قديم 16-12-2009, 03:03 AM
المشاركة 48

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]

المسألة الرابعة: مظاهر الشرك في الربوبية

والشرك في الربوبية هو: أن يجعل لغير الله تعالى معه تدبيراً ما، وله ضروب متعددة:
فمنه شرك التعطيل كشرك فرعون، ومن شرك التعطيل: إنكار ربوبية الله تعالى كما وقع
فيه شرذمة من الملاحدة قديما ً وحديثاً، ومن الشرك في الربوبية: القول بوحدة الوجود
وهم الذين يزعمون أن الله تعالى هو عين الخلق، تعالى عما يقولون علوا كبيراً ومن
هذا الشرك شرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير إلى النور، وحوادث الشر إلى
الظلمة، ومن هذا شرك القدرية القائلين بأن الحيوان هو الذي يخلق أفعال نفسه، وأنها
تحدث بدون مشيئة الله وقدرته وإرادته، ومنه شرك من ادعى أن الكواكب العلوية تدبر أمر
العالم السفلي كما هو مذهب مشركي الصابئة، إلى آخر ضروب وأنواع هذا الشرك.

نواقض الإيمان القولية والعملية لعبد العزيز بن محمد بن علي العبد اللطيف- ص96

قال ابن القيم رحمه الله تعالى في خاتمة كتابه الإغاثة: وتلاعب الشيطان بالمشركين
في عبادة الأصنام له أسباب عديدة تلاعب بكل قوم على قدر عقولهم فطائفة دعاهم إلى
عبادتها من جهة تعظيم الموتى الذين صوروا تلك الأصنام على صورهم كما تقدم عن
قوم نوح عليه الصلاة والسلام ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتخذين على
القبور المساجد والسرج ونهى عن الصلاة إلى القبور وسأل ربه سبحانه وتعالى أن لا
يجعل قبره وثنا يعبد ونهى أمته أن يتخذوا قبره عيدا وقال: ((اشتد غضب الله على قوم
اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
)) وأمر بتسوية القبور وطمس التماثيل، قال فأبى المشركون
إلا خلافه في ذلك كله إما جهلا وإما عنادا لأهل التوحيد ولم يضرهم ذلك شيئا وهذا
السبب هو الغالب على عوام المشركين وأما خواصهم فإنهم اتخذوها بزعمهم على صور
الكواكب المؤثرة في العالم عندهم وجعلوا لها بيوتا وسدنة وحجابا وحجا وقربانا ولم يزل
هذا في الدنيا قديما وحديثا فمنها بيت على رأس جبل بأصبهان كانت به أصنام أخرجها
بعض ملوك المجوس وجعله بيت نار ومنها بيت ثان وثالث ورابع بصنعاء بناه بعض
المشركون على اسم الزهرة فخربه عثمان رضي الله عنه ومنها بيت بناه قابوس الملك
المشرك بالهند قال يحيى بن بشر إن شريعة الهند وضعها لهم رجل يقال له برهمن
ووضع لهم أصناما وجعل أعظم بيوتها بيتا بمدينة من مدائن السند وجعل فيه صنمهم
الأعظم وزعم أنه بصورة الهيولي الأكبر وفتحت هذه المدينة في أيام الحجاج واسمها
الملتان إلى أن قال رحمه الله تعالى وأصل هذا المذهب من مشركي الصائبة وهم قوم
إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذين ناظرهم في بطلان الشرك وكسر حجتهم بعلمه
وآلهتهم بيده فطلبوا تحريقه وهذا مذهب قديم في العالم وأهله طوائف شتى فمنهم
من عباد الشمس زعموا أنها ملك من الملائكة لها نفس وعقل وهي أصل نور القمر
والكواكب وتكون الموجودات السفلية كلها عندهم منها وهي عندهم ملك الفلك
يستحق التعظيم والسجود والدعاء ومن شريعتهم في عبادتها أنهم اتخذوا لها صنما
بيده جوهر على نوع النار وله بيت خاص قد بنوه باسمه وجعلوا له الوقوف الكثيرة من
القرى والضياع وله سدنة وقوام وحجبة يأتون البيت ويصلون فيه ثلاث مرات في اليوم
ويأتيه أصحاب العاهات فيصومون لذلك الصنم ويصلون ويدعون ويستسقون به وهم
إذا طلعت الشمس سجدوا كلهم وإذا غربت وإذا توسطت الفلك ولهذا يقارفها الشيطان
في هذه الأوقات الثلاثة لتقع عبادتهم وسجودهم له ولهذا نهى النبي ...
صلى الله عليه وسلم عن تحري الصلاة في هذه الأوقات قطعا لمشابهة الكفار ظاهرا
وسدا لذريعة الشرك وعبادة الأصنام .
قلت وقد ذكر الله عز وجل عبادة الشمس عن أهل سبأ من أرض اليمن في عهد بلقيس
كما حكى قول الهدهد حيث قال {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ للشَّمْسِ مِنْ دُونِ الله}
[النمل:24] إلى آخر الآيات وهداها الله تعالى إلى الإسلام على يد نبيه سليمان عليه
الصلاة والسلام حيث قال:
{رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لله رَبِّ العَالَمِين} [النمل:44]
ثم قال ابن القيم رحمه الله تعالى (فصل) وطائفة أخرى اتخذت للقمر صنما وزعموا أنه
يستحق التعظيم والعبادة وإليه تدبير هذا العالم السفلي ومن شريعة عباده أنهم اتخذوا
لهم صنما على شكل عجل ويجره أربعة وبيد الصنم جوهرة ويعبدونه ويسجدون له ويصومون
له أياما معلومة من كل شهر ثم يأتون إليه بالطعام والشراب والفرح والسرور فإذا فرغوا
من الأكل أخذوا في الرقص والغناء وأصوات المعازف بين يديه ومنهم من يعبد أصناما اتخذوها
على صور الكواكب وروحانياتها بزعمهم وبنوا لها هياكل ومتعبدات لكل كوكب منها هيكل
يخصه وصنم يخصه وعبادة تخصه ومتى أردت الوقوف على هذا فانظر في كتاب
(السر المكتوم في مخاطبة النجوم) المنسوب لابن خطيب الري تعرف عبادة الأصنام
وكيفية تلك العبادة وشرائطها وكل هؤلاء مرجعهم إلى عبادة الأصنام فإنهم لا تستمر لهم
طريق إلا بشخص خاص على شكل خاص ينظرون إليه ويعكفون عليه ومن هنا
اتخذ أصحاب الروحانيات والكواكب أصناما زعموا أنها على صورها فوضع الصنم إنما كان في
الأصل على شكل معبود غائب فجعلوا الصنم على شكله وهيأته وصورته ليكون نائبا منابه
وقائما مقامه
وإلا فمن المعلوم أن عاقلا لا ينحت خشبة أو حجرا بيده ثم يعتقد أنه إلهه ومعبوده.
ومن أسباب عبادتها أيضا أن الشياطين تدخل فيها وتخاطبهم منها وتخبرهم ببعض
المغيبات وتدلهم على بعض ما يخفى عليهم وهم لا يشاهدون الشيطان فجهلتهم
وسقطهم يظنون أن الصنم نفسه هو المتكلم المخاطب , وعقلاؤهم يقولون إن تلك
روحانيات الأصنام وبعضهم يقول إنها الملائكة وبعضهم يقول إنها هي العقول المجردة
وبعضهم يقول هي روحانيات الأجرام العلوية وكثير منهم لا يسأل عما عهد بل إذا سمع
الخطاب من الصنم اتخذه إلها ولا يسأل عما وراء ذلك وبالجملة فأكثر أهل الأرض مفتونون
بعبادة الأصنام والأوثان ولم يتخلص منها إلا الحنفاء أتباع ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام
وعبادتها في الأرض من قبل نوح عليه الصلاة والسلام كما تقدم وهياكلها ووقوفها
وسدنتها وحجابها والكتب المصنفة في شرائع عبادتها طبق الأرض قال إمام الحنفاء
{وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ} [إبراهيم:35-36]
والأمم التي أهلكها الله تعالى بأنواع الهلاك كلهم يعبدون الأصنام كما قص الله عز وجل
ذلك عنهم في القرآن وأنجى الرسل وأتباعهم من الموحدين ويكفي في معرفة كثرتهم
وأنهم أكثر أهل الأرض ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن :
((بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون)) , وقد قال الله تعالى:
{فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا} [الإسراء:89] وقال الله تعالى:
{وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ} [الأنعام:116]
وقال الله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:103]
وقال الله تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ}
[الأعراف:102] ولو لم تكن الفتنة بعبادة الأصنام عظيمة لما أقدم عبادها على بذل
نفوسهم وأموالهم وأبنائهم دونها فهم يشاهدون مصارع إخوانهم وما حل بهم ولا يزيدهم
ذلك إلا حبا لها وتعظيما ويوصي بعضهم بعضا بالصبر عليها وتحمل أنواع المكاره في
نصرتها وعبادتها وهم يسمعون أخبار الأمم التي فتنت بعبادتها وما حل بهم من عاجل
العقوبات ولا يثنيهم ذلك عن عبادتها ففتنة عبادة الأصنام أشد من فتنة عشق الصور
وفتنة الفجور بها والعاشق لا يثنيه عن مراده خشية عقوبة في الدنيا ولا في الآخرة
وهو يشاهد ما يحل بأصحاب ذلك من الآلام والعقوبات والضرب والحبس والنكال والفقر
غير ما أعد الله له في الآخرة وفي البرزخ ولا يزيده ذلك إلا إقداما وحرصا على الوصول
والظفر بحاجته فهكذا الفتنة بعبادة الأصنام وأشد فإن تأله القلوب لها أعظم من تألهها
للصور التي يريد منها الفاحشة بكثير والقرآن بل وسائر الكتب الإلهية من أولها إلى
آخرها مصرحة ببطلان هذا الدين وكفر أهله وأنهم أعداء الله وأعداء رسله وأنهم أولياء
الشيطان وعباده وأنهم هم أهل النار الذين لا يخرجون منها وهم الذين حلت بهم
المثلات ونزلت بهم العقوبات وأن الله سبحانه برئ منهم هو وجميع رسله وملائكته
وأنه سبحانه لا يغفر لهم ولا يقبل لهم عملا وهذا معلوم بالضرورة من الدين الحنيف
وقد أباح الله عز وجل لرسوله وأتباعه من الحنفاء دماء هؤلاء وأموالهم ونساءهم وأبناءهم
وأمرهم بتطهير الأرض منهم حيث وجدوا وذمهم بسائر أنواع الذم وتوعدهـم بأعظم أنواع
العقوبة فهؤلاء في شق ورسل الله في شق .

معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي- ص584

هذَا وَمِنْ أَعْمَالِ أهل الشِّرْكِ
مِنْ غَيْرِ مَا تَرَدُّدٍ أَوْ شَكِّ

مَا يَقْصِدُ الْجُهَّالُ مِنْ تَعْظِيمِ مَا
لَمْ يَأْذَنِ اللهُ بِأَنْ يُعَظَّمَا

كَمَنْ يَلُذْ بِبُقْعَةٍ أَوْ حَجَرِ
أَوْ قَبْرِ مَيْتٍ أَوْ بِبَعْضِ الشَّجَرِ

مُتَّخِذاً لِذَلِكَ الْمَكَانِ
عِيداً كَفِعْلِ عَابِدِي الأَوْثَانِ


(هذا) أي الأمر والإشارة إلى ما تقدم (ومن أعمال أهل الشرك) التي لا يفعلها غيرهم
ولا تليق إلا بعقولهم السخيفة، وأفئدتهم الضعيفة، وقلوبهم المطبوع عليها، وأبصارهم
المغشي عليها (ما) أي الذي (لم يأذن الله) عز وجل في كتابه ولا سنة نبيه
(بأن يعظما) بألف الإطلاق، وأن ومدخولها في تأويل مصدر أي لم يأذن الله بتعظيمه ذلك
التعظيم الذي منحه إياه من لم يفرق بين حق الله تعالى وحقوق عباده من النبيين
والأولياء وغيرهم، بل لم يفرق بين أولياء الله وأعدائه ولا بين طاعته ومعصيته، فيتخذ من
دون الله أنداداً وهو يرى أن ذلك الذي فعله قربة وطاعة لله وأن الله يحب ذلك ويرضاه
ويكذَّب الرسل ويدَّعي أنه من أتباعهم، ويوالي أعداء الله وهو يظنهم أولياؤه، كفعل اليهود
والنصارى يجاهرون الله بالمعاصي ويكذبون كتابه ويغيرونه ويبدلونه ويحرفون الكلم عن
مواضعه ويقتلون الأنبياء بغير الحق وينسبون لله سبحانه وتعالى الولد ويفعلون الأفاعيل
ويقولون نحن أبناء الله وأحباؤه، وهم البُغَضَاء إلى الله وأعداؤه وسبب هذا كله – في الأمم
الأولى والأخرى – هو الإعراض عن الشريعة وعدم الاهتمام لمعرفة ما احتوت عليه الكتب
من البشارة والنذارة والأمر والنهي والحلال والحرام والوعد والوعيد، ومعرفة ما يجب لله
على عباده فعله وما يجب تركه (كمن يَلُذ ببقعة) أي يعوذ بها ويختلف إليها ويتبرك بها ولو
بعبادة الله تعالى عندها، وتقدم تقييد ذلك بما لم يأذن به الله، فيخرج بهذا القيد ما أذن
الله تعالى بتعظيمه كتعظيم بيته الحرام بالحج إليه وتعظيم شعائر الله من المشاعر
والمواقف وغيرها، فإن ذلك تعظيم لله عز وجل الذي أمر بذلك لا لتلك البقعة ذاتها كما
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما استلم الحجر الأسود:
(أما والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله...
صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك
) ، وكذلك التعظيم أيضاً نفسه إنَّما أردنا منع
تعظيم لم يأذن الله به لا المأذون فيه، فإن الله تعالى قد أمر بتعظيم الرسل بأن يطاعوا
فلا يعصوا ويحبوا ويتبعوا، وأن طاعة الرسول هي طاعة الله عز وجل ومعصيته معصية الله
عز وجل، فهذا تعظيم لا يتم الإيمان إلا به إذ هو عين تعظيم الله تعالى، فإنهم إنما
عُظموا لأجل عظمة المرسل سبحانه وتعالى وأُحبوا لأجله واتُّبعوا على شرعه، فعاد ذلك
إلى تعظيم الله عز وجل، فلو أن أحداً عظم رسولاً من الرسل بما لم يأذن الله به ورفعه
فوق منزلته التي أنزله الله عز وجل وغلا فيه حتى اعتقد فيه شيئاً من الإلهية لانعكس
الأمر وصار عين التنقص والاستهانة بالله وبرسله كفعل اليهود والنصارى الذي
ذكر الله عز وجل عنهم من غلوهم في الأنبياء والصالحين كعيسى وعزير، فكذبوا بالكتاب
وتنقصوا الرب عز وجل بنسبة الولد إليه وغير ذلك وكذبـوا الرسول في قوله:
{إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} [مريم:30] فصار ذلك التعظيم في اعتقادهم
هو عين التنقص والشتم، سبحان الله عما يصفون، وسلام على المرسلين
(أو حجر، أو قبر ميت، أو ببعض الشجر) أو غير ذلك من العيون ونحوها ولو بعبادة الله
عندها فإن ذلك ذريعة إلى عبادتها ذاتها كما فعل إبليس لعنه الله بقوم نوح حيث أشار
عليهم بتصوير صالحيهم ثم بالعكوف على قبورهم وصورهم وعبادة الله عندها إلى
أن أشار عليهم بعبادتها ذاتها من دون الله تعالى فعبدوها، (متخذاً لذلك المكان)
من القبور والأشجار والعيون والبقاع وغيرها (عيداً) أي ينتابها ويعتاد الاختلاف إليها
(كفعل عابدي الأوثان) في تعظيمهم أوثانهم واعتيادهم إليها، ولذا سمى النبي ...
صلى الله عليه وسلم العكوف على الأشجار وتعليق الأسلحة بها على جهة التعظيم
(تألهاً)، كما في الترمذي عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال:
((خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر
وللمشركين سدرة يعكفون عليها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط فمررنا
بسدرة فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله...
صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت
بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، قال إنكم قوم تجهلون لتركبن
سنن من قبلكم
)) ولقد عمت البلوى بذلك وطمت في كل زمان ومكان حتى في
هذه الأمة لاسيما زماننا هذا، ما من قبر ولا بقعة يذكر لها شيء من الفضائل ولو كذباً
إلا وقد اعتادوا الاختلاف إليها والتبرك بها حتى جعلوا لها أوقاتاً معلومة يفوت عيدهم
بفواتها ويرون من أعظم الخسارات أن يفوت الرجلَ ذلك العيد المعلوم وآل بهم الأمر إلى
أن صنفوا في أحكام حجهم إليها كتباً سموها مناسك حج المشاهد ومن أخل بشيء
منها فهو عندهم أعظم جرماً ممن أخل بشيء من مناسك الحج إلى بيت الله الحرام
وجعلوا لها طوافاً معلوماً كالطواف بالبيت الحرام, وشرعوا تقبيلها كما يقبَّل الحجر
الأسود حتى قالوا إن زحمت فاستلم بمحجن أو أشر إليه، قياساً على فعل النبي..
صلى الله عليه وسلم بالحجر الأسود، وشرعوا لها نذوراً من المواشي والنقود
ووقفوا عليها الوقوف من العقارات والحرث وغيرها وغير ذلك من شرائعهم الشيطانية
وقواعدهم الوثنية .

معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي- ص64




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:04 AM
المشاركة 49

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]

المسألة الخامسة: شبهات الملاحدة واللادينيين وردها

- بطلان القول بالصدفة وبمخالفة الطبيعة:

فإن زعم زاعم منهم بعد ذلك، أن وجود العالم وليد الصدفة والاتفاق أو أنه نشأت أطواره
عن تفاعل بين عناصر المادة، فتفرقت إلى وحدات بعد اجتماع، أو اجتمعت، وائتلفت
بعد تفرق واختلاف وصار لتلك الوحدات، أو المركبات من الخواص ما لم يكن لها قبل
هذا التفاعل وبذلك تجدَّدت الظواهر، وحدث ما نشاهده من تغيير وآثار مع جريانها
على سنة لا تتبدل وناموس لا يختلف، ولا يتغير قيل له: من الذي أودع تلك المادة
طبيعتها، وأكسبها خواصها فإنها إن كانت لها من ذاتها، ومقتضى حقيقتها لم تقبل التغير
والزوال لأن ما بالذات لا يتخلف ولا يزول، وقد رأيناها تتبدل، فلابدَّ لها من واهب يهبها، وفاعل
مختار حكيم علي يدبرها، ويضعها في محالّها وليس ذلك من المادة وحدها، ولا من خواصها
أو طبيعتها القائمة بها، فإنها ليس لها من سعة العلم، وكمال الحكمة، وشمول المشيئة
وعظيم القدرة ما ينتظم معه الكون على ما نشاهد من إحكام تبهر العقول دقَّته وجماله، ومن
إبداع يأخذ بمجامع القلوب ما فيه من شدة الأسر وقوة الربط بين وحداته، وكمال التناسب
والتكافؤ بين أجزائه، وقيام كل من الآخر مقام الخادم من سيده، والراعي من رعيته ألا إن
الطبيعة صمَّاء لا تسمع، بكماء لا تنطق، عمياء لا تبصرجاهلة لا تعلم مسخَّرة لمن أودعها
المادة خاضعة لتصريفه وتقديره، سائرة على ما رُسِمَ لها من سُنن لا تعدوها، ونواميس
لا تخرج عنها فأنى يكون لها خلق وإبداع أو إليها تنظيم وتدبير أو منها وحي وتشريع ؟!
إنَّما ذلك إلى اللّه وحده تعالى الله عمَّا يقول الملحدون:
{نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلا}
[الإنسان: 28] {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي
خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ
طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ
كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا
رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ
}
[الملك: 1- 5]

مذكرة التوحيد لعبدالرزاق عفيفي - ص17

- لم يكفر الملاحدة بالله تعالى إلا فرارا من الطاعة والالتزام
ولا يضير الدعاة إلى الحق أن عدل عن طريقه المستقيم من انحرف مزاجه، أو غلبته
شهوته فخشي أن تحدَّ الشريعة من نزعاته الخبيثة، وتحول دون وصوله إلى نزواته الدنيئة
أو أطغاه كبره وسلطانه، وخاف أن تذهب الشريعة بزعامته الكاذبة، وسلطانه الجائر، فوقف
في سبيلها ولج في خصامها بغيًا وعدوانًا فإن الله ناصر دينه، ومؤيد رسله، وأوليائه،،
{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]
{إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]
{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}
[الشعراء: 227]

مذكرة التوحيد لعبد الرزاق عفيفي - ص21




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:05 AM
المشاركة 50

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المطلب السابع: نقد منهج المتكلمين في إثبات الربوبية

المتكلمون يعتنون بتقرير الربوبية، ويسكتون عن الألوهية
ومن أهل الكلام: من أطال نظره في تقرير هذا التوحيد: إما بدليل أن الاشتراك يوجب
نقص القدرة وفوات الكمال، وبأن استقلال كل من الفاعلين بالمفعول محال، وإما
بغير ذلك من الدلائل، ويظن أنه بذلك قرر الوحدانية وأثبت أنه لا إله إلا هو، وأن الإلهية
هي: القدرة على الاختراع أو نحو ذلك، فإذا ثبت أنه لا يقدر على الاختراع إلا الله، وأنه
لا شريك له في الخلق، كان هذا معنى قولنا: لا إله إلا الله، ولم يعلم أن مشركي
العرب كانوا مقرين بهذا التوحيد، كما قال تعالى
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ}
[لقمان:25] وقال تعالى
{قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}
الآيات، وقال تعالى {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:106]
قال ابن عباس وغيره: " تسألهم: من خلق السماوات والأرض؟ فيقولون: الله
وهم مع ذلك يعبدون غيره " وهذا التوحيد هو من التوحيد الواجب، لكن لا يحصل
به الواجب، ولا يخلص بمجرده عن الإشراك الذي هو أكبر الكبائر، الذي لا يغفره الله
بل لا بد أن يخلص لله الدين، فلا يعبد إلا إياه، فيكون دينه كله لله .

اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم لشيخ الإسلام أحمد بن
عبد الحليم بن تيمية - 2/854




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:06 AM
المشاركة 51

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المطلب الأول:عقيدة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته إجمالا

فالواجب: أن نؤمن بما وصف الله وسمى به نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله
صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل هكذا قال
شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم

القول المفيد على كتاب التوحيد لمحمد بن صالح بن عثيمين - 1/18

وأهل السنة والجماعة: يعرفون ربهم بصفاته الواردة في القرآن والسنة، ويصفون
ربهم بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسمائه وآياته، ويثبتون لله ما أثبته
لنفسه من غير تمثيل، ولا تكييف ولا تعطيل، ولا تحريف، وقاعدتهم في كل ذلك
قول الله تبارك وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11]
وقوله:{وَلِلَّهِ الأسماء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
} [الأعراف:180] وأهل السنة والجماعة: لا يحددون كيفية صفات الله –
جل وعلا – لأنه تبارك وتعالى لم يخبر عن الكيفية، ولأنه لا أحد أعلم من الله سبحانه
بنفسه، قال تعالى: {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ} [البقرة:140] وقال تعالى:
{فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:74] ولا أحد أعلم بالله
من رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي قال الله تبارك وتعالى في حقه:
{وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:4] وأهل السنة والجماعة:
يؤمنون أن الله – سبحانه وتعالى – هو الأول ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس
بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء،
كما قال سبحانه: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
[الحديد:3] وكما أن ذاته - سبحانه وتعالى - لا تشبه الذوات، فكذلك صفاته
لا تشبه الصفات؛ لأنه سبحانه لا سمي له، ولا كفء له ولا ند له، ولا يقاس بخلقه؛
فيثبتون لله ما أثبته لنفسه إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل؛ فحين يثبتون لله
ما أثبته لنفسه لا يمثلون، وإذا نزهوه لا يعطلون الصفات التي وصف نفسه بها
وأنه تعالى محيط بكل شيء، وخالق كل شيء، ورازق كل حي، قال الله تعالى:
{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14] وقال:
{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:58] ويؤمنون بأن الله تعالى استوى
على العرش فوق سبع سموات بائن من خلقه، أحاط بكل شيء علماً، كما أخبر
عن نفسه في كتابه العزيز في سبع آيات كريمات بلا تكييف قال تعالى:
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف:54]
وقال: {أَأَمِنتُم مَّنْ فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي
السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِي
رِ} [الملك:17] وقال:
{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:10] وقال:
{يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ} [النحل:50] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
((ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟)) وأهل السنة والجماعة: يؤمنون بأن
الكرسي والعرش حق قال تعالى:
{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة:255]
والعرش لا يقدر قدره إلا الله، والكرسي في العرش كحلقة ملقاة في فلاة وسع
السماوات والأرض، والله مستغن عن العرش والكرسي، ولم يستو على العرش
لاحتياجه إليه؛ بل لحكمة يعلمها، وهو منزه عن أن يحتاج إلى العرش أو ما دونه
فشأن الله تبارك وتعالى أعظم من ذلك؛ بل العرش والكرسي محمولان بقدرته
وسلطانه وأن الله تعالى خلق آدم – عليه السلام – بيديه، وأن كلتا يديه يمين
ويداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء كما وصف نفسه سبحانه فقال:
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ
كَيْفَ يَشَاء
ُ} [المائدة:64] وقال: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75]
وأهل السنة والجماعة: يثبتون لله سمعاً، وبصراً، وعلماً، وقدرة، وقوة، وعزاً
وكلاماً وحياة، وقدماً وساقاً، ويداً، ومعية وغيرها من صفاته – عز وجل –
التي وصف بها نفسه في كتابه العزيز، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وعلى
آله وسلم بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها؛ لأنه تعالى لم يخبرنا عن الكيفية
قال تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:46] وقال:
{وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم:2] {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:164]
{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:27] {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}
[البينة:8] {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54] {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ}
[الزخرف:55] {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ}
[القلم:42] {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:255] {غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}
[المجادلة:14] وغيرها من آيات الصفات وأهل السنة والجماعة: يؤمنون بأن
المؤمنين يرون ربهم في الآخرة بأبصارهم، ويزورونه، ويكلمهم ويكلمونه
قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:23] وسوف يرونه كما
يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى
آله وسلم: ((إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته ))
وأن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل نزولاً حقيقياً يليق
بجلاله وعظمته قال النبي صلى الله عليه وسلم:
((ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر؛ فيقول:
من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له؟
))
ويؤمنون بأنه تعالى يجيء يوم الميعاد للفصل بين العباد، مجيئاً حقيقياً يليق
بجلاله، قال سبحانه وتعالى: {كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}
[الفجر:21- 22] وقوله:
{هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ}
[البقرة: 210] فمنهج أهل السنة والجماعة في كل ذلك الإيمان الكامل بما أخبر به
الله تعالى، وأخبر به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والتسليم به؛
كما قال الإمام الزهري رحمه الله تعالى: من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا
التسليم وكما قال الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى:
(كل ما وصف الله تعالى به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره لا كيف، ولا مثل)

وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
(آمنت بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن
رسول الله على مراد رسول الله
) وقال الوليد بن مسلم: سألت الأوزاعي، وسفيان
بن عيينة، ومالك بن أنس عن هذه الأحاديث في الصفات والرؤية، فقالوا:
(أمروها كما جاءت بلا كيف) وقال الإمام مالك بن أنس – إمام دار الهجرة – رحمه الله:
إياكم والبدع قيل: وما البدع؟ قال: أهل البدع هم الذين يتكلمون في أسماء الله
وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم
بإحسان وسأله رجل عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
كيف استوى؟ فقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب
والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا ضالاً، وأمر به أن يخرج من المجلس وقال الإمام
أبو حنيفة رحمه الله تعالى: لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء؛ بل يصفه
بما وصف به نفسه، ولا يقول فيه برأيه شيئاً؛ تبارك الله تعالى رب العالمين
ولما سئل – رحمه الله – عن صفة النزول، فقال: ينزل بلا كيف. وقال الحافظ الإمام
نعيم بن حماد الخزاعي رحمه الله: من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما
وصف به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيها وقال بعض
السلف: قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم لذا فإنه من سلك مسلك
السلف في الحديث عن ذات الله تعالى وصفاته، يكون ملتزماً بمنهج القرآن في
أسماء الله وصفاته سواء كان السالك في عصر السلف، أو في العصور المتأخرة
وكل من خالف السلف في منهجهم؛ فلا يكون ملتزماً بمنهج القرآن، وإن كان
موجوداً في عصر السلف، وبين أظهر الصحابة والتابعين .

الوجيز في عقيدة السلف الصالح لعبد الحميد الأثري - ص55




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:08 AM
المشاركة 52

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]

المسألة الأولى: العلم بأسماء الله وصفاته هو الطريق إلى معرفة الله سبحانه وتعالى

والإيمان بالأسماء والصفات يقوي اليقين بالله، وهو سبب لمعرفة الله، والعلم به، بل إن العلم
بالله ومعرفة الله - جل وعلا -
تكون بمعرفة أسمائه وصفاته، وبمعرفة آثار الأسماء والصفات في ملكوت الله - جل وعلا -، وهذا باب عظيم ربما يأتي له زيادة إيضاح عند " باب قول الله تعالى:
{وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180]

التمهيد لشرح كتاب التوحيد لصالح بن عبد العزيز آل الشيخ - 2/119

المسألة الثانية: تزكية النفوس وإقامتها على منهج الله

أمَّا التزكية التي أثنى الله تعالى على أصحابها في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} [الشمس:9]
فالمراد بتزكية النفس هنا تطهيرُها بالأعمال الصالحة وترك الأعمال السيّئة، هذه تزكية
النفس، شغلُها بالأعمال الصالحة وتجنيبُها للأعمال السيئة فهناك تزكيةٌ منهيٌّ
عنها وهي: الإعجاب والمدح للنفس، وهناك تزكية مأمورٌ بها وهي الإصلاح والتوبة والعمل الصالح:
{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا}، وتوعَّد الله الذين لا يزكون أنفسهم قال تعالى:
{وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: 6-7] قال بعض المفسرين:
المراد بالزّكاة هنا: تزكية النفس، لأن الآية مكية، والزكاة بالأموال لم تكن نزلت إلاّ في
المدينة، وفي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون:4]
قالوا: والمراد بالزكاة هنا: زكاة النفس، لأنَّ الآية مكيّة- أيضاً-، فتزكية النفس بالأعمال
الصالحة مطلوبة مأمور بها .

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد لصالح بن فوزان الفوزان - ص246

المسألة الثالثة: العلم بأسماء الله وصفاته أشرف العلوم

إن العلم بالله وأسمائه وصفاته أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق، لأن شرف العلم بشرف
المعلوم، والمعلوم في هذا العلم هو الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله
فالاشتغال بفهم هذا العلم، والبحث التام عنه، اشتغال بأعلى المطالب، وحصوله للعبد
من أشرف المواهب، ولذلك بينه الرسول صلى الله عليه وسلم غاية البيان، ولاهتمام
الرسول صلى الله عليه وسلم ببيانه لم يختلف فيه الصحابة رضي الله عليهم كما اختلفوا
في الأحكام

تفسير أسماء الله الحسنى لعبدالرحمن السعدي - ص6-8

المسألة الرابعة: العلم بأسماء الله وصفاته أصل للعلم بكل ما سواه

إحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم فإن المعلومات سواه إما
أن تكون خلقا له تعالى أو أمرا إما علم بما كونه أو علم بما شرعه ومصدر الخلق والأمر
عن أسمائه الحسنى وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه فالأمر كله مصدره
عن أسمائه الحسنى وهذا كله حسن لا يخرج عن مصالح العباد وكما أن كل موجود
سواه فبإيجاده فوجود من سواه تابع لوجوده تبع المفعول المخلوق لخالقه فكذلك العلم بها أصل للعلم
بكل ما سواه فالعلم بأسمائه وإحصاؤها أصل لسائر العلوم فمن أحصى أسماءه كما ينبغي للمخلوق أحصى
جميع العلوم إذ إحصاء أسمائه أصل لإحصاء كل معلوم لأن المعلومات هي
من مقتضاها ومرتبطة بها وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى ولهذا لا تجد
فيها خللا ولا تفاوتا لأن الخلل الواقع فيما يأمر به العبد أو يفعله إما أن يكون لجهله به أو
لعدم حكمته وأما الرب تعالى فهو العليم الحكيم فلا يلحق فعله ولا أمره خلل ولا تفاوت
ولا تناقض .

بدائع الفوائد لابن قيم الجوزية - 1/170

المسألة الخامسة: العلم بأسماء الله وصفاته من أسباب زيادة الإيمان

إن الإيمان بأسماء الله الحسنى ومعرفتها يتضمن أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية
وتوحيد الإلهية، وتوحيد الأسماء والصفات، وهذه الأنواع هي روح الإيمان ورَوحه
" الروح: هو الفرح، والاستراحة من غم القلب "، وأصله وغايته، فكلما زاد العبد معرفة
بأسماء الله وصفاته ازداد إيمانه وقوي يقينه .

التوضيح والبيان لشجرة الإيمان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - ص41

المسألة السادسة: عظم ثواب من أحصى أسماء الله سبحانه وتعالى

أسماء الله ليست محصورة بعدد معين، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم
في حديث ابن مسعود الحديث الصحيح المشهور: ((اللهم ! إني عبدك، ابن عبدك
ابن أمتك – إلى أن قال: أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك
أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك)) ، وما أستأثر الله به في
علم الغيب لا يمكن أن يُعلَم به، وما ليس بمعلوم فليس بمحصور وأما قوله :
صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة)) ، فليس
معناه أنه ليس له إلا هذه الأسماء، لكن معناه أن مَن أحصى من أسمائه هذه التسعة
والتسعين فإنه يدخل الجنة، فقوله: ((من أحصاها)) تكميل للجملة الأولى، وليست
استئنافية منفصلة، ونظير هذا قول القائل: عندي مئة فرس أعدتها للجهاد في سبيل الله
فليس معناه أنه ليس عنده إلا هذه المئة بل معناه أن هذه المئة مُعدَّة لهذا الشيء.
القول المفيد على كتاب التوحيد لمحمد بن صالح بن عثيمين - 2/354

إحصاء أسماء الله معناه:
1- الإحاطة بها لفظاً ومعنى
2- دعاء الله بها، لقوله تعالى: {فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180]، وذلك بأن تجعلها وسيلة لك
عند الدعاء، فتقول: يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم ! وما أشبه ذلك .
3- أن تتعبد لله بمقتضاها، فإذا علمت أنه رحيم تتعرض لرحمته، وإذا علمت أنه غفور تتعرض لمغفرته،
وإذا علمت أنه سميع اتقيت القول الذي يغضبه، وإذا علمت أنه بصير اجتنبت الفعل
الذي لا يرضاه .

القول المفيد على كتاب التوحيد لمحمد بن صالح بن عثيمين - 3/90

واختلف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم ((من أحصاها)) فقال البخاري وغيره
من المحققين: معناه حفظها وأن إحدى الروايتين مفسرة للأخرى وقال الخطابي: يحتمل
وجوها: أحدها: أن يعدها حتى يستوفيها, بمعنى أن لا يقتصر على بعضها فيدعو الله بها
كلها ويثني عليه بجميعها فيستوجب الموعود عليها من الثواب وثانيها: المراد بالإحصاء
الإطاقة, والمعنى من أطاق القيام بحق هذه الأسماء والعمل بمقتضاها وهو أن يعتبر
معانيها فيلزم نفسه بموجبها فإذا قال: "الرزاق" وثق بالرزق وكذا سائر الأسماء ثالثها:
المراد بها الإحاطة بجميع معانيها, وقيل أحصاها عمل بها فإذا قال "الحكيم" سلم لجميع
أوامره وأقداره وأنها جميعها على مقتضى الحكمة, وإذا قال: "القدوس" استحضر كونه
مقدسا منزها عن جميع النقائص واختاره أبو الوفاء بن عقيل وقال ابن بطال: طريق العمل
بها أن ما كان يسوغ الاقتداء به كالرحيم والكريم فيمرن العبد نفسه على أن يصح له
الاتصاف بها – يعني فيما يقوم به, وما كان يختص به نفسه كالجبار والعظيم فعلى العبد
الإقرار بها والخضوع لها وعدم التحلي بصفة منها, وما كان فيه معنى الوعد يقف فيه عند
الطمع والرغبة, وما كان فيه معنى الوعيد يقف منه عند الخشية والرهبة ا.هـ والظاهر
أن معنى حفظها وإحصائها هو معرفتها والقيام بعبوديتها كما أن القرآن لا ينفع حفظ
ألفاظه من لا يعمل به, بل جاء في المُرَّاق من الدين أنهم يقرؤون القرآن لا يجاوز
حناجرهم .

معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي - ص156

أما قولـه صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها
دخل الجنة)) ، فلا يدل على حصر الأسماء بهذا العدد، ولو كان المراد الحصر لكانت العبارة:
"إن أسماء الله تسعة وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة" أو نحو ذلك إذن فمعنى
الحديث: أن هذا العدد من شأنه أن من أحصاه دخل الجنة، وعلى هذا فيكون قوله:
"من أحصاها دخل الجنة" جملة مكملة لما قبلها، وليست مستقلة، ونظير هذا أن تقول:
عندي مائة درهم أعددتها للصدقة، فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها
للصدقة ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم تعيين هذه الأسماء، والحديث المروي
عنه في تعيينها ضعيف قال شيخ الإسلام ابن تيميه في (الفتاوى) ص 383 جـ6 من
"مجموع ابن قاسم": تعيينها ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق أهل
المعرفة بحديثه، وقال قبل ذلك ص 379: إن الوليد ذكرها عن بعض شيوخه الشاميين كما
جاء مفسراً في بعض طرق حديثه اهـ وقال ابن حجر في (فتح الباري) ص215 جـ11 ط
السلفية: ليست العلة عند الشيخين (البخاري ومسلم)، تفرد الوليد فقط، بل الاختلاف
فيه والاضطراب، وتدليسه واحتمال الإدراج اهـ ولما لم يصح تعيينها عن النبي ..
صلى الله عليه وسلم اختلف السلف فيه، وروي عنهم في ذلك أنواع .

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين - ص17




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:09 AM
المشاركة 53

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المسألة السابعة: تعظيم الله وتمجيده ودعاؤه بأسمائه وصفاته

قوله: {فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180] الدعاء هو السؤال، والدعاء قد يكون بلسان المقال
مثل: اللهم اغفر لي يا غفور وهكذا، أو بلسان الحال وذلك بالتعبد له، ولهذا قال
العلماء: إن الدعاء دعاء مسألة ودعاء عبادة، لأن حقيقة الأمر أن المتعبد يرجو بلسان
حاله رحمة الله ويخاف عقابه والأمر بدعاء الله بها يتضمن الأمر بمعرفتها، لأن لا يمكن
دعاء الله بها إلا بعد معرفتها وهذا خلافاً لما قاله بعض المداهنين في وقتنا الحاضر:
إن البحث في الأسماء والصفات لا فائدة فيه ولا حاجة إليه أيريدون أن يعبدوا شيئاً
لا أسماء له ولا صفات ! أم يريدون أن يداهنوا هؤلاء المحرفين حتى لا يحصل جدل ولا
مناظرة معهم، وهذا مبدأ خطير أن يقال للناس لا تبحثوا في الأسماء والصفات، مع أن
الله أمرنا بدعائه بها، والأمر للوجوب، ويقتضي وجوب علمنا بأسماء الله، ومعلوم أيضاً
أننا لا نعلمها أسماء مجردة عن المعاني، بل لابد أن لها معاني فلا بد أن نبحث فيها
لأن علمها ألفاظاً مجردة لا فائدة فيه، وإن قدر أن فيه فائدة بالتعبد باللفظ، فإنه
لا يحصل به كمال الفائدة واعلم أن دعاء الله بأسمائه له معنيان: الأول: دعاء العبادة
وذلك بأن تتعبد لله بما تقتضيه تلك الأسماء، ويطلق على الدعاء عبادة، قال تعالى:
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [ غافر:60]،
ولم يقل: عن دعائي، فدل على أن الدعاء عبادة فمثلاً الرحيم يدل على الرحمة
وحينئذ تتطلع إلى أسباب الرحمة وتفعلها والغفور يدل على المغفرة، وحينئذ تتعرض
لمغفرة الله عز وجل بكثرة التوبة والاستغفار كذلك وما أشبه ذلك والقريب: يقتضي
أن تتعرض إلى القرب منه بالصلاة وغيرها، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد
والسميع: يقتضي أن تتعبد لله بمقتضي السمع، بحيث لا تسمع الله قولاً يغضبه
ولا يرضاه منك والبصير: يقتضي أن تتعبد لله بمقتضي ذلك البصر بحيث لا يرى منك
فعلاً يكرهه منك الثاني: دعاء المسألة، وهو أن تقدمها بين يدي سؤالك متوسلاً
بها إلى الله تعالى مثلاً: يا حي، يا قيوم اغفر لي وارحمني،
وقال صلى الله عليه وسلم: ((فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت
الغفور الرحيم
)) ، والإنسان إذا دعا وعلل، فقد أثنى على ربه بهذا الاسم طالباً
أن يكون سبباً للإجابة، والتوسل بصفة المدعو المحبوبة له سبب للإجابة، فالثناء
على الله بأسمائه من أسباب الإجابة

القول المفيد على كتاب التوحيد لمحمد بن صالح بن عثيمين - 3/90

المسألة الثامنة: العلم بأسماء الله وصفاته دليل على كماله سبحانه وتعالى
في تشريعه للأحكام


عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا ::
((إن الله يقبض يوم القيامة الأرضين وتكون السماء بيمينه)) وأخرجه مسلم
من حديث عبيد الله بن مقسم قلت: وهذه الأحاديث وما في معناها تدل على
عظمة الله وعظيم قدرته وعظم مخلوقاته وقد تعرف سبحانه وتعالى إلى عباده
بصفاته وعجائب مخلوقاته، وكلها تعرف وتدل على كماله، وأنه هو المعبود لا شريك
له في ربوبيته وإلهيته وتدل على إثبات الصفات له على ما يليق بجلال الله وعظمته
إثباتاً بلا تمثيل، وتنزيهاً بلا تعطيل، وهذا هو الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة
وعليه سلف الأمة وأئمتها ومن تبعهم بإحسان، واقتفى أثرهم على الإسلام
والإيمان وتأمل ما في هذه الأحاديث الصحيحة من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم
ربه بذكر صفات كماله على ما يليق بعظمته وجلاله وتصديقه اليهود فيما أخبروا به
عن الله من الصفات التي تدل على عظمته

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد لعبد الرحمن بن حسن آل الشيخ - ص508

المسألة التاسعة: التعبد بمقتضى أسماء الله وصفاته تزكية النفوس

التعبد لله بمقتضاها، ولذلك وجهان: الوجه الأول: أن تدعو الله بها، لقوله تعالى:
{وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180] بأن تجعلها وسيلة إلى مطلوبك
فتختار الاسم المناسب لمطلوبك، فعند سؤال المغفرة تقول: يا غفور ! وليس من
المناسب أن تقول: يا شديد العقاب اغفر لي، بل هذا يشبه الاستهزاء، بل تقول:
أجرني من عقابك الوجه الثاني: أن تتعرض في عبادتك لما تقتضه هذه الأسماء
فمقتضى الرحيم الرحمة، فاعمل الصالح الذي يكون جالباً لرحمة الله، ومقتضي
الغفور المغفرة، إذاً افعل ما يكون سبباً في مغفرة ذنوبك، هذا هو معني إحصائها
فإذا كان كذلك، فهو جدير لأن يكون ثمناً لدخول الجنة، وهذا الثمن ليس على وجه
المقابلة، ولكن على وجه السبب، لأن الأعمال الصالحة سبب لدخول الجنة وليست
بدلاً، ولهذا ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله
((لن يدخل الجنة أحد بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني
الله برحمة
))

القول المفيد على كتاب التوحيد لمحمد بن صالح بن عثيمين - 3/15




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:11 AM
المشاركة 54

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المسألة الأولى: معنى الاسم والصفة والفرق بينهما

الاسم: (هو ما دل على معنى في نفسه) ، و(أسماء الأشياء هي الألفاظ الدالة عليها)
(وقيل: الاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ
عن معنى ليس باسم ولا فعل
) الصفة: (هي الاسم الدال على بعض أحوال الذات وهي
الأمارة اللازمة بذات الموصوف الذي يُعرف بها
) ، (وهي ما وقع الوصف مشتقاً منها،
وهو دالٌ عليها، وذلك مثل العلم والقدرة ونحوه
) وقـال ابن فارس:
(الصفة: الأمارة اللازمة للشيء) ، وقال: (النعت: وصفك الشيء بما فيه من حسن)

الفرق بين الاسم والصفة:

سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية عن الفرق بين الاسم والصفة؟
فأجابت بما يلي: (أسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به؛ مثل:
القادر، العليم، الحكيم، السميع، البصير؛ فإن هذه الأسماء دلَّت على ذات الله، وعلى
ما قام بها من العلم والحكمة والسمع والبصر، أما الصفات؛ فهي نعوت الكمـال القائمة
بالذات؛ كالعلم والحكمة والسمع والبصر؛ فالاسم دل على أمرين، والصفة دلت على
أمر واحد، ويقال: الاسم متضمن للصفة، والصفة مستلزمة للاسم
…)
ولمعرفة ما يُميِّز الاسم عن الصفة، والصفة عن الاسم أمور، منها:
أولاً: (أن الأسماء يشتق منها صفات، أما الصفات؛ فلا يشتق منها أسماء، فنشتق
من أسماء الله الرحيم والقادر والعظيم، صفات الرحمة والقدرة والعظمة، لكن لا نشتق
من صفات الإرادة والمجيء والمكر اسم المريد والجائي والماكر
)
فأسماؤه سبحانه وتعالى أوصاف؛ كما قال ابن القيم في (النونية):
أسماؤُهُ أوْصافُ مَدْحٍ كُلُّها
مُشْتَقَّةٌ قَدْ حُمِّلَتْ لِمَعان

ثانياً: (أن الاسم لا يُشتق من أفعال الله؛ فلا نشتق من كونه يحب ويكره ويغضب اسم
المحب والكاره والغاضب، أما صفاته؛ فتشتق من أفعاله فنثبت له صفة المحبة والكره
والغضب ونحوها من تلك الأفعال، لذلك قيل: باب الصفات أوسع من باب الأسماء
)
ثالثاً: أن أسماء الله عَزَّ وجَلَّ وصفاته تشترك في الاستعاذة بها والحلف بها، لكن تختلـف
في التعــبد والدعاء، فيتعبد الله بأسمائـه، فنقول: عبدالكريم، وعبد الرحـمن، وعبد العزيز
لكن لا يُتعبد بصفاته؛ فلا نقول: عبد الكرم، وعبد الرحمـة، وعبد العزة؛ كما أنه يُدعى اللهُ
بأسمائه، فنقول: يا رحيم ! ارحمنا، ويا كريم! أكرمنا، ويا لطيف! الطف بنا، لكن لا ندعو
صفاته فنقول: يا رحمة الله! ارحمينا، أو: يا كرم الله ! أو: يا لطف الله ! ذلك أن الصفة ليست
هي الموصوف؛ فالرحمة ليست هي الله، بل هي صفةٌ لله، وكذلك العزة، وغيرها؛
فهذه صفات لله، وليســـت هي الله، ولا يجوز التعبد إلا لله، ولا يجوز دعاء إلا الله؛
لقولـه تعالى: {يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: 55]،
وقوله تعالى {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] وغيرها من الآيات

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص17

الفرق بين الاسم والصفة أنَّ الاسم ما دل على الذات وما قام بها من صفات، وأما الصفة
فهي ما قام بالذات مما يميزها عن غيرها من معان ذاتية كالعلم والقدرة أو فعلية كالخلق
والرزق والإحياء والإماتة

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف القحطاني -
ص248

المسألة الثانية: اشتقاق أسماء الله وصفاته ودلالتها على الوصفية

وكل اسم من أسمائه يدل على الذات المسماة وعلى الصفة التي تضمنها الاسم كالعليم
يدل على الذات والعلم والقدير يدل على الذات والقدرة والرحيم يدل على الذات والرحمة
ومن أنكر دلالة أسمائه على صفاته ممن يدعي الظاهر فقوله من جنس قول غلاة الباطنية القرامطة الذين يقولون لا يقال هو حي ولا ليس بحي
بل ينفون عنه النقيضين فإن أولئك
القرامطة الباطنية لا ينكرون اسما هو علم محض كالمضمرات وإنما ينكرون ما في
أسمائه الحسنى من صفات الإثبات فمن وافقهم على مقصودهم كان مع دعواه
الغلو في الظاهر موافقا لغلاة الباطنية في ذلك وليس هذا موضع بسط ذلك وإنما
المقصود أن كل اسم من أسمائه يدل على ذاته وعلى ما في الاسم من صفاته ويدل
أيضا على الصفة التي في الاسم الآخر بطريق اللزوم وكذلك أسماء النبي مثل محمد
وأحمد والماحي والحاشر والعاقب وكذلك أسماء القرآن مثل القرآن والفرقان والهدى
والشفاء والبيان والكتاب وأمثال ذلك ..

مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - 13/333


هل أسماء الله مشتقة أو جامدة (يعني: هل المراد بها الدلالة على الذات فقط، أو على
الذات والصفة

الجواب: على الذات والصفة، أما أسماؤنا نحن، فيراد بها الدلالة على الذات فقط، فقد
يسمى محمداً وهو من أشد الناس ذماً، وقد يسمى عبد الله وهو من أفجر عباد الله
أما أسماء الله عز وجل، وأسماء الرسول صلى الله عليه وسلم، وأسماء القرآن
وأسماء اليوم الآخر، وما أشبه ذلك، فإنها أسماء متضمنة للأوصاف.

القول المفيد على كتاب التوحيد لمحمد بن صالح بن عثيمين - 3/15

المسألة الثالثة: التفاضل بين الأسماء والصفات

وقول من قال صفات الله لا تتفاضل ونحو ذلك قول لا دليل عليه بل هو مورد النزاع
ومن الذي جعل صفته التي هي الرحمة لا تفضل على صفته التي هي الغضب وقد
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله كتب في كتاب موضوع عنده فوق العرش
إن رحمتي تغلب غضبى وفي رواية تسبق غضبى وصفة الموصوف من العلم
والإرادة والقدرة والكلام والرضا والغضب وغير ذلك من الصفات تتفاضل من وجهين:
أحدهما: أن بعض الصفات أفضل من بعض وأدخل في كل الموصوف بها فإنا نعلم أن
اتصاف العبد بالعلم والقدرة والرحمة أفضل من اتصافه بضد ذلك لكن الله تعالى
لا يوصف بضد ذلك ولا يوصف إلا بصفات الكمال وله الأسماء الحسنى يدعى
بها فلا يدعى إلا بأسمائه الحسنى وأسماؤه متضمنة لصفاته وبعض أسمائه أفضل
من بعض وأدخل في كمال الموصوف بها ولهذا في الدعاء المأثور أسألك باسمك
العظيم الأعظم الكبير الأكبر ولقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب
وإذا سئل به أعطى وأمثال ذلك فتفاضل الأسماء والصفات من الأمور البينات
والثاني: أن الصفة الواحدة قد تتفاضل فالأمر بمأمور يكون أكمل من الأمر بمأمور آخر
والرضا عن النبيين أعظم من الرضا عمن دونهم والرحمة لهم أكمل من الرحمة
لغيرهم وتكليم الله لبعض عباده أكمل من تكليمه لبعض وكذلك سائر هذا الباب
وكما أن أسماءه وصفاته متنوعة فهي أيضا متفاضلة كما دل على ذلك الكتاب
والسنة والإجماع مع العقل وإنما شبهة من منع تفاضلها من جنس شبهة من
منع تعددها وذلك يرجع إلى نفي الصفات كما يقوله الجهمية لما ادعوه من
التركيب وقد بينا فساد هذا مبسوطا في موضعه .

مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - 17/211

المسألة الرابعة: اقتضاء الصفات والأسماء لآثارهما

إن لكل صفة من الصفات العليا حكما ومقتضيات وأثرا هو مظهر كمالها وإن كانت
كاملة في نفسها لكن ظهور آثارها وأحكامها من كمالها فلا يجوز تعطيله فإن صفة
القادر تستدعي مقدورا وصفة الخالق تستدعي مخلوقا وصفة الوهاب الرازق المعطي
المانع الضار النافع المقدم المؤخر المعز المذل العفو الرؤوف تستدعي آثارها وأحكامها
فلو عطلت تلك الصفات عن المخلوق المرزوق المغفور له المرحوم المعفو عنه لم
يظهر كمالها وكانت معطلة عن مقتضياتها وموجباتها فلو كان الخلق كلهم مطيعون
عابدون حامدون لتعطل أثر كثير من الصفات العلى والأسماء الحسنى وكيف كان
يظهر أثر صفة العفو والمغفرة والصفح والتجاوز والانتقام والعز والقهر والعدل والحكمة
التي تنزل الأشياء منازلها وتضعها مواضعها فلو كان الخلق كلهم أمة واحدة لفاتت
الحكم والآيات والعبر والغايات المحمودة في خلقهم على هذا الوجه وفات كمال
الملك والتصرف فإن الملك إذا اقتصر تصرفه على مقدور واحد من مقدوراته فأما
أن يكون عاجزا عن غيره فيتركه عجزا أو جاهلا بما في تصرفه في غيره من المصلحة
فيتركه جهلا وأما أقدر القادرين وأعلم العالمين وأحكم الحاكمين فتصرفه في
مملكته لا يقف على مقدور واحد لأن ذلك نقص في ملكه فالكمال كل الكمال في
العطاء والمنع والخفض والرفع والثواب والعقاب والإكرام والإهانة والإعزاز والإذلال
والتقديم والتأخير والضر والنفع وتخصيص هذا على هذا وإيثار هذا على هذا
ولو فعل هذا كله بنوع واحد متماثل الأفراد لكان ذلك منافيا لحكمته وحكمته تأباه
كل الآباء فإنه لا يفرق بين متماثلين ولا يسوي بين مختلفين وقد عاب على من
يفعل ذلك وأنكر على من نسبه إليه والقرآن مملوء من عيبه على من يفعل ذلك
فكيف يجعل له العبيد ما يكرهون ويضربون له مثل السوء وقد فطر الله عباده على
إنكار ذلك من بعضهم على بعض وطعنهم على من يفعله وكيف يعيب الرب سبحانه
من عباده شيئا ويتصف به وهو سبحانه إنما عابه لأنه نقص فهو أولى أن يتنزه عنه
وإذا كان لا بد من ظهور آثار الأسماء والصفات ولا يمكن ظهور آثارها إلا في المتقابلات
والمتضادات لم يكن في الحكمة بد من إيجادها إذ لو فقدت لتعطلت الأحكام بتلك
الصفات وهو محال يوضحه .

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل لمحمد بن عبد الله بن
قيم الجوزية - 1/219

المسألة الخامسة: اعتبارات إطلاق الأسماء

- امتناع إطلاق الأسماء على الله مع عدم ثبوت الصفة منها
(لكنها) أي الأسماء الحسنى (في) القول (الحق) المعتمد عند أهل الحق (توقيفية)
بنص الشرع وورود السمع بها ومما يجب أن يعلم أن علماء السنة اتفقوا على جواز إطلاق
الأسماء الحسنى والصفات العلى على الباري - جل وعلا - إذا ورد بها الإذن من الشارع،
وعلى امتناعه على ما ورد المنع عنه

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لمحمد بن أحمد السفاريني - 1/124

- بيان أسمائه تعالى المضافة التي لا تطلق بغير إضافة
مثل: أرحم الراحمين وخير الغافرين ورب العالمين ومالك يوم الدين وأحسن الخالقين
وجامع الناس ليوم لا ريب فيه ومقلب القلوب وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة
وثبت في الدعاء بها بإجماع المسلمين .

مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - 2/380




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:13 AM
المشاركة 55

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المطلب الرابع: أنواع المضاف إلى الله

المضاف إلى الله سبحانه في الكتاب والسنة سواء كانت إضافة اسم إلى اسم أو نسبة
فعل إلى اسم أو خبر باسم عن اسم لا يخلو من ثلاثة أقسام:أحدها: إضافة الصفة
إلى الموصوف: كقوله تعالى: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ} [البقرة:255] وقوله:
{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:58] وفى حديث الاستخارة:
((اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك))
وفي الحديث الآخر: ((اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق)) فهذا في الإضافة الاسمية
وأما بصيغة الفعل فكقوله: {عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ} [البقرة:187]
وقوله:{عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} [المزمل:20] وأما الخبر الذي هو جملة اسمية
فمثل قوله: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة:282] {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
[البقرة:284] وذلك لأن الكلام الذي توصف به الذوات إما جملة أو مفرد فالجملة:
إما اسمية كقوله: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة:282] أو فعلية كقوله:
{عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ} [المزمل:20] أما المفرد فلابد فيه من إضافة الصفة لفظا أو معنى
كقوله: {بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ} [البقرة:255] وقوله: {هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [القصص:78]
أو إضافة الموصوف كقوله:{هُوَ الرَّزَّاقُ} [الذاريات:58]
والقسم الثاني: إضافة المخلوقات: كقوله {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس:13]
وقوله {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [الحج:26] وقوله {رَسُولَ اللَّهِ} [النساء:157]
{وَعِبَادُ الرحمن} [الفرقان:63] وقوله {ذو الْعَرْشِ} [غافر:15] وقوله:
{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [البقرة:255] فهذا القسم لا خلاف بين المسلمين
في أنه مخلوق كما إن القسم الأول لم يختلف أهل السنة والجماعة في أنه قديم
وغير مخلوق ..
وقد خالفهم بعض أهل الكلام في ثبوت الصفات لا في أحكامها وخالفهم بعضهم في
قدم العلم وأثبت بعضهم حدوثه وليس الغرض هنا تفصيل ذلك الثالث: وهو محل
الكلام هنا ما فيه معنى الصفة والفعل: مثل قوله: {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}
[النساء:164] وقوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] وقوله:
{قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي} [الكهف:109] وقوله: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ}
[الفتح:15] {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ} [البقرة:75] وقوله:
{إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة:1] {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [هود:107] وقوله:
{فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} [البقرة:90] وقوله: {وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} [النساء:93]
وقوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف:55] وقوله:
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} [محمد:28] وقوله:
{رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [البينة:8] وقوله: {وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا} [الأعراف:23]
{وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ} [المؤمنون:118] {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ} [البقرة:286]
وكذلك قوله: {خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [البقرة:164] {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75]
وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف:54] {وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}
[الفجر:22] {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ}
[البقرة:210] {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ} [الأنعام:158] وفي الأحاديث
شيء كثير كقوله في حديث الشفاعة: ((إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب
قبله مثله ولن يغضب بعده مثله
)) وقوله:
((ضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر
كلاهما يدخل الجنة
)) وقوله: ((ينزل ربنا إلى سماء الدنيا)) الحديث وأشباه هذا
وهو باب واسع .

مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - 6/144

المطلب الخامس: اتصافه تعالى بالأفعال في الأزل

فالصفات الذاتية هي التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها وهي نوعان: معنوية وخبرية:
فالمعنوية، مثل: الحياة، والعلم، القدرة، والحكمة وما أشبه ذلك، وهذا على سبيل
التمثيل لا الحصر
والخبرية، مثل: اليدين، والوجه، والعينين وما أشبه ذلك مما سماه، نظيره أبعاض
وأجزاء لنا ..
فالله تعالى لم يزل له يدان ووجه وعينان لم يحدث له شيء من ذلك بعد أن لم يكن
ولن ينفك عن شيء منه، كما أن الله لم يزل حياً ولا يزال حياً، لم يزل عالماً ولا يزال
عالماً، ولم يزل قادراً ولا يزال قادراً وهكذا، يعنى ليس حياته تتجدد، ولا قدرته تتجدد،
ولا سمعه يتجدد بل هو موصوف بهذا أزلاً وأبداً، وتجدد المسموع لا يستلزم تجدد
السمع، فأنا مثلاً عندما أسمع الأذان الآن فهذا ليس معناه أنه حدث لي سمع جديد
عند سماع الأذان بل هو منذ خلقه الله فيَّ لكن المسموع يتجدد وهذا لا أثر له في
الصفة واصطلح العلماء رحمهم الله على أن يسموها الصفات الذاتية، قالوا:
لأنها ملازمة للذات، لا تنفك عنها والصفات الفعلية هي الصفات المتعلقة بمشيئته
وهي نوعان: صفات لها سبب معلوم، مثل: الرضى، فالله عز وجل إذا وجد سبب
الرضى، رضي، كما قال تعالى:
{إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}
[الزمر:7] وصفات ليس لها سبب معلوم، مثل: النزول إلى السماء الدنيا حين يبقى
ثلث الليل الآخر ومن الصفات ما هو صفة ذاتية وفعلية باعتبارين، فالكلام صفة فعلية
باعتبار آحاده لكن باعتبار أصله صفة ذاتية، لأن الله لم يزل ولا يزال متكلماً لكنه يتكلم
بما شاء متى شاء اصطلح العلماء رحمهم الله أن يسموا هذه الصفات الصفات الفعلية
لأنها من فعله سبحانه وتعالى ولها أدلة كثيرة من القرآن، مثل:
{وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ً} [الفجر: 22]، {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ}
[الأنعام: من الآية158] {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: 119]،
{وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُم} [التوبة: 46]،
{أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} [المائدة: 80] وليس في إثباتها لله
تعالى نقص بوجه من الوجوه بل هذا من كماله أن يكون فاعلاً لما يريد وأولئك القوم
المحرفون يقولون: إثباتها من النقص! ولهذا ينكرون جميع الصفات الفعلية، يقولون:
لا يجيء ولا يرضى، ولا يسخط ولا يكره ولا يحب ينكرون كل هذه، بدعوى أن هذه حادثة
والحادث لا يقوم إلا بحادث وهذا باطل، لأنه في مقابلة النص، وهو باطل بنفسه، فإنه
لا يلزم من حدوث الفعل حدوث الفاعل .

شرح العقيدة الواسطية لمحمد بن صالح بن عثيمين - 1/77




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:15 AM
المشاركة 56

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المسألة الأولى: وجوب الإيمان والتسليم بما جاء في الكتاب والسنة في باب
الأسماء والصفات



اتفق السلف على أنه يجب الإيمان بجميع الأسماء الحسنى، وما دلت عليه من
الصفات، وما ينشأ عنها من الأفعال

شرح العقيدة الواسطية لمحمد خليل هراس – ص157

اعلم يا أخي وفقنا الله وإياك أن الواجب على العبد أمر أهم من ذلك البحث وهو
الإيمان بالله وأسمائه وصفاته والتسليم لأقداره واليقين بعدله وحكمته والفرح بفضله
ورحمته ونحن لا نعلم من حكمة الله وسائر أسمائه وصفاته إلا ما علمناه ولا يحيط
بكنه شيء منها ونهايته إلا الذي اتصف بها وهو الله الذي لا إله إلا هو

معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي- ص297

المسألة الثانية: موقف العقل من الأسماء والصفات

- العقل يدرك ما يجب لله سبحانه وما يمتنع على سبيل الإجمال
إن العقل يدرك ما يجب لله سبحانه وتعالى ويمتنع عليه على سبيل الإجمال لا على
سبيل التفصيل؛ فمثلاً: العقل يدرك بأن الرب لابد أن يكون كامل الصفات، ولكن
هذا لا يعني أن العقل يثبت كل صفة بعينها أو ينفيها لكن يثبت أو ينفي على سبيل
العموم الرب لابد أن يكون كامل الصفات سالماً من النقص فمثلاً: يدرك بأنه لا بد أن
يكون الرب سميعاً بصيراً؛ قال إبراهيم لأبيه: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ}
[مريم: 42] ولابد أن يكون خالقاً؛ لأن الله قال: {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ}
[النحل: 17] {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً} [النحل: 20] يدرك هذا
ويدرك بأن الله سبحانه وتعالى يمتنع أن يكون حادثاً بعد العدم؛ لأنه نقص، ولقوله
تعالى محتجاً على هؤلاء الذين يعبدون الأصنام:
{وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [النحل: 20]؛
إذاً يمتنع أن يكون الخالق حادثاً بالفعل العقل أيضاً يدرك بأن كل صفة نقص فهي
ممتنع على الله؛ لأن الرب لابد أن يكون كاملاً فيدرك بأن الله عز وجل مسلوب
عن العجز؛ لأنه صفة نقص إذا كان الرب عاجزاً وعصي وأراد أن يعاقب الذي عصاه
وهو عاجز؛ فلا يمكن! إذاً؛ العقل يدرك بأن العجز لا يمكن أن يوصف الله به
والعمى كذلك والصمم كذلك والجهل كذلك وهكذا على سبيل العموم ندرك ذلك
لكن على سبيل التفصيل لا يمكن أن ندركه فنتوقف فيه على السمع .

شرح العقيدة الواسطية لمحمد بن صالح بن عثيمين - 1/81

- حدود دور العقل ووظيفته:

العقل لا مدخل له في باب الأسماء والصفات: لأن مدار إثبات الأسماء والصفات
أو نفيها على السمع، فعقولنا لا تحكم على الله أبداً، فالمدار إذاً على السمع،
خلافاً للأشعرية والمعتزلة والجهمية وغيرهم من أهل التعطيل، الذين جعلوا المدار
في إثبات الصفات أو نفيها على العقل، فقالوا: ما اقتضى العقل إثباته، أثبتناه
سواء أثبته الله لنفسه أم لا! وما اقتضى نفيه، نفيناه، وإن أثبته الله!
وما لا يقتضي العقل إثباته ولا نفيه، فأكثرهم نفاه، وقال: إن دلالة العقل إيجابية
فإن أوجب الصفة، أثبتناها، وإن لم يوجبها، نفيناها! ومنها من توقف فيه، فلا
يثبتها لأن العقل لا يثبتها لكن لا ينكرها، لأن العقل لا ينفيها، ويقول: نتوقف!
لأن دلالة العقل عند هذا سلبية، إذا لم يوجب، يتوقف ولم ينف! فصار هؤلاء
يحكمون العقل فيما يجب أو يمتنع على الله عز وجل فيتفرغ على هذا:
ما اقتضى العقل وصف الله به، وصف الله به وإن لم يكن في الكتاب والسنة
وما اقتضى العقل نفيه عن الله، نفوه، وإن كان في الكتاب والسنة ولهذا يقولون:
ليس لله عين، ولا وجه، ولا له يد، ولا استوى على العرش، ولا ينزل إلى السماء
الدنيا لكنهم يحرفون ويسمون تحريفهم تأويلاً ولو أنكروا إنكار جحد، لكفروا، لأنهم
كذبوا لكنهم ينكرون إنكار ما يسمونه تأويلاً وهو عندنا تحريف والحاصل أن العقل
لا مجال له في باب أسماء الله وصفاته فإن قلت: قولك هذا يناقض القرآن، لأن الله
يقول: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْما} [المائدة: 50] والتفضيل بين شيء وآخر
مرجعه إلى العقل وقال عز وجل {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} [النحل: 60] وقال:
{أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [النحل: 17] وأشباه ذلك مما يحيل الله به
على العقل فيما يثبته لنفسه وما ينفيه عن الآلهة المدَّعاة؟

شرح العقيدة الواسطية لمحمد بن صالح بن عثيمين - 1/81

موافقة العقل لما جاء به الوحي

ما جاء به الوحي، ليس فيه ما يناقض العقل، بل هو جار كله على مقتضى مبادئه:
فقد جاء في هذا الوحي، أن العقل هو أساس التكليف، فلو كان فيه ما يناقض
العقل لكان فيه تكليف بما لا يُطابق، والحال أنه يعلن أن {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}
[البقرة:286] وأما ما يبدو في الظاهر أنه مناقضٌ للعقل، مما جاء في القرآن والحديث
فهو إما أن يكون مما يعلو على فهم العقل دون أن يكون مناقضاً له، أو يكون مما
يبدو في ظاهره كذلك، ويسع التأويل أن يخرجه من ذلك الظاهر، أو يكون العقل
مخطئاً فيما توصل إليه من نتيجة، تبدو مناقضة لما جاء به الوحي، لعدم انتهاجه
النهج الصحيح في البحث والنظر، أو يكون ما ظُنَّ وحياً من آحاد الحديث ليس في
الحقيقة وحيًا وفي هذه الأحوال كلها لا يكون ما جاء به الوحي مناقضاً للعقل في
حقيقة أمره .

المسألة الثالثة: حكم الوصف والتسمية والخبر

- حكم اشتقاق المصدر والفعل والإخبار بهما عن الله
إن الاسم إذا أطلق عليه جاز أن يشتق منه المصدر والفعل فيخبر به عنه فعلا
ومصدرا ونحو السميع البصير القدير يطلق عليه منه السمع والبصر والقدرة ويخبر
عنه بالأفعال من ذلك نحو{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ} [المجادلة:1] {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ}
[المرسلات:23] هذا إن كان الفعل متعديا فإن كان لازما لم يخبر عنه به نحو الحي
بل يطلق عليه الاسم والمصدر دون الفعل فلا يقال حي .

بدائع الفوائد لابن قيم الجوزية - 1/170

- بيان عدم التلازم بين الإخبار بالفعل مقيدا والتسمية به

وأما صفة الكمال بقيد، فهذه لا يوصف الله بها على الإطلاق إلا مقيداً، مثل:
المكر، والخداع، والاستهزاء وما أشبه ذلك، فهذه الصفات كمال بقيد، إذا كانت
في مقابلة من يفعلون ذلك، فهي كمال، وإن ذكرت مطلقة، فلا تصح بالنسبة لله
عز وجل، ولهذا لا يصح إطلاق وصفه بالماكر أو المستهزئ أو الخادع، بل تقيد فنقول:
ماكر بالماكرين، مستهزئ بالمنافقين، خادع للمنافقين، كائد للكافرين، فتقيدها
لأنها لم تأت إلا مقيدة .

شرح العقيدة الواسطية لمحمد بن صالح بن عثيمين - 1/142

- بيان ما يوصف به الله تعالى من فعل لا يشتق منه اسم

الثاني: أن الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه
بل يطلق عليه منها كمالها وهذا كالمريد والفاعل والصانع فإن هذه الألفاظ لا تدخل
في أسمائه ولهذا غلط من سماه بالصانع عند الإطلاق بل هو الفعال لما يريد فإن
الإرادة والفعل والصنع منقسمة ولهذا إنما أطلق على نفسه من ذلك أكمله فعلا
وخبرا الثالث: أنه لا يلزم من الإخبار عنه بالفعل مقيدا أن يشتق له منه اسم
مطلق كما غلط فيه بعض المتأخرين فجعل من أسمائه الحسنى المضل الفاتن
الماكر تعالى الله عن قوله فإن هذه الأسماء لم يطلق عليه سبحانه منها إلا أفعال
مخصوصة معينة فلا يجوز أن يسمى بأسمائها .

بدائع الفوائد لابن قيم الجوزية - 1/169

المسألة الرابعة: حكم الألفاظ المجملة نفيا وإثباتا

وإذا كان المتكلم في مقام الإجابة لمن عارضة بالعقل وادعى أن العقل يعارض
النصوص فإنه قد يحتاج إلى حل شبهته وبيان بطلانها فإذا أخذ النافي يذكر ألفاظا
مجملة مثل أن يقول: لو كان فوق العرش لكان جسما أو لكان مركبا وهو منزه عن
ذلك ولو كان له علم وقدرة لكان جسما وكان مركبا وهو منزه عن ذلك ولو خلق
واستوى وأتى لكان تحله الحوادث وهو منزه عن ذلك ولو قامت به الصفات لحلته
الأعراض وهو منزه عن ذلك فهنا يستفصل السائل ويقول له: ماذا تريد بهذه الألفاظ
المجملة؟ فإن أراد بها حقا وباطلا قبل الحق ورد الباطل مثل أن يقول: أنا أريد بنفي
الجسم نفي قيامه بنفسه وقيام الصفات به ونفي كونه مركبا فنقول: هو قائم
بنفسه وله صفات قائمة به وأنت سميت هذا تجسيما لم يجز أن أدع الحق الذي دل
عليه صحيح المنقول وصريح المعقول لأجل تسميتك أنت له بهذا وأما قولك: ليس
مركبا فإن أردت به أنه سبحانه ركبه مركب أو كان متفرقا فتركب وأنه يمكن تفرقه
وانفصاله فالله تعالى منزه عن ذلك وإن أردت أنه موصوف بالصفات مباين للمخلوقات
فهذا المعني حق ولا يجوز رده لأجل تسميتك له مركبا فهذا ونحوه مما يجاب به .

درء تعارض العقل والنقل لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - 1/133

وحول الحوادث بالرب تعالى، المنفي في علم الكلام المذموم، لم يرد نفيه ولا إثباته
في كتاب ولا سنة، وفيه إجمال: فإن أريد بالنفي أنه سبحانه لا يحل في ذاته
المقدسة لشيء من مخلوقاته المحدثة، أو لا يحدث له وصف متجدد لم يكن -
فهذا نفي صحيح وإن أريد به نفي الصفات الاختيارية، من أنه لا يفعل ما يريد، ولا
يتكلم بما شاء إذا شاء، ولا أنه يغضب ويرضى لا كأحد من الورى، ولا يوصف بما وصف
به نفسه من النزول والاستواء والإتيان كما يليق بجلاله وعظمته - فهذا نفي باطل
وأهل الكلام المذموم يطلقون نفي حلول الحوادث، فيسلم السني للمتكلم ذلك
على ظن أنه نفى عنه سبحانه ما لا يليق بجلاله، فإذا سلم له هذا النفي ألزمه
نفي الصفات الاختيارية وصفات الفعل، وهو غير لازم له وإنما أتي السني من
تسليم هذا النفي المجمل، وإلا فلو استفسر واستفصل لم ينقطع معه وكذلك
مسألة الصفة: هل هي زائدة على الذات أم لا؟ لفظها مجمل، وكذلك لفظ الغير
فيه إجمال، فقد يراد به ما ليس هو إياه، وقد يراد به ما جاز مفارقته له ولهذا كان
أئمة السنة رحمهم الله تعالى لا يطلقون على صفات الله وكلامه أنه غيره، ولا أنه
ليس غيره لأن إطلاق الإثبات قد يشعر أن ذلك مباين له، وإطلاق النفي قد يشعر
بأنه هو هو، إذا كان لفظ الغير فيه إجمال، فلا يطلق إلا مع البيان والتفصيل:
فإن أريد به أن هناك ذاتاً مجردة قائمة بنفسها منفصلة عن الصفات الزائدة عليها -
فهذا غير صحيح، وإن أريد به أن الصفات زائدة على الذات التي يفهم من معناها
غير ما يفهم من معنى الصفة - فهذا حق، ولكن ليس في الخارج ذات مجردة عن
الصفات، بل الذات الموصوفة بصفات الكمال الثابتة لها لا تنفصل عنها، وإنما يفرض
الذهن ذاتاً وصفة، كلاً وحده، ولكن ليس في الخارج ذات غير موصوفة، فإن هذا
محال ولو لم يكن إلا صفة الوجود، فإنها لا تنفك عن الموجود، وإن كان الذهن
يفرض ذاتاً ووجوداً، يتصور هذا وحده، وهذا وحده، لكن لا ينفك أحدهما عن الآخر
في الخارج وقد يقول بعضهم: الصفة لا عين الموصوف ولا غيره هذا له معنى
صحيح، وهو: أن الصفة ليست عين ذات الموصوف التي يفرضها الذهن مجردة
بل هي غيرها، وليست غير الموصوف، بل الموصوف بصفاته شيء واحد غير
متعدد فإذا قلت: أعوذ بالله فقد عذت بالذات المقدسة الموصوفة بصفات الكمال
المقدسة الثابتة التي لا تقبل الانفصال بوجه من الوجوه وإذا قلت: أعوذ بعزة الله
فقد عذت بصفة من صفات الله تعالى، ولم أعذ بغير الله وهذا المعنى يفهم من
لفظ الذات، فإن ذات في أصل معناها لا تستعمل إلا مضافة، أي: ذات وجود، ذات
قدرة، ذات عز، ذات علم، ذات كرم، إلى غير ذلك من الصفات فذات كذا بمعنى
صاحبة كذا: تأنيث ذو هذا أصل معنى الكلمة، فعلم أن الذات لا يتصور انفصال
الصفات عنها بوجه من الوجوه .

شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي - 1/97

المسألة الخامسة: أحكام التسلسل نفياً وإثباتاً

والتسلسل لفظ مجمل، لم يرد بنفيه ولا إثباته كتاب ولا سنة، ليجب مراعاة لفظه
وهو ينقسم إلى واجب وممتنع وممكن: فالتسلسل في المؤثرين محال ممتنع
لذاته، وهو أن يكون مؤثرون كل واحد منهم استفاد تأثيره مما قبله لا إلى غاية
والتسلسل الواجب: ما دل عليه العقل والشرع، من دوام أفعال الرب تعالى في الأبد
وأنه كلما انقضى لأهل الجنة نعيم أحدث لهم نعيماً آخر لا نفاد له،
وكذلك التسلسل في أفعاله سبحانه من طرف الأزل، وأن كل فعل مسبوق بفعل
آخر، فهذا واجب في كلامه، فإنه لم يزل متكلماً إذا شاء، ولم تحدث له صفة الكلام
في وقت، وهكذا أفعاله التي هي من لوازم حياته، فإن كل حي فعال، والفرق بين
الحي والميت: الفعل، ولهذا قال غير واحد من السلف: الحي الفعال، وقال :
عثمان بن سعيد: كل حي فعال، ولم يكن ربنا تعالى قط في وقت من الأوقات
معطلاً عن كماله، من الكلام والإرادة والفعل وأما التسلسل الممكن:
فالتسلسل في مفعولاته من هذا الطرف، كما تتسلسل في طرف الأبد، فإنه إذا
لم يزل حياً قادراً مريداً متكلماً، وذلك من لوازم ذاته - فالفعل ممكن له بموجب
هذه الصفات له، وأن يفعل أكمل من أن لا يفعل، ولا يلزم من هذا أنه لم يزل
الخلق معه، فإنه سبحانه متقدم على كل فرد من مخلوقاته تقدماً لا أول له
فلكل مخلوق أول، والخالق سبحانه لا أول له، فهو وحده الخالق، وكل ما سواه
مخلوق كائن بعد أن لم يكن قالوا: وكل قول سوى هذا فصريح العقل يرده ويقضي
ببطلانه، وكل من اعترف بأن الرب تعالى لم يزل قادراً على الفعل لزمه أحد أمرين
لا بد له منهما: أما أن يقول بأن الفعل لم يزل ممكناً، وأما أن يقول لم يزل واقعاً
وإلا تناقض تناقضاً بيناً، حيث زعم أن الرب تعالى لم يزل قادراً على الفعل،
والفعل محال ممتنع لذاته، لو أراده لم يمكن وجوده، بل فرض إرادته عنده محال
وهو مقدور له وهذا قول ينقض بعضه بعضاً والمقصود: أن الذي دل عليه الشرع
والعقل، أن كل ما سوى الله تعالى محدث كائن بعد أن لم يكن أما كون الرب
تعالى لم يزل معطلاً عن الفعل ثم فعل، فليس في الشرع ولا في العقل ما يثبته
بل كلاهما يدل على نقيضه وقد أورد أبو المعالي في إرشاده وغيره من النظار
على التسلسل في الماضي، فقالوا: إنك لو قلت: لا أعطيك درهما إلا أعطيك
بعده درهماً، كان هذا ممكناً، ولو قلت: لا أعطيك درهماً حتى أعطيك قبله درهماً
كان هذا ممتنعاً وهذا التمثيل والموازنة غير صحيحة، بل الموازنة الصحيحة
أن تقول: ما أعطيتك درهماً إلا أعطيتك قبله درهماً، فتجعل ماضياً قبل ماض
كما جعلت هناك مستقبلاً بعد مستقبل وأما قول القائل: لا أعطيك حتى أعطيك
قبله، فهو نفي للمستقبل حتى يحصل في المستقبل ويكون قبله فقد نفى
المستقبل حتى يوجد المستقبل، وهذا ممتنع أما نفي الماضي حتى يكون قبله
ماض، فإن هذا ممكن والعطاء المستقبل ابتداؤه من المستقبل والمعطى الذي
له ابتداء وانتهاء لا يكون قبله ما لا نهاية له، فإن ما لا نهاية له فيما يتناهى ممتنع

شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي - 1/106




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:18 AM
المشاركة 57

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
القاعدة الأولى: أسماء الله تعالى كلها حسنى

أي بالغة في الحسن غايته، قال الله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} [الأعراف:180]
وذلك
لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، لا احتمالاً ولا تقديراً مثال
ذلك:
"الحي" اسم من أسماء الله تعالى، متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا
يلحقها زوال الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم، والقدرة، والسمع، والبصر
وغيرها ومثال آخر: "العليم" اسم من أسماء الله متضمن للعلم الكامل، الذي لم يسبق
بجهل، ولا يلحقه نسيان، قال الله تعالى {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا
يَنْسَى
} [طه:52] العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً، سواء ما يتعلق
بأفعاله، أو أفعال خلقه، قال الله تعالى: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي
الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ
فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
} [الأنعام:59] {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}
[هود:6] {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ
وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
} [التغابن:4] ومثال ثالث: "الرحمن" اسم من أسماء الله
تعالى متضمن للرحمة الكاملة، التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم
((لله أرحم بعباده من هذه بولدها)) يعني أم صبي وجدته في السبي فأخذته وألصقته
ببطنها وأرضعته، ومتضمن أيضاً للرحمة الواسعة التي قال الله عنها:
{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف:156] وقال عن دعاء الملائكة للمؤمنين:
{رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر:7] والحسن في أسماء الله تعالى يكون
باعتبار كل اسم على انفراده، ويكون باعتبار جمعه إلى غيره، فيحصل بجمع الاسم إلى
الآخر كمال فوق كمال مثال ذلك: "العزيز الحكيم" فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن
كثيراً فيكون كل منهما دالاً على الكمال الخاص الذي يقتضيه، وهو العزة في العزيز،
والحكم والحكمة في الحكيم، والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى
مقرونة بالحكمة، فعزته لا تقتضي ظلماً وجوراً وسوء فعل، كما قد يكون من أعزاء
المخلوقين، فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم، فيظلم ويجور ويسيء التصرف وكذلك
حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمته فإنهما يعتريهما
الذل

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين- ص9

القاعدة الثانية: أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف

أعلام باعتبار دلالتها على الذات، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني، وهي بالاعتبار
الأول مترادفة لدلالتها على مسمى واحد، وهو الله – عز وجل – وبالاعتبار الثاني متباينة
لدلالة كل واحد منهما على معناه الخاص فـ "الحي، العليم، القدير، السميع، البصير
الرحمن الرحيم، العزيز، الحكيم
" كلها أسماء لمسمى واحد، وهو الله سبحانه وتعالى، لكن
معنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير، وهكذا وإنما قلنا
بأنها أعلام وأوصاف، لدلالة القرآن عليه كما في قوله تعالى:
{وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس:107]
وقوله: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} [الكهف:58] فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو
المتصف بالرحمة ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال: عليم إلا لمن له علم، ولا سميع
إلا لمن له سمع، ولا بصير إلا لمن له بصر، وهذا أمر أبين من أن يحتاج إلى دليل وبهذا علم
ضلال من سلبوا أسماء الله تعالى معانيها من أهل التعطيل وقالوا: إن الله تعالى سميع
بلا سمع، وبصير بلا بصر، وعزيز بلا عزة وهكذا وعللوا ذلك بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد
القدماء وهذه العلة عليلة بل ميتة لدلالة السمع والعقل على بطلانها أما السمع:
فلأن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف كثيرة، مع أنه الواحد الأحد فقال تعالى:
{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ}
[البروج:12-16] وقال تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى
وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى
} [الأعلى:1-5] ففي هذه الآيات الكريمة أوصاف
كثيرة لموصوف واحد، ولم يلزم من ثبوتها تعدد القدماء وأما العقل: فلأن الصفات ليست
ذوات بائنة من الموصوف، حتى يلزم من ثبوتها التعدد، وإنما هي من صفات من اتصف
بها، فهي قائمة به، وكل موجود فلابد له من تعدد صفاته، ففيه صفة الوجود، وكونه واجب
الوجود، أو ممكن الوجود، وكونه عيناً قائماً بنفسه أو وصفاً في غيره وبهذا أيضاً علم أن:
"الدهر" ليس من أسماء الله تعالى؛ لأنه اسم جامد لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء
الحسنى، ولأنه اسم للوقت والزمن، قال الله تعالى عن منكري البعث:
{وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ
إِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ
} [الجاثية:24] يريدون مرور الليالي والأيام فأما قوله:
صلى الله عليه وسلم: ((قال الله – عز وجل -: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر،
وأنا الدهر
بيدي الأمر أقلب الليل والنهار
)) فلا يدل على أن الدهر من أسماء الله تعالى؛ وذلك أن
الذين يسبون الدهر إنما يريدون الزمان الذي هو محل الحوادث، لا يريدون الله تعالى
فيكون معنى قوله: "وأنا الدهر" ما فسره بقوله: "بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"، فهو
سبحانه خالق الدهر وما فيه، وقد بين أنه يقلب الليل والنهار، وهما الدهر، ولا يمكن
أن يكون المقلب (بكسر اللام) هو المقلب (بفتحها) وبهذا تبين أنه يمتنع أن يكون الدهر
في هذا الحديث مراداً به الله تعالى .

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين- ص11

القاعدة الثالثة: أسماء الله تعالى إن دلت على وصف متعد،
تضمنت ثلاثة أمور


أحدها: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل الثالث:
ثبوت حكمها ومقتضاها ولهذا استدل أهل العلم على سقوط الحد عن قطاع الطريق بالتوبة
استدلوا على ذلك بقوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ
غَفُورٌ رَّحِيمٌ
} [المائدة:34] لأن مقتضى هذين الاسمين أن يكون الله تعالى قد غفر لهم
ذنوبهم، ورحمهم بإسقاط الحد عنهم مثال ذلك: "السميع" يتضمن إثبات السميع اسماً
لله تعالى، وإثبات السمع صفة له وإثبات حكم ذلك ومقتضاه وهو أنه يسمع السر والنجوى
كما قال تعالى: {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة:1] دلت على وصف
غير متعد تضمنت أمرين:
أحدهما: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل
الثاني: ثبوت الصفة التي
تضمنها لله عز وجل مثال ذلك:"الحي" يتضمن إثبات الحي اسماً لله – عز وجل – وإثبات
الحياة صفة له .

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين- ص13

القاعدة الرابعة: دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته
تكون بالمطابقة وبالتضمن
وبالالتزام


مثال ذلك: "الخالق" يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة، ويدل على الذات
وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام ولهذا
لما ذكر الله خلق السموات والأرض قال: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ
أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا
} [الطلاق:12] ودلالة الالتزام مفيدة جداً لطالب العلم إذا تدبر المعنى
ووفقه الله تعالى فهماً للتلازم، فإنه بذلك يحصل من الدليل الواحد على مسائل كثيرة واعلم
أن اللازم من قول الله تعالى، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صح أن يكون لازماً
فهو حق؛ وذلك لأن كلام الله ورسوله حق، ولازم الحق حق، ولأن الله تعالى عالم بما يكون
لازماً من كلامه وكلام رسوله فيكون مراداً وأما اللازم من قول أحدٍ سوى قول الله ورسوله
فله ثلاث حالات: الأولى: أن يذكر للقائل ويلتزم به، مثل أن يقول من ينفي الصفات الفعلية
لمن يثبتها: يلزم من إثباتك الصفات الفعلية لله – عز وجل – أن يكون من أفعاله ما هو
حادث فيقول المثبت: نعم، وأنا ألتزم بذلك فإن الله تعالى لم يزل ولا يزال فعالاً لما يريد ولا
نفاد لأقواله وأفعاله كما قال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ
أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً
} [الكهف:109] وقال:
{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
} [لقمان:27] وحدوث آحاد فعله تعالى لا يستلزم نقصاً في حقه
الحال الثانية: أن يذكر له ويمنع اللازم بينه وبين قوله، مثل أن يقول النافي للصفات لمن
يثبتها: يلزم من إثباتك أن يكون الله تعالى مشابهاً للخلق في صفاته فيقول المثبت:
لا يلزم ذلك، لأن صفات الخالق مضافة إليه لم تذكر مطلقة حتى يمكن ما ألزمت به
وعلى هذا فتكون مختصة به لائقة به، كما أنك أيها النافي للصفات تثبت لله تعالى
ذاتاً وتمنع أن يكون مشابهاً للخلق في ذاته، فأي فرق بين الذات والصفات؟!
وحكم اللازم في هاتين الحالتين ظاهر الحال الثالثة: أن يكون اللازم مسكوتاً عنه، فلا
يذكر بالتزام ولا منع، فحكمه في هذه الحال ألا ينسب إلى القائل، لأنه يحتمل لو ذكر
له أن يلتزم به أو يمنع التلازم، ويحتمل لو ذكر له فتبين له لزومه وبطلانه أن يرجع عن
قوله؛ لأن فساد اللازم يدل على فساد الملزوم ولورود هذين الاحتمالين لا يمكن الحكم
بأن لازم القول قول فإن قيل: إذا كان هذا اللازم لازماً من قوله، لزم أن يكون قولاً له
لأن ذلك هو الأصل، لاسيما مع قرب التلازم قلنا: هذا مدفوع بأن الإنسان بشر، وله
حالات نفسية وخارجية توجب الذهول عن اللازم، فقد يغفل، أو يسهو، أو ينغلق فكره
أو يقول القول في مضايق المناظرات من غير تفكير في لوازمه، ونحو ذلك .

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين- ص14

القاعدة الخامسة: أسماء الله تعالى توقيفية، لا مجال للعقل فيها

وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص؛
لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على
النص لقوله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ
عَنْهُ مَسْؤُولاً
} [الإسراء:36] وقوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ
وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
}
[الأعراف:33] ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه
جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك والاقتصار على ما جاء به النص

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين- ص16

القاعدة السادسة: أسماء الله تعالى غير محصورة بعدد معين

لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: ((أسألك بكل اسم هو لك سميت به
نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك
))
وما استأثر الله تعالى به في علم الغيب لا يمكن لأحدٍ حصره، ولا الإحاطة به فأما قولـه
صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة))
فلا يدل على حصر الأسماء بهذا العدد، ولو كان المراد الحصر لكانت العبارة: "إن أسماء الله
تسعة وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة
" أو نحو ذلك إذن فمعنى الحديث: أن هذا
العدد من شأنه أن من أحصاه دخل الجنة، وعلى هذا فيكون قوله: "من أحصاها دخل الجنة"
جملة مكملة لما قبلها، وليست مستقلة، ونظير هذا أن تقول: عندي مائة درهم أعددتها
للصدقة، فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة ولم يصح عن النبي..
صلى الله عليه وسلم تعيين هذه الأسماء، والحديث المروي عنه في تعيينها ضعيف قال
شيخ الإسلام ابن تيميه في (الفتاوى) ص 383 جـ6 من (مجموع ابن قاسم):
تعيينها ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق أهل المعرفة بحديثه، وقال قبل
ذلك ص 379: إن الوليد ذكرها عن بعض شيوخه الشاميين كما جاء مفسراً في بعض طرق
حديثه اهـ .
وقال ابن حجر في (فتح الباري) ص215 جـ11 ط السلفية: ليست العلة عند الشيخين
(البخاري ومسلم)، تفرد الوليد فقط، بل الاختلاف فيه والاضطراب، وتدليسه واحتمال
الإدراج أهـ ولما لم يصح تعيينها عن النبي صلى الله عليه وسلم اختلف السلف فيه
وروي عنهم في ذلك أنواع وقد جمعت تسعة وتسعين اسماً مما ظهر لي من كتاب الله
تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين- ص17

القاعدة السابعة: الإلحاد في أسماء الله تعالى هو الميل بها عما يجب فيها

وهو أنواع: الأول: أن ينكر شيئاً منها أو مما دلت عليه من الصفات والأحكام، كما فعل أهل
التعطيل من الجهمية وغيرهم وإنما كان ذلك إلحاداً لوجوب الإيمان بها وبما دلت عليه من
الأحكام والصفات اللائقة بالله، فإنكار شيء من ذلك ميل بها عما يجب فيها الثاني: أن
يجعلها دالة على صفات تشابه صفات المخلوقين كما فعل أهل التشبيه، وذلك لأن
التشبيه معنى باطل لا يمكن أن تدل عليه النصوص، بل هي دالة على بطلانه، فجعلها
دالة عليه ميل بها عما يجب فيها الثالث: أن يسمى الله تعالى بما لم يسم به نفسه
كتسمية النصارى له: (الأب)، وتسمية الفلاسفة إياه (العلة الفاعلة)، وذلك لأن أسماء الله
تعالى توقيفية، فتسمية الله تعالى بما لم يسم به نفسه ميل بها عما يجب فيها، كما أن
هذه الأسماء التي سموه بها نفسها باطلة ينزه الله تعالى عنها الرابع: أن يشتق من
أسمائه أسماء للأصنام، كما فعل المشركون في اشتقاق العزى من العزيز، واشتقاق
اللات من الإله، على أحد القولين، فسموا بها أصنامهم؛ وذلك لأن أسماء الله تعالى
مختصة به، لقوله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180] وقوله:
{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه:8] وقوله:
{لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [الحشر:24] فكما اختص
بالعبادة وبالألوهية الحق، وبأنه يسبح له ما في السماوات والأرض فهو مختص
بالأسماء الحسنى، فتسمية غيره بها على الوجه الذي يختص بالله – عز وجل – ميل
بها عما يجب فيها والإلحاد بجميع أنواعه محرم؛ لأن الله تعالى هدد الملحدين بقوله:
{وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأعراف:180] ومنه ما يكون
شركاً أو كفراً حسبما تقتضيه الأدلة الشرعية .

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين- ص26




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:19 AM
المشاركة 58

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
- الأكبر

(الأكبر) الذي السموات والأرض وما فيهن وما بينهما في كفه كخردلة في كف آحاد عباده
له العظمة والكبرياء وهو أكبر كل شيء شهادة لا منازع له في عظمته وكبريائه ولا ينبغي
العظمة والكبرياء إلا له ومن نازعه في صفة منهما أذاقه عذابه وأحل عليه غضبه ومن
يحلل عليه غضبه فقد هوى .

معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي- ص163

- الله

هو المألوه المعبود، ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، لما اتصف به من صفات
الألوهية التي هي صفات الكمال.

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف القحطاني
- ص162

(الله) علم على ذاته تبارك وتعالى وكل الأسماء الحسنى تضاف إليه كما قال تعالى:
{وَلِلّهِ الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى} [الأعراف:180]
وقال تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه:8]
ألا ترى أنك تقول الرحمن من أسماء الله تعالى والرحيم من أسماء الله ونحو ذلك, ولا تقول
الله من أسماء الرحمن, وقال النبي: ((إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من
أحصاها دخل الجنة
)) واختلفوا في كونه مشتقا أو لا, ذهب الخليل وسيبويه وجماعة
من أئمة اللغة والشافعي والخطابي وإمام الحرمين ومن وافقهم إلى عدم اشتقاقه لأن
الألف واللام فيه لازمة فتقول يا الله ولا تقول يا الرحمن, فلولا أنه من أصل الكلمة لما
جاز إدخال حرف النداء على الألف واللام وقال آخرون إنه مشتق, واختلفوا في اشتقاقه
إلى أقوال أقواها أنه مشتق من أله يأله إلهة, فأصل الاسم الإله فحذفت الهمزة وأدغمت
اللام الأولى في الثانية وجوبا فقيل الله, ومن أقوى الأدلة عليه قوله تعالى:
{وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} [الأنعام:3]
مع قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف:84]
ومعناه ذو الألوهية التي لا تنبغي إلا له, ومعنى إله يأله إلهة عبد يعبد عبادة فالله المألوه
أي المعبود ولهذا الاسم خصائص لا يحصيها إلا الله عز وجل, وقيل إنه هو الاسم الأعظم

معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي - ص77

- الإله

هو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال، فقد دخل في هذا الاسم جميع الأسماء
الحسنى، ولهذا كان القول الصحيح أن (الله) أصله (الإله) وأن اسم (الله) هو الجامع لجميع
الأسماء الحسنى والصفات العلى والله أعلم قال الله تعالى: {إنما الله إله واحد سبحانه
أن يكون له ولد له ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً
} [النساء:171]

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف القحطاني -
ص188




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:21 AM
المشاركة 59

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
- الأول، والآخر، والظاهر، والباطن، والمبدئ

قال الله تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
[الحديد:3] هذه الأسماء الأربعة المباركة قد فسرها النبي..
صلى الله عليه وسلم تفسيراً جامعاً واضحاً فقال يخاطب ربه:
((اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت
الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء
)) إلى آخر
الحديث، ففسر كل اسم بمعناه العظيم، ونفى عنه ما يضاده وينافيه فتدبَّر
هذه المعاني الجليلة الدالّة على تفرد الرب العظيم بالكمال المطلق والإحاطة
المطلقة الزمانية في قوله(الأول والآخر) والمكانية في (الظاهر والباطن)
فالأول يدل على أن كل ما سواه حادث كائن بعد أن لم يكن، ويوجب للعبد أن
يلحظ فضل ربه في كل نعمة دينية أو دنيوية، إذ السبب والمسبب منه تعالى
والآخر يدل على أنه هو الغاية، والصمد الذي تصمد إليه المخلوقات بتألهها
ورغبتها، ورهبتها، وجميع مطالبها، (والظاهر) يدل على عظمة صفاته
واضمحلال كل شيء عند عظمته من ذوات وصفات على علوه، (والباطن)
يدل على إطلاعه على السرائر، والضمائر، والخبايا، والخفايا، ودقائق الأشياء
كما يدل على كمال قربه ودنوه ولا يتنافى الظاهر والباطن لأن الله ليس كمثله
شيء في كل النعوت.

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص77

(الأَوَّلُ) فليس قبله شيء (المبدئ) الذي يبدأ الخلق ثم يعيده (بلا ابتداء)
لأوليته تعالى (والآخر) فليس بعده شيء (الباقي) وكل ما سواه فان (بلا انتهاء)
لآخريته تعالى قال الله عز وجل:
{هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3]
وقال تعالى: {قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ
ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ
} [يونس:34]
وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ قُلْ
سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
} [العنكبوت:19-20]
وقال تعالى: {وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ
الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
} القصص:88[
وقال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}
]الرحمن:26-27[
وقال تعالى: {يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ
الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ
} ]غافر:16[ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم, ربنا ورب كل شيء فالق
الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والقرآن, أعوذ بك من شر كل دابة أنت
آخذ بناصيتها أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت
الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين
وأغنني من الفقر
)) رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي..
صلى الله عليه وسلم وفي الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنهما
قال: ((دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعلقت ناقتي بالباب, فأتاه ناس
من بني تميم فقال: اقبلوا البشرى يا بني تميم, قالوا: قد بشرتنا فأعطنا مرتين
ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن فقال: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها
بنو تميم, فقالوا: قبلنا يا رسول الله, قالوا جئناك نسألك عن أول هذا الأمر, قال:
كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء
وخلق السموات والأرض
)) الحديث وقال عمر رضي الله عنه:
((قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم مقاما فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل
أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم, حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه
))
رواه البخاري وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا:
((أنه تعالى يطوي السموات بيده ثم يقول: أنا الملك أنا الملك أنا الجبار المتكبر
أين ملوك الأرض أين الجبارون أين المتكبرون
))
ولابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ينادي مناد بين يدي
الساعة يا أيها الناس أتتكم الساعة, فيسمعه الأحياء والأموات
قال:
وينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا ويقول: لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في أثناء كلامه على هذه الأسماء الأربعة وهي
الأول والآخر والظاهر والباطن: هي أركان العلم والمعرفة, فحقيق بالعبد أن يبلغ
في معرفتها إلى حيث ينتهي به قواه وفهمه واعلم أن لك أنت أولا وآخرا وظاهرا
وباطنا بل كل شيء فله أول وآخر وظاهر وباطن, حتى الخطرة واللحظة والنفس
وأدنى من ذلك وأكثر, فأولية الله عز وجل سابقة على أولية كل ما سواه, وآخريته
ثابتة بعد آخرية كل ما سواه, فأوليته سبقه لكل شيء, وآخريته بقاؤه بعد كل
شيء, وظاهريته سبحانه فوقيته وعلوه على كل شيء, ومعنى الظهور يقتضي
العلو, وظاهر الشيء هو ما علا منه وأحاط بباطنه, وبطونه سبحانه إحاطته بكل
شيء بحيث يكون أقرب إليه من نفسه, وهذا قرب غير قرب المحب من حبيبه
هذا لون وهذا لون, فمدار هذه الأسماء الأربعة على الإحاطة وهي إحاطتان
زمانية ومكانية, فإحاطة أوليته وآخريته بالقبل والبعد, فكل سابق انتهى إلى
أوليته وكل آخر انتهى إلى آخريته, فأحاطت أوليته وآخريته بالأوائل والأواخر
وأحاطت ظاهريته وباطنيته بكل ظاهر وباطن, فما من ظاهر إلا الله فوقه وما
من باطن إلا والله دونه, وما من أول إلا والله قبله وما من آخر إلا والله بعده, فالأول
قدمه والآخر دوامه وبقاؤه, والظاهر علوه وعظمته والباطن قربه ودنوه, فسبق
كل شيء بأوليته وبقي بعد كل شيء بآخريته وعلا على كل شيء بظهوره
ودنا من كل شيء ببطونه, فلا تواري منه سماء سماء ولا أرض أرضا, ولا يحجب
عنه ظاهر باطنا بل الباطن له ظاهر والغيب عنده شهادة, والبعيد منه قريب
والسر عنده علانية, فهذه الأسماء الأربعة تشتمل على أركان التوحيد فهو الأول
في آخريته والآخر في أوليته والظاهر في بطونه والباطن في ظهوره لم يزل أولا
وآخرا وظاهرا وباطنا ثم ساق الكلام على التعبد بهذه الأسماء فشفي وكفي
رحمه الله تعالى, ولكن قد أحاط بذلك المعنى تفسير رسول الله ..
صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة المتقدم قريبا بأوجز عبارة وأخصرها
فسبحان من خصه بجوامع الكلم صلى الله عليه وسلم]

معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي -
ص165

- بديع السموات والأرض

قال الله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}
[البقرة:117] أي: خالقهما ومبدعهما، في غاية ما يكون من الحسن والخلق
البديع، والنظام العجيب المحكم وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ}
[الروم:27] ابتدأ خلقهم، ليبلوهم أيهم أحسن عملاً، ثم يعيدهم، ليجزي الذين
أحسنوا بالحسنى، ويجزي المسيئين بإساءتهم وكذلك، هو يبدأ إيجاد المخلوقات
شيئاً فشيئاً، ثم يعيده كل وقت وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [هود:107]
وقال سبحانه: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [البروج:15-16] وهذا من كمال
قوته، ونفوذ مشيئته، وقدرته، أن كل أمر يريده يفعله بلا ممانع، ولا معارض وليس
له ظهير ولا عوين، على أي أمر يكون بل إذا أراد شيئاً قال له (كن فيكون) ومع أنه
الفعال لما يريد، فإرادته، تابعة لحكمته وحمده فهو موصوف بكمال القدرة، ونفوذ
المشيئة وموصوف بشمول الحكمة، لكل ما فعله ويفعله .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص174

- البر، الوهاب

قال الله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور:28]
وقال سبحانه: {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ
الْوَهَّابُ
} [آل عمران:8] من أسمائه تعالى (البر الوهاب) الذي شمل الكائنات
بأسرها ببره وهباته وكرمه، فهو مولى الجميل ودائم الإحسان وواسع المواهب
وصفه البر وآثار هذا الوصف جميع النعم الظاهرة والباطنة، فلا يستغني مخلوق
عن إحسانه وبره طرفة عين وإحسانه عام وخاص:
فالعام المذكور في قوله: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر:7]
{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف:156]، قال تعالى:
{وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ} [النحل:53] وهذا يشترك فيه البر والفاجر وأهل
السماء وأهل الأرض والمكلفون وغيرهم
والخاص رحمته ونعمه على المتقين حيث قال: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ
الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ
}
الآية [الأعراف:157]، وقال: {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف:56]
وفي دعاء سليمان: {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل:19]
وهذه الرحمة الخاصة التي يطلبها الأنبياء وأتباعهم، تقتضي التوفيق للإيمان
والعلم، والعمل، وصلاح الأحوال كلها، والسعادة الأبدية، والفلاح والنجاح، وهي
المقصود الأعظم لخواص الخلق .
وهو سبحانه المتصف بالجود: وهو كثرة الفضل والإحسان، وجوده تعالى أيضاً
نوعان:

جود مطلق عم جميع الكائنات وملأها من فضله وكرمه ونعمه المتنوعة جود
خاص بالسائلين بلسان المقال أو لسان الحال من بر وفاجر ومسلم وكافر
فمن سأل الله أعطاه سؤله وأناله ما طلب فإنه البر الرحيم
{وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل:53]
ومن جوده الواسع ما أعده لأوليائه في دار النعيم مما لا عين رأت ولا أذن
سمعت ولا خطر على قلب بشر .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص146

- البصير

الذي أحاط بصره بجميع المبصرات في أقطار الأرض والسماوات، حتى أخفى
ما يكون فيها فيرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة
الظلماء، وجميع أعضائها الباطنة والظاهرة وسريان القوت في أعضائها
الدقيقة، ويرى سريان المياه في أغصان الأشجار وعروقها وجميع النباتات
على اختلاف أنواعها وصغرها ودقتها، ويرى نياط عروق النملة والنحلة
والبعوضة وأصغر من ذلك فسبحان من تحيرت العقول في عظمته، وسعة
متعلقات صفاته، وكمال عظمته، ولطفه، وخبرته بالغيب، والشهادة، والحاضر
والغائب، ويرى خيانات الأعين وتقلبات الأجفان وحركات الجنان، قال تعالى:
{الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء:218-220]
{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:19]
{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [البروج:9]، أي مطلع ومحيط علمه وبصره
وسمعه بجميع الكائنات .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص86

- التواب

قال الله تعالى: {ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات
وأن الله هو التواب الرحيم
} [التوبة:104] (التواب) الذي لم يزل يتوب على
التائبين، ويغفر ذنوب المنيبين فكل من تاب إلى الله توبة نصوحاً، تاب الله
عليه فهو التائب على التائبين: أولا بتوفيقهم للتوبة والإقبال بقلوبهم إليه
وهو التائب عليهم بعد توبتهم، قبولاً لها،وعفواً عن خطاياهم وعلى هذا
تكون توبته على عبده نوعان: أحدهما: يوقع في قلب عبده التوبة إليه
والإنابة إليه، فيقوم بالتوبة وشروطها من الإقلاع عن المعاصي، والندم على
فعلها، والعزم على أن لا يعود إليها واستبدالها بعمل صالح والثاني:
توبته على عبده بقبولها وإجابتها ومحو الذنوب بها، فإن التوبة النصوح تجبُّ
ما قبلها .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص109




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:24 AM
المشاركة 60

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
- جامع الناس ليوم لا ريب فيه

قال الله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}
[آل عمران:9] فالله سبحانه وتعالى هو جامع الناس، وجامع أعمالهم وأرزاقهم
فلا يترك منها صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وجامع ما تفرق واستحال من الأموات
الأولين والآخرين، بكمال قدرته، وسعة علمه

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص173

- الحسيب

قال الله تعالى: {وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا} [النساء:4] وقال سبحانه:
{أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الأنعام:62] والحسيب:
هو الكافي للعباد جميع ما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم من حصول المنافع
ودفع المضار
والحسيب بالمعنى الأخص هو الكافي لعبده المتقي المتوكل عليه كفاية
خاصة يصلح بها دينه ودنياه والحسيب أيضاً هو الذي يحفظ أعمال عباده من
خير وشر ويحاسبهم، إن خيراً فخير وإن شراً فشر قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:64] أي كافيك
وكافي أتباعك فكفاية الله لعبده بحسب ما قام به من متابعة الرسول>..
صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً وقيامه بعبودية الله تعالى

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص131

- الحفيظ

قال الله تعالى: {إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} [هود:57] (للحفيظ) معنيان: أحدهما: أنه قد حفظ على عباده ما عملوه من خير وشر وطاعة ومعصية
فإن علمه محيط بجميع أعمالهم ظاهرها وباطنها، وقد كتب ذلك في اللوح
المحفوظ، ووكل بالعباد ملائكة كراماً كاتبين {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار:12]
فهذا المعنى من حفظه يقتضي إحاطة علم الله بأحوال العباد كلها ظاهرها
وباطنها وكتابتها في اللوح المحفوظ وفي الصحف التي في أيدي الملائكة
وعلمه بمقاديرها، وكمالها ونقصها، ومقادير جزائها في الثواب والعقاب ثم
مجازاته عليها بفضله وعدله والمعنى الثاني: من معنيي(الحفيظ) أنه تعالى
الحافظ لعباده من جميع ما يكرهون، وحفظه لخلقه نوعان عام وخاص فالعام:
حفظه لجميع المخلوقات بتيسيره لها ما يقيتها ويحفظ بنيتها وتمشي إلى
هدايته وإلى مصالحها بإرشاده وهدايته العامة التي قال عنها:
{الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50] أي هدى كل مخلوق إلى
ما قدر له وقضى له من ضروراته وحاجاته، كالهداية للمأكل والمشرب والمنكح
والسعي في أسباب ذلك، وكدفعه عنهم أصناف المكاره والمضار، وهذا يشترك
فيه البر والفاجر بل الحيوانات وغيرها، فهو الذي يحفظ السماوات والأرض أن
تزولا، ويحفظ الخلائق بنعمه، وقد وكَّل بالآدمي حفظةً من الملائكة الكرام
يحفظونه من أمر الله، أي يدفعون عنه كل ما يضره مما هو بصدد أن يضره لولا
حفظ الله والنوع الثاني: حفظه الخاص لأوليائه سوى ما تقدم، يحفظهم عما
يضر إيمانهم أو يزلزل إيقانهم من الشبه والفتن والشهوات، فيعافيهم منها
ويخرجهم منها بسلامة وحفظ وعافية، ويحفظهم من أعدائهم من الجن والإنس
فينصرهم عليهم ويدفع عنهم كيدهم، قال الله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج:38] وهذا عام في دفع جميع ما يضرهم
في دينهم ودنياهم، فعلى حسب ما عند العبد من الإيمان تكون مدافعة الله
عنه بلطفه، وفي الحديث: ((احفظ الله يحفظك)) أي احفظ أوامره بالامتثال
ونواهيه بالاجتناب، وحدوده بعدم تعدِّيها، يحفظك في نفسك، ودينك، ومالك
وولدك، وفي جميع ما آتاك الله من فضله.

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص112

- الحق

الله عز وجل هو الحق في ذاته وصفاته فهو واجب الوجود، كامل الصفات والنعوت
وجوده من لوازم ذاته ولا وجود لشيء من الأشياء إلا به فهو الذي لم يزل
ولا يزال، بالجلال، والجمال، والكمال موصوفاً ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفاً
فقوله حق، وفعله حق، ولقاؤه حق، ورسله حق، وكتبه حق، ودينه هو الحق
وعبادته وحده لا شريك له، هي الحق، وكل شيء ينسب إليه، فهو حق
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}
[الحج:62] {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}
[الكهف:29] {فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ} [يونس:32]
{وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء:81] وقال الله تعالى:
{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور:25]
فأوصافه العظيمة حق، وأفعاله هي الحق، وعبادته هي الحق، ووعده حق
ووعيده وحسابه هو العدل الذي لا جور فيه.

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص176

- الحكم

قال الله تعالى: {فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [الأعراف:87]
وقال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ} [الأنعام:115]
وقال تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل:90]
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله هو الحكم وإليه الحكم)) وقال تعالى:
{أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً} الآية [الأنعام:114]
والله سبحانه هو الذي يحكم بين عباده في الدنيا والآخرة بعدله وقسطه فلا
يظلم مثقال ذرة، ولا يحمل أحداً وزر أحد، ولا يجازي العبد بأكثر من ذنبه ويؤدي
الحقوق إلى أهلها فلا يدع صاحب حق إلا وصل إليه حقه وهو العدل في تدبيره
وتقديره وهو سبحانه موصوف بالعدل في فعله، وأفعاله كلها جارية على سنن
العدل والاستقامة ليس فيها شائبة جور أصلاً، فهي كلها بين الفضل والرحمة
وبين العدل والحكمة كما قدمنا وما ينزله سبحانه بالعصاة والمكذبين من أنواع
الهلاك والخزي في الدنيا، وما أعده لهم من العذاب المهين في الآخرة فإنما فعل
بهم ما يستحقونه فإنه لا يأخذ إلا بذنب، ولا يعذب إلا بعد إقامة الحجة، وأقواله
كلها عدل، فهو لا يأمرهم إلا بما فيه مصلحة خالصة أو راجحة ولا ينهاهم إلا عما
مضرته خالصة أو راجحة وكذلك حكمه بين عباده يوم فصل القضاء، ووزنه
لأعمالهم عدل لا جور فيه كما قال تعالى:
{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ
مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ
} [الأنبياء:47] وهو سبحانه (الحكم)
بالعدل في وصفه وفي فعله وفي قوله وفي حكمه بالقسط وهذا معنى قوله:
{إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [هود:56] فإن أقواله صدق، وأفعاله دائرة بين
العدل والفضل، فهي كلها أفعال رشيدة وحكمه بين عباده فيما اختلفوا فيه
أحكام عادلة لا ظلم فيها بوجه من الوجوه، وكذلك أحكام الجزاء والثواب والعقاب .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص137

- الحليم

قال الله تعالى:
{وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}
[البقرة:235] الذي يَدِرُّ على خلقه النعم الظاهرة والباطنة، مع معاصيهم وكثرة
زلاتهم، فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم ويستعتبهم كي يتوبوا، ويمهلهم
كي ينيبوا وهو الذي له الحلم الكامل الذي وسع أهل الكفر والفسوق والعصيان
حيث أمهلهم ولم يعاجلهم بالعقوبة ليتوبوا ولو شاء لأخذهم بذنوبهم فور
صدورها منهم، فإنَّ الذنوب تقتضي ترتب آثارها عليها من العقوبات العاجلة
المتنوعة ولكن حلمه سبحانه هو الذي اقتضى إمهالهم كما قال تعالى:
{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ
إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا
} [فاطر:45]
وقال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ
إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ
}
[النحل:61]

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص105

- الحميد

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}
[فاطر:15] ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أن الله حميد من وجهين: أحدهما:
أن جميع المخلوقات ناطقة بحمده، فكل حمد وقع من أهل السماوات والأرض
الأولين منهم والآخرين، وكل حمد يقع منهم في الدنيا والآخرة، وكل حمد لم
يقع منهم بل كان مفروضاً ومقدراً حيثما تسلسلت الأزمان واتصلت الأوقات
حمداً يملأ الوجود كله العالم العلوي والسفلي، ويملأ نظير الوجود من غير عدٍّ
ولا إحصاء، فإن الله تعالى مستحقه من وجوه كثيرة: منها أن الله هو الذي
خلقهم، ورزقهم، وأسدى عليهم النعم الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية
وصرف عنهم النقم والمكاره، فما بالعباد من نعمة فمن الله، ولا يدفع الشرور
إلا هو، فيستحق منهم أن يحمدوه في جميع الأوقات، وأن يثنوا عليه ويشكروه
بعدد اللحظات الوجه الثاني: أنه يحمد على ما له من الأسماء الحسنى
والصفات الكاملة العليا والمدائح والمحامد والنعوت الجليلة الجميلة، فله كل
صفة كمال وله من تلك الصفة أكملها وأعظمها، فكل صفة من صفاته يستحق
عليها أكمل الحمد والثناء، فكيف بجميع الأوصاف المقدسة، فله الحمد لذاته
وله الحمد لصفاته، وله الحمد لأفعاله، لأنها دائرة بين أفعال الفضل والإحسان،
وبين أفعال العدل والحكمة التي يستحق عليها كمال الحمد، وله الحمد على
خلقه، وعلى شرعه، وعلى أحكامه القدريَّة، وأحكامه الشرعيَّة، وأحكام الجزاء
في الأولى والآخرة، وتفاصيل حمده وما يحمد عليه لا تحيط بها الأفكار
ولا تحصيها الأقلام .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص91

- الحي، القيوم

قال الله تعالى: {اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:255] وقال سبحانه:
{آلم اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران:2] وقال عز وجل:
{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} [طه:111] وهما من
أسماء الله الحسنى و(الحي القيوم) جمعها في غاية المناسبة كما جمعها
الله في عدة مواضع في كتابه، وذلك أنهما محتويان على جميع صفات الكمال
فالحي هو كامل الحياة، وذلك يتضمن جميع الصفات الذاتية لله كالعلم، والعزة
والقدرة والإرادة، والعظمة، والكبرياء، وغيرها من صفات الذات المقدسة
والقيوم هو كامل القيومية وله معنيان:
هو الذي قام بنفسه، وعظمت صفاته، واستغنى عن جميع مخلوقاته وقامت
به الأرض والسماوات وما فيهما من المخلوقات، فهو الذي أوجدها وأمدها
وأعدها لكل ما فيه بقاؤها وصلاحها وقيامها، فهو الغني عنها من كل وجه وهي
التي افتقرت إليه من كل وجه، فالحي والقيوم من له صفة كل كمال وهو الفعال
لما يريد.

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص156

(وقيوم) فهو القيوم بنفسه القيم لغيره فجميع الموجودات مفتقرة إليه وهو غني
عنها ولا قوام لها إلا به ولا قوام لها بدون أمره كما قال الله تعالى:
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} [الروم:25] وهو القائم على كل شيء
والقائم بجميع أمور عباده والقائم على كل نفس بما كسبت وفي الصحيحين من
دعائه صلى الله عليه وسلم: ((اللهم لك الحمد أنت رب السموات والأرض ولك
الحمد أنت قيم السموات والأرض ولك الحمد أنت نور السموات والأرض
))
الحديث وقد جمع تعالى بين هذين الاسمين "الحي القيوم" في ثلاثة مواضع
من كتابه: الأول في آية الكرسي من سورة البقرة:
{اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا
فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ
يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ
حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ
} [البقرة:255] والثاني في سورة آل عمران:
{آلم اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران:1-2] الثالث في سورة طه:
{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} [طه:111] وروى ابن
مردويه عن أبي أمامة مرفوعا: ((اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في
ثلاث سور: سورة البقرة وآل عمران وطه
)) (فلا ينام) أي يعتريه نقص ولا غفلة
ولا ذهول عن خلقه فإن ذلك نقص في حياته وقيوميته, ولهذا أردف هذين
الاسمين بنفي السنة والنوم:
{اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} [البقرة:255] أي تغلبه
سنة وهو الوسن والنعاس ولا نوم ونفيه من باب أولى لأنه أقوى من السنة
بل هو قائم على كل نفس بما كسبت شهيد على كل شيء ولا يغيب عنه
شيء ولا تخفى عليه خافية وفي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه
قال: ((قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع ركعات فقال:
إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل
قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور – أو قال النار –
لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه
))

معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي -
ص270

- الجبار

قال الله تعالى:
{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ}
[الحشر:23] للجبار ثلاثة معان كلها داخلة باسمه (الجبار):
فهو الذي يجبر الضعيف وكل قلب منكسر لأجله، فيجبر الكسير، ويغني الفقير
وييسر على المعسر كل عسير، ويجبر المصاب بتوفيقه للثبات والصبر ويعوضه
على مصابه أعظم الأجر إذا قام بواجبها، ويجبر جبراً خاصاً قلوب الخاضعين
لعظمته وجلاله، وقلوب المحبين بما يفيض عليها من أنواع كراماته وأصناف
المعارف والأحوال الإيمانية، فقلوب المنكسرين لأجله جبرها دان قريب وإذا دعا
الداعي، فقال: اللهم اجبرني، فإنه يريد هذا الجبر الذي حقيقته إصلاح العبد
ودفع المكاره عنه .
والمعنى الثاني: أنه القهار لكل شيء، الذي دان له كل شيء، وخضع له كل
شيء.
والمعنى الثالث: أنه العلي على كل شيء فصار الجبار متضمناً لمعنى الرءوف
القهار العلي وقد يراد به معنى رابع وهو المتكبر عن كل سوء ونقص، وعن
مماثلة أحد، وعن أن يكون له كفؤ أو ضد أو سمي أو شريك في خصائصه
وحقوقه.

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص130




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. آلجُزْْءْ آلثآني ]] | ▐الخلــود ▐| ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 19 15-12-2009 09:29 AM
المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. آلجُزْْءْ الآوَلْ ]] | ▐الخلــود ▐| ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 24 15-12-2009 09:04 AM

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


الساعة الآن 08:16 AM.