قديم 28-06-2007, 02:44 AM
المشاركة 33
موقوف من قبل الادارة
  • غير متواجد
‏حدثنا ‏ ‏يحيى بن بكير ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏الليث ‏ ‏عن ‏ ‏يونس ‏ ‏عن ‏ ‏ابن شهاب ‏ ‏عن ‏ ‏أنس بن مالك ‏ ‏قال كان ‏ ‏أبو ذر ‏ ‏يحدث ‏
‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏فرج ‏ ‏عن سقف بيتي وأنا ‏ ‏بمكة ‏ ‏فنزل ‏ ‏جبريل ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ففرج صدري ثم غسله بماء ‏ ‏زمزم ‏ ‏ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغه في صدري ثم أطبقه ثم أخذ بيدي ‏ ‏فعرج ‏ ‏بي إلى السماء الدنيا فلما جئت إلى السماء الدنيا قال ‏ ‏جبريل ‏ ‏لخازن السماء افتح قال من هذا قال هذا ‏ ‏جبريل ‏ ‏قال هل معك أحد قال نعم معي ‏ ‏محمد ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال أرسل إليه قال نعم فلما فتح علونا السماء الدنيا فإذا رجل قاعد على يمينه ‏ ‏أسودة ‏ ‏وعلى يساره ‏ ‏أسودة ‏ ‏إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل يساره بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح ‏ ‏والابن الصالح قلت ‏ ‏لجبريل ‏ ‏من هذا قال هذا ‏ ‏آدم ‏ ‏وهذه ‏ ‏الأسودة ‏ ‏عن يمينه وشماله ‏ ‏نسم ‏ ‏بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة ‏ ‏والأسودة ‏ ‏التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى حتى عرج بي إلى السماء الثانية فقال لخازنها افتح فقال له خازنها مثل ما قال الأول ففتح قال ‏ ‏أنس ‏ ‏فذكر أنه وجد في السموات ‏ ‏آدم ‏ ‏وإدريس ‏ ‏وموسى ‏ ‏وعيسى ‏ ‏وإبراهيم ‏ ‏صلوات الله عليهم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه ذكر أنه وجد ‏ ‏آدم ‏ ‏في السماء الدنيا ‏ ‏وإبراهيم ‏ ‏في السماء السادسة قال ‏ ‏أنس ‏ ‏فلما مر ‏ ‏جبريل ‏ ‏بالنبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بإدريس ‏ ‏قال مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح فقلت من هذا قال هذا ‏ ‏إدريس ‏ ‏ثم مررت ‏ ‏بموسى ‏ ‏فقال مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح قلت من هذا قال هذا ‏ ‏موسى ‏ ‏ثم مررت ‏ ‏بعيسى ‏ ‏فقال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قلت من هذا قال هذا ‏ ‏عيسى ‏ ‏ثم مررت ‏ ‏بإبراهيم ‏ ‏فقال مرحبا بالنبي الصالح ‏ ‏والابن الصالح قلت من هذا قال هذا ‏ ‏إبراهيم ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏ابن شهاب ‏ ‏فأخبرني ‏ ‏ابن حزم ‏ ‏أن ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏وأبا حبة الأنصاري ‏ ‏كانا يقولان قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ثم عرج بي حتى ‏ ‏ظهرت ‏ ‏لمستوى أسمع فيه ‏ ‏صريف الأقلام ‏ ‏قال ‏ ‏ابن حزم ‏ ‏وأنس بن مالك ‏ ‏قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ففرض الله عز وجل على أمتي خمسين صلاة فرجعت بذلك حتى مررت على ‏ ‏موسى ‏ ‏فقال ما فرض الله لك على أمتك قلت فرض خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعت فوضع شطرها فرجعت إلى ‏ ‏موسى ‏ ‏قلت وضع شطرها فقال راجع ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعت فوضع شطرها فرجعت إليه فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى ‏ ‏موسى ‏ ‏فقال راجع ربك فقلت استحييت من ربي ثم انطلق بي حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها ‏ ‏حبايل ‏ ‏اللؤلؤ وإذا ترابها المسك ‏





فتح الباري بشرح صحيح البخاري

‏قوله : ( فرج ) ‏
‏بضم الفاء وبالجيم أي فتح , والحكمة فيه أن الملك انصب إليه من السماء انصبابة واحدة ولم يعرج على شيء سواه مبالغة في المناجاة وتنبيها على أن الطلب وقع على غير ميعاد , ويحتمل أن يكون السر في ذلك التمهيد لما وقع من شق صدره , فكأن الملك أراه بانفراج السقف والتئامه في الحال كيفية ما سيصنع به لطفا به وتثبيتا له , والله أعلم . ‏

‏قوله : ( ففرج صدري ) ‏
‏هو بفتح الفاء وبالجيم أيضا أي شقه , ورجح عياض أن شق الصدر كان وهو صغير عند مرضعته حليمة , وتعقبه السهيلي بأن ذلك وقع مرتين وهو الصواب , وسيأتي تحقيقه عند الكلام على حديث شريك في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى , ومحصله أن الشق الأول كان لاستعداده لنزع العلقة التي قيل له عندها هذا حظ الشيطان منك . والشق الثاني كان لاستعداده للتلقي الحاصل له في تلك الليلة , وقد روى الطيالسي والحارث في مسنديهما من حديث عائشة أن الشق وقع مرة أخرى عند مجيء جبريل له بالوحي في غار حراء والله أعلم . ومناسبته ظاهرة . وروي الشق أيضا وهو ابن عشر أو نحوها في قصة له مع عبد المطلب أخرجها أبو نعيم في الدلائل . وروي مرة أخرى خامسة ولا تثبت . ‏

‏قوله : ( ثم جاء بطست ) ‏
‏بفتح الطاء وبكسرها إناء معروف سبق تحقيقه في الوضوء , وخص بذلك ; لأنه آلة الغسل عرفا وكان من ذهب ; لأنه أعلى أواني الجنة , وقد أبعد من استدل به على جواز تحلية المصحف وغيره بالذهب ; لأن المستعمل له الملك , فيحتاج إلى ثبوت كونهم مكلفين بما كلفنا به , ووراء ذلك كان على أصل الإباحة ; لأن تحريم الذهب إنما وقع بالمدينة كما سيأتي واضحا في اللباس . ‏

‏قوله : ( ممتلئ ) ‏
‏كذا وقع بالتذكير على معنى الإناء لا على لفظ الطست ; لأنها مؤنثة , ‏
‏و ( حكمة وإيمانا ) ‏
‏بالنصب على التمييز , والمعنى أن الطست جعل فيها شيء يحصل به كمال الإيمان والحكمة فسمي حكمة وإيمانا مجازا , أو مثلا له بناء على جواز تمثيل المعاني كما يمثل الموت كبشا , قال النووي : في تفسير الحكمة أقوال كثيرة مضطربة صفا لنا منها أن الحكمة العلم المشتمل على المعرفة بالله مع نفاذ البصيرة وتهذيب النفس وتحقيق الحق للعمل به والكف عن ضده , والحكيم من حاز ذلك . ا ه ملخصا . وقد تطلق الحكمة على القرآن وهو مشتمل على ذلك كله , وعلى النبوة كذلك , وقد تطلق على العلم فقط , وعلى المعرفة فقط ونحو ذلك . ‏

‏قوله : ( ثم أخذ بيدي ) ‏
‏استدل به بعضهم على أن المعراج وقع غير مرة لكون الإسراء إلى بيت المقدس لم يذكر هنا , ويمكن أن يقال هو من اختصار الراوي , والإتيان بثم المقتضية للتراخي لا ينافي وقوع أمر الإسراء بين الأمرين المذكورين وهما الإطباق والعروج بل يشير إليه , وحاصله أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر , ويؤيده ترجمة المصنف كما تقدم . ‏

‏قوله : ( فعرج ) ‏
‏بالفتح أي الملك ‏
‏( بي ) ‏
‏وفي رواية الكشميهني " به " على الالتفات أو التجريد . ‏

‏قوله : ( افتح ) ‏
‏يدل على أن الباب كان مغلقا . قال ابن المنير حكمته التحقق أن السماء لم تفتح إلا من أجله , بخلاف ما لو وجده مفتوحا . ‏

‏قوله : ( قال جبريل ) ‏
‏فيه من أدب الاستئذان أن المستأذن يسمي نفسه لئلا يلتبس بغيره . ‏

‏قوله : ( أأرسل إليه ) ‏
‏وللكشميهني " أوأرسل إليه " يحتمل أن يكون خفي عليه أصل إرساله لاشتغاله بعبادته , ويحتمل أن يكون استفهم عن الإرسال إليه للعروج إلى السماء وهو الأظهر لقوله " إليه " , ويؤخذ منه أن رسول الرجل يقوم مقام إذنه ; لأن الخازن لم يتوقف عن الفتح له على الوحي إليه بذلك , بل عمل بلازم الإرسال إليه , وسيأتي في هذا حديث مرفوع في كتاب الاستئذان إن شاء الله تعالى , ويؤيد الاحتمال الأول قوله في رواية شريك " أوقد بعث " لكنها من المواضع التي تعقبت كما سيأتي تحريرها في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى . ‏

‏قوله : ( أسودة ) ‏
‏وزن أزمنة وهي الأشخاص من كل شيء . ‏

‏قوله : ( قلت لجبريل من هذا ) ‏
‏ظاهره أنه سأل عنه بعد أن قال له آدم مرحبا , ورواية مالك بن صعصعة بعكس ذلك وهي المعتمدة فتحمل هذه عليها إذ ليس في هذه أداة ترتيب . ‏

‏قوله : ( نسم بنيه ) ‏
‏النسم بالنون والمهملة المفتوحتين جمع نسمة وهي الروح , وحكى ابن التين أنه رواه بكسر الشين المعجمة وفتح الياء آخر الحروف بعدها ميم وهو تصحيف , وظاهره أن أرواح بني آدم من أهل الجنة والنار في السماء , وهو مشكل . قال القاضي عياض : قد جاء أن أرواح الكفار في سجين وأن أرواح المؤمنين منعمة في الجنة , يعني فكيف تكون مجتمعة في سماء الدنيا ؟ وأجاب بأنه يحتمل أنها تعرض على آدم أوقاتا فصادف وقت عرضها مرور النبي صلى الله عليه وسلم , ويدل - على أن كونهم في الجنة والنار إنما هو في أوقات دون أوقات - قوله تعالى ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ) واعترض بأن أرواح الكفار لا تفتح لها أبواب السماء كما هو نص القرآن . والجواب عنه ما أبداه هو احتمالا أن الجنة كانت في جهة يمين آدم والنار في جهة شماله , وكان يكشف له عنهما , ا ه . ويحتمل أن يقال : إن النسم المرئية هي التي لم تدخل الأجساد بعد وهي مخلوقة قبل الأجساد ومستقرها عن يمين آدم وشماله . وقد أعلم بما سيصيرون إليه , فلذلك كان يستبشر إذا نظر إلى من عن يمينه ويحزن إذا نظر إلى من عن يساره , بخلاف التي في الأجساد فليست مرادة قطعا , وبخلاف التي انتقلت من الأجساد إلى مستقرها من جنة أو نار فليست مرادة أيضا فيما يظهر . وبهذا يندفع الإيراد ويعرف أن قوله " نسم بنيه " عام مخصوص , أو أريد به الخصوص . وأما ما أخرجه ابن إسحاق والبيهقي من طريقه في حديث الإسراء " فإذا بآدم تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها في عليين , ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين " وفي حديث أبي هريرة عند الطبراني والبزار " فإذا عن يمينه باب يخرج منه ريح طيبة , وعن شماله باب يخرج منه ريح خبيثة , إذا نظر عن يمينه استبشر , وإذا نظر عن شماله حزن " فهذا لو صح لكان المصير إليه أولى من جميع ما تقدم , ولكن سنده ضعيف . ‏

‏قوله : ( قال أنس فذكر ) ‏
‏أي أبو ذر ‏
‏( أنه وجد ) ‏
‏أي النبي صلى الله عليه وسلم . ‏

‏قوله : ( ولم يثبت ) ‏
‏أي أبو ذر . ‏

‏قوله : ( وإبراهيم في السماء السادسة ) ‏
‏هو موافق لرواية شريك عن أنس , والثابت في جميع الروايات غير هاتين أنه في السابعة . فإن قلنا بتعدد المعراج فلا تعارض , وإلا فالأرجح رواية الجماعة لقوله فيها " أنه رآه مسندا ظهره إلى البيت المعمور " وهو في السابعة بلا خلاف , وأما ما جاء عن علي أنه في السادسة عند شجرة طوبى فإن ثبت حمل على أنه البيت الذي في السادسة بجانب شجرة طوبى ; لأنه جاء عنه أن في كل سماء بيتا يحاذي الكعبة وكل منها معمور بالملائكة , وكذا القول فيما جاء عن الربيع بن أنس وغيره أن البيت المعمور في السماء الدنيا , فإنه محمول على أول بيت يحاذي الكعبة من بيوت السماوات ويقال إن اسم البيت المعمور " الضراح " بضم المعجمة وتخفيف الراء وآخره مهملة , ويقال بل هو اسم سماء الدنيا , ولأنه قال هنا إنه لم يثبت كيف منازلهم فرواية من أثبتها أرجح , وسأذكر مزيدا لهذا في كتاب التوحيد . ‏

‏قوله : ( قال أنس فلما مر ) ‏
‏ظاهره أن هذه القطعة لم يسمعها أنس من أبي ذر . ‏

‏قوله : ( مر جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم بإدريس ) ‏
‏الباء الأولى للمصاحبة والثانية للإلصاق أو بمعنى على . ‏

‏قوله : ( ثم مررت بعيسى ) ‏
‏ليست " ثم " على بابها في الترتيب , إلا إن قيل بتعدد المعراج , إذ الروايات متفقة على أن المرور به كان قبل المرور بموسى . ‏

‏قوله : ( قال ابن شهاب فأخبرني ابن حزم ) ‏
‏أي أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم . وأما أبوه محمد فلم يسمع الزهري منه لتقدم موته , لكن رواية أبي بكر عن أبي حبة منقطعة ; لأنه استشهد بأحد قبل مولد أبي بكر بدهر وقبل مولد أبيه محمد أيضا , وأبو حبة بفتح المهملة وبالموحدة المشددة على المشهور , وعند القابسي بمثناة تحتانية وغلط في ذلك , وذكره الواقدي بالنون . ‏

‏قوله : ( حتى ظهرت ) ‏
‏أي ارتفعت , ‏
‏و ( المستوى ) ‏
‏المصعد ‏
‏و ( صريف الأقلام ) ‏
‏بفتح الصاد المهملة تصويتها حالة الكتابة , والمراد ما تكتبه الملائكة من أقضية الله سبحانه وتعالى . ‏

‏قوله : ( قال ابن حزم ) ‏
‏أي عن شيخه ‏
‏( وأنس ) ‏
‏أي عن أبي ذر كذا جزم به أصحاب الأطراف , ويحتمل أن يكون مرسلا من جهة ابن حزم ومن رواية أنس بلا واسطة . ‏

‏قوله : ( ففرض الله على أمتي خمسين صلاة ) ‏
‏في رواية ثابت عن أنس عند مسلم " فرض الله علي خمسين صلاة كل يوم وليلة " ونحوه في رواية مالك بن صعصعة عند المصنف , فيحتمل أن يقال في كل من رواية الباب والرواية الأخرى اختصار , أو يقال ذكر الفرض عليه يستلزم الفرض على الأمة وبالعكس إلا ما يستثنى من خصائصه . ‏

‏قوله : ( فراجعني ) ‏
‏وللكشميهني فراجعت والمعنى واحد . ‏

‏قوله : ( فوضع شطرها ) ‏
‏في رواية مالك بن صعصعة " فوضع عني عشرا " ومثله لشريك , وفي رواية ثابت " فحط عني خمسا " قال ابن المنير : ذكر الشطر أعم من كونه وقع في دفعة واحدة . قلت : وكذا العشر فكأنه وضع العشر في دفعتين والشطر في خمس دفعات , أو المراد بالشطر في حديث الباب البعض وقد حققت رواية ثابت أن التخفيف كان خمسا خمسا وهي زيادة معتمدة يتعين حمل باقي الروايات عليها , وأما قول الكرماني الشطر هو النصف ففي المراجعة الأولى وضع خمسا وعشرين وفي الثانية ثلاثة عشر يعني نصف الخمسة والعشرين بجبر الكسر وفي الثالثة سبعا , كذا قال . وليس في حديث الباب في المراجعة الثالثة ذكر وضع شيء , إلا أن يقال حذف ذلك اختصارا فيتجه , لكن الجمع بين الروايات يأبى هذا الحمل , فالمعتمد ما تقدم . وأبدى ابن المنير هنا نكتة لطيفة في قوله صلى الله عليه وسلم لموسى عليه السلام لما أمره أن يرجع بعد أن صارت خمسا فقال : استحييت من ربي , قال ابن المنير : يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم تفرس من كون التخفيف وقع خمسا خمسا أنه لو سأل التخفيف بعد أن صارت خمسا لكان سائلا في رفعها فلذلك استحيا ا ه . ودلت مراجعته صلى الله عليه وسلم لربه في طلب التخفيف تلك المرات كلها أنه علم أن الأمر في كل مرة لم يكن على سبيل الإلزام , بخلاف المرة الأخيرة ففيها ما يشعر بذلك لقوله سبحانه وتعالى : " لا يبدل القول لدي " . ويحتمل أن يكون سبب الاستحياء أن العشرة آخر جمع القلة وأول جمع الكثرة , فخشي أن يدخل في الإلحاح في السؤال لكن الإلحاح في الطلب من الله مطلوب , فكأنه خشي من عدم القيام بالشكر والله أعلم . وسيأتي في التوحيد زيادة في هذا ومخالفة . وأبدى بعض الشيوخ حكمة لاختيار موسى تكرير ترداد النبي صلى الله عليه وسلم فقال لما كان موسى قد سأل الرؤية فمنع وعرف أنها حصلت لمحمد صلى الله عليه وسلم قصد بتكرير رجوعه تكرير رؤيته ليرى من رأى , كما قيل : لعلي أراهم أو أرى من رآهم قلت : ويحتاج إلى ثبوت تجدد الرؤية في كل مرة . ‏

‏قوله : ( هن خمس وهن خمسون ) ‏
‏وفي رواية غير أبي ذر " هي " بدل " هن " في الموضعين , والمراد هن خمس عددا باعتبار الفعل وخمسون اعتدادا باعتبار الثواب , واستدل به على عدم فرضية ما زاد على الصلوات الخمس كالوتر , وعلى دخول النسخ في الإنشاءات ولو كانت مؤكدة , خلافا لقوم فيما أكد , وعلى جواز النسخ قبل الفعل . قال ابن بطال وغيره : ألا ترى أنه عز وجل نسخ الخمسين بالخمس قبل أن تصلى , ثم تفضل عليهم بأن أكمل لهم الثواب . وتعقبه ابن المنير فقال : هذا ذكره طوائف من الأصوليين والشراح , وهو مشكل على من أثبت النسخ قبل الفعل كالأشاعرة أو منعه كالمعتزلة , لكونهم اتفقوا جميعا على أن النسخ لا يتصور قبل البلاغ , وحديث الإسراء وقع فيه النسخ قبل البلاغ , فهو مشكل عليهم جميعا . قال : وهذه نكتة مبتكرة . قلت : إن أراد قبل البلاغ لكل أحد فممنوع , وإن أراد قبل البلاغ إلى الأمة فمسلم , لكن قد يقال : ليس هو بالنسبة إليهم نسخا , لكن هو نسخ بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ; لأنه كلف بذلك قطعا ثم نسخ بعد أن بلغه وقبل أن يفعل , فالمسألة صحيحة التصوير في حقه صلى الله عليه وسلم , والله أعلم . وسيأتي لذلك مزيد في شرح حديث الإسراء في الترجمة النبوية إن شاء الله تعالى . ‏

‏قوله : ( حبايل اللؤلؤ ) ‏
‏كذا وقع لجميع رواة البخاري في هذا الموضع بالحاء المهملة ثم الموحدة وبعد الألف تحتانية ثم لام , وذكر كثير من الأئمة أنه تصحيف وإنما هو " جنابذ " بالجيم والنون وبعد الألف موحدة ثم ذال معجمة كما وقع عند المصنف في أحاديث الأنبياء من رواية ابن المبارك وغيره عن يونس , وكذا عند غيره من الأئمة . ووجدت في نسخة معتمدة من رواية أبي ذر في هذا الموضع " جنابذ " على الصواب وأظنه من إصلاح بعض الرواة , وقال ابن حزم في أجوبته على مواضع من البخاري : فتشت على هاتين اللفظتين فلم أجدهما ولا واحدة منهما ولا وقفت على معناهما . انتهى . وذكر غيره أن الجنابذ شبه القباب واحدها جنبذة بالضم , وهو ما ارتفع من البناء , فهو فارسي معرب وأصله بلسانهم كنبذة بوزنه لكن الموحدة مفتوحة والكاف ليست خالصة , ويؤيده ما رواه المصنف في التفسير من طريق شيبان عن قتادة عن أنس قال " لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم قال : أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ " وقال صاحب المطالع في الحبائل قيل : هي القلائد والعقود , أو هي من حبال الرمل أي فيها لؤلؤ مثل حبال الرمل جمع حبل وهو ما استطال من الرمل , وتعقب بأن الحبائل لا تكون إلا جمع حبالة أو حبيلة بوزن عظيمة , وقال بعض من اعتنى بالبخاري : الحبائل جمع حبالة وحبالة جمع حبل على غير قياس , والمراد أن فيها عقودا وقلائد من اللؤلؤ . ‏

قديم 29-06-2007, 03:30 AM
المشاركة 34
..مٌهرةَ آلخيِلَ..
  • غير متواجد
][®][^][®][ دعـــــــــــــــــاء القنـــــوت ][®][^][®][



رُوي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال " علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر:

اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت "



أخرجه أبو داود.




وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( أفضل الصلاة صلاة القنوت )) أي صلاة الليل ..





و عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فال : كان النبي صلى الله عليه وسلم

إذا قام من الليل يتهجد

قال : " اللهم ربنا لك الحمد ، أنت قيِّمُ السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق ، ولقاؤك حق ، وقولك حق ، والنار حق ، والنبيون حق ، ومحمد حق ، والساعة حق ..

اللهم لك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكلت ، وإليك أنبت ، وبك خاصمت ، وإليك حاكمت ، فاغفر لي ماقدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت ، وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدم وأنت المؤخر ، لا إله إلا أنت ولا إله غيرك
"


.. رواه البخاري .



،
.




اللهمّ احفِظ وأسعد قلوب أحبَّتي

سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ، سُبْحَانَ اللَّه الْعَظِيم


قديم 07-07-2007, 06:43 PM
المشاركة 35
موقوف من قبل الادارة
  • غير متواجد
أحاديث في الجنة أحاديث في الجنة

عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال ‏ قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ما رأيت مثل ‏ النار نام ‏ هاربها ولا ‏ مثل الجنة نام طالبها . رواه الترمذي

عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏رضي ‏ الله ‏ عنه ‏ ‏قال ‏ قال النبي ‏ ‏صلى ‏ الله ‏ عليه وسلم ‏ ‏تحاجت الجنة ‏ والنار فقالت النار ‏ ‏أوثرت ‏ ‏بالمتكبرين ‏ ‏والمتجبرين ‏ ‏وقالت الجنة ما ‏ لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس ‏ ‏وسقطهم ‏ ‏قال ‏ الله تبارك وتعالى أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي وقال للنار إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منهما ملؤها فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول قط قط فهنالك تمتلئ ‏ ‏ويزوى ‏ ‏بعضها إلى بعض ولا يظلم ‏‏ الله‏ عز وجل من ‏ خلقه أحدا وأما ‏الجنة فإن ‏ الله ‏ عز وجل ‏ ‏ينشئ ‏ ‏لها خلقا . رواه البخاري

‏ ‏عن ‏ ‏جابر ‏ ‏قال ‏ أتى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏النعمان بن قوقل ‏ ‏فقال يا رسول الله أرأيت ‏ ‏إذا صليت المكتوبة وحرمت الحرام وأحللت الحلال أأدخل ‏ الجنة ‏ فقال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏نعم ‏. رواه مسلم

عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال ‏ قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏لا تدخلون ‏ الجنة ‏ حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ‏. رواه مسلم

عن ‏ ‏أبي ذر ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏ قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أتاني آت من ربي فأخبرني ‏ ‏أو قال بشرني ‏ ‏أنه ‏ ‏من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل ‏الجنة ‏ قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق ‏. رواه البخاري

‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ‏ أن أعرابيا أتى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال دلني على عمل إذا عملته دخلت ‏ الجنة ‏ قال ‏ ‏تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا فلما ولى قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏من سره أن ينظر إلى رجل من أهل ‏ الجنة ‏ فلينظر إلى هذا . رواه البخاري‏

‏ ‏عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‏ ‏سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم ‏ ‏وتوكل ‏ ‏الله للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه أن يدخله الجنة ‏ أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة ‏. رواه البخاري

عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏ قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏من آمن بالله وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله ‏ الجنة ‏ جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها فقالوا يا رسول الله أفلا نبشر الناس قال إن في ‏‏ الجنة ‏ مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط ‏‏ الجنة وأعلى الجنة ‏ أراه فوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة . رواه البخاري



عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏كل أمتي يدخلون الجنة ‏ إلا من أبى قالوا يا رسول الله ومن يأبى قال من أطاعني دخل ‏‏ الجنة ‏ ومن عصاني فقد أبى ‏. رواه البخاري

عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ عن رسول ‏ الله ‏ ‏ ‏صلى ‏ الله ‏ عليه وسلم ‏ قال لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل ‏ ‏إلى ‏ الجنة فقال ‏ ‏ ‏انظر إليها وإلى ‏ ما أعددت لأهلها فيها ‏‏ قال فجاءها ونظر إليها وإلى ‏ما ‏ أعد ‏ الله لأهلها فيها قال فرجع إليه ‏ قال ‏ فوعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها فأمر بها فحفت بالمكاره ‏ فقال ارجع إليها فانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها ‏‏ قال فرجع إليها فإذا هي قد حفت بالمكاره فرجع إليه ‏ فقال وعزتك لقد خفت أن لا يدخلها أحد ‏ قال اذهب إلى النار فانظر إليها وإلى ‏‏ ما أعددت لأهلها فيها فإذا هي يركب بعضها بعضا فرجع إليه فقال وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها فأمر بها فحفت بالشهوات ‏ فقال ارجع إليها فرجع إليها فقال وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها. رواه الترمذي

عن ‏ ‏عثمان بن عفان ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏ سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏أدخل الله ‏‏ الجنة رجلا كان سهلا قاضيا ‏ ‏ومقتضيا ‏ ‏وبائعا ومشتريا . رواه أحمد‏

عن ‏ ‏عبد الله بن عمرو بن العاصي ‏ عن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أنه قال ‏ ‏من لبس الذهب من أمتي فمات وهو يلبسه حرم الله عليه ذهب الجنة ومن لبس الحرير من أمتي فمات وهو يلبسه حرم الله عليه حرير ‏‏ الجنة . رواه أحمد

عن ‏ ‏عبد الله بن عمرو بن العاصي ‏ عن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أنه قال ‏ ‏من لبس الذهب من أمتي فمات وهو يلبسه حرم الله عليه ذهب الجنة ومن لبس الحرير من أمتي فمات وهو يلبسه حرم الله عليه حرير ‏‏ الجنة . رواه أحمد

قديم 07-07-2007, 06:52 PM
المشاركة 36
موقوف من قبل الادارة
  • غير متواجد
صحيح البخاري _كتاب الطب

باب: أيَّ ساعة يحتجم.
باب: الحجم في السفر والإحرام.
باب: الحجامة من الداء
باب: الحجامة على الرأس.
باب: الحجم من الشقيقة والصداع.


باب: أيَّ ساعة يحتجم.
واحتجم أبو موسى ليلاً. [ش (واحتجم..) ذكرها هنا ليشير إلى أنه لا يتعين وقت للحجامة، من ليل أو نهار. وانظر الصوم، باب: ()]. عن ابن عباس قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم. [ر: ].

باب: الحجم في السفر والإحرام.
قاله ابن بُحَينة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ر: ]. حدثنا مسدَّد: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن طاوُس، وعطاء، عن ابن عباس قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مُحْرِمٌ. [ر: ].

باب: الحجامة من الداء.
عن أنس رضي الله عنه: أنه سئل عن أجر الحجَّام، فقال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حجمه أبو طيبة، وأعطاه صاعين من طعام، وكلَّم مواليه فخففوا عنه، وقال: (إن أمثل ما تداويتم به الحجامة، والقسط البحري). وقال: (لا تعذِّبوا صبيانكم بالغَمْزِ من العُذْرَةِ، وعليكم بالقُسْطِ). [ر: ]. [ش (مواليه) الذين أعتقوه. (فخففوا عنه) من الخراج المفروض عليه. (القسط البحري) انظر الباب: (). (بالغمز) بالعصر برؤوس الأصابع. (العذرة) انظر: ]. حدثنا سعيد بن تليد قال: حدثني ابن وهب قال: أخبرني عمرو وغيره: أن بُكَيراً حدثه: أن عاصم بن عمر بن قتادة حدثه: أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: دعا المقنَّع ثم قال: لا أبرح حتى تحتجم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن فيه شفاء). [ر: ]. [ش (لا أبرح) لا أذهب من مكاني ولا أخرج].

باب: الحجامة على الرأس.
حدثنا إسماعيل قال: حدثني سليمان، عن علقمة: أنه سمع عبد الرحمن الأعرج: أنه سمع عبد الله بن بُحَينة يحدث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم بِلَحْيِ جمل من طريق مكة، وهو محرم، في وسط رأسه. وقال الأنصاري: أخبرنا هشام بن حسان: حدثنا عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في رأسه. [ر: ، ].

باب: الحجم من الشقيقة والصداع.
حدثني محمد بن بشار: حدثنا ابن أبي عدي، عن هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم في رأسه وهو محرم، من وجع كان به، بماء يقال له لحْيُ جَمَلٍ. وقال محمد بن سواء: أخبرنا هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم في رأسه، من شقيقة كانت به. [ر: ]. [ش (شقيقة) وجع في أحد شقي الرأس، والصداع ألم في أعضاء الرأس]. حدثنا إسماعيل بن أبان: حدثنا ابن الغسيل قال: حدثني عاصم بن عمر، عن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن كان في شيء من أدويتكم خير، ففي شربة عسل، أو شرطة محجم، أو لذعة من نار، وما أحب أن أكتوي).

فتح الباري شرح صحيح البخاري

كِتَاب الطب

باب أَيَّ سَاعَةٍ يَحْتَجِمُ

باب الْحَجْمِ فِي السَّفَرِ وَالْإِحْرَامِ

باب الْحِجَامَةِ مِنْ الدَّاءِ

باب الْحِجَامَةِ عَلَى الرَّأْسِ

باب الْحِجَامَةِ مِنْ الشَّقِيقَةِ وَالصُّدَاعِ

باب الْحَلْقِ مِنْ الْأَذَى

قوله: (باب الحلق من الأذى) أي حلق شعر الرأس وغيره



باب أَيَّ سَاعَةٍ يَحْتَجِمُ وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلاً

الشرح:

قوله: (باب أية ساعة يحتجم) في رواية الكشميهني " أي ساعة " بلا هاء، والمراد بالساعة في الترجمة مطلق الزمان لا خصوص الساعة المتعارفة.

قوله (واحتجم أبو موسى ليلا) تقدم موصولا في كتاب الصيام، وفيه أن امتناعه من الحجامة نهارا كان بسبب الصيام لئلا يدخله خلل، وإلى ذلك ذهب مالك فكره الحجامة للصائم لئلا يغرر بصومه، لا لكون الحجامة تفطر الصائم.

وقد تقدم البحث في حديث " أفطر الحاجم والمحجوم " هناك وورد في الأوقات اللائقة بالحجامة أحاديث ليس فيها شيء على شرطه، فكأنه أشار إلى أنها تصنع عند الاحتياج ولا تتقيد بوقت دون وقت، لأنه ذكر الاحتجام ليلا.

الحديث:

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ

الشرح:

ذكر حديث ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم " وهو يقتضي كون ذلك وقع منه نهارا، وعند الأطباء أن أنفع الحجامة ما يقع في الساعة الثانية أو الثالثة، وأن لا يقع عقب استفراغ عن جماع أو حمام أو غيرهما ولا عقب شبع ولا جوع.

وقد ورد في تعيين الأيام للحجامة حديث لابن عمر عند ابن ماجه رفعه في أثناء حديث وفيه " فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس، واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء؛ واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت والأحد " أخرجه من طريقين ضعيفين، وله طريق ثالثة ضعيفة أيضا عند الدار قطني في " الأفراد " وأخرجه بسند جيد عن ابن عمر موقوفا، ونقل الخلال عن أحمد أنه كره الحجامة في الأيام المذكورة وأن الحديث لم يثبت، وحكى أن رجلا احتجم يوم الأربعاء فأصابه برص لكونه تهاون بالحديث.

وأخرج أبو داود من حديث أبي بكرة أنه كان يكره الحجامة يوم الثلاثاء وقال " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يوم الثلاثاء يوم الدم، وفيه ساعة لا يرقأ فيها".

وورد في عدد من الشهر أحاديث: منها ما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة رفعه " من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء " وهو من رواية سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن سهيل بن أبي صالح، وسعيد وثقه الأكثر ولينه بعضهم من قبل حفظه.

وله شاهد من حديث ابن عباس عند أحمد والترمذي ورجاله ثقات، لكنه معلول.

وشاهد آخر من حديث أنس عند ابن ماجه، وسنده ضعيف.

وهو عند الترمذي من وجه آخر عن أنس لكن من فعله صلى الله عليه وسلم، ولكون هذه الأحاديث لم يصح منها شيء قال حنبل بن إسحاق: كان أحمد يحتجم أي وقت هاج به الدم وأي ساعة كانت.

وقد اتفق الأطباء على أن الحجامة في النصف الثاني من الشهر ثم في الربع الثالث من أرباعه أنفع من الحجامة في أوله وآخره، قال الموفق البغدادي: وذلك أن الأخلاط في أول الشهر تهيج وفي آخره تسكن، فأولى ما يكون الاستفراغ في أثنائه.

والله أعلم.

باب الْحَجْمِ فِي السَّفَرِ وَالْإِحْرَامِ

قَالَهُ ابْنُ بُحَيْنَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح:

قوله: (باب الحجم في السفر والإحرام، قاله ابن بحينة عن النبي صلى الله عليه وسلم) كأنه يشير إلى ما أورده في الباب الذي يليه موصولا عن عبيد الله بن بحينة " أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في طريق مكة " وقد تبين في حديث ابن عباس أنه كان حينئذ محرما، فانتزعت الترجمة من الحديثين معا، على أن حديث ابن عباس وحده كاف في ذلك، لأن من لازم كونه صلى الله عليه وسلم كان محرما أن يكون مسافرا، لأنه لم يحرم قط وهو مقيم.

وقد تقدم الكلام على ما يتعلق بحجامة المحرم في كتاب الحج، وأما الحجامة للمسافر فعلى ما تقدم أنها تفعل عند الاحتياج إليها من هيجان الدم ونحو ذلك فلا يختص ذلك بحالة دون حالة، والله أعلم.

باب الْحِجَامَةِ مِنْ الدَّاءِ

الشرح:

قوله: (باب الحجامة من الداء) أي بسبب الداء.

قال الموفق البغدادي: الحجامة تنقي سطح البدن أكثر من الفصد، والفصد لأعماق البدن، والحجامة للصبيان وفي البلاد الحارة أولى من الفصد وآمن غائلة، وقد تغني عن كثير من الأدوية، ولهذا وردت الأحاديث بذكرها دون الفصد، ولأن العرب غالبا ما كانت تعرف إلا الحجامة.

وقال صاحب الهدى: التحقيق في أمر الفصد والحجامة أنهما يختلفان باختلاف الزمان والمكان والمزاج، فالحجامة في الأزمان الحارة والأمكنة الحارة والأبدان الحارة التي دم أصحابها في غاية النضج أنفع، والفصد بالعكس، ولهذا كانت الحجامة أنفع للصبيان ولمن لا يقوى على الفصد.

الحديث:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الْحَجَّامِ فَقَالَ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفُوا عَنْهُ وَقَالَ إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ وَالْقُسْطُ الْبَحْرِيُّ وَقَالَ لَا تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنْ الْعُذْرَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالْقُسْطِ

الشرح:

قوله: (عبد الله) هو ابن المبارك.

قوله: (عن أنس) في رواية شعبة عن حميد " سمعت أنسا " وقد تقدمت الإشارة إليه في الإجارة.

قوله (عن أجر الحجام) في رواية أحمد عن يحيي القطان عن حميد " كسب الحجام".

قوله: (حجمه أبو طيبة) بفتح المهملة وسكون التحتانية بعدها موحدة، تقدم في الإجارة ذكر تسميته وتعيين مواليه، وكذا جنس ما أعطي من الأجرة وأنه تمر، وحكم كسبه، فأغني عن إعادته.

قوله: (وقال: إن أمثل ما تداويتم به الحجامة) هو موصول بالإسناد المذكور، وقد أخرجه النسائي مفردا من طريق زياد بن سعد وغيره عن حميد عن أنس بلفظ " خير ما تداويتم به الحجامة " ومن طريق معتمر عن حميد بلفظ " أفضل"، قال أهل المعرفة: الخطاب بذلك لأهل الحجاز ومن كان في معناهم من أهل البلاد الحارة، لأن دماءهم رقيقة وتميل إلى ظاهر الأبدان لجذب الحرارة الخارجة لها إلى سطح البدن، ويؤخذ من هذا أن الخطاب أيضا لغير الشيوخ لقلة الحرارة في أبدانهم.

وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن ابن سيرين قال: إذا بلغ الرجل أربعين سنة لم يحتجم.

قال الطبري.

وذلك أنه يصير من حينئذ في انتقاص من عمره وانحلال من قوى جسده، فلا ينبغي أن يزيده وهيا بإخراج الدم ا ه.

وهو محمول على من لم تتعين حاجته إليه، وعلى من لم يعتد به، وقد قال ابن سينا في أرجوزته: ومن يكن تعود الفصادة فلا يكن يقطع تلك العادة ثم أشار إلى أمه يقلل ذلك بالتدريج إلى أن ينقطع جملة في عشر الثمانين.

قوله: (وقال لا تعذبوا صبيانكم بالغمز من العذرة؛ وعليكم بالقسط) هو موصول أيضا بالإسناد المذكور إلى حميد عن أنس مرفوعا.

وقد أورده النسائي من طريق يزيد بن زريع عن حميد به مضموما إلى حديث " خير ما تداويتم به الحجامة " وقد اشتمل هذا الحديث على مشروعية الحجامة والترغيب في المداواة بها ولا سيما لمن احتاج إليها، وعلى حكم كسب الحجام وقد تقدم في الإجارة، وعلى التداوي بالقسط وقد تقدم قريبا، وسيأتي الكلام على الأعلاق في العذرة والغمزة في " باب اللدود".

الحديث:

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو وَغَيْرُهُ أَنَّ بُكَيْراً حَدَّثَهُ أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَادَ الْمُقَنَّعَ ثُمَّ قَالَ لَا أَبْرَحُ حَتَّى تَحْتَجِمَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ فِيهِ شِفَاءً

الشرح:

قوله: (حدثنا سعيد بن تليد) بمثناة ولام وزن سعيد، وهو سعيد بن عيسى بن تليد نسب لجده، وهو مصري، وثقه أبو يونس وقال: كان فقيها ثبتا في الحديث، وكان يكتب للقضاة.

قوله: (أخبرني عمرو وغيره) أما عمرو فهو ابن الحارث، وأما غيره فما عرفته؛ ويغلب على ظني أنه ابن لهيعة، وقد أخرج الحديث أحمد ومسلم والنسائي وأبو عوانة والطحاوي والإسماعيلي وابن حبان من طرق عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث وحده لم يقل أحد في الإسناد " وغيره " والله أعلم.

قوله: (أن بكيرا حدثه) هكذا أفرد الضمير لواحد بعد أن قدم ذكر اثنين، وبكير هو ابن عبد الله بن الأشج وربما نسب لجده، مدني سكن مصر، والإسناد إليه مصريون.

قوله: (عاد المقنع) بقاف ونون ثقيلة مفتوحة هو ابن سنان تابعي.

لا أعرفه إلا في هذا الحديث.

قوله: (إن فيه شفاء) كذا ذكره بكير بن الأشج مختصرا، ومضى في " باب الدواء بالعسل " من طريق عبد الرحمن ابن الغسيل عن عاصم بن عمر مطولا، وسيأتي أيضا عن قرب.

باب الْحِجَامَةِ عَلَى الرَّأْسِ

الشرح:

قوله: (باب الحجامة على الرأس) ورد في فضل الحجامة في الرأس حديث ضعيف أخرجه ابن عدي من طريق عمر بن رباح عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رفعه " الحجامة في الرأس تنفع من سبع: من الجنون والجذام والبرص والنعاس والصداع ووجع الضرس والعين".

وعمر متروك رماه الفلاس وغيره بالكذب، ولكن قال الأطباء: إن الحجامة في وسط الرأس نافعة جدا، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم فعلها كما في أول حديثي الباب وآخرهما وإن كان مطلقا فهو مقيد بأولهما، وورد أنه صلى الله عليه وسلم احتجم أيضا في الأخدعين والكاهل أخرجه الترمذي وحسنه وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم.

قال أهل العلم بالطب: فصد الباسليق ينفع حرارة الكبد والطحال والرئة ومن الشوصة وذات الجنب وسائر الأمراض الدموية العارضة من أسفل الركبة إلى الورك، وفصد الأكحل ينفع الامتلاء العارض في جميع البدن إذا كان دمويا ولا سيما إن كان فسد، وفصد القيفال ينفع من علل الرأس والرقبة إذا كثر الدم أو فسد، وفصد الودجين لوجع الطحال والربو ووجه الجنبين، والحجامة على الكاهل تنفع من وجه المنكب والحلق وتنوب عن فصد الباسليق، والحجامة على الأخدعين تنفع من أمراض الرأس والوجه كالأذنين والعينين والأسنان والأنف والحلق وتنوب عن فصد القيفال، والحجامة تحت الذقن تنفع من وجع الأسنان والوجه والحلقوم وتنقي الرأس، والحجامة على ظهر القدم تنوب عن فصد الصافن وهو عرق عند الكعب وتنفع من قروح الفخذين والساقين وانقطاع الطمث والحكة العارضة في الأنثيين، والحجامة على أسفل الصدر نافعة من دماميل الفخذ وجربه وبثوره ومن النقرس والبواسير وداء الفيل وحكة الطهر، ومحل ذلك كله إذا كان عن دم هائج وصادفه وقت الاحتياج إليه، والحجامة على المقعدة تنقع الأمعاء وفساد الحيض.

الحديث:

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ بِلَحْيِ جَمَلٍ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ فِي رَأْسِهِ

الشرح:

قوله: (حدثنا إسماعيل) هو ابن أبي أويس، وسليمان هو ابن بلال، وعلقمة هو ابن أبي علقمة، والسند كله مدنيون، وقد تقدم بيان حاله في أبواب المحصر في الحج.

قوله: (احتجم بلحمه جمل) كذا وقع بالتثنية وتقدم بلفظ الإفراد واللام مفتوحة ويجوز كسرها، وجمل بفتح الجيم والميم، قال ابن وضاح: هي بقعة معروفة وهي عقبة الجحفة على سبعة أميال من السقيا، وزعم بعضهم أنه الآلة التي احتجم بها أي احتجم بعظم جمل، والأول المعتمد، وسأذكر في حديث ابن عباس التصريح بقصة ذلك.

قوله: (في وسط رأسه) بفتح السين المهملة ويجوز تسكينها، وتقدم بيانه في كتاب الحج وقول من فرق بينهما.

قوله: (وقال الأنصاري) وصله الإسماعيلي قال: " حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا عبيد الله بن فضالة حدثنا محمد بن عبد الأنصاري " فذكره بلفظ " احتجم احتجامة في رأسه " ووصله البيهقي من طريق أبي حاتم الرازي حدثنا الأنصاري بلفظ " احتجم وهو محرم من صداع كان به أو داء، واحتجم فيما يقال له لحي جمل " وهكذا أخرجه أحمد عن الأنصاري، وسيأتي في الباب الذي بعده في حديث ابن عباس بلفظ " بما يقال له لحي جمل".

باب الْحِجَامَةِ مِنْ الشَّقِيقَةِ وَالصُّدَاعِ

الشرح:

قوله: (باب الحجامة من الشقيقة والصداع) أي بسببهما، وقد سقطت هذه الترجمة من رواية النسفي، وأورد ما فيها في الذي قبله، وهو متجه.

والشقيقة بشين معجمة وقافين وزن عظيمة: وجع يأخذ في أحد جانبي الرأس أو في مقدمه، وذكر أهل الطب أنه من الأمراض المزمنة، وسببه أبخرة مرتفعة أو أخلاط حارة أو باردة ترتفع إلى الدماغ، فإن لم تجد منفذا أحدث الصداع، فإن مال إلى أحد شقي الرأي أحدث الشقيقة، وإن ملك قمة الرأس أحدث داء البيضة.

وذكر الصداع بعده من العام بعد الخاص.

وأسباب الصداع كثيرة جدا: منها ما تقدم، ومنها ما يكون عن ورم في المعدة أو في عروقها، أو ريح غليظة فيها أو لامتلائها، ومنها ما يكون من الحركة العنيفة كالجماع والقيء والاستفراغ أو السهر أو كثرة الكلام، ومنها ما يحدث عن الأغراض النفسانية كالهم والغم والحزن والجوع والحمى، ومنها ما يحدث عن حادث في الرأس كضربة تصيبه، أو ورم في صفاق الدماغ، أو حمل شيء ثقيل يضغط الرأس، أو تسخينه بلبس شيء خارج عن الاعتدال، أو تبريده بملاقاة الهواء أو الماء في البرد.

وأما الشقيقة بخصوصها فهي في شرايين الرأس وحدها، وتختص بالموضع الأضعف من الرأس؛ وعلاجها بشد العصابة وقد أخرج أحمد من حديث بريدة " أنه صلى الله عليه وسلم كان ربما أخذته الشقيقة؛ فيمكث اليوم واليومين لا يخرج " الحديث.

وتقدم في الوفاة النبوية حديث ابن عباس " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد عصب رأسه".

الحديث:

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَأْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ بِمَاءٍ يُقَالُ لَهُ لُحْيُ جَمَلٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي رَأْسِهِ مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ بِهِ

الشرح:

(عن هشام) هو ابن حسان، وقوله: " من وجع " كان قد بينه في الرواية التي بعد.

قوله: (وقال محمد بن سواء) بمهملة ومد هو السدوسي، واسم جده عنبر بمهملة ونون وموحدة؛ بصري يكني أبا الخطاب، ما له في البخاري سوى حديث موصول مضى في المناقب؛ وآخر يأتي في الأدب وهذا المعلق، وقد وصله الإسماعيلي قال: " حدثنا أبو يعلي حدثنا محمد بن عبد الله الأزدي حدثنا محمد بن سواء " فذكره سواء.

وقد اتفقت هذه الطرق عن ابن عباس أنه احتجم صلى الله عليه وسلم وهو محرم في رأسه، ووافقها حديث ابن بحينة، وخالف ذلك حديث أنس: فأخرج أبو داود والترمذي في " الشمائل " والنسائي وصححه ابن خزيمة وابن حبان من طريق معمر عن قتادة عنه قال، احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم على ظهر القدم من وجع كان به، ورجاله رجال الصحيح؛ إلا أن أبا داود حكى عن أحمد أن سعيد بن أبي عروبة رواه عن قتادة فأرسله، وسعيد أحفظ من معمر، وليست هذه بعلة قادحة، والجمع بين حديثي ابن عباس وأنس واضح بالحمل على التعدد؛ أشار إلى ذلك الطبري.

وفي الحديث أيضا جواز الحجامة للمحرم وأن إخراجه الدم لا يقدح في إحرامه، وقد تقدم بيان ذلك في كتاب الحج، وحاصله أن المحرم إن احتجم وسط رأسه لعذر جاز مطلقا، فإن قطع الشعر وجبت عليه الفدية، فإن احتجم لغير عذر وقطع حرم؛ والله أعلم.

الحديث:

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْغَسِيلِ قَالَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ لَذْعَةٍ مِنْ نَارٍ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ

الشرح:

قوله: (حدثنا إسماعيل بن أبان) هو الوراق الأزدي الكوفي أبو إسحاق - أو أبو إبراهيم - من كبار شيوخ البخاري.

وهو صدوق، تكلم فيه الجوزجاني لأجل التشيع، قال ابن عدي: وهو مع ذلك صدوق.

وفي عصره إسماعيل بن أبان آخر يقال له الغنوي، قال ابن معين: الغنوي كذاب والوراق ثقة.

وقال ابن المديني: الوراق لا بأس به والغنوي كتبت عنه وتركته، وضعفه جدا.

وكذا فرق بينهما أحمد وعثمان بن أبي شيبة وجماعة، وغفل من خلطهما.

وكانت وفاة الغنوي قبل الوراق بست سنين، والله أعلم.

قديم 16-07-2007, 09:43 PM
المشاركة 37
موقوف من قبل الادارة
  • غير متواجد
فوائد من أحاديث الصيام


شرح:
الشيخ عبيد الله الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعود بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمنوا اتَّقُوا الله حقَّ ثقاته ولا تمُوتُنَّ إلَّا وأنتُم مُسْلِمُونَ ﴾
﴿يا أيُّهَا النَّاس أتَّقُو ربَّكُمْ الذِي خلقكُمْ مِنْ نفس واحِدة وخلق مِنْهَا زَوْجهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رجالا كثِيًرا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا الله الْذِي تتساءلون بهِ والأرْحام إنّ الله كانَ عليْكُمْ رقِيبَا﴾
﴿يا أيها الَّذِينَ آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ﴾
أما بعد :


بسم الله الرحمان الرحيم
المسالة الأولى : ﴿النهي عن صوم يوم الشك﴾:
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ،، لا تُقَدِّموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه،،. متفق عليه.
- عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ،،من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم،،

الشرح : يوم الشك : هو اليوم المكمل للثلاثين من شعبان .
والحافظ ابن حجر صدر كتاب الصيام بهذه المسألة لعدة فوائد:
1- النهي عن الصيام يوم الشك، والأصل في النهي التحريم، ومذهب الجمهور أن من صام يوم الشك ثم بان له بعدُ أنه من رمضان فإن صيامه غير مجزئ، بل عليه القضاء. وجاء عن ابن عمر وغيره: من تقدم رمضان بيوم أو يومين....فهدا اجتهاد منهم، ورحم الله من أخذ بمذهبهم.
والقاعدة الشرعية لا اجتهاد مع النص، فالعبرة بالنص لأنه فيه مراد الله ورسوله: وفيه التشريع، والاجتهاد ليس بمعصوم فنرجوا أن يكونوا مأجورين باجتهادهم.
2 – ،، إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه ،،.
رجل: للتغليب لا للتخصيص، إذ الرجال والنساء في هذا الباب سواء .
كان يصوم صوما: شامل لما كان نفلا كتعود الاثنين والخميس، أو فرضا كقضاء من رمضان أو نذرا أو كفارة، وهو غير أثم بصيام يوم الشك بل مأجور، وما ذلك إلا أنه لم يقتصد صيام يوم الشك.
3- في حديث عمار بن ياسر التشنيع الشديد على صائم يوم الشك، إذا وصفه بالمعصية، وهذا دليل على أنه متقرِّر عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تحريم صوم ذلك اليوم.


المسالة الثانية : ( تحري الهلال صوما وفطرا) .
-عن ابن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
،،إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، وإذا غُم عليكم فاقدروا ،،، وفي رواية فأكملوا العدة ثلاثين .
-صحابي قال للنبي صلي الله عليه وسلم ،، إني قد رأيت الهلال، فسأله النبي هل يشهد أن لا إله إلا الله وان محمد رسول الله، فقال نعم. فقال: يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غدا ،، رواه الخمسة عن ابن عباس.

الشرح: في الحديث عدة فوائد:
-وجوب تحري الهلال صوما وفطرا: أُخذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم:،،إذا رأيتموه....،،.
-إذا تعذر هلال رمضان أُكمل شعبان ثلاثين يوما، وإذا تعذر هلال شوال أُكمل رمضان ثلاثين يوما.
-لا يقبل في الهلال صوما وفطرا إلا شهادة العدل، ومن أهل العلم من رأى قبول الواحد في الصوم واشترط شهادة الاثنين في الفطر، ولعل الراجح هو الأول إنشاء الله تعالى.
-وحديث ابن عباس صححه أهل العلم لصحة معناه.


المسالة الثالثة: )تبييت النية للصائم(.
عن حفصة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم :،، قال من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له ،،.
عن عائشة رضي الله عنه قالت: ،،دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل عندكم شئ قالت لا فقال إني إذا صائم ثم أتانا يوما أخر فقالت أهدي إلينا... فقال: أرنيه فلقد أصبحت صائما فأكل ،، رواه مسلم.
في الحديثين فوائد:
-حديث حفصة بعمومه: وجوب تبييت النية من الليل فرضا كان أو نفلا. وهاهنا سؤال: من صام أيام معدودة كرمضان
)فرضا(او)نفلا( كست من شوال ، فهل يجدد النية كل ليلة أو يكتفي بالنية من أول ليلة‍‌؟
قولان لأهل العلم والراجح من قطع صيامه بفطر مبيح أو موجب ثم عاد بعده إلى الصيام فلا بد له من تجديد النية.
-يشكل على حديث حفصة في الظاهر حديث عائشة بعده، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه صائم حين لم يجد عند أهله طعاما وهذا دليل على أنه يبيت نية للصيام.
فيمكن الجمع بين الحديثين بحمل حديث حفصة على الفرض وحديث عائشة على التطوع.
-في الشطر الثاني من حديث عائشة ما يفيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل بعد أن كان صائما، وهذا لا يكون منه إلا في التطوع، وفيه شاهد من القاعدة الفقهية ( المتطوع أمير نفسه، إلا من أحرم بحج أو عمرة تطوعا فعليه إتمامهما).
المسالة الرابعةتعجيل الفطر).
-عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ،، لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر،، متفق عليه.
-قال النبي صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل: ﴿ أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا ﴾ حديث قدسي.

الشرح:
-و تعجيل الفطر للصائم قد بينه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: ،، إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم،،. فبان بهذا الحديث أن فطر الصائم لا يكون إلا بغروب الشمس، فمن أكل أو شرب ظانا غروب الشمس لأنها كانت محجوبة عنه بغيم أو قطر ثم تبين له بعد أن الشمس لم تغرب فعليه الإمساك حتى تغرب الشمس ولا قضاء عليه في الصحيح من الأقوال، لأنه لم يتعمد الفطر، بل ظن غروب الشمس فهذا من الخطأ الذي عفي لهذه الأمة عليه.


المسالة الخامسةالأمر بالسحور).
عن انس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ،، تسحروا فان في السحور بركة،،.

الشرح:
والسحور بالفتح هو الأكل في السحر، وهو سنة مؤكدة، وفي الحديث حكم وعلته:
الحكم: الأمر بالسحور، علته: البركة
فقوله صلى الله عليه وسلم (تسحروا)، أمر بالسحور.
وفي الحديث الآخر: ،، فصلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر ،،.
وقوله عليه السلام: ،،فان في السحور بركة،، علة الأمر بالسحور، والبركة في السحور ما يجده الصائم في ذلك من القوة على صيامه، فكلما كان السحور قريب من الفجر كان أقوى للصائم لا سيما في الصيف الذي يطول فيه النهار.


المسالة السادسة: (على أي شيء يفطر الصائم):
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ،،إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فان لم يجد فليفطر على ماء فانه طهور ،، رواه الخمسة وصححه الحاكم.

الشرح: في الحديث الآخر أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يفطر على رطب،فان لم يجد فعلى تمر فان لم يجد حسا حسوات من ماء.
والمقصود أن الصائم إذا غربت عليه الشمس ينبغي له أن يفطر على ما تيسر لديه.
والقصد إلى الرطب والتمر لما في ذلك من تنشيط المعدة وراحة الكبد.


المسالة السابعة: (في الصوم عن كل قول وفعل محرم).
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:،،من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه،، رواه البخاري وأبو داود واللفظ له.

الشرح: في الحديث دليل على أنه لا يراد من الصيام الإمساك عن الطعام والشراب وسائر المباحات فحسب، بل المراد منه الإمساك أيضا عن المحرمات، ففيه زجر وتقريع فكأنه قيل له أمسكت عما أحل الله، فلماذا لا تمسك عما حرم الله ؟


المسالة الثامنةالقبلة والمباشرة للصائم نهارا).
عن عائشة رضي الله عنه كان النبي صلي الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملككم لإربه، وزاد في رواية في رمضان،، متفق عليه واللفظ لمسلم.

الشرح :
أفاد هذا الحديث جواز ذلك للصيام، إذا كان قادرا على كبح جماح نفسه عن الشهوة ، أما إذا كان غير قادر فلا، سدا للذريعة ودرءا للمفسدة المترتبة على ذلك، ويرشد إلى هذا قول عائشة رضي الله عنه حين أخبرت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصنع ذلك(ولكنه كان أملككم لإربه). تعني أنه صلى الله عليه وسلم أقدر على كبح شهوة نفسه.


المسالة التاسعةالحجامة للصائم نهارا).
-عن ابن عباس رضي الله عنه ،، أن النبي صلي الله عليه وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم ،، رواه البخاري.
-عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم أتى على رجل بالبقيع وهو يحتجم في رمضان فقال
أَفطَر الحاجم والمحجوم،، رواه الخمسة إلا الترمذي ، وصححه ابن حبان وأحمد وابن خزيمة.
-عن انس بن مالك رضي الله عنه قال :،، أول ما كُرِهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمربه صلي الله عليه وسلم فقال أفطر هاذان،، ثم رخص النبي صلي الله عليه وسلم في الحجامة للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم، ، رواه الدارقطني وقواه .

الشرح : في المسالة ثلاثة اوجه :
1- في حديث ابن عباس النص الصريح على أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم مرتين ، إحداهما وهو صائم والأخرى وهو محرم، ولم يصح عنه أنه احتجم صائما محرما، وفي هذا دليل على أن الحجامة للصائم في النهار غير مفطرة.
2- في حديث شداد النص صراحة على تفطير الحجامة للصائم، وهذا مستفاد من قوله عليه السلام (أفطر الحاجم والمحجوم)، وهذا يُشكِل في الظاهر على حديث ابن عباس قبله، وإلى حديث شداد ذهب الامام أحمد ومن وافقه- رحمهم الله-.
3- يفيد حديث أنس أن تفطير الحجامة للصائم كان أول الأمر ثم نسخ بعد، والشاهد لذلك منه قول أنس:،، ثم رخص النبي صلي الله عليه وسلم في الحجامة للصائم،،، ولفضة رخص هي إحدى الطرق التي يعرف بها النسخ، وهذا هو أرجح الأقوال إن شاء الله في الباب.
وعليه فإن الحجامة غير مفطرة للصائم، ولكنها تكره في حق من خشي الضعف علي نفسه ومن ثمة الفطر، فإنه يؤمر بالحجامة ليلا ومثل الحجامة في هذا الحكم سحب الدم للتحليل أو لإسعاف المريض والله أعلم.



المسالة العاشرةفي الاكتحال للصائم نهارا).
عن عائشة رضي الله عنه ،، أن النبي صلى الله عليه وسلم اكتحل في رمضان وهو صائم ،، رواه ابن ماجة بإسناد ضعيف وقال الترمذي لا يصح في هذا الباب شيء.

الشرح:
حديث الباب ضعيف، وكما قال الترمذي لا يصح في الباب شيء، قلت: وعليه فان الاكتحال للصائم في النهار يبقى على البراءة الأصلية ما دام أنه لم يرد فيه الشارع إذن ولا منع: الأصل خلو الذمة من التكليف، ويعبر عنه: الأصل في العبادات الحظر إلا بنص، والأصل في المعاملات الإباحة إلا بنص.


المسالة الحادية عشرفيمن أصابه القيء وهو صائم).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ،، من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء،،، رواه الخمسة وعله احمد وقواه الدارقطني .

الشرح:
في هذا الحديث، بيان أن من أصابه القيء له حالتان:
أولا : أن يذرعه القيء يعني يصيبه دون اختياره، فإنه لا قضاء عليه في هذه الحالة.
ثانيا: أن يستقيء يعني يتسبب في القيء بإدخال أصبعه في فمه مثلا أو يعمد إلى شم الروائح الكريهة المنتنة فهذا عليه القضاء .


المسالة الثانية عشرفي الرخصة للشيخ ونحوه).
عن ابن عباس رضي الله عليه ،، قال رُخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه،،. رواه الدارقطني والحاكم وصححه.

الشرح:
هذا هو مذهب ابن عباس رضي الله عليه ، ويشير الحديث إلى أن فرض الصيام كان مرحلتين:
1- التخيير بين صوم رمضان مع الفدية فكانوا من شاء صام ومن شاء أفطر وفدا عن كل يوم مسكينا
2- نسخ هذا التخيير وتعيين صيام رمضان لقوله تعالى ﴿ فمن شهد منكم الشهر فليصمه ﴾
وبقيت هذه الآية التي ذكرها ابن عباس رخصة في حق الشيخ الكبير والعجوز الذين يتكيلفون تاصيام ويشق عليهم أو يعجزون عنه لكبر السن، فانهم عليهم الإطعام عن كل يوم مسكينا، ومثل أولئك المريض الذي لا يرجى شفاؤه إذا كان الصيام يشق عليه.


المسالة الثالثة عشرفيمن أدركه الصوم من الصائمين وهو جنب).
عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يصبح جنبا من الجماع ثم يغتسل ويصوم . متفق عليه.
وزاد مسلم في حديث أم سلمة(ولا يقضي).

الشرح:
في هذا الحديث فوائد عدة .
1- صحة صيام من أدركه الصبح ولم يغتسل من الجنابة.
2- صحة الاحتجاج بأخبار الآحاد وقد أجمع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك في وقائع كثيرة هذا منها .
3- جواز الإخبار بالسر لا سيما ما بين الزوجين إذا ترتب على ذلك مصلحة شرعية.
تنبيه: يعكر على الحديث الباب حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( من أصبح جنبا فلا صيام له)، والجواب أن هذا الحديث منسوخ والله اعلم .


المسالة الرابعة عشرجواز إتيان الرجل أهله في ليلة رمضان).
عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم ).

الشرح:
هذا الحديث فيه جواز إتيان الرجل أهله في ليالي رمضان وأنه لا بأس في ذلك، مصداق ّلك في قوله تعالى :
﴿ فالان باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلو واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ﴾
ولهذا يقولون من جامع أهله أدركه الفجر وهو يجامع فان نزع حين يتنبه فلا شيء عليه، وإن استمر فإنه عليه الكفارة،لأنه تعمد ، فالذي نزع وهو مجامع (في هذا الحال) ما تنبه للصبح يظن أن الوقت باق، لكن بينما هو على هذه الحالة سمع الأذان فينبغي له أن ينزع، وإلا فسد عليه صيام ذلك اليوم، وعليه الإمساك والقضاء، وكفارة عليه.
الأمر الثاني الذي أفاده الحديث ، انه لا حرج على من أتى أهله ليلة الصيام وترك الغسل حتى يقوم للصلاة( أي حتى يسمع الأذان فيغتسل ويصلي)، وهذا الحديث في الظاهر يعارضه حديث أبي هريرة :،، من أدركه الصبح وهو جنب فلا صوم له،،، ولما استكشف قال حد ثنيه أسامة بن زيد، فالجواب أن حديث أبي هريرة الذي أرسله عن أسامة بن زيد منسوخ لهذا الحديث .


المسالة الخامسة عشرصوم من أدركه الفجر وهو جنب).
عن عائشة رضي الله عنها أن رجل جاء إلى النبي صلي الله عليه وسلم يستفتيه وهي تسمع من وراء الباب،
( فقال: يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جنب أفا أصوم ؟ فقال رسول الله: وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم، فقال : لستَ مثلنا يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال : والله إني لأرجوا أن أكون أخشاكم لله أعلمكم بما أتقي ).

الشرح :
في الحديث عدة فوائد:
1- قبول خبر الواحد وقد أجمع الصحابة علي ذلك، واستدلو به في وقائع كثيرة منها إخبار أزواج النبي صلي الله عليه وسلم عن حاله في بيوته، وهذا الخبر من العزيز إذ هو من رواية عائشة،والعزيز هو من أقسام الآحاد.
2- حرص الصحابة رضي الله عنهم على فقه السنة من نبيهم وهذا حين كان موجودا بينهم فانهم قلَّ أن يأخدوا عن غيره.
3- حرص ذلك الرجل على ما ينفعه، وذلك انه قال : (يا رسول الله أنت لست مثلنا ...وما تأخر )، وهو ليس شاكا فيما اعلمه نبيه صلي الله عليه وسلم ولاكن أراد أن يستوثق وأن يطمئن قلبه حتى يكون على بينة من أمره، ولهذا فللنبي صلي الله عليه وسلم لم يقل إنك شاك وإنما قال إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله...أتقي ). فذل هذا الكلام أن ما يصنعه سنة وليس أمرا خاصا به صلي الله عليه وسلم .

يتبع

قديم 16-07-2007, 09:45 PM
المشاركة 38
موقوف من قبل الادارة
  • غير متواجد
المسالة السادسة عشرفي وقت السحور).
عن انس بن مالك عن زيد بن ثابت رضي الله عنهما قال ( تسحرنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة قال أنس قلت لزيد كم كان بين الأذان والسحور، قال: قدر 50 آية).

الشرح :
الحديث فيه نكتة إسنادية لطيفة وهي رواية صحابي عن صحابي.
1- أفاد حديث زيد أن الاجتماع على السحور أمر مشروع، ولهذا قال تسحرنا مع رسول الله، فقد نالوا أمرين: الاجتماع، ومشاركة النبي وهذه بركة.
2- في حديث زيد تنبيه إلى انه ينبغي أن يقرب السحور من صلاة الفجر، وفي هذا حكمة وهي انه يبدأ صيامه بعد طعام وينهي سحوره في آخر الليل وهذا تنشيط وتقوية له.
فهنا قال قدر 50آية، والظاهر أنهم يقصدون القراءة المعتدلة التي ليست حدرا (هذا)ولا تمطيط فيها، وهذه لعلها تقدر بربع ساعة لأنهم رضي الله عنهم يقومون للصلاة عند الآذان أو بعيد الآذان فلا يظن ظانٌ انهم يأكلون ويشربون حتى تقام الصلاة أبدا، لان عندنا في القرآن( وكلوا وأشربوا...من الليل)،فالقول المتقرر عندهم الإمساك مع أذان الفجر لأن المؤذن عندهم يؤذن مع انبثاق الفجر وخروج الليل.


المسالة السابعة عشرفي صفة الفجر الذي يحرم الأكل على الصائم).
عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال ،، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل حتى يستطيل هكذا، وحكاه حماد بيديه قال: يعني معترضا،،.

الشرح:
هذه الترجمة فيها تنبيه بل الدليل الصريح على أن الفجر فجران :
-فجر لا يمنع من الأكل ولا من الشرب ، وهذا الذي بينه في قوله(لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال)، فهذا لا يمنع الصائم من شيء لا من أكل ولا من شرب ولا من جميع المفطرات، كلها مباحة له.
-فجر يمنع من الأكل و الشرب ،ويجب الإمساك معه عن جميع المفطرات وهذا هو الذي يسمى الفجر الثاني أو الفجر الصادق، وهو الأبيض المعترض في الأفق، والأول مثل ذنب السرحان(الذئب).
-وفي الحديث دليل على التأذين وقت السحر أو التأذين قبل الفجر الصادق.


المسالة الثامنة عشرفي قوله تعالى ﴿حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ﴾).
عن سعد بن سهل رضي الله عنه قال:،،لما نزلت هذه الآية(وكلوا وأشربوا...الأسود)،قال فكان الرجل إذا أراد الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأسود والخيط الأبيض، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رأيهما فأنزل الله بعد ذلك(من الفجر) فعلموا أنم يعني بذلك الليل والنهار.،،

الشرح:
الآية التي نقرأ بها في مصاحفنا﴿ وكلوا وأشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ﴾
وهذا الحديث يدل على أن الآية نزلت متفرقة، كما جرت حكمة الله عز وجل، وتربيته لنا بالقرآن على لسان نبيه صلي الله عليه وسلم فانه ينزل القرآن مفرقا ومنجما.
فنزل أولا(وكلوا وأشربوا...الأسود)، فقط، فعمل الصحابة على ما يعرفونه من اللغة فالله خاطبهم بلغتهم فصاروا يأكلون ويشربون حتى يروا الخيطين واحد أسود وواحد أبيض(خيطين حِسيين)، وهذا دليل على جواز العمل بالنص وفق اللغة، ولا تثريب ولا شيء عليه حتى يتبين الشارع نفسه المراد.
ثم بعد ذلك نزل قوله تعالى(من الفجر) فتوقفوا عن الخيطين وتركوهما وفهموا أن مراد الله بالخيطين هو الليل والنهار، فالخيط الأسود هو بقاء الليل والخيط الأبيض هو ظهور النهار. ولم يكن عليهم القضاء لما فعلوه قبل نزول الآية، والله له الحكمة البالغة كما له الحجة البالغة، فهو أراد أن يفعل عباده كذا ثم يفعلوا كذا، وهو صاحب الشرع لا يُسأل عن ما يفعل.
فإذا انبلج ضوء النهار بالفجر الصادق وغطى ظلام الليل أصبح الإمساك واجبا.


المسالة التاسعة عشرفي أن بلال يؤذن بليل فكلوا وأشربوا).
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: ،،كان لرسول الله مؤذنان بلال وابن أم مكتوم الأعمى فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : إن بلال يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، قال فلم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا ،،.

الشرح:
في الحديث عدة فوائد:
1- أن الآذان الأول ليس فيه إمساك بل مجرد تنبيه، كما في بعض الروايات( حتى يستيقظ نائمكم ويعود قائمكم) أو كما قال.
2- جواز اتخاذ الأعمى مؤذنا إذا كان ضابطا للوقت، فجاء في بعض الروايات انه لا يؤذن حتى يقال له أصبحت أصبحت، فلم يكن في ذلك الوقت ساعات وليس هناك مؤذن في المدينة يتبعه هذا الأعمى إلا هو فكان الناس يبتدرون المسجد وينبهونه.
والآن ولا حول ولا قوة إلا بالله ونسأل الله عز وجل أن يمن على المسلمين بفعل الخيرات ،يؤذن المؤذن ولا أحد في المسجد إلا هو.
3- وفي الحديث فضيلة من الفضائل ابن أم مكتوم رضي الله عليه إذ اتخذه النبي مؤذن مع انه أعمى .
4- الحديث يدل علي انه ليس هناك فاصل طويل بين الأذانين لان المقصود في الأذان الأول التنبيه إلى قرب الفجر، وليس المقصود منه أكلة السحر، والمقصود بالأذان الثاني دخول وقت الفجر.


المسالة العشرينإذا اقبل الليل وغربت الشمس أفطر الصائم).
عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : ،، كان مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في سفر في شهر رمضان ، فلما غربت الشمس قال يا فلان انزل فاجدح ، قال: يا رسول الله إن عليك نهارا، قال: إنزل فاجدح لنا ، قال: فنزل فجدح فأتاه به فشرب النبي صلي الله عليه وسلم ثم قال بيده إذا غربت الشمس من ها هنا وجاء الليل من ها هنا فقد افطر الصائم،،.

الشرح:
المراد بالحديث ، هو بيان الحديث الآخر( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر )، فهذا الحديث نبين لتعجيل الفطر لأنه يكون بغروب الشمس.
ثم لو بان له بعدُ أن الشمس لم تغرب فعليه الإمساك حتى تغرب الشمس ويفطر ولا قضاء عليه في الراجح من قولي أهل العلم لأنه أفطر بطريق الخطأ ليس متعمدا، والخطأ معفو عنه لهّده الأمة، وقد يسمع بعض الناس أذان ، قد يخطئ المؤذن نفسه وقد يسمع أذان في المذياع ويضنه آذان المدينة، ثم بعد أن يأكل إما أن يتفطن أو يأتيه من يفطنه ، فان كان تفطن قبل آذان بلده يمسك فورا ، وان لم يتفطن حتى يأذن مؤذن بلده فنقول لا شيء عليه لأنه لم يتبين الحال عنده حتى سمع أذان بلده.


المسالة الواحدة والعشرونفي الصائم يدعى لطعام فيقول إني صائم).
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم إذا دعي أحدكم إلا طعام وهو صائم فليقل: إني صائم .).

الشرح:
الظاهر أن هذا من باب تطييب فاطر الداعي ، أحيانا يكون الداعي متكلف لمن يدعوا، فان رأى أنه يطمئن خاطره وينجذب يقول: إني صائم فكلمة إني صائم إشعار بأنه في عبادة، والعبادة تطمئن لها كثيرا من النفوس إلا المريضة ، وهذا أبلغ وأفضل واحب من قوله لا أريد أو لا أستطيع أن آكل .
لكن أحيانا لا يعذر الداعية من أتاه ويلحظ المدعو أن في رضه حرجا، وهنا يأخذ بحديث،، إذا دعي أحدكم إلا طعام فليجب ،، هذا من ناحية، من ناحية أخري الصوم قد يكون تطوعا، وقد يكون فرضا، فان كان فرضا لا يفطر يكتفي بقوله إني صائم، وإن كان تطوعا أفطر ولعل هذا أفضل له إن شاء الله ( والمتطوع أمير نفسه إلا من أحرم بحج أو عمرة فعليه إتمامهما).


المسالة الثانية والعشرونفي من نسي وهو صائم فأكل وشرب).
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال :،، من نسي وهو صائم فأكل وشرب، فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه،،.

الشرح:
هذا الحديث يتضمن قاعدة عظيمة وجليلة وهي العفو: عفو الله عز وجل عن العباد فيما نسوا من المأمورات،فالمسلم مأمورا أن يكف نهار الصيام عن الأكل والشرب وجميع المفطرات، ولكن الله عفى عن هذا المسلم الذي نسي في نهار صيامه فأكل أو شرب، فان النبي ذكر له شيئين:
1- أن يتم صومه.
2- في قوله:،، فإنما أطعمه الله وسقاه،،، وهذه إشارة إلى أنه لا أثم عليه ولا قضاء وهذا هو التحقيق، وان كان قال بعض أهل العلم أنه يتم صيامه ويقضي، والمرفوع عنه هو فقط الإثم، أما القضاء فهو واجب، فنقول لهؤلاء العلماء-رحمهم الله- لو أراد الشارع القضاء لقال،،وليقضي يوما مكانه،، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة: لو كان القضاء واجبا فالحاجة داعية إلى أن يؤمر بالقضاء، فلما لم يؤمر بالقضاء في هذا علمنا أنه لا قضاء عليه.

يتبع

قديم 16-07-2007, 09:46 PM
المشاركة 39
موقوف من قبل الادارة
  • غير متواجد
المسالة الثالثة والعشرونفي من جامع يوما في رمضان).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلي الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت، قال: وما أهلكك،قال:وقعت على امرأة في رمضان وأنا صائم،وفي رواية أصبحت أهلي في رمضان، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم هل تجد من رقبة فتعتقها، قال:لا،فقال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين، قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا، قال: لا، ثم جلس فأوتي النبي صلي الله عليه وسلم بعرق فيه تمر فقال: تصدق بهذا، فقال: أعلى أفقر منا، فما بين لابتيها أهل بيت أحوج لمن إليه منا، فضحك النبي صلي الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال: اذهب فأطعمه أهلك،، رواه السبعة واللفظ لمسلم،،

الشرح:
هذا الحديث الكلام عليه من عدة أوجه.
1- إشفاق ذلك الرجل على نفسه(في بعض الروايات هو سلمة بن صخر البياضي رضي الله عنه) فانه علم أنه عصى الله عز وجل، ولهذا عبر بعبارة " هلكتْ"،لاستشعاره بأنه فعل ما أمره الله بالإمساك عنه.
2- قال( الأعرابي كما هو في بعض الروايات ) انه يضرب صدره وينتف شعره ويقول يا رسول الله هلكت وأهلكت، عصيت أهلي في نهار رمضان(عدة أوصاف). هذه الأوصاف أي وصف منها اعتبرها النبي صلي الله عليه وسلم واعتد به في وجوب الكفارة عليه؟ وصف واحد، وهذا يسميه العلماء تنقيح المناط- تهذيب العلة وتصفيتها بإلغاء ما لا يصلح من الأوصاف واعتبار الصالح فقط، فانظروا لو جاء حضري ومشى على مهله وجلس جلوسا عاديا ثم استفتي فهل تقولون له لابد أن تفعل مثلما فعل سلمة (أي الاتصاف بأوصافه ) لا.
3- في قوله: هل ،هل،هل ثلاثة أسئلة فالكفارة هل هي مغيرة أم مرتبة وما حجتكم ، نقول مرتبة والدليل ما جاء في الحديث .
4- إذا لم يجد المسلم شيئا من هذه الكفارة ( سئل عن الرقبة فلم يجدها ، عن الصيام فأخبر أنه لا يستطيع، عن الإطعام فأخبره أنه لا يجد ذلك ) نقول سقطت عنه، ولو اغتني بعد ذلك تجب عليه لأن المانع من الكفارة في جميع مراحلها الثلاثة هو عدم القدرة ماديا وجسميا، فإذا قدر لزمه بحسبه.
هل يشترط في إعطاء هذه الكفارات عدم المسيس؟
في القرآن : قال: (من قبل أن يتماسا)، وهنا أطلق فنقول : لا يشترط عدم المسيس، سواء مس امرأته أو لم يمسها لأنه لم يقع منه ظهار ولكنه عوقب بكفارة الظهار .
-سؤال: ماذا يصنع بهذا اليوم؟ فهل هو معفو عنه أوأنه يقضيه ؟
الصواب: أنه يقضيه لأنه وردت أحاديث في المعني تفيد القضاء .
-متى نقول أن العبد مفطر في رمضان ويستحق التعذيب أو العقوبة؟
ويخرج بذلك الليل: ليل رمضان، العمد، ذِكرُ صيامه أي يكون متذكرا للصيام، مختارا .
وعلي هذا فان لاشيء على الناسي والمخطأ فلو أن رجلا نام بجوار زوجه في الظهر ثم نظر إلي الساعة يظنه قبل الفجرفجامعها ليس عليه شيء، هذا مخطئ،(أو نسي كلاهما الصيام .)
-ماذا يترتب على الفطر إذا توفرت هذه الشروط؟
الإثم ، الإمساك بقية اليوم، القضاء، الكفارة.
5- في قوله صلي الله عليه وسلم ( تصدق به)، فيه دليل على معاونة صاحب الكفارة ، سواء من قبل الإمام أو من غيره ، في قوله (وأطعمهُ أهلك أو كُله ) فيه دليل على أنه مادام محتاجا لا تجب عليه الكفارة ، في هذه الحالة إلا أن يستغني .


المسالة الرابعة والعشرونفي تأخير قضاء رمضان إلى شعبان).
عن عائشة رضي الله عنها قالت :،، كان يكون علي الصوم في رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان، فالشغل من رسول الله صلي الله عليه وسلم أو برسول الله صلي الله عليه وسلم،،.

الشرح :
في الحديث عدة فوائد .
1- وطء عائشة رضي الله عنها في رمضان لزوجها لَنِعمة الزوجان هما ونعمة أم المؤمنين هي ، رغمت أنوف الرافضة، هذه فضيلة من فضائلها ، ومنقبة من مناقبها : برها ووفائها لزوجها يجعلها تؤخر القضاء حتى شعبان.
2- لاشك أنه ينبغي على المسلم الذي أفطر أياما من رمضان أن يسارع ، لأن هذا دين عليه، ولا يدري متى يأتيه أجله ، ونقول أنه من الواجب الموسع والدليل أن النبي صلي الله عليه وسلم
أقر عائشة على تأخير ما أفطرته من رمضان فلو كان الواجب مضيقا لأمر النبي المسلمين الذين أفطروا في رمضان لعذر أن يصوموا مبكرا وينهاهم عن التأخير، فتعجيل قضاء رمضان أمر مستحب ومرغوب فيه ومندوب إليه، وكلما قدمه المسلم كان خير وأفضل له ، ولاكن لا تثريب لمن أخره لكثرة مشاكل أو أمور أو أمراض كما جاء في الحديث .
هل يجوز تأخير قضاء رمضان إلى ما بعد رمضان الآخر ؟
كما قدمت لكم الأولى عدم ذلك ، ألا يؤخر عن شعبان، لكن لو أن مسلما أو مسلمة أخر قضاء رمضان حتى يدركه رمضان الآخر ، فأهل العلم متفقون على وجوب القضاء ، والجمهور قالوا : إن كان بعذر فلا شيء عليه، مثل امرأة أدركها الحمل وهي لا تستطيع أن تقضي ، أو رجل أعاقته أمراض أو أسقام عن القضاء .
أما إذا كان مفرطا فان عليه القضاء مع الكفارة: يطعم عن كل يوم مسكينا ، وحجتهم أن عائشة أخرت إلى شعبان ولم يمكنها التأخير إلى ذلك، وقالت طائفة: ليس عليه كفارة وإنما عليه القضاء فقط ، وهذا الراجح عندي وأسمعوا الأدلة:
1- حديث الباب ليس فيه إلا إقرار النبي لعائشة على تأخير القضاء لما فاتها من رمضان إلى شعبان ، وأما ما بعد ذلك فهو مسكوت عنه لم يرض فيه أمر ولا نهي وان كان أفتى به بعض الصحابة.
2- أن الشارع أطلق في قوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر )، ولم يقيد هذه العدة بل أطلقها والأصل أن ما أطلقه الشارع يبقى على إطلاقه حتى يأتي دليل يقيده الشارع نفسه .


المسالة الخامسة والعشرونقضاء الصيام عن الميت).
عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال:،، من مات وعليه صيام صام عنه وليه) أخرجه أبوا داود.
عن ابن عباس رضي الله عنه قال : ( جاء رجل إلى النبي صلي الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر ، أفا أقضيه عنها ، قال : لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها ، قال: نعم،قال: فدين الله أحق أن يقضى).
وفي رواية جاءت امرأة إلى النبي صلي الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر ، أفا أصوم عنها قال: أفرأيت إن كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدي ذّلك عنها قالت:نعم، قال: فصومي عن أمك).

الشرح :
-الميت الذي يموت وعليه صيام له حالتان:
1- حالة لا يتمكن فيها من أداء الصوم لمرض استمر به حتى مات، ولم يتمكن من القضاء ، فمن كانت هذه حالته لا يقضى عنه رمضان أبدا .
2- أن يفطر أياما من رمضان بالمرض ، ثم يصح ويتمكن من القضاء ثم يأتيه أجله ، فهذا مات وعليه القضاء،وهو الذي يقضي عنه وليه ، وإن كان له عدة أولياء فاقتسموا لابأس .
-قضاء الديون الأخرى ، كالنذر والكفارة، فهذا لابد من قضائه ، سواء تمكن من ذلك أو لم يتمكن ، لأننا نقول مات وعليه صيام .
إذن المسألة تتكون من فرعين :
1- من افطر أياما من رمضان ثم مات فهذا له حالتان :
أ- ألا يتمكن من القضاء( استمر به المرض حتى وافاه الأجل أو شفي أياما قليلة ولم يستطع القضاء ) فهذا لا قضاء عليه.
ب- أن يصح ويشفى ويتمكن من القضاء لكنه لم يقضي . فهذا يقضىعنه أولياؤه ما أفطره من رمضان .
2- صيام غير رمضان :نذر أو كفارة أو فدية أذى أو صيام على ركوب محظور فهذا سواء تمكن أو لم يتمكن لابد من القضاء عنه ، لأنه يدخل تحت الحديث ( من مات وعليه صوم ...)، وهذا من ألفاض العموم ولا يخرج عن ذلك إلا بمخصص.
سؤال: في صوم أولياء الميت عنه هل يشترط التتابع ؟
هذا الذي يظهر ، إذ أن بعض الناس يخطئون يكون على ميتهم شهر ، وهم ثلاثين ويصومون كلهم في يوم واحد، في هذه الحالة فقد صاموا يوما واحد ولم يصوم شهرا .
وإذا اشترطت الأيام فلا بد من التتابع ( صيام الكفارة) إلا في العذر كالحيض بالنسبة للمرآة والصفر والمرض ، أما إذا لم تكن أعذار فلا بد من التتابع .


المسالة السادسة والعشرونفي التخيير في الصوم والفطر في الصفر ).
عن حمزة بن عمر رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله أجد في القوة على الصوم في الصفر ، فهل علي جناح ، فقال صلي الله عليه وسلم : ( هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه).

الشرح :
في الحديثين دليل على التخيير للصائم إن يشاء صام وإن شاء أفطر بغد النضر عن المشقة.
في الحديث الأول دليل علي أن الفطر أفضل سواء وجدت مشقة أم لم توجد ، والحاصل الذي يظهر لي والله أعلم أن الفطر معلق بالسفر لا بالمشقة : فان كان الصائم يجد من نفسه قوة على الصيام صام ، والفطر أفضل لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( هي رخصة فمن أخذ بها فحسن)، وقوله في الحديث الآخر (عليكم برخص الله التي رخص لكم فان الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه).


المسالة السابعة والعشرونباب الفطر للقوة للقاء العدو).
عن سامعة رضي الله عنه قال : (... إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم ، فكانت رخصة فمنا من صام ومنا من افطر ثم نزلنا منزلا آخر فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: أنكم مصبحوا عدوكم والفطر أقوى لكم فافطروا وكانت عزمة فافطرنا، ثم قال : لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله بعد ذلك في الصفر ).

الشرح:
الذي يظهر لي والعلم عند الله أن المراد في المرة الأولى هو تحريض على الفطر ، وأنه أفضل لهم ما داموا افطروا للتقوى على عدوهم ، أما المرة الثانية، التي عزم عليهم يريد أن يلقوا عدوهم وهم مفطرون، هذا أقوى لهم أنكى لعدوهم والله أعلم.
والقاعدة الإمام إذا أمر بمباح أو مندوب صار واجبا )، وهذا الصيام في السفر مندوب ومقابلة العدو واجبة.


المسالة الثامنة والعشرونفي العيب على الصائم والمفطر ).
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : (غزونا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم لسِتَّ عشرة مضت من رمضان فمنا من صام ومنا من افطر ، فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم.

الشرح:
لا يثرب هذا على هذا ، ولا يعيب هذا على هذا ، فمن صام في سفره وجاهد النفس لا يثرب عليه، ومن أفطر فهو كذلك ، بل كل منهما السنة معه إلا إذا جهده الصيام وخشي عليه فانه يقال له كما قال النبي صلي الله عليه وسلم للرجل الذي سقط مغشيا عليه من السفر( ليس من البر الصيام في السفر)، فهذه لا تنقل إلا من جهده الصيام وشق عليه وأصبح حاله متعب ...والله اعلم

قديم 26-07-2007, 02:50 AM
المشاركة 40
اجنن بس ما اتجنن
عضو يفوق الوصف
  • غير متواجد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يعطيكم الف عافيه موسوعه اكثر من رائعه

جزاك الله الف خير

وتلقاه يارب في ميزان اعمالك

قديم 27-07-2007, 03:32 AM
المشاركة 41
  • غير متواجد


‏ ‏حدثنا ‏ ‏أحمد بن يونس ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبد العزيز الماجشون ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏عبد الله بن دينار ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن عمر ‏ ‏رضي الله عنهما ‏
‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏الظلم ظلمات يوم القيامة ‏





فتح الباري بشرح صحيح البخاري

قديم 25-08-2007, 10:03 PM
المشاركة 42
كوووكووو
عضو ياهلا فيه
  • غير متواجد
تسللللم .. جزااك المولى خير جزاااء

اخي العزيز / اختي العزيزة .. الرجاء وضع توقيع واحد فقط وبحجم مناسب !!
قديم 02-09-2007, 07:41 PM
المشاركة 43
مود ابو العون
عضو ياهلا فيه
  • غير متواجد
السلام عليكم ورحمة الله..... جزا الله خير الجزاء على من طرح هذه الفكرة وبارك الله فيه فإنها والله من بشائر الخير والبركة والدالة على بقاء وجود الخير في هذه الأمة الاسلامية أدام الله عزها ورفعها.

وكنت اريد أن انوه الى ان لو وجد شخص في هذا المنتدى عنده علم بالحديث وتخريج الاحاديث فيا حبذا لو أن من لديه استفسار عن حديث وعن مدى صحته ودرجته يكون لنا مرجع في هذ المنتدى الطيب وهذه مجرد فكرة بس جزاكم الله خير الجزاء وان شاء الله متواصل معكم في وضع الاحاديث وتخريجها بإذن الله عز وجل. والسلام عليكم ورحمة الله

اخي العزيز / اختي العزيزة .. الرجاء وضع توقيع واحد فقط وبحجم مناسب !!



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


الساعة الآن 01:19 PM.