عرض مشاركة واحدة
قديم 13-04-2012, 03:26 PM
المشاركة 2

  • غير متواجد
رد: سلْسلة الدّار الآخرة -البعثْ من القبُور ويوم الْحشرْ ( 9)






أهمية عبادة الله حباً

إذاً: فالله عز وجل يريد منا أن نعبده عبادة حب؛ لأنه مدح حبيبه صلى الله عليه وسلم فقال:
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى [الضحى:6-7]. سبحان الله، هل الرسول صلى الله عليه وسلم ضل؟
أم أنت لم تتنبه لمدلولات اللغة؟ الضلال في اللغة: شدة الحب، وهو درجة من درجات الحب الكبير؛ لأن الرسول
كان بحاثة عن الحقيقة واليقين؛ بدليل أنه كان في كل شهر رمضان يختلي بنفسه قبل البعثة يبحث عن الله عز
وجل؛ وكأنه يقول: الناس الذين يعبدون هذه الأصنام ليسوا على حق فدلني عليك يا رب السماء والأرض، دلني
عليك يا من جعلت البحار زخارة بأمواجها، ونوارة بما فيها، يا من ترسل الرياح، يا من تصنع كذا وكذا، فقال له الله جل وعلا: وَوَجَدَكَ ضَالًّا [الضحى:7]
أي: شديد الحب لمعرفتنا فهديناك إلينا، وليس معناه: أن الرسول ضال بمعنى منحرف أو مخطئ، حاشى رسول الله
أن يضل بهذا المعنى.
احترام المخلوقات لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم أمر ظاهر، فهذه السيدة عائشة تقول: كنا نأتي بوحش بري
في البيت عند رسول الله، ومعنى: وحش بري، أي: غير مستأنس، فيركض ويلعب في البيت، ويقطع السجاد،
فقالت: أول ما يدخل النبي صلى الله عليه وسلم يسكن الوحش بجواره حتى يخرج، أي: لا يريد أن يعمل فوضى
يقلق بها الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام، وهذا وحش بري غير مدرب أو معلم، لكن ربنا يعلمه من أجل
حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم.
فالله من رحمته لا يسمعنا عذاب أهل القبور، ومن الذي يسمع عذاب أهل القبور؟
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( كل المخلوقات تسمع عذاب أهل القبور، إلا الثقلين الإنس والجن )
الذين هم مكلفون، لأنهم ما داموا مكلفين فلن يسمعوا عذاب أهل القبور من أجل أن تكون العبادة غيبية؛ لأن الله
مدح المؤمنين في أول البقرة فقال: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة:3]، وصل الأمر بسيدنا علي أن قال:
لو كشف عني الحجاب لما ازددت من الله قرباً، وهذا كلام مرتفع جداً، يعني: لو رفع الحجاب بين سيدنا علي وبين
ربه، لما ازداد من الله قرباً؛ ليقينه في الله عز وجل، فلا يريد إثباتات ولا براهين، ولا أدلة، وأحسن من قال:
وفي كل شيء آية تدل على أنه الواحد لذلك عمر بن عبد العزيز وهو في النزع، قالوا: قل: لا إله إلا الله، فتبسم
ونظر إلى السماء، وقال: ومتى نسيت ربي حتى تذكروني به. ذكرك في فمي جمالك في وجهي حبك في قلبي فكيف تغيب؟ ولسان حاله: كيف أنت دائماً معي وأنا معك، هذه معية الله عز وجل التي بها كل خير.

الفرق بين الصديق وأصحاب موسى

وسيدنا أبو بكر عندما ارتجف في الغار قائلاً: يا رسول الله! ما أظن إلا أن القوم قد رأونا، وما ذلك إلا لأن عينيه وقعتا
في عيني أبي جهل ، أو وقعت عينا أبي جهل في عيني أبي بكر ، فقد رآه بلا شك، فماذا يعمل الحبيب؟ هو يعرف رصيد أبي بكر الإيماني، فقال له: (لا تحزن يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين الله ثالثهما)
أي: فمن الذي يغلبهما؟ وانظروا الفرق بين أبي بكر وبين أصحاب موسى عند أن قالوا:
إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [الشعراء:61]،
ولذلك حديث الدار الآخرة مهم للعقيدة، من أجل أن الذي يخاف من غير الله لا يخاف إلا منه سبحانه، فالطالب الذي
دخل الامتحان أو الموظف الذي يخاف من مديره، أو الرجل الذي يخاف من أمن الدولة أن تعمل به كذا وكذا، فكل
هؤلاء ينبغي عليهم ألا يخافوا إلا من الله وحده، فإن خفت من الله أخاف منك المخلوقات كلها، ولذلك لما قال
لموسى أصحابه: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) لأن فرعون من ورائهم، قال لهم موسى:
إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء:62]
وهل هذا من أدب النبوة؟ أي: أن يقدم معيته على لفظ الجلالة؟ ألم يكن الواجب أن يقول:
إن ربي معي كما قال الرسول لـأبي بكر : (إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) فقدم لفظ الجلالة على لفظ المعية، أما سيدنا موسى
فقدم لفظ المعية على لفظ الجلالة فلماذا؟
لأن الذي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أبو بكر وإيمانه كامل، فأول ما قرأ:
(إن الله) سكن قلب أبي بكر ؛
أما الذين مع سيدنا موسى فهم يهود مذعورون خائفون على أنفسهم، فيطمئنهم أولاً على أنفسهم، ثم بعد ذلك يأتي بلفظ الجلالة قائلاً: (إِنَّ مَعِيَ رَبِّي).
إذاً: فالفرق قائم بين المخاطبين، مثل الذي يجلس على جبل عرفات، وهو متعب يقول: يا إلهي، متى سيكتمل
هذا النسك، ما هذا الحر؟ هذا غير معقول؟ لم أكن أتخيل أن الأمر هكذا، فهو ينتظر المغرب بفارغ الصبر، والثاني بجانبه مؤمن لا يريد المغرب أن يأتي، فلا يشعر بالحر، ويقول: يا ليت أن المغرب لا يأتي، فهذا اليوم قد لا يعوض مرة أخرى، فهذا لا يحس بالحر، والأول قد أتعبه الحر مع أن الجو واحد.
إذاً: فقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)، هذا لسيدنا أبي بكر رضي الله عنه، فاللهم اجعلنا معه في الجنة يا رب العالمين.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربعة بين الرجال، لا طويلاً جداً ولا قصيراً، يعني: كان متوسطاً في الطول،
لا نحيف ولا سمين، بل كان ربعة بين الرجال، لكن كان إذا سار مع طويل خيل للرائي أن الرسول أطول، ولذلك قالوا:
يا عباس قال: نعم، قالوا: أنت عم رسول الله وحبيبه، قال: نعم، قالوا: إذاً أنت الأكبر أو الرسول؟
و العباس هذا من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وآل بيت النبوة ألهمهم ربنا الرشد في الكلام وقال فيهم:
رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ [هود:73]، فاللهم احشرنا في زمرتهم يا رب، فقال العباس :
رسول الله أكبر مني، ولكني ولدت قبله. أي: لا يصلح أن أكون أنا الأكبر وهو رسول الله، بالله عليك لو أن شخصاً
سألك في هذا الزمان، أنت أكبر أم ابن أخيك؟ لقال لك غالباً: يا بني! ابن أخي من سن أولادي، لكن العباس تخرج الحكمة من لسانه، اللهم أنطقنا بالحكمة يا رب.

نفخة الصعق

قبل قيام الساعة هناك نفختان في الصور:
النفخة الأولى: قال الله فيها: فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ [الزمر:68]
يعني: هناك استثناء، ومن الموجود في تلك اللحظة؟ الموجود الجنة، والنار، واللوح، والقلم، والعرش، والكرسي، وعجب الذنب، وما هو عجب الذنب؟ هو ما قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل ابن آدم يفنى إلا عجب الذنب).
وعجب الذنب: هو آخر فقرة في العصعص، الذي في العمود الفقري، وهذا مشاهد عندما تنظر الهيكل العظمي، فآخر فقرة هذه لا تفنى، بل تبقى منها بعض من الذرات، وهي دليل على أن هذا هو الشخص الفلاني،
أو أنها فلانة، وربما يكتشف في المستقبل طباً أن في هذا المكان سراً ما، ولو أن عندنا من الأساتذة الفضلاء
والعلماء أصحاب الطب واستطاعوا أن يفحصوا في هذه الحالة فلا بد أن يجدوا فيه سراً، ولماذا هذا بالذات؟
لماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب
لأنه البقية الباقية التي ستبقى من
جسد ابن آدم، ولن تنفى إلا أن يشاء الله.
إذاً: فعجب الذنب واحد من سبعة أشياء تظل باقية عند قيام الساعة، أو عند الصعقة في الصور.

وصف من ينفخ في الصور

ومن الذي يصعق في الصور؟ أو من الذي ينفخ في البوق؟ ملك موكل بهذا اسمه إسرافيل، وهذا هو عمله
من يوم أن خلق الله الجنة والنار، والرسول صلى الله عليه وسلم رآه ليلة المعراج يقدم رجلاً ويؤخر أخرى،
وحنى جبهته، لا يرتد إليه طرفه، عينه لا ترمش، شاخصاً إلى العرش، ممسكاً بالبوق في يديه وعلى فمه،
يخاف أن تغمض عيناه وقد أمر من الله بالنفخ في البوق.
وفي الحديث: (كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم قرنه وحنى جبهته، ينتظر الإذن من الله بالنفخ في البوق).
إذاً: فالرسول عند أن ينظر هذا أمامه كيف يأتي له نوم بعد ذلك؟ فأنت عند أن تتعلم العلم وتحضر حلقات الدار
الآخرة تكون مستعداً للقاء الله، وعند أن يطرق عليك ملك الموت يومها فأنت مستعد للقائه سبحانه، اللهم
اجعلنا من المستعدين للقائك يا رب العالمين.

استدعاء ملك الموت بعد الصعق

وبعد الصعق يستدعي رب العباد سبحانه ملك الموت، وهو العليم الخبير فيقول له: يا ملك الموت!
فيقول: نعم يا رب! فيقول الله له: هل بقي أحد على ظهر الأرض؟ وهذا السؤال من الله سؤال من يريد تقرير
الحقيقة، وهذا كقوله تعالى: يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ [المائدة:109].
وكقوله تعالى: يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ
لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي
كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ
[المائدة:16-118].
وقوله تعالى على لسان عيسى: (إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ)
فيه تقرير بأنه لا أحد يعلم الغيب إلا الله سبحانه، فلا تضرب الودع ونحوها؛ لأن عند المسلم يقيناً بالله عز وجل
فيتقي ربه، ولا يصدق بأن إنساناً لا يستطيع أن يعرف ما وراء الطبيعة إلا بإيمانه بالله عز وجل وفتح الله عليه.
فيقول إسرافيل: يا رب! بقي على وجه الأرض جبريل وميكائيل وإسرافيل وعبدك الماثل أمامك ملك الموت،
فيقول الله له: يا ملك الموت! اقبض روح ميكائيل، فيقبض روح ميكائيل، ويبقى إسرافيل وجبريل، فيقول له الله:
اقبض روح إسرافيل، وفي رواية:
اقبض روح جبريل، ثم بعد قبض روح ميكائيل وإسرافيل وجبريل، يقول له الله: يا ملك الموت من على وجه الأرض؟ وتخيل ملك الموت أمام الله، أمام من يملك قضية الموت والحياة، كما قال سبحانه:
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2].
وقد رأى رسول الله جبريل على هيئته مرتين له ستمائة جناح قد سد الأفق بجناحيه، فقال يا جبريل!
أريد أن أراك على حقيقتك، وكان يأتيه في صورة دحية الكلبي أحد الصحابة، وكانت صورته جميلة، هو من قبيلة
كلب، فهذا هو الذي كان يأتي جبريل في صورته إلى رسول صلى الله عليه وسلم..
ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أريد أن أراك على حقيقتك فقال له:
(لا تستطيع، فقال الله: يا جبريل! لا ترد أمراً لحبيبي محمد، اخرج إلى البقيع يا رسول الله! فخرج، ورأى أجنحة
جبريل وقد سدت مشرق الشمس ومغربها، رأسها في السماء ولم ير رجليه
)، وكاد أن يغشى على الرسول
من المفاجأة والهول، ما هذا الحجم وما أكبره؟ فلما عاد إلى حجمه، أي: لما عاد -يعني: إلى الحالة الطبيعية
أو الشبه الذي كان يأتي به إلى الرسول - وقد قال جبريل:
(أنا بالنسبة لإسرافيل وميكائيل كحلقة ملقاة في فلاة، ولو تراهما يا رسول الله! وقد تصاغرا خشية من الله
عز وجل، حتى يصيرا كالعصفور الصغير
).
إذاً: فالملائكة معصومون، لا يعملون الغلط، والله جعلهم نورانيين في خوف من الله عز وجل، ونحن الذين ركب
فينا الخير والشر، وشرنا أكثر من خيرنا إذا انحرفنا لا نخاف؟
بل يجب أن نخاف الله سبحانه، قال الله تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ [الزمر:9]
اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين.
فقال الله لملك الموت: يا ملك الموت مت، وفي رواية الترمذي قال:
(لم يبق إلا حملة العرش)
أي: الحاملين للعرش فقال: يا ملك الموت أمت حملة العرش، ثم قال له الله: من بقي؟ فيقول: عبدك..
فقال له: مت، ثم يقول الله عز وجل: كنت أنا الله وأبقى أنا الله، أنا الله لا إله إلا أنا، أين الملوك؟ أين أهل الملك؟
أين أهل الجبروت؟ أين أهل القهر؟ لم يبق إلا أنا الواحد القهار.

نفخة البعث

عادت الأرض كما كانت لا مخلوق فيها، ملك لخالقها سبحانه، فتمكث الأرض كذلك ما شاء الله لها أن تمكث، ثم
يبعث الله إسرافيل لينفخ في البوق مرة أخرى، وهذه النفخة الثانية، وهي الإيذان بقيام القيامة، ودخلنا في
مسألة البعث، قال تعالى: وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ
[ق:41-42] أي: ينادي إسرافيل، وربما ينادي حملة العرش، -على خلاف في الروايات- وربما ينادي مناد من عند
الله لا ندري من هو: يا أيتها العظام النخرة، يا أيتها اللحوم المتناثرة! قومي لفصل القضاء أمام الله رب العالمين،
كما قال الله تعالى: يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ
[القمر:7]،
وكما قال سبحانه: كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ [المعارج:43] فيقول الله لهم: كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ [المؤمنون:112]
فيقولون: لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ [المؤمنون:113]
أي: اسأل الذين يعدون، أما نحن فلا نعرف كم لبثنا؟
أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة نبينا صلى الله عليه وسلم، فيقول جبريل والملائكة في لقائه:
مرحباً يا خير خلق الله، وفي رواية ابن ماجه والإمام أحمد أن سبعين ألفاً من الملائكة تشرف بلقاء الحبيب
وهو قائم من قبره، وهذا التشريف خاص بسيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم، وهو خارج من القبر، فيقول:
كيف حال أمتي يا جبريل؟ أول ما يفتح عينيه يسأل: كيف حال الأمة؟
ما أعظم حنانك وعطفك على الأمة يا رسول الله! كما قال الله عنه: بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]،
أفلا يستحق أن نصلي عليه ليل نهار؟ ألا يستحق أن نحبه حباً جماً؟ ألا يستحق أن نسير خلفه وفي طريقه،
ألا أيستحق أن نطيعه فيما قال وأمر، قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ
[آل عمران:31]. لذلك سيدنا أنس يبكي وهو يوضئ الحبيب صلى الله عليه وسلم، فالماء ينزل من
الإبريق من يد أنس رضي الله عنه وهو يبكي، و أنس خدم الرسول عشر سنوات، أمه أسلمته للحبيب وهو
في العاشرة، فمكث يخدم المصطفى إلى عشرين سنة، وعنده من العمر خمس عشرة سنة وهو يبكي!
لأنه تربى في بيت النبوة، فقال: يا رسول الله! تذكرت يوم تقوم الساعة، تكون أنت عند الله عز وجل في درجة
عالية، وأنا لا أدري أين أكون؟
فهذا حال سيدنا أنس رضوان الله عليه، فلذا يكرمه الله عز وجل ومن على شاكلته ومن يسير في طريقه بما
في قوله تعالى: فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ
رَفِيقًا
[النساء:69]، اللهم احشرنا في زمرتهم يا رب العالمين
.







عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..