قديم 16-12-2009, 03:33 AM
المشاركة 63

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الشافي

الشفاء في اللغة هو البرء من المرض يقال: شفاه الله يشفيه، واشتفى
افتعل منه، فنقله من شفاء الأجسام إلى شفاء القلوب والنفوس والله
سبحانه وتعالى هو الشافي فعن عائشة رضي الله عنها
((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوِّذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى
ويقول: اللهم رب الناس أذهب الباس اشفه وأنت الشافي، لا شفاء
إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً
)) ((وقال أنس رضي الله عنه لثابت
البناني حينما اشتكى إليه: ألا أرقيك برقية رسول الله صلى الله علية وسلم؟
قال: بلى قال: اللهم رب الناس مذهب الباس اشفي أنت الشافي
لا شافي إلا أنت شفاء لا يغادر سقماً
)) فالله عز وجل هو الشافي
من الأمراض والعلل والشكوك وشفاؤه شفاءان أو نوعان: النوع الأول:
الشفاء المعنوي الروحي وهو الشفاء من علل القلوبالنوع الثاني:
الشفاء المادي وهو الشفاء من علل الأبدان وقد ذكر عز وجل هذين
النوعين في كتابه وبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في
سنته فقال صلى الله عليه وسلم(ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء))
النوع الأول: شفاء القلوب والأرواح قال الله عز وجل:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى
وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ
} [يونس:57]
والموعظة:هي ما جاء في القرآن الكريم من الزواجر عن الفواحش
والإنذار عن الأعمال الموجبة لسخط الله عز وجل المقتضية لعقابه
والموعظة هي الأمر والنهي بأسلوب الترغيب والترهيب، وفي هذا
القرآن الكريم شفاء لما في الصدور من أمراض الشبه، والشكوك
والشهوات، وإزالة ما فيها من رجس ودنس فالقرآن الكريم فيه الترغيب
والترهيب، والوعد، والوعيد وهذا يوجب للعبد الرغبة والرهبة، وإذا وجدت
فيه الرغبة في الخير والرهبة عن الشر ونمتا على تكرر ما يرد إليها من
معاني القرآن أوجب ذلك تقديم مراد الله على مراد النفس وصار ما يرضي
الله أحب إلى العبد من شهوة نفسه وكذلك ما فيه من البراهين والأدلة
التي صرفها الله غاية التصريف، وبينها أحسن بيان مما يزيل الشبه القادحة
في الحق، ويصل به القلب إلى أعلى درجات اليقين وإذا صلح القلب من
مرضه تبعته الجوارح كلها فإنها تصلح بصلاحه، وتفسد بفساده وهذا القرآن
هدى ورحمة للمؤمنين وإنما هذه الهداية والرحمة للمؤمنين المصدقين
الموقنين كما قال تعالى:
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا}
[الإسراء:82] وقال:{هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ
وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ
} [فصلت:44]
فالهدى هو العلم بالحق والعمل به، والرحمة ما يحصل من الخير والإحسان
والثواب العاجل والآجل، لمن اهتدى بهذا القرآن العظيم فالهدى أجل الوسائل
والرحمة أكمل المقاصد والرغائب ولكن لا يهتدي به، ولا يكون رحمةً إلا في
حق المؤمنين، وإذا حصل الهدى، وحصلت الرحمة الناشئة عن الهدى حصلت
السعادة، والربح، والنجاح، والفرح والسرور ولذلك أمر الله بالفرح بذلك فقال:
{قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}
[يونس:58] والقرآن مشتمل على الشفاء والرحمة وليس ذلك لكل أحد
وإنما ذلك كله للمؤمنين به المصدقين بآياته العاملين به أما الظالمون بعدم
التصديق به، أو عدم العمل به، فلا تزيدهم آياته إلا خساراً إذ به تقوم عليهم
الحجة والشفاء الذي تضمنه القرآن شفاء القلوب وشفاء الأبدان من آلامها
وأسقامها فالله عز وجل يهدي المؤمنين {هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ}
يهديهم لطريق الرشد، والصراط المستقيم، ويعلمهم من العلوم النافعة
ما به تحصل الهداية التامة ويشفيهم تبارك وتعالى بهذا القرآن من الأسقام
البدنية والأسقام القلبية لأن هذا القرآن يزجر عن مساوئ الأخلاق وأقبح
الأعمال ويحثُّ على التوبة النصوح التي تغسل الذنوب وتشفي القلوب
وأما الذين لا يؤمنون بالقرآن ففي آذانهم صمم عن استماعه وإعراض
وهو عليهم عمىً فلا يبصرون به رشداً ولا يهتدون به ولا يزيدهم إلا ضلالاً
وهم يدعون إلى الإيمان فلا يستجيبون وهم بمنزلة الذي ينادى وهو في مكان
بعيد لا يسمع داعياً ولا يجيب منادياً والمقصود: أن الذين لا يؤمنون بالقرآن
لا ينتفعون بهداه ولا يبصرون بنوره ولا يستفيدون منه خيراً لأنهم سدوا على
أنفسهم أبواب الهدى بإعراضهم وكفرهم ويجد الإنسان مصداق هذا القول
في كل زمان وفي كل بيئة فناس يفعل هذا القرآن في نفوسهم فينشئها
إنشاءً ويحييها إحياءً ويصنع بها ومنها العظائم في ذاتها وفيما حولهاوناس
يثقل هذا القرآن على آذانهم وعلى قلوبهم ولا يزيدهم إلا صمماً وعمىً
وقلوبهم مطموسة لا تستفيد من هذا القرآن وما تغيَّر القرآن ولكن تغيرت
القلوب، والله عز وجل يشفي صدور المؤمنين بنصرهم على أعدائهم
وأعدائه قال سبحانه:{قاتلوهم يعذبهم قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ
وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ
عَلَى مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
} [التوبة:14-15] فإن في قلوب المؤمنين
الحنق والغيظ عليهم فيكون قتالهم شفاء لما في قلوب المؤمنين من الغم
والهم، إذ يرون هؤلاء الأعداء محاربين لله ولرسوله ساعين في إطفاء نور الله
فيزيل الله ما في قلوبهم من ذلك وهذا يدل على محبة الله للمؤمنين واعتنائه
بأحوالهم النوع الثاني: شفاء الله للأجساد والأبدان: والقرآن كما إنه شفاء
للأرواح والقلوب فهو شفاء لعلل الأبدان كما تقدم فإن فيه شفاء للأرواح
والأبدان فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
((أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتوا على حي من أحياء
العرب، فلم يقروهم فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك، فقالوا: هل معكم
من دواء أو راقٍ؟ فقالوا إنكم لم تقرونا ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلاً فجعلوا
لهم قطيعاً من الشاء فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ، فأتوا
بالشاء فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي صلى الله عليه وسلم
فسألوه فضحك وقال: وما أدراك أنها رقية خذوها واضربوا لي بسهم
))
وعن عائشة رضي الله عنها: ((أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا
اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتد وجعه كنت أقرأ
عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها
)) قال ابن القيم رحمه الله:
ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة فما الظن بكلام رب
العالمين الذي فضله على كل كلام كفضل الله على خلقه الذي هو الشفاء
التام والعصمة النافعة، والنور الهادي والرحمة العامة الذي لو أنزل على جبل
لتصدَّع من عظمته وجلالته قال تعالى:
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء:82]
ومن هنا لبيان الجنس لا للتبعيض هذا هو أصح القولين وعلى هذا
فالقرآن فيه شفاء لأرواح المؤمنين وشفاء لأجسادهم والله عز وجل هو
الشافي من أمراض الأجساد وعلل الأبدان قال عز وجل:
{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا
يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا
شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
}
[النحل:68-69] قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى:
{يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ}: ما بين أبيض
وأصفر، وأحمر وغير ذلك من الألوان الحسنة على اختلاف مراعيها ومأكلها
منها، وقوله {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} أي في العسل شفاء للناس من أدواء
تعرض لهم قال بعض من تكلم على الطب النبوي: لو قال شفاء للناس
لكان دواء لكل داء ولكن قال فيه شفاء للناس أي يصلح لكل أحدٍ من أدواءٍ
باردة فإنه حار والشيء يداوى بضده والدليل على أن المراد بقوله تعالى:
{فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} هو العسل، ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي استطلق بطنه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسقه عسلاً فسقاه ثم جاءه فقال:
إني سقيته عسلاً فلم يزده إلا استطلاقاً فقال له ثلاث مرات ثم جاء الرابعة
فقال: اسقه عسلاً فقال لقد سقيته فلم يزده إلا استطلاقاً فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: صدق الله وكذب بطن أخيك فسقاه فبرأ
))
قال بعض العلماء بالطب: كان هذا الرجل عنده فضلات فلما سقاه عسلاً
وهو حار تحللت فأسرعت في الاندفاع فزاده إسهالاً فاعتقد الأعرابي أنَّ
هذا يضره وهو مصلحة لأخيه ثم سقاه فازداد ثم سقاه فكذلك فلما اندفعت
الفضلات الفاسدة المضرة بالبدن استمسك بطنه وصلح مزاجه واندفعت
الأسقام والآلام ببركة إشارته عليه الصلاة والسلام وعن ابن عباس
رضي الله عنهما مرفوعا قال: ((الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة
محجم، وكية نار، وأنا أنهى أمتي عن الكي
)) والله عز وجل هو الذي
هدى هذه النحلة الصغيرة هذه الهداية العجيبة ويسَّر لها المراعي ثم
الرجوع إلى بيوتها التي أصلحتها بتعليم الله لها وهدايته لها ثم يخرج من
بطونها هذا العسل اللذيذ مختلف الألوان بحسب اختلاف أرضها ومراعيها
فيه شفاء للناس من أمراض عديدة فهذا دليل على كمال عناية الله تعالى
وتمام لطفه بعباده وأنه الذي ينبغي أن لا يحب غيره ولا يدعى سواه
وأخبر الله عز وجل عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام
بقوله تبارك وتعالى: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ
} [الشعراء:78-80] قال ابن كثير رحمه الله في
تفسيره لقوله تعالى:{وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} أسند إبراهيم عليه الصلاة
والسلام المرض إلى نفسه وإن كان عن قدر الله وقضائه، وخلقه ولكن أضافه
إلى نفسه أدباً ومعنى ذلك: إذا وقعت في مرض فإنه لا يقدر على شفائي
أحد غيره بما يقدر تبارك وتعالى من الأسباب الموصلة إلى الشفاء
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرشد الأمة إلى طلب الشفاء من الله
الشافي الذي لا شفاء إلا شفاؤه ومن ذلك ما رواه مسلم وغيره عن عثمان
بن العاص أنه اشتكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في
جسده منذ أسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثاً وقل سبع مرات
أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر
)) وعن ابن عباس رضي الله عنهما
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من عاد مريضاً لم يحضر أجله
فقال سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه
الله من ذلك المرض
)) فهذا تعليم من النبي صلى الله عليه وسلم لأمته أن
يعتمدوا على ربهم مع الأخذ بالأسباب المشروعة فإنَّ الله عز وجل هو
الشافي لا شفاء إلا شفاءه وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه
بالشفاء، لأنه هو الذي يملك الشفاء والشفاء بيده تبارك وتعالى قال
صلى الله عليه وسلم لسعدٍ: ((اللهم اشف سعداً، اللهم اشف سعداً
اللهم اشف سعداً
)) وقد كان صلى الله عليه وسلم يرقي بعض أصحابه
ويطلب الشفاء من الله الشافي: ((بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى
سقيمنا بإذن ربنا
)) وقد أوضح صلى الله عليه وسلم أن الله هو الذي أنزل
الدواء وهو الشافي فقال صلى الله عليه وسلم:
((ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء)) وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه
مسلم عن جابر رضي الله عنهما أنه قال: ((لكل داء دواء فإذا أصيب دواء
الداء برأ بإذن الله عزَّ وجل
)) وقال عليه الصلاة والسلام:
((إنَّ الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداووا بحرام))
و((جاءت الأعراب فقالت: يا رسول الله ألا نتداوى؟ فقال صلى الله عليه وسلم:
نعم يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء، إلا داء
واحداً فقالوا يا رسول الله ما هو؟ قال:الهرم
)) وعن عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ما أنزل الله داءً إلا قد أنزل له شفاءً علمه من علمه وجهله من جهله))
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: فقد تضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب
والمسببات وإبطال قول من أنكرها ويجوز أن يكون قوله ((لكل داء دواء))
على عمومه حتى يتناول الأدواء القاتلة والأدواء التي لا يمكن للطبيب أن
يبرئها ويكون الله عز وجل قد جعل لها أدوية تبرئها، ولكن طوى علمها عن
البشر ولم يجعل لهم إليه سبيلاً لأنه لا علم للخلق إلا ما علمهم الله
فالله عز وجل هو الشافي الذي يشفي من يشاء ويطوي علم الشفاء
عن الأطباء إذا لم يرد الشفاء .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص224

الشاكر، الشكور

قال الله تعالى: {وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة:158]
وقال تعالى: {إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ}
[التغابن:17] {وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء:147] من أسمائه تعالى
(الشاكر، الشكور) الذي لا يضيع سعي العاملين لوجهه بل يضاعفه
أضعافاً مضاعفة، فإنَّ الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وقد أخبر في كتابه
وسنة نبيه بمضاعفة الحسنات الواحدة بعشر إلى سبعمائة إلى أضعاف
كثيرة، وذلك من شكره لعباده، فبعينه ما يتحمل المتحملون لأجله ومن فعل
لأجله أعطاه فوق المزيد، ومن ترك شيئاً لأجله عوضه خيراً منه، وهو الذي
وفق المؤمنين لمرضاته ثم شكرهم على ذلك وأعطاهم من كراماته، ما لا
عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وكل هذا ليس حقاً واجباً
عليه، وإنما هو الذي أوجبه على نفسه جوداً منه وكرماً وليس فوقه سبحانه
من يوجب عليه شيئاً قال تعالى: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}
[الأنبياء:23] فلا يجب عليه سبحانه إثابة المطيع، ولا عقاب العاصي بل
الثواب محض فضله وإحسانه، والعقاب محض عدله وحكمته؛ ولكنه سبحانه
الذي أوجب على نفسه ما يشاء فيصير واجباً عليه بمقتضى وعده الذي
لا يخلف كما قال تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ
سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
} [الأنعام:54]
وكما قال سبحانه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:47] ومذهب
أهل السنة أنه ليس للعباد حق واجب على الله وأنه مهما يكن من حق
فهو الذي أحقه وأوجبه ولذلك لا يضيع عنده عمل قام على الإخلاص والمتابعة
للنبي صلى الله عليه وسلم فإنهما الشرطان الأساسيان لقبول الأعمال
فما أصاب العباد من النعم ودفع النقم، فإنه من الله تعالى فضلاً منه وكرماً
وإن نعَّمهم فبفضله وإحسانه، وإن عذبهم فبعدله وحكمته، وهو المحمود
على جميع ذلك .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص124

الشهيد

أي المطلع على جميع الأشياء سمع جميع الأصوات، خفيها وجليَّها وأبصر
جميع الموجودات، دقيقها وجليلها، صغيرها وكبيرها وأحاط علمه بكل شيء
الذي شهد لعباده، وعلى عباده، بما علموه، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي
رحمه الله تعالى: (الرقيب) و(الشهيد) مترادفان، وكلامها يدلُّ على إحاطة
سمع الله بالمسموعات، وبصره بالمبصرات، وعلمه بجميع المعلومات الجلية
والخفية، وهو الرقيب على ما دار في الخواطر، وما تحركت به اللواحظ
ومن باب أولى الأفعال الظاهرة بالأركان، قال تعالى:
{إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1] {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}
[المجادلة:6] ولهذا كانت المراقبة التي هي من أعلى أعمال القلوب هي
التعبد لله باسمه الرقيب الشهيد، فمتى علم العبد أنَّ حركاته الظاهرة
والباطنة قد أحاط الله بعلمها، واستحضر هذا العلم في كل أحواله، أوجب له
ذلك حراسة باطنة عن كل فكر وهاجس يبغضه الله، وحفظ ظاهره عن كل قول
أو فعل يسخط الله، وتعبَّد بمقام الإحسان فعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه
فإن الله يراه فإذا الله كان رقيباً على دقائق الخفيات، مطلعاً على السرائر
والنيات، كان من باب أولى شهيداً على الظواهر والجليات، وهي الأفعال
التي تفعل بالأركان أي الجوارح .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص110

الطيب

وهو اسم له، ثابت بالسنة الصحيحة حديـث أبي هريرة رضي الله عنه:
((أيها الناس إنَّ الله طَيَّبٌ لا يقبل إلا طَيَّباً )) .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص235

العزيز، القدير، القادر، المقتدر، القوي، المتين

هذه الأسماء العظيمة معانيها متقاربة، فهو تعالى كامل القوة، عظيم القدرة
شامل العزة {فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا} [يونس:65] وقال تعالى:
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} [هود:66] فمعاني العزة الثلاثة كلها كاملة لله العظيم
عزة القوة الدال عليها من أسمائه القوي المتين، وهي وصفه العظيم الذي
لا تنسب إليه قوة المخلوقات وإن عظمت قال الله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:58] وقال:
{وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الممتحنة:7]، وقال عز وجل:
{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ
أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ
} [الأنعام:65]، وقال تعالى:
{وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا} [الكهف:45]، وقال عز وجل:
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ}
[القمر:55-56]
وعزة الامتناع فإنه هو الغني بذاته، فلا يحتاج إلى أحد ولا يبلغ العباد
ضره فيضرونه، ولا نفعه فينفعونه، بل هو الضار النافع المعطي المانع وعزة
القهر والغلبة لكل الكائنات فهي كلها مقهورة لله خاضعة لعظمته منقادة
لإرادته، فجميع نواصي المخلوقات بيده، لا يتحرك منها متحرك ولا يتصرف
متصرف إلا بحوله وقوته وإذنه، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن
ولا حول ولا قوة إلا به فمن قوته واقتداره أنه خلق السماوات والأرض
وما بينهما في ستة أيام، وأنه خلق الخلق ثم يميتهم ثم يحييهم ثم إليه
يرجعون: {مَّا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لقمان:28]
{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم:27]، ومن آثار
قدرته أنك ترى الأرض هامدة، فإذا أنزل عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت
من كل زوج بهيج، ومن آثار قدرته ما أوقعه بالأمم المكذبين والكفار
الظالمين من أنواع العقوبات وحلول المثلات، وأنه لم يغن عنهم كيدهم
ومكرهم ولا جنودهم ولا حصونهم من عذاب الله من شيء لما جاء أمر ربك
وما زادوهم غير تتبيب، وخصوصاً في هذه الأوقات، فإن هذه القوة الهائلة
والمخترعات الباهرة التي وصلت إليها مقدرة هذه الأمم هي من إقدار الله
لهم وتعليمه لهم ما لم يكونوا يعلمونه، فمن آيات الله أن قواهم وقُدَرَهم
ومخترعاتهم لم تغن عنهم شيئاً في صد ما أصابهم من النكبات والعقوبات
المهلكة، مع بذل جدهم واجتهادهم في توقي ذلك، ولكن أمر الله غالب
وقدرته تنقاد لها عناصر العالم العلوي والسفلي ومن تمام عزته وقدرته
وشمولهما: أنه كما أنه هو الخالق للعباد فهو خالق أعمالهم وطاعاتهم
ومعاصيهم، وهي أيضاً أفعالهم، فهي تضاف إلى الله خلقاً وتقديراً وتضاف
إليهم فعلاً ومباشرة على الحقيقة، ولا منافاة بين الأمرين، فإن الله خالق
قدرتهم وإرادتهم، وخالق السبب التام خالق للمسبب، قال تعالى:
{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات:96] ومن آثار قدرته ما ذكره في كتابه
من نصره أولياءه، على قلة عددهم وعدَدِهم على أعدائهم الذين فاقوهم
بكثرة العدد والعدة، قال تعالى:
{كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}
[البقرة:249] ومن آثار قدرته ورحمته ما يحدثه لأهل النار ولأهل الجنة
من أنواع العقاب وأصناف النعيم المستمر الكثير المتتابع الذي لا ينقطع
ولا يتناهى فبقدرته أوجد الموجودات، وبقدرته دبَّرها، وبقدرته سوَّاها
وأحكمها، وبقدرته يحيي ويميت، ويبعث العباد للجزاء، ويجازي المحسنين
بإحسانه والمسيء بإساءته، وبقدرته يقلب القلوب ويصرفها على
ما يشاء الذي إذا أراد شيئاً قال له: {كُن فَيَكُونُ} [البقرة117] قال الله
تعالى: {أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
[البقرة:148]

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص93

(القدير) الذي له مطلق القدرة وكمالها وتمامها الذي ما كان ليعجزه من

شيء في الأرض ولا في السماء الذي ما خلق الخلق ولا بعثهم في
كمال قدرته إلا كنفس واحدة الذي إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له
كن فيكون الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه, الذي يمسك
السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده
ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه, الذي وسع كرسيه السموات
والأرض ولا يؤوده حفظهما, أي لا يكثره ولا يثقله, الفعال لما يشاء إذا
شاء كيف شاء في أي وقت شاء, قال الله تعالى:
{إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا}
[النساء: 133] وقال الله تعالى بعد الكلام على البدء والإعادة:
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج: 62]
الآية وقال تعالى بعد الكلام على هذا المعـنى:
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
[الحج: 6] وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى
عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ
} [غافر:82] وقال تعالى: {مَّا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ
إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ
} [لقمان:28] وقال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ
يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
} [يس: 82] وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى
إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
} [الأحقاف: 33] وقال تعالى:
{أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} [ق: 15] وقال:
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ
وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ
} [ق: 38] وقال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ
وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا
} [الطلاق: 112] وقال تعالى:
{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى
وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
}
[يس:81-82] وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
[تبارك:1] وقال تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ عَلَى
أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ
} [المعارج:40] وقال تعالى:
{وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ}
[المؤمنون:18] وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا
عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ
} [فصلت:39] وقال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ
ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يُعَذِّبُُ مَن يَشَاء
وَيَرْحَمُ مَن يَشَاء وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاء
وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ
} [العنكبوت:20-22] والآيات في هذا
الباب كثيرة يطول ذكرها, بل كل آيات الله الظاهرة والمعنوية وجميع مخلوقاته
العلوية والسفلية تدل على كمال قدرته الشاملة التي لا يخرج عنها مثقال
ذرة كما أنه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة, وعبارة العبد تقصر عن ذلك
المعنى العظيم, وكفى العبد دليلا أن ينظر في خلق نفسه كيف قدره
أحكم الحاكمين وخلقه في أحسن تقويم, وشق له السمع فسمع والبصر
فأبصر واللسان فنطق والفؤاد فعقل إلى غير ذلك, فكيف إذا سرح قلبه
في عجائب الملكوت, ونظر بعين بصيرته إلى مبدعات الحي الذي لا يموت
ورأى الآيات الباهرة والبراهين الظاهرة على كمال قدرة ذي العزة والجبروت
{أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ
عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ
} [الأعراف:185]
وفي حديث الاستخارة: ((اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك
وأسألك من فضلك العظيم, فأنت تقدر ولا أقدر, وتعلم ولا أعلم
)) الحديث

معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي-
ص171




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:36 AM
المشاركة 64

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
العظيم

قال الله تعالى: {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة:255] الله تعالى عظيم
له كل وصف ومعنى يوجب التعظيم، فلا يقدر مخلوق أن يثني عليه كما ينبغي له
ولا يحصي ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يثني عليه عباده واعلم
أن معاني التعظيم الثابتة لله وحده نوعان:أحدهما: أنه موصوف بكل صفة كمال، وله
من ذلك الكمال أكمله، وأعظمه، وأوسعه، فله العلم المحيط والقدرة النافذة، والكبرياء
والعظمة، ومن عظمته أن السماوات والأرض في كفِّ الرحمن أصغر من الخردلة كما
قال ذلك ابن عباس وغيره، وقال تعالى:
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}
[الزمر:67]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ
أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ
} [فاطر:41]، وقال تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}
[البقرة: 225]، {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ} [الشورى:5] الآية وفي الصحيح
عنه صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقول الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني
واحداً منهما عذبته
)) فلله تعالى الكبرياء والعظمة، الوصفان اللذان لا يقدر قدرهما
ولا يبلغ كنههماالنوع الثاني: من معاني عظمته تعالى أنه لا يستحق أحد من الخلق
أن يعظم كما يعظم الله فيستحق جل جلاله من عباده أن يعظموه بقلوبهم، وألسنتهم
وجوارحهم، وذلك ببذل الجهد في معرفته، ومحبته والذل له، والانكسار له، والخضوع
لكبريائه، والخوف منه، وإعمال اللسان بالثناء عليه، وقيام الجوارح بشكره وعبوديته
ومن تعظيمه أن يُتقى حق تقاته، فيطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا
يكفر ومن تعظيمه تعظيم ما حرمه وشرعه من زمان ومكان وأعمال:
{ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32] وقوله تعالى
{ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ} [الحج:30] ومن تعظيمه أن لا يعترض
على شيء مما خلقه أو شرعه.

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص80

العفو، الغفور، الغفار

قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [الحج:60] الذي لم يزل، ولا يزال بالعفو معروفاً
وبالغفران والصفح عن عباده موصوفاً كل أحد مضطر إلى عفوه ومغفرته، كما هو
مضطر إلى رحمته وكرمه وقد وعد بالمغفرة والعفو، لمن أتى بأسبابها، قال تعالى
{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [طه:82] والعفوُّ هو الذي له العفو الشامل
الذي وسع ما يصدر من عباده من الذنوب، ولاسيما إذا أتوا بما يسبب العفو عنهم
من الاستغفار، والتوبة، والإيمان، والأعمال الصالحة فهو سبحانه يقبل التوبة، عن
عباده ويعفو عن السيئات، وهو عفو يحب العفو ويحب من عباده أن يسعوا في
تحصيل الأسباب التي ينالون بها عفوه: من السعي في مرضاته، والإحسان إلى
خلقه ومن كمال عفوه أنه مهما أسرف العبد على نفسه ثم تاب إليه ورجع غفر له
جميع جرمه صغيره وكبيره، وأنه جعل الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها
قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
} [الزمر:53] وفي الحديث:
((إن الله يقول: يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي
شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة
)) وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [النجم:32]
وقد فتح الله عز وجل الأسباب لنيل مغفرته بالتوبة، والاستغفار، والإيمان، والعمل
الصالح، والإحسان إلى عباد الله، والعفو عنهم، وقوة الطمع في فضل الله، وحسن
الظن بالله وغير ذلك مما جعله الله مقرباً لمغفرته .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص106

العلي، الأعلى، المتعال

قال الله تعالى: {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة:255]، وقال تعالى
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى:1]، وقال تعالى:
{عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد:13] وذلك دال على أنَّ جميع معاني
العلو ثابتة لله من كل وجه، فله علو الذات، فإنه فوق المخلوقات، وعلى العرش
استوى أي علا وارتفع وله علو القدر وهو علو صفاته وعظمتها فلا يماثله صفة
مخلوق، بل لا يقدر الخلائق كلهم أن يحيطوا ببعض معاني صفة واحدة من صفاته
قال تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه:110] وبذلك يعلم أنه ليس كمثله شيء
في كل نعوته، وله علو القهر، فإنه الواحد القهار الذي قهر بعزته وعلوه الخلق كلهم
فنواصيهم بيده، وما شاء كان لا يمانعه فيه ممانع، وما لم يشأ لم يكن، فلو اجتمع
الخلق على إيجاد ما لم يشأه الله لم يقدروا، ولو اجتمعوا على منع ما حكمت به
مشيئته لم يمنعوه، وذلك لكمال اقتداره، ونفوذ مشيئته، وشدة افتقار المخلوقات
كلها إليه من كل وجه .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص78

العليم، الخبير

قال الله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام:18]
{إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال:75]، فهو العليم المحيط علمه بكل شيء:
بالواجبات، والممتنعات، فيعلم تعالى نفسه الكريمة، ونعوته المقدسة، وأوصافه
العظيمة، وهي الواجبات التي لا يمكن إلا وجودها، ويعلم الممتنعات حال امتناعها
ويعلم ما يترتب على وجودها لو وجدت كما قال تعالى:
{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء:22] وقال تعالى:
{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ
عَلَى بَعْضٍ
} [المؤمنون:91] فهذا وشبهه من ذكر علمه بالممتنعات التي يعلمها
وإخباره بما ينشأ عنها لوجدت على وجه الفرض والتقدير ويعلم تعالى الممكنات
وهي التي يجوز وجودها وعدمها ما وجد منها وما لم يوجد مما لم تقتض الحكمة
إيجاده، فهو العليم الذي أحاط علمه بالعالم العلوي والسفلي لا يخلو عن علمه
مكان ولا زمان ويعلم الغيب والشهادة، والظواهر والبواطن، والجلي والخفي، قال :
الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال:75] والنصوص في ذكر إحاطة علم
الله وتفصيل دقائق معلوماته كثيرة جداً لا يمكن حصرها وإحصاؤها وأنه لا يعزب عنه
مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، وأنه لا يغفل ولا ينسى
وأن علوم الخلائق على سعتها وتنوعها إذا نسبت إلى علم الله اضمحلت وتلاشت
كما أن قدرتهم إذا نسبت إلى قدرة الله لم يكن لها نسبة إليها بوجه من الوجوه
فهو الذي علمهم ما لم يكونوا يعلمون ،وأقدرهم على ما لم يكونوا عليه قادرين
وكما أن علمه محيط بجميع العالم العلوي والسفلي، وما فيه من المخلوقات ذواتها
وأوصافها، وأفعالها، وجميع أمورها، فهو يعلم ما كان وما يكون في المستقبلات التي
لا نهاية لها، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، ويعلم أحوال المكلفين منذ أنشأهم
وبعد ما يميتهم وبعد ما يحييهم، قد أحاط علمه بأعمالهم كلها خيرها وشرها وجزاء
تلك الأعمال وتفاصيل ذلك في دار القرار والخلاصة: أنَّ الله تعالى هو الذي أحاط علمه
بالظواهر والبواطن، والإسرار والإعلان، وبالواجبات، والمستحيلات، والممكنات، وبالعالم
العلوي، والسفلي، وبالماضي، والحاضر، والمستقبل، فلا يخفى عليه شيء من
الأشياء .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص88

الغني

قال الله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} [النجم:48]، وقال الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر:15] فهو تعالى
(الغني) الذي له الغنى التام المطلق من كل الوجوه لكماله وكمال صفاته التي
لا يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه، ولا يمكن أن يكون إلا غنياً فإن غناه من لوازم
ذاته، كما لا يكون إلا محسناً، جواداً، براً، رحيماً كريماً، والمخلوقات بأسرها لا تستغني
عنه في حال من أحوالها، فهي مفتقرة إليه في إيجادها، وفي بقائها، وفي كل
ما تحتاجه أو تضطر إليه، ومن سعة غناه أن خزائن السماوات والأرض والرحمة بيده
وأن جوده على خلقه متواصل في جميع اللحظات والأوقات، وأنَّ يده سحاء الليل
والنهار، وخيره على الخلق مدرار ومن كمال غناه وكرمه أنه يأمر عباده بدعائه، ويعدهم
بإجابة دعواتهم وإسعافهم بجميع مراداتهم، ويؤتيهم من فضله ما سألوه وما لم يسألوه
ومن كمال غناه أنه لو اجتمع أول الخلق وآخرهم في صعيد واحد فسألوه، فأعطى كلاً
منهم ما سأله وما بلغت أمانيه ما نقص من ملكه مثقال ذرة ومن كمال غناه وسعة
عطاياه ما يبسطه على أهل دار كرامته من النعيم واللذات المتتابعات، والخيرات
المتواصلات، مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ومن كمال غناه
أنه لم يتخذ صاحبة، ولا ولداً، ولا شريكا في الملك، ولا ولياً من الذل فهو الغني الذي
كمل بنعوته وأوصافه، المغني لجميع مخلوقاته والخلاصة أن الله الغني الذي له الغنى
التام المطلق من كل الوجوه وهو المغني جميع خلقه، غنىً عاماً، المغني لخواص
خلقه، بما أفاض على قلوبهم، من المعارف الربانية، والحقائق الإيمانية .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص98

الفتاح

قال الله تعالى: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ}
[سبأ:26] الفاتح: الحاكم والفتاح من أبنية المبالغة فالفتاح هو الحكم المحسن
الجواد، وفتحه تعالى قسمين:
أحدهما: فتحه بحكمه الديني وحكمه الجزائي
والثاني: الفتاح بحكمه القدري ففتحه بحكمه الديني هو شرعه على ألسنة رسله
جميع ما يحتاجه المكلفون، ويستقيمون به على الصراط المستقيم وأما فتحه
بجزائه فهو فتحه بين أنبيائه ومخالفيهم وبين أوليائه وأعدائهم بإكرام الأنبياء وأتباعهم
ونجاتهم، وبإهانة أعدائهم وعقوباتهم وكذلك فتحه يوم القيامة وحكمه بين الخلائق
حين يوفي كل عامل ما عمله وأما فتحه القدري فهو ما يقدِّره على عباده من خير
وشر ونفع وضر وعطاء ومنع، قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ
لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
} [فاطر:2] فالرب تعالى هو
الفتاح العليم الذي يفتح لعباده الطائعين خزائن جوده وكرمه، ويفتح على أعدائه ضد
ذلك، وذلك بفضله وعدله .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص152

القابض، الباسط، المعطي

قال الله تعالى: {وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:245]
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله هو المسعِّر، القابض، الباسط الرزاق ))
وقال صلى الله عليه وسلم:
((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين والله المعطي وأنا القاسم ))
وقال صلى الله عليه وسلم:
((إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه
عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل
)) الحديث وقال تعالى:
{قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من
تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير
} [آل عمران:26]
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين))
وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول بعد السلام من الصلاة حينما ينصرف إلى
الناس: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء
قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد
))
هذه الصفات الكريمة من الأسماء المتقابلات التي لا ينبغي أن يثنى على الله
بها إلا كل واحد منها مع الآخر، لأن الكمال المطلق من اجتماع الوصفين، فهو
القابض للأرزاق والأرواح والنفوس، والباسط للأرزاق والرحمة والقلوب وهو الرافع
لأقوام قائمين بالعلم والإيمان، الخافض لأعدائه وهو المعز لأهل طاعته، وهذا عز
حقيقي، فإنَّ المطيع لله عزيز وإن كان فقيراً ليس له أعوان، المذل لأهل معصيته
وأعدائه ذلاً في الدنيا والآخرة فالعاصي وإن ظهر بمظاهر العز فقلبه حشوه الذل وإن
لم يشعر به لانغماسه في الشهوات فإن العز كل العز بطاعة الله والذل بمعصيته
{ومن يهن الله فما له من مكرم} [الحج:18] {من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً}
[فاطر:10] {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} [المنافقون:8] وهو تعالى المانع المعطي فلا
معطي لما منع، ولا مانع لما أعطى وهذه الأمور كلها تبع لعدله وحكمته وحمده
فإن له الحكمة في خفض من يخفضه ويذله ويحرمه، ولا حجة لأحد على الله
كما له الفضل المحض على من رفعه وأعطاه وبسط له الخيرات، فعلى العبد أن
يعترف بحكمة الله، كما عليه أن يعترف بفضله ويشكره بلسانه وجنانه وأركانه
وكما أنه هو المنفرد بهذه الأمور وكلها جارية تحت أقداره، فإن الله جعل لرفعه وعطائه
وإكرامه أسباباً، ولضد ذلك أسباباً من قام بها ترتبت عليه مسبباتها، وكلٌ ميسر لما
خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة
فييسرون لعمل أهل الشقاوة، وهذا يوجب للعبد القيام بتوحيد الله، والاعتماد على
ربه في حصول ما يحب، ويجتهد في فعل الأسباب النافعة فإنها محل حكمة الله .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص188




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:47 AM
المشاركة 65

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
القاهر، القهار

قال الله تعالى: {قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد:16]
وقال تعالى: {يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ
الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ
} [غافر:16]، وقال عز وجل: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ
وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ
} [الأنعام:18] وهو الذي قهر جميع الكائنات، وذلَّت له
جميع المخلوقات، ودانت لقدرته ومشيئته مواد وعناصر العالم العلوي والسفلي
فلا يحدث حادث ولا يسكن ساكن إلا بإذنه، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن
وجميع الخلق فقراء إلى الله عاجزون، لا يملكون لأنفسهم نفعاً، ولا ضراً،
ولا خيراً ولا شراً وقهره مستلزم لحياته وعزته وقدرته فلا يتم قهره للخليقة
إلا بتمام حياته وقوة عزته واقتداره إذ لولا هذه الأوصاف الثلاثة لا يتم له قهر
ولا سلطان .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص128

القدوس، السلام

قال الله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ} [الحشر:23]
(القدوس، السلام) معناهما متقاربان، فإنَّ القدوس مأخوذ من قدَّس بمعنى:
نزَّهه وأبعده عن السوء مع الإجلال والتعظيم والسلام مأخوذ من السلامة فهو
سبحانه السالم من مماثلة أحد من خلقه، ومن النقص، ومن كل ما ينافي
كماله فهو المقدَّس المعظَّم المنزه عن كل سوء، السالم من مماثلة أحد من
خلقه ومن النقصان ومن كل ما ينافي كماله فهذا ضابط ما ينزه عنه: ينزه عن
كل نقص بوجه من الوجوه، وينزه ويعظم أن يكون له مثيل، أو شبيه أو كفوء
أو سمي، أو ند، أو مضاد، وينزه عن نقص صفة من صفاته التي هي أكمل
الصفات وأعظمها وأوسعها ومن تمام تنزيهه عن ذلك إثبات صفات الكبرياء
والعظمة له، فإنَّ التنزيه مراد لغيره ومقصود به حفظ كماله عن الظنون السيئة
كظن الجاهلية الذين يظنون به ظن السوء، ظن غير ما يليق بجلاله، وإذا قال
العبد مثنيا على ربه: (سبحان الله) أو (تقدس الله) أو (تعالى الله) ونحوها
كان مثنياً عليه بالسلامة من كل نقص وإثبات كل كمال قال الإمام :

ابن القيم رحمه الله تعالى في اسم (السلام): الله أحق بهذا الاسم من كل
مسمىً به، لسلامته سبحانه من كل عيب ونقص من كل وجه، فهو السلام
الحق بكل اعتبار، والمخلوق سلام بالإضافة، فهو سبحانه سلام في ذاته
عن كل عيب ونقص يتخيله وهم، وسلام في صفاته من كل عيب ونقص،
وسلام في أفعاله من كل عيب ونقص وشر وظلم وفعل واقع على غير وجه
الحكمة، بل هو السلام الحق من كل وجه وبكل اعتبار، فعلم أن استحقاقه
تعالى لهذا الاسم أكمل من استحقاق كل ما يطلق عليه، وهذا هو حقيقة
التنزيه الذي نزه به نفسه، ونزهه به رسوله، فهو السلام من الصاحبة والولد،
والسلام من النظير والكفء والسمي والمماثل، والسلام من الشريك ولذلك
إذا نظرت إلى إفراد صفات كماله وجدت كل صفة سلاماً مما يضاد كمالها
فحياته سلام من الموت ومن السِّنة والنوم، وكذلك قيوميته وقدرته سلام
من التعب واللغوب، وعلمه سلام من عزوب شيء عنه أو عروض نسيان أو
حاجة إلى تذكر وتفكر، وإرادته سلام من خروجها عن الحكمة والمصلحة
وكلماته سلام من الكذب والظلم بل تمت كلماته صدقاً وعدلاً، وغناه سلام
من الحاجة إلى غيره بوجه ما، بل كل ما سواه محتاج إليه وهو غني عن كل
ما سواه، وملكه سلام من منازع فيه أو مشارك أو معاون مظاهر أو شافع عنده
بدون إذنه، وإلهيته سلام من مشارك له فيها، بل هو الله الذي لا إله إلا هو
وحلمه وعفوه وصفحه ومغفرته وتجاوزه سلام من أن تكون عن حاجة منه أو
ذل أو مصانعة كما يكون من غيره، بل هو محض جوده وإحسانه وكرمه، وكذلك
عذابه وانتقامه وشدة بطشه وسرعة عقابه سلام من أن يكون ظلماً، أو تشفياً،
أو غلظة، أو قسوة، بل هو محض حكمته وعدله ووضعه الأشياء مواضعها، وهو
مما يستحق عليه الحمد والثناء كما يستحقه على إحسانه، وثوابه، ونعمه،
بل لو وضع الثواب موضع العقوبة لكان مناقضاً لحكمته ولعزته، فوضعه العقوبة
موضعها هو من عدله، وحكمته، وعزته، فهو سلام مما يتوهم أعداؤه الجاهلون
به من خلاف حكمته وقضاؤه وقدره سلام من العبث والجور والظلم، ومن توهم
وقوعه على خلاف الحكمة البالغة وشرعه ودينه سلام من التناقض والاختلاف
والاضطراب وخلاف مصلحة العباد ورحمتهم والإحسان إليهم وخلاف حكمته بل
شرعه كله حكمة، ورحمة، ومصلحة، وعدل، وكذلك عطاؤه سلام من كونه
معاوضة أو لحاجة إلى المعطى ومنعه سلام من البخل وخوف الإملاق، بل
عطاؤه إحسان محض لا لمعاوضة ولا لحاجة، ومنعه عدل محض وحكمة
لا يشوبه بخل ولا عجز واستواؤه وعلوه على عرشه سلام من أن يكون محتاجاً
إلى ما يحمله أو يستوي عليه، بل العرش محتاجاً إليه وحملته محتاجون إليه
فهو الغني عن العرش وعن حملته وعن كل ما سواه، فهو استواء وعلو لا يشوبه
حصر ولا حاجة إلى عرش ولا غيره ولا إحاطة شيء به سبحانه وتعالى، بل كان
سبحانه ولا عرش ولم يكن به حاجة إليه وهو الغني الحميد، بل استواؤه على
عرشه واستيلاؤه على خلقه من موجبات ملكه وقهره من غير حاجة إلى عرش
ولا غيره بوجه ما ونزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا سلام مما يضاد علوه وسلام
مما يضاد غناه وكماله سلام من كل ما يتوهم معطل أو مشبه، وسلام من أن
يصير تحت شيء أو محصوراً في شيء، تعالى الله ربنا عن كل ما يضاد كماله
وغناه وسمعه وبصره سلام من كل ما يتخيله مشبه أو يتقوَّله معطل وموالاته
لأوليائه سلام من أن تكون عن ذل كما يوالي المخلوق المخلوق، بل هي موالاة
رحمة، وخير، وإحسان، وبر كما قال:
{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ
وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا}
[الإسراء:111] فلم ينف أن يكون له ولي مطلقاً بل
نفى أن يكون له ولي من الذل وكذلك محبته لمحبيه وأوليائه سلام من عوارض
محبة المخلوق للمخلوق من كونها محبة حاجة إليه أو تملق له أو انتفاع بقربه
وسلام مما يتقوله المعطلون فيها وكذلك ما أضافه إلى نفسه من اليد والوجه
فإنه سلام عما يتخيله مشبه أو يتقوله معطل فتأمل كيف تضمَّن اسمه السلام
كل ما نزه عنه تبارك وتعالى وكم ممن حفظ هذا الاسم لا يدري ما تضمنه من
هذه الأسرار والمعاني والله المستعان .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص140

القريب

قال الله تعالى:
{هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ
مُّجِيبٌ
} [هود:61]
من أسمائه (القريب)، وقربه نوعان:
قرب عام وهو إحاطة علمه بجميع الأشياء، وهو أقرب إلى الإنسان من حبل
الوريد وهو بمعنى المعية العامة وقرب خاص بالداعين والعابدين المحبين
وهو قرب يقتضي المحبة، والنصرة، والتأييد في الحركات والسكنات، والإجابة
للداعين، والقبول والإثابة للعابدين قال تعالى:
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}
[البقرة:186] وإذا فهم القرب بهذا المعنى في العموم والخصوص لم يكن هناك
تعارض أصلاً بينه وبين ما هو معلوم من وجوده تعالى فوق عرشه فسبحان
من هو عليٌّ في دنوه قريب في علوه .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص117

الكافي

قال الله تعالى: {أليس الله بكاف عبده} [الزمر:36] فهو سبحانه الكافي عباده
جميع ما يحتاجون ويضطرون إليه الكافي كفاية خاصة، من آمن به، وتوكل عليه
واستمد منه حوائج دينه ودنياه .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص175

الكبير

وهو سبحانه وتعالى الموصوف بصفات المجد، والكبرياء، والعظمة، والجلال
الذي هو أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وأجل وأعلى
وله التعظيم والإجلال، في قلوب أوليائه وأصفيائه قد مُلئت قلوبهم من تعظيمه
وإجلاله، والخضوع له، والتذلل لكبريائه قال الله تعالى:
{ذلك بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير}
[غافر:12] .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص84




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:50 AM
المشاركة 66

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
اللطيف

قال الله تعالى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ} [الشورى:19]
وقال تعالى: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام:113]
(اللَّطِيفُ) من أسمائه الحسنى، وهو الذي يلطف بعبده في أموره الداخلية المتعلقة
بنفسه، ويلطف بعبده في الأمور الخارجية عنه، فيسوقه ويسوق إليه ما به صلاحه
من حيث لا يشعر وهذا من آثار علمه وكرمه ورحمته، فلهذا كان معنى اللطيف
نوعين:
أنه الخبير الذي أحاط علمه بالأسرار والبواطن والخبايا والخفايا ومكنونات الصدور
ومغيبات الأمور، وما لطف ودقَّ من كل شيء.
النوع الثاني: لطفه بعبده ووليه الذي يريد أن يتمَّ عليه إحسانه، ويشمله بكرمه
ويرقيه إلى المنازل العالية فييسره لليسرى ويجنبه العسرى، ويجري عليه من
أصناف المحن التي يكرهها وتشق عليه، وهي عين صلاحه والطريق إلى سعادته
كما امتحن الأنبياء بأذى قومهم وبالجهاد في سبيله، وكما ذكر الله عن يوسف..
وكيف ترقت به الأحوال ولطف الله به وله بما قدَّره عليه من تلك الأحوال التي
حصل له في عاقبتها حسن العقبى في الدنيا والآخرة، وكما يمتحن أولياءه
بما يكرهونه لينيلهم ما يحبون.
فكم لله من لطف وكرم لا تدركه الأفهام، ولا تتصوره الأوهام، وكم استشرف العبد
على مطلوب من مطالب الدنيا من ولاية، أو رياسة، أو سبب من الأسباب
المحبوبة، فيصرفه الله عنها ويصرفها عنه رحمة به لئلا تضره في دينه، فيظل
العبد حزيناً من جهله وعدم معرفته بربه، ولو علم ما ذخر له في الغيب وأريد
إصلاحه فيه لحمد الله وشكره على ذلك، فإن الله بعباده رؤوف رحيم لطيف بأوليائه.

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص115

المبين

المبين: اسم الفاعل من أبان يبين فهو مبين إذا أظهر وبينَّ إما قولاً، وإما فعلاً
والبينة هي الدلالة الواضحة عقلية كانت أو محسوسة والبيان هو الكشف عن
الشيء وسمي الكلام بياناً لكشفه عن المقصود وإظهاره نحو {هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ}
[آل عمران:138] فالله عز وجل هو المبين لعباده سبيل الرشاد والموضح لهم
الأعمال التي يستحقون الثواب على فعلها والأعمال التي يستحقون العقاب
عليها، وبين لهم ما يأتون، وما يذرون يقال: أبان الرجل في كلامه ومنطقه فهو
مبين والبيان: الكلام ويقال: (بان الكلام وأبان بمعنىً واحد فهو: مُبِّينٌ ومُبينٌ
وقد سمى الله نفسه بالمبين
{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ
هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ
} [النور:25] وهو سبحانه الذي بين لعباده طرق الهداية وحذرهم
وبين لهم طرق الضلال وأرسل إليهم الرسل وأنزل الكتب ليبين لهم قال الله
عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ
فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ
} [البقرة:195] وهذا وعيد شديد
لمن كتم ما جاءت به الرسل من الدلالات البينة على المقاصد الصحيحة والهدى
النافع للقلوب من بعد ما بينه الله تعالى في كتبه التي أنزلها على رسله
عليهم الصلاة والسلام وقال عز وجل:
{وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ
قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ
} [البقرة:118]،
{كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة:266]،
{يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ
عَلِيمٌ حَكِيمٌ
} [النساء:26] وقال عز وجل: {يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ
السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
}
[المائدة:15-16] ويقول عز وجل: {انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}
[المائدة:75] {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور:18]
والله عز وجل يبين للناس الأحكام الشرعية ويوضحها ويبين الأحكام القدرية
وهو عليم بما يصلح عباده حكيم في شرعه وقدره، فله الحكمة البالغة والحجة
الدامغة وقال عز وجل:{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}
[آل عمران:103] وقال:{وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم
مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
} [التوبة:115] يخبر الله عن نفسه الكريمة
وحكمه العادل أنه لا يضل قوماً إلا بعد إبلاغ الرسالة إليهم حتى يكونوا قد قامت
عليهم الحجة .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص197

المتكبر

قال الله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ
الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
} [الحشر:23]
فهو سبحانه المتكبر عن السوء، والنقص والعيوب، لعظمته وكبريائه.

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص168

المجيب

من أسمائه تعالى (المجيب) لدعوة الداعين وسؤال السائلين وعباده المستجيبين،
وإجابته نوعان:
إجابة عامة لكل من دعاه دعاء عبادة أو دعاء مسألة، قال تعالى:
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] فدعاء المسألة أن يقول العبد
اللهم أعطني كذا أو اللهم ادفع عني كذا، فهذا يقع من البر والفاجر، ويستجيب
الله فيه لكل من دعاه بحسب الحال المقتضية وبحسب ما تقتضيه حكمته
وهذا يُستدل به على كرم المولى وشمول إحسانه للبر والفاجر، ولا يدل بمجرده
على حسن حال الداعي الذي أجيبت دعوته إن لم يقترن بذلك ما يدل عليه
وعلى صدقه وتعيُّن الحق معه، كسؤال الأنبياء ودعائهم لقومهم وعلى قومهم
فيجيبهم الله، فإنه يدل على صدقهم فيما أخبروا به وكرامتهم على ربهم، ولهذا
كان النبي صلى الله عليه كثيراً ما يدعو بدعاء يشاهد المسلمون وغيرهم
إجابته، وذلك من دلائل نبوته وآيات صدقه، وكذلك ما يذكرونه عن كثير من أولياء
الله من إجابة الدعوات، فإنه من أدلة كراماتهم على الله وأما الإجابة الخاصة
فلها أسباب عديدة، منها دعوة المضطر الذي وقع في شدة وكربة عظيمة،،
فإنَّ الله يجيب دعوته، قال تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ}
[النمل:62] وسبب ذلك شدَّة الافتقار إلى الله وقوة الانكسار وانقطاع تعلقه
بالمخلوقين، ولسعة رحمة الله التي يشمل بها الخلق بحسب حاجتهم إليها،
فكيف بمن اضطر إليها، ومن أسباب الإجابة طول السفر والتوسل إلى الله
بأحب الوسائل إليه من أسمائه وصفاته ونعمه، وكذلك دعوة المريض، والمظلوم
والصائم والوالد على ولده أو له، وفي الأوقات والأحوال الشريفة مثل أدبار
الصلوات، وأوقات السحر، وبين الأذان والإقامة، وعند النداء، ونزول المطر
واشتداد البأس، ونحو ذلك {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} [هود:61] .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص119

المجيد

(المجيد) الذي له المجد العظيم، والمجد هو عظمة الصفات وسعتها، فكل وصف
من أوصافه عظيم شأنه: فهو العليم الكامل في علمه، الرحيم الذي وسعت
رحمته كل شيء، القدير الذي لا يعجزه شيء، الحليم الكامل في حلمه
الحكيم الكامل في حكمته، إلى بقية أسمائه وصفاته التي بلغت غاية المجد
فليس في شيء منها قصور أو نقصان قال تعالى:
{قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ}
[هود:73]

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص83

المحسن

والمحسن من أسماء الله تعالى، لحديث أنس رضي الله عنه؛ قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا حكمتم؛ فاعدلوا، وإذا قتلتم؛
فأحسنوا؛ فإن الله مُحْسِنٌ يحب الإحسان
)) .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص50

المحيط

قال الله تعالى: {وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا}
[النساء:126] وقال عز وجل: {إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ
يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
}
[آل عمران:120] وهو الذي أحاط بكل شيء علماً، وقدرة، ورحمة، وقهراً وقد أحاط
علمه بجميع المعلومات، وبصره بجميع المبصرات، وسمعه بجميع المسموعات
ونفذت مشيئته وقدرته بجميع الموجودات، ووسعت رحمته أهل الأرض والسماوات
وقهر بعزته كل مخلوق ودانت له جميع الأشياء.

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص169

المقدم، والمؤخر

كان من آخر ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم بين التشهد والتسليم:
((اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، وما أسرفت
وما أنت أعلم به مني أنت المقدم، وأنت المؤخر لا إله إلا أنت
))
المقدم والمؤخر هما كما تقدم من الأسماء المزدوجة المتقابلة التي لا يطلق
واحد بمفرده على الله إلا مقروناً بالآخر، فإن الكمال من اجتماعهما، فهو تعالى
المقدم لمن شاء والمؤخر لمن شاء بحكمته وهذا التقديم يكون كونياً كتقديم
بعض المخلوقات على بعض وتأخير بعضها على بعض، وكتقديم الأسباب على
مسبباتها والشروط على مشروطاتها وأنواع التقديم والتأخير في الخلق والتقدير
بحر لا ساحل له ويكون شرعياً كما فضل الأنبياء على الخلق وفضل بعضهم على
بعض، وفضل بعض عباده على بعض، وقدمهم في العلم، والإيمان، والعمل
والأخلاق، وسائر الأوصاف، وأخَّر من أخَّر منهم بشيء من ذلك وكل هذا تبع
لحكمته وهذان الوصفان وما أشبههما من الصفات الذاتية لكونهما قائمين بالله
والله متصف بهما، ومن صفات الأفعال لأن التقديم والتأخير متعلق بالمخلوقات
ذواتها، وأفعالها، ومعانيها، وأوصافها، وهي ناشئة عن إرادة الله وقدرته فهذا
هو التقسيم الصحيح لصفات الباري، وإن صفات الذات متعلقة بالذات، وصفات
أفعاله متصفة بها الذات ومتعلقة بما ينشأ عنها من الأقوال والأفعال ..
قال الله عز وجل: {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك
بخير فهو على كل شيء قدير
} [الأنعام:17] وقال الله تعالى:
{قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ
بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
} [الفتح:11] وصفة الضر والنفع هما كما تقدم من الأسماء
المزدوجة المتقابلة فالله تعالى النافع لمن شاء من عباده بالمنافع الدينية
والدنيوية، الضار لمن فعل الأسباب التي توجب ذلك، وكل هذا تبع لحكمته
وسننه الكونية وللأسباب التي جعلها موصلة إلى مسبباتها، فإنَّ الله تعالى
جعل مقاصد للخلق وأموراً محبوبة في الدين والدنيا، وجعل لها أسباباً وطرقاً،
وأمر بسلوكها ويسَّرها لعباده غاية التيسير، فمن سلكها أوصلته إلى المقصود
النافع، ومن تركها أو ترك بعضها أو فوت كمالها أو أتاها على وجه ناقص ففاته
الكمال المطلوب فلا يلومنّ إلا نفسه، وليس له حجة على الله، فإن الله أعطاه
السمع، والبصر، والفؤاد، والقوة’ والقدرة، وهداه النجدين، وبين له الأسباب
والمسببات، ولم يمنعه طريقاً يوصل إلى خير ديني ولا دنيوي، فتخلفه عن
هذه الأمور يوجب أن يكون هو الملوم عليها المذموم على تركها واعلم أن
صفات الأفعال كلها متعلقة وصادرة عن هذه الصفات الثلاث: القدرة الكاملة
والمشيئة النافذة، والحكمة الشاملة التامة وهي كلها قائمة بالله، والله
متصف بها، وآثارها ومقتضياتها جميع ما يصدر عنها في الكون كله من التقديم
والتأخير، والنفع والضر، والعطاء والحرمان، والخفض والرفع، لا فرق بين محسوسها
ومعقولها، ولا بين دينيها ودنيويها فهذا معنى كونها أوصاف أفعال لا كما ظنه
أهل الكلام الباطل .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص192

المقيت

قال الله تعالى: {وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا} [النساء:85] فهو سبحانه
الذي أوصل إلى كل موجود ما به يقتات وأوصل إليها أرزاقها وصرَّفها كيف يشاء
بحكمته وحمده قال الراغب الأصفهاني: القوت ما يمسك الرمق وجمعه:
أقوات، قال تعالى: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} [فصلت:10]، وقاته يقوته قوتاً: أطعمه
قوته وأقاته يقيته جعل له ما يقوته وفي الحديث:
((كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت)) قيل مقتدراً، وقيل: شاهداً وحقيقته
قائماً عليه يحفظه ويقيته وقال في القاموس المحيط: المقيت:
الحافظ للشيء، والشاهد له، والمقتدر، كالذي يعطي كل أحد قوته وقال:
ابن عباس رضي الله عنهما: مقتدراً أو مجازياً، وقال مجاهد: شاهداً، وقال :
قتادة حافظاً وقيل:معناه على كل حيوان مقيتاً: أي يوصل القوت إليه وقال
ابن كثير: {وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا} [النساء:85] أي حفيظاً،
وقال مجاهد: شهيداً، وفي رواية عنه: حسيباً، وقيل قديراً، وقيل:
المقيت الرازق، وقيل مقيت لكل إنسان بقدر عمله .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص170




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:51 AM
المشاركة 67

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الملِكُ , المليكُ , مالك الملك

قال الله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}
[المؤمنون:116] وقال تعالى:{فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} [القمر:55]
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ
مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
} [آل عمران:26]
فهو الموصوف، بصفة الملك وهي صفات العظمة والكبرياء، والقهر والتدبير، الذي
له التصرف المطلق، في الخلق، والأمر، والجزاء.
وله جميع العالم، العلوي والسفلي، كلهم عبيد ومماليك، ومضطرون إليه فهو الرب
الحق، الملك الحق، الإله الحق، خلقهم بربوبيته، وقهرهم بملكه، واستعبدهم
بإلهيته فتأمل هذه الجلالة وهذه العظمة التي تضمنتها هذه الألفاظ الثلاثة على
أبدع نظام، وأحسن سياق رب الناس ملك الناس إله الناس وقد اشتملت هذه
الإضافات الثلاث على جميع قواعد الإيمان وتضمنت معاني أسمائه الحسنى أما
تضمنها لمعاني أسمائه الحسنى فإن (الرب) هو القادر، الخالق، البارئ، المصور،
الحي، القيوم، العليم، السميع، البصير، المحسن، المنعم، الجواد، المعطي، المانع
الضار، النافع، المقدم، المؤخر، الذي يضل من يشاء، ويهدي من يشاء، ويسعد من
يشاء، ويشقي ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته
التي له منها ما يستحقه من الأسماء الحسنى وأما (الملك) فهو الآمر، الناهي
المعز، المذل، الذي يصرف أمور عباده كما يحب، ويقلبهم كما يشاء، وله من معنى
الملك ما يستحقه من الأسماء الحسنى كالعزيز، الجبار، المتكبر، الحكم، العدل
الخافض، الرافع، المعز، المذل، العظيم، الجليل، الكبير، الحسيب، المجيد، الولي
المتعالي، مالك الملك، المقسط، الجامع، إلى غير ذلك من الأسماء العائدة إلى
الملك وأما (الإله): فهو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال فيدخل في هذا
الاسم جميع الأسماء الحسنى ولهذا كان القول الصحيح إن الله أصله الإله كما هو
قول سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شذ منهم وإن اسم الله تعالى هو الجامع
لجميع معاني الأسماء الحسنى والصفات العلى فقد تضمنت هذه الأسماء الثلاثة
جميع معاني أسمائه الحسنى فكان المستعيذ بها جديراً بأن يعاذ، ويحفظ، ويمنع
من الوسواس الخناس ولا يسلط عليه وإذا كان وحده هو ربنا، وملكنا، وإلهنا فلا
مفزع لنا في الشدائد سواه، ولا ملجأ لنا منه إلا إليه، ولا معبود لنا غيره فلا ينبغي
أن يدعى، ولا يخاف، ولا يرجى، ولا يحب سواه، ولا يذل لغيره، ولا يخضع لسواه
ولا يتوكل إلا عليه لأن من ترجوه، وتخافه، وتدعوه، وتتوكل عليه إما أن يكون مربيك
والقيم بأمورك ومتولي شأنك وهو ربك فلا رب سواه، أو تكون مملوكه وعبده الحق
فهو ملك الناس حقاً وكلهم عبيده ومماليكه، أو يكون معبودك وإلهك الذي لا تستغني
عنه طرفة عين بل حاجتك إليه أعظم من حاجتك إلى حياتك، وروحك، وهو الإله
الحق إله الناس الذي لا إله لهم سواه فمن كان ربهم، وملكهم، وإلههم فهم
جديرون أن لا يستعيذوا بغيره، ولا يستنصروا بسواه، ولا يلجؤا إلى غير حماه فهو
كافيهم، وحسبهم، وناصرهم، ووليهم، ومتولي أمورهم جميعاً بربوبيته، وملكه
وإلهيته لهم فكيف لا يلتجئ العبد عند النوازل ونزول عدوه به إلى ربه، ومالكه
وإلهه .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص162

المنان

المنان من أسماء الله الحسنى التي سماه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:سمع النبي صلى الله عليه وسلم
رجلاً يقول: ((اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك
المنان يا بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم إني أسألك
الجنة وأعوذ بك من النار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد سأل الله باسمه
الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب
)) قال ابن الأثير : (المنان)
هو المنعم المعطي من المنِّ:العطاء، لا من المنة وكثيراً ما يرد المن في كلامهم:
بمعنى الإحسان إلى من لا يستثيبه ولا يطلب الجزاء عليه فالمنان من أبنية
المبالغة كالوهاب ومنه الحديث الذي أخرجه البخاري وغيره أن النبي ...
صلى الله عليه وسلم قال: ((إنه ليس من الناس أحد أمنّ عليَّ في نفسه وماله
من أبي بكر بن أبي قحافة ولو كنت متخذاً من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً
ولكن خلة الإسلام أفضل
)) ومعنى ((إن من أمنِّ الناس)) أكثرهم جوداً لنا
بنفسه، وماله وليس هو من المن الذي هو الاعتداد بالصنيعة والله عز وجل هو
المنان: من المن العطاء، والمنان: هو عظيم المواهب، فإنه أعطى الحياة، والعقل
والنطق، وصور فأحسن وأنعم فأجزل، وأسنى النعم، وأكثر العطايا والمنح قال
وقوله الحق: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}
[إبراهيم:34]ومن أعظم النعم بل أصل النعم التي امتن الله بها على عباده
الامتنان عليهم بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أنقذهم الله به من
الضلال وعصمهم به من الهلاك قال الله تعالى:
{لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ
وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ
}
[آل عمران:164] فالله عز وجل هو الذي منَّ على عباده: بالخلق، والرزق
والصحة في الأبدان، والأمن في الأوطان، أسبغ عليهم النعم الظاهرة والباطنة
ومن أعظم المنن وأكملها وأنفعها- بل أصل النعم – الهداية للإسلام ومنته
بالإيمان وهذا أفضل من كل شيء ومعنى {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ} أي
تفضل على المؤمنين المصدقين والمنان المتفضل ، والمنة: النعمة العظيمة
قال الأصفهاني: المنة: النعمة الثقيلة وهي على نوعين: النوع الأول: أن تكون
هذه المنة بالفعل فيقال: منَّ فلان على فلان إذا أثقله بالنعمة وعلى ذلك قوله
تعالى:{لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ} وقوله تعالى:{كذلك كنتم من قبل فمنّ الله
عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيراً} [النساء:94] وقال عز وجل:
{وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} [الصافات:114] {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى}
[طه:37] {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ
الْوَارِثِينَ
} [القصص:5] {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور:27]
{وَلَكِنَّ اللّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم:11] وهذا كله على الحقيقة
لا يكون إلا من الله تعالى فهو الذي منَّ على عباده بهذه النعم العظيمة فله
الحمد حتى يرضى وله الحمد بعد رضاه وله الحمد في الأولى والآخرةالنوع
الثاني: أن يكون المنُّ بالقول وذلك مستقبح فيما بين الناس ولقبح ذلك قيل
المنة تهدم الصنيعة قال الله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ
إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
} [الحجرات:17]
فالمنة من الله عليهم بالفعل وهو هدايتهم للإسلام، والمنة منهم بالقول
المذموم وقد ذم الله في كتابه ونهى عن المنُّ المذموم: وهو المنة بالقول فقال:
{وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ} [المدثر:6] قال ابن كثير: لا تمنن بعملك على ربك تستكثره
وقيل غير ذلك وقال الله عز وجل: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ
يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ
يَحْزَنُونَ قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ
يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا
لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
}
[البقرة:262-264] وقد ذم رسول الله صلى الله عليه وسلم المنُّ بالعطية فقال
عليه الصلاة والسلام: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم،
ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات
قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله قال: المسبل، والمنان،
والمنفق سلعته بالحلف الكاذب
)) هذا هو المنُّ المذموم أما المن بمعنى
العطاء والإحسان، والجود فهو المحمود والخلاصة:أنَّ الله تبارك وتعالى هو
المنان الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وهو عظيم المواهب
أعطى الحياة، والعقل، والنطق، وصور فأحسن، وأنعم فأجزل، وأكثر العطايا
والمنح، وأنقذ عباده المؤمنين، ومنَّ عليهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب
وإخراجهم من الظلمات إلى النور بمنه وفضله ومنَّ على عباده أجمعين: بالخلق
والرزق، والصحة، والأمن لعباده المؤمنين وأسبغ على عباده النعم مع كثرة
معاصيهم وذنوبهم .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص200

المهيمن

المطَّلع على خفايا الأمور، وخبايا الصدور، الذي أحاط بكل شيء علماً وقال
البغوي (4/326): الشهيد على عباده بأعمالهم وهو قول ابن عباس ومجاهد
وغيرهما يقال: هيمن يهيمن فهو مهيمن إذا كان رقيباً على الشيء .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص169

المولى

(المولى) اسم يقع على جماعة كثيرة فهو: الرب، والمالك، والسيد، والمنعم
والمعتق، والناصر، والمحب، والتابع، والجار، وابن العم، والحليف، والصهر
والعبد، والمنعم عليه، وأكثرها قد جاء في الحديث فيضاف كل واحد إلى
ما يقتضيه الحديث الوارد فيه وكل من ولي أمراً أو قام به فهو مولاه، ووليه، وقد
تختلف مصادر هذه الأسماء: فالوَلايَةُ - بالفتح - في النسب، والنصرة والمُعتِق
والوِلاية - بالكسر - في الإمارة، والولاء المعتَق، والموالاة من والى القوم والله
عز وجل هو المولى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11]
فهو المولى، والرب الملك، السيد، وهو المأمول منه النصر والمعونة لأنه هو
المالك لكل شيء وهو الذي سمى نفسه عز وجل بهذا الاسم فقال سبحانه
{فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}
[الحج:78] وقال سبحانه وتعالى: {وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى
وَنِعْمَ النَّصِيرُ
} [الأنفال:40] وقال الله سبحانه:
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد:11]
والله سبحانه وتعالى هو مولى الذين آمنوا وهو سيدهم وناصرهم، على
أعدائهم فنعم المولى ونعم النصير، فالله عزَّ وجل هو الذي يتولى عباده
المؤمنين ويوصل إليهم مصالحهم، وييسر لهم منافعهم الدينية والدنيوية
(ونعم النصير) الذي ينصرهم ويدفع عنهم كيد الفجار وتكالب الأشرار، ومن الله
مولاه وناصره فلا خوف عليه ومن كان الله عليه فلا عز له ولا قائمة تقوم له فالله
سبحانه هو مولى المؤمنين فيدبرهم بحسن تدبيره فنعم المولى لمن تولاه
فحصل له مطلوبه ونعم النصير لمن استنصره فدفع عنه المكروه، وقال الله
عز وجل:{بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} [آل عمران:150] ومن دعاء
المؤمنين لربهم تبارك وتعالى ما أخبر الله عنهم بقوله:
{وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:286]
أي أنت ولينا وناصرنا وعليك توكلنا وأنت المستعان وعليك التكلان ولا حول
ولا قوة لنا إلا بك وقال عز وجل:{إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا
عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ
}
[التحريم:4] وقال:{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ
الْحَكِيمُ
} [التحريم:2] وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة حينما
قال لهم أبو سفيان لنا العُزى ولا عُزى لكم فقال:
((قولوا الله مولانا ولا مولى لكم)) .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص 214




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:53 AM
المشاركة 68

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المؤمن

الذي أثنى على نفسه بصفات الكمال، وبكمال الجلال والجمال الذي أرسل رسله
وأنزل كتبه بالآيات والبراهين وصدق رسله بكل آية وبرهان، يدل على صدقهم
وصحة ما جاءوا به

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص169

المؤمن هو الذي يعزى إليه الأمن والأمان بإفادته أسبابه وسده طرق المخاوف
ولا يتصور أمن وأمان إلا في محل الخوف ولا خوف إلا عند إمكان العدم والنقص
والهلاك والمؤمن المطلق هو الذي لا يتصور أمن وأمان إلا ويكون مستفادا من
جهته وهو الله سبحانه وتعالى.

المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى لأبي حامد الغزالي –
ص70

القول الأول في معنى اسم الله المؤمن: أن المؤمن هو الذي أمن الناس أنه
لا يظلم أحدا من خلقه ، وأمن من آمن به من عذابه ، وهذا القول منسوب
لعبد الله بن عباس رضي الله عنه ،
القول الثاني في معنى اسم الله المؤمن: أن المؤمن هو المجير الذي يجير
المظلوم من الظالم ، كما قاله محمد بن كعب القرظي ، وذلك على اعتبار
أن الله عز وجل هو الذي يجير المظلوم من الظالم بمعنى يؤمنه وينصره
القول الثالث في معنى اسم الله المؤمن: أنه الذي يصدق المؤمنين إذا وحدوه
لأنه الواحد الذي وحد نفسه بشهادته
القول الرابع في معنى اسم الله المؤمن: أن المؤمن هو الذي يصدق مع عباده
المؤمنين في وعده ، ويصدق ظنون عباده الموحدين ولا يخيب آمالهم .

محاضرة منهج السلف في فهم الأسماء الحسنى

النصير

النصير: فعيل بمعنى فاعل أو مفعول لأنَّ كل واحد من المتناصرين ناصر
ومنصور وقد نصره ينصره نصراً إذا أعانه على عدوه وشدَّ منه والنصير هو
الموثوق منه بأن لا يسلم وليه ولا يخذله والله عز وجل النصير ونصره ليس
كنصر المخلوق: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11]
وقد سمى نفسه تبارك وتعالى باسم النصير فقال:{وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا}
[الفرقان:31] {وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا}
[النساء:45]، {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}
[الحج:78] {فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الأنفال:40]
والله عز وجل هو النصير الذي ينصر عباده المؤمنين ويعينهم كما قال عز وجل:
{إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ
وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ
} [آل عمران:160] وقال عز وجل:{إِن تَنصُرُوا اللَّهَ
يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
} [محمد:7] {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ
} [غافر:51] {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُون بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن
يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
} [الروم:5] {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}
[الحج:40] {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:47] {مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن
يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ
يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ
} [الحج:15] ونصرة الله للعبد ظاهرة من هذه الآيات وغيرها
فهو ينصر من ينصره ويعينه ويسددهأما نُصرَة العبد لله فهي: أن ينصر عباد الله
المؤمنين والقيام بحقوق الله عز وجل، ورعاية عهوده، واعتناق أحكامه، والابتعاد
عما حرم الله عليه فهذا من نصرة العبد لربه كما قال عز وجل:
{إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد:7] وقال: {كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ} [الصف:14]
وقال:{وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ
بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ
} [الحديد:25] ومن نصر الله بطاعته والابتعاد عن معصيته
نصره الله نصراً مؤزراً، والله عز وجل: ينصر عباده المؤمنين على أعدائهم ويبين لهم
ما يحذرون منهم، ويعينهم عليهم فولايته تعالى فيها حصول الخير ونصره فيه وزوال
الشر وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا غزا:
((اللهم أنت عضدي، وأنت نصيري، بك أحول وبك أصول، وبك أقاتل)) والله عز وجل
ينصر عباده المؤمنين في قديم الدهر وحديثه في الدنيا ويقر أعينهم ممن آذاهم
ففي صحيح البخاري يقول الله تبارك وتعالى:
((من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)) ولهذا أهلك الله قوم نوح، وعاد، وثمود،
وأصحاب الرس، وقوم لوط، وأهل مدين، وأشباههم ممن كذب الرسل وخالف
الحق وأنجى الله تعالى من بينهم المؤمنين فلم يهلك منهم أحداً وعذب
الكافرين فلم يفلت منهم أحداً، وهكذا نصر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم
وأصحابه على من خالفه وكذبه، وعاداه، فجعل كلمته هي العليا ودينه هو الظاهر
على سائر الأديان ودخل الناس في دين الله أفواجاً وانتشر دين الإسلام في
مشارق الأرض ومغاربها وقد وعد الله من ينصره بالنصر والتأييد فمن نصر الله
بالقيام بدينه والدعوة إليه، وجهاد أعدائه وقصد بذلك وجه الله، نصره الله وأعانه
وقواه، والله وعده وهو الكريم وهو أصدق قيلاً وأحسن حديثاً فقد وعد أن الذي
ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه، وييسر له أسباب النصر من الثبات وغيره
وقد بين الله عز وجل علامة من ينصر الله فمن ادعى أنه ينصر الله وينصر دينه
ولم يتصف بهذا الوصف فهو كاذب قال الله عز وجل:
{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا
الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ
}
[الحج:40-41] فهذه علامة من ينصر الله وينصره الله وقد أمر الله عباده
المؤمنين بنصره عز وجل فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ}
[الصف:14] ومن نصر دين الله تعلُّم كتاب الله وسنة رسوله، والحث على ذلك
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص218

نور السموات والأرض

قال تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ
فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ
وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ
مَن يَشَاء
} [النور:35] وقال صلى الله عليه وسلم: ((اللهم لك الحمد أنت نور
السموات والأرض ومن فيهن
)) الحديث وقال صلى الله عليه وسلم:
((إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه
عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه
لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه
)) قال العلامة عبد الرحمن
بن ناصر السعدي رحمه الله: من أسمائه جل جلاله ومن أوصافه (النور) الذي
هو وصفه العظيم، فإنه ذو الجلال والإكرام وذو البهاء والسبحات الذي لو كشف
الحجاب عن وجهه الكريم لأحرقت سبحاته ما انتهى إليه بصره من خلقه، وهو
الذي استنارت به العوالم كلها، فبنور وجهه أشرقت الظلمات، واستنار به
العرش والكرسي والسبع الطباق وجميع الأكوان والنور نوعان:
حسي كهذه العوالم التي لم يحصل لها نور إلا من نوره
ونور معنوي يحصل في القلوب والأرواح بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم
من كتاب الله وسنة نبيه فعلم الكتاب والسنة والعمل بهما ينير القلوب
والأسماع والأبصار، ويكون نوراً للعبد في الدنيا والآخرة {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء}
[النور:35] لما ذكر أنه نور السماوات والأرض وسمَّى الله كتابه نوراً ورسوله
نوراً ووحيه نوراً ..
ثم إنَّ ابن القيم رحمه الله حذر من اغترار من اغتر من أهل التصوف، الذين
لم يفرقوا بين نور الصفات وبين أنوار الإيمان والمعارف، فإنهم لما تألهوا وتعبدوا
من غير فرقان وعلم كامل، ولاحت أنوار التعبد في قلوبهم، لأن العبادات لها أنوار
للقلوب، فظنوا هذا النور هو نور الذات المقدسة، فحصل منهم من الشطح
والكلام القبيح ما هو أثر هذا الجهل والاغترار والضلال وأما أهل العلم والإيمان
والفرقان فإنهم يفرقون بين نور الذات والصفات، وبين نور المخلوق الحسي
منه والمعنوي، فيعترفون أن نور أوصاف الباري ملازم لذاته لا يفارقها ولا يحل
بمخلوق، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً وأما النور المخلوق فهو
الذي تتصف به المخلوقات بحسب الأسباب والمعاني القائمة بها والمؤمن
إذا كمل إيمانه أنار الله قلبه، فانكشفت له حقائق الأشياء، وحصل له فرقان
يفرق به بين الحق والباطل، وصار هذا النور هو مادة حياة العبد وقوته على
الخير علماً وعملاً، وانكشفت عنه الشبهات القادحة في العلم واليقين
والشهوات الناشئة عن الغفلة والظلمة، وكان قلبه نوراً وكلامه نوراً وعمله
نوراً، والنور محيط به من جهاته والكافر، أو المنافق، أو المعارض، أو المعرض
الغافل كل هؤلاء يتخبطون في الظلمات، كل له من الظلمة بحسب ما معه
من موادها وأسبابها والله الموفق وحده .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص157

الهادي

قال الله تعالى: {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [الفرقان:31] قال تعالى:
{وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الحج:54] (الهادي) أي:
الذي يهدي ويرشد عباده إلى جميع المنافع، وإلى دفع المضار، ويعلمهم
مالا يعلمون ،ويهديهم لهداية التوفيق والتسديد، ويلهمهم التقوى، ويجعل
قلوبهم منيبة إليه، منقادة لأمره والهداية:هي دلالة بلطف وهداية الله تعالى
للإنسان على أربعة أوجه:
الأول: الهداية التي عم بجنسها كل مكلف من العقل، والفطنة، والمعارف
الضرورية التي أعم منها كل شيء بقدر فيه حسب احتماله كما قال تعالى:
{رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50]
الثاني: الهداية التي جعل للناس بدعائه إياهم على ألسنة الأنبياء وإنزال
القرآن ونحو ذلك وهو المقصود بقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}
[السجدة:24]
الثالث: التوفيق الذي يختص به من اهتدى وهو المعني بقوله تعالى:
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} [محمد:17]، وقوله تعالى:
{وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ
الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ
{ [يونس:9]، وقوله: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا
لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا
{ [العنكبوت:69] }
الرابع: الهداية في الآخرة إلى الجنة المعنيُّ بقوله: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ}
[محمد:5] وقوله: {وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف:43] وهذه
الهدايات الأربع مترتبة فإنَّ من لم تحصل له الأولى لا تحصل الثانية بل لا يصح
تكليفه، ومن لم تحصل له الثانية لا تحصل له الثالثة والرابعة، ومن حصل له
الرابع فقد حصل له الثلاث التي قبلها، ومن حصل له الثالث فقد حصل له
اللذان قبله ثم ينعكس فقد تحصل الأولى ولا يحصل له الثاني ولا يحصل الثالث
والإنسان لا يقدر أن يهدي أحداً إلا بالدعاء وتعريف الطرق دون سائر أنواع الهدايات
وإلى الثانية أشار بقوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى:52]
{يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [السجدة:24]، {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد:7] أي داع، وإلى
سائر الهدايات أشار بقوله:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص:56] فهو الذي
قوله رشد، وفعله كله رشد، وهو مرشد الحيران الضال فيهديه إلى الصراط
المستقيم بياناً، وتعليماً، وتوفيقاً، فأقواله القدرية التي يوجد بها الأشياء ويدبر
بها الأمور كلها حق لاشتمالها على الحكمة والحسن والإتقان، وأقواله
الشرعية الدينية هي أقوله التي تكلم بها في كتبه، وعلى ألسنة رسله
المشتملة على الصدق التام في الأخبار والعدل الكامل في الأمر والنهي، فإنه
لا أصدق من الله قيلاً ولا أحسن منه حديثاً: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً}
[الأنعام:115] في الأمر والنهي، وهي أعظم وأجل ما يرشد بها العباد،
بل لا حصول إلى الرشاد بغيرها، فمن ابتغى الهدى من غيرها أضله الله، ومن
لم يسترشد بها فليس برشيد، فيحصل بها الرشد العلمي وهو بيان الحقائق
والأصول، والفروع، والمصالح والمضار الدينية والدنيوية، ويحصل بها الرشد
العلمي فإنها تزكي النفوس وتطهر القلوب وتدعو إلى أصلح الأعمال وأحسن
الأخلاق، وتحث على كل جميل، وترهب عن كل ذميم رذيل، فمن استرشد
بها فهو المهتدي، ومن لم يسترشد بها فهو ضال ولم يجعل لأحد عليه حجة
بعد بعثته للرسل وإنزاله الكتب المشتملة على الهدى المطلق، فكم هدى
بفضله ضالاً وأرشد حائراً، وخصوصاً من تعلق به وطلب منه الهدى من صميم
قلبه، وعلم أنه المنفرد بالهداية .
وكل هداية ذكر الله عز وجل أنه منع الظالمين والكافرين فهي:
الهداية الثالثة وهي هداية التوفيق والإلهام الذي يختص به المهتدون ،والرابعة
التي هي الثواب في الآخرة وإدخال الجنة كقوله عز وجل:
{وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة:258] وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ
الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
} [النحل:107]
وكل هداية نفاها الله عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن البشر فهي ما عدا
المختص من الدعاء وتعريف الطريق وذلك كإعطاء العقل، والتوفيق، وإدخال الجنة
كقوله تعالى: {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} [البقرة:272]

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص132




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 03:55 AM
المشاركة 69

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الواحد، الأحد

قال الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1]، وقال سبحانه:
{قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد:16] وهو الذي توحَّد بجميع
الكمالات، بحيث لا يشاركه فيها مشارك ويجب على العبيد توحيده، عقداً وقولاً
وعملاً، بأن يعترفوا بكماله المطلق وتفرده بالوحدانية، ويفردوه بأنواع العبادة
والأحد يعني: الذي تفرَّد بكل كمال، ومجد وجلال، وجمال وحمد، وحكمة، ورحمة
وغيرها من صفات الكمال فليس له مثيل ولا نظير، ولا مناسب بوجه من الوجوه
فهو الأحد في حياته وقيوميته، وعلمه وقدرته، وعظمته وجلاله، وجماله وحمده
وحكمته ورحمته، وغيرها من صفاته، موصوف بغاية الكمال ونهايته، من كل
صفة من هذه الصفات ومن تحقيق أحديته وتفرده بها أنه (الصمد) أي: الرب
الكامل، والسيد العظيم، الذي لم يبق صفة كمال إلا اتصف بها ووصفه بغايتها
وكمالها، بحيث لا تحيط الخلائق ببعض تلك الصفات بقلوبهم، ولا تعبر عنها
ألسنتهم.

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص166

الواسع

قال الله تعالى: {وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:268]
فهو سبحانه وتعالى واسع الصفات، والنعوت، ومتعلقاتها بحيث لا يحصي أحد
ثناء عليه بل هو كما أثنى على نفسه واسع العظمة، والسلطان، والملك واسع
الفضل، والإحسان، عظيم الجود والكرم .

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص176

الوتر

و(الوِتْر) من أسمائه تعالى حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
((لله تسعة وتسعون اسماً من حفظها دخل الجنة، وإنَّ الله وِتْر يحب الوِتْر))

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص446

الودود

قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود:90]
وقال تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [البروج:14] والود مأخوذ من الوُد بضم الواو
بمعنى خالص المحبة فالودود هو المحب المحبوب بمعنى واد مودود، فهو الواد
لأنبيائه، وملائكته، وعباده المؤمنين، وهو المحبوب لهم بل لا شيء أحبَّ إليهم
منه، ولا تعادل محبة الله من أصفيائه محبة أخرى، لا في أصلها، ولا في
كيفيتها، ولا في متعلقاتها، وهذا هو الفرض والواجب أن تكون محبة الله في قلب
العبد سابقة لكل محبة، غالبة لكل محبة ويتعين أن تكون بقية المحاب تبعاً
لها ومحبة الله هي روح الأعمال، وجميع العبودية الظاهرة والباطنة ناشئة عن
محبة الله ومحبة العبد لربه فضل من الله وإحسان، ليست بحول العبد ولا قوته
فهو تعالى الذي أحبَّ عبده فجعل المحبة في قلبه، ثم لما أحبه العبد بتوفيقه
جازاه الله بحب آخر، فهذا هو الإحسان المحض على الحقيقة، إذ منه السبب
ومنه المسبب، ليس المقصود منها المعاوضة،وإنما ذلك محبة منه تعالى
للشاكرين من عباده ولشكرهم، فالمصلحة كلها عائدة إلى العبد، فتبارك الذي
جعل وأودع المحبة في قلوب المؤمنين، ثم لم يزل ينميها ويقويها حتى وصلت
في قلوب الأصفياء إلى حالة تتضاءل عندها جميع المحاب، وتسلِّيهم عن
الأحباب، وتهون عليهم المصائب، وتلذذ لهم مشقة الطاعات، وتثمر لهم
ما يشاءون من أصناف الكرامات التي أعلاها محبة الله والفوز برضاه والأنس
بقربه فمحبة العبد لربه محفوفة بمحبتين من ربه: فمحبة قبلها صار بها محباً
لربه، ومحبة بعدها شكراً من الله على محبة صار بها من أصفيائه المخلصين
وأعظم سبب يكتسب به العبد محبة ربه التي هي أعظم المطالب، الإكثار من
ذكره والثناء عليه، وكثرة الإنابة إليه، وقوة التوكل عليه، والتقرُّب إليه بالفرائض
والنوافل، وتحقيق الإخلاص له في الأقوال والأفعال، ومتابعة النبي...
صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً كما قال تعالى:
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [آل عمران:31]

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص121

الوكيل

قال الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر:62]
فهو سبحانه المتولي لتدبير خلقه، بعلمه، وكمال قدرته، وشمول حكمته
الذي تولى أولياءه، فيسرهم لليسرى، وجنبهم العسرى وكفاهم الأمور فمن
اتخذه وكيلاً كفاه: {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ}
[البقرة:257]

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص172

الولي

الولي: يطلق على كل من ولي أمراً أو قام به، والنصير، والمحب، والصديق
والحليف، والصهر، والجار، والتابع، والمعتق، والمطيع يقال: المؤمن ولي الله
والمطر يسقط بعد المطر، والولي ضد العدو، والناصر والمتولي لأمور العالم
والخلائق، ويقال للقيِّم على اليتيم الولي، وللأمير الوالي قال الراغب الأصفهاني:
الولاء والتوالي يطلق على القرب من حيث المكان ومن حيث النسب ومن
حيث الدين، ومن حيث الصداقة، ومن حيث النصرة، ومن حيث الاعتقاد، والولاية
النصرة، والولاية تولي الأمر والوَليُّ والموْلى يستعملان في ذلك كل واحد منهما
يقال في معنى الفاعل أي المُوالي وفي معنى المفعول أي المُوالَى:
يقال للمؤمن هو ولي الله، ويقال الله ولي المؤمنين وولاية الله عز وجل ليست
كغيرها: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى:11]
فهو سبحانه الولي الذي تولى أمور العالم والخلائق، وهو مالك التدبير، وهو
الولي الذي صرف لخلقه ما ينفعهم في دينهم ودنياهم وأخراهم، وقد سمى
الله نفسه بهذا الاسم فهو من الأسماء الحسنى قال الله عز وجل:
{أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ
} [الشورى:9] وقال عز وجل:{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا
وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ
} [الشورى:28] فالله عز وجل هو الولي الذي
يتولاه عبده بعبادته وطاعته والتقرب إليه بما أمكن من القربات وهو الذي يتولى
عباده عموماً بتدبيرهم ونفوذ القدر فيهم، ويتولى عباده بأنواع التدبير ويتولى
عباده المؤمنين خصوصاً بإخراجهم من الظلمات إلى النور ويتولى تربيتهم
بلطفه ويعينهم في جميع أمورهم وينصرهم، ويؤيدهم بتوفيقه، ويسددهم
قال الله عز وجل:{اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ
كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
} [البقرة:257] وقال عز وجل:{وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ
وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ
} [الجاثية:19] فالله عز وجل هو نصير المؤمنين وظهيرهم
يتولاهم بعونه وتوفيقه، ويخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان وإنما
جعل الظلمات للكفر مثلاً، لأن الظلمات حاجبة للأبصار عن إدراك الأشياء
وإثباتها وكذلك الكفر حاجب لأبصار القلوب عن إدراك حقائق الإيمان، والعلم
بصحته وصحة أسبابه فأخبر عز وجل عباده أنه ولي المؤمنين ومبصِّرهم
حقيقة الإيمان، وسبله، وشرائعه، وحججه، وهاديهم لأدلته المزيلة عنهم
الشكوك بكشفه عنهم دواعي الكفر، وظلم سواتر أبصار القلوبوالخلاصة:
أن الله تعالى أخبر أن الذين آمنوا بالله ورسله، وصدقوا إيمانهم بالقيام بواجبات
الإيمان، وترك كل ما ينافيه، أنه وليهم، يتولاهم بولايته الخاصة، ويتولى
تربيتهم فيخرجهم من ظلمات الجهل والكفر، والمعاصي، والغفلة، والإعراض
إلى نور العلم، واليقين، والإيمان والطاعة، والإقبال الكامل على ربه، وينور
قلوبهم بما يقذف فيها من نور الوحي والإيمان، وييسرهم لليسرى
ويجنبهم العسرى، ويجلب لهم المنافع، ويدفع عنهم المضار فهو يتولى
الصالحين: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ}
[الأعراف:196] الذين صلحت نياتهم، وأقوالهم، فهم لمَّا تولوا ربهم بالإيمان
والتقوى، ولم يتولوا غيره ممن لا ينفع ولا يضر تولاهم الله ولطف بهم
وأعانهم على ما فيه الخير، والمصلحة في دينهم ودنياهم ودفع عنهم
بإيمانهم كل مكروه كما قال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}
[الحج:38] وأما الذين كفروا، فإنهم لما تولوا غير وليهم ولاّهم الله ما تولوا
لأنفسهم، وخذلهم ووكلهم، إلى رعاية من تولاهم ممن ليس عنده نفع
ولا ضر، فأضلوهم، وأشقوهم، وحرموهم هداية العلم النافع، والعمل الصالح
وحرموهم السعادة الأبدية وصارت النار مثواهم خالدين فيها مخلدينٍ:
اللهم تولنا فيمن توليت والله عز وجل يحب أولياءه وينصرهم ويسددهم
والولي لله هو العالم بالله المواظب على طاعته المخلص في عبادته المبتعد
عن معصية الله ومن عادى هذا الولي لله فالله عز وجل يعلمه بالحرب
قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى:
((إن الله يقول من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّب إلي عبدي
بشيء أحبَّ إلي مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل
حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به
ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن
استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن
يكره الموت وأنا أكره مساءته
)) والمعنى أنه إذا كان ولياً لله عز وجل فالله
يحفظه ويسدده، ويوفقه حتى لا يسمع إلا إلى ما يرضي مولاه، ولا ينظر إلا
إلى ما يحبه مولاه، ولا تبطش يداه إلا فيما يرضي الله، ولا تمشي قدماه إلا
إلى الطاعات فهو موفق مسدد مهتد ملهم من المولى وهو الله عز وجل
ولهذا فسَّر هذا الحديث بهذا أهل العلم كابن تيمية وغيره ولأنه جاء في رواية
الحديث رواية أخرى: ((فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش وبي يمشي))
هذا يدل على نصرة الله لعبده، وتأييده، وإعانته، فيوفقه الله للأعمال التي
يباشرها بهذه الأعضاء، ويعصمه عن مواقعة ما يكره الله عز وجل.

شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف
القحطاني - ص208




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 04:00 AM
المشاركة 70

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
القاعدة الأولى:

صفات الله تعالى كلها صفات كمال، لا نقص فيها بوجه من الوجوه كالحياة
والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والرحمة، والعزة، والحكمة والعلو، والعظمة
وغير ذلك وقد دل على هذا السمع، والعقل، والفطرة ..
أما السمع: فمنه قوله تعالى: {لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلّهِ الْمَثَلُ
الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
} [النحل:60] والمثل الأعلى هو الوصف الأعلى..
وأما العقل: فوجهه أن كل موجود حقيقة، فلابد أن تكون له صفة إما صفة كمال
وإما صفة نقص والثاني باطل بالنسبة إلى الرب الكامل المستحق للعبادة؛
ولهذا أظهر الله تعالى بطلان ألوهية الأصنام باتصافها بالنقص والعجز فقال تعالى:
{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ
عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ
} [الأحقاف:5] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ
لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ
}
[النحل:20-21] وقال عن إبراهيم وهو يحتج على أبيه: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا
يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا
} [مريم:42] وعلى قومه: {أَفَتَعْبُدُونَ مِن
دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلا
تَعْقِلُونَ
} [الأنبياء:66-67] ثم إنه قد ثبت بالحس والمشاهدة أن للمخلوق
صفات كمال، وهي من الله تعالى، فمعطي الكمال أولى به وأما الفطرة:
فلأن النفوس السليمة مجبولة مفطورة على محبة الله وتعظيمه وعبادته
وهل تحب وتعظم وتعبد إلا من علمت أنه متصف بصفات الكمال اللائقة بربوبيته
وألوهيته؟ وإذا كانت الصفة نقصاً لا كمال فيها فهي ممتنعة في حق الله تعالى
كالموت والجهل، والنسيان، والعجز،والعمى،والصمم ونحوها؛ لقوله تعالى:
{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} [الفرقان:58] وقوله عن موسى:
{فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى} [طه:52] وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن
شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ
} [فاطر:44] وقوله: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ
سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ
} [الزخرف:80]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال ((إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور))
وقال: ((أيها الناس، اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمَّ، ولا غائباً))
وقد عاقب الله تعالى الواصفين له بالنقص، كما في قوله تعالى:
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}
[المائدة:64] وقوله: {لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء
سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ
}
[آل عمران:181] ونزه نفسه عما يصفونه به من النقائص، فقال سبحانه:
{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ
} [الصافات:180-182] وقال تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ
مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا
يَصِفُونَ
} [المؤمنون:91]
وإذا كانت الصفة كمالاً في حال، ونقصاً في حال، لم تكن جائزة في حق الله
ولا ممتنعة على سبيل الإطلاق، فلا تثبت له إثباتاً مطلقاً، ولا تنفى عنه نفياً
مطلقاً بل لابد من التفصيل: فتجوز في الحال التي تكون كمالاً، وتمتنع في
الحال التي تكون نقصاً وذلك كالمكر، والكيد، والخداع، ونحوها فهذه الصفات
تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة من يعاملون الفاعل بمثلها؛ لأنها حينئذ تدل
على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله أو أشد، وتكون نقصاً في غير
هذه الحال، ولهذا لم يذكرها الله تعالى من صفاته على سبيل الإطلاق وإنما
ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها،كقوله تعالى:
{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30]
وقوله: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا} [الطارق:15-16] وقوله:
{وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي
مَتِينٌ
} [الأعراف:182-183] وقوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}
[النساء:142] وقوله: {قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا
نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ
} [البقرة:14-15]، ولهذا لم يذكر الله أنه
خان من خانوه فقال تعالى: {وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ
مِنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
} فقال: {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} [الأنفال:71]، ولم يقل: فخانهم؛
لأن الخيانة خدعة في مقام الائتمان، وهي صفة ذم مطلقاً وبذا عرف أن قول
بعض العوام: "خان الله من يخون" منكر فاحش، يجب النهي عنه .

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين-
ص27

القاعدة الثانية: باب الصفات أوسع من باب الأسماء

وذلك لأن كل اسم متضمن لصفة كما سبق في القاعدة الثالثة من قواعد الأسماء
ولأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله تعالى، وأفعاله لا منتهى لها، كما أن أقواله
لا منتهى لها، قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ
مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
} [لقمان:27]
ومن أمثلة ذلك: أن من صفات الله تعالى المجيء، والإتيان، والأخذ والإمساك
والبطش، إلى غير ذلك من الصفات التي لا تحصى كما قال تعالى: {وَجَاءَ رَبُّك}
[الفجر:22] وقال: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ}
[البقرة:210] وقال: {فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران:11] وقال:
{وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ} [الحج:65] وقال:
{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج:12] وقال: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ
الْعُسْرَ
} [البقرة:185] وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
((ينزل ربنا إلى السماء الدنيا))
فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد، ولا نسميه بها، فلا نقول إن
من أسمائه الجائي، والآتي، والآخذ، والممسك، والباطش، والمريد، والنازل
ونحو ذلك، وإن كنا نخبر بذلك عنه ونصفه به .

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين-
ص30

القاعدة الثالثة: صفات الله تعالى على قسمين:
ثبوتية، وسلبية


فالثبوتية: ما أثبته الله تعالى لنفسه في كتابه، أو على لسان رسوله ..
صلى الله عليه وسلم، وكلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه، كالحياة
والعلم، والقدرة، والاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والوجه
واليدين، ونحو ذلك فيجب إثباتها لله تعالى حقيقة على الوجه اللائق به بدليل
السمع والعقل أما السمع: فمنه قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ
الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ
ضَلاَلاً بَعِيدًا
} [النساء:136] فالإيمان بالله يتضمن: الإيمان بصفاته والإيمان
بالكتاب الذي نزل على رسوله يتضمن: الإيمان بكل ما جاء فيه من صفات الله
وكون محمد صلى الله عليه وسلم رسوله يتضمن: الإيمان بكل ما أخبر به
عن مرسله، وهو الله – عز وجل .
وأما العقل: فلأن الله تعالى أخبر بها عن نفسه، وهو أعلم بها من غيره، وأصدق
قيلاً، وأحسن حديثاً من غيره، فوجب إثباتها له كما أخبر بها من غير تردد، فإن
التردد في الخبر إنما يتأتى حين يكون الخبر صادراً ممن يجوز عليه الجهل
أو الكذب، أو العي بحيث لا يفصح بما يريد، وكل هذه العيوب الثلاثة ممتنعة
في حق الله – عز وجل – فوجب قبول خبره على ما أخبر به وهكذا نقول فيما
أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى، فإن النبي..
صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بربه وأصدقهم خبراً وأنصحهم إرادة
وأفصحهم بياناً، فوجب قبول ما أخبر به على ما هو عليه والصفات السلبية:
ما نفاها الله – سبحانه – عن نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله..
صلى الله عليه وسلم، وكلها صفات نقص في حقه كالموت، والنوم، والجهل
والنسيان، والعجز، والتعب فيجب نفيها عن الله تعالى – لما سبق –
مع إثبات ضدها على الوجه الأكمل، وذلك لأن ما نفاه الله تعالى عن نفسه
فالمراد به بيان انتفائه لثبوت كمال ضده، لا لمجرد نفيه؛ لأن النفي ليس بكمال
إلا أن يتضمن ما يدل على الكمال، وذلك لأن النفي عدم، والعدم ليس بشيء
فضلاً عن أن يكون كمالاً، ولأن النفي قد يكون لعدم قابلية المحل له، فلا يكون
كمالاً كما لو قلت: الجدار لا يظلم وقد يكون للعجز عن القيام به فيكون نقصاً
كما في قول الشاعر: قبيلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل .
وقول الآخر: لكن قومي وإن كانوا ذوي حسب ليسوا من الشر في شيء وإن
هانا .
مثال ذلك: قوله تعالى:
{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} [الفرقان:58] فنفي الموت عنه يتضمن كمال
حياته
مثال آخر: قوله تعالى:{وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف:49] ونفي الظلم عنه يتضمن
كمال عدله .
مثال ثالث: قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي
الأَرْضِ
} [فاطر:44] فنفي العجز عنه يتضمن كمال علمه وقدرته ولهذا قال بعده:
{إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فاطر:44] لأن العجز سببه إما الجهل بأسباب الإيجاد
وإما قصور القدرة عنه فلكمال علم الله تعالى وقدرته لم يكن ليعجزه شيء
في السموات ولا في الأرض وبهذا المثال علمنا أن الصفة السلبية قد تتضمن
أكثر من كمال .

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين-
ص31

القاعدة الرابعة: الصفات الثبوتية صفات مدح وكمال
فكلما كثرت وتنوعت دلالتها


ظهر من كمال الموصوف بها ما هو أكثر.
ولهذا كانت الصفات الثبوتية التي أخبر الله بها عن نفسه أكثر بكثير من الصفات
السلبية، كما هو معلوم .
أما الصفات السلبية فلم تذكر غالباً إلا في الأحوال التالية:
الأولى: بيان عموم كماله كما في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}
[الشورى:11] {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:4]
الثانية: نفي ما ادعاه في حقه الكاذبون، كما في قوله:
{أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا} [مريم:91-92]
الثالثة: دفع توهم نقص من كماله فيما يتعلق بهذا الأمر المعين، كما في قوله:
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ} [الأنبياء:16] وقوله:
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ}
[ق:38]

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين-
ص33

القاعدة الخامسة: الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين:
ذاتية وفعلية


فالذاتية: هي التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها، كالعلم، والقدرة، والسمع، والبصر
والعزة، والحكمة، والعلو، والعظمة، ومنها الصفات الخبرية، كالوجه، واليدين
والعينين والفعلية: هي التي تتعلق بمشيئته، إن شاء فعلها، وإن شاء لم
يفعلها، كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا .
وقد تكون الصفة ذاتية فعلية باعتبارين، كالكلام، فإنه باعتبار أصله صفة ذاتية؛
لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متكلماً وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية؛
لأن الكلام يتعلق بمشيئته، يتكلم متى شاء بما شاء كما في قوله تعالى:
{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] وكل صفة تعلقت
بمشيئته تعالى فإنها تابعة لحكمته وقد تكون الحكمة معلومة لنا، وقد نعجز
عن إدراكها لكننا نعلم علم اليقين أنه – سبحانـه – لا يشاء شيئاً إلا وهو
موافق للحكمة، كما يشير إليه قوله تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ
اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
} [الإنسان:30]

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين-
ص34

القاعدة السادسة: يلزم في إثبات الصفات التخلي
عن محذورين عظيمين


أحدهما: التمثيل والثاني: التكييف فأما التمثيل: فهو اعتقاد المثبت أن ما أثبته
من صفات الله تعالى مماثل لصفات المخلوقين، وهذا اعتقاد باطل بدليل
السمع والعقل أما السمع: فمنه قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}
[الشورى:11] وقوله: {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [النحل:17]
وقوله: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم:65] وقوله: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}
[الإخلاص:4] وأما العقل فمن وجوه: الأول: أنه قد علم بالضرورة أن بين الخالق
والمخلوق تبياناً في الذات، وهذا يستلزم أن يكون بينهما تباين في الصفات؛
لأن صفة كل موصوف تليق به، كما هو ظاهر في صفات المخلوقات المتباينة
في الذوات، فقوة البعير مثلاً غير قوة الذرة، فإذا ظهر التباين بين المخلوقات
مع اشتراكها في الإمكان والحدوث، فظهور التباين بينها وبين الخالق أجلى
وأقوى الثاني: أن يقال: كيف يكون الرب الخالق الكامل من جميع الوجوه
مشابهاً في صفاته للمخلوق المربوب الناقص المفتقر إلى من يكمله، وهل
اعتقاد ذلك إلا تنقص لحق الخالق؟! فإن تشبيه الكامل بالناقص يجعله ناقصاً
الثالث: أننا نشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلف في الحقيقة
والكيفية، فنشاهد أن للإنسان يداً ليست كيد الفيل، وله قوة ليست كقوة
الجمل، مع الاتفاق في الاسم، فهذه يد وهذه يد، وهذه قوة وهذه قوة، وبينهما
تباين في الكيفية والوصف، فعلم بذلك أن الاتفاق في الاسم لا يلزم منه الاتفاق
في الحقيقة والتشبيه كالتمثيل، وقد يفرق بينهما بأن التمثيل التسوية في
كل الصفات، والتشبيه التسوية في أكثر الصفات،لكن التعبير بنفي التمثيل
أولى لموافقة القرآن:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] وأما التكييف:
فهو أن يعتقد المثبت أن كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا، من غير أن يقيدها
بمماثل وهذا اعتقاد باطل بدليل السمع والعقل أما السمع: فمنه قوله تعالى:
{وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه:110] وقوله:
{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}
[الإسراء:36] ومن المعلوم أنه لا علم لنا بكيفية صفات ربنا؛ لأنه تعالى أخبرنا
عنها ولم يخبرنا عن كيفيتها، فيكون تكييفنا قفواً لما ليس لنا به علم، وقولاً بما
لا يمكننا الإحاطة به وأما العقل: فلأن الشيء لا تعرف كيفية صفاته إلا بعد العلم
بكيفية ذاته أو العلم بنظيره المساوي له،أو بالخبر الصادق عنه،وكل هذه الطرق
منتفية في كيفية صفات الله – عز وجل – فوجب بطلان تكييفها وأيضاً فإننا نقول:
أي كيفية تقدرها لصفات الله تعالى؟ إن أي كيفية تقدرها في ذهنك، فالله أعظم
وأجل من ذلك وأي كيفية تقدرها لصفات الله تعالى فإنك ستكون كاذباً فيها؛
لأنه لا علم لك بذلك وحينئذ يجب الكف عن التكييف تقديراً بالجنان، أو تقديراً
باللسان، أو تحريراً بالبنان ولهذا لما سئل مالك – رحمه الله تعالى –
عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] كيف استوى؟
أطرق رحمه الله برأسه حتى علاه الرحضاء (العرق) ثم قال:
"الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة"
وروى عن شيخه ربيعة أيضاً: "الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول"
وقد مشى أهل العلم بعدهما على هذا الميزان وإذا كان الكيف غير معقول
ولم يرد به الشرع فقد انتفى عنه الدليلان العقلي والشرعي فوجب الكف عنه
فالحذر الحذر من التكييف أو محاولته، فإنك إن فعلت وقعت في مفاوز لا تستطيع
الخلاص منها، وإن ألقاه الشيطان في قلبك فاعلم أنه من نزغاته، فالجأ إلى ربك
فإنه معاذك، وافعل ما أمرك به فإنه طبيبك، قال الله تعالى:
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}
[فصلت:36]

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين-
ص35

القاعدة السابعة: صفات الله تعالى توقيفية
لا مجال للعقل فيها


فلا نثبت لله تعالى من الصفات إلا ما دل الكتاب والسنة على ثبوته، قال الإمام:
أحمد رحمه الله تعالى: "لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله
لا يتجاوز القرآن والحديث
" ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة ثلاثة أوجه:
الأول: التصريح بالصفة كالعزة، والقوة، والرحمة، والبطش، والوجه، واليدين
ونحوها الثاني: تضمن الاسم لها مثل: الغفور متضمن للمغفرة، والسميع
متضمن للسمع، ونحو ذلك الثالث: التصريح بفعل أو وصف دال عليها كالاستواء
على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين العباد يوم القيامة
والانتقام من المجرمين، الدال عليها – على الترتيب – قوله تعالى:
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] وقول النبي صلى الله عليه وسلم:
((ينزل ربنا إلى السماء الدنيا)) الحديث وقول الله تعالى:
{وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر:22] وقوله: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ}
[السجدة:22] .

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين-
ص38




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 04:08 AM
المشاركة 71

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
[تمهيد

أحصيت جميع الصفات الفعليَّة الخبرية؛ كالضحك، والبشبشة والغضب والحب
والبغض والكيد والمكر وغيرها، وبعضاً من الصفات السمعية، أما بقية الصفات
الفعليَّة – السمعية العقلية –؛ فهذه لا منتهى لها، وأنَّى لأحدٍ أن يحصيها،
{وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء} [إبراهيم:27]

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص16

الأوَّلِيَّةُ

صفةٌ ذاتيةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، وذلك من اسمه (الأَوَّلُ)، الثابت في الكتاب والسنة
ومعناه: الذي ليس قبله شيء
الدليل من الكتاب: قولـه تعالى:
{هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3]
الدليل من السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:
(( اللهم أنت الأوَّل؛ فليس قبلك شيء )) قال ابن القيم: فأوليَّةُ الله عَزَّ وجَلَّ
سابقة على أوليَّةِ كل ما سواه، وآخريَّتُه ثابتةٌ بعد آخرِيَّةِ كل ما سواه، فأوليَّتُه
سَبْقُه لكل شيء، وآخريَّتُه بقاؤه بعد كل شيء، وظاهريَّتُه سبحانه فوقيَّتُه
وعلوه على كل شيء، ومعنى الظهور يقتضي العلو، وظاهر الشيء هو ما
علا منه وأحاط بباطنه، وبطونه سبحانه إحاطته بكل شيء، بحيث يكون أقرب
إليه من نفسه، وهذا قرب غير قرب المحب من حبيبه، هذا لون وهذا لون
فمدار هذه الأسماء الأربعة على الإحاطة، وهي إحاطتان: زمانيَّة، ومكانيَّة
فإحاطة أوليَّتِه وآخريَّتِه بالقَبْلِ والبَعْدِ، فكل سابق انتهى إلى أوليَّتِه، وكلُ آخرٍ
انتهى إلى آخريَّتِه، فأحاطت أوليَّتُه وآخريَّتُه بالأوائل والأواخر، وأحاطت ظاهريَّتُه
وباطنيَّتُه بكلِّ ظاهرٍ وباطن، فما من ظاهرٍ إلا والله فوقه، وما من باطن إلا والله
دونه، وما من أولٍ إلا والله قبله، وما من آخرٍ إلا والله بعده، فالأوَّلُ قِدَمُه، والآخرُ
دوامه وبقاؤه، والظاهر علوه وعظمته، والباطن قربه ودنوه، فسبق كلَّ شيء
بأوليَّته، وبقي بعد كلُّ شيء بآخريَّتِه، وعلا على كل شيء بظهوره، ودنا من
كل شيء ببطونه، فلا تواري منه سماءٌٌٌ سماءً، ولا أرضٌ أرضاً، ولا يحجب عنه
ظاهرٌ باطناً، بل الباطنُ له ظاهر، والغيبُ عنده شهادة، والبعيدُ منه قريب
والسرُّ عنده علانية، فهذه الأسماء الأربعة تشتمل على أركان التوحيد، فهو
الأوَّل في آخريَّتِه، والآخر في أوليَّتِه، والظاهر في بطونه، والباطن في ظهوره
لم يزل أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص38

الإتْيَانُ وَالْمَجِيءُ

صفتان فعليتان خبريَّتان ثابتتان بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب:
1- قولـه تـعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ
وَقُضِيَ الأَمْرُ
} [البقرة:210]
2- وقولـه: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ}
[الأنعام:158]
3- وقولـه: {وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر:22]
الدليل من السنة:
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (( وإن تقرَّب إليَّ ذراعـاً؛ تقرَّبت إليه
باعاً، وإن أتاني يمشـي؛ أتيتُه هرولةً
))
2- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الرؤية: (( قال: فيأتيهم الجبَّار
في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم
))
قال ابن جرير في تفسير الآية الأولى: اختُلِف في صفة إتيان الرب تبارك وتعالى
الذي ذكره في قولـه: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ} [البقرة: 210] فقال بعضهم:
لا صفة لذلك غير الذي وصَف به نفسه عَزَّ وجَلَّ من المجيء والإتيان والنُّزُول، وغير
جائز تكلف القول في ذلك لأحدٍ إلا بخبرٍ من الله جل جلاله أو من رسولٍ مرسل
فأما القول في صفات الله وأسمائه؛ فغير جائز لأحد من جهة الاستخراج؛ إلا بما
ذكرنا وقال آخرون، ثم رجَّح القول الأوَّل وقال أبو الحسن الأشعري: وأجمعوا على
أنه عَزَّ وجَلَّ يجيء يوم القيامة والملك صفاً صفاً. اهـ وقال الشيخ محمد خليل
الهرَّاس بعد أن ذكر شيخ الإسلام الآيات السابقة: في هذه الآيات إثبات صفتين
من صفات الفعل، وهما صفتا الإتيان والمجيء، والذي عليه أهل السنة
والجماعة الإيمان بذلك على حقيقته، والابتعاد عن التأويل الذي هو في الحقيقة
إلحاد وتعطيل اهـ وانظر كلام البغوي في صفة (الأصابع) فائدة: لقد جاءت صفتا
الإتيان والمجيء مقترنتين في حديثٍ واحدٍ، رواه مسلم من حديث أبي هريرة
رضي الله عنه مرفوعاً: ((إذا تلقَّاني عبدي بشبرٍ؛ تلقَّيْته بذراع، وإذا تلقَّاني بذراع
تلقَّيْته بباع، وإذا تلقَّاني بباع، جئتُه أتيتُه بأسرع
)) قال النووي:
(هكذا هو في أكثر النسخ: ((جئتُه أتيتُه))، وفي بعضها ((جئتُه بأسرع)) فقط،
وفي بعضها: ((أتيتُه))، وهاتان ظاهرتان، والأوَّل صحيح أيضاً، والجمع بينهما
للتوكيد، وهو حسن، لاسيما عند اختلاف اللفظ، والله أعلم) .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص39

الإِجَابَةُ

صفةٌ فعليةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة، والمجيب اسمٌ من أسمائه تعالى
الدليل من الكتاب:
1- قولـه تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم} [آل عمران: 195]
2- وقولـه: { إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} [هود: 61]
3- وقولـه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي }وَإِذَا سَأَلَكَ
عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ
{ [البقرة: 186] }
الدليل من السنة:
1- حديث: ((لا يزال يستجاب للعبد؛ ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحـم؛ ما لم
يستعجل قيل: يا رسول الله! ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوتُ وقد دعوتُ
فلم أر يستجيب لي، فيستحسِر عند ذلك، ويدع الدعاء
))
2- حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً:
(( ألا وإني قد نهيت عن القراءة في الركوع والسجود فإذا ركعتم فعظموا ربكم
وإذا سجدتم فاجتهدوا في الدعاء فإنه قَمِنٌ أن يستجاب لكم
))
قال الحافظ ابن القيم :
وَهُوَ المجُيبُ يَقُوُلُ من يَدْعُو أُجِبْـ وَهُوَ المجُيــــبُ لِدَعْوَةِ المُضْـــطَّرِّ إذْ دعاهُ أنا
المجُيبُ لِكُلِّ مَنْ نَادَانِي يَدْعُوهُ في سِــرٍّ وفي إعْـلانِ
.
قال الشيخ الهرَّاس في شرح هذه الأبيات: (ومن أسمائه سبحانه (المجيب)
وهو اسم فاعل من الإجابة، وإجابته تعالى نوعان: إجابة عامة لكل من دعاه
دعاء عبادة أو دعاء مسألة
)وقال الشيخ السعدي: ومن آثاره الإجابة للداعين
والإنابة للعابدين؛ فهو المجيب إجابة عامة للداعين مهما كانوا، وعلى أي
حال كانوا؛ كما وعدهم بهذا الوعد المطلق، وهو المجيب إجابة خاصة
للمستجيبين له، المنقادين لشرعه، وهو المجيب أيضاً للمضطرين ومن
انقطع رجاؤهم من المخلوقين وقويَ تعلقهم به طمعاً ورجاءً وخوفاً .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص41




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 04:09 AM
المشاركة 72

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الأَحَدُ

يوصف الله جل وعلا بأنه الأحد، وهو اسمٌ له سبحانه وتعالى
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]
الدليل من السنة:
1- الحديث القدسي الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه:
(( وأما شتمه إياي؛ فقولـه: اتخذ الله ولداً، وأنا الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد
ولم يكن لي كفأً أحد
))
2- حديث بريدة رضي الله عنه؛
((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: اللهم إني أسألك أني
أشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، الأحد الصمد
)) معنـاه:
1- الذي لا شبيه له ولا نظير قاله: البيهقي
2- الأحد: الفرد قاله: ابن الأثير
3- الذي لا نظير له ولا وزير ولا نديد ولا شبيه ولا عديل، ولا يطلق هذا اللفظ
على أحدٍ في الإثبات إلا على الله عَزَّ وجَلَّ؛ لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله
قاله: ابن كثير في تفسير سورة الإخلاص

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص43

(الأحد الفرد)

الذي لا ضد له ولا ند له ولا شريك له في إلهيته وربوبيته ولا متصرف
معه في ذرة من ملكوته, ولا شبيه له ولا نظير له في شيء من أسمائه وصفاته
فهو أحد في إلهيته لا معبود بحق سواه ولا يستحق العبادة إلا هو ولذا قضى
ألا نعبد إلا إياه, وهو أحد في ربوبيته فلا شريك له في ملكه ولا مضاد ولا منازع
ولا مغالب أحد في ذاته وأسمائه وصفاته فلا شبيه له ولا مثيل ليس كمثله
شيء وهو السميع البصير يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما
فكما أنه الأحد الفرد في ذاته وإلهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته فهو المتفرد في
ملكوته بأنواع التصرفات – من الإيجاد والإعدام والإحياء والإماتة والخلق والرزق
والإعزاز والإذلال والهداية والإضلال والإسعاد والإشقاء والخفض والرفع والعطاء
والمنع والوصل والقطع والضر والنفع – فلو اجتمع أهل السموات السبع والأرضين
السبع ومن فيهن وما بينهما على إماتة من هو محييه أو إعزاز من هو مذله أو
هداية من هو مضله أو إسعاد من هو مشقيه أو خفض من هو رافعه أو وصل من
هو قاطعه أو إعطاء من هو مانعه أو ضر من هو نافعه أو عكس ذلك لم يكن ذلك
بممكن في استطاعتهم, وأنى لهم ذلك والكل خلقه وملكه وعبيده وفي قبضته
وتحت تصرفه وقهره, ماض فيهم حكمه عدل فيهم قضاءه نافذة فيهم مشيئته
لا امتناع لهم عما قضاه ولا خروج لهم من قبضته ولا تحرك ذرة في السموات
والأرض ولا تسكن إلا بإذنه, فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن فسحقا لأصحاب
السعير كيف جحدوا بآياته وأشركوا في إلهيته وربوبيته من هو مخلوق مربوب
مثلهم لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا, واتخذوهم من
دونه أربابا وأندادا سووهم به وعدلوهم به واعتقدوا أنهم متصرفون معه في
ملكوته وعبدوهم من دونه وهم يرون ويعلمون أنهم محدثون بعد أن لم يكونوا,
مسبوقون بالعدم عاجزون عن القيام بأنفسهم فقراء إلى من يقوم بهم وألحدوا
في أسماء الله وصفاته وآياته على اختلافهم في صناعة الإلحاد فبين مشبه له
تعالى بالعدم وهم نفاة أسمائه وصفاته بل هم نفاة وجود ذاته, وبين مشبه له
بالمخلوقات ممثل صفاته تعالى بصفات الحادثات المحدثات حاكمين عليه
بعقولهم واصفين له بما لم يصف نفسه وآخرون جحدوا إرادته ومشيئته النافذة
وقدرته الشاملة وأفعاله وحكمته وحمده وجعلوا أنفسهم هم الفاعلين لما شاءوا
الخالقين لما أرادوا من دون مشيئة لله ولا إرادة, وجحدوا أن يكون الله خلقهم
وما يعملون وآخرون جعلوا قضاءه وقدره حجة لهم على ترك أوامره ونواهيه,
وأنهم لا قدرة لهم ولا اختيار, وأنه كلفهم بفعل ما لا يطاق فعله وترك ما لا يطاق
تركه, وجعلوا معاصيه طاعات إذ وافقت مشيئته الكونية وقدره الكوني فخاصموه
بمشيئته وأقداره وعطلوا أوامره ونواهيه ونسبوه إلى الظلم تعالى, وأن تعذيبه
من لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولم يقم الصلاة ولم يؤت
الزكاة ولم يصم ولم يحج ولم يعمل الطاعات ولم يترك المعاصي كتعذيب الذكر لم
يصر أنثى والأنثى لم تصر ذكرا, وأن أمرهم بالصلاة وغيرها كأمر الآدمي بالطيران
والأعمى بنقط المصاحف, أولئك خصماء الله يوم القيامة, تعالى الله عما يقول
الظالمون والجاحدون علوا كبيرا ورضي الله عن المؤمنين إذ عرفوه حق معرفته
وقدروه حق قدره ووحدوه بإلهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته, وأثبتوا له ما أثبته
لنفسه, ونفوا عنه التمثيل, وآمنوا بقضائه وقدره وتلقوه بالرضا والتسليم, وأن
ذلك موجب ربوبيته ومقتضى إلهيته واللائق بحكمته وحمده, وتلقوا أمره بالسمع
والطاعة والامتثال والانقياد, ووقفوا عند نواهيه وحدوده فلم يعتدوها, ونزلوا كلا
من القدر والشرع منزلته ولم ينصبوا الخصام بينهما, فالقضاء والقدر يؤمن به
ولا يحتج به, والأمر والنهي يطاع ويمتثل, فالإيمان بالقدر من كمال التوحيد
وشهادة أن لا إله إلا الله والقيام بالأمر والنهي موجب شهادة أن محمدا رسول الله..
صلى الله عليه وسلم فمن لا يؤمن بالقضاء والقدر وينقاد للأمر والنهي فهو
مكذب بالشهادتين ولو نطق بهما لسانه وهذا البحث سيأتي تفصيله عن قريب
إن شاء الله في موضعه, وإنما ساقنا إليه هاهنا الكلام على كمال أحدية
الله عز وجل في إلهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته وأفعاله وقدره وشرعه, وأنه
لا معارض لمشيئته ولا معقب لحكمه, وأن المخلوق لا تصرف له في نفسه
فضلا عن غيره ولا قدرة له على ما لم يقدره الله تعالى عليه, فكيف يسوي به
ويعدل به ويشرك معه في إلهيته أو ينسب إليه التصرف في شيء من ملكوته
وكم يقيم الحجة تبارك وتعالى على من أشرك معه إلها غيره بأحديته في
الربوبية والأسماء والصفات وإقرار المشرك بها, وأن آلهته التي أشرك لا تتصف
بشيء منها ويلزمه إفراده بالألوهية الملازمة للربوبية كما قال تعالى:
{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}
[مريم:65] وقال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ
هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ
}
[الروم:40] وقال تعالى: {قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي
لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ
كَيْفَ تَحْكُمُونَ
} [يونس:34-35] إلى غير ذلك من الآيات .

معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي- ص168

الإِحْسَانُ

صفةٌ من صفات الله عَزَّ وجَلَّ الفعلية الثابتة
بالكتاب والسنة، والإحسان يأتي
بمعنيين:


1- الإنعام على الغير، وهو زائد على العدل
2- الإتقان والإحكام
والمحسن من أسماء الله تعالى
الدليل من الكتاب:
1- قولـه تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ}
[السجدة: 7]
2-وقولـه: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [التغابن: 3]
3- وقولـه: {قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا} [الطلاق: 11]
4- وقولـه: {وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص: 77]
الدليل من السنة:
1- حديث أنس رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله ...
صلى الله عليه وسلم: ((إذا حكمتم؛ فاعدلوا، وإذا قتلتم؛ فأحسنوا؛ فإن الله
مُحْسِنٌ يحب الإحسان
))
2- حديث شداد بن أوس رضي الله عنه؛ قال: حفظت من رسول الله ..
صلى الله عليه وسلم اثنتين؛ أنه قال: ((إن الله عَزَّ وجَلَّ مُحْسِنٌ يحب الإحسان،
فإذا قتلتم؛ فأحسنوا القتلة
))
3- حديث الحسن عن سمرة مرفوعاً: ((إن الله عَزَّ وجَلَّ مُحْسِنٌ؛ فأحسنوا،
فإذا قتل أحدكم
))

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص 43




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 04:11 AM
المشاركة 73

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الأَخْذُ بِالْيَدِ

صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ}
[الأعراف: 172] الدليل من السنة:
1- حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً:
((يأخذ الله عَزَّ وجَلَّ سماواته وأراضيه بيديه، فيقول: أنا الله ويقبض أصابعه
ويبسطها؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم
أنا الملك))
2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:
((وما تصدق أحد بصدقة من طيِّب، ولا يقبل الله إلا الطَّيِّب؛ إلا أخذها الرحمن
بيمينه
)) قال ابن فارس: الهمزة والخاء والذال أصل واحد تتفرع منه فروع
متقاربة في المعنى أما (أخْذ)؛ فالأصل حَوْزُ الشيء وجَبْيه وجَمْعه، تقول
أخذت الشيء آخذه أخذاً قال الخليل: هو خلاف العطاء، وهو التناول اهـ .
فالأخذ إمَّا أن يكون خلاف العطاء، وهو ما كان باليد كالعطاء، وإما أخذ قهر؛
كقولـه تعالى: {فَأَخَذَهُ اللهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى} [النازعات:25]، وقولـه تعالى:
{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى} [هود:102]، ومنه أخذ الأرواح، وأخذ العهود
والمواثيق، وهذا المعنى ظاهر، والمعنيُّ هنا المعنى الأوَّل، وكلاهما صفة لله
تعالى قال ابن القيم: ورد لفظ اليد في القرآن والسنة وكلام الصحابة والتابعين
في أكثر من مئة موضع وروداً متنوعاً متصرفاً فيه، مقروناً بما يدل على أنها
يد حقيقية؛ من الإمساك، والطـي، والقبض، والبسط وأخذ الصدقة بيمينه
وأنه يطـوي السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: من صفات الله تعالى المجيء والإتيان
والأخذ والإمساك والبطش إلى غير ذلك من الصفات فنصف الله تعالى بهذه
الصفات على الوجه الوارد .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص45

الأَذَنُ (بمعنى الاستماع)

صفةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالحديث الصحيح الدليل: حديث أبي هريرة رضي الله عنه
مرفوعاً: ((ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنَّى بالقرآن يجهر به))
قال أبو عبيد القاسم بن سلام بعد أن أورد حديث أبي هريرة رضي الله عنه
بإسناده: أما قولـه ((كأَذَنِه))؛ يعني: ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبيٍ
يتغنى بالقرآن، حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد في قولـه تعالى:
{وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} الانشقاق:2[؛ قال: سمِعَتْ أو قال: استمعت شكَّ أبو عبيد
يُقال: أذنتُ للشيء ءآذَنُ له أذَناً: إذا استمعتُه اهـ وقال البغوي: قولـه:
((ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه)) يعني: ما استمع الله لشيء كاستماعه، والله
لا يشغله سمع عن سمع، يقال: أذِنْتُ للشيء آذَنُ أذَناً بفتح الذال:
إذا سمعت له ) وقال الخطابي في: قولـه:
((ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنى بالقرآن)) الألف والذال مفتوحتان،
مصـدر أذِنْتُ للشيء أذناً: إذا استمعـت لـه، ومن قال: (كإذنه) فقد وهم. اهـ ]
وقال ابن كثير بعد أن أورد حديث:
((لم يأذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن)) قال:
ومعناه أنَّ الله تعالى ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته
ويحسنها، وذلك أنه يجتمع في قراءة الأنبياء طيب الصوت لكمال خلقهم وتمام
الخشية، وذلك هو الغاية في ذلك، وهو سبحانه وتعالى يسمع أصوات العباد
كلهم برهم وفاجرهم، كما قالت عائشة رضي الله عنها: سبحان الذي وسع
سمعه الأصوات ، ولكن استماعه لقراءة عباده المؤمنين أعظم؛ كما قال تعالى:
{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ
شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ
} [يونس: 61] الآية، ثم استماعه لقراءة أنبيائه أبلغ؛
كما دل عليه هذا الحديث العظيم، ومنهم من فسر الأذَن ها هنا بالأمر،
والأوَّل أولى؛ لقولـه: ((ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنى بالقرآن))؛ أي:
يجهر به، والأذَن: الاستماع؛ لدلالة السياق عليه ولهذا جاء في حديث رواه ابن
ماجة بسند جيد عن فضالة بن عبيد؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لله أشد أذَناً إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القَيْنةِ إلى قينتِه))
اهـ .
قلت: حديث فضالة رُوي بإسنادين ضعيفين: الأوَّل: منقطع، من رواية إسماعيـل
بن عبيد الله عن فضـالة بن عبيــد، رواه أحمد في (المسند 6/19)، والحاكم
في (المستدرك 1/571)، وقال: على شرط البخاري، قال الذهبي: قلت:
بل هو منقطع
والإسناد الثاني: موصول، رواه ابن ماجة (1340) من طريق إسماعيل
بن عبيد الله عن ميسرة مولى فضالة عن فضالة به، وعلته ميسرة، قال عنه
الذهبي في الميزان: ما حدَّث عنه سوى إسماعيل بن عبيد الله،
وقال في (الكاشف): نكرة، وقال ابن حجر في (التقريب): مقبول قال الأزهري:
وفي الحديث: ((ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنى بالقرآن))، قال أبو عبيد:
يعني: ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن يقال:
أذِنْتُ للشيء آذنُ له: إذا استمعت له
)) وقال ابن منظور في (لسان العرب):
قال ابن سيدة: وأذن إليه أذَنا ً: استمع، وفي الحديث:
((ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنى بالقرآن))، قال أبو عبيد ثم ذكر كلام
أبي عبيدٍ السابقوقال ابن فارس: ويقال للرجل السامع من كلِّ أحدٍ: أُذُن،
قال الله تعالى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} [التوبة: 61]
والأذَن: الاستماع، وقيل: أذَنٌ؛ لأنه بالأذُن يكون اهـ قلت: هذا في حق
المخلوقين، أما الخالق سبحانه وتعالى؛ فشأنه أعظم،
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11]؛ فنحن نقول:
إنَّ الله يأذن أذَناً؛ أي: يستمع استماعاً بلا كيف .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص47

الإِرَادَةُ والْمَشِيئَةُ

صفتان ثابتتان بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب: قولـه تعالى: {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ
يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا
} [الأنعام: 125]
وقولـه: {إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة: 1]
وقولـه: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاء اللَّهُ} [الإنسان: 30]
وقولـه: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء
وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء
} [آل عمران: 26]
الدليل من السنة: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله ..
صلى الله عليه وسلـم قال:
((وكَّل الله بالرحم ملكاً فإذا أراد الله أن يقضي خلقها؛ قال ))
حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((إذا أراد الله بقوم عذاباً؛ أصاب العذاب من كان فيهم ثم بُعثوا على أعمالهم))
حديث (( إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء، وإنك النار عذابي أعذب بك
من أشاء
)) حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء))
قال أبو الحسن الأشعري: وأجمعوا على إثبات حياة الله عَزَّ وجَلَّ، لم يزل بها حياً
إلى أن قال: وإرادة لم يزل بها مريداً اهـ وقال شيخ الإسلام - بعد أن سرد بعض
الآيات السابقة وغيرها -: وكذلك وصف نفسه بالمشيئة، ووصف عبده بالمشيئة
وكذلك وصف نفسه بالإرادة، ووصف عبده بالإرادة ومعلوم أنَّ مشيئة الله ليست
مثل مشيئة العبد، ولا إرادته مثل إرادته00 ا هـ وله رحمه الله كلام طويل حول
هذه الصفة في (دقائق التفسير) وانظر كلام ابن كثير في صفة (السمع)
ويجب إثبات صفة الإرادة بقسميها الكوني والشرعي؛ فالكونية بمعنى المشيئة،
والشرعية بمعنى المحبة .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص49

اسْتِطَابَةُ الْرَّوَائِحِ

صفةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالسنَّةِ الصحيحة، الدليل:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:
((ولخلـوف فم الصــائم أطيب عند الله من ريح المسك)) قال الحافظ ابن القيم:
من المعلوم أنَّ أطيب ما عند الناس من الرائحة رائحة المسك فمثَّل النبي..
صلى الله عليه وسلم هذا الخلوف عند الله تعالى بطيب رائحة المسك
عندنا وأعظم، ونسبة استطابة ذلك إليه سبحانه وتعالى كنسبة سائر صفاته
وأفعاله إليه فإنها استطابة لا تماثل استطابة المخلوقين كما أنَّ رضاه وغضبه
وفرحه وكراهيته وحبه وبغضه لا تماثل ما للمخلوق من ذلك كما أنَّ ذاته
سبحانه وتعالى لا تشبه ذوات خلقه، وصفاته لا تشبه صفاتهم وأفعالهم
وهو سبحانه وتعالى يستطيب الكلم الطيب فيصعد إليه والعمل الصالح فيرفعه
وليست هذه الاستطابة كاستطابتنا، ثم إنَّ تأويله لا يرفع الإشكال
إذ ما استشكله هؤلاء من الاستطابة يلزم مثله في الرضا فإن قال:
رضا ليس كرضا المخلوقين فقولوا: استطابة ليست كاستطابة المخلوقين
وعلى هذا جميع ما يجيء من هذا الباب أ هـ وقال الشيخ علي الشبل:
والذي قَرَّظه عددٌ من العلماء وفي مقدمتهم../
الإمام عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -: والاستطابة لرائحة خلوف فم الصائم
من جنس الصفات العُلى، يجب الإيمان بها مع عدم مماثلة صفات المخلوقين .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص51




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 04:16 AM
المشاركة 74

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الاسْتِهْزَاءُ بِالْكَافِرِينَ

صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ في كتابه العزيز الدليل: قولـه تعالى:
{وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ
إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
}
[البقرة: 14-15] قـال ابن فارس: الهزء: السخرية، يُقال: هزيءَ به واستهزأ.
أ هـ وقال ابن جرير الطبري في تفسير الآية بعد أن ذكر الاختلاف في صفة
الاستهزاء: والصواب في ذلك من القول والتأويل عندنا: أنَّ معنى الاستهزاء
في كلام العرب: إظهار المستهزِيء للمستَهْزَأ به من القول والفعل ما يرضيه
ظاهراً، وهو بذلك من قِيِله وفعلِه به مورثه مساءة باطناً، وكذلك معنى الخداع
والسخرية والمكر ثم قال: وأما الذين زعمـوا أنَّ قول الله تعالى ذكره
{اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} إنما هو على وجه الجواب، وأنه لم يكن من الله استهزاء
ولا مكر ولا خديعة؛ فنافون عن الله عَزَّ وجَلَّ ما قد أثبته الله عَزَّ وجَلَّ لنفسه
وأوجبه لها، وسواءٌ قال قائل: لم يكن من الله جل ذكره استهزاء ولا مكر ولا
خديعة ولا سخرية بمن أخبر أنه يستهزئ ويسخر ويمكر به، أو قال:
لم يخسف الله بمن أخبر أنه خسف به من الأمم ولم يغرق من أخبر أنه أغرقه
منهم ويقال لقائل ذلك: إنَّ الله جل ثناؤه أخبرنا أنه مكر بقوم مضوا قبلنا لم
نرهم، وأخبرنا عن آخرين أنه خسف بهم، وعن آخرين أنه أغرقهم، فصدقنا الله
تعالى فيما ذكره فيما أخبرنا به من ذلك، ولم نفرق بين شيء منه؛ فما برهانك
على تفريقك ما فرقت بينه بزعمك أنه قد أغرق وخسف بمن أخبر أنه أغرقه
وخسف به، ولم يمكر بمن أخبر أنه قد مكر به؟! اهـ وقال قوَّام السنة الأصبهاني:
وتولى الذب عنهم (أي: عن المؤمنين) حين قالوا: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ
فقال: {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}، وقال: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ}
[التوبة:79]، وأجاب عنهم فقال: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء} [البقرة:13]؛
فأجل أقدارهم أن يوصفوا بصفة عيب، وتولى المجازاة لهم،
فقال {اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] وقال {سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ} [التوبة 79]؛
لأن هاتين الصفتين إذا كانتا من الله؛ لم تكن سفهاً؛ لأن الله حكيم، والحكيم
لا يفعل السفه، بل ما يكون منه يكون صواباً وحكمة اهـ وقال شيخ الإسلام
رداً على الذين يدَّعون أنَّ هناك مجازاً في القرآن: وكذلك ما ادعوا أنه مجاز
في القرآن كلفظ (المكر) و(الاستهزاء) و(السخرية) المضاف إلى الله، وزعموا
أنه مسمى باسم ما يقابله على طريق المجاز، وليس كذلك، بل مسميات
هذه الأسماء إذا فعلت بمن لا يستحق العقوبة؛ كانت ظلماً له، وأما إذا فعلت
بمن فعلها بالمجني عليه عقوبة له بمثل فعله؛ كانت عدلاً؛ كما قال تعالى:
{كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} [يوسف:76] فكاد له كما كادت إخوته لما قال له أبوه
{لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا} [يوسف:5]، وقال تعالى:
{إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا} [الطارق:15] وقال تعالى:
{وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ}
[النمل:50] وقال تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ
وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ
} [التوبة:79]
ولهذا كان الاستهزاء بهم فعلاً يستحق هذا الاسم؛ كما روى عن ابن عباس؛
أنه يفتح لهم باب من الجنة وهم في النار، فيسرعون إليه، فيغلق، ثم يفتح
لهم باب آخر، فيسرعون إليه، فيغلق، فيضحك منهم المؤمنون قال تعالى
{فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ
مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ
} [المطففين:36] وعن الحسن البصري: إذا كان يوم القيامة؛
خمدت النار لهم كما تخمد الإهالة من القدر، فيمشون، فيخسف بهم وعن
مقاتل: إذا ضرب بينهم وبين المؤمنين بسور له باب؛ باطنه فيه الرحمة، وظاهره
من قبله العذاب، فيبقون في الظلمة، فيقال لهم: ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً
وقال بعضهم: استهزاؤه: استدراجه لهم وقيل: إيقاع استهزائهم ورد خداعهم
ومكرهم عليهم وقيل: إنه يظهر لهم في الدنيا خلاف ما أبطن في الآخرة وقيل:
هو تجهيلهم وتخطئتهم فيما فعلوه وهذا كله حق، وهو استهزاء بهم حقيقة.
اهـ .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص52

الاسْتِوَاءُ عَلَى الْعَرْشِ

صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]
وقولـه: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54، يونس: 3، الرعد: 2، الفرقان:
59، السجدة: 4، الحديد: 4]
الدليل من السنة:حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم
أخذ بيده، فقال: ((يا أبا هريرة! إن الله خلق السماوات والأرضين وما بينهما في
ستة أيام ثم استوى على العرش
)) حديث قتادة بن النعمان رضي الله عنه؛
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لما فرغ الله من خلقه؛
استوى على عرشه
)) ومعنى الاستواء: العلو، والارتفاع، والاستقرار، والصعود؛
كما في نونية ابن القيم قال رحمه الله:

فلهم عبارات عليها أربع قد حصلت للفارس الطعان
وهي استقر وقد علا وكذلك أر تفع الذي ما فيه من نكران


وكذاك قد صعد الذي هو أربع
وانظر أيضاً: صفة (العلو)، وكلام البغوي في صفة (الأصابع)

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص55

الأَسَفُ (بمعنى الغَضَب)

صفةٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب العزيز الدليل:
قولـه تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: 55] وقد استشهد بها
شيخ الإسلام ابن تيمية في (العقيدة الواسطية)، وكل من شرحها بعد ذلك
قـال ابن قتيبة: {فَلَمَّا آسَفُونَا}؛ أي: أغضبونا، والأسف: الغضب، يُقال:
أسِفت آسَف أسفاً؛ أي: غضبت اهـ ونقل هذا المعنى ابن جرير في
التفسير بإسناده عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد
قال الهرَّاس: الأسف يُستعمل بمعنى شدة الحزن، وبمعنى شدة الغضب
والسخط، وهو المراد في الآية اهـ .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص56

الأَصَابِعُ

صفةٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالسُّنَّة الصحيحة الدليل: 1
- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ أنه سمع رسول الله ..
صلى الله عليه وسلم يقول:
((إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن ))
2- حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: ((جاء رجل إلى النبي..
صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب، فقال: يا أبا القاسم!إن الله يمسك
السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع إلى أن قال
: فرأيت النبي ..
صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قرأ
{وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ})) قال إمام الأئمة أبو بكر بن خزيمة:
(باب إثبات الأصابع لله عَزَّ وجَلَّ)، وذكر بأسانيده ما يثبت ذلك وقال:
أبو بكر الآجري:
(باب الإيمان بأن قلوب الخلائق بين إصبعين من أصابع الرب عَزَّ وجَلَّ، بلا كيف)
وقال البغوي بعد ذكر الحديث السابق: (والإصْبَع المذكورة في الحديث صفةٌ
من صفات الله عَزَّ وجَلَّ، وكذلك كلُّ ما جاء به الكتاب أو السنَّة من هذا القبيل
من صفات الله تعالى؛ كالنَّفس، والوجه، والعين، واليد، والرِّجل، والإتيان
والمجيء، والنُّزُول إلى السـماء الدنيا، والاستواء على العرش، والضحك، والفرح
)
اهـ وقال ابن قتيبة بعد أن ذكر حديث عبد الله بن عمرو السابق: ونحن نقول:
إنَّ هذا الحديث صحيح، وإن الذي ذهبوا إليه في تأويل الإصبع لا يشبه الحديث؛
لأنه عليه السلام قال في دعائه: ((يا مقلب القلوب!ثبت قلبي على دينك
فقالت له إحدى أزواجه: أوَ تخاف يا رسول الله على نفسك؟ فقال: إنَّ قلب
المؤمن بين أصبعين من أصابع الله عَزَّ وجَلَّ
)) ، فإن كان القلب عندهم بين
نعمتين من نعم الله تعالى؛ فهو محفوظ بتينك النعمتين؛ فلأي شيء دعا
بالتثبيت؟ولِمَ احتج على المرأة التي قالت له: أتخاف على نفسك؟
بما يؤكد قولها؟ وكان ينبغي أن لا يخاف إذا كان القلب محروساً بنعمتين
فإن قال لنا: ما الإصبع عندك ها هنا؟قلنا: هو مثل قولـه في الحديث الآخر:
((يحمل الأرض على إصبع))، وكذا على إصبعين، ولا يجوز أن تكون الإصبع
ها هنا نعمة، وكقولـه تعالى:
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ
بِيَمِينِهِ
} [الزمر:67]، ولم يجز ذلك ولا نقول: إصبعٌ كأصابعنا، ولا يدٌ كأيدينا
ولا قبضةٌ كقبضاتنا؛ لأن كل شيء منه عَزَّ وجَلَّ لا يشبه شيئاً منا)) اهـ
فأهل السنة والجماعة يثبتون لله تعالى أصابع تليق بـه
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص57

الإِلَهِيَّةُ والأُلُوهِيَّةُ

صفةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ من اسمه (الله) واسمه (الإله)، وهما اسمان ثابتان في
مواضع عديدة من كتاب الله عَزَّ وجَلَّ وأصل كلمة (الله) إله كما رجَّحَه ابن القيم
في (بدائع الفوائد)، وإله بمعنى مألوه؛ أي: معبود؛ ككتاب بمعنى مكتوب
والإلهية أو الألوهية صفة مأخوذة من هذين الاسمين قال الحافظ ابن القيم
عند الحديث عن أسماء الله تعالى (الله)، (الرب)، (الرحمن)؛ قال:
فالدين والشرع والأمر والنهي مظهره وقيامه من صفة الإلهية، والخلق والإيجاد
والتدبير والفعل من صفة الربوبية، والجزاء والثواب والعقاب والجنة والنار من صفة
الملك وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي في: الله: هو المألوه المعبود
ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين لما اتصف به من صفات الألوهية
التي هي صفات الكمال .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص59

الأَمْرُ

صفةٌ لله عَزَّ وجَلَّ؛ كما قال في محكم تَنْزِيله {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف: 54]؛
إلا أنَّ هذا لا يعني أنه كلما ذكرت كلمة (الأمر) في الكتاب أو السنة مضافة إلى
الله؛ مثل(أمر الله) أو (الأمر لله)؛ أنها صفة له لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية
مثبتاً لهذه الصفة ومنبهاً لهذه القاعدة بقولـه: لفظة (الأمر)؛ فإن الله تعالى
لما أخبر بقولـه: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82]،
وقـال: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف:54]، واستدل طوائف من السلف على
أنَّ الأمر غير مخلوق، بل هو كلامه، وصفة من صفاته بهذه الآية وغيرها؛
صار كثير من الناس يطرد ذلك في لفظ الأمر حيث ورد، فيجعله صفة، طرداً
للدلالة، ويجعل دلالته على غير الصفة نقضاً لها، وليس الأمر كذلك؛ فبينت
في بعض رسائلي أنَّ الأمر وغيره من الصفات يطلق على الصفة تارة وعلى
متعلقها أخرى؛ فالرحمة صفة لله، ويسمى ما خلق رحمة، والقدرة من
صفات الله تعالى، ويسمى المقدور قدرة، ويسمى تعلقها بالمقدور قدرة
والخلق من صفات الله تعالى، ويسمى (المخلوق) خلقاً، والعلم من صفات
الله، ويسمى المعلوم أو المتعلِّق علماً؛ فتارة يراد الصفة، وتارة يراد متعلقها
وتارة يراد نفس التعلُّق اهـ وقال أبو الحسن الأشعري:
وأجمعوا على أنَّ أمره عَزَّ وجَلَّ وقولـه غير محدث ولا مخلوق، وقد دلَّ الله تعالى
على صحة ذلك بقولـه تعالى: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} اهـ .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص60

الإِمْسَاكُ

يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه يمسك السماواتِ والأرضَ وغيرهما إمساكاً يليق بجلاله
وعظمته، وهي صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا} [فاطر:41]الدليل
من السنة: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ((أنَّ يهودياً جاء إلى
النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد! إن الله يمسك السماوات على
إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع، والشجر على إصبع، والخلائق
على إصبع، ثم يقول: أنا الملك: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى بدت نواجذه،
ثم قرأ: {وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام:91] وفي رواية:
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجباً وتصديقاً له)) قال ابن خزيمة:
(باب ذكر إمساك الله -تبارك وتعالى اسمه وجل ثناؤه- السماوات والأرض وما
عليها على أصابعه
) ثم أورد حديث ابن مسعود رضي الله عنه بإسناده من
عدة طرق، ثم قال: أما خبر ابن مسعود؛ فمعناه: أنَّ الله جل وعلا يمسك
ما ذكر في الخبر على أصابعه، على ما في الخبر سواء، قبل تبديل الله الأرض
غير الأرض؛ لأن الإمساك على الأصابع غير القبض على الشيء، وهو مفهوم
في اللغة التي خوطبنا بها اهـ وقال أبو بكر الآجري:
(باب الإيمان بأن الله عَزَّ وجَلَّ يمسك السماوات على إصبع والأرضين
على إصبع
) وقال ابن القيم في (مختصر الصواعق المرسلة 2/171):
ورد لفظ اليد في القرآن والسنة وكلام الصحابة والتابعين في أكثر من مئة
موضع، وروداً متنوعاً متصرفاً فيه مقروناً بما يدل على أنها يد حقيقة؛ من:
الإمساك، والطي، والقبض، والبسط أ هـ وانظر: صفة القبض والطي .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص61

الأَنَامِلُ

صفةٌ ذاتيةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالحديث الصحيح الدليل: حديث معاذ بن جبل
رضي الله عنه: (( فإذا أنا بربي عَزَّ وجَلَّ (يعني: في المنام، ورؤى الأنبياء حقٌ)
في أحسن صورة، فقال: يا محمد! فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت:
لا أدري رب!قال: يا محمد! فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري رب!قال:
يا محمد! فيم يختصم الملأ الأعلى
؟قلت: لا أدري رب! فرأيته وضع كفه بين
كتفي، حتى وجدت برد أنامله في صدري
)) قال شيخ الإسلام: فقولـه
(أي: الرازي): وجدت برد أنامله؛ أي: معناه وجدت أثر تلك العناية يقال له:
أثر تلك العناية كان حاصلاً على ظهره وفي فؤاده وصدره؛ فتخصيص أثر العناية
لا يجوز؛ إذ عنده لم يوضع بين الكتفين شيء قط، وإنما المعنى أنه صرف
الرب عنايته إليه، فكان يجب أن يبين أنَّ أثر تلك العناية متعلق بما يعم، أو
بأشرف الأعضاء، وما بين الثديين كذلك؛ بخلاف ما إذا قرأ الحديث على وجهه؛
فإنه إذا وضعت الكف على ظهره؛ ثقل بردها إلى الناحية الأخرى، وهو الصدر
ومثل هذا يعلمه الناس بالإحساس وأيضاً فقول القائل: وضع يده بين كتفي
حتى وجدت برد أنامله بين ثديي نصٌ لا يحتمل التأويل والتعبير بمثل هذا
اللفظ عن مجرد الاعتناء، وهذا أمر يعلم بطلانه بالضرورة من اللغة العربية
وهو من غث كلام القرامطة والسوفسطائية .. ثم قال: الوجه السادس:
أنه صلى الله عليه وسلم ذكر ثلاثة أشياء؛ حيث قال:
((فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها - وفي رواية - برد أنامله على
صدري، فعلمت ما بين المشرق والمغرب
)) ، فذكر وضع يده بين كتفيه، وذكر
غاية ذلك أنه وجد برد أنامله بين ثدييه، وهذا معنى ثان، وهو وجود هذا البرد
عن شيء مخصوص في محل مخصوص، وعقب ذلك بقولـه:
الوضع الموجود (كذا)، وكل هذا يبين أنَّ أحد هذه المعاني ليس هو الآخر اهـ .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص62

الانْتِقَامُ مِنْ الْمُجْرِمِينَ

يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه (ذو انتقام)، وأنه ينتقم من المجرمين؛ كما يليق به
سبحانه، وهي صفةٌ فعليةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، وليس (المنتقم) من أسماء
الله تعالى الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [المائدة: 95]
وقولـه: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} [السجدة: 22]
الدليل من السنة: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقولـه عن
قريش: (فكشف عنهم، فعادوا، فانتقم الله منهم يوم بدر؛ فذلك قولـه تعالى:
{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} إلى قولـه جل ذكره{إِنَّا مُنتَقِمُونَ})
حديث أبي هريرة رضـي الله عنه مرفوعاً: (( فقال للنار: أنت عذابي، أنتقم
بك ممَّن شئت، وقال للجنة: أنت رحمتي، أرحم بك من شئت
)) قال الأزهري
في (تهذيب اللغة): قال أبو إسحاق: معنى (نقمت): بالغت في كراهة الشيء
اهـ وقال الراغــب في (المفردات): النقمة: العقوبة: قال الله تعالى:
{فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} [الأعراف:136]،
{ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} [الروم:47] وقال الخطابي: الانتقام: افتعال من
نقم ينقم: إذا بلغت به الكراهة حد السخط وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
ولا في أسمائه الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم اسم المنتقم، وإنما
جاء المنتقم في القرآن مقيداً كقولـه: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ}
[السجدة:22] وجاء معناه مضافاً إلى الله في قولـه: {إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}
[إبراهيم:47] اهـ وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: ولدلالة الكتاب
والسنة على ثبوت الصفة ثلاثة أوجه: الثالث: التصريح بفعل أو وصف دال عليها؛
كالاستواء على العرش، والنُّزُول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين العباد
يوم القيامة، والانتقام من المجرمين، ثم استدل للصفة الأخيرة بقولـه تعالى:
{إِنَّا مِنْ المُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} [السجدة:22] اهـ .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص63

الإِيجَابُ والتَّحْلِيلُ والتَّحْرِيمُ

صفاتٌ فعليةٌ ثابتةٌ لله تعالى بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب: قولـه تعالى:
{وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275 ] الدليل من السنة:
1- حديث أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه مرفوعاً:
((من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئاً فلا يقربنَّا في المسجد، فقال
الناس حرمت حرمت فبلغ ذاك النبي صلى الله عليه وسلم
فقال:
أيها الناس إنه ليس بي تحريم ما أحلَّ الله لي ولكنها شجرة أكره ريحها))
2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: ((أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل أكل عام
يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لو قلت: نعم! لوجبت ولما استطعتم
)) وقولـه لوجبت أي:
لأوجبها الله عزَّ وجلَّ قال شيخ الإسلام: الحلف بالنذر والطلاق ونحوهما هو
حلفٌ بصفاتِ الله، فإنَّه إذا قال: إن فعلتُ كذا فعلي الحج فقد حلف بإيجاب
الحج عليه وإيجاب الحج عليه حكمٌ من أحكام الله تعالى وهو من صفاته
وكذلك لو قال: فعلي تحريرُ رقبة، وإذا قال: فامرأتي طالقٌ وعبدي حرٌ فقد
حلف بإزالة ملكه الذي هو تحريمه عليه والتحريم من صفات الله كما أنَّ الإيجاب
من صفات الله اهـ وانظر صفة: (التشريع) .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص65

الْبَارِئ

يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه البارئ، وهو اسم له سبحانه وتعالى، وهذه الصفةُ ثابتةٌ
بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ} [الحشر: 24]
وقولـه: {فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} [البقرة: 54] الدليل من السنة:
حديث أبي جحيفة؛ قال: سألت علياً رضي الله عنه: هل عندكم شيء ما ليس
في القرآن؟ فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة؛ ما عندنا إلا ما في القرآن؛
إلا فهماً قال ابن قتيبة: ومن صفاته (البارئ)، ومعنى (البارئ): الخالق، يُقال:
برأ الخلق يبرؤهم، والبريَّة: الخلق اهـ وقال الزجاج: البرء: خلق على صفة
فكل مبروء مخلوق، وليس كل مخلوق مبروء وقال ابن الأثير: البارئ: هو الذي
خلق الخلق، لا عن مثال، إلا أنَّ لهذه اللفظة من الاختصاص بالحيوان ما ليس
لها بغيره من المخلوقات، وقلما تستعمل في غير الحيوان، فيقال:
برأ الله النسمة، وخلق السماوات والأرض .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص66

الْبَاطِنُ (الْبَاطِنِيَّةُ)

يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الباطن، وهو اسم له ثابت بالكتاب والسنة الدليل
من الكتاب: قولـه تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
[الحديد: 3] الدليل من السنة: حديث أبي هريرة:
(( اللهم أنت الأوَّل؛ فليس قبلك شيء وأنت الباطن؛ فليس دونك شيء))
والمعنى كما قال ابن جرير: هو الباطن لجميع الأشياء؛ فلا شيء أقرب إلى
شيء مـنه؛ كما قال تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق:16]
وقال ابن منده: الباطن: المحتجب عن ذوي الألباب كنه ذاته وكيفية صفاته
عَزَّ وجَلَّ وقال البغوي في (التفسير): الباطن: العالم بكل شيء وانظر:
كلام ابن القيم في صفة(الأوَّليَّة) .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص67

بَدِيعُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ

يُوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه بديع السماوات والأرض وما فيهن، وهي صفةٌ ثابتةٌ له
بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب:
1- قولـه تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}
[البقرة: 117]
2- وقولـه: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ
شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
} [الأنعام: 101] الدليل من السنة:
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال:
((سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأن لك
الحمد، لا إله إلا أنت وحدك، لا شريك لك، المـنان، بديع السماوات والأرض،
ذو الجلال والإكرام فقال: لقد سأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا سُئِلَ به؛
أعطى، وإذا دُعِيَ به أجاب
)) المعنى: قال الشيخ عبد الرحمن السعدي:
بديع السماوات والأرض؛ أي: خالقهما ومبدعهما في غاية ما يكون من الحسن
والخلق البديع والنظام العجيب المحكم وقال ابن منظور في مادة (ب د ع):
بديع السماوات والأرض، أي: خالقها ومبدعها؛ فهو سبحانه الخالق المخترع
لا عن مثال سابق وعدَّ بعضُهم (البديع) من أسماء الله عَزَّ وجَلَّ، وفي هذا نظر

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص68

الْبِرُّ

صفةٌ لله عَزَّ وجَلَّ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، و(البَر) من أسمائه تعالى الدليل من
الكتاب: قولـه تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور:28]
الدليل من السنة: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه:
((إن من عباد الله تعالى من لو أقسم على الله لأبَرَّه))
ومعنى (البَر):
1- اللطيف بعباده قاله ابن جرير في تفسير الآية السابقة
2- العطـوف على عباده ببره ولطفه قاله ابن الأثير 3- وقال ابن القيم :
والبِِرُّ في أوصَافِهِ سُبْحَانَهُ


هُوَ كثْرةُ الخَيراتِ والإحْسَانِ

وفي (لسان العرب): البَرُّ: الصادق، وفي التنزيل العزيز: {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}
[الطور: 28] والبَرُّ من صفات الله تعالى وتَقَدَّس: العطوفُ الرحيمُ اللطيفُ الكريمُ
قال ابن الأثير: في أسماء الله تعالى البَرُّ دون البارُّ وهو العطوف على عباده
ببرِّه ولُطْفِه.

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص69

البَرَكَةُ والتَبَارُكُ

صفةٌ ذاتيةٌ وفعلية لله عَزَّ وجَلَّ، ثابتةٌ بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ} [هود: 73]
وقولـه: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: 1]
ووردت لفظـة (تبارك) في مواضـع أخرى من القرآن الكريم: [الزخرف: 85]،
[الرحمن: 78]، وفي ثلاث مواضع من سورة الفرقان الدليل من السنة:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:
((بينا أيوب عليه السلام يغتسل عرياناً فناداه ربه عَزَّ وجَلَّ: يا أيوب! ألم أكن
أغنيتك عمَّا ترى؟ قال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى بي عن بركتك
))
ويكفي استدلالاً لذلك تحية الإسلام: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)
المعنى: قال ابن القيم: وأما صفته تبارك؛ فمختصة به تعالى كما أطلقها على
نفسه وقال: فتبارُكُه سبحانه صفة ذات له وصفة فعل وقال السلـمان:
والنوع الثاني بركة: هي صفته تضاف إليه إضافة الرحمة والعزة، والفعل منها
تبارك، ولهذا لا يقال لغيره كذلك، ولا يصلح إلا له عَزَّ وجَلَّ؛ فهو سبحانه المبارِك
وعبده ورسوله المبارَك؛ كما قال المسيح: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً} [مريم:31]،
فمن بارك الله فيه؛ فهو المبارك، وأما صفته؛ فمختصة به؛ كما أطلق على
نفسه بقولـه تعالى: {تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ} [الأعراف:54] .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص70

البَسْطُ والقَبْضُ

يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بالبسط، وتوصف يده بالبسط، وهي صفةٌ فعلية خبريَّةٌ
ٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، و(الباسط) اسم من أسمائه سبحانه وتعالى
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 245]
وقولـه: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} (64) سورة المائدة{ [المائدة: 64] }
وقولـه: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ} [الإسراء: 30]
الدليل من السنة: حديث أنس رضي الله عنه:
(( إنَّ الله هو المُسَعِّر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو الله أن ألقى الله
وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال
)) حديث صحيح حديث
نزول الرب تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا عند مسلم من حديث أبي هريرة
رضي الله عنه:
(( ثم يبسط يديه تبارك وتعالى؛ يقول: من يقرض غير عَدُومٍ ولا ظَلُوم))
حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه:
((إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب
مسيء الليل
)) قـال ابن منده: ومن أسماء الله عَزَّ وجَلَّ: الباسط؛ صفة له اهـ.
قال ابن جرير في تفسير الآية الأولى: يعني بقولـه ((يقبض)):
يقتِّر بقبضه الرزق عمَّن يشاء من خلقه، ويعني بقولـه ((ويبسط)):
يوسِّع ببسطه الرزق على من يشاء اهـ فالبسط: نقيض القبض، وبسط الشيء:
نشره، ويد بسط؛ أي: مطلقة، والبسطة: الزيادة والسعة ومنه قولـه تعالى:
{وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة:247]، والباسط: هو الذي يبسط
الرزق لعباده، ويوسعه عليهم بجوده ورحمته، ويبسط الأرواح في الأجساد
عند الحياة انظر مادة (ب س ط) في (لسان العرب) قال شيخ الإسلام:
ووصف نفسه (يعني: الله) ببسط اليدين، فقال{ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}
[المائدة:64]، ووصف بعض خلقه ببسط اليد في قولـه تعالى:
{وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}
[الإسراء:29]، وليس اليد كاليد، ولا البسط كالبسط ) وانظر صفة: (القبض)

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف -
ص71




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 16-12-2009, 04:18 AM
المشاركة 75

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الْبَشْبَشَةُ أو الْبَشَاشَةُ

صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ لله عَزَّ وجَلَّ ثابتةٌ بالحديث الصحيح الدليل: حديث أبي هريرة
رضي الله عنه؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ما توطن رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر؛ إلا تبشبش الله له كما
يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم
)) قال ابن قتيبة: قولـه: يتبشبش
هو من البشاشة، وهو (يتفعَّل) اهـ قال أبو يعلى الفراء تعقيباً على كلام ابن
قتيبة: فحمل الخبر على ظاهره، ولم يتأوله وقال قبل ذلك بعد أن تكلم عن
إثبات صفة الفرح لله تعالى: وكذلك القول في البشبشة؛ لأن معناه يقارب
معنى الفرح، والعرب تقول: رأيت لفلان بشاشة وهشاشة وفرحاً، ويقولون:
فلان هش بش فرح، إذا كان منطلقاً، فيجوز إطلاق ذلك كما جاز إطلاق الفرح
اهـ قال الإمام الدارمي: وبلغنا أنَّ بعض أصحاب المريسي قال له: كيف تصنع
بهذه الأسانيد الجياد التي يحتجون بها علينا في رد مذاهبنا مما لا يمكن
التكذيب بها؛ مثل: سفيان عن منصور عن الزهري، والزهري عن سالم
وأيوب بن عوف عن ابن سيرين، وعمرو بن دينار عن جابر عن النبي
صلى الله عليه وسلم وما أشبهها؟ قال: فقال المريسي: لا تردوه تفتضحوا
ولكن؛ غالطوهم بالتأويل؛ فتكونوا قد رددتموها بلطف؛ إذ لم يمكنكم ردها
بعنف؛ كما فعل هذا المعارض سواءوسننقل بعض ما روي في هذه الأبواب
من الحب والبغض والسخط والكراهية وما أشبهه (ثم ذكر أحاديث في صفة
الحب ثم البغض ثم السخط ثم الكره ثم العجب ثم الفرح، ثم حديث أبي هريرة
السابق في البشاشة، ثم قال
) وفي هذه الأبواب روايات كثيرة أكثر مما ذكر
لم نأت بها مخافة التطويل.

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص73

البَصَرُ

البصر صفةٌ من صفات الله عَزَّ وجَلَّ الذاتية الثابتة بالكتاب والسنة و(البصير):
اسم من أسمائه تعالى
الدليل من الكتاب:
قولـه تعالى: {إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58]
وقولـه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11]الدليل من
السنة: حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: ((يا أيها الناس!
أربعــوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً، ولكن تدعون سميعاً
بَصيراً، إنَّ الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته
)) انظر صفة:
(الرؤية) و(النظر) و(العين)؛ لله سبحانه وتعالى .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص74

الْبَطْشُ

صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب العزيز، ومعناه: الانتقام والأخذ
القوي الشديد قد ورد البطش مضافاً إلى الله تعالى في ثلاث مواضع من
القرآن الكريم
قولـه تعالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ} [الدخان:16]
وقولـه تعالى: {وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ} [القمر: 36]
وقولـه: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج: 12]قال ابن القيم: قال تعالى
في آلهة المشركين المعطلين {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ
بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ
} [الأعراف: 195]، فجعل
سبحانه عدم البطش والمشي والسمع والبصر دليلا على عدم إلهية من
عُدمت فيه هذه الصفات، فالبطش والمشي من أنواع الأفعال، والسمع والبصر
من أنواع الصفات، وقد وصف نفسه سبحانه بضد صفة أربابهم وبضد ما وصفه
به المعطلة والجهمية وقال: ثم ذكر سبحانه جزاء أوليائه المؤمنين ثم ذكر
شدة بطشه وأنه لا يعجزه شيء، فإنه هو المبدئ المعيد، ومن كان كذلك
فلا أشد من بطشه، وهو مع ذلك الغفور الودود، يغفر لمن تاب إليه ويوده
ويحبه، فهو سبحانه الموصوف بشدة البطش ومع ذلك هو الغفور الودود
المتودد إلى عباده بنعمه الذي يود من تاب إليه وأقبل عليه قال الشيخ
ابن عثيمين: من صفات الله تعالى المجيء والإتيان والأخذ والإمساك
والبطش إلى غير ذلك من الصفات فنصف الله تعالى بهذه الصفات على
الوجه الوارد .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص75

الْبُغْضُ

صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالأحاديث الصحيحة الدليل: حديث أبي
هريرة رضي الله عنه: ((إن الله تعالى إذا أحب عبداً وإذا أبغض عبداً؛
دعا جبريل، فيقول إني أبغض فلاناً؛ فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في
أهل السماء إنَّ الله يبغض فلاناً؛ فأبغضوه، فيبغضه أهل السماء، ثم توضع
له البغضاء في الأرض
)) حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
((أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها))
يقول ابن القيم: إن ما وصف الله سبحانه به نفسه من المحبة والرضى
والفرح والغضب والبغض والسخط من أعظم صفات الكمال اهـ وفي
(تهذيب اللغة): وقال الليث: البغض: نقيض الحب وانظر كلام ابن أبي
العز في صفة (الغضب) وابن كثير في صفة (السمع) .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص76

الْبَقَاءُ

صفةٌ ذاتيةٌ خاصةٌ بالله عَزَّ وجَلَّ ثابتةٌ بالكتاب العزيز الدليل: قولـه تعالى:
{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] وقد عَدَّ بعضهم
(الباقي) من أسماء الله تعالى، ولا دليل معهم، منهم: ابن منده
والزجاجي ، وقوَّام السنة الأصبهاني ، وغيرهم قال قَوَّامُ السُّنَّة:
معنى الباقي: الدائم، الموصوف بالبقاء، الذي لا يستولي عليه الفناء
وليست صفة بقائه ودوامه كبقاء الجنة والنار ودوامهما، وذلك أنَّ بقاءه
أبدي أزلي، وبقاء الجنة والنار أبدي غير أزلي، فالأزلي ما لم يزل، والأبدي
ما لا يزال، والجنة والنار كائنتان بعد أن لم تكونا اهـ وقال أبو بكر الباقلاني
فيما نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية وأقره عليه: صفات ذاته التي لم
يزل ولا يزال موصوفاً بها هي: الحياة، والعلم والبقاء والوجه، والعينان
وقال الحافظ ابن حجر: قولـه (باب قول الرَّجُل لَعَمْرُ الله) أَيْ هَلْ يَكُون يَمِينًا
وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تفسير (لَعَمْر) وقال أَبُو القَاسِم الزَّجَّاج: العُمْر الحياة
فمن قال لَعَمْر الله كأنه حلف بِبَقَاءِ الله , واللام لِلتَّوْكِيدِ والخبر محذوف أَيْ
مَا أُقسم به , ومِن ثَمَّ قَالَ المَالِكِيَّة وَالحَنَفِيَّة: تَنْعَقِد بِهَا اليَمِين ; لأن بَقَاء
الله مِنْ صِفَة ذَاته وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: البقاء من صفات
الله، فإذا أسند إلى إنسان؛ فهو من الشرك اهـ وانظر صفة (الحياة) .

صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص77




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. آلجُزْْءْ آلثآني ]] | ▐الخلــود ▐| ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 19 15-12-2009 09:29 AM
المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. آلجُزْْءْ الآوَلْ ]] | ▐الخلــود ▐| ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 24 15-12-2009 09:04 AM

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


الساعة الآن 04:52 AM.