عرض مشاركة واحدة
قديم 13-04-2012, 03:27 PM
المشاركة 3

  • غير متواجد
رد: سلْسلة الدّار الآخرة -البعثْ من القبُور ويوم الْحشرْ ( 9)







المواطن التي يفر المرء فيها من كل قريب

وهذه السيدة عائشة تبكي بكاءً مراً على الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول: (ما لك يا عائش)، وكان يلاطفها،
وهو حنون على زوجاته، فقالت: أيذكر ويعرف بعضنا بعضاً يا رسول الله يوم القيامة،أو (هل كلنا سيعرف الآخر
عندما نخرج من القبور؟ قال: يعرف بعضنا بعضاً ويذكر بعضنا بعضاً، إلا في مواطن ثلاثة
)
في مواطن ثلاثة، متى يا حبيب الله؟ وفي رواية الإمام أحمد : (مواطن أربعة)، في رواية الإمام ابن ماجه و الترمذي
و مسلم : (في مواطن ثلاثة).
وهي كالتالي:
أولها: (عندما نخرج من قبورنا، لا يسأل حميم حميماً)
أي: لا أحد يسأل عن أحد، لو لقيت أباك أو ابنك بجانبك لفررت منه، وكذا امرأتك، فيفر الإنسان من كل من يعرف
في هذا الموقف.
ثانيها: (عند تطاير الصحف) .
وثالثها: (عند نصب الموازين أيثقل أم يخف) اللهم اجعلنا من الذين تثقل موازينهم يا رب العالمين.
ورابعها: (عند الصراط، أيهتز به الجسر أم يثبت قدمه عليه).
اللهم ثبت أقدامنا على الصراط يوم تزل الأقدام..وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
يقوم الناس من قبورهم على غير هدى، من لدن آدم إلى آخر إنسان على الأرض، الراعي الذي ستقوم عليه الساعة، هو آخر من سيموت، ثم تقوم الساعة عليه ويموت وهو وسط غنمه، من أبينا آدم إلى هذا الراعي
يعني: إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، كل خارج من القبور من جميع أنحاء العالم يتجه إلى مكان واحد، لكن
المؤمن الثابت الإيمان، التقي، النقي، الطاهر، الشريف على باب قبره ينتظره الملكان اللذان كانا أصحابه في الدنيا، أي: ملك الحسنات وملك السيئات، يثبتانه بالقول الثابت. اللهم اجعلنا منهم يا رب، فالمؤمن الثابت، التقي، النقي ينتظره رقيب وعتيد يثبتانه: لا تخف، مثل أن تنزل أرضاً أو بلداً غريبة، فتلقى في المطار أناساً يتكلمون باليابانية
وآخرون بالصينية، وأنت لا تعرف يابانية ولا صينية، ثم تجد صديقك، له عشرون سنة في هذه البلاد، فقال لك:
أهلاً وسهلاً كيف حالك؟ وماذا تعمل؟ فكذلك الملكان يثبتانه في القبر، ويلقنان المؤمن الحجة، اللهم لقنا حجتنا
يا رب العالمين.


وصف أرض المحشر


يسير الناس على غير هدى عند خروجهم من القبور، ولكن العلماء يقودون الناس كما كانوا يقودونهم في الدنيا
إلى أرض المحشر.
أما أرض المحشر فهي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بيضاء نقية، كالفضة المذابة، ما ارتكبت عليها خطيئة ولا ذنب قط) ذلك لأن الله قال: يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [إبراهيم:48].
قال أيضاً سبحانه: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا [طه:105-107]
أي: ليس فيها حفرة، ولا تل ولا هضبة؛ وإنما هي أرض مستوية، كل شيء ظاهر فيها، فلا أحد يختبئ في حفرة،
أو وراء تل أو جبل أبداً، بل كلها أرض واضحة المعالم، إلى أن قال رب العباد سبحانه: وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا [طه:108] وقال سبحانه: وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا [طه:111].
هذا كلام لو أن العبد تدبره لانصدع قلبه خوفاً من الله سبحانه، ولهذا جاء القرآن وكذا سنة الحبيب لذلك،
أي: لكي ترشدنا إلى الخير إن تأملناها، اللهم أرشدنا بكتابك وسنة حبيبك يا رب العالمين.
فيسير الناس على غير هدى إلى أن يجتمعوا جميعاً، فيا له من اجتماع مهول! نحن على ظهر الكرة الأرضية في
هذا الوقت سنة واحد وتسعين خمسة مليار أو خمسة آلاف مليون، وهذا في حقبة من الزمن فقط، فانظر كم يكون من لدن أبينا آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، كلهم يجتمعون في مكان واحد، الأمريكي والروسي والأفريقي والآسيوي وغيرهم، كلهم يكونون في مكان واحد. ولترى هذه الصورة في يوم عرفة، وهم كلهم مجتمعون، فيا ترى كيف يكون حالنا في ذلك اليوم؟ ترى النساء عورات الرجال والعكس؛ لأنهم كلهم عراة.
انظر إلى أم المؤمنين على ماذا تخاف في ذلك اليوم؟ ليست مثل النساء اللاتي يمشين عاريات في الشوارع،
قائلة لك: المهم الحجاب في القلب! فتقول أم المؤمنين: سبحان الله! ويرى الرجال عورات النساء؟ قال:
(يا عائشة لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [عبس:37])،
أي: لا يوجد أحد في ذلك اليوم يهتم بهذه الأشياء يا أم المؤمنين، فالكل يذهب إلى مكان واحد.
إذاً: فهناك بعث وانتشار من القبور.

كيفية الحشر

بعد ذلك قال: واقتربت الشمس من الرءوس، فلقد تركت مدارها، وتغيرت الأرض والسماء وكذلك أشكالنا،
أي: الأجساد سوف تتغير، ونخلق يوم القيامة على صورة أبينا آدم ستون ذراعاً في السماء، يعني: إذا كان
الذراع يساوي خمسة وسبعين سنتيمتر مثلاً، فالواحد طوله يوم القيامة خمسة وأربعون متراً.
وسوف نحشر يوم القيامة أصنافاً ثلاثة: ركباناً، ومشاة، وعلى الوجوه، يعني: سنخرج من القبور ثلاثة أصناف:
صنف كانت الدنيا بالنسبة لهم مطية ووسيلة، وليست غاية، واتقوا الله عز وجل، وعاشوا ينشرون الدعوة والعلم،
رغم ما يؤذون به وما يدخل بيوتهم من النكد والشر، لكن نصروا دين الله عز وجل، فلذا الخيول والدواب ووسائل
الانتقال المريحة تنتظرهم عند القبور، من أجل ألا يمشوا، اللهم احشرنا معهم يا رب، فيحشرون ركباناً، ويحشر
مشاة من كان عملهم أقل، وهناك - والعياذ بالله - من يحشرون على وجوههم، قالوا:
(كيف يمشون على وجوههم يا رسول الله؟ قال: الذي أمشاهم على أرجلهم سوف يمشيهم على وجوههم).
إذاً: يحشر الناس مشاة وركباناً، وعلى وجوههم، على قدر تعبك لله في الدنيا، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ
كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ
[الانشقاق:6] فإن كدحت لله في الدنيا وتعبت وعرقت من أجله، فستأتي يوم القيامة
لا تعرق؛ لأنك أصابك العرق لله، وتعبت في سبيله، وجاهدت وحوربت، وضيقوا عليك الرزق، وراقبوك، وكرهت
حياتك من أجله، وما زلت سائراً فيما يرضه، فلن تعرق وتتعب يوم القيامة. والمرأة المنقبة والمخمرة التي تمشي
في عز الحر مغطية نفسها بجلباب أو اثنين، من أجل ألا يرى أي شخص شيئاً من جسمها، ومن أجل ألا يعرف أحد
هل هي سمينة أم نحيفة، وألا يعرف أحد شكل يدها أو جسمها أو رجلها وهي مع ذلك تتصبب عرقاً، فهذا العرق يمنع عنها عرق الآخرة، وتوضع لها كل قطرة من عرقها في ميزان حسناتها يوم القيامة، والتي تمشي عريانة والذباب محيط بها، وعيون الذئاب البشرية تنظر إليها، فهذه سوف تسبح في عرقها يوم القيامة، نسأل الله السلامة لنا ولكم ولنسائنا أجمعين، إن ربنا على ما يشاء قدير.
فالناس منهم من يمشي في عرقه إلى ركبتيه، ومنهم من يصل عرقه إلى حقويه -أي: نصف جسمه- ومنهم من
يصل عرقه إلى صدره، ومنهم من يغطي العرق أذنيه. من لم يتعب في الدنيا مثل تعب المؤمنين، بل كان مستريحاً محارباً لعلماء الدين فهذا يبلغ منه العرق على قدر عداوته وعمله. يصل الناس إلى أرض المحشر، ونحن لسنا مثل أهل التوراة عندما يتكلمون عن ذلك قائلين: عند قبة الصخرة سوف يوضع عرش الرحمن، وتكون الموازين هناك والأرض، فنحن لا داعي لنا لمعرفة المكان، ولم يذكر في القرآن أو السنة ذلك، فلا يهمك المكان، وهذا حال التلميذ الغبي تماماً، فهو يهمه المكان الذي سيختبر فيه، وفي أي لجنة؟ وكم في جنة من طالب؟ وكم الأسئلة؟ وهذا ليس عليه، ونقول له: إنما عليك أن تذاكر وتمتحن حتى في المريخ. وكذلك قضية أرض المحشر، في أي مكان هي؟ هذا ليس علينا، فلا تسأل عن أشياء لن تعود عليك بشيء مفيد. وعندما يصل الناس إلى أرض المحشر جميعاً، تطول بهم الوقفة لأن اليوم في الآخرة بخمسين ألف سنة، فكم يمكث الناس يا ترى؟ يمكثون طويلاً، حتى إن الحبيب يذكر:
أنه يتمنى كثير من الناس أن يذهب بهم إلى النار ولا تطول بهم الوقفة.

شفاعة النبي لأهل الموقف

يحشر الناس في صعيد واحد، كلهم عرايا كما ولدتهم أمهاتهم، ثم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(فيذهب الناس، كل أمة تذهب إلى علمائها) أي: كل أمة تجري وراء العلماء المخلصين، الذين كانوا يعلمونهم في الدنيا، يا علماءنا اعملوا شيئاً، فيذهب وفد من العلماء بعدما يتشاورون ماذا نعمل؟ فقالوا: نحن سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه من أجل أن تبدأ الشفاعة في بداية الحساب، فأول واحد نذهب إليه آدم أبو البشر، الذي خلقه الله بيديه، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له الملائكة، فيقولون: يا أبانا اشفع لنا عند ربك، فيقول: لقد غضب ربي اليوم غضباً لم يغضب مثله قبله، ولن يغضب مثله بعده؛ ويكررون على آدم الرجاء: يا أبانا اشفع لنا، فيقول: وهل أخرج أباكم من الجنة إلا أن عصى ربه، بأي وجه ألقى الله عز وجل، رغم أن الله تاب عليه، لكن مازال مرعوباً، فليست المسألة سهلة، فيقول لهم آدم: أنا لست لها، اذهبوا إلى نوح، كل الذين ذهبوا إلى آدم يذهبون إلى نوح: يا نوح! يا أطول الأنبياء عمراً، يا أول الدعاة على الأرض! اشفع لنا عند ربك، فيقول مقالة أبيه آدم: إن ربي غضب اليوم غضباً
لم يغضبه من قبل ولن يغضب مثله بعد، أنا لست لها، لقد دعوت على قومي، وقلت: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا [نوح:26-27] أنا لست لها، اذهبوا إلى أبي الأنبياء إبراهيم. قالوا: إذاً حلت، أبو الأنبياء هذا الخليل، وله دلال على الله، وهو ذو المكانة من الله، فيقولون: يا خليل الرحمن! اشفع لنا عند ربك، وما هي الشفاعة هنا؟ هي بداية الحساب، يعني: كل هذا الرجاء من أجل أن يبتدئ الحساب، فلا تظن أن الشفاعة من أجل أن يدخل الناس الجنة! لا، بل من أجل أن يبدأ الحساب، فالمسألة خطيرة وصعبة، لذلك كان الرسول يقول دائماً: (لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً، ولضحكتم قليلاً، ولما هنأت لكم حياة، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله، أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربعة أصابع إلا وفيها جبهة ملك ساجد، يسبح بحمد الله، حتى إذا حشروا أمام ربهم يوم القيامة قالوا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك) .
إذاً: فالمسألة خطيرة، والملائكة الذين يشغلون أنفسهم بعبادة الله، يقولون: ربنا لم نعبدك حق عبادتك، وأنت عندما يكرمك الله تنظر إلى وجه ربك يوم القيامة، يجب أن تستقل العبادة التي أمرك بها. يقول الخليل لهم: لقد كذبت، أنا
لا أستطيع، لقد غضب ربي اليوم غضباً لم يغضب مثله قبل، ولن يغضب مثله بعد، أنا لست لها، اذهبوا إلى كليم الله موسى، قالوا: هو هذا الذي سيكلم ربنا، الإنسان دائماً يعيش على الرجاء، وهو في كل حلقة يرجو الحلقة التي
تليها، فيقولون: يا موسى! ربنا اصطفاك على الناس برسالته وبكتبه، اشفع لنا عند ربك، فيقول: لست لها، لقد
دعوت على قومي: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ [يونس:88].
كل نبي من الأنبياء يرى نفسه مذنباً، إذاً فنحن بالله عليك أين نذهب؟ يعني: الأنبياء يقولون: لا، إن ربنا غضب اليوم،
لا أحد يستطيع أن يتكلم، إلى درجة أن الله عز وجل عند أن يجمعهم ويسألهم: مَاذَا أُجِبْتُمْ [المائدة:109]
وهم يعرفون الإجابة لكن يقولون: لا عِلْمَ لَنَا [المائدة:109]، ولذلك قالوا: يا خليل الرحمن! لم لا تشفع لنا عند ربك
يوم القيامة، -هؤلاء أتباعه- ألست خليل الرحمن؟ قال: خوفي من ربي أنساني خلتي معه، أي: الخوف أنساني
أنني خليله، يا إلهي! انظروا خوفهم إلى أين أوصلهم؟ يقال: إن سيدنا أيوب كان يبكي خوفاً من الله حتى ينبت الزرع من كثرة دموعه، فكم كان مقدار دموعه؟ فيقول لهم إبراهيم: أنا لست لها، اذهبوا إلى روح الله عيسى، قالوا:
إذاً هنا الحل، وقال مثلما قال إخوانه من قبل وأبوه آدم، أي: ربنا غضب اليوم غضباً لم يغضبه من قبل، ولن يغضب
مثله بعد ... أنا لست لها، أين أنتم ممن قال أنا لها أنا لها! أين أنتم من أخي محمد؟ لماذا لا تأتون إليه مباشرة، كل واحد من الأنبياء يقول: لست لها.. لست لها.. لست لها، إلا محمداً عليه الصلاة والسلام. فيقولون له: يا رسول الله!
يا خاتم النبيين! يا خير خلق الله! يا من كذا وكذا! - طبعاً فيه من الصفات الكثيرة - اشفع لنا عند ربك، فتكون أول إجابة له أن يقول: (أنا لها .. أنا لها) صلى الله عليه وسلم، يقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(فأنهض فأسجد بين يدي ربي تحت العرش، ويفتح الله علي من محامده ما لم يفتح من قبل) ، يعني: يلهمه الله
كلاماً لا يعرفه من قبل، فيظل يحمد الله ويثني على ربه بما هو أهله، ويبكي، لكن هل يبكي من أجل نفسه
أو أهله؟ لا، من أجل فاطمة و الحسن و الحسين ؟ لا، وإنما يقول: (يا رب أمتي.. يا رب أمتي، يقول له: يا محمد
ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع
).
ارفع رأسك يا حبيبي! أما كفتك العبادة؟ أما كفاك القيام؟ أما كفاك الهجود؟ أما كفاك الصيام؟ أما كفاك الصلاة
حتى تورمت منك الأقدام يا خير الأنام؟ ارفع رأسك فيقول: (يا رب أمتي.. يا رب أمتي) فيقول الله عز وجل:
(رحمتي لن تضيع أمة هذا رسولها، وهذا ربها الرحمن الرحيم).
فاللهم شفع فينا نبينا، اللهم شفعه فينا.. اللهم شفعه فينا.. اللهم شفعه فينا يا رب العالمين.
وفي أرض المحشر التي هي بيضاء نقية كالفضة لا حفرة فيها ولا تل، يكون مع الإنس فيها هناك الجن، والشياطين، والحيوانات، قال تعالى: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ [التكوير:5]، قالوا: ويحيط بهذا كله الملائكة، كما قال تعالى:
وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا [الفرقان:25]، فالملائكة تركت مدار العبادة الذي في السماوات والأرض،
وأحاطت بأهل المحشر، فلا خلاص من أمر الله، ونكس الجميع رءوسهم خشية لله عز وجل، ثم نكست الوحوش رءوسها خشية من الله، وهي ما اقترفت ذنباً، ولن تحاسب بالحسنات والسيئات وهي في حالة من الخوف،
إذاً: فنحن أولى أن نخاف ونرتعب، ونكون في الدنيا على وجل، وإن قوماً غرتهم الأماني، يقولون: نحسن بالله
الظن، ووالله لقد كذبوا، ولو صدقوا لأحسنوا العمل. القضية: أن الإيمان ليس بالتمني، ولكن الإيمان ما وقر في
القلب وصدقه العمل، إياك أن تقول: هذا شخص قلبه أبيض، أو: صحيح أنه لا يصلي، ولكن قلبه أبيض، وصحيح
أنه لا يخرج الزكاة، لكن قلبه أبيض! بل قل: هذا قلبه أسود؛ لأنه لا يقيم شرع الله عز وجل، فحذار أن تضيع شرع
الله، وتضيع سنن الحبيب المصطفى، وحذار أن تبتعد عن مجالس العلم، والله يأمر حبيبه قائلاً: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ
الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا * وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ
[الكهف:28-29].
فاللهم اجعلنا من المؤمنين يا رب العالمين.









عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..