قديم 12-10-2009, 12:50 AM
المشاركة 2
~غلا~
عضو يفوق الوصف
  • غير متواجد
رد: الأربعين النووية «●● ( الجزء الرابع )



( دورة شرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الرابع عشر "





(عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثـلاث :
الـثـيـب الــزاني، والـنـفـس بـالنفس، والـتـارك لـديـنـه الـمـفـارق للـجـمـاعـة
‏"‏‏.‏ . )

رواه البخاري ومسلم





معنى الحديث :

لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ
:أي لا يحل قتله،
امرِئٍ مُسْلِمٍ :التعبير بذلك لايعني أن المرأة يحل دمها، ولكن التعبير بالمذكر في القرآن
والسنةأكثر من التعبير بالمؤنث، لأن الرجال هم الذين تتوجه إليهم الخطابات وهم
المعنيّون بأنفسهم وبالنساء.
إِلاَّ بإِحْدَى ثَلاثٍ :يعني بواحدة من الثلاث:
الثَّيِّبُ الزَّانِيْ، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّاركُ لِدِيْنِهِ المُفَارِقُ للجمَاعَةِ :



الثَّيِّبُ الزَّانِي : فالثيب الزاني يحلّ دمه، والثيب هو :
الذي جامع في نكاح صحيح،أي متزوج
فإذا زنا بعد أن أنعم الله عليه بنعمة النكاح الصحيح صار مستحقاً للقتل،
ومفهوم قوله "الثَّيِّبُ" لأن البكر( اي الأعزب الغير متزوج ) لايحل دمه إذا زنا،
وهو الذي لم يجامع في نكاح صحيح،
ويكون قتله رجماً بالحجارة حتى الموت
فإن قال قائل: ما الحكمة من كونه يقتل على هذا الوجه ؟



فالجواب: أن شهوة الجماع لا تختص بعضو معين، بل تشمل كل البدن، فلما تلذذ بدن
الزاني المحصن بهذه اللذة المحرّمة
كان من المناسب أن يذوق البدن كلّه ألم هذه العقوبة التي هي الحدّ، فالمناسبة إذاً ظاهرة.
ويثبت الزنا بشهادة أربعة رجال مرضيين أنهم رأوا ذكر الزاني في فرج المزني بها ولابدّ،
والشهادة على هذا الوجه صعبة جداً، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
إنه لم يثبت الزنا بالشهادة قطّ، وهو في وقته.

والطريق الثاني لثبوت الزنا أن يقرّ الزاني بأنه زنا

وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ :المقصود به القصاص،
أي أنه إذا قتل إنسانٌ إنساناً آخر عمداً ، مكافئاً له في الدين والحرية والرّق قتل به.
يقُتِلَ حينئذٍ هذا الإنسان بالشروط المعروفة.



وعلى قولنا: في الدين وهو أهم شيء لايقتل المسلم بالكافر، لأن المسلم أعلى من
الكافر،ويقتل الكافر بالمسلم لأنه دونه.
وهل يشترط أن لايكون القاتل من أصول المقتول، أو لا يشترط؟

فالجواب: قال بعض أهل العلم إنه يشترط أن لايكون القاتل من أصول المقتول،

والأصول هم: الأب والأم والجد والجدة وما أشبه ذلك، وقالوا: لا يقتل والد بولده

واستدلّوا بحديث: "لايُقتَلُ الوَالِدُ بوَلَدِهِ

وبتعليل قالوا: لأن الوالد هو الأصل في وجود الولد فلا يليق أن يكون الولد سبباً في إعدامه.
وقال بعض أهل العلم: هذا ليس بشرط، وأنه يقتل الوالد بالولد إذا علمنا أنه قتله
عمداً،واستدلوا بعموم الحديث: "النَّفْسُ بالنَّفسِ"
وعموم قوله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ)المائدة: من الآية45.
وأجابوا عن أدلة الآخرين فقالوا: الحديث ضعيف، ولايمكن أن يقاوم النصوص المحكمة الدّالة
على قتل النفس بالنفس.



وأما التعليل فالتعليل عليل، وجه ذلك: أن الوالد إذا قتل الولد ثم قتِلَ به فليس الولد هو السبب
في إعدامه،
بل السبب في إعدامه فعل الوالد القاتل، فهو الذي جنى على نفسه، وهذا القول هو الراجح
لقوة دليله بالعمومات
التي ذكرناها، ولأن هذا من أشدّ قطيعة الرحم، فكيف نعامل هذا القاطع الظالم المعتدي
بالرّفق واللين، ونقول: لا قصاص عليه.

فالصواب: أن الوالد يقتل بولده سواء بالذكر كالأب، أو الأنثى كالأم.

وَالتَّاركُ لِدِيْنِهِ المُفَارِقُ للجمَاعَةِ
:
يعني بذلك المرتدّ بأي نوع من أنواع الرّدة.
و المراد بالجماعة أي جماعة المسلمين فالمرتد يقتل .
ولكن هل يستتاب قبل أن يقتل؟
في ذلك خلاف بين العلماء: منهم من قال: لايستتاب، بل بمجرّد أن يثبت كفره فإنه يقتل
لقول النبي صلى الله عليه وسلم :

"مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلوهُ" ولم يذكر استتابة.
ومنهم من قال: يستتاب ثلاثة أيام إن كان ممن تقبل توبتهم، لأن المرتدين بعضهم تقبل
توبتهم،
وبعضهم لاتقبل، فإذا كان ممن تقبل توبته فإننا نستتيبه ثلاثة أيام، أي نحبسه
ونقول:
لك مهلة ثلاثة أيام فإن أسلم رفعنا عنه القتل، وإن لم يسلم قتلناه.



والصحيح في الاستتابة: أنها ترجع إلى اجتهاد الحاكم، فإن رأى من المصلحة استتابته
استتابه،
وإلا فلا، لعموم قوله : "مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَاقتُلُوهُ" ولأن
الاستتابة وردت عن الصحابة رضي الله عنهم.
وهذا يختلف فقد يكون هذا الرجل الكافر أعلن كفره واستهتر فلاينبغي أن نستتيبه، وقد يكون
أخفى كفره
وتاب إلى الله ورأينا منه محبة التوبة، فلكل مقام مقال.
وقولنا: يستتاب من تقبل توبته إشارة إلى أن المرتدين قسمان:
قسم تقبل توبتهم، وقسم لاتقبل.



قال أهل العلم: من عظمت ردته فإنه لاتقبل توبته بأن سب الله، أو سب رسوله، أو سب
كتابه،أو فعل أشياء منكرة عظيمة في الردة، فإن توبته لاتقبل، ومن ذلك المنافق فإنه لاتقبل
توبته،لأن المنافق من الأصل يقول إنه مسلم، فلا تقبل توبته.
وقيل: إن توبته مقبولة ولو عظمت ردته ولو سب الله أو رسوله أو كتابه ولو نافق،
وهذا القول هو الراجح، لكن يحتاج إلى تأنٍّ ونظر: هل هذا الرجل يبقى مستقيماً أو لا؟
فإذا علمنا من حاله أنه صادق التوبة قبلنا توبته لعموم قوله تعالى:

(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً
) الزمر: من الآية53
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : "التَّوبَةُ تَهْدِمُ
مَا قَبْلَهَا
" وهذا عام، وهذا القول هو الراجح وله أدلة.
اما المستهزئ فتقبل توبته بدليل قول الله تعالى:
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ
وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ

إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ) [التوبة:65-66]
ولا عفو إلا بالتوبة.
وفي المنافقين قال الله تعالى(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ
النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا *

إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ
وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً
)النساء:145-146 .



فالصواب: أن كل كافر أصلي أو مرتدّ إذا تاب من أي نوع من الكفر فإن توبته مقبولة.
ولكن مثل هؤلاء يحتاجون إلى مراقبة أحوالهم: هل هم صادقون،أو هم يستهزؤون بنا؟
يقولون: إنهم رجعوا إلى الإسلام وهم لم يرجعوا

وإذا تاب يرتفع عنه القتل، لأن إباحة قتله إنما كانت لكفره، فإذا قبلنا توبته ارتفع الكفرعنه
فارتفع قتله
إلا من سب الرسول صلى الله عليه وسلم فإن توبته تقبل لكن يجب أن يقتل،
ويقتل مسلماً بحيث نغسله ونكفنه ونصلي عليه وندفنه مع المسلمين، لكننا لانبقيه حياً.

ومن سب الله عزّ وجل إذا تاب فإنه لا يقتل.
فإن قال قائل: على ضوء هذا الكلام أيكون سب الله عزّ وجل دون سب الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
فالجواب: لا والله لا يكون، بل سب الله أعظم، لكن الله تعالى قد أخبرنا أنه عافٍ عن حقه
إذا تاب العبد،
فإذا تاب علمنا أن الله تاب عليه.



أما الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لم يقل: من سبّني أو استهزأ بي ثم تاب فأنا أسقط
حقي، وعلى هذا فنحن نقتله لأن سب الرسول صلى الله عليه وسلم حق آدمي لم نعلم
أنه عفا عنه.
فإن قال قائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عن أناس سبّوه في عهده وارتفع عنهم القتل؟
فالجواب: هذا لا يمنع ما قلنا به لأن الحق حقه، وإذا عفا علمنا أنه أسقط حقه فسقط،

لكن بعد موته هل نعلم أنه أسقط حقه؟
الجواب: لا نعلم، ولا يمكن أن نقيس حال الموت علىحال الحياة،لأننا نعلم أن هذا القياس
فاسد،ولأننا نخشى أن يكثر سب الرسول صلى الله عليه وسلم لأن هيبة الرسول صلى الله
عليه وسلم في حياته أعظم من هيبته بعد مماته. والله أعلم.



من فــــوائــــد الحديــــث :

1.احترام دماء المسلمين، لقوله: "لايَحِلُّ دَمُ امرِئٍ مُسلمٍ" وهذا أمر مجمع عليه دلَّ
عليه الكتاب والسنة والإجماع،
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ
وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً
) النساء: 93
فقتل المسلم المعصوم الدم من أعظم الذنوب، ولهذا أول ما يقضى بين الناس في الدماء.

2. أن غير المسلم يحلّ دمه ما لم يكن معَاهَداً، أومستأمِناً،
أو ذميّاً، فإن كان كذلك فدمه معصوم.
والمعاهد: من كان بيننا وبينه عهد، كما جرى بين النبي صلى الله عليه وسلم وقريش
في الحديبية.
والمستأمن: الذي قدم من دار حرب لكن دخل إلينا بأمان لبيع تجارته أو شراء أو عمل،
فهذا محترم معصوم حتى وإن كان من قوم أعداء ومحاربين لنا، لأنه أعطي أماناً خاصاً.

والذّميّ: وهو الذي يسكن معنا ونحميه ونذبّ عنه، وهذا هو الذي يعطي الجزية بدلاً عن
حمايته وبقائه في بلادنا.

إذاً قوله: "لايَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ" يخرج بذلك
غير المسلم فإن دمه حلال إلا هؤلاء الثلاثة.

3. حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم حيث يرد
كلامه أحياناً بالتقسيم، لأن التقسيم يحصر المسائل
ويجمعها وهو أسرع حفظاً وأبطأ نسياناً.

4. أن الثيب الزاني يقتل، برجمه بالحجارة، وصفته:
أن يوقف ويرميه الناس بحجارة لاكبيرة ولا صغيرة،
لأن الكبيرة تقتله فوراً فيفوت المقصود من الرّجم، والصغيرة يتعذّب بها قبل أن يموت،
بل تكون وسطاً،

فالثيب الزاني يرجم بالحجارة حتى يموت،سواء كان رجلاً أم امرأة.












قديم 12-10-2009, 01:08 AM
المشاركة 3
~غلا~
عضو يفوق الوصف
  • غير متواجد
رد: الأربعين النووية «●● ( الجزء الرابع )


( دورة شرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الخامس عشر "



(عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه
وسلم قَالَ: (مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرَاً أَو لِيَصْمُتْ،
وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، ومَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ
‏ . )

رواه البخاري ومسلم






معنى الحديث :


قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم– : (مـن كـان يـؤمن بالله، والـيـوم الآخـر )

،هذه الصيغة ترد في بعض الأحاديث، والمقصود هنا: من كان يؤمن إيماناً كاملاً،
ولا يصح تقدير من كان يؤمن وضدها لا يؤمن مطلقاً؛ لأنه المقصود الإيمان الكامل .
مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ : الإيمان بالله عرفناه سابقاً في حديث
جبريل، وكذلك الإيمان باليوم الآخر،



فَلْيَقُلْ خَيْرَاً
: "فَلَيَقُلْ خَيرَاً" اللام للأمر، والخير نوعان:

خير في المقال نفسه، وخير في المراد به.
أما الخير في المقال: فأن يذكر الله عزّ وجل ويسبّح ويحمد ويقرأ القرآن
ويعلم العلم

ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فهذا خير بنفسه.
وأما الخير لغيره: فأن يقول قولاً ليس خيراً في نفسه ولكن
من أجل إدخال السرور على جلسائه،
فإن هذا خير لما يترتب عليه من الأنس وإزالة الوحشة وحصول الإلفة، لأنك لو جلست مع
قوم ولم تجد شيئاً يكون خيراً بذاته وبقيت صامتاً من حين دخلت إلى أن قمت صار في هذا
وحشة وعدم إلفة، لكن تحدث ولو بكلام ليس خيراً في نفسه ولكن من أجل إدخال السرور
على جلسائك، فإن هذا خير لغيره.
أَو لِيَصْمُتْ، : أي يسكت.
فالكلام إذا كان خيراً فهو أفضل، فإن لم يكن خيراً فالسكوت أولى .




وهنا مسألة هل الكلام أفضل، أو السكوت أفضل؟

فيجب أولاً هنا المقارنة، إذا كان الكلام خيراً فهو أفضل مثل أن يتضمّن مسألة الذكر، والقرآن،
والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، و إذا كان هذا الكلام سيؤدى إلى شر، فالسكوت أفضل؛
ولذلك قال النبي – صلى الله عليه وسلم – هنا:

( فليقل خيراً، أو ليصمت ) .

بناء على هذا: فعلى المسلم أن يعوِّد لسانه على الكلام
الطيب، وعلى الكلام الذي فيه نفع،
وفيه فائدة، و فيه دلالة على الخير، يرفعه عند الله - سبحانه وتعالى – ولا يخفضه !




وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ
: أي جاره في البيت،
والظاهر أنه يشمل حتى جاره في المتجر كجارك في الدكان مثلاً،
لكن الجار في البيت هو الأظهر هنا، وكلما قرب الجار منك كان حقه أعظم.


وأطلق النبي صلى الله عليه وسلم الإكرام فقال: "فليُكْرِم جَارَهُ" ولم يقل مثلاً بإعطاء الدراهم
أو الصدقة أو اللباس أو ما أشبه هذا، وكل شيء يأتي مطلقاً في الشريعة فإنه يرجع فيه إلى ا
لعرف،فالإكرام إذاً ليس معيناً بل ما عدّه الناس إكراماً، ويختلف من جار إلى آخر، فجارك الفقير
ربما يكون إكرامه برغيف خبز،
وجارك الغني لايكفي هذا في إكرامه، وجارك الوضيع ربما يكتفي بأدنى شيء في إكرامه،
وجارك الشريف يحتاج إلى أكثر

والجار
: هل هو الملاصق، أو المشارك في السوق، أو المقابل أو ماذا؟
هذا أيضاً يرجع فيه إلى العرف، لكن قد ورد أن الجار أربعون داراً من كل جانب ،
وهذا في الوقت الحاضر صعب جداً.
في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعون داراً مساحتهم قليلة، لكن في عهدنا أربعون داراً
قرية، فإذا قلنا إن الجار أربعون داراً والبيوت قصور صار فيها صعوبة، ولهذا نقول:
إن صح الحديث فهو مُنَزَّل على الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن لم يصح
رجعنا إلى العرف.
ولا شك أن كلما قرب الجار كان أولى بالحقوق من غيره .



والجار له حق أياً كان، فإن كان قريباً لجاره، فله ثلاثة حقوق،
حق القرابة، حق الجوار، حق الإسلام،

إن كان ليس قريباً، وهو مسلم فله
حقان :حق الإسلام، وحق الجوار،
وإن كان الجار كافراً، فله حق واحد، وهو حق الجوار،
إذاً، الجار على أي صفة من الصفات فله حق، حتى ولو كان كافراً، لا كما يظن بعض
الناس، فالجار وإن كان كافراً فله حق، في إطعامه، واشرابه، بزيارته بالتحية له،

ودعوته إلى هذا الدين بالمعاملة الحسنة معه وهكذا فمن أعظم ما يهدى لهذا الجار،
هو نصيحته، والنبي - صلى الله عليه وسلم – طبق هذا مع جاره اليهودي، عندما مرض،
مع أنه يهودي، وزاره النبي - صلى الله عليه وسلم – ، ودعاه إلى الإسلام، وكان شاباً،

فالتفت الشاب إلى أبيه كأنه يستأذنه، قال: أطع أبا القاسم، ففرح النبي – صلى الله عليه
وسلم – فرحاً شديداً قال:

( الحمد لله الذي أنقذه بي من النار )، وهذا من أعظم ما يكرم به الجار ..



وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فَليُكرِمْ ضَيْفَهُ : الضيف هو
النازل بك، كرجل مسافر نزل بك، فهذا ضيف يجب إكرامه بما يعد إكراماً.
قال بعض أهل العلم - رحمهم الله -: إنما تجب الضيافة إذا كان في القرى أي المدن الصغيرة،
وأما في الأمصار والمدن الكبيرة فلايجب، لأن هذه فيها مطاعم وفنادق يذهب إليها
ولكن القرى الصغيرة يحتاج الإنسان إلى مكان يؤويه.
ولكن ظاهر الحديث أنه عام: "فَليُكْرِمْ ضَيْفَهُ"




من فــــوائــــد الحديــــث :


1. وجوب السكوت إلا في الخير، لقوله: "مَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فَليَقُلْ خَيرَاً أو لِيَصمُتْ"
هذا ظاهر الحديث، ولكن ظاهر أحوال الناس أن ذلك ليس بواجب، وأن المقال ثلاثة أقسام:
خير، وشر، ولغو.

فالخير: هو المطلوب. والشر: محرم، أي أن يقول الإنسان قولاً شراً سواء كان القول شراً في
نفسه أو شراً فيما يترتب عليه
واللغو: ما ليس فيه خير ولاشرّ فلا يحرم أن يقول الإنسان اللغو، ولكن الأفضل أن يسكت عنه.
ويقال: إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، وكم كلمة ألقت في قلب صاحبها البلاء،
والكلمة بيدك ما لم تخرج من لسانك، فإن خرجت من لسانك لم تملكها.
وإذا دار الأمر بين أن أسكت أو أتكلم فالمختار السكوت،لأن ذلك أسلم.

2. الحث على حفظ اللسان لقوله: "مَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيرَاً أَوْ لِيَصْمُتْ"

ولما حدث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه قال له: أَلا أُخْبِرُكَ بِمِلاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟
قَالَ: بَلَى يَارَسُولَ اللهِ، فَأَخذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ، قَالَ: يَارَسُولَ اللهِ،وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟
- الجملة استفهامية - قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَامُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّار عَلَى وُجُوهِهِم،
أَو قَالَ: "عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِمْ" فاحرص على أن لاتتكلم إلا حيث كان الكلام خيراً،
فإن ذلك أقوى لإيمانك وأحفظ للسانك وأهيب عند إخوانك.



3. وجوب إكرام الجار لقوله: "مَنْ
كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ فَليُكرِمْ جَارَهُ
" وهذا الإكرام مطلق يرجع فيه إلى العرف،
فتارة يكون إكرام الجار بأن تذهب إليه وتسلم عليه وتجلس عنده. وتارة تكون بأن تدعوه إلى
البيت وتكرمه،
وتارة بأن تهدي إليه الهدايا، فالمسألة راجعة إلى العرف.

4. ان دين الإسلام دين الألفة والتقارب والتعارف بخلاف غيره،
فإنك ترى أهل الملة الواحدة لايكاد يعرف بعضهم بعضاً،
متفرقون، حتى الجار لايدري ماذا يحدث لجاره.

5. وجوب إكرام الضيف بما يعد إكراماً، وذلك بأن تتلقاه ببشر وسرور، وتقول: ادخل حياك الله وما أشبه ذلك من العبارات.
وظاهر الحديث أنه لافرق بين الواحد والمائة، لأن كلمة (ضيف) مفرد مضاف فيعم، فإذا نزل
بك الضيف فأكرمه بقدر ما تستطيع.
لكن إذا كان بيتك ضيقاً ولامكان لهذا الضيف فيه ولست ذا غنى كبير بحيث تعد بيتاً للضيوف،
فهل يكفي أن تقول: يا فلان بيتي ضيق والعائلة ربما إذا دخلت أقلقوك،
ولكن خذ مثلاً مبلغاً من المال - حسب الحال - تبيت بها في الفندق فهل يكفي هذا أو لايكفي ؟

الجواب: للضرورة يكفي، وإلا فلا شك أنك إذا أدخلته البيت ورحبت به وانطلق وجهك معه أنه
أبلغ في الإكرام،

ولكن إذا دعت الضرورة إلى مثل ما ذكرت فلابأس، فهذا نوع من الإكرام، والله أعلم
من هنا: نلخص إلى أن المسلم كالنخلة، أينما وجدت نفعت، والنخلة كل ما فيها ينفع،
ابتداء بثمرتها إلى سعفها إلى خوصها، إلى كربها، وكل ما فيها فهو نافع المسلم.





قديم 12-10-2009, 01:25 AM
المشاركة 4
~غلا~
عضو يفوق الوصف
  • غير متواجد
رد: الأربعين النووية «●● ( الجزء الرابع )


( دورة شرح الأربعين النوويّة )



الحـــديث " الســادس عشر "



(عن أبي هريرة رضي الله عنه : (أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال لا تغضب فردد مرارا
قال لا تغضب
). . )

رواه البخاري






معنى الحديث :


أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني
:

الوصية: هي الطلب بما ينفع الإنسان، أو بما يحذر منه الإنسان ، وهي العهد إلى الشخص بأمر هام،
كما يوصي الرجل مثلاً على ثلثه أوعلى ولده الصغير أو ما أشبه ذلك



قَالَ: لاَتَغْضَبْ :
الغضب: يعبر عنه العلماء بأنه: غليان دم القلب فيظهر أثره على الجوارح .
ويمكن أن يعبر بتعبير آخر، فيُقال: هو حال انفعال، تسبب سرعة في الدورة الدموية،
تظهر أثر هذه السرعة على وجه الإنسان،
وعلى حواسه عموما،ً وعلى حركاته، وعلى سلوكه ، فالغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم فيغلي القلب،
ولذلك يحمرّ وجهه وتنتفخ أوداجه وربما يقف شعره !
فهل مراد الرسول صلى الله عليه وسلم لاتغضب أي لايقع منك الغضب، أو المعنى: لاتنفذ الغضب ؟




لننظر: أما الأول فإن ضبطه صعب،لأن الناس يختلفون في هذا اختلافاً كبيراً،
لكن لامانع أن نقول: أراد قوله: "لاَ تَغْضَبْ" أي الغضب الطبيعي، بمعنى أن توطن نفسك وتبرّد الأمر على نفسك.
وأما المعنى الثاني: وهو أن لا تنفذ مقتضى الغضب فهذا حق، فينهى عنه.
إذاً كلمة "لاَ تَغْضَبْ" هل هي نهي عن الغضب الذي هو طبيعي أو هي نهي لما يقتضيه الغضب ؟

إن نظرنا إلى ظاهر اللفظ قلنا
: "لاَ تَغْضَبْ" أي الغضب الطبيعي، لكن هذا فيه صعوبة،
وله وجه يمكن أن يحمل عليه بأن يقال: اضبط نفسك عند وجود السبب حتى لاتغضب.
والمعنى الثاني لقوله: لاَ تَغْضَبْ أي لا تنفذ مقتضى الغضب،
فلو غضب الإنسان وأراد أن يطلّق امرأته، فنقول له: اصبر وتأنَّ.
فَرَدَّدَ الرَّجُلُ مِرَارَاً ، - أَيْ قَالَ: أَوْصِنِي - قَالَ: "لاَ تَغْضَبْ"





أمّا إن تحدّثنا عن مسألة الوقاية من الغضب :


فإنه ينبغي للمسلم أن يتقي أسباب الغضب، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم –: (لا تغضب

ومن اتقاء أسباب الغضب:

- أن يستمر الإنسان على طهارة، فعندما يخرج من بيته، يخرج على وضوء دائماً،
لأن الوضوء يطفئ نار الشيطان،
- كثرة ذكر الله - عزّ وجلّ – ؛لأنه لا يجتمع في قلب المسلم كثرة ذكر الله عزّ وجلّ والشيطان .
فإن الإنسان إذا صار مستمراًُ مع ذكر الله سبحانه وتعالى ابتعد عنه الشيطان؛
فلذلك ينبغي على الإنسان أن يحافظ على أذكار الصباح، أذكار المساء، الأذكار التي رُبطت بوقت،
أو رُبطت بمكان، الأذكار التي ربطت بأحوال، كذلكم الأذكار المطلقة، مثل سبحان الله والحمد لله،
ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله، فكلما أكثر من ذكر الله ابتعد عنه الشيطان.
- تجنب أسباب الغضب، فلا ينظر الإنسان للناس بتعالي، لا ينظر للناس بأنانية، وحب الذات،
لا ينظر للناس بأنه الأحق منهم في كل شيء، فيجب أن يدرب نفسه على التواضع،
و معاملة الناس المعاملة الطيبة ، فلا يكن مكفهر الوجه، مبغضاً عند الناس، مما يؤدي إلى سرعة الغضب .

-تجّنب تبادل التهم، والظنون
، فحينئذ تبادل التهم هذه يؤدي إلى الغضب الشديد، وسوء النية،
كذلك السخرية بالناس، والتنابز بالألقاب، والغيبة، والنميمة، كل هذه لما تنقل لإنسان آخر يغضب غضب شديد،
ويؤدي إلى هذا الغضب، ومن ثم تحصل أضراره الكثيرة؛ لذلك يجب على الإنسان أن يتجنب هذه الأسباب
- التدريب والتدريب، كما هو للأجسام، وكما هو للعقول، كذلك للأخلاق؛ ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم ) .

فالتدريب أمر مهم، كأن يدرب الإنسان نفسه على الأخلاق، ومن أهم الأخلاق الحلم، وكظم الغيظ،
فيتدرب و يجرب مرة مرتين، خصوصاً الذين وجدوا في بيئة يسرع إليهم الغضب،
فمن هنا ينبغي أن يتدرب شيئا فشيئا، فسيجد - بإذن الله تعالى- أنه وصل إلى درجة من الحلم،



مــن فــــوائــــد الحديــــث :

1 - حرص الصحابة رضي الله عنهم على ماينفع
، لقوله: "أَوصِنِيْ" ،
والصحابة رضي الله عنهم إذا علموا الحق لايقتصرون على مجرّد العلم، بل يعملون،
وكثير من الناس اليوم يسألون عن الحكم فيعلمونه ولكن لايعملون به،
أما الصحابة رضي الله عنهم فإنهم إذا سألوا عن الدواء استعملوا الدواء، فعملوا.

2 - أن المخاطب يخاطب بما تقتضيه حاله وهذه قاعدة مهمة، فإذا قررنا هذا لايرد
علينا الإشكال الآتي وهو أن يقال: لماذا لم يوصه بتقوى الله عزّ وجل،كما قال الله عزّ وجل:
(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ )النساء: الآية131

فالجواب: أن كل إنسان يخاطب بما تقتضيه حاله، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم عرف
من هذا الرجل أنه غضوب فأوصاه بذلك.

مثال آخر: رجل أتى إليك وقال: أوصني، وأنت تعرف أن هذا الرجل يصاحب الأشرار،
فيصح أن تقول: أوصيك أن لاتصاحب الأشرار، لأن المقام يقتضيه.

ورجل آخر جاء يقول: أوصني، وأنت تعرف أن هذا الرجل يسيء العشرة إلى أهله،
فتقول له: أحسن العشرة مع أهلك.فهذه القاعدة التي ذكرناها يدل عليها جواب النبي صلى الله عليه وسلم
، أي أن يوصى الإنسان بما تقتضيه حاله لا بأعلى ما يوصى به، لأن أعلى ما يوصى به غير هذا.



3 - النهي عن الغضب
، لقوله: "لاَ تَغْضَبْ" لأن الغضب يحصل فيه مفاسد عظيمة إذا نفذ
الإنسان مقتضاه، فكم من إنسان غضب فطلّق فجاء يسأل،
وكم من إنسان غضب فقال: والله لا أكلم فلاناً فندم وجاء يسأل.

فإن قال قائل: إذا وجد سبب الغضب، وغضبَ الإنسان فماذا يصنع؟
نقول: هناك دواء - والحمد لله - لفظي وفعلي .

أما الدواء اللفظي: إذا أحس بالغضب فليقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قد غضب غضباً شديداً فقال:
"إِنِّي أَعلَمُ كَلِمَةً لوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَايَجِد - يعني الغضب - لَوقَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ".
وأما الدواء الفعلي: إذا كان قائماً فليجلس، وإذا كان جالساً فليضطّجع،لأن تغير حاله الظاهر
يوجب تغير حاله الباطن، فإن لم يفد فليتوضّأ، لأن اشتغاله بالوضوء ينسيه الغضب،
ولأن الوضوء يطفئ حرارة الغضب.

وهل يقتصر على هذا؟
الجواب: لايلزم الاقتصار على هذا، قد نقول إذا غضبت فغادر المكان، وكثير من الناس يفعل هذا،
أي إذا غضب خرج من البيت حتى لايحدث ما يكره فيما بعد .

4 - أن الدين الإسلامي ينهى عن مساوئ الأخلاق
لقوله: "لاَ تَغضبْ" والنهي عن مساوئ
الأخلاق يستلزم الأمر بمحاسن الأخلاق، فعوّد نفسك التحمل وعدم الغضب، فقد كان الأعرابي يجذب
رداء النبي صلى الله عليه وسلم حتى يؤثر في رقبته صلى الله عليه وسلم ثم يلتفت إليه ويضحك
مع أن هذا لو فعله أحد آخر فأقل شيء أن يغضب عليه،فعليك بالحلم ما أمكنك ذلك حتى يستريح
قلبك وتبتعد عن الأمراض الطارئة من الغضب كالسكر، والضغط وما أشبهه.

والله المستعان






قديم 12-10-2009, 02:11 AM
المشاركة 5
~غلا~
عضو يفوق الوصف
  • غير متواجد
رد: الأربعين النووية «●● ( الجزء الرابع )


( دورة شرح الأربعين النوويّة )


الحـــديث " السابع عشر "



(عَنْ أَبِي يَعْلَى شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْ
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى
كُلِّ شَيءٍ. فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ،
وَلْيُرِحْ ذَبِيْحَتَهُ
). )

رواه مسـلم





معنى الحديث :

إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانُ عَلَى كُلِّ شَيء:أي في كل شيء،
ولم يقل: إلى كل شيء،بل قال: على كل شيء،
يعني أن الإحسان ليس خاصاً بشيء معين من الحياة بل هو في جميع الحياة.

ثم ضرب أمثلة
فقال:فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ : والفرق بينهما: أن المقتول
لايحل بالقتل كما لو أراد إنسان أن يقتل كلباً مؤذياً، فنقول: أحسن القتلة. وكذا إذا أراد أن يقتل ثعباناً
فنقول: أحسن القتلة، وإذا ذبح فنقول: أحسن الذبحة، وهذا فيما يؤكل، أي يحسن الذبحة بكل ما يكون فيه
الإحسان، ولهذا قال: "وَليُحدّ أحدكم شَفْرَته" أي السكين، وحدُّها يعني حكها حتى تكون قوية القطع،
أي يحكها بالمبرد أو بالحجر أو بغيرهما حتى تكون حادة يحصل بها الذبح بسرعة.




وَلْيُرِحْ ذَبِيْحَتَهُ
: اللام للأمر، أي وليرح ذبيحته عند الذبح بحيث يمر السكين بقوة وسرعة .
هذه الحديث يمثل قاعدة كلية من قواعد الدين ومبدأ عظيما من مبادئه،نراه حسب التفصيل الآتي:
الإحسان هو مبدأ من مبادئ الدين يجب أن يتعامل به المسلم في جميع المواضع؛
كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (إن الله كتب الإحسان على كل شيء)

والله -جل وعلا- يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ )النحل: 90،
والإحسان فوق مستوى العدل فهو أعلى مرتبة منه وكلاهما مأمور به
وعندما نلاحظ كثيرا من الآيات والأحاديث النبوية نجد تعميق في هذا المبدأ

وسنفصل هنا بما يقتضيه المقام،
:





1. الإحسان في التعامل مع الله -عز وجل-
:هو من أعلى أنواع الإحسان وسماه جبريل
في الحديث المشهور: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك) فعندما يستشعر
المسلم أثناء عبوديته لله -عز وجل- أنه يرى الله -عز وجل- أو أن الله يراه فإنه يصل إلى درجة
عليا من عبوديته لله -عز وجل-، فأعلى مقام العبودية أن يصل إلى هذا المستوى بحيث
ينسى ما أمامه، وما خلفه، وما عن يمينه، وما عن شماله،
فلا يتجه إلى العبادات إلاّ باتقان وخشوع وهذا لاستشعاره بأن الله سبحانه وتعالى يراه

2.الإحسان مع الخلق سواء الانسان الذي هو أعلى مراتب الخلق أو الحيوان
أو مما ليس فيه حياة

أ. فتعامل المسلم مع الإنسان : يجب أن يكون بالإحسان أي بهذه القاعدة العظيمة سواء كان هؤلاء
الخلق من أقرب الأقربين أو من أبعد الأبعدين، وأقرب الأقربين هم الوالدان وإن علو،
كما قال الله –تعالى-: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾الإسراء: 23،

وهناك الإحسان القولي والفعلي للوالدين سواءً بالخدمة أوالقيام بحاجاتهم المادية والمعنوية
ومع أبعد الأبعدين ممن لا ينتمي إليك بقرابة ولا صداقة وزمالة ولا بجيرة ولا بشيء،
ومع غير المسلمين يجب أن يكون التعامل معهم بالإحسان لماذا؟

لأن الله –تعالى- يقول: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾البقرة:83،
ومعنى الناس هنا المسلمون وغير المسلمين،

و كيفية التعامل بالإحسان مع خلق الله تكون بهذه النقاط بالقول أو الفعل أو بالمال :
بالقول :أن لا أتكلم مع الناس الا بالكلام الطيب وأعلى الكلام الطيب الدعوة إلى الله ؛ لذلك قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ ﴾ فصلت: 33،
فأعلى القول فيما بينك وبين الآخرين هو الدعوة إلى الله -عز وجل- كما أن الدعوة هي أحسن القول،
فكذلك يجب أن تكون هذه الدعوة بالحسنى،كما قال الله - سبحانه وتعالى -:

﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾النحل:125
وفي المناظرة والمجادلة ﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾النحل:125

فالمجادَل هنا أيا كان مسلمًا، كافرًا، صغيرًا أو كبيرًا يجب أن يكون بالحسنى،و الكلام اللين اللطيف،
كما قال الله سبحانه وتعالى :﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ آل عمران: 195
وقال الله سبحانه وتعالى لموسى وهارون في مخاطبتهم فرعون ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾طه: 44،
إذًا المخاطبة تكون بالقول اللين، والنبي صلى الله عليه وسلم حذر من السباب والشتائم والكلام البذيء،
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان على خلق عظيم في قوله و أعماله.

الإحسان بالفعل
: كأن تعطف على الفقير ، المحتاج ، المسكين و اليتيم،
تقوم بخدماتك للآخرين: تشفع لهذا، تقوم بخدمة هذا، ترشد هذا، تنبه هذا،

الإحسان أيضا بالمال
: يشمل: الصدقة على الفقراء والمساكين، التبرعات لأهل الخير
للمجالات الخيرية، الشفاعة لأحد الأوقاف ، كل ما كان فيه خدمة للآخرين يكون
هذا من باب الإحسان المالي، إذًا الإحسان للناس أيا كانواوكلما قربت درجة الإنسان بالنسبة لك، يجب أن يعلوا إحسانك إليه




ب. الإحسان إلى الحيوان، وهذا مثل به النبي -صلى الله عليه وسلم-، الإحسان إلى
الحيوان مجالاته كثيرة، وليت جمعيات الرفق بالحيوان تسمع ما جعله الإسلام في
التعامل مع الحيوان وهو مبدأ الإحسان،
فالإحسان إلى الحيوان يكون بعدم إيذائه، بعدم تركه يجوع ويعطش،

ولذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في تكريس هذا المبدأ (وفي كل كبد رطبة أجر
وفي الحديث الآخر (دخلت امرأة النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها، ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض )

ج. الإحسان في الأشياء الأخرى،
: كالإحسان إلى البيئة بعدم إفساد هذه البيئة، و المحافظة على نظافتها ،
أو المحافظة على المنشآت كالمطارات مثلا ، الأسواق العامة الحدائق العامة،و أماكن جلوس الناس؛
ولذلك جاء في الأحاديث الحديث الكبير المشهور (الإيمان بضع وستون شعبة،
أو
بضع وسبعون شعبة: أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق
) والرسول
-صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآخر قال(اتقوا اللاعنين) في حديث آخر (اتقوا الملاعن الثلاثة) ذكر منها:
البول، والغائط تحت الشجرة في الظل، أو البول في طريق الناس،
أيضا من الإحسان إلى الأشياء إتقان العمل،
قال النبي –صلى الله عليه وسلم- (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه



وهناك مسألة مهمة
: كيف نوفق بين التعامل مع الكافر بالإحسان مع أن الله أمرنا أن نتبرأ منهم ؟

هذه مسألة غاية في الأهمية ، ولذلك يخلط كثير من الناس في قضية الولاء و البراء،
وفي قضية التعامل. . فالتعامل مع غير المسلم:أن أتعامل معه بالحسنى، كما تعامل معه النبي -صلى الله عليه وسلم-
- كان له جار يهودي، وكان يزوره،وكان يمر على اليهود، وهم جالسون مع المسلمين،
ويسلم عليهم إذا كانوا مختلطين مع المسلمين، فكان يتعامل معهم بالحسنى -عليه الصلاة والسلام-،
وهذا التعامل لا نخلطه في مسألة الولاء و البراء،

فالمحبة القلبية للمسلم مقدمة بلا شك، وأن يتبرأ المسلم من الكفر وأهله في القلب،
والتبرأ بالقلب لا يعني التبرأ المطلق، مثلا يعني: أن يكون الوالد والوالدة، من غير المسلمين،
ففي هذه الحالة لا يتبرأ المرء منهم من المحبة الفطرية لأن الله -سبحانه وتعالى-لما قال عن الوالدين المشركين

قال: ﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ﴾لقمان: 15،
فالنفوس جبلت على محبة الوالد والولد، لكن ليست هذه المحبة الإيمانية التي تجعلني أساويه بأخي المسلم،
فحينئذ المحبة الفطرية لا ينسخها مسألة الولاء و البراء للمؤمنين والمؤمنات،
طبعا في غير هذه المحبة الفطرية يجب ألا تتعارض مع الأمر الشرعي، فإذا الوالد
الكافر أو الابن الكافر طلب من أبيه أو طلب منه أبيه الكافر أمرا يخالف أمر الله
–تعالى- فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق،

وهذه مسائل دقيقة يجب التنبه إليها، ونحن نقرر مبدأ الإحسان،
فالتعامل مع الوالدين الكافرين بالحسنى لا يتعارض مع أصل مبدأ الولاء و البراء




من فــــوائــــد الحديــــث :


1. رأفة الله عزّ وجل بالعباد
، وأنه كتب الإحسان على كل شيء. ويدخل في ذلك الإحسان
إلى شخص تدله الطريق،وكذا إطعام الطعام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما ذكره
النبي صلى الله عليه وسلم من القتل والذبح مجرد أمثلة.
ــــــــ
2. الحث على الإحسان في كل شي
ء، لأن الله تعالى كتب ذلك أي شرعه شرعاً مؤكداً.


ــــــــ
3. أنك إذا قتلت شيئاً يباح قتله فأحسن القتلة
، ولنضرب لهذا مثلاً: رجل آذاه كلب من الكلاب
وأراد أن يقتله، فله طرق في قتله كأن يقتله بالرصاص، أو برضّ الرأس، أو بإسقائه السم،
أو بالصعق بالكهرباء، أنواع كثيرة من القتل، فنقتله بالأسهل، وأسهلها كما قيل: الصعق بالكهرباء،
لأن الصعق بالكهرباء لايحس المقتول بأي ألم ولكن تخرج روحه بسرعة من غير أن يشعر، فيكون هذا أسهل شيء.
يستثنى من ذلك القصاص، ففي القصاص يُفعل بالجاني كما فُعِل بالمقتول ، ودليل ذلك قصة اليهودي
الذي رضّ رأس الجارية، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُرَضَّ رأسه بين حجرين.
ــــــــ
4 . أن الله عزّ وجل له الأمر وإليه الحكم، لقوله: "إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ"
وكتابة الله تعالى نوعان: كتابة قدرية، وكتابة شرعية.
الكتابة القدرية لابد أن تقع، والكتابة الشرعية قد تقع من بني آدم وقد لاتقع.

مثال الأول: قول الله تعالى: ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)الانبياء:105 فهذه كتابة قدرية.

ومثال الثاني: قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ )البقرة: الآية216 أي كتب كتابة شرعية.

وقوله: (وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) يجب أن تعلم أن الضمير في قوله: (وَهُوَ) يعود على القتال وليس يعود على الكتابة،

لأن الصحابة رضي الله عنهم لايمكن أن يكرهوا فريضة الله لكن يكرهون القتل ويقاتلون فيقتلون.
وفرق بين أن يكره الإنسان حكم الله، أو أن يكره المحكوم به.
ومن الكتابة الشرعية قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَام)البقرة: الآية183 أي كتب شرعاً.


ــــــــ
5. أن الإحسان شامل في كل شيء، كل شيء يمكن فيه ا لإحسان لقوله: إِنَّ الله كَتَبَ الإِحسَانَ عَلَى كِلِّ شَيء
ــــــــ
6. حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم بضرب الأمثال، لأن الأمثلة تقرّب المعاني في قوله: إِذَا قَتَلتُمْ.. إِذَا ذَبَحْتُمْ .


ــــــــ
7. وجوب إحسان القِتلة،لأن هذا وصف للهيئة لا للفعل.
وإحسان القتلة على القول الراجح هو اتباع الشرع فيها سواء كانت أصعب أو أسهل،
ــــــــ
8. أن نحسن الذبحة، بأن نذبحها على الوجه المشروع، والذبح لابد فيه من شروط:
(1) أهلية الذابح بأن يكون مسلماً أو كتابياً، فإن كان وثنياً لم تحل ذبيحته، وإن كان مرتدّاً لم تحل ذبيحته،
وعلى هذا فتارك الصلاة لاتحل ذبيحته لأنه ليس مسلماً ولا كتابياً.



فإذا قال قائل: ما هو الدليل على أن ذبيحة الكتابي حلال؟

فالجواب: قول الله عزّ وجل: ( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ)المائدة: الآية5
قال ابن عباس رضي الله عنهما: طعامهم: ما ذبحوه، والكتابي: هو اليهودي أو النصراني
(2) أن تكون الآلة مما يباح الذبح بها، وهي: كل ما أنهر الدم من حديد أو فضة أو ذهب أو حصى أو قصب،
أي شيء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ ومعنى: أَنْهَرَ الدَّمَ أي أساله.
فلو أن إنساناً ذبح بحجر له حد وأنهر الدم، فالذبيحة حلال، إلا أنه يستثنى شيئان:
السن، والظفر، علل النبي صلى الله عليه وسلم هذا بقوله:
أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظِّفْرُ فَمُدَى الحَبَشَة أي سكاكين الحبشة.
(3) إنهار الدم أي إسالته، ويكون إنهار الدم بقطع الودجين وهما العرقان الغليظان المحيطان بالحلقوم،

وهذان العرقان متصلان بالقلب فإذا قطعا انهال الدم بكثرة وغزارة، ثم ماتت الذبيحة بسرعة.
والدليل على إنهار الدم قول النبي صلى الله عليه وسلم : مَا أَنهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، فاشترط إنهار الدم
(4) ذكر اسم الله عليها عند الذبح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَا أَنهرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ



فَكُلْ فإذا كان إنهار الدم شرطاً فكذلك التسمية شرط،بل إن الله تعالى أكد هذا بقوله:
(وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وإنه لفِسْقُ)الأنعام: الآية121
فإذا ذبح إنسان ذبيحة ولم يسمّ فالذبيحة حرام.
فإذا نسي أن يسمي فإنها حرام، لأن الشرط لايسقط بالنسيان بدليل أن الرجل لو صلى محدثاً ناسياً فصلاته غير صحيحة،

ولأن الله تعالى قال: (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ)الأنعام:121 وأطلق بالنسبة للذابح.
يستثنى من قولنا: أن يقطع الودجين وهما في الرقبة ما ليس مقدوراً عليه من الحيوان،فالذي ليس مقدوراً
عليه يحل بطعنه في أي موضع كان من بدنه، فلو ندّ لنا بعير - أي هرب - وعجزنا عن إدراكه ورميناه
بالرصاص وأصابت الرصاصة بطنه وخرقت قلبه ومات، فإنه يكون حلالاً لأنه غير مقدور عليه.
وكذلك لو سقط في بئر ولم نتمكن من النزول إليه للننحره ورميناه وأصابت الرصاصة أي مكان من بدنه فمات فهو حلال.





ومن فوائد الحديث في هذا المجال أيضاً :

-وجوب حد الشفرة، لأن ذلك أسهل للذبيحة، ومعنى إحدادها: أن يمسحها بشيء يجعلها حادة،
فإن ذبح بشفرةكالّة أي ليست بجيدة ولكن قطع ما يجب قطعه فالذبيحة حلال لكنه آثم حيث لم يحد الشفرة.
ولا يحد الشفرة أمامها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تحد الشفار، وأن توارى عن البهائم ،أي تغطى.
ولأنه إذا حدها أمامها فهي تعرف، ولهذا أحياناً إذا حد الشفرة أمام الذبيحة هربت خوفاً من الذبح وعجزوا عنها.
- وجوب إراحة الذبيحة وذلك بسرعة الذبح، فلا يبقى هكذا يحرحر بل بسرعة لأنه أريح لها.
ــــــــ
9. إذا أراد الإنسان أن يؤدب أهله، أو ولده فليؤدب بإحسان؟
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَن لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدَاً تَكْرَهُونَهُ،
فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضرِبُوهُنَّ ضَرْبَاً غَيْرَ مُبَرِّحٍ
فنقول:حتى في التأديب إذا أدبت فأحسن التأديب ولاتؤدّب بعنف.
وبعض الناس يؤدّب بعنف يظن أن ذلك أنفع، وليس هكذا، بل اضرب ضرباً لاتسرف فيه.
ولهذا قال العلماء في كتاب الجنايات: لو أنه ضرب ولده ضرباً أسرف فيه ومات ضمنه،
أما إذا أدّبه تأديباً عادياًبدون عنف ثم مات فلا ضمان عليه والله أعلم.


وهنا نتساءل: أين الذين يتهمون هذا الدين بأنه دين إرهابي ، أو دين يتعدى على الآخرين !
ففي هذا الحديث تكريس مبدأ الإحسان سواء مع الإنسان وكذلك مع الحيوان، فإذا كان هذا التعامل مع الحيوان،
فكيف يكون التعامل مع الإنسان؟!

كذلك هذا الإحسان إذا تعامل به المسلم مع الناس، ومع الحيوان، ومع البيئة، ومع
عمله وغير ذلك، ماذا تكون النتيجة؟ (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)الرحمن: 60،
، والله - سبحانه وتعالى – أخبر أنه يحب المحسنين فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ ﴾ البقرة:195
فليست المسألة عطية مقابل عطية، إنما المسألة رحمة الله، ومحبة الله -عز وجل- وأيضا سينال ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت،
ولا خطر على قلب بشر





قديم 12-10-2009, 02:26 AM
المشاركة 6
~غلا~
عضو يفوق الوصف
  • غير متواجد
رد: الأربعين النووية «●● ( الجزء الرابع )


( دورة حفظ الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الثــامن عشر "



(عَنْ أَبِيْ ذَرٍّ جُنْدُبِ بنِ جُنَادَةَ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُعَاذِ بِنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
( اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ) . )
رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وفي بعض النسخ: حسنٌ صحيح.





معنى الحديث :

اتَّقِ اللهَ : أي اتخذ وقاية من عذاب الله عز وجل، وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه.
بعض أهل العلم يعبر عن التقوى بتعبيرات مختلفة كلها تعود إلى امتثال الأوامر، واجتناب النواهي.
من ذلكم مثلا: بعضهم قال: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب
الله، وأن تجتنب معاصي الله؛ خشية الوقوع في عذاب الله .
وبعضهم يعبر عن التقوى بأن تعمل بما أمرك الله، فلا يفقدك حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك،



عوامل التقوى كثيرة من أهمها: :

1 - أن يربي الإنسان نفسه،
أن يستشعر عظمة الله سبحانه وتعالى

2 - المحافظة على الفرائض
،لأن أفضل ما تقرب به العبد لربه -عز وجل- هو ما افترضه عليه سبحانه وتعالى
3 - الإكثار من القراءة لكتاب الله -عز وجل-؛ لأن فيه لفتات كبيرة لصفات المتقين ولأحوال الأنبياء
و الرسل و لعوامل التقوى وما يجب أن يعمله الإنسان،
فكثرة القراءة في كتاب الله تجعله قريبًا من هذه التقوى ومن المتقين بإذن الله عز وجل
4 - والنوافل لها أثر كبير في زيادة التقوى
5 - كذلك مصاحبة الأخيار المتقين، والقراءة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله،
و القراءة في سير الصحابة والتابعين والأئمة وأهل الفضل والإحسان،
فكل هذا يجعل الإنسان يرى أن هؤلاء قدوة يتشبه بهم.




حَيْثُمَا كُنْتَ
: حيث: ظرف مكان، أي في أي مكان كنت سواء في العلانية أو في السر،
وسواء في البيت أو في السوق، وسواء عندك أناس أو ليس عندك أناس


وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا
: إذا فعلت سيئة فأتبعها بحسنة،فهذه الحسنة تمحو السيئة
واختلف العلماء - رحمهم الله - هل المراد بالحسنة التي تتبع السيئة هي التوبة، فكأنه قال: إذا أسأت فتب، أو المراد العموم؟

الصواب: الثاني، أن الحسنة تمحو السيئة وإن لم تكن توبة، دليل هذا قوله تعالى:
(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات) هود: الآية114
ولما سأل النبي صلى الله عليه وسلم رجل وقال: إنه أصاب من امرأة ما يصيب الرجل من امرأته إلا الزنا،
وكان قد صلى معهم الفجر، فقال: أصليت معنا صلاة الفجر؟ قال: نعم، فتلا عليه الآية: ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات ) هود: 114
وهذا يدل على أن الحسنة تمحو السيئة وإن لم تكن هي التوبة.

وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ
: أي عامل الناس بخلق حسن.
والخُلُق: هو الصفة الباطنة في الإنسان، والخَلْقُ: هو الصفة الظاهرة،والمعنى: عامل الناس بالأخلاق الحسنة بالقول وبالفعل.



فما هو الخلق الحسن؟

قال بعضهم: الخلق الحسن: كف الأذى، وبذل الندى، والصبر على الأذى - أي على أذى الغير - والوجه الطلق.
كف الأذى منك للناس.
بذل الندى أي العطاء.
الصبر على الأذى لأن الإنسان لايخلو من أذية من الناس.
الوجه الطلق: طلاقة الوجه.

وضابط ذلك ما ذكره الله عزّ وجل في قوله: (خُذِ الْعَفْوَ ) الأعراف:199أي خذ ما عفا وسهل من الناس،
ولاترد من الناس أن يأتوك علىما تحب لأن هذا أمر مستحيل، لكن خذ ما تيسر(وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) الأعراف:199

وهل الخلق الحسن جِبْلِيٌّ أو يحصل بالكسب؟


الجواب: بعضه جبلي، وبعضه يحصل بالكسب، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشجّ عبد قيس:
"إِنَّ فِيْكَ لَخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الحِلْمُ وَالأَنَاةُ" قال: يارسول الله أخلقين تخلّقت بهما أم جبلني الله عليهما؟

قال: "بَلْ جَبَلَكَ اللهُ عَلَيْهِمَا" قال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحب.
فالخلق الحسن يكون طبيعياً بمعنى أن الإنسان يمنّ الله عليه من الأصل بخلق حسن.
ويكون بالكسب بمعنى أن الإنسان يمرّن نفسه على الخلق الحسن حتى يكون ذا خلق حسن.
والعجيب أن الخلق الحسن يُكسِب الإنسان الراحة والطمأنينة وعدم القلق لأنه مطمئن من نفسه في معاملة غيره.




من فــــوائــــد الحديــــث :


1 - وجوب تقوى الله عزّ وجل حيثما كان الإنسان، لقوله: "اتَّقِ الله حَيْثُمَا كُنْتَ" وذلك بفعل أوامره
واجتناب نواهيه سواء كنت في العلانية أو في السر.

وأيهما أفضل: أن يكون في السر أو في العلانية؟

وفي هذا تفصيل: إذا كان إظهارك للتقوى يحصل به التأسّي والاتباع لما أنت عليه فهنا إعلانها أحسن وأفضل،
ولهذا مدح الله الذين ينفقون سرّاً وعلانية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَومِ القِيَامَةِ"
أما إذا كان لايحصل بالإظهار فائدة فالإسرار أفضل،لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن يظلّهم الله في ظله:
"رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِيْنُهُ"

وهل الأفضل في ترك المعاصي إعلانه أو إسراره؟

يقال فيه ما قيل في الأوامر، فمثلاً إذا كان الإنسان يريد أن يدخل في عمل فقيل له:إنه يشتمل على محرم كالأمور الربوية
فتركه جهاراً، فذلك أفضل لأنه يُتأسّى به، وأما إذا كان الأمر لايتعدى إلى الغير ولا ينتفع به فالإسرار أفضل.
فإن قال قائل: قوله صلى الله عليه وسلم : "اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ" هل يشمل فعل الأوامر في أماكن غير لائقة كالمراحيض مثلاً؟

الجواب: لا تفعل الأوامر في هذه الأماكن، ولكن انوِ بقلبك أنك مطيع لله عزّ وجل ممتثل لأمره مجتنب لنهيه.
2 - أن الحسنات يذهبن السيئات لقوله: أَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا.
3 - فضل الله عزّ وجل على العباد وذلك لأننا لو رجعنا إلى العدل لكانت الحسنة لاتمحو السيئة
إلا بالموازنة، وظاهر الحديث العموم.




وهل يُشترط أن ينوي بهذه الحسنة أنه يمحو السيئة التي فعل؟


فالجواب: ظاهر الحديث: لا، وأن مجرد فعل الحسنات يذهب السيئات،
وهذا من نعمة الله عزّ وجل على العبادومن مقتضى كون رحمته سبقت غضبه.
4 - الحث على مخالقة الناس بالخلق الحسن، لقوله: "وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ".

فإن قيل: معاملة الناس بالحزم والقوة والجفاء أحياناً هل ينافي هذا الحديث أو لا؟

فالجواب: لا ينافيه، لأنه لكل مقام مقال، فإذا كانت المصلحة في الغلظة والشدة فعليك بها،
وإذا كان الأمر بالعكس فعليك باللين والرفق، وإذا دار الأمر بين اللين والرفق أو الشدة والعنف فعليك باللين والرفق،
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللهَ رَفِيْقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ" ولقد جرت أشياء كثيرة تدل على فائدة الرفق
ومن ذلك: مرّ يهودي بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال: السام عليك يامحمد - والسام يعني الموت -
فقالت عائشة رضي الله عنها : عليك السام واللعنة - جزاءً وفاقاً وزيادة أيضاً -
فنهاها النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
"إِنَّ اللهَ رَفِيْقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ وَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الكَتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ" .

والله الموفّق.





قديم 12-10-2009, 02:48 AM
المشاركة 7
~غلا~
عضو يفوق الوصف
  • غير متواجد
رد: الأربعين النووية «●● ( الجزء الرابع )
( دورة شرح الأربعين النوويّة )



الحـــديث
" التاسع عشر"



عَنْ أَبِي عَبَّاسٍ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
كُنْتُ خَلْفَ النبي صلى الله عليه وسلم يَومَاً فَقَالَ: (يَا غُلاَمُ إِنّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللهَ يَحفَظك، احْفَظِ اللهَ تَجِدهُ تُجَاهَكَ،
إِذَاَ سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَاَ اسْتَعَنتَ فَاسْتَعِن بِاللهِ، وَاعْلَم أَنَّ الأُمّة لو اجْتَمَعَت عَلَى أن يَنفَعُوكَ بِشيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ
إِلا بِشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ لَك، وإِن اِجْتَمَعوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضروك إلا بشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ،

رُفعَت الأَقْلامُ، وَجَفّتِ الصُّحُفُ)

رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح



- وفي رواية - غير الترمذي: ( اِحفظِ اللهَ تَجٍدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يَعرِفْكَ في الشّدةِ،
وَاعْلَم أن مَا أَخطأكَ لَمْ يَكُن لِيُصيبكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُن لِيُخطِئكَ، وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ،

وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَربِ، وَأَنَّ مَعَ العُسرِ يُسراً
) )





مـعنى الحـــديــث :

كُنْتُ خَلْفَ النبي
: يحتمل أنه راكب معه ويحتمل أنه يمشي خلفه،
وأياً كان فالمهم أنه أوصاه بهذه الوصايا العظيمة.
يَا غُلامُ:لأن ابن عباس رضي الله عنهما كان صغيراً،

فإن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وابن عباس

قد ناهز الاحتلام يعني من الخامسة عشر إلى السادسة عشر أو أقل .

إني أُعَلمُكَ كَلِمَاتٍ: قال ذلك من أجل أن ينتبه لها




الكلمة الأولى >>اِحْفَظِ اللهَ يَحفَظكَ:

هذه كلمة عظيمة جليلة واحفظ تعني احفظ حدوده وشريعته بفعل أوامره واجتناب نواهيه وكذلك

بأن تتعلم من دينه ما تقوم به عبادتك ومعاملاتك وتدعو به إلى الله عزّ وجل،واحفظ الله يحفظك

في دينك وأهلك ومالك ونفسك لأن الله سبحانه وتعالى يجزي المحسنين بإحسانه وأهم هذه الأشياء
هو أن يحفظك في دينك ويسلمك من الزيغ والضلال لأن الإنسان كلما اهتدى زاده الله عزّ وجل هدى
(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) محمد:17 ،
وعُلِمَ من هذا أن من لم يحفظ الله فإنه لا يستحق أن يحفظه الله عزّ وجل وفي هذا الترغيب على حفظ حدود الله عزّ وجل .





الكلمة الثانية >> احْفَظِ اللهَ تَجِدهُ تجَاهَكْ
:

ونقول في قوله: احْفَظِ اللهَ كما قلنا في الأولى،

ومعنى تجده تجاهك وأمامك معناهما واحد يعني تجد الله عزّ وجل أمامك يدلك على كل خير

ويقربك إليه ويهديك إليه ويذود عنك كل شر ولا سيما إذا حفظت الله بالاستعانة به فإن الإنسان
إذا استعان بالله عزّ وجل وتوكل عليه كان الله حسبه ولا يحتاج إلى أحد بعد الله قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الأنفال:64
أي حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين فإذا كان الله حسب الإنسان فإنه لن يناله سوء
ولهذا قال: "احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تجَاهَكَ" .


الكلمة الثالثة >>إذَا سَألْتَ فَاسْأَلِ الله:
إذا سالت حاجة فلا تسأل إلاالله عزّ وجل ولاتسأل المخلوق شيئاً

وإذا قدر أنك سألت المخلوق ما يقدر عليه فاعلم أنه سبب من الأسباب وأن المسبب هو الله عزّ وجل

لو شاء لمنعه من إعطائك سؤالك فاعتمد على الله تعالى.



الكلمة الرابعة >>وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ:

فإذا أردت العون وطلبت العون من أحد فلا تطلب العون

إلا من الله عزّ وجل، لأنه هو الذي بيده ملكوت السموات والأرض، وهو يعينك إذا شاء وإذا أخلصت
الاستعانة بالله وتوكلت عليه أعانك، وإذا استعنت بمخلوق فيما يقدر عليه فاعتقد أنه سبب، وأن الله
هو الذي سخره لك. وفي هاتين الجملتين دليل على أنه من نقص التوحيد أن الإنسان يسأل غير الله،
ولهذا تكره المسألة لغير الله عزّ وجل في قليل أو كثير، والله سبحانه وتعالى إذا أراد عونك يسر لك
العون سواء كان بأسباب معلومة أو غير معلومة، فقد يعينك الله بسبب غير معلوم لك, فيدفع عنك من
الشر ما لا طاقة لأحد به، وقد يعينك الله على يد أحد من الخلق يسخره لك ويذلِّله لك حتى يعينك، ولكن
مع ذلك لا يجوز لك إذا أعانك الله على يد أحد أن تنسى المسبب وهو الله عزّ وجل.



الكلمة الخامسة >>وَاعْلَم أَنَّ الأُمّة لو اجْتَمَعَت عَلَى أن يَنفَعُوكَ بِشيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ لَك:
الأمة كلها من أولها إلى آخرها لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك,

وعلى هذا فإن نفع الخلق الذي يأتي للإنسان فهو من الله في الحقيقة لأنه هو الذي كتبه له وهذا حث لنا
على أن نعتمد على الله عزّ وجل ونعلم أن الأمة لا يجلبون لنا خيراً إلا بإذن الله عزّ وجل.



الكلمة السادسة >> وإِن اِجْتَمَعوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضروك إلا بشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ
:
وعلى هذا فإن نالك ضرر من أحد فاعلم أن الله قد كتبه عليك فارض بقضاء الله وبقدره،

ولا حرج أن تحاول أن تدفع الضر عنك،لأن الله تعالى يقول(وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ) الشورى: الآية40 .



الكلمة السابعة >> رُفعَت الأَقْلامُ، وَجَفّت الصُّحُفُ :

يعني أن ما كتبه الله عزّ وجل قد انتهى
فالأقلام رفعت والصحف جفت ولا تبديل لكلمات الله



قوله رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وفي رواية غير الترمذي: "اِحفظِ اللهَ تَجدهُ أَمَامَكَ"

وهذا بمعنى "احْفَظِ اللهَ تَجِدهُ تُجَاهَكَ، تَعَرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يَعرِفُكَ في الشّدةِ" يعني قم بحق الله

عزّ وجل في حال الرخاء وفي حال الصحة وفي حال الغنى يَعرِفكَ في الشّدةِ إذا زالت عنك الصحة
وزال عنك الغنى واشتدت حاجتك عرفك بما سبق لك أو بما سبق فعل الخير الذي تعرفت به إلى الله عزّ وجل.
"وَاعْلَم أَنَّ مَا أَخطَأَكَ لَمْ يَكُن ليُصيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَم يَكُن ليُخطِئُكَ" أي ما وقع عليك فلن يمكن دفعه،
وما لم يحصل لك فلا يمكن جلبه، ويحتمل أن المعنى، يعني أن ما قدر الله عزّ وجل أن يصيبك فإنه لا يخطئك،
بل لابد أن يقع لأن الله قدره.

وأن ما كتب الله عزّ وجل أن يخطئك رفعه عنك فلن يصيبك أبداً، فالأمر كله بيد الله،وهذا يؤدي إلى أن يعتمد
الإنسان على ربه اعتماداً كاملاً ثم قال: "وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ" فهذه الجملة فيها الحث على الصبر،
لأنه إذا كان النصر مع الصبر فإن الإنسان يصبر من أجل أن ينال النصر، والصبر هنا يشمل الصبر على طاعة الله
وعن معصيته وعلى أقداره المؤلمة، لأن العدو يصيب الإنسان من كل جهة فقد يشعر الإنسان أنه لن يطيق عدوه
فيتحسر ويدع الجهاد، وقد يشرع في الجهاد ولكن إذا أصابه الأذى استحسر وتوقف، وقد يستمر ولكنه يصيبه
الألم من عدوه فهذا أيضاً يجب أن يصبر، قال الله تعالى: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) آل عمران: الآية140
وقال الله تعالى: (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا
لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
) النساء:104 فإذا صبر الإنسان وصابر ورابط فإن الله سبحانه ينصره.
وقوله: "وَاعْلَمْ أَن الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ" الفرج انكشاف الشدة والكرب، فكلما اكتربت الأمور فإن الفرج قريب،
لأن الله عزّ وجل يقول في كتابه: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء) النمل: الآية62
فكل يسر بعد عسر بل إن العسر محفوف بيسرين، يسر سابق ويسر لاحق قال الله تعالى:
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) ،
قال ابن عباس رضي الله عنه "لَن يَغلُبَ عسرٌ يُسرَين" ..




من فــــوائــــد الحديــــث :


1. ملاطفة النبي صلى الله عليه وسلم لمن هو دونه حيث قال: "يَا غُلام إني أُعَلِمُكَ كَلِماتٍ".

2. أنه ينبغي لمن ألقي كلاماً ذا أهمية أن يقدم له ما يوجب لفت الانتباه
حيث قال: "يَا غُلاَمُ إني أُعَلِمُكَ كَلِماتٍ".
3. أن من حفظ الله حفظه الله لقوله: "احفَظ الله يَحفَظكَ".
4. أن من أضاع الله - أي أضاع دين الله - فإن الله يضيعه ولا يحفظه،قال تعالى:

(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) الحشر: 19

5. أن من حفظ الله عزّ وجل هداه ودله على ما فيه الخير، وأن من لازم حفظ الله له أن يمنع عنه الشر.
6. أن الإنسان إذا احتاج إلى معونة فليستعن بالله، ولكن لا مانع أن يستعين بغير الله ممن يمكنه
أن يعينه لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"وتُعينَ الرجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحمِلَهُ عَليها أَو تَرْفَعَ لَهُ عَليها مَتَاعَهُ صَدَقَة".
7. أن الأمة لن تستطيع أن تنفع أحداً إلا إذا كان الله قد كتبه له، ولن يستطيعوا أن يضروا أحداً
إلا أن يكون الله تعالى قد كتب ذلك عليه.

8. أنه يجب على المرء أن يكون معلقاً رجاءه بالله عزّ وجل وأن لايلتفت إلى المخلوقين،فإن المخلوقين لا يملكون له ضراً ولا نفعاً.



9. أن كل شيء مكتوب منتهٍ منه، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عزّ وجل
كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة..

10. في الرواية الأخرى أن الإنسان إذا تعرف إلى الله عزّ وجل بطاعته في الصحة والرخاء
عرفه الله تعالى في حال الشدة
فلطف به وأعانه وأزال شدته.

11. أن الإنسان إذا كان قد كتب الله عليه شيئاً فإنه لا يخطئه
، وأن الله عزّ وجل
إذا لم يكتب عليه شيئاً فإنه لا يصيبه.
12. البشارة العظيمة للصابرين، وأن النصر مقارن للصبر.
13. فيه البشارة العظيمة أيضاً بأن تفريج الكربات وإزالة الشدائد مقرون بالكرب،
فكلما كر ب الإنسان الأمر فرج الله عنه.

14. البشارة العظيمة أن الإنسان إذا أصابه العسر فلينتظر اليسر،
وقد ذكر الله تعالى ذلك في القرآن الكريم،فقال تعالى:
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) فإذا عسرت بك الأمور فالتجيء
إلى الله عزّ وجل منتظراً تيسيره مصدقاً بوعده.
15. تسلية العبد عند حصول المصيبة، وفوات المحبوب على أحد المعنيين في قوله:
"وَاعْلَم أن مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُن لِيُخطِئكَ ، وَمَا أخطأَكَ لَمْ يَكُن لِيصيبَك"
فالجملة الأولى تسلية في حصول المكروه،والثانية تسلية في فوات المحبوب. والله الموفق




والله الموفق.





قديم 12-10-2009, 03:03 AM
المشاركة 8
~غلا~
عضو يفوق الوصف
  • غير متواجد
رد: الأربعين النووية «●● ( الجزء الرابع )


( دورة شرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " العشرون "



(عَنْ أَبيْ مَسْعُوْدٍ عُقبَة بنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ البَدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(إِنَّ مِمَّا أَدرَكَ النَاسُ مِن كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذا لَم تَستَحِ فاصْنَعْ مَا شِئتَ) . )






مـعنى الحـــديــث :


إِنَّ مِما أَدرَكَ الناسُ: أي إن بعض الذي أدركه الناس من كلام النبوة الأولى...
وقوله: النبوَةِ الأُولَى يعني السابقة، فيشمل النبوة الأولى على الإطلاق، والنبوة الأولى
بالنسبة لنبوة النبي صلى الله عليه وسلم فعليه نفسر : النبوَةِ الأُولَى أي السابقة

إذا لَم تَستَحْيِ فَاصْنَع مَا شِئت:هذه الكلمة من كلام النبوة الأولى،
والحياء هو عبارة عن انفعال يحدث للإنسان عند فعل ما لا يجمله ولا يزينه، فينكسر ويحصل الحياء.



وقوله: "إِذا لَم تَستَحْيِ" يحتمل معنيين:
المعنى الأول:إذا لم تكن ذا حياء صنعت ما تشاء، فيكون الأمر هنا بمعنى الخبر،
لأنه لا حياء عنده، يفعل الذي يخل بالمروءة والذي لا يخل.
المعنى الثاني: إذا كان الفعل لا يُستَحَيى منه فاصنعه ولا تبالِ.
فالأول عائد على الفاعل، والثاني عائد على الفعل.
والمعنى: لا تترك شيئاً إذا كان لا يُستَحيى منه.
فاصنَع مَا شِئت: أي افعل،والأمر هنا للإباحة على المعنى
الثاني،
أي إذا كان الفعل مما لا يستحيى منه فلا حرج.
وهي للذم على المعنى الأول، أي أنك إذا لم يكن فيك حياء صنعت ما شئت

الحياء من حيث حكمه هل هو ممدوح أو مذموم ؟:


الحياء منه ممدوح ومنه مذموم




فالحياء الممدوح هو الذي يمنع من فعل القبائح والرذائل ويمنع من اقتراف المعاصي
ولذلك مُدح به النبي صلي الله عليه وسلم
والله جل وعلا مدح به بنتي شعيب عندما جاءموسى عليه الصلاة والسلام وسقى لهما ثم ذهبا إلي أبيهما
فأمر أبوهما أن تذهب واحدة لتناديه إليه قال الله سبحانه وتعالي ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ
(القصص: من الآية25)
إذن هذه شهادة من الله سبحانه وتعالي على أن الحياء خلق ممدوح لأنها جاءت في مخاطبة هذا
الرجل الأجنبي عنها باستحياء ،

ومن الحياء الممدوح ما يمنع من الاعتداء سواء الاعتداء على الأموال ، الأبدان و الأعراض
ولذلك يجب أن يتصف به المسلم وبالأخص المرأة المسلمة لأنها مجبولة عليه فإذا خالفت هذه
الجبلة دخلت في المذموم ولذلك نرى كثير من تصرفات بعض النساء خلاف خلق الحياء
فاللتي تخرج زينتها وتخرج متجملة متطيبة وتحادث الرجال كيفما شاءت
وقد تنزل في الأسلوب فتتعامل بالمصطلحات السوقية ونحو ذلك وكل هذا خلاف الحياء الممدوح ،



القسم الثاني الحياء المذموم : والحياء المذموم إما أن يقود إلي فعل القبائح أو
يمنع من فعل المحاسن والواجبات والمستحبات.
و من الحياءأيضا ما يسمى مجاملة مقيتة فيحجز عن فعل المعروف أو يدفع إلي فعل المنكر
و يمنع من فعل المستحبات لذلك يقول المجاهد بن جبر رحمه الله :
"لا ينال العلم مستحى ولا مستكبر"

لأن الحياء هنا في طلب العلم مذموم إذا منع من السؤال
،
ولذلك عائشة رضي الله عنها مدحت نساء الأنصار لأنهن لم يمنعهن الحياء عن التفقه في
الدين وأم سليم لما جاءت للنبي صلي الله عليه وسلم قالت إن الله لا يستحي من الحق
هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ،

فالحياء إذا منع من السؤال للتفقه في الدين كان مذموماً

فنقول الحياء المذموم هو الذي يدفع للمجاملات المقيتة وحين إذن يمتنع الإنسان عن فعل الطاعات
أو يرتكب فعل المعاصي كما هو حاصل مع مجاملات بعض الشباب أو بعض الفتيات بعضهم مع بعض
في أمور بعض المعاصي ،كالذي يؤجل صلاته لأن صديقه لا يصلي
أو كاللتي تخجل من الخروج بملابس محتشمة خشية استهزاء رفقاء السوء بها..الخ




والحياء يا أخواتي خلق عالي
لأنه شعبة من شعب الإيمان كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث
المشهور الصحيح" الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة
الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الأيمان
"

أيضا الحياء الممدوح يقود إلي فعل الخيرات الكثيرة ويحجز عن فعل المعاصي و يرفع
الدرجات ويكفر السيئات ويضفي على الإنسان السكينة والطمأنينة ومن ثم هذا
العبد الحيي يكون محبوبا مقبولا عند الآخرين يكون يرتاح إليه الناس لا يخافون من لسانه
ولا يخافون من تصرفاته ولا يخافون أن يوقعهم في مكروه أو في مصيبة ونحو ذلك.
إذن هذا توجيه من النبي صلي الله عليه وسلم إلي أن يتخلق المسلم بهذا الخلق
فيتخلق بالحياء الممدوح ويمتنع عن الحياء المذموم




من فــــوائــــد الحديــــث :


1.أن الآثار عن الأمم السابقة قد تبقى إلى هذه الأمة
، لقوله: إِنَّ مِمَا أَدرَكَ الناسُ مِن كَلاَمِ النُّبوَةِ الأُولَى وهذا هو الواقع.
وما سبق عن الأمم السابقة إما أن ينقل عن طريق الوحي في القرآن، أو في السنة ،أو يكون مما تناقله الناس.
فأما في القرآن ففي قوله عزّ وجل:
(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * َالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) [الأعلى:16-19] ،

وما جاءت به السنة فكثير، كثيراً ما يذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن بني إسرائيل ما يذكر.
وأما ما يؤثر عن النبوة الأولى: فهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول:ما شهد شرعنا بصحته،فهو صحيح مقبول.
القسم الثاني:ما شهد شرعنا ببطلانه، فهو باطل مردود.

القسم الثالث:ما لم يرد شرعنا بتأييده ولا تفنيده،فهذا يتوقف فيه،وهذا هو العدل.
ولكن مع ذلك لا بأس أن يتحدث به الإنسان في المواعظ وشبهها إذا لم يخشَ أن يفهم المخاطَب أنه صحيح.

2. أن هذه الجملة: إِذا لَم تَستَحْيِ فاصنَع مَا شِئت مأثورة عمن سبق من الأمم،
لأنها كلمة توجه إلى كل خلق جميل.



3. الثناء على الحياء،
سواء على الوجه الأول أو الثاني،
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ
والحياء نوعان:
الأول: فيما يتعلق بحق الله عزّ وجل.
الثاني: فيما يتعلق بحق المخلوق.
أما الحياء فيما يتعلق بحق الله عزّ وجل فيجب أن تستحي من الله عزّ وجل أن يراك حيث نهاك، وأن يفقدك حيث أمرك.
وأما الحياء من المخلوق فأن تكفَّ عن كل ما يخالف المروءة والأخلاق.
فمثلاً: في المجلس العلمي لو أن إنساناً في الصف الأول مدَّ رجليه، فإنه لا يعتبر حياءً لأن هذا يخالف المروءة،
لكن لو كان مجلس بين أصحابه ومدَّ رجليه فإن ذلك لا ينافي المروءة، ومع هذا فالأولى أن يستأذن
ويقول: أتأذنون أن أمدَّ رجلي؟.
ثم الحياء نوعان أيضاً من وجه آخر:
نوع غريزي طبيعي، ونوع آخر مكتسب.

النوع الأول: فإن بعض الناس يهبه الله عزّ وجل حياءً، فتجده حيياً من حين الصغر، لا يتكلم إلا عند الضرورة،
ولا يفعل شيئاً إلا عند الضرورة، لأنه حيي.
النوع الثاني: مكتسب يتمرن عليه الإنسان، بمعنى أن يكون الإنسان غير حيي ويكون فرهاً باللسان،
وفرهاً بالأفعال بالجوارح، فيصحب أناساً أهل حياء وخير فيكتسب منهم، والأول أفضل وهو الحياء الغريزي.
ولكن اعلم أن الحياء خلق محمود إلا إذا منع مما يجب، أو أوقع فيما يحرم ، فإذا منع مما يجب فإنه مذموم
كما لو منعه الحياء من أن ينكر المنكر مع وجوبه، فهذا حياء مذموم، أنكر المنكر ولا تبالِ، ولكن بشرط أن يكون ذلك
واجباً وعلى حسب المراتب والشروط، وحياء ممدوح وهو الذي لا يوقع صاحبه في ترك واجب ولا في فعل محرم.

4. أن من خلق الإنسان الذي لا يستحيي أن يفعل ما شاء ولا يبالي،

ولذلك تجد الناس إذا فعل هذا الرجل ما يستحيى منه
يتحدثون فيه ويقولون: فلان لا يستحيي فعل كذا وفعل كذا وفعل كذا.

5. ومن فوائد الحديث على المعنى الثاني
: أن ما لا يستحيى منه فالإنسان حل في
فعله لقوله: إذَا لَم تَستَحْيِ فَاصنَع مَا شِئت.
6. فيه الرد على الجبرية، لإثبات المشيئة للعبد.

والله الموفق.






قديم 12-10-2009, 04:53 PM
المشاركة 9

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: الأربعين النووية «●● ( الجزء الرابع )
من روائع النثر ومن روائع الكلمات ومن روآئع المواضيع
التي تطرح في الاماكن نظراً لفائدتها الكبيرة
الاربعين النووية نثر قيم تسطر كلماته بماء من ذهب
بمضمون مبارك يحمل الفوائد
وبموضوع كبير وبجهد متواصل واستمرار لاكمال طرح هذه الاجزاء كلها
وبجميع اجزائها المباركة وماتحمله من فائدة وتنسيق وجهد يستحق الشكر عليه والثناء


الاخت الفاضلة ... ~ غلا ~

جزاك الله الجنة وبارك الله فيك على جميل ماقدمتي في هذه الاجزاء المباركة
وبارك الله فيك على تواصلك القيم في اكمال الاجزاء الاخرى لتعم الفائدة
نسأل الله ان يجعل كل جهدك وعملك زيادة لك في الخير
نسأل الله ان يصلح لك دينك الذي هو عصمة امرك
وان يصلح لك دنياك التي فيها معاشك وان يصلح لك اخرتك التي فيها معادك
ونسأل الله ان يجعل خير عمرك اخره وخير عملك خواتمه وخير ايامك
يوم تلقين الله جل جلاله بقلب سليم
غفر الله لك ولاهلك ولجميع احبابك وأقربائك وجمعك بهم في جنة الفردوس الاعلى
ونسأل الله ان يجعلك ممن تبيض وجوههم يوم القيامة
وان يجعل دارك وقرارك جنة الفردوس الاعلى
وان يجمعك فيها مع احبائك واقربائك وجميع اهلك
ونسأل الله ان يجعل اعمالنا واعمالكم خالصة لوجهه الكريم
وان يستجيب دعائنا انه ولي ذلك والقادر عليه وحده
ونسأل الله ان يجعلنا واياكم وجميع الحاضرين ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه

اللهم آمين

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 12-10-2009, 07:30 PM
المشاركة 10

  • غير متواجد
رد: الأربعين النووية «●● ( الجزء الرابع )




’’..{غلآ..’’
جَزآكـِ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ
آجزآءْ قَيّمه وَتَنسيقٌ جَميلْ وَوَآضحْ لـِ آلقرآءَة ..
بآرَكـَ الله فيكـِ وَجَعَلهُ في مَوآزينَ حَسنآتكـِ
آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـِ بآلريآحينْ
دمْتِ بـِ طآعَة الله ..}
/ \




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 13-10-2009, 12:30 AM
المشاركة 11
~غلا~
عضو يفوق الوصف
  • غير متواجد
رد: الأربعين النووية «●● ( الجزء الرابع )


.*.


أخي الفاضل ~الغرباء~



مررت بكلماتك مرات ومرات
على ما أجدت وألقيت الي بكل هذا الثناء
توقف القلم وانحني لحضورك البهي
أشكرك على كل حرف وكل كلمة كتبت و سكبت هنا
اثابكــ الله بجنتــه ورفع الله قــدركـ
ورزقكـ رضااه ووفقكـ لهداه
أسأل الله ان يجعلك من اهل الجنة
شاكرة لك هذا الحضور المبارك المشرق
أسأل الله أن يجمعك فى الفردوس الأعلى مع حبيبنا المصطفى
صلى الله عليه و سلم
اللهم امين
دمت برعاية الباري


.*.

قديم 13-10-2009, 12:35 AM
المشاركة 12
~غلا~
عضو يفوق الوصف
  • غير متواجد
رد: الأربعين النووية «●● ( الجزء الرابع )


.*.


الغالية أم فهد



لحرفك البهي ولمرورك العطر
تـــرنيمة شكر
فـ شكرا لـــروعة عطر سكبته هنا
اثابكــ الله بجنتــه ورفع الله قــدركـ
ورزقكـ رضااه ووفقكـ لهداه
أسأل الله ان يجعلك من اهل الجنة
شاكرة لك هذا الحضور المبارك المشرق
أسأل الله أن يجمعك فى الفردوس الأعلى مع حبيبنا المصطفى
صلى الله عليه و سلم
اللهم امين
دمت برعاية الباري


.*.

قديم 13-10-2009, 06:16 AM
المشاركة 13
متميزه

انامعك لين تتحقق امانينا

  • غير متواجد
رد: الأربعين النووية «●● ( الجزء الرابع )
عفاكـ على هذآ الطرح القيم
نفعنا الله بكـ والمسلمين
,,
ثبتكـ الله بالقول الصالح
وزودك الله من تقاه،، ومن النار وقاكـ ,,
وللفضيله هداكـ ,, والفردوس سُكناكـ,,
حفظكـ من أوجدكـ ,,

قديم 15-10-2009, 11:08 AM
المشاركة 14

 

  • غير متواجد
رد: الأربعين النووية «●● ( الجزء الرابع )
آلسَلآمَ عِليكمٌ وَ رحمة اللهـ وَ بركآتهـ ..~

اللهمَ صليٌ وَ سلمَ علىآ نبينَآ محمدَ ..~
جوزيتِ خيرآ وَ جنةَ ..‘

"

ياربّ الطمأنينة التي تملأُ قلبي بذكرك ..
قديم 15-10-2009, 12:42 PM
المشاركة 15
ريميه
عضو يفوق الوصف
  • غير متواجد
رد: الأربعين النووية «●● ( الجزء الرابع )

غــــــــــلـآ

عـــافـاكـ الرحمـــــــــــــنـ

وجـــــزاكـ الله خــــــــــــــيراً

تــــــسلمـي ع طرحكـ القيمـ

دمتـ بخـــــير ــــــي




الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الأربعين النووية «●● ( الجزء الرابع )
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأربعين النووية •• ~ ( الجزء الثاني ) ~غلا~ ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 21 08-02-2012 01:10 AM
•ˆ• الأربعين النووية •ˆ• ( الجزء الآول ) ~غلا~ ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 32 08-12-2009 08:52 PM
بالخلطات للحمام المغربي ...(الجمال المغربي ) الجميلة ●{ مملكة المرآة ~ للنساء فقط 10 01-10-2007 09:32 PM
الهلال بمستوى غير مقنع يتخطى الحزم النــــــــورس ●{ صَدىّ آلمَـلآعِبُ~ 3 01-10-2006 03:03 PM
الريفلوكسولوجي Reflexology السحاب ●{ منتدى الأماكن العام ~ 10 17-10-2005 02:58 AM

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


الساعة الآن 12:57 PM.