قديم 16-12-2009, 04:28 AM
المشاركة 78

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الْجَنْبُ



جعل بعضهم (الجنب) صفةً من صفات الله الذاتية، وهذا خطأ، والسلف على
خلاف ذلك، ومـن هؤلاء الذين أثبتوا هذه الصفة صديق حســن خان في كتابه
(قطف الثمر) ، والذين أثبتوا هذه الصفة يستدلون بقولـه تعالى:
{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} [الزمر: 56] يقول ابن
جرير عند تفسير هذه الآية: وقولـه: {عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّه}؛ يقول:
على ما ضيعت من العمل بما أمرني الله به، وقصرت في الدنيا في طاعة الله
أهـ وقال الدارمي: وادعى المعارض أيضاً زوراً على قوم أنهم يقولون في تفسـير
قول الله: {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ}؛ قال: يعنون بذلك الجنب
الذي هو العضو، وليس على ما يتوهمونه فيقال لهذا المعارض: ما أرخص الكذب
عندك، وأخفه على لسانك، فإن كنت صادقاً في دعواك؛ فأشر بها إلى أحد من
بني آدم قاله، وإلا؛ فلم تشنع بالكذب على قوم هم أعلم بهذا التفسير منك
وأبصر بتأويل كتاب الله منك ومن إمامك ؟! إنما تفسيرها عندهم: تحسر الكفار
على ما فرطوا في الإيمان والفضائل التي تدعو إلى ذات الله تعالى، واختاروا عليها
الكفر والسخرية بأولياء الله، فسماهم الساخرين، فهذا تفسير (الجنب) عندهم
فمن أنبأك أنهم قالوا: جنب من الجنوب ؟! فإنه لا يجهل هذا المعنى كثير من
عوام المسلمين، فضلاً عن علمائهم أهـ ويقول شيخ الإسلام: لا يُعرف عالم
مشهور عند المسلمين، ولا طائفة مشهورة من طوائف المسلمين، أثبتوا لله
جنباً نظير جنب الإنسان، وهذا اللفظ جاء في القرآن في قولـه:
{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} [الزمر:56]
فليس في مجرد الإضافة ما يستلزم أنَّ يكون المضاف إلى الله صفة له، بل قد
يضاف إليه من الأعيان المخلوقة وصفاتها القائمة بها ما ليس بصفة له باتفاق
الخلق؛ كقولـه تعالى: (بَيْت الله)، {ناقَة الله} [الأعراف:73]، و{عِبَاد الله}
[الصافات:40] ، بل وكذلك (رُوح الله) عند سلف المسلمين وأئمتهم وجمهورهم
ولكن؛ إذا أضيف إليه ما هو صفة له وليس بصفة لغيره؛ مثل كلام الله، وعلم الله
ويد الله، ونحو ذلك؛ كان صفة له وفي القرآن ما يبين أنه ليس المراد بالجنب
ما هو نظير جنب الإنسان؛ فإنه قال:
{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ}، والتفريط ليس في شيء
من صفات الله عَزَّ وجَلَّ، والإنسان إذ قال: فلان قد فرط في جنب فلان أو جانبه؛
لا يريد به أنَّ التفريط وقع في شيء من نفس ذلك الشخص، بل يريد به أنه فرط
في جهته وفي حقه فإذا كان هذا اللفظ إذا أضيف إلى المخلوق لا يكون ظاهره
أنَّ التفريط في نفس جنب الإنسان المتصل بأضلاعه، بل ذلك التفريط لم يلاصقه؛
فكيف يظن أنَّ ظاهره في حق الله أنَّ التفريط كان في ذاته؟ اهـ ويقول ابن القيم:
فهذا إخبار عما تقولـه هذه النفس الموصوفة بما وصفت به، وعامة هذه النفوس
لا تعلم أنَّ لله جنباً، ولا تقر بذلك؛ كما هو الموجود منها في الدنيا؛ فكيف يكون
ظاهر القرآن أنَّ الله أخبر عنهم بذلك، وقد قال عنهم:
{يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} [الزمر: 56]، والتفريط فعل أو ترك فعل
وهذا لا يكون قائماً بذات الله؛ لا في جنب ولا في غيره، بل يكون منفصلاً عن الله
وهذا معلوم بالحس والمشاهدة، وظاهر القرآن يدل على أنَّ قول القائل:
{يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ}؛ ليس أنه جعل فعله أو تركه في جنب
يكون من صفات الله وأبعاضه اهـ
قلت: لا يصح إضافة الأبعاض إلى الله تعالى وذكر ابن الجوزي في (زاد المسير)
عند تفسير الآية السابقة خمسة أقوال لجنب الله: طاعة الله، وحق الله، وأمر الله
وذكر الله، وقرب الله

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص97


الْجِهَةُ



لم يرد لفظ (الجهة)؛ لا إثباتاً ولا نفياً، لا في الكتاب ولا في السنة، ولذلك؛
فالحق فيها التفصيل، ويغني عنه العلو والفوقية، وأنه سبحانه وتعالى في السماء
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في (الرسالة التدمرية) (القاعدة الثانية):
فلفظ الجهة قد يراد به شيء موجود غير الله؛ فيكون مخلوقاً، كما إذا أريد بالجهة
نفس العرش أو نفس السماوات، وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى؛
كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة
ولا نفيه؛ كما فيه إثبات العلو، والاستواء، والفوقية، والعروج إليه ونحو ذلك، وقد
علم أنَّ ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق، والخالق سبحانه وتعالى مباين
للمخلوق، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته
فيقال لمن نفى الجهة: أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق؟ فالله ليس داخلاً
في المخلوقات، أم تريد بالجهة ما وراء العالم؟ فلا ريب أنَّ الله فوق العالم مباين
للمخلوقات وكذلك يقال لمن قال: الله في جهة، أتريد بذلك أنَّ الله فوق العالم؟
أو تريد به أنَّ الله داخلٌ في شيء من المخلوقات؟ فإن أردت الأول؛ فهو حق
وإن أردت الثاني؛ فهو باطل اهـ ويقـول في (مجموع الفتاوى): فإذا قـال القائل:
هو في جهة أو ليس في جهة؟ قيل له: الجهة أمر موجود أو معدوم، فإن كان أمراً
موجوداً، ولا موجود إلا الخالق والمخلوق، والخالق بائن عن المخلوق؛
لم يكن الرب في جهة موجودة مخلوقة، وإن كانت الجهة أمراً معدوماً؛
بأنَّ يسمى ما وراء العالم جهة، فإذا كان الخالق مبايناً العالم، وكان ما وراء
العالم جهة مسماة، وليس هو شيئاً موجوداً؛ كان الله في جهة معدومة بهذا
الاعتبار لكن؛ لا فرق بين قول القائل: هو في معدوم، وقولـه: ليس في شيء
غيره؛ فإنَّ المعدوم ليس شيئاً باتفاق العقلاء
ولا ريب أنَّ لفظ الجهة يريدون به تارة معنى موجوداً، وتارة معنى معدوماً، بل
المتكلم الواحد يجمع في كلامه بين هذا وهذا، فإذا أزيل الاحتمال؛ ظهر حقيقة
الأمر فإذا قال القائل: لو كان في جهــة؛ لكانت قديمة معه قـيل له: هذا إذا أريد
بالجهة أمرٌ موجود سواه؛ فالله ليس في جهة بهذا الاعتبار وإذا قال: لو رُئي؛
لكان في جهة، وذلك محال قيل له: إن أردت بذلك: لكان في جهة موجودة؛
فذلك محال؛ فإنَّ الموجود يمكن رؤيته، وإن لم يكن في موجود غيره؛ كالعالم
فإنه يمكن رؤية سطحه وليس هو في عالم آخر وإن قال: أردت أنه لابدَّ أنَّ يكون
فيما يسمى جهة، ولو معدوماً؛ فإنه إذا كان مبايناً للعالم؛ سمي ما وراء العالم
جهة قيل له: فلم قلت: إنه إذا كان في جهة بهذا الاعتبار كان ممتنعاً؟ فإذا قال:
لأنَّ ما باين العالم ورُئي لا يكون إلا جسماً أو متحيزاً؛ عاد القول إلى لفظ الجسم
والمتحيز كما عاد إلى لفظ الجهة فيقال له: المتحيز يراد به ما حازه غيره ويراد به
ما بان عن غيره فكان متحيزاً عنه، فإن أردت بالمتحيز الأول؛ لم يكن سبحانه متحيزاً؛
لأنه بائن عن المخلوقات، لا يحوزه غيره، وإن أردت الثاني؛ فهو سبحانه بائن
عن المخلوقات، منفصل عنها، ليس هو حالاً فيها، ولا متحداً بها؛ فبهذا التفصيل
يزول الاشتباه والتضليل اهـ وقال الشيخ العثيمين -رحمه الله-:
وممَّا لم يرد إثباته ولا نَفْيه لفظ (الجهة)، فلو سأل سائل:
هل نُثْبِت لله تعالى جهة؟ قلنا له: لفظ الجهة لم يرد في الكتاب والسنة إثباتاً
ولا نفياً، ويُغني عنه ما ثبت فيهما من أنَّ الله تعالى في السَّماء، وأما معناه؛
فإمَّا أنَّ يراد به: جهةُ سُفْلٍ أو جهةُ عُلُوٍ تحيط بالله أو جهةُ عُلُوٍ لا تحيط به فالأول
باطل؛ لمنافاته لعلو الله تعالى الثابت بالكتاب والسنة والعقل والفطرة والإجماع
والثاني باطلٌ أيضاً، لأنَّ الله تعالى أعظم من أنَّ يحِيط به شيء من مخلوقاته
والثالث حقٌّ؛ لأنَّ الله تعالى العليّ فوق خلْقه ولا يحيط به شيء من مخلوقاته اهـ

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص99


الْحَاكِمُ وَالْحَكَمُ



يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الحاكم والحكم، و(الحكم) اسم له ثابتٌ بالكتاب والسنة
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمَاًَ} [الأنعام: 114]
قولـه تعالى: {فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}
[الأعراف: 87]الدليل من السنة: حديث هانئ بن يزيد رضي الله عنه؛
أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه؛ سمعهم يكنونه
بأبي الحكم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّ الله هو الحَكَم
وإليه الحُكم، فلِمَ تكنى أبا الحكم ؟ والحَكَم والحاكم بمعنى واحد؛ إلا أنَّ الحَكَم
أبلغ من الحاكم، وهو الذي إليه الحُكْم، وأصل الحُكم منع الفساد والظلم
ونشر العدل والخير

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص103


الْحُبُّ وَالْمَحَبَّةُ



صفاتٌ لله عَزَّ وجَلَّ فِعْلِيَّةٌ اختيارِيَّةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]
وقولـه: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54]
الدليل من السنة: حديث سهل بن سـعد رضي الله عنه: (( لأعطين الراية غداً
رجلاً يفتح الله على يديه، يحـب الله ورسوله، ويحبه الله ورسولـه
)) حديث
سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: ((إنَّ الله يحب العبد التقي، الغني، الخفي))
فأهل السنة والجماعة يثبتون صفة الحب والمحبة لله عَزَّ وجَلَّ، ويقولون:
هي صفة حقيقية لله عَزَّ وجَلَّ، على ما يليق به، وليس هي إرادة الثواب؛
كما يقول المؤولة كما يثبت أهل السنة لازم المحبة وأثرها، وهو إرادة الثواب
وإكرام من يحبه سبحانه قال شيخ الإسلام ابن تيمية في
(مجموع الفتاوى 2 / 354): إنَّ الكتاب والسنة وإجماع المسلمين أثبتت
محبة الله لعباده المؤمنين ومحبتهم له، كقولـه تعالى:
{وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} [البقرة:165] وقولـه: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}
[المائدة:54] وقولـه: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللهِ وَرَسُولِه} [التوبة:24] وقد أجمع
سلف الأمة وأئمتها على إثبات محبة الله تعالى لعباده المؤمنين ومحبتهم له
وهذا أصل دين الخليل إمام الحنفاء عليه السلام اهـ

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص103


الْحَثْوُ



صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالسنة الصحيحة الدليل: حديث أبي
أمامة الباهلي رضي الله عنه مرفوعاً: ((وعدني ربي أنَّ يدخل الجنة من
أمتي سبعين ألفاً لا حساب عليهم ولا عذاب، مع كل ألف سبعون ألفاً، وثلاث
حثيات من حثيات ربي
)) حديث عامر بن زيد البكالي عن عتبة بن عبدٍ السُّلَمي
رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إنَّ ربي وعدني أنَّ يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفاً بغير حساب
ثم يتبع كل ألف سبعين ألفاً، ثم يحثي بكفه ثلاث حثيات، فكبَّر عمر
))
الحديث3- حديث أبي سعيد الأنماري الخير رضي الله عنه مرفوعاً:
((إنَّ ربي وعدني أنَّ يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً بغير حساب
ويشفع لكل ألف سبعين ألفاً، ثم يحثي ربي ثلاث حثيات بكفيه
))
وقد أورد الدارمي في حديث عتبة وأبي سعيد في موطن
(النقض على المريسي) في طعنه إثبات صفة اليد والكف لله عَزَّ وجَلَّ
وقال المباركفوري عند شرحه لحديث أبي أمامة المتقدم: (ثلاث حثيات
بفتح الحاء والمثلثة، جمع حثية، والحثية والحثوة يستعمل فيما يعطيه الإنسان
بكفيه دفعة واحدة من غير وزن وتقدير. اهـ وقال ابن القيم: ورد لفظ اليد في
القرآن والسنة وكلام الصحابة والتابعين في أكثر من مئة موضع وروداً متنوعاً
متصرفاً فيه مقروناً بما يدل على أنها يد حقيقة من الإمساك والطي والقبض
والبسط والمصافحة والحثيات اهـ

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص104


الْحُجْزَةُ وَالْحَقْوُ



صفتان ذاتيان خبريَّتان ثابتتان بالسنة الصحيحة الدليل: حديث ابن عباس
رضي الله عنهما: ((إنَّ الرحم شَجْنَةٌ آخذةٌ بحُجزة الرحمن؛ يصل من وصلها
ويقطع من قطعها
)) حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
((خلق الله الخلق، فلما فرغ منه؛ قامت الرحم، فأخذت بحقو الرحمن، فقال:
مه! قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة
)) والحقو والحُجْزة: موضع عقد
الإزار وشده قال الحافظ أبو موسى المديني: وفي الحديث:
((إنَّ الرحم أخذت بحجزة الرحمن)) - ثم ذكر تفسيرين للحديث- ثم قال:
وإجراؤه على ظاهره أولى اهـ
وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في (شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)
ناقلاً من (نقض التأسيس) لشيخ الإسلام، ومن (إبطال التأويلات)
لأبي يعلى الفراء، ومعلقاً: قال شيخ الإسلام رحمه الله في رده على
الرازي في زعمه أنَّ هذا الحديث: (يعني: حديث أبي هريرة المتقدم) يجب
تأويله: قــال: فيـقال له: بل هذا من الأخبار التي يقرها من يقر نظيره، والنِّزاع
فيه كالنِّزاع في نظيره؛ فدعواك أنه لا بدَّ فيه من التأويل بلا حجة تخصه؛ لا تصح
وقال: وهذا الحديث في الجملة من أحاديث الصفات، التي نص الأئمة على
أنه يمر كما جاء، وردوا على من نفى موجبه، وما ذكره الخطابي وغيره أنَّ
هذا الحديث مما يتأول بالاتفاق؛ فهذا بحسب علمه، حيث لم يبلغه فيه
عن أحد من العلماء أنه جعله من أحاديث الصفات التي تمر كما جاءت قال
ابن حامد: ومما يجب التصديق به: أنَّ لله حَقْواً قال المروزي: قرأت على
أبي عبد الله كتاباً، فَمَرَّ فيه ذكر حديث أبي هريرة عن النبي ...
صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله خلق الرحم، حتى إذا فرغ منها؛
أخذت بحقو الرحمن
)) فرفع المحدث رأسه، وقال: أخاف أنَّ تكون كفرت
قال أبو عبد الله: هذا جهمي وقال أبو طالب: سمعت أبا عبد الله يسأل
عن حديث هشام بن عمار؛ أنه قريء عليه حديث الرحم:
(تجيء يوم القيامة فتعلق بالرحمن تعالى )، فقال:
أخاف أنَّ تكون قد كفرت فقال: هذا شامي؛ ما له ولهذا؟ قلت: فما تقول؟
قال: يمضي كل حديث على ما جاء
وقال القاضي أبو يعلى: اعلم أنه غير ممتنع حمل هذا الخبر على ظاهره
وأنَّ (الحقو) و(الحجزة) صفة ذات، لا على وجه الجارحة والبعض، وأنَّ
الرحم آخذة بها، لا على وجه الاتصال والمماسة، بل نطلق ذلك تسمية
كما أطلقها الشرع، وقد ذكر شيخنا أبو عبد الله - رحمه الله - هذا الحديث
في كتابه، وأخذ بظاهره، وهو ظاهر كلام أحمد قلت: قولـه:
(لا على وجه الجارحة والبعض)، وقولـه: (لا على وجه الاتصال والمماسة
قول غير سديد، وهو من أقوال أهل البدع التي أفسدت عقولَ كثير من الناس؛
فمثل هذا الكلام المجمل لا يجوز نفيه مطلقاً، ولا إثباته مطلقاً؛ لأنه يحتمل
حقاً وباطلاً، فلا بدَّ من التفصيل في ذلك، والإعراض عنه أولى؛ لأنَّ كلام
رسول الله صلى الله عليه وسلم خال منه، وليس هو بحاجة إليه؛ فهو واضح
وليس ظاهر هذا الحديث أنَّ لله إزاراً ورداءً من جنس الأزر والأردية التي يلبسها
الناس، مما يصنع من الجلود والكتان والقطن وغيره، بل هذا الحديث نص في
نفي هذا المعنى الفاسد؛ فإنه لو قيل عن بعض العباد: إنَّ العظمة إزاره
والكبرياء رداؤه؛ لكان إخباره بذلك عن العظمة والكبرياء اللذين ليسا من
جنس ما يلبس من الثياب فإذا كان هذا المعنى الفاسد لا يظهر من وصف
المخلوق؛ لأنَّ تركيب اللفظ يمنع ذلك، وبين المعنى المراد؛ فكيف يدّعى
أنَّ هذا المعنى ظاهر اللفظ في حق الله تعالى، فإنَّ كل من يفهم الخطاب
ويعرف اللغة؛ يعلم أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخبر عن ربه بلبس
الأكسية والثياب، ولا أحد ممن يفهم الخطاب يدعي في قولـه ::
صلى الله عليه وسلم في خالد بن الوليد إنه سيف الله؛ أنَّ خالداً حديد
ولا في قولـه صلى الله عليه وسلم في الفرس: ((إنا وجدناه بحراً)) ؛
أنَّ ظاهره أنَّ الفرس ماء كثير ونحو ذلك اهـ

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص106


الْحَرَكَةُ



لم يرد هذا اللفظ في الكتاب والسنة، ويغني عنه إثبات النُّزول والإتيان
والمجيء ونحو ذلك قال شيخ الإسلام في شرح حديث النُّزول: لفظ (الحركة
هل يوصف الله بها أم يجب نفيه عنه؟ اختلف فيه المسلمون وغيرهم من أهل
الملل وغير أهل الملل من أهل الحديث وأهل الكلام وأهل الفلسفة وغيرهم
على ثلاثة أقوال، وهذه الثلاثة موجودة في أصحاب الأئمة الأربعة من أصحاب
الإمام أحمد وغيرهم ثم شرع رحمه الله في ذكر معنى الحركة عند المتكلمين
والفلاسفة وأصحاب أرسطو وأنواع الحركة إلى أنْ قال: والمقصود هنا أنَّ الناس
متنازعون في جنس الحركة العامة التي تتناول ما يقوم بذات الموصوف من
الأمور الاختيارية؛ كالغضب والرضى والفرح، وكالدنو والقرب والاستواء والنُّزول
بل والأفعال المتعدية كالخلق والإحسان وغير ذلك على ثلاثة أقوال:
أحدها: قول من ينفي ذلك مطلقاً وبكل معنى وهذا أول من عرف به هم
الجهمية والمعتزلة والقول الثاني: إثبات ذلك، وهو قول الهشامية والكرامية
وغيرهم من طوائف أهل الكلام الذين صرحوا بلفظ الحركة
وذكر عثمان بن سعيد الدارمي إثبات لفظ الحركة في كتاب نقضه على
بشر المريسي، ونصره على أنه قول أهل السنة والحديث، وذكره حرب
بن إسماعيل الكرماني - لما ذكر مذهب أهل السنة والأثر - عن أهل
السنة والحديث قاطبة، وذكر ممن لقي منهم على ذلك: أحمد بن حنبل
وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن الزبير الحميدي، وسعيد بن منصور
وهو قول أبي عبد الله بن حامد وغيره وكثيرٌ من أهل الحديث والسنة يقول:
المعنى صحيح، لكن؛ لا يطلق هذا اللفظ؛ لعدم مجيء الأثر به؛ كما ذكر
ذلك أبو عمر بن عبد البر وغيره في كلامهم على حديث النُّزول والقول
المشهور عن السلف عند أهل السنة والحديث: هو الإقرار بما ورد به
الكتاب والسنة؛ من أنه يأتي وينْزل وغير ذلك من الأفعال اللازمة قال
أبو عمرو الطَّلْمَنْكِيُّ: أجمعوا (يعني: أهل السنة والجماعة)
على أنَّ الله يأتي يوم القيامة والملائكة صفَّاً صفَّاً لحساب الأمم وعرضها
كما يشاء وكيف يشاء؛ قال تعالى:
{هَلْ يَنظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأمْرُ}
[البقرة:210]، وقال تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفَّاً صَفَّاً} [الفجر:22] قال:
وأجمعوا على أنَّ الله يَنْزل كل ليلة إلى سماء الدنيا على ما أتت به الآثار
كيف شاء، لا يحدون في ذلك شيئا ثم روى بإسناده عن محمد بن وضاح؛
قال: وسألت يحيى بن معين عن النُّزول؟ فقال: نعم؛ أقر به، ولا أحِدُّ فيه
حَدَّاً والقول الثالث: الإمساك عن النفي والإثبات، وهو اختيار كثيرٌ من أهل
الحديث والفقهاء والصوفية؛ كابن بطة وغيره، وهؤلاء فيهم من يعرض بقلبه
عن تقدير أحد الأمرين، ومنهم من يميل بقلبه إلى أحدهما، ولكن؛
لا يتكلم لا بنفي ولا بإثبات والذي يجب القطع به أنَّ الله ليس كمثله شيء
في جميع ما يصف به نفسه، فمن وصفه بمثل صفات المخلوقين في شيء
من الأشياء؛ فهو مخطئ قطعاً؛ كمن قال: إنه ينْزل فيتحرك وينتقل كما يَنْزل
الإنســان من السـطح إلى أسفل الدار؛ كقول من يقول: إنه يخلو منه العرش!
فيكـون نزولـه تفريغاً لمكان وشغلاً لآخر؛ فهذا باطل يجب تنْزِيه الرب عنه كما
تقدم اهـ وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: النصوص في إثبات الفعل
والمجيء والاستواء والنُّزول إلى السماء الدنيا إن كانت تستلزم الحركة لله؛
فالحركة له حق ثابت بمقتضى هذه النصوص ولازمها، وإن كنا لا نعقل كيفية
هذه الحركة وإن كانت هذه النصوص لا تستلزم الحركة لله تعالى؛ لم يكن لنا
إثبات الحركة له بهذه النصوص، وليس لنا أيضاً أنَّ ننفيها عنه بمقتضى
استبعاد عقولنا لها، أو توهمنا أنها تستلزم إثبات النقص، وذلك أنَّ صفات
الله تعالى توقيفية، يتوقف إثباتها ونفيها على ما جاء به الكتاب والسنة؛
لامتناع القياس في حقه تعالى؛ فإنه لا مثل له ولا ند، وليس في الكـتاب
والسنَّة إثبات لفظ الحركة أو نفيه؛ فالقول بإثبات نفيه أو لفظه قول على
الله بلا علم وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كثير من
رسائله في الصفات على مسألة الحركة، وبيَّن أقوال الناس فيها
وما هو الحق من ذلك، وأنَّ من الناس من جزم بإثباتها، ومنهم من توقف
ومنهم من جزم بنفيها، والصواب في ذلك أنَّ ما دل عليه الكتاب والسنة
من أفعال الله تعالى ولوازمها؛ فهو حق ثابت يجب الإيمان به، وليس فيه
نقص ولا مشابهة للخلق؛ فعليك بهذا الأصل؛ فإنه يفيدك، وأعرض عما
كان عليه أهل الكلام من الأقيسة الفاسدة التي يحاولون صرف نصوص
الكتاب والسنة إليها؛ ليحرفوا بها الكلم عن مواضعه، سواء عن نية صالحة
أو سيئة اهـ .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص109




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 04:31 AM
المشاركة 79

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الْحَسِيبُ



يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الحسيب، وهو اسم له ثابتٌ بالكتاب والسنة
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً} [النساء: 86]
وقولـه: {وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً} [النساء: 6 والأحزاب: 39]
الدليل من السنة: حديث أبي بكرة رضي الله عنه: (( إن كان أحدكم مادحاً لا محالة؛
فليقل: أحسب كذا وكذا - إن كان يرى أنه كذلك -، وحسيبه الله، ولا يُزكَّى على الله أحد))
قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (فمن أظهر لنا خيراً؛ أمَّناه وقرَّبناه، وليس لنا
من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته
)
ومعنى الحســيب؛ أي: الحفيظ، والكافي، والشهيد، والمحاسب
انظر: تفسير الآية 6و86 من سورة النساء في (تفسير ابن جرير) وابن الجوزي في
(زاد المسير)

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص113


الْحِفْظُ



صفةٌ من صفاته تعالى الثابتة بالكتاب والسنة من اسميه (الحافظ) و(الحفيظ)
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} [هود: 57]
وقولـه: {فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أرْحَمُ الرَّاحِمينَ} [يوسف: 64]
الدليل من السنة: حديث ابن عباس رضي الله عنهما المشهور: (( احفظ الله يحفظك ))
يقول ابن القيم :

وَهُوَ الحَفِيظُ عَلَيْهِمُ وَهُوَ الكَفِيلُ بِحِفْظِهِمْ مِنْ كُلِّ أمْرٍ عانِ

يقول الهرَّاس في الشرح (باختصار): ومن أسمائه سبحانه: الحفيظ، وله معنيان:
أحدهما: أنه يحفظ على العباد ما عملوه من خير وشر، وعرف ونكر، وطاعة ومعصية
والمعنى الثاني من معنيي الحفيظ: أنه تعالى الحافظ لعباده من جميع ما يكرهون
وحفظه لخلقه نوعان: عام وخاص فالعام هو حفظه لجميع المخلوقات..
والنوع الثاني حفظه الخاص لأوليائه حفظاً زائداً على ما تقدم؛ يحفظهم عما يضر
إيمانهم ويزلزل يقينهم

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص113


الْحَفِيُّ



يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه حفيٌّ، وهذا ثابت بالكتاب العزيز
الدليل:
قولـه تعالى: {قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيَّاً} [مريم: 47]
ومعنى الحفيِّ؛ أي: البَر اللطيف قاله الراغب في (المفردات)
وقال ابن قتيبة في (تفسير غريب القرآن): أي: بارَّاً عوَّدني منه الإجابة إذا دعوته

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص114


الْحَقُّ



يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الحق سبحانه وتعالى، وهو اسمٌ له ثابتٌ بالكتاب والسنة
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
[الحج: 6]
وقولـه تعالى: {فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكـَرِيمِ}
[المؤمنون: 116]
الدليل من السنة: حديث ابن عباس رضــي الله عنهما: (( أنت الحق وقولك الحق))
قال قَوَّام السنة: ومن أسمائه تعالى: الحق، وهو المتحقق كونه ووجوده، وكل شيء
صح وجوده وكونه فهو حق اهـ وبنحوه قال ابن الأثير ، وقال السعدي: الحق؛ في ذاته
وصفاته؛ فهو واجب الوجود، كامل الصفات والنعوت، وجوده من لوازم ذاته، ولا وجود
لشيء من الأشياء إلاَّ به، فهو الذي لم يزل ولا يزال بالجلال والجمال والكمال موصوفاً
ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفاً، فقولـه حق، وفعله حق، ولقاؤه حق، ورسله حق
وكتبه حق، ودينه هو الحق، وعبادته وحده لا شريك له هي الحق، وكل شيء ينسب
إليه فهو حق،{ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ
هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ
} [الحج:62]، {وَقُل الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}
[الكهف:29]، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ} [يونس:32] 00 اهـ
قلت: قولـه: وكل شيء ينسب إليه فهو حق؛ أي: كل شيء ينسب إليه بحق، فهو حق

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص115


الْحِكْمَةُ



صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، و(الحكيم) من أسمائه تعالى، وهو ثابتٌ بالكتاب والسنة
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 18]
وقولـه: {وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228]
الدليل من السنة: حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (( وسبحان الله رب
العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم
))
قال ابن القيم :

وهو الحكيمُ وذَاكَ من أوْصَافِه حُكْمٌ وإحْكَامٌ فَكُلٌّ مِنْهُمَا
نَوْعَانِ أيْضاَ مَا هُمَا عَدَمَانِ نَوْعَانِ أيْضاً ثَابِتا البُرْهَانِ


قـال الهرَّاس: ومن أسمائـه الحسنى سبحانه: (الحكيم)، وهو إما فعيل بمعنى فاعل؛
أي: ذو الحكم، وهو القضاء على الشيء بأنه كذا أو ليس كذا، أو فعيل بمعنى مفعل
وهو الذي يُحكِم الأشياء ويتقنها، وقيل: الحكيم ذو الحكمة، وهي معرفة أفضل الأشياء
بأفضل العلوم

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص116

الْحِِلْمُ



يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بالحِلم، وهي صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ له بالكتاب والسنة، و(الحليم)
اسم من أسمائه تعالى
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ}
[البقرة: 263]
وقولـه: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [فاطر: 41]
الدليل من السنة: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (( لا إله إلا الله العظيم الحليم
لا إله إلا الله رب العرش العظيم
))
قال ابن القيم :

وَهُوَ الحليمُ فَلاَ يُعاجِلُ عَبْدهُ وَهُوَ العَفُوُّ فَعَفْوُهُ وَسِعَ الوَرَى
بعُقُوبَةٍ لِيَتُوبَ منْ عِصْيَانِ لَوْلاَهُ غَارَ الأرْضُ بِالسُّكَّانِ


وقال الهرَّاس في (الشرح): ومن أسمائه سبحانه (الحليم) و(العفو)؛ فالحليم الذي له
الحلم الكامل الذي وسع أهل الكفر والفسوق والعصيان، حيث أمهلهم ولم يعاجلهم
بالعقوبة؛ رجاء أنَّ يتوبوا، ولو شاء؛ لأخذهم بذنوبهم فور صدورها منهم؛ فإن الذنوب
تقتضي ترتب آثارها عليها من العقوبات العاجلة المتنوعة، ولكن حلمه سبحانه هو
الذي اقتضى إمهالهم؛ كما قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ
عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ
بِعِبَادِهِ بَصِيرًا
} [فاطر:45]

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص117

الْحَمِيدُ



يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الحميد، وهو صفةٌ ذاتيةٌ له، و(الحميد) اسم من أسمائه
ثابتٌ بالكتاب والسنة
الدليل من الكتاب:
1- قولـه تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: 267]
2- وقولـه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُم الْفُقَرَاءُ إلى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15]
الدليل من السنة: حديث كعبٍ بن عُجرة رضي الله عنه في التشهد:
(( قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم
إنك حميد مجيد
))
المعنى:
قال ابن منظور في (اللسان): الحميد من صفاته سبحانه وتعالى، بمعنى المحمود
على كل حال، وهو فعيل بمعنى مفعول وقال ابن الأثير: الحميد: المحمود، الذي
استحق الحمد بفعله، وهو فعيل بمعنى مفعول

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص118






عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 04:32 AM
المشاركة 80

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الْحَنَانُ (بمعنى الرحمة)



صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيَّاً وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيَّاً}
[مريم: 12-13]
الدليل من السنة: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً:
((يوضع الصراط بين ظهراني جهنم، عليه حسك كحسك السعدان ثم يشفع الأنبياء
في كل من كان يشهد أنَّ لا إله إلا الله مخلصاً، فيخرجونهم منها، قال: ثم يتحنَّن الله
برحمته على مَن فيها، فما يترك فيها عبداً في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا أخرجه منها
))
قال ابن جرير: قولـه: {وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا}: يقول تعالى ذكره: ورحمة منا ومحبة له آتيناه
الحكم صبيّاً، وقد اختلف أهل التأويل في معنى الحنان، فقال بعضهم: معناه:
الرحمة اهـ،
ثم نسب ذلك بإسناده إلى ابن عباس وعكرمة والضحاك وقتادة، ثم قال: وقال آخرون:
معنى ذلك: وتعطُّفاً من عندنا عليه فعلنا ذلك، ونسب ذلك بإسناده إلى مجاهد،
ثم قال:
وقال آخرون: بل معنى الحنان: المحبة، ووجهوا معنى الكلام إلى: ومحبة من عندنا
فعلنا ذلك، ثم نسب ذلك بإسناده إلى عكرمة وابن زيد، ثم قال: وقال آخرون: معناه ت
عظيماً منَّا له، ونسب ذلك بإسناده إلى عطاء بن أبي رباح ثم قال: وأصل ذلك -
أعني: الحنان- من قول القائل: حنَّ فلان إلى كذا، وذلك إذا ارتاح إليه واشتاق
ثم يقال: تحنَّن فلان على فلان: إذا وصف بالتعطُّف عليه والرقة به والرحمة له؛
كما قال الشاعر:

تَحَنَّنْ عليَّ هَداك المليكُ
فإنَّ لِكُلِّ مَقامٍ مَقالاً


بمعنى: تعطَّف عليَّ؛ فالحنان: مصدر من قول القائل: حنَّ فلانٌ على فلانٍ، يقال منه:
حننتُ عليه؛ فأنا أحِنُّ عليه، وحناناً اهـ وقال الفراء: وقولـه: {وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا}
الحنان: الرحمة، ونصب {حناناً}؛ أي: وفعلنا ذلك رحمة لأبويه اهـ وبنحوه قال
ابن قتيبة، ونسب البيت السابق للحطيئة يخاطب فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه
وروى أبو عبيد القاسم بن سلاَّم عن أبي معاوية (الضرير) عن هشام بن عروة عن
أبيه؛ أنه كان يقول في تلبيته: لبيك ربنا وحنانيك وهذا إسناد صحيح، وعروة بن الزبير
تابعي ثقة، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة قال أبو عبيد: قولـه: حنانيك؛ يريد: رحمتك
والعـرب تقول: حنانك يا رب، وحنـانيك يا رب؛ بمعنى واحد اهـ
وقال أبو موسى المديني: في حديث زيد بن عمرو:
((حنانيك؛ أي: ارحمني رحمة بعد رحمة))اهـ وقال الأزهري: روى أبو العباس عن
ابن الأعرابي؛ أنه قال: الحنَّان: من أسماء الله؛ بتشديد النون؛ بمعنى: الرحيم قال:
والحنَان؛ بالتخفيف: الرحمة قال: والحنان: الرزق، والحنان: البركة، والحنان: الهيبة
والحنان: الوقار ثم قال الأزهري: وقال الليث: الحنان: الرحمة، والفعل التحنُّن قال:
والله الحنَّان المنَّان الرحيم بعباده،ومنه قولـه تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا}؛ أي:
رحمة من لدنا قلت (أي: الأزهري): والحنَّان من أسماء الله تعالى،جاء على فعَّال
بتشديد النون صحيح، وكان بعض مشايخنا أنكر التشديد فيه؛ لأنه ذهب به إلى
الحنين، فاستوحش أنَّ يكون الحنين من صفات الله تعالى، وإنما معنى الحنَّان:
الرحيم،من الحنان،وهو الرحمة ثم قال: قال أبو إسحاق: الحنَّان في صفة الله:
ذو الرحمة والتعطف اهـ كلام الأزهري وقال أبو سليمان الخطابي: الحنَّان:
ذو الرحمة والعطف، والحنان – مخفف - الرحمة وقال ابن تيمية: وقال (يعني: الجوهري):
الحنين: الشوق، وتوقان النفس وقال: حنَّ إليه يحنُّ حنيناً فهو حانٌّ، والحنان:
الرحمة، يقال: حنَّ عليه يـحنُّ حناناً، ومنه قولـه تعالى: {وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا وزكاةً}
والحنَّان بالتشديد: ذو الرحمة، وتحننَّ عليه: ترحَّم، والعرب تقول: حنانيك يا رب!
وحنانك! بمعنى واحد؛ أي: رحمتك وهذا كلام الجوهري، وفي الأثر في تفسير
الحنَّان المنَّان: أنَّ الحنان هو الذي يقبل على من أعرض عنه، والمنَّان الذي يبدأ
بالنوال قبل السؤال، وهذا باب واسع اهـ كلام ابن تيمية وقال ابن القيم راداً على
الجهمية نفاة الصفات:

قالوا وليس لربِّنَا سَمْعٌ ولا بَصَرٌ
ولا وَجْهٌ فكيفَ يَدَانِ
وكذاك ليس لربِّنَا من قُدْ
رَةٍ وإرادةٍ أو رحمةٍ وحَنَانِ
كلا ولا وَصْفٌ يَقُومُ بِه
سِوى ذاتٌ مجردةٌ بِغَيْرِ مَعَانِ


تنبيهات:



الأول: فَسَّرَ بعض المفسرين، ومنهم ابن كثير: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيَّاً وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا
أي آتيناه الحكم وحناناً وزكاةً؛ أي: جعلناه ذا حنان وزكاة، فيكون الحنان صفة
ليحيى عليه الصلاة والسلام الثاني: روى ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن ماجه؛
من طريق وكيع عن أبي خزيمة عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله
عنه؛ قال: ((سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأنَّ
لك الحمد، لا إله إلا أنت، وحدك، لا شريك لك، المنان، بديع السماوات والأرض
))
وهذا إسناد صحيحورواه أحمد، والنسائي، وأبو داود، والطبراني، والبغوي، والحاكم؛
من طريق خلف بن خليفة عن حفص بن عمر أخي أنس بن مالك لأمه؛ بلفظ:
((المنَّان)) وأخرجه أحمد من طريق خلف بن خليفة به بلفظ: ((الحنَّان))
وأخرجه ابن حبان من طريق خلف بن خليفة به بلفظ: ((الحنَّان المنَّان))
وخلف بن خليفة: قال عنه الحافظ في (التقريب): صدوق، اختلط في الآخر
وادَّعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابي، فأنكر عليه ذلك ابن عيينة وأحمد اهـ
الثالث: روى الإمام أحمد وغيره حديث:
((أنَّ عبداً في جهنم لينادي ألف سنة يا حنَّان يا منَّان )) وإسناده ضعيفالرابع:
روى الحاكم من طريق عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان حديث:
((إنَّ لله تعالى تســعةً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ))
فذكرها وعدَّ منها: ((الحنَّان)) ، وعبد العزيز هذا ضعيف، قال عنه الحافظ:
متفق على ضعفه، وهَّاه البخاري ومسلم وابن معين، وقال البيهقي:
ضعيف عند أهل النقل اهـ قال الخطابي: ومما يدعو به الناس خاصُّهم وعامُّهم
وإن لم تثبت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحنَّان اهـ
هذا حسب النسخة المغربية كما أفاده الأستاذ أحمد يوسف الدقاق محقق الكتاب
وفي النسخة التيمورية زيادة: ((المنَّان))، وأظنها خطأ من الناسخ، وعلى أية حال
فقد تقدم إثبات أنَّ ((المنَّان)) من أسماء الله عَزَّ وجَلَّ
والخلاصة: أنَّ عدَّ بعضهم (الحنَّان) من أسماء الله تعالى فيه نظر؛ لعدم ثبوته والله
أعلم

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص119






عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 04:33 AM
المشاركة 81

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الْحَيَاءُ وَالاسْتِحْيَاءُ



صفةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة،و(الحيي) من أسمائه تعالى
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26]
قولـه تعالى: {وَاللهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53]
الدليل من السنة: حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه مرفوعاً:
((… وأما الآخر؛ فاستحيا، فاستحيا الله منه، وأما الآخر؛ فأعرض، فأعرض الله عنه))
حديــث سلـمان رضي الله عنه؛ قال: قـال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إنَّ ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أنَّ يردهما صفراً خائبتين))
رواه الترمـذي واللفظ له، وأبو داود، وأحمـد، والحاكـم انظر: (جامـع الأصول 2118)،
و(صحيح الجامع 1757
ومِمَّن أثبت صفة الاستحياء من السلف الإمام أبو الحسن محمد بن عبدالملك الكرجي
فيما نقله عنه شيخ الإسلام في (مجموع الفتاوى 4/181)؛ موافقاً له وقال ابن القيم :

وهو الحييُّ فليسَ يفضحُ عبده
عنـدَ التجـاهُرِ منهُ بالعصـــيانِ
لــكــنَّهُ يُلقِي علـــيه سِـــترهُ
فَهُو السِّتِّيرُ وصـاحب الغفرانِ


قال الهرَّاس: وحياؤه تعالى وصف يليق به، ليس كحياء المخلوقين، الذي هو تغير وانكسار
يعتري الشخص عند خوف ما يعاب أو يذم، بل هو ترك ما ليس يتناسب مع سعة رحمته
وكمال جوده وكرمه وعظيم عفوه وحلمه؛ فالعبد يجاهره بالمعصية مع أنه أفقر شيء إليه
وأضعفه لديه، ويستعين بنعمه على معصيته، ولكن الرب سبحانه مع كمال غناه وتمام
قدرته عليه يستحي من هتك ستره وفضيحته، فيستره بما يهيؤه له من أسباب الستر
ثم بعد ذلك يعفو عنه ويغفر اهـ قـال الأزهـري: وقـال الليث: الحياء من الاستحياء؛
ممدود قلت: وللعرب في هذا الحرف لغتان: يُقال: استحى فلان يستحي؛ بياء واحدة
واستحيا فلان يستحْيِي؛ بياءين، والقرآن نزل باللغة التامَّة؛ (يعني الثانية) اهـ

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص125

الْحَيَاةُ



صفة من صفات الله عَزَّ وجَلَّ الذاتية الثابتة بالكتاب والسنة، و(الحي) اسم من أسمائه
تعالى
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 2]
وقولـه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوت} [الفرقان: 58]
الدليل من السنة: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((اللهم لك أسلمت، وبك آمنت
أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون
))
قال شيخ الإسلام: كلامه وحياته من صفات الله كعلمه وقدرته و قال: لم يعبر أحد من
الأنبياء عن حياة الله بأنها روح الله فمن حمل كلامَ أحدٍ من الأنبياء بلفظ الروح أنه يراد به
حياة الله فقد كذب و قال الهرَّاس في (شرحه للنونية) : ومعنى الحي: الموصوف
بالحياة الكاملة الأبدية، التي لا يلحقها موت ولا فناء، لأنها ذاتية له سبحانه، وكما أنَّ
قيوميته مستلزمة لسائر صفات الكمال الفعلية؛ فكذلك حياته مستلزمة لسائر صفات
الكمال الذاتية من العلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والعزة والكبرياء والعظمة
ونحوها اهـ
فائدة: في حديث الإفك عند البخاري ومسلم: ((قال سعد بن معاذ رضي الله عنه:
يا رسول الله! أنا والله أعذرك منه، إن كان من الأوس؛ ضربنا عنقه، وإن كان من
إخواننا من الخزرج؛ أمرتنا، ففعلنا فيه أمـرك فقال سـعد بن عبادة رضي الله عنه:
كذبت لعمر الله؛ لا تقتله، ولا تقـدر على ذلك فقام أسيد بن الحضـير رضي الله عنه
فقال: كذبت لعـمر الله؛ لنقتلنَّه
)) قال الحافظ: العَمْر؛ بفتح العين المهملة: هو البقاء
وهو العُمُر بضمها، لكن لا يستعمل في القسم إلا بالفتح وقال القاضي عياض:
وقولـه: ((لعمر الله))؛ أي: بقاء الله وقال البيهقي: فحلف كلُّ واحد منهما بحياة الله
وببقائه والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص127

الْخَبِيرُ



صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة، وذلك من اسمه (الخبير)
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} [التحريم: 3]
وقولـه:{عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 73]
الدليل من السنة: حديث عائشة رضي الله عنها؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم
قال لها في قصة تتبعها له إلى البقيع: ((ما لك يا عائش حشياً رابية ؟)) قالت:
قلت: لا شيء قال: ((لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير))
معنى (الخبير):
1- العالم بما كان وما يكون: قاله ابن منظور في ((اللسان))
2- وقال الخطابي:
هو العالم بكنه الشيء، المطلع على حقيقته
3- وقال أبو هلال العسكري:
الفرق
بين العلم والخَبْر: أنَّ الخَبْر هو العلم بكنه المعلومات على حقائقها؛ ففيه معنى زائد
على العلم

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص129

الْخِدَاعُ لِمَنْ خَادَعَهُ



الخداعُ صفةٌ من صفات الله عَزَّ وجَلَّ الفعليَّة الخبريَّة الثابتة بالكتاب والسنة، ولكنه
لا يوصف بها على سبيل الإطلاق، إنما يوصف بها حين تكون مَدْحاً
الدليل من الكتاب:
قول الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142]
الدليل من السنة: حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه، ((أنَّ أم كلثوم بنت عقبة
كانت عنده، فقالت له وهي حامل: طيِّب نفسي بتطليقة فطلقها تطليقة، ثم خرج
إلى الصلاة، فرجع وقد وضعت، فقال: ما لها خدعتني خدعـها الله؟! ثم أتى النبي
صلى الله عليه وسلم، فقال: سبق الكتاب أجله، اخطبها إلى نفسها
)) قال ابن
القيم في (إعلام الموقعين) بعد أنَّ ذكر آيات في صفة (الكيد) و(المكر): قيل:
إنَّ تسمية ذلك مكراً وكيداً واستهزاءً وخداعاً من باب الاستعارة ومجاز المقابلة؛
نحو: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى:40]، ونحو قولـه:
{فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة:194]، وقيل -
وهو أصوب-: بل تسميته بذلك حقيقة على بابه؛ فإنَّ المكر إيصال الشيء إلى الغير
بطريق خفي، وكذلك الكيد والمخادعة اهـ قلت: قولـه عن القول الثاني:
وهو أصوب: قد يوهم أنَّ الأول صواب، والحق أنَّ القول الأول باطل مخالف لطريقة
السلف في الصفات، وانظر كلامه رحمه الله في (مختصر الصواعق المرسلة)
وقال الشيخ عبد العزيز بن بار معقباً على الحافظ ابن حجر لَمَّا تأوَّل صفةً من صفات
الله: هذا خطأ لا يليق من الشارح، والصواب إثبات وصف الله بذلك حقيقة على
الوجه اللائق به سبحانه كسائر الصفات، وهو سبحانه يجازي العامل بمثل عمله
فمن مكر؛ مكر الله به، ومن خادع؛ خادعه، وهكذا من أوعى؛ أوعى الله عليه
وهذا قول أهل السنة والجماعة؛ فالزمه؛ تفز بالنجاة والسلامة، والله الموفق اهـ
وسئل الشيخ العثيمين -رحمه الله- في (المجموع الثمين): هل يوصف الله
بالخيانة والخداع كما قال الله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} فأجاب بقولـه:
أما الخيانة؛ فلا يوصف الله بها أبداً؛ لأنها ذم بكل حال؛ إذ إنها مكر في موضع الائتمان
وهو مذموم؛ قال الله تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ}
[الأنفال: 71]، ولم يقل: فخانهم وأما الخداع؛ فهو كالمكر، يوصف الله تعالى به
حين يكون مدحاً، ولا يوصف به على سبيل الإطــلاق؛ قال الله تعالى:
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُـمْ} [النساء: 142] اهـ

وانظر كلام ابن جرير الطبري في صفة (الاستهزاء)؛ فإنه مهم، وكلام الشيخ محمد
بن إبراهيم في صفة (الملل)

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص129






عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 04:36 AM
المشاركة 82

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الْخَلْقُ



صفةٌ من صفات الله الفعلية الثابتة بالكتاب والسنة، وهي مأخوذة أيضاً من اسميه (الخالق)
و(الخلاَّق)، وهي من صفات الذات وصفات الفعل معاً
الدليل من الكتاب:
وردت هذه الصفة في القرآن مرات عديدة، تارة بالفعل (خَلَقَ)، أو بمصدره، وتارة باسمه
(الخالق) أو (الخلاَّق)، ومن ذلك:
قولـه تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ واَلأمْرُ} [الأعراف: 54]
وقولـه: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ} [الحجر: 86]
وقولـه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: 16]
وقولـه: {هُوَ اللهُ الْخـَالِقُ الْبَارِيءُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الحشر: 24]
الدليل من السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((قال الله تعالى: ومن أظلم
ممن ذهب يخلق كَخَلْقي؛ فليخلقوا ذرَّة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة
))
حديث عائشة رضي الله عنها في التصاوير: (( أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة
الذين يضاهون بخلق الله
))
قال الأزهري: ومن صفات الله: الخالق والخلاق، ولا تجوز هذه الصفة بالألف واللام
لغير الله جل وعز
والخلق في كلام العرب ابتداع الشيء على مثال لم يسبق إليه
وقال أبو بكر بن الأنبـاري: الخلق في كلام العرب على ضربين: أحـــدهما:
الإنشاء على مثال أبدعه والآخر: التقدير وقال في قول الله جَلَّ وعَزَّ:
{فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون:14]: معناه: أحسن المقدرين اهـ
وقال ابن تيمية: وأما قولنا: هو موصوف في الأزل بالصفات الفعلية من الخلق والكرم
والمغفرة؛ فهذا إخبار عن أنَّ وصفه بذلك متقدم؛ لأن الوصف هو الكلام الذي يخبر به
عنه، وهذا مما تدخله الحقيقة والمجاز، وهو حقيقة عند أصحابنا، وأما اتصافه بذلك؛
فسواء كان صفةً ثبوتِيَّةً وراء القدرة أو إضافية؛ فيه من الكلام ما تقدم وقال في موضع
آخر: والله تعالى لا يوصف بشيء من مخلوقاته، بل صفاته قائمة بذاته، وهذا مطرد
على أصول السلف وجمهور المسلمين من أهل السنة وغيرهم، ويقولون:
إنَّ خلق الله للسماوات والأرض ليس هو نفس السماوات والأرض، بل الخلق غير
المخلوق، لاسيما مذهب السلف والأئمة وأهل السنة الذين وافقوهم على إثبات
صفات الله وأفعاله وقال في موضع ثالث: ولهذا كان مذهب جماهير أهل السنة
والمعرفة - وهو المشهور عند أصحاب الإمام أحمد وأبي حنيفة وغيرهم من
المالكية والشافعية والصوفية وأهل الحديث وطوائف من أهل الكلام من الكرامية
وغيرهم - أنَّ كــون الله سبحانه وتعالى خالقاً ورازقاً ومحيياً ومميتاً وباعثاً ووارثاً
وغير ذلك من صفات فعله، وهو من صفات ذاته؛ ليس من يخلق كمن لا يخلق
ومذهب الجمهور أنَّ الخلق غير المخلوق؛ فالخلق فعل الله القائم به، والمخلوق
هو المخلوقات المنفصلة عنه وقـد نقل رحمه الله في (مجموع الفتاوى) قول أبي
يعلى الصغير الحنبلي: فالخلق صفة قائمة بذاته، والمخلوق الموجود المخترَع،
وهذا بناء على أصلنا، وأن الصفات الناشئة عن الأفعال موصوف بها في القدم،
وإن كانت المفعولات محدثة قال: وهذا هو الصحيح

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص131

الخُلَّةُ



صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، فالله عَزَّ وجَلَّ يحبُ ويخالِلُ من يشاء ويكرهُ
ويبغضُ من يشاء
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 125]
الدليل من السنة: حديث: (( ولقد اتخذ الله صاحبكم خَلِيلاً))؛ يعني نفسه
صلى الله عليه وسلم حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((قيل: يا رسول الله من
أكرم الناس؟ قال: أتقاهم، فقالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فيوسف نبي الله
ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله؛
))
قال البغوي في تفسير آية النساء: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}؛ صفيَّاً، والخُلَّةُ:
صفاء المودة، ثم قال: قال الزجاج: معنى الخليل الذي ليس في محبته خلل
والخُلَّة: الصداقة، فسمي خليلاً لأن الله أحبه واصطفاه
وقال ابن كثير في تفسير الآية نفسها: وإنما سمي خليل الله لشدة محبة ربه عَزَّ
وجَلَّ له؛ لما قام له من الطاعة التي يحبها ويرضاها ونقل ابن تيمية من كلام أبي
عبد الله محمد بن خفيف من كتابه (اعتقاد التوحيد بإثبات الأسماء والصفات) قولـه:
والخُلَّة والمحبة صفتان لله، هو موصوف بهما، ولا تدخل أوصافه تحـت التكييف والتشبيه
وصفات الخلق من المحبة والخُلَّة جائز عليها الكيف

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص134

الدَّلالَةُ أو الدَّلِيِلُ



يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الدليل يدُلُّ عباده ويهديهم طريق الرشاد وليس الدليل من
أسمائه والدليل: الهادي، والدِّلالة (بفتح الدال وكسرها): الهداية
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}
[الصف: 10]
الدليل من السنة: حـديث أبيِّ بن كعب رضي الله عنـه قـال: سمعت رســول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنه بينما موسى عليه السلام في قومه يذكرهم
بأيام الله - وأيام الله: نعماؤه وبلاؤه - إذ قال: ما أعلم في الأرض رجلاً خيراً وأعلم
مني، قال: فأوحى الله إليه إني أعلم بالخير منه، أو عند من هو، إنَّ في الأرض رجلاً
هو أعلم منك قال: يا رب فَدُلَّنِي عليه
)) قال شيخ الإسلام: وهدايتُه ودلالتُه
من مقتضى اسمه الهادي وفي الأثر المنقول عن أحمد بن حنبل أنه أمر رجلا
أنْ يقول يا دليل الحيارى دُلَّنِي على طريق الصادقين واجعلني من عبادك الصالحين
وقال: وفي الدعاء الذي علَّمه الإمام أحمد لبعض أصحابه: (يا دليل الحيارى دُلَّنِي
على طريق الصادقين واجعلني من عبادك الصالحين
) ولهذا كان عامة أهل السنة
من أصحابنا وغيرهم على أنَّ الله يسمى دليلاً، ومنع ابن عقيل وكثيرٌ من أصحاب
الأشعري أن يسمى دليلاً لاعتقادهم أنَّ الدليل هو ما يستدل به وأن الله هو الدالُّ
وهذا الذي قالوه بحسب ما غلب في عرف استعمالهم من الفرق بين الدال والدليل
وجوابه من وجهين؛ أحدهما: أنَّ الدليل معدول عن الدال وهو ما يؤكد فيه صفة
الدلالة فكلُّ دليلٍ دالٌ وليس كلُّ دالٍ دليلاً، وليس هو من أسماء الآلات التي
يفعل بها فإن فَعِيل ليس من أبنية الآلات كمِفْعَل ومِفْعَال، وإنما سُمِّي
ما يستدل به من الأقوال والأفعال والأجسام أدلة باعتبار أنها تدل من يستدل بها
كما يخبر عنها بأنها تَهْدِي وَتُرْشِدُ وَتَعْرِفُ وَتَعْلَمُ وَتَقُولُ وَتُجِيبُ وَتَحْكُمُ وَتُفْتِي
وَتَقُصُّ وَتَشْهَدُ وإن لم يكن لها في ذلك قصد وإرادة ولا حس وإدراك كما هو
مشهورٌ في الكلام العربي وغيره، فما ذكروه من الفرق والتخصيص لا أصل له
في كلام العرب، الثاني: أنه لو كان الدليل من أسماء الآلات التي يفعل بها
فقد قال الله تعالى فيما روى عنه نبيه في عبده المحبوب: فبي يسمع، وبي
يبصر، وبي يعقل، وبي ينطق، وبي يبطش، وبي يسعى، والمسلم يقول:
استعنت بالله، واعتصمت به، وإذا كان ما سوى الله من الموجودات الأعيان
والصفات يستدل بها سواء كانت حية أو لم تكن بل ويستدل بالمعدوم، فلأن
يستدل بالحي القيوم أولى وأحرى، على أنَّ الذي في الدعاء المأثور:
(يا دليل الحيارى دُلَّنِي على طريق الصادقين واجعلني من عبادك الصالحين)
يقتضي أنَّ تسميته دليلاً باعتبار أنه دالٌ لعباده لا بمجرد أنه يستدل به كما قد
يستدل بما لا يقصد الدلالة والهداية من الأعيان والأقوال والأفعال اهـ
قلت: أسماء الله توقيفية وليس منها (الدليل) وتوجيه كلام شيخ الإسلام في ردِّه
على ابن عقيل وكثيرٍ من الأشاعرة أنهم لا يُوصِفُون الله بالدليل ويقولون هو دالٌ
وليس دليلاً، فردَّ عليهم مُثبتاً صفةَ الدَّلالة لله عَزَّ وجَلَّ بما سبق نقله ومنه قولـه:
(الدليل معدولٌ عن الدالِّ وهو ما يؤكد فيه صفةَ الدِّلالة فكلُّ دليلٍ دالٌ وليس كلُّ
دالٍ دليلاً
)؛ أما دعاء الإمام أحمد –إن صحَّ عنه- فليس فيه تسمية الله بـ (الدليل)
إنما فيه مناداة الله عَزَّ وجَلَّ بصفة من صفاته وهذا جائز كقولك:
يا فارج الهم ويا كاشف الغم، ويا دليل الحيارى ونحو ذلك، وليس الفارج والكاشف
من أسمائه تعالى، والله أعلم

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص135

الدَّيَّانُ



يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الدَيَّان الذي يجازي عباده بعملهم ،وهو اسم له ثابتٌ بالسنة
الدليل: حديث عبد الله بن أنيس رضي الله عنه قال:
((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يحشر الناس يوم القيامة أو قال
العباد عراة غرلاً بُهْمَاً قال قلنا وما بهما قال ليس معهم شيء ثم يناديهم بصوت
يسمعه من قرب أنا الملك أنا الدَيَّان ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار
وله عند أحد من أهل الجنة حق حتى أقصه
)) وممن أثبت هذا الاسـم لله عَزَّ وجَلَّ
الإمـام ابن القيـم في قصـيدته النـونـية المشهورة المسماة (الكافية الشافية في
الانتصار للفرقة الناجية
) في أكثر من موضع من ذلك قولـه:

جَهْمُ بنُ صَفْوَانٍ وشِيِعَتِهِ الأُلَى
جَحَدُوا صِفَاِت الخَاِلقِ الدَيَّان


وفي (مختار الصحاح): وقولـه تعالى {أَئِنَّا لَمَدِينُونَ} [الصافات:53] أي: لمجزيون
محاسبون ومنه الدَيَّان في صفة الله تعالى
وفي (لسان العرب): الدَيَّان من أسماء الله عَزَّ وجَلَّ معناه: الحكم القاضي وسئل
بعض السلف عن علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: كان ديان هذه الأمة
بعد نبيها أي قاضيها وحاكمها، والدَيَّان: القهار وهو فعال من دان الناس أي قهرهم
على الطاعة يقال دنتهم فدانوا أي قهرتهم فأطاعوا

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص138

الذَّاتُ



يصح إضافة لفظة (الذات) إلى الله عَزَّ وجَلَّ؛ كقولنا: ذات الله، أو: الذات الإلهية
لكن لا على أنَّ (ذات) صفة له، بل ذات الشيء بمعنى نفسه أو حقيقته
وقد وردت كلمة (ذات) في السنة أكثر من مرة، ومن ذلك: ما رواه البخاري
ومسلم؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((إنَّ إبراهيم لم يكذب إلا ثلاث
كذبات، اثنتين في ذات الله
)) وما رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
في قصة مقتل خبيب الأنصاري رضي الله عنه، وقولـه:

ولَسْتُ أبالي حَيْنَ أُقْتَلُ مسلماً وذلكَ في ذاتِ الإلهِ وإنْ يَشأْ
على أي شِقٍّ كان لله مصْرعِي يُبَارِكْ على أوْصَالِ شِلْوٍ مُمَـزَّعِ


وقد أفرد قَوَّام السُّنَّة في (الحجة في بيان المحجة) فصلاً في الذات، فقال: فصل في
بيان ذكر الذات، ثم قال: قال قوم من أهل العلم: ذات الله حقيقته وقال بعضهم:
انقطع العلم دونها وقيل: استغرقت العقول والأوهام في معرفة ذاته وقيل: ذات الله
موصوفة بالعلم غير مدركة بالإحاطة ولا مرئية بالأبصار في دار الدنيا، وهو موجود
بحقائق الإيمان على الإيقان بلا إحاطة إدراك، بل هو أعلم بذاته، وهو موصوف غير
مجهول، وموجود غير مدرك، ومرئي غير محاط به؛ لقربه، كأنك تراه، يسمع ويرى
وهو العلي الأعلى، وعلى العرش استوى تبارك وتعالى، ظاهرٌ في ملكه وقدرته
قد حجب عن الخلق كنه ذاته، ودلهم عليه بآياته؛ فالقلوب تعرفه، والعقول لا تكيفه
وهو بكل شيء محيط، وعلى كل شيء قدير اهـ وقال شيخ الإسلام: اسم (الله)
إذا قيل: الحمد لله، أو قيل: بسم الله؛ يتناول ذاته وصفاته، لا يتناول ذاتاً مجردة
عن الصفات، ولا صفات مجردة عن الذات، وقد نص أئمة السنة كأحمد وغيره
على أنَّ صفاته داخلة في مسمى أسمائه، فلا يقال: إنَّ علم الله وقدرته زائدة
عليه، لكن من أهل الإثبات من قال: إنها زائدة على الذات وهذا إذا أريد به أنها
زائدة على ما أثبته أهل النفي من الذات المجردة؛ فهو صحيح؛ فإن أولئك قصروا
في الإثبات، فزاد هذا عليهم، وقال: الرب له صفات زائدة على ما علمتموه وإن
أراد أنها زائدة على الذات الموجودة في نفس الأمر؛ فهو كلام متناقض؛
لأنه ليس في نفس الأمر ذات مجردة حتى يقال: إنَّ الصفات زائدة عليها، بل
لا يمكن وجود الذات إلا بما به تصير ذاتاً من الصفات، ولا يمكن وجود الصفات
إلا بما به تصير صفات من الذات، فتخيل وجود أحدهما دون الآخر، ثم زيادة
الآخر عليه تخيل باطل اهـ وقال في أيضاً: ويفرق بين دعائه والإخبار عنه؛
فلا يدعى إلا بالأسماء الحسنى، وأما الإخبار عنه؛ فلا يكون باسم سيء، لكن
قد يكون باسم حسن، أو باسم ليس بسيئ، وإن لم يحكم بحسنه؛ مثل اسم:
شيء، وذات، وموجود اهـ وقال الشيخ عبد الله الغنيمان:
وبعض الناس يظن أنَّ إطلاق الذات على الله تعالى كإطلاق الصفات؛
أي أنه وصف له، فينكر ذلك بناء على هذا الظن، ويقول: هذا ما ورد، وليس
الأمر كذلك، وإنما المراد التفرقة بين الصفة والموصوف، وقد تبين مراد الذين
يطلقون هذا اللفـظ؛ أنهم يريدون نفـس الموصـوف وحقيقته فلا إنكار عليهم في
ذلك؛ كما وضحه كلام شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص139

الرَّأفَةُ



صفةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، وذلك من اسمه (الرؤوف)، وهو ثابت بالكتاب العزيز
الدليل:
قولـه تعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [النور: 20]
قولـه تعالى: {وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10]
والرأفة أشد وأبلغ من الرحمة
قال ابن جرير في تفسير الآية 65 من سورة الحج {إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}:
إنَّ الله بجميع عباده ذو رأفة، والرأفة أعلى معاني الرحمة، وهي عامة لجميع الخلق
في الدنيا ولبعضهم في الآخرة وقال الخطابي: الرَّؤوف: هو الرحيم العاطف برأفته
على عباده، وقال بعضهم: الرأفة أبلغ الرحمة وأرقها، ويقال: إنَّ الرأفة أخص والرحمة
أعم، وقد تكون الرحمة في الكراهـة للمصلحة، ولا تكاد الرأفة تكون في الكراهة؛
فهذا موضع الفرق بينهما وقال الأزهري: ومن صفات الله عَزَّ وجَلَّ: الرؤوف
وهو الرحيم، والرأفة أخص من الرحمة وأرقّ

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص141






عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 05:00 AM
المشاركة 83

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الرُّؤيَةُ



الرؤية - كالبصر والنظر- صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46]
وقولـه: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى} [العلق: 14]
الدليل من السنة: حديث جبريل المشهور وفيه: (( قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله
كأنك تراه، فإن لم تكن تراه؛ فإنه يراك
)) رواه البخاري، ومسلم؛ من حديث أبي هريرة
رضي الله عنه ورواه مسلم أيضاً من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قول أنس
بن النضر رضي الله عنه في غزوة أحد: (( لئن الله أشهدني قتال المشركين؛
لَيرَيَنَّ الله ما أصنع
)) قـال قَوَّامُ السُّـنَّة الأصبهاني: قال الله تعالى:
{وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} [هود:37]، وقال: {تَجْري بِأَعْيُنِنَا} [القمر:14]، وقال:
{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه:39]، وقال: {وَاصْبِرْ لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور:48]؛
فواجب على كل مؤمن أن يثبت من صفات الله عَزَّ وجَلَّ ما أثبته الله لنفسه، وليس
بمؤمن من ينفي عن الله ما أثبته الله لنفسه في كتابه؛ فرؤية الخالق لا تكون كرؤية
المخلوق، وسمع الخالق لا يكون كسمع المخلوق، قال الله تعالى:
{فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُـونَ} [التوبة:105]، وليس رؤية الله تعالى أعمال
بني آدم كرؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنـين، وإن كان اسم الرؤية
يقع على الجميع، وقال تعالى: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ} [مريم:42]
جل وتعالى عن أن يشبه صفة شيء من خلقه صفته، أو فعل أحد من خلقه فعله؛
فالله تعالى يرى ما تحت الثرى، وما تحت الأرض السابعة السفلى، وما في
السماوات العلى، لا يغيب عن بصره شيء من ذلك ولا يخفي؛ يرى ما في جوف
البحار ولججها كما يرى ما في السموات، وبنو آدم يرون ما قرب من أبصارهم
ولا تدرك أبصارهم ما يبعد منهم، لا يدرك بصر أحد من الآدميين ما يكون بينه
وبينه حجاب، وقد تتفق الأسامي وتختلف المعاني اهـ

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص142

رُؤْيَتُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى



أهل السنة والجماعة يؤمنون أنَّ المؤمنين يرون ربهم عياناً يوم القيامة، وهذا ثابت
بالكتاب والسنة
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22-23]
الدليل من السنة: قولـه صلى الله عليه وسلم: ((إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون
القمر ليلـة البدر، لا تضامون في رؤيته
)) حديث صهيب رضي الله عنه مرفوعاً:
((إذا دخل أهل الجنة الجنة؛ يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟
فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف
الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم عَزَّ وجَلَّ، ثم تلا هذه
الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحسنَى وَزِيَادَةٌ
})) قال أبو الحســن الأشعــري: وأجمعوا
على أنَّ المؤمنين يرون الله عَزَّ وجَلَّ يوم القيامة بأعين وجوههم، على ما أخبر به
تعالى، في قولـه تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، وقد بيَّن معنى ذلك
النبي صلى الله عليه وسلم، ودفع إشكالــه فيه؛ بقولـه للمؤمنين:
((ترون ربكم عياناً))، وقولـه: ((ترون ربكم يوم القيامة كما تـرون القمــر؛
لا تُضامون في رؤيته
))، فبيَّن أنَّ رؤيـته تعالى بأعين الوجوه اهـ وقال الشيخ عبد الله
الغنيمان: والأحاديث في رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة كثيرة جدّاً، وقد تواترت
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلقاها أتباعه بكل قبول وارتياح وانشراح لها
وكلهم يرجو ربه ويسأله أن يكون ممن يراه في جنات عدن يوم يلقاه

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص144

الرُّبُوبِيَّةُ



صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، وذلك من اسمه (الرب) الثابت بالكتاب والسنة في
مواضع عديدة؛ تارة وحده (الرب)، وتارة مضافاً؛ مثل: (رب العالمين)، و(رب المشرقين)
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]
وقولـه: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17]
الدليل من السنة: حديث ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً: ((ألا وإني نهيت أن
أقرأ القرآن راكعاً وساجداً، فأمـا الركوع؛ فعظموا فيه الرب عَزَّ وجَلَّ
…)) حديث عمرو
بن عبسة مرفوعاً: ((أقرب ما يكون الرَّبُّ من العبد في جوف الليل الآخر، فإن
استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة؛ فكن
))
ومعنى الرَّب: المالك والمتصرف والمدبر والسيد والمربي قال ابن قتيبة: ومن صفاته
(الرب)، والرب المالك، يُقال: هذا رب الدار ورب الضيعة ورب الغلام؛ أي: مالكه
قال الله سبحانه: {ارْجعْ إلى رَبِّك}؛ أي: إلى سيدك ولا يُقال لمخلوق: هذا الرَّبُّ؛
معرفاً بالألف واللام؛ كما يُقال لله، إنما يُقال: هذا رب كذا، فيُعرَّف بالإضافة؛ لأن الله
مالك كل شيء فإذا قيل: الرَّبُّ؛ دلَّت الألف واللام على معنى العموم، وإذا قيل
لمخلوق: ربُّ كذا وربُّ كذا؛ نُسب إلى شيء خاص؛ لأنه لا يملك شيئاً غيره اهـ
وقال ابن القيم: وتأمل ارتباط الخلق والأمر بهذه الأسماء الثلاثة، وهي (الله)
و(الرب)، و(الرحمن)؛ كيف نشأ عنها الخلق والأمر والثواب والعقاب، وكيف جمعت
الخلق وفرقتهم؛ فلها الجمع، ولها الفرق فاسم (الرب) له الجمع الجامع لجميع
المخلوقات؛ فهو رب كل شيء وخالقه والقادر عليه، لا يخرج شيء عن ربوبيته
وكل من في السماوات والأرض عبد له في قبضته وتحت قهره، فاجتمعوا بصفة
الربوبية، وافترقوا بصفة الإلهية، فألَّهه وحده السعداء، وأقروا له طوعاً بأنه الله الذي
لا إله إلا هو، الذي لا تنبغي العبادة والتوكل والرجاء والخوف والحب والإنابة والإخبات
والخشية والتذلل والخضوع إلاَّ له، وهنا افترق الناس، وصاروا فريقين:
فريقاً مشركين في السعير، وفريقاً موحدين في الجنة؛ فالإلهية هي التي فرقتهم
كما أنَّ الربوبية هي التي جمعتهم؛ فالدين والشرع، والأمر والنهي –مظهره وقيامه-
من صفة الإلهية، والخلق والإيجاد والتدبير والفعل من صفة الربوبية، والجزاء بالثواب
والعقاب والجنة والنار من صفة الملك، وهو ملك يوم الدين، فأمرهم بإلهيته
وأعانهم ووفقهم وهداهم وأضلهم بربوبيته، وأثابهم وعاقبهم بملكه وعدله، وكل
واحدة من هذه الأمور لا تنفك عن الأخرى … إلخ

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص146

الرِّجْلُ وَالْقَدَمَانِ



صفةٌ ذاتيةٌ خبريةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بصحيح السنة
الدليل: حديث أبي هريرة رضي الله عنه في تحاجج الجنة والنار، وفيه:
((فأما النار؛ فلا تمتلئ حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله، فتقول: قط قط …))
ورواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه بنحوه أثر ابن عباس رضي الله عنه؛
قال: (الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحد قدره
) أثر أبي موسى الأشعري
رضي الله عنه؛ قال: (الكرسي موضع القدمين، ولـه أطيطٌ كأطيطِ الرَّحْل)
وبهذه الأحاديث والآثار الصحيحة نثبت لله عَزَّ وجَلَّ صفة القَدَم والرِّجل، وأن لله
عَزَّ وجَلَّ قدمين – كما في أثر ابن عباس وأبي موسى رضي الله عنهما – تليقان
به وبعظمته، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11] قال الشـيخ
عبد الله الغنيمان في (شرحه لكتاب التوحـيد من صحـيح البخاري) بعد ذكر روايات
صفة القدم والرجل: (ففي مجموع هذه الروايات البيان الواضح بأن القدم والرجل –
وكلاهما عبارة عن شيء واحد – صفة لله تعالى حقيقة على ما يليق بعظمته
) اهـ

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص148






عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 11-02-2010, 04:28 PM
المشاركة 84

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المطلب الرابع: العباد وأنواع الحساب

- أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله أول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله تبارك وتعالى الصلاة ، فإن صلحت أفلح ونجح وإلا خاب وخسر، ففي (سنن الترمذي) و(النسائي) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيئاً. قال الرب تبارك وتعالى: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك )) . وفي (سنن أبي داود) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة ، قال: يقول ربنا – عز وجل – لملائكته: انظروا في صلاة عبدي ، أتمها أم نقصها ؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة ، وإن كان انتقص منها شيئاً ، قال: انظروا ، هل لعبدي من تطوع ، فإن كان له تطوع ، قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ، ثم تؤخذ الأعمال بعد ذلك )) .

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 223


- أنواع الحساب يتفاوت حساب العباد ، فبعض العباد يكون حسابهم عسيراً وهؤلاء هم الكفرة المجرمون الذين أشركوا بالله ما لمن ينزل به سلطاناً ، وتمردوا على شرع الله ، وكذبوا بالرسل ، وبعض عصاة الموحدين قد يطول حسابهم ويعسر بسبب كثرة الذنوب وعظمـها . وبعض العباد يدخلون الجنة بغير حساب ، وهم فئة قليلة لا يجاوزون السبعين ألفاً ، وهم الصفوة من هذه الأمة ، والقمم الشامخة في الإيمان والتقى والصلاح والجهاد ، وسيأتي ذكرهم وصفتهم عند الحديث عن أهل الجنة وبعض العباد يحاسبون حساباً يسيراً ، وهؤلاء لا يناقشون الحساب ، أي لا يدقق ، ولا يحقق معهم ، وإنما تعرض عليهم ذنوبهم ثم يتجاوز لهم عنها . وهذا معنى قوله تبارك وتعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 7-8] ، ففي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك ، فقلت: يا رسول الله ، أليس قد قال الله تعالى:: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 7-8] ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك العرض ، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب)) . قال النووي في شرحه للحديث: معنى نوقش الحساب: استقصي عليه . قال القاضي: وقوله: (عذب) له معنيان: أحدهما: أن نفس المناقشة وعرض الذنوب والتوقيف عليها هو التعذيب لما فيه من التوبيخ . والثاني: أنه مفض إلى العذاب بالنار ويؤيده قوله في الرواية الأخرى: ( هلك ) مكان ( عذب ) هذا كلام القاضي . قال النووي: وهذا الثاني هو (الصحيح)، ومعناه أن التقصير غالب في العباد فمن استقصي عليه، ولم يسامح هلك، ودخل النار، ولكن الله تعالى: يعفو ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء. ونقل ابن حجر عن القرطبي في معنى قوله: إنما ذلك العرض، قال: إن الحساب المذكور في الآية إنما هو أن تعرض أعمال المؤمن عليه حتى يعرف منَّة الله عليه في سترها عليه في الدنيا ، وفي عفوه عنها في الآخرة. والمراد بالعرض - كما هو ظاهر من هذه الأحاديث - عرض ذنوب المؤمنين عليهم، كي يدركوا مدى نعمة الله عليهم في غفرانها لهم.

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 224


أمثلة هذه الأنواع
ورد في السنة النبوية مشاهد للمناقشة والعرض والمعاتبة التي تكون من الله لعباده ، وسنسوق لكل واحد من هذه الأنواع الثلاثة مشهداً مما صح في السنة .
1- مناقشة المرائين روى مسلم والترمذي والنسائي عن شفي بن ماتع الأصبحي رحمه الله أنه دخل المدينة ، فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس ، فقال: من هذا ؟ فقالوا: أبو هريرة ، فدنوت منه ، حتى قعدت بين يديه ، وهو يحدث الناس ، فلما سكت وخلا ، قلت له: أسألك بحق وحق ، لما حدثتني حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته ، فقال أبو هريرة: ((أفعل ، لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عقلته وعلمته ، ثم نشغ أبو هريرة نشغة ، فمكثنا قليلاً ، ثم أفاق ، فقال: لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البيت ، ما معنا أحدٌ غيري وغيره ، ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى ، ثم أفاق ومسح عن وجهه ، وقال: أفعل، لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنا وهو في هذا البيت ، ما معنا أحدٌ غيري وغيره ، ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة ، ثم مال خاراً على وجهه ، فأسندته طويلاًً ، ثم أفاق ، فقال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الله إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية ، فأول من يدعو به رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله ، ورجلٌ كثير المال ، فيقول الله للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي ؟ قال: بلى ، يا رب ، قال: فماذا عملت فما علمت ؟ قال: كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار ، فيقول الله له: كذبت ، وتقول له الملائكة: كذبت ، ويقول الله له: بل أردت أن يقال: فلان قارئ ، وقد قيل ذلك. ويؤتى بصحاب المال فيقول الله: ألم أوسع عليك ، حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟ قال: بلى ، يا رب ، قال: فماذا عملت فيما آتيتك ؟ قال: كنت أصل الرحم ، وأتصدق ، فيقول الله له: كذبت ، وتقول له الملائكة: كذبت ، ويقول الله: بل أردت أن يقال: فلان جواد ، فقيل ذلك . ثم يؤتى بالذي قتل في سبيل الله ، فيقول الله: في ماذا قتلت ؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك ، فقاتلت حتى قتلت ، فيقول الله له: كذبت ، وتقول له الملائكة: كذبت ، ويقول الله: بل أردت أن يقال: فلان جريء ، فقد قيل ذلك . ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي ، فقال: يا أبا هريرة ، أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة )). قال الوليد أبو عثمان المدائني: فأخبرني عقبة بن مسلم: أن شفياً هو الذي دخل على معاوية فأخبره بهذا. قال أبو عثمان: وحدثني العلاء بن أبي حكيم: أنه كان سيافاً لمعاوية ، فدخل عليه رجل ، فأخبره بهذا عن أبي هريرة ، فقال معاوية: قد فعل بهؤلاء هكذا ، فكيف بمن بقي من الناس؟ ثم بكى معاوية بكاءً شديداً ، حتى ظننا أنه هالك ، وقلنا: قد جاء هذا الرجل بشر ، ثم أفاق معاوية ، ومسح عن وجهه ، وقال: صدق الله ورسوله: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود: 15-16] . أخرجه الترمذي. وفي رواية مسلم والنسائي عن سليمان بن يسار: قال: ((تفرق الناس عن أبي هريرة، فقال له ناتل أخو أهل الشام: أيها الشيخ حدثني حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول الناس يقضي يوم القيامة عليه: رجل استشهد ، فأتي به ، فعرفه نعمه ، فعرفها ، قال: فما عملت فيها ؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت ، فقال: كذبت ، ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء فقد قيل ، ثم أمر به ، فسحب على وجهه ، حتى ألقي في النار . ورجل تعلم العلم وعلمه ، وقرأ القرآن ، فأوتي به ، فعرفه نعمه فعرفها ، قال: فما عملت فيها ؟ قال: تعلمت العلم وعلمته ، وقرأت فيك القرآن ، قال: كذبت ، ولكنك تعلمت العلم ليقال عالمٌ ، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ ، فقد قيل ، ثم أمر به ، فسحب على وجهه، حتى ألقي في النار ، ورجل وسع الله عليه ، وأعطاه من أصناف المال كله ، فأتي به فعرفه بنعمه ، فعرفها ، قال: فما عملت فيها ؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك ، قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال: هو جواد ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار )) .
2- عرض الرب ذنوب عبده عليه عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( إن الله يدني المؤمن ، فيضع عليه كنفه ، ويستره، فيقول: أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب. حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه هلك، قال: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته. وأما الكافر والمنافقون فيقول الأشهاد: {هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18 ] )) . قال القرطبي في قوله: فيضع عليه كنفه أي: ستره ولطفه وإكرامه ، فيخاطب خطاب ملاطفة ، ويناجيه مناجاة المصافاة والمحادثة ، فيقول له: هل تعرف ؟ فيقول: رب أعرف ، فيقول الله ممتناً عليه ، ومظهراً فضله لديه: فإني قد سترتها عليك في الدنيا ، أي لم أفضحك بها فيها ، وأنا أغفرها لك اليوم.
3- معاتبة الرب عبده فيما وقع منه من تقصير وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن معاتبة الرب لعبده يوم القيامة ، ففي (صحيح مسلم) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الله تعالى: يقول يوم القيامة: يا ابن آدم ، مرضت فلم تعدني . قال: يا رب كيف أعودك وأنت ربُّ العالمين ؟ قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده ، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ؟ يا ابن آدم ، استطعمتك فلم تطعمني ؟ قال: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه ؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ؟ يا ابن آدم، استسقتيك فلم تسقني؟ قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه؟ أما علمت أنك لو سقيته وجدت ذلك عندي؟)) .

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 226


- إيتاء العباد كتبهم
في ختام مشهد الحساب يعطى كل عبد كتابه المشتمل على سجل كامل لأعماله التي عملها في الحياة الدنيا وتختلف الطريقة التي يؤتى بها العباد كتبهم ، فأما المؤمن فإنه يؤتى كتابه بيمينه من أمامه ، فيحاسب حساباً يسيراً ، وينقلب إلى أهله في الجنة مسروراً {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} [الانشقاق: 7-9] ، وإذا اطلع المؤمن على ما تحويه صحيفته من التوحيد وصالح الأعمال سر واستبشر ، وأعلن هذا السرور ، ورفع به صوته ، {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 19-24] . وأما الكافر والمنافق وأهل الضلال فإنهم يؤتون كتبهم بشمالهم من وراء ظهورهم ، وعند ذلك يدعو الكافر بالويل والثبور، وعظائم الأمور: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَى سَعِيرًا} [الانشقاق: 10-12] . {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} [الحاقة: 25-31] . وعندما يعطى العباد كتبهم يقال لهم: {هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 29] .

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 230




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 11-02-2010, 04:29 PM
المشاركة 85

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
تمهيد
يقتص الحكم العدل في يوم القيامة للمظلوم من ظالمه ، حتى لا يبقى لأحد عند أحد مظلمة ، حتى الحيوان يقتص لبعضه من بعض ، فإذا انططحت شاتان إحداهما جلحاء لا قرون لها ، والأخرى ذات قرون ، فإنه يقتص لتلك من هذه ، ففي (صحيح مسلم) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة ، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء )) . والذي يعتدي على غيره بالضرب ، يقتص منه بالضرب في يوم القيامة ، ففي الحديث الصحيح الذي يرويه البخاري في ( الأدب المفرد ) والبيهقي في (السنن) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من ضرب بسوط ظلماً ، اقتص منه يوم القيامة )). وفي (معجم الطبراني الكبير) عن عمار ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من ضرب مملوكه ظالماً ، أقيد منه يوم القيامة )) . وإسناده صحيح والذي يقذف مملوكه بالزنا يقام عليه الحد في يوم القيامة ، إن كان كذاباً فيما رماه به ، ففي (صحيح مسلم) عن أبي هريرة قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: ((من قذف مملوكه بالزنا يقام عليه الحد يوم القيامة، إلا أن يكون كما قال)) .

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 237


المطلب الأول: كيف يكون الاقتصاص في يوم القيامة
إذا كان يوم القيامة كانت ثروة الإنسان ورأس ماله حسناته ، فإذا كانت عليه مظالم للعباد فإنهم يأخذون من حسناته بقدر ما ظلمهم ، فإن لم يكن له حسنات أو فنيت حسناته ، فإنه يؤخذ من سيئاتهم فيطرح فوق ظهره . ففي (صحيح البخاري) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء، فليتحلل منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه)) . وهذا الذي يأخذ الناس حسناته، ثم يقذفون فوق ظهره بسيئاتهم هو المفلس، كما سماه الرسول صلى الله عليه وسلم ، ففي (صحيح مسلم) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أتدرون من المفلس ؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: إن المفلس من أمتي ، من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا، وضرب هذا ، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته، قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار)) . والمدين الذي مات، وللناس في ذمته أموال يأخذ أصحاب الأموال من حسناته بمقدار ما لهم عنده، ففي (سنن ابن ماجه) بإسنادٍ صحيح عن ابن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من مات وعليه دينار أو درهم، قضى من حسناته، ليس ثم دينار ولا درهم )) . وإذا كانت بين العباد مظالم متبادلة اقتص لبعضهم من بعض ، فإن تساوى ظلم كل واحد منهما للآخر كان كفافاً لا له ولا عليه، وإن بقي لبعضهم حقوق عند الآخرين أخذها . ففي (سنن الترمذي) عن عائشة ، قالت: ((جاء رجل فقعد بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله ، إن لي مملوكين يكذبونني ، ويخونني ، ويعصونني ، وأشتمهم وأضربهم ، فكيف أنا منهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك ، وعقابك إياهم ، فإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافاً لا لك ، ولا عليك . وإن كان عقابك إياهم دون ذنبهم كان فضلاً لك ، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم ، اقتص لهم منك الفضل فتنحى الرجل ، وجعل يهتف ويبكى . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما تقرأ قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء:47])) . ولما كان هذا شأن الظلم فحريٌّ بالعباد الذين يخافون ذلك اليوم أن يتركوه ويجتنبوه وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الظلم يكون ظلمات في يوم القيامة ، ففي (صحيح البخاري) و(مسلم) عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الظلم ظلمات يوم القيامة)) . وفي (صحيح مسلم) عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الظلم ، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)) .

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 238




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 11-02-2010, 04:30 PM
المشاركة 86

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المطلب الثاني: عظم شأن الدماء
من أعظم الأمور عند الله أن يسفك العباد بعضهم دم بعض في غير الطريق الذي شرعه الله تبارك وتعالى، ففي الحديث الصحيح الذي يرويه الترمذي عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( يجيء الرجل آخذاً بيد الرجل ، فيقول: يا رب ، هذا قتلني: فيقول: لم قتلته ؟ فيقول: قتلته لتكون العزة لك. فيقول: فإنها لي . ويجيء الرجل آخذاً بيد الرجل ، فيقول: إي رب ، إن هذا قتلني . فيقول الله: لم قتلته ؟ فيقول: لتكون العزة لفلان . فيقول: إنها ليست لفلان ، فيبوء بإثمه )) وفي (السنن) للترمذي، وأبي داود، وابن ماجه، عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة، ناصيته ورأسه بيده ، وأوداجه تشخب دماًَ، فيقول: يا رب، سل هذا فيم قتلني؟ حتى يدنيه من العرش )). ولعظم أمر الدماء فإنها تكون أول شيء يقضى فيه بين العباد . فقد روى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء )) . قال ابن حجر في شرحه للحديث: وفي الحديث عظم أمر الدم ، فإن البداءة إنما تكون بالأهم ، والذنب يعظم بحسب عظم المفسدة وتفويت المصلحة، وإعلام البنية الإنسانية غاية في ذلك. ولا تعارض بين هذا الحديث وحديث أن أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة ، قال ابن حجر العسقلاني: ولا يعارض هذا حديث أبي هريرة رفعه: ((إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته)) الحديث أخرجه أصحاب (السنن)، لأن الأول محمول على ما يتعلق بمعاملات الخلق. والثاني: فيما يتعلق بعبادة الخالق. وقد جمع النسائي في روايته في حديث ابن مسعود بين الخبرين، ولفظه: ((أول ما يحاسب العبد عليه صلاته، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء)) .

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 240

المطلب الثالث: الاقتصاص للبهائم بعضها من بعض
يقضي الله بين خلقه: الجن والإنس والبهائم ، وإنه ليقيد يومئذ الجماء من القرناء، حتى إذا لم يبق تبعة عند واحدة لأخرى قال الله: كونوا تراباً ، فعند ذلك يقول الكافر: {يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا} [النبأ: 40 ] . هذا حديث أخرجه ابن جرير في (تفسيره) بإسناده إلى أبي هريرة يرفعه ، وفي رواية أخرى أخرجها ابن جرير أيضاً عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يحشر الخلق كلهم ، كل دابة وطائر وإنسان ، يقول للبهائم والطير: كونوا تراباً ، فعند ذلك يقول الكافر: {يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا} [النبأ: 40 ])) . وعن ابن جرير أيضاً عن عبدالله بن عمرو قال: إذا كان يوم القيامة مد الأديم ، وحشر الدواب والبهائم والوحش، ثم يحصل القصاص بين الدواب ، يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء نطحتها ، فإذا فرغ من القصاص بين الدواب ، قال لها: كوني تراباً ، قال فعند ذلك يقول الكافر: {يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا} [النبأ: 40 ] وأخرج مسلم في (صحيحه) عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة ، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء)) وأخرج أحمد في (مسنده) بإسناد رجاله رجال (الصحيح) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقتص الخلق بعضهم من بعض حتى الجماء من القرناء ، وحتى الذَّرة من الذَّرة)) وفي (المسند) أيضاً عن أبي هريرة يرفعه: ((ألا والذي نفسي بيده ليختصمن كل شيء يوم القيامة، حتى الشاتان فيما انتطحتا)). وروى أحمد بإسناد صحيح عن أبي ذر ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى شاتين تنتطحان ، فقال:يا أبا ذر ، هل تدري فيم تنتطحان ؟ قال: لا . قال: لكن الله يدري ، وسيقضي بينهما)). كيف يقتص من البهائم وهي غير مكلفة؟ أشكل على كثير من أهل العلم هذا الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم من حشر البهائم والاقتصاص لبعضها من بعض ، وقد وضح هذا النووي في شرحه على صحيح مسلم فقال: هذا تصريح بحشر البهائم يوم القيامة ، وإعادتها يوم القيامة كما يعاد أهل التكليف من الآدميين ، وكما يعاد الأطفال والمجانين ، ومن لم تبلغه دعوة. وعلى هذا تظاهرت دلائل القرآن والسنة ، قال الله تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} [التكوير: 5 ] وإذا ورد لفظ الشرع ولم يمنع من إجرائه على ظاهره عقل ولا شرع ، وجب حمله على ظاهره . قال العلماء: وليس من شرط الحشر والإعادة في القيامة المجازاة والعقاب والثواب . وأما القصاص من القرناء الجلحاء فليس هو من قصاص التكليف ، إذ لا تكليف عليها ، بل هو قصاص مقابلة ، و(الجلحاء) بالمد هي الجماء التي لا قرن لها . والله أعلم . قال الشيخ ناصر الدين الألباني بعد إيراده هذه الفقرة من كلام النووي: وذكر نحوه ابن مالك . ونقل عنه العلامة الشيخ علي القاري في (المرقاة) أنه قال: فإن قيل: الشاة غير مكلفة ، فكيف يقتص منها؟ قلنا: إن الله تعالى: فعال لما يريد، ولا يُسأل عما يفعله، والغرض منه إعلام أن الحقوق لا تضيع، بل يقتص حق المظلوم من الظالم. قال القاري: وهو وجه حسن، وتوجيه مستحسن، إلا أن التعبير عن الحكمة بـ (الغرض) وقع في غير موضعه . وجملة الأمر أن القضية دالة بطريق المبالغة على كمال العدالة بين كافة المكلفين ، فإنه إذا كان هذا حال الحيوانات الخارجة عن التكليف ، فكيف بذوي العقول من الوضيع والشريف ، والقوي والضعيف ؟ . وعقب على هذا الشيخ ناصر قائلاً: ومن المؤسف أن ترد كل هذه الأحاديث من بعض علماء الكلام بمجرد الرأي ، وأعجب منه أن يجنح إليه العلامة الألوسي ! فقال بعد أن ساق الحديث عن أبي هريرة من رواية مسلم ومن رواية أحمد بلفظ الترجمة عند تفسيره آية: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} [التكوير: 5] في تفسيره: (روح المعاني) : ومال حجة الإسلام الغزالي وجماعة إلى أنه لا يحشر غير الثقلين لعدم كونه مكلفاً ، ولا أهلاً لكرامة بوجه ، وليس في هذا الباب نص من كتاب أو سنة معول عليها يدل على حشر غيرهما من الوحوش ، وخبر مسلم والترمذي وإن كان صحيحاً ، لكنه لم يخرج مخرج التفسير للآية ، ويجوز أن يكون كناية عن العدل التام . وإلى هذا القول أميل ، ولا أجزم بخطأ القائلين بالأول ، لأن لهم ما يصلح مستنداً في الجملة. والله تعالى أعلم . قلت (الشيخ ناصر): كذا قال - عفا الله عنا وعنه - وهو منه غريب جداً لأنه على خلاف ما نعرفه عنه في كتابه المذكور ، من سلوك الجادة في تفسير آيات الكتاب على نهج السلف ، دون تأويل أو تعطيل ، فما الذي حمله هنا على أن يفسر الحديث على خلاف ما يدل عليه ظاهره ، وأن يحمله على أنه كناية عن العدل التام ، أليس هذا تكذيباً للحديث المصرح بأنه يقاد للشاة الجماء من الشاة القرناء ، فيقول هو تبعاً لعلماء الكلام: إنه كناية ! أي لا يقاد للشاة الجماء . وهذا كله يقال لو وقفنا بالنظر عند رواية مسلم المذكورة ، أما إذا انتقلنا به إلى الروايات الآخرى كحديث الترجمة ، وحديث أبي ذر وغيره ، فإنها قاطعة في أن القصاص المذكور هو حقيقة وليس كناية ، ورحم الله الإمام النووي ، فقد أشار بقوله السابق: وإذا ورد لفظ الشرع ولم يمنع من إجرائه على ظاهره عقل ولا شرع وجب حمله على ظاهره . قلت: أشار بهذا إلى رد التأويل المذكور ، وبمثل هذا التأويل أنكر الفلاسفة وكثير من علماء الكلام كالمعتزلة وغيرهم رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة ، وعلوه على عرشه، ونزوله إلى السماء الدنيا كل ليلة ، ومجيئه تعالى يوم القيامة، وغير ذلك من آيات الصفات وأحاديثها.وبالجملة: فالقول بحشر البهائم والاقتصاص لبعضها من بعض هو الصواب الذي لا يجوز غيره ، فلا جرم أن ذهب إليه الجمهور كما ذكر الألوسي نفسه في مكان آخر من (تفسيره) ، وبه جزم الشوكاني في تفسير آية (التكوير) من تفسيره (فتح القدير) فقال: الوحوش ما توحش من دواب البر ، ومعنى {حُشِرَتْ} بعثت ، حتى يقتص لبعضها من بعض ، فيقتص للجماء من القرناء.

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 242




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 11-02-2010, 04:32 PM
المشاركة 87

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المطلب الرابع: متى يقتص للمؤمنين بعضهم من بعض
في (صحيح البخاري) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا خلص المؤمنون من النار، حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار ، فيتقاصون مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا نقوا وهذِّبوا ، أذن لهم بدخول الجنة ، فوالذي نفس محمد بيده ، لأحدهم بمسكنه في الجنة أدل بمنزله كان في الدنيا)) .

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 246

المطلب الأول: تعريف الميزان وهل هو واحد أم موازين متعددة؟
في ختام ذلك اليوم ينصب الميزان لوزن أعمال العباد ، يقول القرطبي: وإذا انقضى الحساب كان بعده وزن الأعمال ، لأن الوزن للجزاء ، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة ، فإن المحاسبة لتقدير الأعمال ، والوزن لإظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحسبها . وقد دلت النصوص على أن الميزان ميزان حقيقي ، لا يقدر قدره إلا الله تعالى، فقد روى الحاكم عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يوضع الميزان يوم القيامة ، فلو وزن فيه السماوات والأرض لوسعت . فتقول الملائكة: يا رب لمن يزن هذا ؟ فيقول الله تعالى:: لمن شئت من خلقي. فتقول الملائكة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك)) . وهو ميزان دقيق لا يزيد ولا ينقص {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47] . وقد اختلف أهل العلم في وحدة الميزان وتعدده ، فذهب بعضهم إلى أن لكل شخص ميزاناً ، خاصاً ، أو لكل عمل ميزاناً لقوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47]. وذهب آخرون إلى أن الميزان واحد ، وأن الجمع في الآية إنما هو باعتبار تعدد الأعمال أو الأشخاص. وقد رجح ابن حجر بعد حكايته للخلاف أن الميزان واحد، قال: ولا يشكل بكثرة من يوزن عمله، لأن أحوال القيامة لا تكيف بأحوال الدنيا. وقال السفاريني: قال الحسن البصري: لكل واحد من المكلفين ميزان. قال بعضهم: الأظهر إثبات موازين يوم القيامة لا ميزان واحد ، لقوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ} ، وقوله: {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} [الأعراف: 8] . قال: وعلى هذا فلا يبعد أن يكون لأفعال القلوب ميزان ، ولأفعال الجوارح ميزان ، ولما يتعلق بالقول ميزان . أورد هذا ابن عطية وقال: الناس على خلافه ، وإنما لكل واحد وزن مختص به ، والميزان واحد. وقال بعضهم إنما جمع الموازين في الآية الكريمة لكثرة من توزن أعمالهم . وهو حسن.

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 247

المطلب الثاني: حقيقة الميزان عند أهل السنة
الميزان عند أهل السنة ميزان حقيقي توزن به أعمال العباد وخالف في هذا المعتزلة، وقلة قليلة من أهل السنة. قال ابن حجر: قال أبو إسحاق الزجاج: أجمع أهل السنة على الإيمان بالميزان، وأن أعمال العباد توزن به يوم القيامة، وأن الميزان له لسان وكفتان ويميل بالأعمال ، وأنكرت المعتزلة الميزان ، وقالوا: هو عبارة عن العدل فخالفوا الكتاب والسنة ، لأن الله أخبر أنه يضع الموازين لوزن الأعمال ، ليرى العباد أعمالهم ممثلة ليكونوا على أنفسهم شاهدين . وقال ابن فورك: أنكرت المعتزلة الميزان ، بناءً منهم على أن الأعراض يستحيل وزنها إذ لا تقوم بأنفسها . قال: وقد روى بعض المتكلمين عن ابن عباس أن الله تعالى: يقلب الأعراض أجساماً فيزنها . انتهى . وقد ذهب بعض السلف إلى أن الميزان بمعنى العدل والقضاء ، وعزا الطبري القول بذلك إلى مجاهد . والراجح ما ذهب إليه الجمهور . وذكر الميزان عند الحسن فقال: له لسان وكفتان . وعزا القرطبي تفسير الميزان بالعدل إلى مجاهد والضحاك والأعمش. ولعل هؤلاء العلماء فسروا الميزان بالعدل في مثل قوله تعالى:: {وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: 7-9 ]، فالميزان في هذه الآية العدل ، أمر الله عباده أن يتعاملوا به فيما بينهم ، أما الميزان الذي ينصب في يوم القيامة فقد تواترت بذكره الأحاديث ، وأنه ميزان حقيقي، وهو ظاهر القرآن. وقد رد الإمام أحمد على من أنكر الميزان بأن الله تعالى: ذكر الميزان في قوله: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47 ] . والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر الميزان يوم القيامة ، فمن رد على النبي صلى الله عليه وسلم فقد رد على الله عز وجل. وقد استدل شيخ الإسلام على أن الميزان غير العدل ، وأنه ميزان حقيقي توزن به الأعمال بالكتاب والسنة ، فقال: الميزان: هو ما يوزن به الأعمال ، وهو غير العدل كما دلَّ على ذلك الكتاب والسنة ، مثل قوله تعالى:: {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} [الأعراف: 8] ، {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} [الأعراف:9] ، وقوله: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] . وفي (الصحيحين) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم)) . وقال عن ساقي عبدالله بن مسعود: ((لهما في الميزان أثقل من أحد)) . وفي الترمذي وغيره حديث البطاقة ، وصححه الترمذي والحاكم وغيرهما في الرجل الذي يؤتى به ، فينشر له تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل منها مد البصر ، فيوضع في كفة ، ويؤتى ببطاقة فيها شهادة أن لا إله إلا الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فطاشت السجلات وثقلت البطاقة)) . وهذا وأمثاله مما يبين أن الأعمال توزن بموازين تبين بها رجحان الحسنات على السيئات وبالعكس ، فهو ما به تبين العدل ، والمقصود بالوزن العدل ، كموازين الدنيا . وأما كيفية تلك الموازين فهو بمنزلة كيفية سائر ما أخبرنا به من الغيب. وقد رد القرطبي على الذين أنكروا الميزان وأولوا النصوص الواردة فيه وحملوها على غير محملها قائلاً: قال علماؤنا: ولو جاز حمل الميزان على ما ذكروه ، لجاز حمل الصراط على الدين الحق، والجنة والنار على ما يرد على الأرواح دون الأجساد من الأحزان والأفراح، والشياطين والجن على الأخلاق المذمومة، والملائكة على القوى المحمودة، وهذا كله فاسد، لأنه رد لما جاء به الصادق، وفي (الصحيحين): ((فيعطى صحيفة حسناته)) ، وقوله: فيخرج له بطاقة، وذلك يدل على الميزان الحقيقي، وأن الموزون صحف الأعمال كما بينا وبالله التوفيق.

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 248




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 11-02-2010, 04:33 PM
المشاركة 88

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المطلب الثالث: الأقوال في الموزون

- ما الذي يوزن في الميزان
اختلف أهل العلم في الموزون في ذلك اليوم على أقوال:الأول: أن الذي يوزن في ذلك اليوم الأعمال نفسها ، وأنها تجسم فتوضع في الميزان، ويدل لذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه في (الصحيح) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلمتان حبيبتان إلى الرحمن ، خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم)) . وقد دلت نصوص كثيرة على أن الأعمال تأتي في يوم القيامة في صورةٍ الله أعلم بها ، فمن ذلك مجيء القرآن شافعاً لأصحابه في يوم القيامة ، وأن البقرة وآل عمران تأتيان كأنهما غمامتان أو غيابتان ، أو فرقان من طير صواف تحاجّان عن أصحابهما . ففي (صحيح مسلم) عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اقرؤوا القرآن ، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه . اقرؤوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران ، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان ، أو غيايتان، أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما)). وروى مسلم أيضاً عن النواس بن سمعان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به ، تقدمه سورة البقرة وآل عمران ، كأنهما غمامتان ، أو ظلتان بينهما شرق، أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما)). وهذا القول رجَّحه ابن حجر العسقلاني ونصره، فقال: والصحيح أن الأعمال هي التي توزن، وقد أخرج أبو داود والترمذي ، وصححه ابن حبان عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما يوضع في الميزان يوم القيامة أثقل من حسن الخلق)) .الثاني: أن الذي يوزن هو العامل نفسه ، فقد دلَّت النصوص على أن العباد يوزنون في يوم القيامة ، فيثقلون في الميزان أو يخفون بمقدار إيمانهم، لا بضخامة أجسامهم، وكثرة ما عليهم من لحم ودهن، ففي (صحيح البخاري) عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة، وقال: اقرؤوا: {فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: 105])) . ويؤتى بالرجل النحيف الضعيف دقيق الساقين فإذا به يزن الجبال ، روى أحمد في (مسنده)، عن زر بن حبيش عن ابن مسعود، ((أنه كان رقيق الساقين، فجعلت الريح تلقيه، فضحك القوم منه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مم تضحكون؟ قالوا: يا نبي الله من رقة ساقيه. قال: والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أحد)) .
وما أحسن ما قال الشاعر:

ترى الرجل النحيف فتزدريه
وفي أثوابه أسد هرير

ويعجبك الطرير فتبتليه
فيخلف ظنك الرجل الطرير

الثالث: أن الذي يوزن إنما هو صحائف الأعمال . فقد روى الترمذي في (سننه) عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة ، فينشر له تسعة وتسعين سجلاً ، كل سجل مثل مد البصر ، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاًَ ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول: لا يا رب ، فيقول: ألك عذر ؟ فيقول: لا يا رب. فيقول الله تعالى: بلى، إن لك عندنا حسنة ، فإنه لا ظلم اليوم ، فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، فيقول: احضر وزنك فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول: فإنك لا تظلم ، فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة ، فطاشت السجلات ، وثقلت البطاقة ، ولا يثقل مع اسم الله شيء)) . وقد مال القرطبي إلى هذا القول ، فقال: والصحيح أن الموازين تثقل بالكتب فيها الأعمال مكتوبة، وبها تخف، .. قال ابن عمر: توزن صحائف الأعمال، وإذا ثبت هذا فالصحف أجسام، فيجعل الله تعالى: رجحان إحدى الكفتين على الأخرى دليلاً على كثرة أعماله بإدخاله الجنة أو النار. وقال السفارييني: والحق أن الموزون صحائف الأعمال ، وصححه ابن عبد البر والقرطبي وغيرهما ، وصوبه الشيخ مرعي في (بهجته)، وذهب إليه جمهور من المفسرين، وحكاه ابن عطية عن أبي المعالي. ولعل الحق أن الذي يوزن هو العامل وعمله وصحف أعماله، فقد دلت النصوص التي سقناها على أن كل واحد من هذه الثلاثة يوزن ، ولم تنف النصوص المثبتة لوزن الواحد منها أن غيره لا يوزن ، فيكون مقتضى الجمع بين النصوص إثبات الوزن للثلاثة المذكورة جميعها. وهذا ما رجحه الشيخ حافظ الحكمي فقال: والذي استظهر من النصوص – والله أعلم – أن العامل وعمله وصحيفة عمله – كل ذلك يوزن ، لأن الأحاديث التي في بيان القرآن ، قد وردت بكل ذلك ، ولا منافاة بينها ، ويدل كذلك ما رواه أحمد – رحمه الله تعالى: – عن عبدالله بن عمرو في قصة صاحب البطاقة بلفظ: قال: قال رسول الله: ((توضع الموازين يوم القيامة ، فيؤتى بالرجل ، فيوضع في كفة ، ويوضع ما أحصي عليه ، فيمايل به الميزان . قال: فيبعث به إلى النار. قال: فإذا أدبر ، إذ صائح من عند الرحمن - عز وجل - يقول: لا تعجلوا ، فإنه قد بقي له ، فيؤتى ببطاقة فيها لا إله إلا الله ، فتوضع مع الرجل في كفة ، حتى يميل به الميزان)) فهذا يدل على أن العبد يوضع هو وحسناته وصحيفتها في كفة وسيئاته مع صحيفتها في الكفة الأخرى ، وهذا غاية الجمع بين ما تفرق ذكره في سائر أحاديث الوزن، ولله الحمد والمنة

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 251


- الأعمال التي تثقل في الميزان أثقل ما يوضع في ميزان العبد حسن الخلق ، فعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أثقل شيء يوضع في ميزان العبد يوم القيامة خلق حسن، وإن الله يبغض الفاحش البذيء)). رواه الترمذي، وروى أبو داود الشطر الأول وفي (صحيحي البخاري ومسلم) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم)) . وفي (صحيح مسلم) عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملآن (أو تملأ) . ما بين السماء والأرض)) . وروى البخاري والنسائي وأحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من احتبس فرساً في سبيل الله ، إيماناً بالله ، وتصديقاً بوعده ، كان شبعه وريه ، وروثه، وبوله ، حسنات في ميزانه يوم القيامة)) .

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 255




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 11-02-2010, 04:36 PM
المشاركة 89

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المطلب الأول: صفة الحوض

يكرم الله عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم في الموقف العظيم بإعطائه حوضاً واسع الأرجاء ، ماؤه أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، وريحه أطيب من المسك ، وكيزانه كنجوم السماء ، يأتيه هذا الماء الطيب من نهر الكوثر ، الذي أعطاه لرسوله صلى الله عليه وسلم في الجنة، ترد عليه أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم، من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً. وقد اختلف أهل العلم في موضعه فذهب الغزالي والقرطبي إلى أنه يكون قبل المرور على الصراط في عرصات القيامة، واستدلوا على ذلك بأنه يؤخذ بعض وارديه إلى النار فلو كان بعد الصراط لما استطاعوا الوصول إليه. واستظهر ابن حجر أن مذهب البخاري أن الحوض يكون بعد الصراط ، لأن البخاري أورد أحاديث الحوض بعد أحاديث الشفاعة، وأحاديث نصب الصراط. وما ذهب إليه القرطبي أرجح، وقد استعرض ابن حجر أدلة الفريقين في كتابه القيم (فتح الباري).

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 257




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 11-02-2010, 04:37 PM
المشاركة 90

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المطلب الثاني: الأحاديث الواردة في الحوض

الأحاديث الواردة في الحوض متواترة، لا شك في تواترها عند أهل العلم بأحاديث
الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد رواها عن الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من خمسين
صحابياً، وقد ذكر ابن حجر أسماء رواة أحاديثه من الصحابة

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 258



ونحن نسوق هنا بعض هذه الأحاديث: فأما عن أنس بن مالك فقال البخاري رحمه الله تعالى:
حدَّثنا آدم حدَّثنا شيبانُ حدثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه قال:
((لما عُرِجَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى السَّماء قال:
أتيت على نهرٍ حافَّتاهُ قبابُ اللؤلؤ المجوَّف فقلتُ ما هذا يا جبريلُ؟ قال هذا الكوثر
))
وقال رحمه الله تعالى: حدَّثنا أبو الوليد حدَّثنا همام عن قتادة عن أنسٍ عن ..
النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. وحدَّثنا هدبة بن خالد حدثنا همامُ حدثنا قتادة حدثنا أنسُ بن مالك
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((بينما أنا أسيرُ في الجنَّةِ إِذ
أنا بنهر حافَّتاهُ قِبابُ الدرِّ المجوَّف، قلت ما هذا يا جبريلُ؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربُّكَ،
فإذا طينه أو طيبه مسك أذفر)) شك هُدْبَة .وقال رحمه الله تعالى: حدثنا سعيدُ بن عفير
قال حدثني ابنُ وهب عن يونس قال ابن شهاب: حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه
أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:
((إِنَّ قدر حوضي كما بين أَيْلَه وصنعاء من اليمن، وإِنَّ فيه مِنَ الأباريقِ بعدد نجوم السماءِ)) ووافقه على إخراجه مسلم بهذا اللفظ ، وبلفظ:
((ما بين ناحيتي حوْضي كما بين صنعاءَ والمدينة
)) وبلفظ ((ترى فيه أباريق الذَّهب والفضة كعدد نجوم السماء)) .
وقال البخاري رحمه الله تعالى: حدثنا مسلم بنُ إبراهيم حدثنا وهيبٌ حدثنا عبد العزيز
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
((لَيَرِدَنَّ عليَّ ناسٌ من أصحابي الحوضَ حتى إذا عرفتهم
اختلجوا دوني، فأقولُ أصحابي، فيقولُ لا تدري ما أحْدثوا بعدك
)) .
ورواه مسلم بلفظ ((إِنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال
ليردن علي الحوض رجالٌ ممن صاحَبني حتى إذا رأيتهم وُرفعوا إليَّ اختلجوا دوني،
فلأقولن أي ربِّ أصيحابي أصيحابي، فليقالنَّ لي إِنَّك لا تدري ما أَحْدَثوا بعدك
))
وأما عن ابن عمر فقال البخاري رحمه الله تعالى: حدثنا مسدَّدُ حدثنا يحيى عن
عبيد الله حدثني نافعُ عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((أمامكم حوضٌ كما بين جرباءَ وأذرُح))
ورواه مسلم بلفظ ((ما بين ناحيتيهِ كما بين جَرْباءَ وأذرُح)) وزاد في رواية
((فيه أباريق كنجوم السماءِ، مَنْ ورده فشرب منه لا يظمأ
بعدها أبداً
)) زاد في أخرى: قال عبيد الله ((
فسألته فقال: قريتين بالشَّامِ بينهما مسيرةُ ثلاث ليال
)) .
وأما عن حارثة بن وهب فقال البخاري رحمه الله تعالى: حدثنا عليُّ بنُ عبدالله حدثنا
حرمي بنُ عمارة حدثنا شعبة عن معبد بن خالد أِنِّه سمع حرثة بن وهب رضي الله
عنه يقول: ((سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم وذكر
الحوض فقال: كما بين المدينةِ وصنعاءَ
)) . وزاد ابن أبي عدي عن
شعبة عن معبد بن خالد عن حارثه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوله:
((حَوْضه ما بين صنعاءَ والمدينة))
فقال له المستورد: ((ألم تسمعْهُ قال الأواني؟ قال لا.
قال المستورد: تُرى فيه الآنيةُ مثل الكواكب
)) .
ورواه مسلم بهذا اللفظ .وأما عن جندب بن عبدالله فقال البخاريُّ رحمه الله تعالى:
حدَّثنا عبدان أخبرني أبي عن شُعبة عن عبد الملك قال: سمعتُ جنْدَباً قال:
سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول ((أَنَا فَرَطُكُمْ على الحوض)) .
ورواه مسلم هكذا. .وأما عن سهل بن سعد فقال البخاريُّ رحمه الله تعالى:
حدَّثنا سعيدُ بن أبي مريم حدثنا محمد بن مطوف حدثني أبو حازم عن حازم عن سهل بن
سعد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ((إنِّي فرطُكُم على
الحوض، من مَرَّ عليَّ شرب، ومَنْ شربَ لم يظمأ أبداً. لَيَرِدَنَّ عليَّ أقوامٌ أعرفهم
ويعرفونني ثمَّ يحالُ بيني وبينهم
)) قال أبو حازم فسمعني النعمان
بن أبي عيَّاش فقال: هكذا سمعت مِنْ سهل؟ فقلت: نعم. فقال: أشهَدُ على أبي سعيد
الخدري لسمعتُهُ هو يزيدُ فيها ((فأقول إنَّهم مِنِّي، فيقالُ:
إنَّك لا تدري ما أحْدَثُوا بعدك، فأقول سُحْقاً سُحقاُ لمن غير بعدي
))
ورواه مسلم وفيه: ((لمن بدل بعدي))
وأما عن عائشة فقال البخاريُّ رحمه الله تعالى:
حدَّثنا خالدُ بن يزيد الكاهليَ حدثنا إسرائيلُ عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عَنْ عائشة
رضي الله عنها قال: سألتُها عن قوله تعالى:
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:1] قالت: ((نهْرٌ أعطيهِ نبيّكُم صلى الله عليه وسلم شاطئاهُ عليه دُرٌّ
مجوَّفٌ آنيته كعدد النجوم
)) وقال مسلم رحمه الله تعالى: حدَّثنا ابن
أبي عمر حدثنا يحيى بن سليم عن ابن خُثيم عن عبدالله بن عبيد الله بن أبي مُليكة
أنَّه سمع عائشة رضي الله عنها تقول: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول
وهو بين ظهراني أصحابه ((إنِّي على الحوض أنتظرُ
مَنْ يردُ عليَّ منكم، فوالله ليقتطعنَّ دوني رجالٌ فلأقولنَّ أي ربِّ منِّي ومن أُمَّتِي
، فيقول: إنَّك لا تدري ما عملوا بعدك ما زالوا يرجعون على أعقابهم
))
وأما عن عقبة بن عامر فقال البخاريُّ رحمه الله تعالى: حدَّثنا عمرو بن خالد حدثنا
الليثُ عن يزيد عن أبي الخير عن عقبة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم
خرج يوماً فصلَّى على أهل أُحُدٍ صلاته على الميِّتِ، ثم انصرف على المنبر فقال:
((إنّي فرطٌ لكم وأنا شهيدٌ عليكم، وإنِّي والله لأنظُرُ إلى
حوضي الآن وإنِّي أعطيت مفاتيح خزائن الأرض – أو مفاتيح الأرض – وإنِّي والله
ما أخاف أن تُشْرِكُوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أنْ تنافسوا فيها
))
ورواه مسلم بهذا اللفظ ، وبلفظ وصلَّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على قتلى
أُحُدٍ، ثم صعد المنبر كالمودِّع للأحياء والأموات فقال:
((إنِّي فرطُكُم على الحوض، وإنَّ عرضه كما بين أيلة
إلى الجُحفة. إنِّي لستُ أخشى عليكم أنْ تشركوا بعدي، ولكنِّي أخشى عليكم الدنيا
أنْ تنافسوا فيها وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم
)).
قال عقبة: وكانت آخر ما رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على المنبر .
وأمَّا عن عبدالله بن مسعود فقال البخاريُّ رحمه الله تعالى: حدَّثنا يحيى بن حمَّاد
حدَّثنا أبو عوانة عن سليمان عن شقيق عن عبدالله رضي الله عنه عَنِ
النبي صلى الله عليه وسلم ((أنا فرطُكُمْ على الحوضِ)) .وحدثني عمرو بن علي حدَّثنا محمدُ بن جعفر حدَّثنا شُعبةُ عن المغيرة
قال سمعتُ أبا وائل عن عبدالله رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال ((أنا فرطُكُم على الحوض، وليُرْفَعَنَّ رجالٌ منكم ثم لَيُختلَجُنَّ
دوني فأقول يا ربِّ: أصحابي، فيقال إنَّك لا تدري ما أحْدثوا بعدك
))
تابعه عاصم عن أبي وائل، وقال حصين عن أبي وائل عن حذيفة عن النبي
صلى الله عليه وسلم . وروى مسلم حديث ابن مسعود بلفظ قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أنا فَرَطُكُم على
الحوض ولأُنازعنَّ أقواماً ثم لأُغلبَنَّ عليهم فأقولُ: يا ربِّ أصحابي أصحابي فيقالُ:
إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك
)) . وأشار إلى حديث حذيفة بنحو رواية
الأعمش ومغيرة.وأما عن أبي هريرة فقال البخاريُّ رحمه الله تعالى: حدَّثنا إبراهيمُ
بنُ المنذر الحزامي حدَّثنا محمدُ بن فليح حدثنا أبي قال حدثنا هلال عن عطاء بن يسار
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
((بينا أنا قائمٌ فإذا زمرةٌ حتى إذا عرفتهم خرجَ رجلٌ من
بيني وبينهم فقال هلمَّ، فقلت إلى أين؟ قال إلى النَّار واللهِ، قلت وما شأنهم، قال إنهم
ارتدُّوا بعدك على أدبارهم القهقري، ثم إذا زمرةٌ حتى إذا عرفتهم خرجَ رجلٌ من
بيني وبينهم قال هلمَّ، قلت إلى أين؟ قال إلى النَّار واللهِ، قلت ما شأنهم، قال إنهم
ارتدُّوا بعدك على أدبارهم القهقري فلا أراهُ يخلصُ منهم إلا مثل همل النِّعم
)) .
وله عنه أنه كان يحدِّث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
((يردُ عليَّ يوم القيامة رهطٌ من أصحابي فيحلأون عن
الحوض فأقولُ يا ربِّ أصحابي، فيقولُ إنَّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنَّهم ارتدُّوا على
أدبارهم القهقري
)) .وله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما بين بيتي ومنبري روضةٌ من رياض الجنة، ومنبري على حوضي)) وقال مسلمٌ رحمه الله تعالى: حدَّثنا عبدالرحمن بن سلامٍ الجمحي حدَّثنا
الربيع يعني ابن مسلم عن محمد بن زياد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيّ
صلى الله عليه وسلم قال ((لأذودنَّ عن حوضي رجالاً
كما تذادُ الغريبة من الإبل
)) وله عن أبي حاتم عنه رضي الله عنه أنَّ
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((إِنَّ حوضي أبعد من
أيلة من عدنٍ، لهو أشدُّ بياضاً من الثلج وأحلى من العسل باللَّبن، ولآنيتُهُ أكثر من عدد
النجوم، وإنِّي لأصدُّ الناس عنه كما يصدُّ الرجل إبل الناس عن حوضه، قالوا يا رسولَ
اللهِ أتعرفنا يومئذٍ. قال: نعم، لكم سيما ليست لأحدٍ من الأمم، تردون عليَّ غُرَّاً محجَّلين
من أثر الوضوء
)) وأما عن عبدالله بن عمرو بن العاص فقال البخاريُّ
رحمه الله تعالى: حدَّثنا سعيد بن أبي مريم حدَّثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال:
قال عبدالله بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم
((حَوْضي مسيرةُ شهرٍ ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب
من المسك وكيزانه كنجوم السماء من شرب منها فلا يظمأ أبداً
)) ،
ورواه مسلم بلفظ: ((حوضي مسيرة شهرٍ وزواياه سواء
وماؤُه أبيض من الورِقِ وريحُهُ أطيبُ من المسك وكيزانه كنجوم السماءِ، فمن شرب
منه فلا يظمأ بعده أبداً
)) .وأما عن ابن عباس فهو ما تقدم في أول الباب،
وروى ابنُ جرير عن سعيد بن جبير عنه رضي الله عنه قال: الكوثرُ نهرٌ في الجنَّة
حافَّتاه من ذهبٍ وفضةٍ يجري على الياقوت والدُرَّ ماؤُه أبيض من الثلج وأحلى من
العسل .وله عن عطاء بن السائب قال قال لي محارب بن دثار: ما قال سعيد بن
جبير في الكوثر؟ قلت: حدَّثنا عن ابن عباس: أنه الخير الكثير، فقال صدق والله
إنه للخير الكثير، ولكن حدَّثنا ابن عمر قال:
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:1]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((الكوثر نهرٌ في الجنَّة حافَّتاه من ذهبٍ يجري على الدر والياقوت)) .
وأما عن أسماء فقال البخاريُّ رحمه الله تعالى: حدَّثنا سعيدُ بن أبي مريم عن نافع بن
عمر، قال حدثني بن أبي مليكة عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت:
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنِّي على الحوض
حتى أنظر من يردُ عليَّ منكم، وسيؤْخذ ناسٌ دوني فأقول: يا ربِّ مِنِّي ومن أُمَّتي، فيقال:
هل شعرت ما عملوا بعدك واللهِ ما برحوا يرجعون على أعقابهم
)).
وكان ابن أبي مليكة يقول ((اللَّهُمَّ إنَّا نعوذ بك أَنْ نرجع
على أعقابنا أو نُفتن عن ديننا
)) ورواه مسلم بسند حديث عبدالله بن
عمرو متصلا بمتنه ولفظه كلفظ البخاري .وأما عن ثوبان فقال مسلمٌ رحمه الله تعالى:
حدَّثنا أبو غسان المسمعيُّ ومحمد بن المثنى وابنُ بشار وألفاظهم متقاربة قالوا:
حدَّثنا معاذُ وهو ابنُ هشام حدَّثني أبي عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان
بن أبي طلحة اليعمريُّ عن ثوبان رضي الله عنه أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إِنِّي لَبِعُقْرِ حوضي أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي
حتى يرفض عليهم، فسئل عن عرضه فقال: من مقامي إلى عمّان، وسُئل عن شرابه
فقال: أشدُّ بياضاً من اللبن وأحلى من العسل يغت فيه ميزابان يمدَّانه من الجنة
أحدهما من ذهبٍ والآخر من ورق
)) .وقال الترمذي رحمه الله تعالى:
حدَّثنا محمد بن إسماعيل أنبأنا يحيى بن صالح أنبأنا محمدُ بن مهاجر عن العباس عن
أبي سلام الحبشي قال: بعث إليّ عمر بن عبد العزيز فحملت على البريد فلمَّا دخل
عليه قال: يا أميرَ المؤمنين لقد شقَّ عليَّ مركبي البريد. فقال: يا أبا سلاّم ما أردت
أن أشق عليك، ولكن بلغني عنك حديث تحدِّثه عن ثوبان عن النَّبيّ..
صلى الله عليه وسلم في الحوض فأحببت أن تشافهني به، قال أبو سلام:
حدَّثني ثوبانُ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
((حوضي من عدن إلى عمَّان البلقاءِ، ماؤُه أشدُّ بياضاً
من اللبن وأَحْلى من العسل، وأكوابه عدد نجوم السماء، من شرب منه لم يظمأ بعدها
أبداً، أوَّل الناس وروداً عليه فقراء المهاجرين، الشُّعث رؤوساً الدُّنس ثياباً، الذين
لا ينكحون المتنعمات ولا تفتح لهم السدد
)) قال عمر:
لكنِّي نكحت المتنعمات وفتحت لي السدد، ونكحت فاطمة بنت عبد الملك، لا جرم إِنِّي
لا أغسل رأسي حتى يشعث، ولا أغسل ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ .
ورواه ابن ماجه بلفظ ((إنَّ حوضي ما بين عدنٍ إلى
أيلة أشدُّ بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، أكاويبه كعدد نجوم السماء، من شرب
منه شربةً لم يظمأ بعدها أبداً
)) الحديث وفيه قال: فبكى عمر حتى
اخضلت لحيته.
وفيه ((ولا أدهن رأسي حتى يشعث)) .
وأما عن أبي ذر فقال مسلمٌ رحمه الله تعالى: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق
بن إبراهيم واللفظ لابن أبي شيبة، قال إسحاق أخبرنا - وقال الآخران حدثنا -
عبد العزيز بن عبد الصمد العمى عن أبي عمران الجوني عن عبدالله بن الصامت
عن أبي ذر قال: ((قلتُ يا رسول الله ما آنية الحوض؟
قال: والذي نفس محمدٍ بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها، ألا في
الليلة المظلمة المصحية. آنية الجنة من شرب منها لم يظمأ آخر ما عليه يشخُب
فيه ميزابان من الجنة من شرب منه لم يظمأ. عرضه مثل طوله ما بين عمَّان
إلى أيْلة ماؤُه أشدُّ بياضاً من اللبن وأحلى من العسل
))
رواه الترمذي بهذا اللفظ وقال: حسن صحيح غريب .وأمَّا عن أم سلمة رضي
الله عنها فقال مسلمُ بن الحجاج: حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفيُّ أخبرني
عبدالله بن وهب أخبرني عمرو وهو ابن الحارث أنَّ بكيراً حدَّثه عن القاسم بن عباس
الهاشمي عن عبدالله بن رافع مولى أم سلمة عن أُمِّ سلمة زوج النبي..
صلى الله عليه وسلم أنَّها قالت:
((كُنت أسمع الناس يذكرون الحوض ولم أسمع ذلك
من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان يوماً من ذلك والجارية تمشُطني
فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيُّها الناس. فقلت للجارية:
استأخري عني. قالت: إنَّما دعا الرجال ولم يدع النساء. فقلت: إنِّي من الناس.
فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لكم فرطٌ على الحوض، فإيَّاي لا يأْتينَّ
أحدكم فيذبُّ عني كما يذبُّ البعير الضال، فأقول فيم هذا؟ فيقال: إنَّك لا تدري ما أحدثوا
بعدك فأقول سحقاً
)) .وأما عن جابر بن سمرة فقال مسلم رحمه الله تعالى:
حدَّثني الوليد بن شجاع بن الوليد السَّكوني حدثني أبي رحمه الله تعالى: حدَّثني
زياد بن خيثمة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة عن رسولِ الله..
صلى الله عليه وسلم قال:
((ألا إِنِّي فرطٌ لكم على الحوض، وإِنَّ بُعْدَ ما بين
طرفيه كما بين صنعاء وأَيلة، كأَنَّ الأباريق فيه النجوم
)) .
وأَمَّا عن زيد بن أرقم فقال أبو داود رحمه الله تعالى: حدَّثنا حفص بن عمر النمري
حدَّثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة عن زيد بن أرقم قال:
((كُنَّا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فنزلنا منزلاً فقال:
ما أنتم بجزءٍ من مائة ألف جزءٍ ممَّن يرد عليَّ الحوض. قال قلت: كم كنتم يومئذٍ؟
قال: سبعمائة أو ثمانمائة
)) .وأما عن سمرة بن جندب فقال الترمذيُّ
رحمه الله تعالى: حدَّثنا أحمد بنُ نيزك البغداديُّ أنبأنا محمد بكَّار الدمشقي أنبأنا سعيد
بن بشير عن قتادة عن الحسن بن سمرة قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
((إِنَّ لكلِّ نبيٍّ حوضاً وإِنَّهم يتباهون أَيُّهم أكثر وارده،
وإِنِّي أرجو أن أكون أكثرهم وارده
)) .وقال ابن ماجه رحمه الله تعالى:
حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن أبي مالك سعدِ بن طارق عن
ربعيِّ عن حذيفة قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
((إِنَّ حوضي لأبعد من أيلة إلى عدنٍ، والذي نفسي بيده لآنيته أكثر من عدد النجوم،
ولهو أشدُّ بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، والذي نفسي بيده إِنِّي لأذود عنه
الرجال كما يذود الرجل الإبل الغريبة عن حوضه. قيل: يا رسول الله أتعرفنا؟
قال: نعم تردون عليَّ غُرّاً محجَّلين من أَثر الوضوء، ليست لأحدٍ غيركم
)) .
ورواه مسلم في الطهارة بهذا اللفظ وبهذا السند .وأما عن أبي برزة فقال
أبو داود رحمه الله تعالى: حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم حدَّثنا عبد السلام بن أبي حازم
أبو طالوت قال: شهدتُ أبا برزة دخل على عبيدِ الله بن زيادٍ فحدَّثني فلانٌ سماه
مسلم وكان في السِّماط فلما رآه عبيدُ اللهِ قال إِنَّ محمديكم هذا لدحداح، ففهمها
الشيخ فقال: ما كنت أحسب أَنِّي أبقى في قومٍ يعيروني بصحبةِ
محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فقال له عبيد الله: إِنَّ صحبة محمدٍ صلى الله عليه وسلم
لك زين غير شين، ثم قال: إِنَّما بعثت إليك لأسألك عن الحوض، سمعت رسولَ اللهِ
صلى الله عليه وسلم يذكر فيه شيئاً؟ فقال أبو برزة: نعم لا مرَّة ولا اثنتين ولا ثلاثاً
ولا أربعاً ولا خمساً، فمن كذب به فلا سقاهُ الله منه، ثم خرج مغضباً .
وأما حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ فقال ابن ماجه رحمه الله تعالى: حدَّثنا أبو بكر بن أبي
شيبة حدَّثنا محمد بنُ بشرٍ حدَّثنا زكريا حدَّثنا عطية عن أبي سعيد الخدري أَن
النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:
((إِنَّ لي حوضاً ما بين الكعبة وبيت المقدس أبيض من
اللبن آنيته عدد النجوم، وإِنِّي لأكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة
)) .
وأما عن عبدالله بن زيد فرواه البخاري ومسلم عنه مطولاً في قصة قسم غنائم حنين،
وفي آخره قوله صلى الله عليه وسلم للأنصار رضي الله عنهم:
((إنَّكم ستلقوْنَ بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلْقَوْنِي على الحوض)) وأما عن أسامة بن زيد فقال ابن جرير رحمه الله تعالى:
حدَّثني البرني حدَّثنا ابن أبي مريم حدَّثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير أخبرني حرامُ بنُ
عثمان عن عبدالرحمن الأعرج عن أسامة بن زيد:
((أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أتى حمزة
بن عبد المطلب فلم يجده فسأل عنه امرأته وكانت من بني النجار فقالت:
خرج يا نبيَّ الله عامداً نحوك، فأظنُّه أخطأك في بعض أزقة بني النجار. أوَلا تدخل
يا رسول الله؟ فدخل، فقدمت إليه حيساً فأكل منه، فقالت: يا رسولَ الله هنيئاً لك
ومريئاً، لقد جئت وأنا أريد أن آتيك لأهنيك وأمريك، أخبرني أبو عمارة أنَّك أعطيت
نهراً في الجنة يدعى الكوثر. فقال: أجل وعرضه – يعني أرضه –
ياقوت ومرجان وزبرجد ولؤلؤ
)) . قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
حرام بنُ عثمان ضعيف، ولكن هذا سياق حسن، وقد صحّ أصل هذا بل قد تواتر من
طرق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث .اهـ. قلت: وقد ذكرنا منها ما تيسر.
وفي الباب عدة أحاديث غير ما ذكرنا، ولمن ذكرنا من الصحابة أحاديث أخر لم نذكرها،
ولهم روايات في الأصول التي عزونا إليها غير ما سقناه، وإنما أشرنا إشارة إلى
بعضها لتعرف شهرة هذا الباب واستفاضته وتواتره مع الإيجاز والاختصار.
ولله الحمد والمنة.

معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي - ص 1047



وقد أورد القرطبي في (التذكرة) بعض الأحاديث
التي سقناها ثم قال: قال علماؤنا رحمة الله عليهم أجمعين: فكل من ارتد عن دين الله
أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله، ولم يأذن به الله فهو من المطرودين عن الحوض،
المبعدين عنه، وأشدهم طرداً من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم كالخوارج
على اختلاف فرقها، والروافض على تباين ضلالها، والمعتزلة على أصناف أهوائها،
فهؤلاء كلهم مبدلون. وكذلك الظلمة المسرفون في الجور وتطميس الحق وقتل أهله
وإذلالهم والمعلنون بالكبائر المستخفون بالمعاصي وجماعة أهل الزيغ والأهواء
والبدع . ثم البعد قد يكون في حال ، ويقربون بعد المغفرة إن كان التبديل في الأعمال ،
ولم يكن في العقائد ، وعلى هذا يكون نور الوضوء يعرفون به ، ثم يقال لهم:
سحقاً، وإن كانوا من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
يُظهرون الإيمان ويسرون الكفر فيأخذهم بالظاهر ، ثم يكشف لهم الغطاء فيقال لهم:
سحقاً سحقاً، ولا يخلد في النار إلا كل جاحد مبطل، ليس في قلبه مثقال حبة من
خردل من إيمان.

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 262






عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. آلجُزْْءْ آلثآني ]] | ▐الخلــود ▐| ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 19 15-12-2009 09:29 AM
المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. آلجُزْْءْ الآوَلْ ]] | ▐الخلــود ▐| ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 24 15-12-2009 09:04 AM

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


الساعة الآن 09:42 PM.