قديم 04-04-2008, 10:49 AM
المشاركة 78
  • غير متواجد
الحلقة السابعة والسبعون : أبو طلحة الأنصاري





صاحب المال الرابح

أبو طلحة الأنصاري

إنه أبو طلحة زيد بن سهل الخزرجي الأنصاري -رضي الله عنه-، أحد النقباء الاثني عشر الذين حضروا بيعة العقبة، وكان أبو طلحة يعبد شجرة قبل أن يسلم، فأراد أن يتزوج أم سليم -رضي الله عنها-، وكانت مسلمة، فقالت له: ألست تعلم أن إلهك الذي تعبد نبت من الأرض؟ قال: بلى، قالت: أفلا تستحي أن تعبد شجرة؟ إن أسلمت فإني لا أريد منك صداقًا (مهرًا) غيره. قال: حتى أنظر في أمري، فذهب، ثم جاء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فقالت لولدها أنس: يا أنس زَوِّج أبا طلحة، فزوجه.
وحضر أبو طلحة مع الرسول ( كل الغزوات، وكان ( في غزوة أحد إذا رمى أبو طلحة سهمًا يرفع بصره ينظر إلى أين يقع السهم، وكان يدفع صدر الرسول ( بيده لخوفه عليه، ويقول: يا رسول الله هكذا لا يصيبك سهم. [أحمد]. وكان يقول له: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء. وفي غزوة حنين قتل أبو طلحة عشرين رجلاً وأخذ أسلابهم. [أبوداود والدارمي والحاكم].
وكان أبو طلحة أكثر الأنصار مالاً، وكان أحب أمواله إليه (بيرحاء) وهى أرض بها نخيل، وكانت أمام المسجد، فكان النبي ( يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، فلما نزل قوله تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران: 92]، ذهب إلى النبي ( وقال له: إن أحب أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال (: (بخٍ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت فيها، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين)، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه [متفق عليه].
وكان أبو طلحة كثير الصيام، وكان حريصًا على الجهاد رغم كبر سنه؛ لقوله تعالى: {انفروا خفافًا وثقالا}، فكان يقول لأبنائه: لا أرى ربنا إلا يستنفرنا شبابا وشيوخًا، يا بني جهزوني، فإني خارج معكم إلى الغزو، فيقول أبناؤه: يرحمك الله يا أبانا، قد غزوت مع الرسول ( حتى مات، وغزوت مع أبي بكر حتى مات، وغزوت مع عمر حتى مات، فدعنا نغزو عنك، ولكنه صمم على رأيه، ولبس ثياب الحرب، وخرج معهم، ومات أثناء غزوة في البحر، ولم يجد الصحابة جزيرة قريبة ليدفنوه فيها إلا بعد سبعة أيام، ولم تتغير رائحة جسده.
[ابن سعد]. وكان موته -رضي الله عنه- سنة (20 هـ).

قديم 04-04-2008, 10:50 AM
المشاركة 79
  • غير متواجد
الحلقة الثامنة والسبعون : أبو سفيان بن حرب





صاحب البيت الأموي



صاحب البيت الأموي
أبو سفيان بن حرب
إنه أبو سفيان صخر بن حرب -رضي الله عنه-، والد أم حبيبة زوجة النبي (، ووالد أمير المؤمنين معاوية -رضي الله عنه-، وواحد من أشراف العرب وسادتهم وحكمائهم، وكان يكبر النبي ( بعشر سنين، أسلم يوم الفتح، وشهد مع النبي ( غزوة حنين، وأعطاه ( من غنائمها مائة بعير وأربعين أوقية، فقال للرسول (: والله إنك لكريم، فداك أبي وأمي، والله لقد حاربتك فنعم المحارب كنت، ولقد سالمتك فنعم المسالم أنت، جزاك الله خيرًا.
وروى ابن عباس قصة إسلامه؛ فقال: لما أتى به العباسُ يوم الفتح إلى رسول الله (، وطلب منه أن يأمنه، قال له الرسول (: (ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله)، فقال بأبي أنت وأمي، ما أوصلك وأحلمك وأكرمك، والله لقد ظننت أنه لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئًا بعد، فقال: (ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله)، فقال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، أما هذه والله فإن في النفس منها حتى الآن شيئًا.
فقال له العباس: ويحك، أسلم وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله قبل أن تضرب عنقك، فشهد وأسلم، فقال العباس: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل يحب الفخر والذكر، فأكرمه الرسول ( بكرامة عظيمة، وقال: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل الكعبة فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، ومن أغلق بابه على نفسه فهو آمن) [ابن إسحاق].
وفي يوم الطائف أصيبت عينه، فأتى النبي ( وقال: هذه عيني أصيبت في سبيل الله، فقال له النبي (: (إن شئت دعوت فردت عليك، وإن شئت فالجنة)، فقال أبو سفيان: الجنة. [ابن عبد البر].
وقاتل أبو سفيان يوم اليرموك تحت راية ابنه يزيد، وسمعه أحد الصحابة وهو يقول: يا نصر الله اقترب، ثم وقف خطيبًا في الناس ويقول: أيها الناس الله الله إنكم ذادة (سادة) العرب وأنصار الإسلام، وإنهم ذادة الروم وأنصار الشرك، اللهم هذا يوم من أيامك، اللهم أنزل نصرك على عبادك.
وكان أبو سفيان صادقًا حتى مع خصومه، فلم تمنعه خصومته للنبي ( قبل إسلامه من قول الصدق أمام هرقل وهو يسأله عن محمد (. ومات -رضي الله عنه- في خلافة عثمان بن عفان.

قديم 04-04-2008, 10:52 AM
المشاركة 80
  • غير متواجد
الحلقة التاسعة والسبعون : أنس بن النضر




الشهيد الصادق



الشهيد الصادق
أنس بن النضر
إنه الصحابي الجليل أنس بن النضر -رضي الله عنه-، عم أنس بن مالك خادم رسول الله (، وعلى اسمه يسمَّى، وينسب إلى بني النجَّار في المدينة.
وقد أحب أنس رسوله (، وظل مدافعًا عنه حتى آخر قطرة دم في جسده، ولم يعلم بخروج النبي ( لقتال المشركين يوم بدر، فحزن حزنًا شديدًا، ونذر نفسه للشهادة في سبيل الله ليعوض ما فاته من يوم
بدر.
وذهب إلى الرسول ( نادمًا أن فاتته غزوة بدر، فقال للنبي (: يا رسول الله، غبت عن قتال بدر، غبت عن أول قتال قاتلتَ المشركين، لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين اللهُ ما أصنع، فلما كان يوم أحد، خرج أنس بن النضر مع المسلمين، وهو يتمنى أن يلقى الله شهيدًا في هذه الغزوة.
وبدأت المعركة وكان النصر حليف المسلمين إلى أن خالف الرماة أمر رسول الله (، وتحول النصر إلى هزيمة، وفر عدد كبير من المسلمين، ولم يثبت مع النبي ( سوى نفر قليل، فلما رأى أنس بن النضر
-رضي الله عنه- ذلك المشهد تذكَّر على الفور وعده لله تعالى، وقوله للرسول (: لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع.
فانطلق يشق صفوف المشركين قائلاً: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء (يعنى أصحابه) وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء (يعنى المشركين)، ثم تقدم شاهرًا سيفه، فاستقبله سعد بن معاذ -رضي الله عنه- فقال: يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد. وأخذ يقاتل ويضرب بسيفه يمينًا وشمالاً، حتى سقط شهيدًا على أرض المعركة، وبعد انتهاء القتال حكى سعد بن معاذ
-رضي الله عنه- للنبي ( ما صنعه أنس بن النضر، وقال: فما استطعت يا رسول الله ما صنع.
وقام الرسول ( وأصحابه ليتفقدوا شهداء أحد، ويتعرفوا عليهم، فوجدوا أنس بن النضر وبه بضعة وثمانون جرحًا ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم، وقد مثل به المشركون فلم يعرفه أحد إلا أخته الربيع بنت النضر بعلامة في أصابعه [البخاري]. وروى أن هذه الآية الكريمة {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} [الأحزاب: 23] نزلت في أنس بين النضر ومن معه من الصحابة رضوان الله عليهم.

قديم 04-04-2008, 10:53 AM
المشاركة 81
  • غير متواجد
الحلقة الثمانون : أبو دجانة الأنصاري





صاحب العمامة الحمراء



صاحب العمامة الحمراء
أبو دجانة الأنصاري
إنه الصحابي الجليل أبو دجانة الأنصاري، واسمه سِمَاك بن أوس بن خرشة، أسلم وآمن بالله ورسوله (، وقد آخى الرسول ( بينه وبين عتبة بن غزوان، وكان شديد الحب لله ولرسوله (، كثير العبادة، اشترك في غزوة بدر وحضر المعارك مع رسول الله (، وأبلى فيها بلاء حسنًا.
وقف يوم أحد إلى جانب فرسان المسلمين، يستمع إلى رسول الله ( وهو يعرض عليهم سيفه، قائلا: (من يأخذ مني هذا؟) فبسطوا أيديهم، كل إنسان منهم يقول: أنا ..أنا، فقال رسول الله (: (فمن يأخذه بحقه؟)، فأحجم القوم، فقال أبو دجانة: أنا آخذه بحقه، فأخذه أبو دجانة، ففلق به هام المشركين (أي شق رءوسهم) [مسلم].
وأخذ أبو دجانة عصابته الحمراء وتعصب بها، فقال الأنصار من قومه: أخرج أبو دجانة عصابة الموت، ثم نزل ساحة المعركة، وهو ينشد:
أَنَا الذي عَاهَدَنِي خَلِيــلِي وَنَحْنُ بِالسَّفْحِ لَدَى النَّخِيــلِ
أَنْ لا أُقِيمَ الدَّهرَ في الكبُولِ أَضــْرِبُ بِسَيْفِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ
وأخذ يقتل المشركين، ويفلق رءوسهم بسيف الرسول ( حتى بدأ النصر يلوح للمسلمين، فلما ترك الرماة أماكنهم، وانشغلوا بجمع الغنائم، عاود المشركون هجومهم مرة أخرى، ففر كثير من المسلمين، وثبت بعضهم يقاتل حول رسول الله (، منهم أبو دجانة الذي كان يدفع السهام عن رسول الله ( بعدما رأى كتائب المشركين تريد الوصول إليه، فتصدى لهم بكل ما أوتى من قوة؛ أملا في الحصول على الشهادة.
ومات الرسول ( وهو راض عنه، فواصل جهاده مع خليفته
أبي بكر الصديق، وشارك في حروب الردة، وكان في مقدمة جيش المسلمين الذاهب إلى اليمامة لمحاربة مدعى النبوة مسيلمة الكذاب وقومه بني حنيفة، وقاتل قتال الأسد حتى انكشف المرتدون، وفروا إلى حديقة مسيلمة، واختفوا خلف أسوارها وحصونها المنيعة، فألقى المسلمون بأنفسهم داخل الحديقة وفي مقدمتهم أبو دجانة، ففتح الحصن، وحمى القتال، فكسرت قدمه، ولكنه لم يهتم، وواصل جهاده حتى امتلأ جسده بالجراح، فسقط شهيدًا على أرض المعركة، وانتصر المسلمون، وفرحوا بنصر الله، وشكروا لأبي دجانة صنيعه من تضحية وجهاد لإعلاء كلمة الله.

قديم 04-04-2008, 12:58 PM
المشاركة 82
  • غير متواجد
الحلقة الحادية والثمانون : أبو محجن الثقفي


رجل من المسلمين كان قد ابتلي في الجاهلية بشرب الخمر ..
وقد تعلقت بها نفسه .. وهام بها قلبه .. حتى كان يوصي ولده ويقول :
إذا متّ فادفنّي إلى جنب كرمة *** تروي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفنني في الفلاة فــإنني *** أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها
وتروى بخمر الحص لحدي فإنني أسيرٌ لها من بعد ما قد أسوقها
فلما أسلم .. بقيت نفسه تغلبه عليها .. فيعاقب عليها ويعود .. ثم يعاقب ويعود ..
فلما تداعى المسلمون للخروج لقتال الفرس في معركة القادسية .. خرج معهم أبو محجن .. وحمل زاده ومتاعه ..
فلما وصلوا القادسية .. طلب رستم مقابلة سعد بن أبي وقاص قائد المسلمين ..
وبدأت المراسلات بين الجيشين .. عندها وسوس الشيطان لأبي محجن رضي الله عنه فاختبأ في مكان بعيد وشرب خمراً ..
فلما علم به سعد رضي الله عنه غضب عليه .. وقيد يديه ورجليه .. وحبسه في خيمة ..
وبدء القتال .. وتنازل الأبطال .. وقعقعت السيوف .. وتتابعت الـحُتوف ..
ورميت الرماح .. وارتفع الصياح ..
وغبرت خيل الرحمن .. وعلت أصوات الفرسان .. وفتحت أبواب الجنان ..
وطارت أرواح الشهداء .. واشتاق الأولياء ..
وأبو محجن يئن بقيد ** فلمَ القيدُ أيّهذا الأسير؟؟
أيها الفارس العنيد ترجّل** فخيولي حبيسة لا تغير!!
يا أبا محجن كفاك قعوداً ** أنت بالحرب والسلاح خبير
فاعصب الرأس عزة تتلظى ** هُتك العرضُ والجناح كسير
أَزِفت ساعة القصاص وإلا ** فاجرع الموتَ ثم بئس المصير
أخذ أبو محجن .. يتململ في قيوده .. وتتحرك أشواقه إلى الشهادة .. فيثب ليبذل الروح .. فإذا القيد في رجله :
فأخذ يتحسّر على حاله ويقول :
كفى حزناً أن تدحم الخيل بالقنى *** وأتـرك مشدوداً علي وثاقيا
إذا قمت عناني الحديد وغلقت *** مصاريع من دوني تصم المناديا
وقد كنـت ذا مال كثيرو إخوة *** وقـد تركوني مفرداً لا أخاليا
فللــه عهد لا أحيف بعهده *** لإن فُـرّجت ألا أزور الحوانيا
ثم أخذ ينادي ويصيح بأعلى صوته ..
فأجابته امرأة سعد : ما تريد ؟
فقال : فكي القيد من رجلي وأعطيني البلقاء فرس سعد .. فأقاتل فإن رزقني الله الشهادة فهو ما أريد .. وإن بقيت فلك عليّ عهد الله وميثاقه أن أرجع حتى تضعي القيد في قدمي ..
وأخذ يرجوها ويناشدها .. حتى فكت قيده وأعطته البلقاء .. فلبس درعه .. وغطى وجهه بالمغفر .. ثم قفز كالأسد على ظهر الفرس .. وألقى نفسه بين الكفار يدافع عن هذا الدين ويحامي ..
علق نفسه بالآخرة ولم يفلح إبليس في تثبيطه عن خدمة هذا الدين ..
حمل على القوم يلعب بين الصفين برمحه وسلاحه .. وكان يقصف الناس قصفاً ..
وتعجب الناس منه وهم لا يعرفونه ..
فقال بعضهم : لعله مدد من عمر ..
وقال بعضهم : لعله ملك من الملائكة ..
ومضى أبو محجن يضرب ويقاتل .. ويبذل روحه ويناضل ..
فـأقـدم فـإما مُنْية أو مَـنيَّـة *** تريحك من عيش به لست راضيا
فما ثَـمَّ إلا الوصلُ أو كلفٌ بهم *** وحسبك فوزاً ذاك إن كنت واعيا
مضى أبو محجن ..
أما سعد بن أبي وقاص فقد كانت به قروح في فخذيه فلم ينزل ساحة القتال .. لكنه كان يرقب القتال من بعيد ..
فلما رأى أبا محجن عجب من قوة قتاله .. وأخذ يتبعه بصره ويقول :
الضرب ضرب أبي محجن .. والكر .. كر البلقاء .. وأبو محجن في القيد .. والبلقاء في الحبس ..
فلما انتهى القتال عاد أبو محجن إلى سجنه .. ووضع رجله في القيد ..
ونزل سعد فوجد فرسه يعرق .. فعلم أنها شهدت القتال ..
فدخل على أبي محجن .. فإذا جراحه تسل دماً .. وعيناه تفيض دمعاً ..
وهو يقول .. يا سعد .. والله لا شربت الخمر أبداً ..
فلله درّ أبي محجن .. نعم وقع في معصية .. ولكنه يفعل طاعات تغوص معصيته في بحرها ..
ومن ذا الذي ترجى سجاياه كلها * كفى المرء نبلا أن تعد معايبه

قديم 04-04-2008, 01:04 PM
المشاركة 83
  • غير متواجد
الحلقة الثانية والثمانون : القعقاع بن عمرو التميمي



هو القعقاع بن عمرو التميمي..

وقد ظهرت ملامح شخصيته رضي الله عنه بوضوح شديد في الفتوحات فقد كان رضي الله عنه شجاعاً مقداماً ثابتاً في أرض المعارك وبجوار شجاعته وشدة باسه على أعداء الله كان من شديد الذكاء وذا عبقرية عسكرية في ادارة المعارك ويظهر ذلك في موقعة القادسية .

بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم:

للقعقاع مواقف مع الرسول صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يخاطب من أمامه بما يحب أو مما يؤثر في نفسه ولما كان حديثه مع القعقاع وهو رجل يحب الجهاد يكلمه النبي صلى الله عليه وسلم عن الإعداد للجهاد فيقول سيف عن عمرو بن تمام عن أبيه عن القعقاع بن عمرو قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- : ما أعددت للجهاد؟ قلت: طاعة الله ورسوله والخيل قال: تلك الغاية .

آثره في الأخرين (دعوته ـ تعليمه):

لقد كان للقعقاع أثرأ كبيرأ في نفوس الأخرين ففي اليوم الثاني من معركة القادسية أصبح القوم وفي أثناء ذلك طلعت نواصي الخيل قادمة من الشام وكان في مقدمتها هاشم بن عتبة بن أبي وقاص والقعقاع بن عمرو التميمي، وقسم القعقاع جيشه إلى أعشار وهم ألف فارس ، وانطلق أول عشرة ومعهم القعقاع ، فلما وصلوا تبعتهم العشرة الثانية ، وهكذا حتى تكامل وصولهم في المساء ، فألقى بهذا الرعب في قلوب الفرس ، فقد ظنوا أن مائة ألف قد وصلوا من الشام ، فهبطت هممهم ، ونازل القعقاع( بهمن جاذويه ) أول وصوله فقتله ، ، ولم يقاتل الفرس بالفيلة في هذا اليوم لأن توابيتها قد تكسرت بالأمس فاشتغلوا هذا اليوم بإصلاحها ، وألبس بعض المسلمين إبلهم فهي مجللة مبرقعة ، وأمرهم القعقاع أن يحملوا على خيل الفرس يتشبهون بها بالفيلة ، ففعلوا بهم هذا اليوم ، وبات القعقاع لاينام ، فجعل يسرب أصحابه إلى المكان الذي فارقهم فيه بالأمس ، وقال : إذا طلعت الشمس فأقبلوا مائة مائة ، ففعلوا ذلك في الصباح ، فزاد ذلك في هبوط معنويات الفرس.
وابتدأ القتال في الصباح في هذا اليوم الثالث وسمي يوم عمواس ، والفرس قد أصلحوا التوابيت ، فأقبلت الفيلة يحميها الرجالة فنفرت الخيل ، ورأ ى سعد الفيلة عادت لفعلها يوم أرماث فقال لعاصم بن عمرو والقعقاع : اكفياني الفيل الأبيض ، وقال لحمال والربيل : اكفياني الفيل الأجرب ،فأخذ الأولان رمحين وتقدما نحو الفيل الأبيض فوضعا رمحيهما في عيني الفيل الأبيض ، فنفض رأسه وطرح ساسته ، ودلى مشفره فضربه القعقاع فوقع لجنبه ، وفي هذه الليلة حمل القعقاع وأخوه عاصم والجيش على الفرس بعد صلاة العشاء ، فكان القتال حتى الصباح ، فلم ينم الناس تلك الليلة ، وكان القعقاع محور المعركة. فلما جاءت الظهيرة وأرسل الله ريحاً هوت بسرير رستم ، وعلاه الغبار، ووصل القعقاع إلى السرير فلم يجد رستم الذي هرب.

ما قيل عنه:

ـ لصوت القعقاع في الجيش خيرٌ من ألف رجل " ..أبو بكر..

ـ كتب عمر بن الخطاب الي سعد :( أي فارس أيام القادسية كان أفرس ؟ وأي رجل كان أرجل ؟ وأي راكب كان أثبت ؟)000فكتب إليه :( لم أر فارساً مثل القعقاع بن عمرو ! حمل في يوم ثلاثين حملة ، ويقتل في كل حملة كمِيّاً ..

بعض كلماته:

شهد القعقاع -رضي الله عنه اليرموك ، فقد كان على كُرْدوسٍ من كراديس أهل العراق يوم اليرموك ، وكان للقعقاع في كل موقعة شعر فقد قال يوم اليرموك :000
ألَمْ تَرَنَا على اليرموك فُزنا00000كما فُزنـا بأيـام العـراق
فتحنا قبلها بُصـرى وكانتْ00000محرّمة الجناب لدَى البُعـاق
وعذراءُ المدائـن قد فتحنـا00000ومَرْجَ الصُّفَّرين على العِتَـاقِ
فضضنا جمعَهم لمّا استحالوا00000على الواقوص بالبتـر الرّقاقِ
قتلنا الروم حتـى ما تُساوي00000على اليرموك ثفْروق الوِراقِ ..


الوفاة: توفي بالكوفة.

قديم 04-04-2008, 01:12 PM
المشاركة 84
  • غير متواجد
الحلقة الثالثة والثمانون : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

مقدمة
ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو عبد الله وقيل أبو عبد الرحمن وأبو عبد الله أصح وهو ثوبان بن بجدد من أهل السراة والسراة موضع بين مكة واليمن وقيل إنه من حمير وقيل إنه حكمي من حكم بن سعد العشيرة أصابه سباء فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه وقال له: " إن شئت أن تلحق بمن أنت منهم وإن شئت أن تكون منا أهل البيت " فثبت على ولاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يزل معه سفرا وحضرا إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلى الشام فنزل الرملة ثم انتقل إلى حمص فابتنى بها دارا...

قال ابن سعد في الطبقات:

وكان ثوبان رجلا من أهل اليمن ابتاعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأعتقه وله نسب في اليمن.



مواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم
عن ثوبان قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "أصلح هذا اللحم" قال فأصلحته فلم يزل يأكل منه حتى بلغ المدينة

أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته:

كان ثوبان رضي الله عنه من أكثر الناس تأثرا بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث أنه رضي الله عنه حظِي بخدمة النبي صلى الله عليه وسلم فكان قريبًا منه، وعظيم النفع بصحبته...

الرسول يعلمه التعفف:

روى أبو داود بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من يتكفل لي أن لا يسأل الناس وأتكفل له بالجنة؟" فقال ثوبان: أنا، فكان لا يسأل أحدًا شيئاً.



أهم ملامح شخصيته
استغناؤه عن الناس:

كان ثوبان يقع سوطه وهو راكب فلا يقول لأحد ناولنيه، حتى ينزل فيتناوله.

حرصه على تعليم الغير حتى في مرضه:

لما بعث الأمير أن يزوره وكان مريضاً ولما أراد الأمير الخروج أخذ ثوبان بردائه وقال له أجلس حتى أحدثك"

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفاً لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفاً".

بعض الأحاديث التي نقلها عن الرسول صلى الله عليه وسلم:

روى مسلم بسنده عن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة أو قال قلت بأحب الأعمال إلى الله فسكت ثم سألته فسكت ثم سألته الثالثة فقال سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة قال معدان ثم لقيت أبا الدرداء فسألته فقال لي مثل ما قال لي ثوبان.

وروى مسلم أيضًا بسنده أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه قال كنت قائما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حبر من أحبار اليهود فقال السلام عليك يا محمد فدفعته دفعة كاد يصرع منها فقال لم تدفعني فقلت ألا تقول يا رسول الله فقال اليهودي إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي فقال اليهودي جئت أسألك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أينفعك شيء إن حدثتك قال أسمع بأذني فنكت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود معه فقال سل فقال اليهودي أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم في الظلمة دون الجسر قال فمن أول الناس إجازة قال فقراء المهاجرين قال اليهودي فما تحفتهم حين يدخلون الجنة قال زيادة كبد النون قال فما غذاؤهم على إثرها قال ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها قال فما شرابهم عليه قال من عين فيها تسمى سلسبيلا قال صدقت قال وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان قال ينفعك إن حدثتك قال أسمع بأذني قال جئت أسألك عن الولد قال ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله وإذا علا مني المرأة مني الرجل آنثا بإذن الله قال اليهودي لقد صدقت وإنك لنبي ثم انصرف فذهب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه وما لي علم بشيء منه حتى أتاني الله به.

وعنه رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام قال الوليد فقلت للأوزاعي كيف الاستغفار قال تقول أستغفر الله أستغفر الله.

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ قال: "بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن" فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت".

أثره في الآخرين:

قال ابن عبد البر:

كان ثوبان ممن حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدى ما وعى وروى عنه جماعة من التابعين منهم جبير بن نفير الحضرمي وأبو إدريس الخولاني وأبو سلام الحبشي وأبو أسماء الرحبي ومعدان بن أبي طلحة وراشد بن سعد وعبد الله بن أبي الجعد وغيرهم...

وكان رضي الله عنه وأرضاه ممن شهدوا فتح مصر.

وفاته:

خرج إلى الشام ونزل الرملة ثم انتقل إلى حمص وتوفى بها سنة أربع وخمسين.






قديم 04-04-2008, 01:14 PM
المشاركة 85
  • غير متواجد
الحلقة الرابعة والثمانون : جليبيب


جليبيب غير منسوب، ولكن ذكر أبو الفرج ابن الجوزى في كتابه صفة الصفوة عن ابن سعد قوله: سمعت من يذكر أن جليبيبا كان رجلا من بنى ثعلبة، حليفا في الأنصار.(1)

زواجه:

كان جليبيب امرأ يدخل على النساء يمر بهن ويلاعبهن فقلت لامرأتي: لا يدخلن اليوم عليكن جليبيبًا، فإنه إن دخل عليكن لأفعلن ولأفعلن قالت: وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيم لم يزوجها حتى يعلم هل للنبي صلى الله عليه وسلم فيها حاجة أم لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار زوجني ابنتك قال: نعم وكرامة يا رسول الله ونعمة عين، فقال (صلى الله عليه وسلم): إني لست أريدها لنفسي قال: فلمن يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: لجليبيب فقال: يا رسول الله أشاور أمها فأتى أمها فقال: رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخطب ابنتك؟ فقالت: نعم ونعمة عين فقال: إنه ليس يخطبها لنفسه إنما يخطبها لجليبيب فقالت: أجليبيب إنيه أجليبيب إنيه؟(تعجب وإستنكار) ألا لعمر الله لا نزوجه، فلما أراد أن يقوم ليأتي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيخبره بما قالت أمها، قالت الجارية: من خطبني إليكم؟ فأخبرتها أمها قالت: أتردون على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمره؟ ادفعوني إليه فإنه لن يضيعني فانطلق أبوها إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: شأنك بها فزوجها جليبيبا.(2)


فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اصبب عليها الخير صبّا، ولا تجعل عيشها كدّا، ثم قُتل عنها جليبيب، فلم يكن في الأنصار أيمٌ أنفق منها.

وفاته:

ذلك أنه غزا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعض غزواته ففقده وأمر به يطلب فوجده قد قتل سبعة من المشركين ثم قتل وهم حوله مصرّعين فدعا له وقال: هذا منّي وأنا منه ودفنه ولم يصلّ عليه.(3)


قديم 04-04-2008, 01:16 PM
المشاركة 86
  • غير متواجد
الحلقة الخامسة والثمانون : حاطب بن أبي بلتعة

مقدمة

هو حاطب بن أبي بلتعة واسم أبي بلتعة عمرو بن عمير بن سلمة من بني خالفة بطن من لخم، وهو حليف بني أسد بن عبد العزى يقال أنه حالف الزبير، وقيل: كان مولى عبيد الله بن حمير فكاتبه فأدَّى...

وقد ولد رضي الله عنه قبل الهجرة بخمس وثلاثين سنة.

حاله في الجاهلية:

قال المرزباني في معجم الشعراء: كان أحد فرسان قريش في الجاهلية وشعرائها.

إسلامه:

كان إسلامه رضي الله عنه قديماً ولعل صلته بالزبير بن العوام الذي أسلم قديماً جعلت حاطباً يقتفي أثره...

من ملامح شخصيته:

حبه للجهاد في سبيل الله:

شهد حاطب رضي الله عنه بدراً وأحد والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من الرماة الموصوفين...

حكمته وعلمه:

عن حاطب بن أبي بلتعة قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك الإسكندرية فجئته بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلني في منزله وأقمت عنده ليالي ثم بعث إلي وقد جمع بطارقته فقال إني سأكلمك بكلام أحب أن تفهمه مني قال قلت هلم قال أخبرني عن صاحبك أليس هو نبيا قلت بلى هو رسول الله قال فما له حيث كان هكذا لم يدع على قومه حيث أخرجوه من بلدته إلى غيرها فقلت له فعيسى ابن مريم أتشهد أنه رسول الله فما له حيث أخذه قومه فأرادوا صلبه ألا يكون دعا عليهم بأن يهلكهم الله حتى رفعه الله إليه في سماء الدنيا قال أحسنت أنت حكيم جاء من عند حكيم جاء من عند حكيم هذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد وأرسل معك من يبلغك إلى مأمنك قال فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرى وهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جهم بن حذيفة العدوي وأخرى وهبها لحسان بن ثابت الأنصاري وأرسل يثياب مع طرف من طرفهم.



بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم
روى البخاري بسنده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد بن الأسود قال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى انتهينا إلى الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا أخرجي الكتاب فقالت ما معي من كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حاطب ما هذا قال يا رسول الله لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي وما فعلت كفرا ولا ارتدادا ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد صدقكم قال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق قال إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

وروى مسلم بسنده عن جابر رضي الله عنه أن عبدا لحاطب جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطبا فقال يا رسول الله ليدخلن حاطب النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدرا والحديبية"

وعن أنس بن مالك أنه سمع حاطب بن أبي بلتعة يقول: إنه طلع على النبي صلى الله عليه وسلم في أحد وهو يشتد وفي يد علي بن أبي طالب الترس فيه ماء ورسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل وجهه من ذلك الماء فقال له حاطب من فعل بك هذا قال عتبة بن أبي وقاص هشم وجهي ودق رباعيتي بحجر رماني قلت إني سمعت صائحا يصيح على الجبل قتل محمد فأتيت وكان قد ذهب روحي قلت أين توجه عتبة فأشار إلى حيث توجه فمضيت حتى ظفرت به فضربته بالسيف فطرحت رأسه فهبطت فأخذت رأسه وسلبه وفرسه وجئت بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم ذلك إلي ودعا لي فقال: رضي الله عنك رضي الله عنك.

وروى مسلم بسنده عن أم سلمة أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها" قالت: فلما مات أبو سلمة قلت أي المسلمين خير من أبي سلمة أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: أرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له فقلت: إن لي بنتا وأنا غيور، فقال: "أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها وأدعو الله أن يذهب بالغيرة"



بعض مواقفه مع الصحابة:
عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: أصاب غلمان لحاطب بن أبي بلتعة بالعالية ناقة لرجل من مزينة فانتحروها واعترفوا بها فأرسل إليه عمر فذكر ذلك له وقال هؤلاء أعبدك قد سرقوا وانتحروا ناقة رجل من مزينة واعترفوا بها فأمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم ثم أرسل بعد ما ذهب فدعاه وقال لولا أني أظن أنكم تجيعونهم حتى إن أحدهم أتى ما حرم الله عز وجل لقطعت أيديهم ولكن والله لئن تركتهم لأغرمنك فيهم غرامة توجعك فقال للمزني كم ثمنها قال كنت أمنعها من أربعمائة قال فأعطه ثمانمائة...

أثره في الآخرين:

قال حاطب للمقوقس - لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إليه: إنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى فأخذه الله نكال الأخرة والأولى فانتقم الله به ثم انتقم منه فاعتبر بغيرك ولا يعتبر بك قال هات قلت إن لك دينا لن تدعه إلا لما هو خير منه وهو الإسلام الكافي بعد ما سواه إن هذا النبي دعا الناس إلى الله فكان اشدهم عليه قريش وأعداهم له اليهود وأقربهم منه النصارى ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل وكل من أدرك نبيا فهو من أمته فالحق عليهم أن يطيعوه فأنت ممن أدركت هذا النبي ولسنا ننهاك عن دين المسيح ولكنا نأمرك به ثم ناوله كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قرأه قال خيرا قد نظرت في هذا فوجدته لا يأمر بمزهود فيه ولا ينهى عن مرغوب فيه ولم أجده بالساحر الضال ولا الكاهن الكاذب ووجدت معه آلة النبوة ثم جعل الكتاب في حق من عاج وختم عليه ودفعه إلى خازنه وكتب جوابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد علمت أن نبيا قد بقي وقد أكرمت رسولك وأهدي للنبي صلى الله عليه وسلم جاريتين وبغلة تسمى الدلدل فقبل النبي صلى الله عليه وسلم هديته واصطفى الجارية الواحدة واسمها مارية القبطية لنفسه فولدت منه إبراهيم...

وقد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى عظيم الأسكندرية بمصر أيضًا، فأكرمه...

وبعثه أبو بكر الصديق أيضا إلى المقوقس بمصر فصالحهم...

فكان رضي الله عنه مبعوث الدولة الإسلامية الدائم إلى مصر...

بعض الأحاديث التي رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم:

روى حاطب بن أبي بلتعة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من رآني بعد موتي فكأنما رآني في حياتي ومن مات في أحد الحرمين بعث في الآمنين يوم القيامة"

قال ابن عبد البر في الاستيعاب: لا أعلم له غير هذا الحديث.

وفاته:

مات رضي الله عنه سنة 30 هـ بالمدينة، وهو ابن 65 سنة، وصلى عليه عثمان رضي الله عنه.






قديم 04-04-2008, 01:20 PM
المشاركة 87
  • غير متواجد
الحلقة السادسة والثمانون : ربعي بن عامر


هو ربعي بن عامر بن خالد بن عمرو. قال الطبري كان عمر أمد به المثنى بن حارثة وكان من أشراف العرب.

أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته:

كان لتربية الرسول أثرا في نفس ربعي جعلته يقف أمام الفرس قائلا لهم

إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.

ملامح شخصيته:

فطنته وذكاؤه ومعرفته بأحوال عدوه:

كان سيدنا ربعي بن عامر من الفطناء العارفين بأحوال عدوهم، ومن ذلك لما أراد سيدنا سعد بن أبي وقاص أن يرسل إلى الفرس المغيرة بن شعبة وبسر بن أبي رهم وعرفجة بن هرثمة وحذيفة بن محصن وربعي بن عامر وقرفة بن زاهر التيمي ثم الواثلي ومذعور بن عدي العجلي والمضارب بن يزيد العجلي ومعبد بن مرة العجلي وكان من دهاة العرب فقال إني مرسلكم إلى هؤلاء القوم فما عندكم قالوا جميعا نتبع ما تأمرنا به وننتهي إليه فإذا جاء أمر لم يكن منك فيه شيء نظرنا أمثل ما ينبغي وأنفعه للناس فكلمناهم به فقال سعد هذا فعل الحزمة اذهبوا فتهيؤوا فقال ربعي بن عامر إن الأعاجم لهم آراء وآداب ومتى نأتهم جميعا يروا أنا قد احتفلنا بهم فلا تزدهم على رجل فمالؤوه جميعا على ذلك.

هوان الدنيا في نفسه وعزته بدينه:

خرج ربعي ليدخل على رستم في معسكره فأظهروا الزبرج وبسطوا البسط والنمارق ولم يتركوا شيئا ووضع لرستم سرير الذهب وألبس زينته من الأنماط والوسائد المنسوجة بالذهب وأقبل ربعي يسير على فرس له زباء قصيرة معه سيف له مشوف وغمده لفافة ثوب خلق ورمحه معلوب بقد معه حجفة من جلود البقر على وجهها أديم أحمر مثل الرغيف ومعه قوسه ونبله فلما غشي الملك وانتهى إليه وإلى أدنى البسط قيل له انزل فحملها على البساط فلما استوت عليه نزل عنها وربطها بوسادتين فشقهما ثم أدخل الحبل فيهما فلم يستطيعوا أن ينهوه وإنما أروه التهاون وعرف ما أرادوا فأراد استحراجهم وعليه درع له كأنها أضاة ويلمقه عباءة بعيره قد جابها وتدرعها وشدها على وسطه بسلب وقد شد رأسه بمعجرته وكان أكثر العرب شعرة ومعجرته نسعة بعيره ولرأسه أربع ضفائر قد قمن قياما كأنهن قرون الوعلة فقالوا ضع سلاحك فقال إني لم آتكم فأضع سلاحي بأمركم أنتم دعوتموني فإن أبيتم أن آتيكم كما أريد رجعت فأخبروا رستم فقال ائذنوا له هل هو إلا رجل واحد فأقبل يتوكأ على رمحه وزجه نصل يقارب الخطو ويزج النمارق والبسط فما ترك لهم نمرقة ولا بساطا إلا أفسده وتركه منهتكا مخرقا فلما دنا من رستم تعلق به الحرس وجلس على الأرض وركز رمحه بالبسط فقالوا ما حملك على هذا قال إنا لا نستحب القعود على زينتكم هذه.

أثره في الآخرين دعوته وتعليمه:

ولما سأله رستم عن سبب مجيء المسلمين إلى الفرس فقال لهم الله ابتعثنا والله جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه ورجعنا عنه وتركناه وأرضه يليها دوننا ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله قال وما موعود الله قال الجنة لمن مات على قتال من أبى والظفر لمن بقي فقال رستم: قد سمعت مقالتكم فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا قال نعم كم أحب إليكم أيوما أو يومين قال لا بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا وأراد مقاربته ومدافعته فقال إن مما سن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل به أئمتنا ألا نمكن الأعداء من آذاننا ولا نؤجلهم عند اللقاء أكثر من ثلاث فنحن مترددون عنكم ثلاثا فانظر في أمرك وأمرهم واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل اختر الإسلام وندعك وأرضك أو الجزاء فنقبل ونكف عنك وإن كنت عن نصرنا غنيا تركناك منه وإن كنت إليه محتاجا منعناك أو المنابذة في اليوم الرابع ولسنا نبدؤك فيما بيننا وبين اليوم الرابع إلا أن تبدأنا أنا كفيل لك بذلك على أصحابي وعلى جميع من ترى قال أسيدهم أنت قال لا ولكن المسلمين كالجسد بعضهم من بعض يجير أدناهم على أعلاهم فخلص رستم برؤساء أهل فارس فقال ما ترون هل رأيتم كلاما قط أوضح ولا أعز من كلام هذا الرجل قالوا معاذ الله لك أن تميل إلى شيء من هذا وتدع دينك لهذا الكلب أما ترى إلى ثيابه فقال ويحكم لا تنظروا إلى الثياب ولكن انظروا إلى الرأي والكلام والسيرة إن العرب تستخف باللباس والمأكل ويصونون الأحساب ليسوا مثلكم في اللباس ولا يرون فيه ما ترون وأقبلوا إليه يتناولون سلاحه ويزهدونه فيه فقال لهم هل لكم إلى أن تروني فأريكم فأخرج سيفه من خرقه كأنه شعلة نار فقال القوم اغمده فغمده ثم رمى ترسا ورموا حجفته فخرق ترسهم وسلمت حجفته فقال: يا أهل فارس إنك عظمتم الطعام واللباس والشراب وإنا صغرناهن ثم رجع إلى أن ينظروا إلى الأجل.

من كلماته:

وقف ربعي بن عامر ليحرض الناس على القتال فقال: إن الله هداكم للإسلام وجمعكم به وأراكم الزيادة وفي الصبر الراحة فعودوا أنفسكم الصبر تعتادوه ولا تعودوها الجزع فتعتادوه، وولاه الأحنف لما فتح خراسان على طخارستان. ولم يذكر شيء عن وفاته.


قديم 04-04-2008, 01:22 PM
المشاركة 88
  • غير متواجد
الحلقة السابعة والثمانون : سمرة بن جندب


سمرة بن جندب بن هلال بن حريج بن مرة بن حزن بن عمرو يكنى أبا سليمان قدمت به أمه بعد موت أبيه فتزوجها رجل من الأنصار.

ولم يدرك الجاهلية ولاقى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بعد طفل.

من مواقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض غلمان الأنصار فمر به غلام فأجازه في البعث وعرض عليه سمرة فرده فقال لقد أجزت هذا ورددتني ولو صارعته لصرعته قال فدونكه فصارِعْهُ، فصَرَعَهُ سمرةَ فأجازَه.(1)

وهذا يدل علي حرص الفتيان من الصحابة علي أن ينالوا شرف الجهاد في سبيل الله.

أهم ملامح شخصيته:

خلال عذبة، وشمائل كريمة تمتع بها الصحابي الجليل منها الشجاعة وعدم التسامح مع المخطئين وقد ظهر هذا في تعامله مع الخوارج.

ولما مرض سمرة بن جندب مرضه الذي مات فيه أصابه برد شديد فأوقدت له نار فجعل كانونا بين يديه وكانونا خلفه وكانونا عن يمينه وكانونا عن يساره قال فجعل لا ينتفع بذلك ويقول كيف أصنع بما في جوفي فلم يزل كذلك حتى مات.


إنه لموقف رائع من الصحابي الجليل في يوم وفاته، وهو موقف ما أحرانا في هذه الأيام أن نتعلم من موقف سمرة رضي الله عنه وأن نخاف من الله ونعمل ليوم تشخص فيه الأبصار.

بعض ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم:

عن سمرة بن جندب: أن امرأة ماتت في بطن فصلى عليها النبي صلى الله عليه وسلم فقام وسطها.(2) أي وقف في الصلاة عليها محاذيا الوسط.

وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان فقلت ما هذا؟. فقال الذي رأيته في النهر آكل الربا.

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا أتاني الليلة آتيان فابتعثاني فانتهيا بي إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة فتلقانا رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء وشطر كأقبح ما أنت راء قالا لهم اذهبوا فقعوا في ذلك النهر فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم فصاروا في أحسن صورة قالا لي هذه جنة عدن وهذا منزلك قالا أما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح فإنهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا تجاوز الله عنهم.(3)

وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضب الله ولا بالنار.(4)

وفاته:

مات سمرة قبل سنة ستين قال ابن عبد البر سقط في قدر مملوء ماء حارا فكان ذلك تصديقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم له ولأبي هريرة ولأبي محذورة آخركم موتا في النار قيل مات سنة ثمان وقيل سنة تسع وخمسين وقيل في أول سنة ستين.(5)


قديم 04-04-2008, 01:25 PM
المشاركة 89
  • غير متواجد
الحلقة الثامنة والثمانون : شرحبيل بن حسنة


شرحبيل بن حسنة وهي أمه، وهي عدوية وهو ابن عبد الله بن المطاع بن عمرو من كندة حليف لبني زهرة ويكنى أبا عبد الله، وقد أسلم شرحبيل قديما بمكة وهو من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية.

وكان رضي الله عنه يتميز بالشجاعة والإقدام يشهد له بذلك جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع الخلفاء الراشدين من بعده، ويكفى أن يذكر التاريخ عنه أنه فاتح الأردن وأنه كان لجهاده في أرض الشام أثر كبير في اندحار الروم ونشر الإسلام في تلك الربوع

وكان صريحا لا يخشى في الحق أحدا، فقد خطب عمرو بن العاص لما انتشر مرض الطاعون بالشام فقال:إن هذا الطاعون رجس فتفرقوا في هذه الشعاب وفى هذه الأودية، فبلغ ذلك شرحبيل فغضب وجاء وهو يجر ثوبه معلقا نعله بيده (1) وقال لعمرو بن العاص: إن الطاعون وقع فقال عمرو بن العاص: إنه رجس فتفرقوا عنه، وقال شرحبيل بن حسنة: إني قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو أضل من جمل أهله وربما قال شعبة أضل من بعير أهله وإنه قال: إنها رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، فاجتمعوا ولا تفرقوا عنه، قال: فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال: صدق.(2)

وكان شرحبيل رضي الله عنه يجيد القراءة والكتابة، فقد كان من كتاب الوحي.

من مواقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم:

حدث موقف يدل علي حبه للنبي صلي الله عليه وسلم، وأنه يفضله علي نفسه فعن الشفاء ابنة عبد الله قالت: جئت يوما حتى دخلت على النبي (صلى الله عليه و سلم) فسألته و شكوت إليه فجعل يعتذر إلي و جعلت ألومه قالت: ثم حانت الصلاة الأولى فدخلت بيت ابنتي و هي عند شرحبيل بن حسنة فوجدت زوجها في البيت فجعلت ألومه و قلت: حضرت الصلاة و أنت هاهنا فقال: يا عمه لا تلومني كان لي ثوبان استعار أحدهما النبي (صلى الله عليه و سلم) فقلت: بأبي و أمي أنا ألومه و هذا شأنه فقال شرحبيل: إنما كان أحدهما درعا فرقعناه..(3)


وكان شرحبيل ( رضي الله عنه ) هو الذي أخذ أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان من الحبشة بعد أن تزوجها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقد زوجها إياه عثمان بن عفان وهي بنت عمته أمها ابنة أبي العاص زوجها إياه النجاشي وجهزها إليه وأصدقها أربعمائة دينار وأولم عليها عثمان بن عفان لحما وثريدا وبعث إليها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شرحبيل بن حسنة فجاء بها.

من مواقفه مع الصحابة:

إن أبا بكر رضي الله عنه لما حدث نفسه أن يغزو الروم لم يطلع عليه أحد إذ جاءه شرحبيل بن حسنة فجلس إليه فقال: يا خليفة رسول الله تحدثك نفسك أنك تبعث إلى الشام جند؟ فقال: نعم قد حدثت نفسي بذلك وما أطلعت عليه أحدا وما سألتني عنه إلا لشيء قال: أجل يا خليفة رسول الله إني رأيت فيما يرى النائم كأنك تمشي في الناس فوق حرشفة ( الحرشفة: الأرض الغليظة ) من الجبل ثم أقبلت تمشي حتى صعدت قنة ( قنة: القن بالضم الجبل الصغير.من القنان العالية فأشرفت على الناس ومعك أصحابك ثم إنك هبطت من تلك القنان إلى أرض سهلة دمثة ( دمثة: دمث المكان وغيره كفرح سهل ولان والدماثة سهولة الخلق. فيها الزرع والقرى والحصون فقلت للمسلمين شنوا الغارة على أعداء الله وأنا ضامن لكم بالفتح والغنيمة فشد المسلمون وأنا فيهم معي راية فتوجهت بها إلى أهل قرية فسألوني الأمان فأمنتهم ثم جئت فأجدك قد جئت إلى حصن عظيم ففتح الله لك وألقوا إليك السلم ووضع الله لك مجلسا فجلست عليه ثم قيل لك يفتح الله عليك وتنصر فاشكر ربك واعمل بطاعته ثم قر: { إذا جاء نصر الله والفتح } إلى آخرها ثم انتبهت فقال له أبو بكر: نامت عيناك خيرا رأيت وخيرا يكون إن شاء الله.

ثم قال: بشرت بالفتح ونعيت إلي نفسي ثم دمعت عينا أبي بكر ثم قال: أما الحرشفة التي رأيتنا نمشي عليها حتى صعدنا إلى القنة العالية فأشرفنا على الناس فإنا نكابد من أمر هذا الجند والعدو مشقة ويكابدونه ثم نعلو بعد ويعلو أمرنا وأما نزولنا من القنة العالية إلى الأرض السهلة الدمثة والزرع والعيون والقرى والحصون فإنا ننزل إلى أمر أسهل مما كنا فيه من الخصب والمعاش وأما قولي للمسلمين: شنوا الغارة على أعداء الله فإني ضامن لكم الفتح والغنيمة فإن ذلك دنو المسلمين إلى بلاد المشركين وترغيبي إياهم على الجهاد والأجر والغنيمة التي تقسم لهم وقبولهم وأما الراية التي كانت معك فتوجهت بها إلى قرية من قراهم ودخلتها واستأمنوا فأمنتهم فإنك تكون أحد أمراء المسلمين ويفتح الله على يديك وأما الحصن الذي فتح الله لي فهو ذلك الوجه الذي يفتح الله لي وأما العرش الذي رأيتني عليه جالسا فإن الله يرفعني ويضع المشركين قال الله تعالى ليوسف: { ورفع أبويه على العرش } وأما الذي أمرني بطاعة الله وقرأ علي السورة فإنه نعى إلي نفسي وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى الله إليه نفسه حين نزلت هذه السورة. (4)


ومن مواقفه مع التابعين أن شرحبيل بن حسنة أغار على ساسمة مصبحا فقال لمن معه من المسلمين: صلوا على الظهر. فمر بالأشتر يصلي على الأرض. فقال: مخالف خالف الله به. ومضى شرحبيل ومن معه فاستحوذ على ساسمة فخربها فهي خراب إلى اليوم. (5)

وفاته:

وقد اختلف في وفاته رضي الله عنه فقيل مات يوم اليرموك.(6)

ويقال: طعن - أي مات بالطاعون - هو وأبو عبيدة في يوم واحد ومات في طاعون عمواس وهو ابن سبع وستين وحديثه في الطاعون ومنازعته لعمرو بن العاص في ذلك مشهورة.(7)


قديم 04-04-2008, 01:26 PM
المشاركة 90
  • غير متواجد
الحلقة التاسعة والثمانون : ضرار بن الأزور


ضرار بن الأزور واسم الأزور مالك بن أوس بن خزيمة بن ربيعة بن مالك.(1)

قال البغوي سكن الكوفة.

ويقال أنه كان له ألف بعير برعاتها فترك جميع ذلك (لله ). (2)

من مواقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم:

لما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له ألف بعير برعاتها فأخبره بما خلف وقال: يا رسول الله قد قلت شعر. فقال: هيه فقال:

خلعت القداح وعزف القي... ن والخمر أشربها والثمالا

وكري المحبر في غمرة... وجهدي على المسلمين القتالا

وقالت جميلة: شتتن... وطرحت أهلك شتى شمالا

فيا رب لا أغبنن صفقتي... فقد بعت أهلي ومالي بدالا

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما غبنت صفقتك يا ضرار.(3) فهكذا كان يصنع صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم بأموالهم كانوا ينفقونها في سبيل الله، يبيعون الدنيا ويشترون الآخرة، يبيعون الفاني ويشترون الباقي.

وقال ضرار أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقحة فأمرني أن أحلبها فجهدت حلبها فقال دع داعي اللبن.


بعض المواقف مع الصحابة رضي الله عنهم:


وأبلي في موقعة اليرموك أحسن البلاء لأنه يدرك قيمة الشهداء عند الله عز وجل فعن عكرمة بن أبي جهل أنه نادي يوم اليرموك: قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل موطن وأفر منكم اليوم. ثم نادى: من يبايعني على الموت فبايعه عمه الحارث بن هشام وضرار بن الأزور في أربعمائة من وجوه المسلمين وفرسانهم فقاتلوا قدام فسطاط خالد حتى أثبتوا جميعا جراحة وقتلوا إلا ضرار بن الأزور.(4)

وبعث خالد ضرارا في سرية فأغاروا على حي من بني أسد فأخذوا امرأة جميلة فسأل ضرار أصحابه أن يهبوها له ففعلوا فوطئها ثم ندم فذكر ذلك لخالد فقال قد طيبتها لك فقال لا حتى تكتب إلى عمر فكتب أرضخه بالحجارة فجاء الكتاب وقد مات فقال خالد ما كان الله ليخزي ضرارا ويقال إنه الذي قتل مالك بن نويرة بأمر خالد بن الوليد ويقال إنه ممن شرب الخمر مع أبي جندب فكتب فيهم أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر فكتب إليه ادعهم فسائلهم فإن قالوا إنها حلال فاقتلهم وإن زعموا أنها حرام فاجلدهم ففعل.(5)


وفاته:

اختلف في وفاة ضرار بن الأزور رضي الله عنه، فقال ابن عبد البر: قُتل ضرار بن الأزور يوم أجنادين في خلافة أبي بكر وقال غيره: توفي ضرار بن الأزور في خلافة عمر بالكوفة.

وذكر الواقدي قال: قاتل ضرار بن الأزور يوم اليمامة قتالا شديدا حتى قطعت ساقاه جميعا فجعل يحبو على ركبتيه ويقاتل وتطؤه الخيل حتى غلبه الموت.

وقد قيل: مكث ضرار باليمامة مجروحا ثم مات قبل أن يرتحل خالد بيوم. قال: وهذا أثبت عندي من غيره.(6)

وذكر ابن الأثير أنه شهد موقعة اليرموك سنة ثلاث عشرة من الهجرة.





الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: سيرة الصحابة رضي الله عنهم في حلقات
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كــــــنــوز. ريميه ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 13 28-07-2008 12:13 PM
۩۝۩ ●(أصول أهل السنة والجماعة)● ۩۝۩ !! عابر سبيل !! ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 5 09-12-2007 05:42 PM
صفات الرسول صلى الله عليه وسلم fai9al ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 17 22-11-2007 03:19 PM
إحياء سنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم محاكي الللللليل ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 7 15-11-2007 12:52 PM
[§][ سيرة وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم ][§]ارجوا التثبيت التمساح14 ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 11 21-10-2007 04:55 PM

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


الساعة الآن 08:01 AM.