباد رب قبر قد صار قبراً مراراً
ضاحكٍ من تزاحم الأضداد فعجباً من الأخوة الذين يرفعون قضية على بعض، ومن الرجل الغاضب من أخيه، كلهم
يوضع إلى جنب الآخر، وهذا مثل ما قال الرجل الشعبي لنفسه عندما ذهب يزور المقابر قال: ولقد قلت لنفسي
وأنا بين الحفائر هل رأيت الأمن والراحة إلا في الحفائر؟ فأشارت فإذا للدود عقد في المحاجر ثم قالت:
أيها السائل إني لست أدري انظري كيف تساوى الكل في هذا المكان وتساوى العبد مع رب الصولجان والتقى العاشق والقالي فما يفترقان ثم قالت: أيها السائل إني لست أدري! ما أعرف الحقيقة لكن يعلمها الله سبحانه وتعالى، كلهم التقوا هنا العاشق والقالي، والكاره والمحب، والفقير والغني، سبحان الله! كلهم يدفنون إلى جوار بعض، حتى الحانوتي الذي يدفن الناس فإنه سيأتي عليه يوم يدفن فيه. كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً
على آلة حدباء محمول فإذا حملت إلى شفير جثة فاعلم بأنك بعدها محمول يبقى الإنسان منا وهو متعظ بالله؛
لأنه سوف يأتي اليوم يحمل فيه، لذلك قال: أنا أمشي خلف الجنازة وأنا ساكت أتأمل، أقول: انظروا الرجل!
كان من قبل يقفز يميناً وشمالاً، ويجمع المال من هنا ومن هنا، ويعادي من أجله، على ماذا هذا كله؟!
فجأة يموت فيستريح (مستريح ومستراح منه)، انتهى الموضوع، قال تعالى:
قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ [يوسف:41]، نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة.

من صفات عباد الرحمن الصفح عن الجاهلين
قال تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [الفرقان:63].
قلنا: إن العظمة لله سبحانه وتعالى، ثم العزة لله ولرسوله وللمؤمنين من بعد ذلك بطاعة الله، كيف؟ إن قضية
التقوى والإيمان ليست أن أصلك وتصلني، فهناك أمر أكبر من هذا: أن تقطعني فأصلك، وأن تحرمني فأعطيك،
وأن تغضبني فأرضيك، وأن تجازيني فأحبك، فقد قيل للحسن البصري :
يا بصري! لو قلت لي كلمة لقلت لك عشراً، و البصري نظر إليه هكذا، فقال: وأنت لو قلت لي مائة كلمة ما قلت
لك كلمة! فهذه الكلمة كانت مصنوعة من لا إله إلا الله، ومن إيمان وتقوى، وسيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم
ربى الصحابة على الرمل والحصير فخرجوا رجالاً، الواحد منهم يزن أمة بأسرها، ولذلك قال أهل العلم: إن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما علم الصحابة المصحف، فإنما كتبه بمداد من نور على صحائف قلوبهم البيضاء، فكانوا جميعاً كأستاذهم قرآناً يمشي على الأرض، وكانوا كلهم عبارة عن: قال الله..
قال الرسول..
وكان عندهم حب عجيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ينظر سيدنا الحبيب إلى واحد من الصحابة حديث عهد بالإسلام في يده خاتم ذهب، قال: أيعمد أحدكم إلى جمرة
من نار يسور بها إصبعه؟! فأخذ هذا الصحابي الخاتم ورماه في الأرض، قال له الصحابة: خذه وانتفع به، قال:
والله لا آخذ شيئاً ألقيته أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه هي الطاعة الصحيحة، قال الله:
وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة:285].
وهذا ليس كلاماً يقال فقط، وإنما سمعنا كلاماً، وأطعنا عملاً، الولد كلما تقول له: يا ولد! ذاكر، يقول لك:
حاضر، يا ولد! ذاكر، يقول: حاضر، وأخيراً تغضب فتضربه لأنه لم يترجم (حاضر) إلى واقع عملي، وليس الإيمان
بالتمني ولا بالتحلي، ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.

من صفات عباد الرحمن كثرة السجود والقيام
قال تعالى: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64].
هذه حالة من حالات الصلاة، كان سيدنا الحبيب إذا استيقظ من الليل يذكر الله، لا يضيع ثانية واحدة، الواحد منا
عندما يتقلب يقول: آه آه يا ظهري! يا أخي! يا حبيبي! تتألم حتى في الليل، اجعل الليل لله، قل: لا إله إلا الله،
بدلاً من أن تقول: آه! قل: الله، أما: آه فقد تأثم بسببها، اصبر يا أخي، دخل رجل على عبد الله بن عباس يريد أن
يعزيه في أبيه العباس ، عم الرسول صلى الله عليه وسلم، فقعد الناس يعزون ابن عباس في أبيه..
فقال أحدهم: اصبر نكن بك صابرين فإنما صبر الرعية عند صبر الرأس خير من العباس أجرك بعده والله خير منك للعباس يعني: أنت عندما تصبر تأخذ ثواباً يكون أحسن لك من العباس؛ وقوله:
(خير من العباس أجرك بعده، والله خير منك للعباس)
يعني: ربنا أرحم العباس منك، أنت سوف تحزن عليه سبحان الله، فهكذا المؤمنون:
وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64] فلا تضيع وقتك، صل لله، بعض الإخوة أول ما يولد لهم ولد ..
يقولون: نضع له خمسة جنيهات في الشهر حلال بدون فوائد، فيأتي الوقت الذي يتزوج فيه عنده ألفين أو ثلاثة
آلاف جنيه على بعض، وهي شيء قليل وضع أولاً بأول سبحان الله! أنت بالله عليك عندما تعمل كل ليلة عشرين حسنة على مدى عشرين سنة، تأتي يوم القيامة ومعك كذا مليون حسنة، لأن الله عز وجل يقول:
وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40] والسيئة بالعكس، قال صلى الله عليه وسلم:
(من هم بسيئة وحجزه إيمانه عن فعلها كتبت له حسنة)، بعدما هم امتنع مخافة الله، فكتبت له حسنة، مع أنه
هم بالسيئة، لكنه رجع فيها عن قصد وعزيمة. لو أن شخصاً ذهب يشتري زجاجة خمر فلما ذهب وجد المحل
مقفلاً، أو وجدوه يغش في الخمر، فرجع، كتب عليه سيئة؛ لأن الأعمال بالنيات، لكن من ذهب يشتري فإذا به
يعاتب نفسه قائلاً: بعد هذا السن تصلي وتصوم، وتعرف الله، وتحضر دروس العلم، ثم تشرب بيرة؟ لا، لا..
أستغفر الله، فهذا يأخذ حسنة، فإذا هم بالحسنة وما عملها كتبت له حسنة، فإن هم بها فعملها كتبت له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، اللهم ضاعف لنا حسناتنا، وتقبلها منا يا رب العالمين!
قال تعالى: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا [الفرقان:65]
وقلنا: إن الدعاء ليس بقول نظري، وإنما لا بد أن نحول هذا الدعاء إلى عمل.










عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..