قديم 19-12-2009, 04:21 AM
المشاركة 2

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم)حفظه الله
( فهرس الصفحة )


1- انه الله
2- محمد رسول الله
3- بحوث علمية
4- المقالات العقدية
5- مقالات وعظية
6- مقالات تربوية
7- مقالات متنوعة
8- قضايا الأمة
9- الصفحة النسائية
10- موضوعات اسرية
11- تصحيح مفاهيم
12- تراجم وسير
13- دروس علمية
14- فتاوي شرعية
15- محاضرات مفرغة
16- قصص هادفة

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 19-12-2009, 04:36 AM
المشاركة 3

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم)حفظه الله
( أنه الله )


الحميد
........
ياودود
........
سبحان من وسع سمعه الأصوات
............................................
تعرف على الملك
......................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ


الحــمـيـد

هو المحمود الممدوح بكل لسان
وهو المحمود على كل حال ، إذ لا يُحمد على مكروه سواه
وهو الذي يَحمَد ويُحمد
وهو أهل الحمد والثناء
ولذا فإن ربك يُحب المدح ، ويُحب أن يُثنى عليه
قال عليه الصلاة والسلام : ولا شخص أحب إليه المدحة من الله ، من أجل ذلك وعد الله الجنة . متفق عليه .
وفي رواية : ولا أحد أحب إليه المدحة من الله ، فلذلك مدح نفسه .

ربنا المحمود ، ولذا حمِد نفسه بنفسه ، فقال : ( الْحَمْـدُ لِلّهِ ) وصُدّرت بها بعض سور الكتاب العزيز .

والمحمود هو مستحق مطلق الحمد والشكر
قال سبحانه : ( وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ )

والحميد يُحب أن يُحمد بأنواع المحامد القولية والفعلية ، ولذا لما قال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ ) ختم الآية بقوله ( وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) .

وأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : ( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا )
وأُمِـر نوح أن يقول : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )

وبالحمد للحميد لهج الأنبياء
فهذا أبو الأنبياء يقول : ( الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء )
وهذا الابن وأبيه ( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ )

بل لهَجَت به الملائكة الكرام
( وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )

ومن أجل ذلك يلهج أهل الجنة بالحمد للحميد
( وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ )
( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ )
( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ )

فربنا جل جلاله يُحب أن يُحمد فهو الحميد

مــواطــن الحـمـــد
من مواطن الحمد :
في الصلاة
..
في الحديث القدسي " فإذا قال العبد : ( الحمد لله رب العالمين ) قال الله تعالى : حمدني عبدي . رواه مسلم .

وفي الصلاة .
إذا رفع المصلي رأسه من الركوع
كان النبي صلى الله عليه وسلم يوما يُصلي إذ جاء رجل قد حَـفَزه النَّـفس ، فصلّى وراء النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة قال : سمع الله لمن حمده . قال الرجل : ربنا ولك الحمد حمداً طيبا مباركا فيه ، فلما انصرف قال : من المتكلم ؟ قال : أنا . قال : رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول . رواه البخاري .

وابتدرها بضعة وثلاثون ملكا بعـدد حروفها !

بل إن الصلاة - وإن كانت كلها حمد وشكر – إلا أنها تُفتتح بالحمد وتُختتم به
كيف ذلك ؟

تأمل قول المصلي في أشهر صيغ الاستفتاح :
" سبحانك اللهم وبحمدك ، تبارك اسمك وتعالى جدك ، ولا إله غيرك "
ثم يختم صلاته بقوله في الصلاة الإبراهيمية :
" إنك حميـــد مجيــد "

فيفتتح صلاته بحمد ربه وتمجيده ، ويختتم صلاته بمثل ذلك .

ومن مواطن الحَــمــد :
إذا قام إلى صلاة التهجد حـمِــد الله

قال ابن عباس رضي الله عنهما : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال : اللهم لك الحمد ؛ أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت قـيّـم السماوات والأرض ومن فيهن .. الحديث . متفق عليه .

وفي افتتاح الخُـطب
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح خُطبه بالحمـد

ومِن مواطن الحمد
عند الفراغ من الطعام والشراب

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو شرب قال : الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوّغه وجعل له مخرجا . رواه أبو داود .

وكان إذا رفع مائدته قال : الحمد لله كثيرا طيبا مباركا غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا . رواه البخاري .

وعند النوم ، وعند القيام من النوم
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه قال : الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا ، فَـكَـمْ ممن لا كافي له ولا مؤوي . رواه مسلم .

وكان صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده اليمنى تحت خده اليمنى ثم يقول : اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت . فإذا استيقظ من الليل قال : الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور . رواه الإمام أحمد .

وعند مسلم : كان إذا أخذ مضجعه قال : اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت ، وإذا استيقظ قال : الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور .

وعند لبس الثوب الجديد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أكل طعاما ثم قال : الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ومن لبس ثوبا فقال : الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . رواه أبو داود ، وهو في صحيح الجامع .

وعند ركوب الدابة أو السيارة
عن علي بن ربيعة قال : شهدت علياً رضي الله عنه أُتي بدابة ليركبها ، فلما وضع رجله في الركاب قال : بسم الله ثلاثا ، فلما استوى على ظهرها قال : الحمد لله ، ثم قال : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ، ثم قال : الحمد لله ثلاثا ، والله أكبر ثلاثا . سبحانك إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، ثم ضحك . قلت : من أي شيء ضحكت يا أمير المؤمنين ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت ، ثم ضحك فقلت : من أي شيء ضحكت يا رسول الله ؟ قال : إن ربك ليعجب من عبده إذا قال : رب اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب غيرك . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .

ومن مواطن الحمد :
وإذا رأى ما يُسرّ به
وإذا رأى ما يكره
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يُحب قال : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وإذا رأى ما يكره قال الحمد لله على كل حال . رواه ابن ماجه .

ولفظ الحمد شكر وحمـد
قال عليه الصلاة والسلام : ما أنعم الله على عبد نعمة فقال : الحمد لله ؛ إلا كان الذي أعطاه أفضل مما أخذ . رواه ابن ماجه .

وعند رؤية أهل البلاء
" من رأى مبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا ، لم يصبه ذلك البلاء " رواه الترمذي .

وعند هداية ضـال
كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده ، فقعد عند رأسه فقال له : أسلم . فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له : أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم فأسلم ثم مات . فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار . رواه البخاري .

ومن أعظم مواطن الحمد
الحمد عند المصيبة
قال عليه الصلاة والسلام : إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته : قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون : نعم . فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم . فيقول : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حمدك واسترجع . فيقول الله : ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسمُّوه بيت الحمد . رواه الإمام أحمد والترمذي .

وأعظم مواطن الحمد ما يكون في المقام المحمود
وأعظم مواطن الحمد يوم العرض الأكبر حينما يقوم نبينا صلى الله عليه وسلم فينطرح بين يدي مولاه ، ويقوم في المقام المحمود فيحمده بمحامد كثيرة .
قال عليه الصلاة والسلام : فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن ، يُلهمنيه الله ، ثم أخرّ له ساجدا ، فيقال لي : يا محمد ارفع رأسك ، وقل يُسمع لك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . متفق عليه .

وإذا دخل آخر أهل الجنة الجنة تدخل على الرجل زوجتاه من الحور العين فتقولان : الحمد لله الذي أحياك لنا وأحيانا لك . رواه مسلم .

فاحرص – رحمك الله – على حمد مولاك فرب حَمْدٍ على شربة أو أكلة يكتب الله لك بها الرضا إلى يوم تلقاه

قال عليه الصلاة والسلام : إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، أو يشرب الشربة فيحمده عليها . رواه مسلم .

هذا ما تيسرت كتابته حول اسم الحميد ، ومواطن الحمد .
وفق الله الجميع لما يُحب ويرضى


تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 19-12-2009, 04:38 AM
المشاركة 4

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم)حفظه الله
يا ودود

قال ابن الأثير – رحمه الله – :
في أسماء الله تعالى (( الوَدُود )) وهو فْعُول بِمَعْنى مَفْعُول من الوُّدِّ ؛ المحبَّة . يُقال : وَدَدْتُ الرَّجل أوَدُّهُ وُداَ إذا أحْبَبْتَه . فالله تعالى مودود أي مَحْبُوب في قُلُوب أوْلِيَائه ، أوهو فَعُول بِمَعنى فَاعِل ، أي أنه يُحِب عِبَاده الصَّالِحين ، بمعنى أنه يَرْضَى عنهم . انتهى

وفي لسان العرب : الوَدُودُ فـي أَسماء الله عز وجل الـمـحبُّ لعباده ، من قولك : وَدِدْت الرجل أَوَدّه ودّاً و وِداداً و وَداداً .

قال ابن عباس – رضي الله عنهما – في قوله تعالى : ( الودود ) : الحبيب المجيد الكريم . علّـقـه البخاري .

فالله يُـحِـبّ ويُـحَـبّ

يُحِبّ المؤمنين به من عباده
ويُحِبّ الذين يُقاتِلون في سبيله
ويُحِبّ المتقين
ويُحِبّ فعل الخيرات
ويُحِبّ أن تؤتى رُخصه
ويُحِبّ أن تؤتى عزائمه

ويُـحَـبّ ولا غرابة في ذلك
فهو المُحسن بل هو الإلـه الذي تألهه القلوب وتُحبّـه
ولا عجب أن يُـحَـبّ من أوصل إلينا الإحسان
ولا عجب أن يُـحَـبّ من يتودّد إلى عباده

قال ابن القيم :
ليس العجب من مملوك يتذلل لله ويتعبّد لـه ، ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره إليه ، إنما العجب من مالك يتحبّب إلى مملوكـه بصنوف إنعامـه ويتودد إليه بأنواع إحسانه ، مع غناه عنه !
كفى بك عِـزّاً أنك له عبد *** وكفى بك فخراً أنه لك رب

وقال – رحمه الله – :
ليس العجيب من قوله : ( يُحِبُّونَه ) إنما العجب من قوله : ( يُحِبُّهُم ) ليس العجب من فقير مسكين يحب محسنا إليه ! إنما العجب من محسن يحب فقيرا مسكينا . انتهى .

قال بعض العارفين :
ليس الشأن أن تُـحِـبّ ، ولكن الشأن أن تُـحَـبّ

ليس المهم أن تُحِبّ الله لأنه يُحَب لعميم إحسانه وعظيم كرمه وجوده
ولكن المهم والأهـمّ أن يُحِبّـك الله
المهم أن يُحِبّـك ملِك الملوك سبحانه
المهم أن يُحِبّـك من بيده ملكوت السماوات والأرض
المهم أن يُحِبّـك من بيده الملك كلّـه
المهم أن يُحِبّـك من يوصل إليك النفع ويدفع عنك الضّـرّ

توددوا إلى الودود يودّكـم ويُحبّـكم

الودود تودّه القلوب وتُحبّـه
الودود أنزل رحمة واحدة من عنده يتوادّ بها الخلق فيما بينهم

وهذا الاسم له سـرّ عجيب لما فيه من التودد إلى الودود سبحانه

جاء في كرامات أبي معلق – رضي الله عنه – أنه عرض له لص فقال : ذرني أصلي أربع ركعات !
قال اللص : صـلّ ما بدا لك .
فتوضأ ثم صلى أربع ركعات وكان من دعائه في آخر سجدة أنه قال :
يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعال لما تريد ، أسألك بعزك الذي لا يرام ، والملك الذي لا يضام ، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص . يا مغيث أغثني - ثلاث مرات - دعا بها ثلاث مرات فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة واضعها بين أذني فرسه ، فلما أبصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله ، ثم أقبل إليه فقال : قُـم . قال : من أنت بأبي أنت وأمي فقد أغاثني الله تعالى بك اليوم ؟ قال : أنا ملك من أهل السماء الرابعة دعوت الله بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعة ، ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجيجا ، ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل : دعاء مكروب ، فسألت الله عز وجل أن يوليني قتله . قال أنس : فاعلم أنه من توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروبا كان أو غير مكروب . رواها الإمام الالكائي في كرامات الأولياء وأوردها ابن حجر في الإصابة .

والمودة أحد كان رُكني الحياة الزوجية قال سبحانه : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )

وقد أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بتزوّج الودود ، وهي المواتية المواسية
المُحِـبّـة لبعلها المتـودِّدَة لـه .

فـ
يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعال لما تريد
نسألك بعزك الذي لا يرام ، والملك الذي لا يضام ، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك
أن ترحمنا رحمتك
وأن تنصر دينك وكتابك وسنة نبيّـك
وأن تُفرّج هـمّ المهمومين من المسلمين
وأن تفك أسـر المأسورين من المؤمنين

آميـــــــــــــــــن يا رب العالمين

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 19-12-2009, 04:41 AM
المشاركة 5

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم)حفظه الله
سبحـان مَـنْ وسِـع سمعـه الأصـوات

سبحان ربي

سبحانه هو السميع الذي وسِـع سمعـه الأصوات
وسِـع سمعه الأصوات
فلا تختلط عليه الأصوات ، ولا تختلف عليه اللغـات
لا يسبق لديه صوت صوتـا
ولا تتداخل عنده الأصوات
بل يسمعها جميعا

فـيسمع داعياً ، ويُجيب سائلاً ، ويُغيث ملهوفاً ، ويُفرّج عن مكروب
بل يسمع دبيب النمل على الصفا
يسمع الجهر كما يسمع الهمس
يسمع السر وأخفى

قالت عائشة رضي الله عنها :
الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول فأنزل الله عز وجل ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ) إلى آخر الآية . رواه البخاري .

فربنا سميع بصير
وأهل السنة يُثبتون السمع والبصر لله ، ولكنه ليس كسمع المخلوقات ولا كبصرها
قال سبحانه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )

ولا يقولون ما يقوله المُبطِلون : سميع بلا سمع ، بصير بلا بصر .

بل يُثبتون له السمع اسماً وصفة

فسبحان ربي السميع العليم

فيا سامع الصوت
ويا سابق الفوت
يا سامعاً لكل شكوى
يا سامع الدعاء
استجب دعواتنا
واغفر زلاّتنا
وتجاوز عنا بمنِّـك وكرمك
يا رب .


تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 19-12-2009, 04:43 AM
المشاركة 6

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم)حفظه الله
تـعـرّف على الـمَـلِـك

هو الـمَـلِـك الذي لا يُـرد أمـره

هو الـمَـلِـك الذي ينفذ حكمـه

هو الـمَـلِـك الذي يجب أن تتذلل له

بل تسجد بين يديه لتسألـه حاجتك

مِن صفات كماله :
" أنه يجود ويعطي ويمنح ، ويعيذ وينصر ويغيث ، فكما يحب أن يلوذ به اللائذون يحب أن يعوذ به العائذون ، وكمال الملوك أن يَلوذ بهم أولياؤهم ، ويعوذوا بهم "

له الملك وحده دونما سواه
( لَهُ الْمُلْكُ )
هو ملك الملوك

( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ )

" وملك الملوك يحب أن يلوذ به مماليكه وأن يعوذوا به ، كما أمر رسوله أن يستعيذ به من الشيطان الرجيم في غير موضع من كتابه "

هو مـالك الـمُلك
( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )

قال عليه الصلاة والسلام : إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك ، لا مالك إلا الله . رواه البخاري ومسلم .
لا مالك على الحقيقة إلا الله .
هو مالك يوم الدين
وفي ذلك اليوم يتجلّى المُلك يوم لا مالك إلا الله ، فيُنادي ربنا سبحانه وتعالى :
أنا الملك
ولذا يقرأ المُصلي : ( مالك يوم الدين ) أو ( ملِك يوم الدين )

تعرّف على ملك الملوك في حال رخائك يتعرّف عليك ويعرفك في الشدة

قال محمود الوراق :
شاد الملوك قصورهم وتحصنوا = من كل طالب حاجة أو راغب
فارغب إلى ملك الملوك ولا تكن = يا ذا الضراعة طالبا من طالب
لا ينفع ولا يضر
ولا يُجيب المضطر
إلا ملك الملوك سبحانه .
( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ) ؟
لا أحد إلا الله جل جلاله .

ولا يكشف البلوى
ولا يدفـع الضـرّ
إلا رب العزة سبحانه
( قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ )

اللجوء إليه وحده في الملمّات
لأن غيره لا ينفع ولا يضر
( وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ )
أما لمــاذا ؟
فيأتيك الجواب مباشرة :
( وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )

من ذا الذي أمّله فانقطعت آماله ؟
من ذا الذي رجاه فخيّب رجاءه ؟
من ذا الذي سأله فَـردّه ؟
من ذا الذي لجأ إليه فطرده ؟
من ذا الذي انطرح بين يديه فما رحِمه ؟

إذاً :
إليك وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم :
احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله . رواه الإمام أحمد .
ومِن التّعرّف عليه جل جلاله في حال الرخاء كثرة الدعاء .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكُرب ، فليكثر الدعاء في الرخاء . رواه الترمذي .

وما أحوجنا إلى هذا التعرّف والتضرّع حتى لا نكون كمن وصفهم الله عز وجل بقوله :
( فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) .


تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 19-12-2009, 10:55 AM
المشاركة 7

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم)حفظه الله
( محمد رسول الله )


تـبًّا له ثم تَبّ

حريص عليكم ...

من هو الكريم إذا عُـدّ الكرماء ؟؟؟

يهود يشهدون بنبوة نبينا صلى الله عليه وسلم

أمنية رسول الله صلى الله عليه وسلم
ماذا يُـحـب الحبيب ؟

والله لا أُكلّمك أبداً

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ

تـبًّا له ثم تَبّ
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

لما بَعَثَ الله نبيّه صلى الله عليه وسلم إلى الناس .. وكانت بعثه إلى الناس كافة ..
حَرِص رسول الله صلى الله عليه وسلم على إنقاذ البشرية من التِّيه والضلال الذي ترسف فيه ..
كما حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على إنقاذ البشرية من النار ..
تمثّل ذلك الحرص في دعوة الناس ليلا ونهاراً .. سِرًّا وجهاراً ..
وتمثّل ذلك الحرص في دعوة كل الناس ..
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود والنصارى ..
وأرسل الرُّسُل والْكُتُب إلى الرؤساء والزعماء ..
تمثّل ذلك الحرص أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على طفل يهودي يُصارِع المرض .. يوشك على مفارقة الحياة ..
يَهتم به عليه الصلاة والسلام .. يَعتني به .. يَعرض عليه الإسلام : أسْلِم .. فَيَلْتَفِتْ الصبي إلى والده .. كأنه يستأذنه .. ولما كان والده يعرف حقيقة ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال : أطِع أبا القاسم .. فيتشهّد الطفل ويشهد شهادة الحق .. ثم يموت !
فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فرحا مُستبشراً وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار . كما في صحيح البخاري .

وكما حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على دعوة الأباعِد فقد حرص الأقارب .. فدعا قومه ورهطه .. فصاح بهم يوماً على الصفا وهو بمكة ، فجعل يُنادي :
يا بني فهر.. يا بني عَدي - لبطون قريش - حتى اجتمعوا ، فجعل الرَّجُل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو ، فجاء أبو لهب وقريش ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تُريد أن تغير عليكم ، أكنتم مُصَدِّقي ؟
قالوا : نعم ، ما جَرّبنا عليك إلا صدقا .
قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد .
فقال أبو لهب : تَـبًّا لك سائر اليوم . ألهذا جمعتنا ؟ فَنَزَلت : (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ) . رواه البخاري ومسلم .
أبو لهب هو عبد العُزّى .. تَبّ وخسِر ، فما عَـزّ !

فـ (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) " الأول دعاء عليه ، والثاني خبر عنه " كما قال ابن كثير .
فقوله تعالى : (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) أي خَسِر وخاب ، وضل عمله وسعيه . (وَتَبَّ) أي وقد تَبّ : تحقق خسارته وهلاكه . قاله ابن كثير .
" وكان كثير الأذية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والـبُغْضَة له ، والازدراء به ، والتنقّص له ولدينه " ..

فما زاد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عِزّة ورِفعة ..
وما زاد ( عبد العزى ) إلا ذلاًّ ومهانة .. فلا يُذكر إلا ويُذكر ذمّــه !

زاد جهل أبي جهل .. وتباب أبي لهب ..
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فتضوّع طِيباً .. كَعُودٍ زاده الإحراق طِيباً

أبو لهب .. ظنّ أنّ ماله ينفعه ، أو يُغني عنه شيئا .. فقال الله : (مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ)

ولم يقتصر الشقاء على أبي لهب بل تعدّاه إلى زوجِه ..
قال ابن كثير : وكانت زوجته من سادات نساء قريش وهي أم جميل ، واسمها أروى بنت حرب بن أمية وهي أخت أبي سفيان ، وكانت عونا لزوجها على كفره وجحوده وعناده ، فلهذا تكون يوم القيامة عونا عليه في عذابه في نار جهنم ، ولهذا قال تعالى : (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) يعني تحمل الحطب فتُلْقِي على زوجها ليزداد على ما هو فيه ، وهي مهيأة لذلك مُسْتَعِدّة له . اهـ .

قالت أسماء بنت أبي بكر : لما نزلت (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) اقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ولها وَلْوَلَة ، وفي يدها فِهْر وهي تقول : (مُذَمَّماً أبَيْنَا ، ودِينه قَلينا ، وأمْره عصينا)
ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد ومعه أبو بكر ، فلما رآها أبو بكر قال : يا رسول الله قد أقبلت وأنا أخاف عليك أن تراك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها لن تراني ، وقرأ قرآنا اعْتَصَمَ به ، كما قال تعالى (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا)، فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر ، ولم تَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا أبا بكر إني أُخْبِرتُ أن صاحبك هجاني ! قال : لا ، ورب هذا البيت ما هجاكِ ! فَوَلَّتْ وهي تقول : قد علمت قريش أني ابنة سيدها ! رواه أبو يعلى ، وابن أبي حاتم في تفسيره ، والحاكم في المستدرك ، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .

وقد صَرَف الله عن نبيِّه صلى الله عليه وسلم سبّ حمالة الحطب !
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تعجبون كيف يَصرف الله عَنِّي شتم قريش ولعنهم ؟ يشتمون مُذَمَّما ، ويلعنون مُذَمَّما ، وأنا محمد . رواه البخاري .

حمّالة الحطب أنفقت مالها للصَّد عن دين الله ، فكان عليها حسرة وندامة !
وقال سعيد بن المسيب : كانت لها قلادة في عنقها فاخرة ، فقالت : لأُنْفِقَنّها في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم .
قال ابن كثير : فأعقبها الله منها حَبْلاً في جيدها من مَسَدِ النار .

صَبَر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك .. فكانت النُّصْرَة له ، والرِّفعة له ، والعِزّة له ..
وكانت الذلّ والصَّغار على من خالَف أمره ..

عداوة أبي لهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ظَهَر فيها آية من آيات النبوة ، وعلامة من علامات صِدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ..
قال ابن كثير : قال العلماء : وفي هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة ، فإنه منذ نَزَلَ قوله تعالى : (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) فأخْبَرَ عنهما بالشقاء وعدم الإيمان لم يُقيّض لهما أن يُؤمنا ، ولا واحد منهما ، لا باطنا ولا ظاهرا ، لا مُسِرَّا ولا مُعْلِناً ؛ فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة الباطنة على النبوة الظاهرة . اهـ .

عداوة أبي لهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. وحملته المسعورة ضدّ دِين الإسلام .. لم تَثنِ عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
بل كانت عداوته سبباً لِنشر دِين الله !
كانت عداوة أبي لهب سبباً للسؤال عن حَالِ رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وعن دعوته .. وعن لفتْ الأنظار إليه !

قال طارق بن عبد الله المحاربي : إني بِسُوقِ ذي المجاز إذْ أنا بإنسان يقول : يأيها الناس قولوا : لا إله إلا الله ؛ تفلحوا . وإذا رجل خلفه يرميه قد أدْمَى ساقيه وعرقوبيه ، ويقول : يأيها الناس إنه كذاب فلا تُصَدِّقوه . فقلت : من هذا ؟ فقالوا : محمد زَعَم أنه نبي ، وهذا عمه أبو لهب يَزعم أنه كذاب !

ظنَ أبو لهب .. فَخَابَ ظنّـه !
ظنّ أنه يحجب الشمس بالْمُنْخُل ( الغربال ) .. فَخَابَ ظنّـه !
ظنّ أن ماله يُغني عنه .. فَخَابَ ظنّـه !
ظنّ أنه يَصدّ عن دِين الله .. فَخَابَ ظنّـه !
ظنّ أنه سوف يثني عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يُفرِّق الناس عنه .. فَخَابَ ظنّـه !

ولئن مات ( أبو لهب ) وهَلَك .. فإن لكل وارث !
وما تناقلته بعض الصحف والمواقع .. وما أثير على المنابِر .. من أخْبَارِ وَرَثَة ( أبي لهب ) الذين حاولوا اقتفاء أثَرَه ! والسير بسيرته المذمومة ! والاستهزاء بِسيِّد ولد آدم صلى الله عليه وسلم ..
فَخَابَ ظنّ الوَرَثَة كما خَابَ ظنّ المورِّث !
خابوا وخسروا ..
ولئن ساء كل مسلم ما نُشِر في بعض صُحُف الدانمارك .. فإن من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله لم يَخْلُق شَرًّا مَحْضاً !
فـ ( لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) .

فقد كان تضمّن ذلك السوء خيراً ، منه :

= ظهر وانكشف وجه الحقيقة عن وجه الحضارة الغربية .. (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) .

= ظهر لكل ذي بَصَر عداوة النصارى .. وأنّ من يطلب رضاهم مُتطلِّب في الماء جذوة نار !
وقول الله أصدق وابلغ (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) ..

= تجلّى نفاق بعض الصُّحُف والكُتَّاب .. الذين التَزموا الصمت تجاه هذا الْخَطْب الْجلل !
فماذا عساهم يقولون ؟
ماذا عسى أُغَيْلِمة الصحافة وسفهاء قومي يقولون ؟
أليسوا الذين كانوا يُلمِّعُون الغَرْب والغُراب ! تحت شِعار ( الآخر ) سَتْراً للكافر !
إلا أن الحقيقة التي تجلّتْ .. كشَفَتْ عن وجوه من الحقائق !
وصَمَتْ من كانوا يُنادون باحترام ( الآخر ) !
ومن كانوا يَودّون لو صَمَتَ دُعاة الإسلام ..
أليسوا هم من يُنادي بـ ( حُريّة الفِكر ) فإذا هم يُنادون بـ ( حُريّة الكُفْر ) !
إذا تكلّم ( صادق ) نَصَبُوا له العِداء ..
وإن تَبجّح ( كافر ) سَكَتُوا وكأن الأمر لا يَعنيهم .. وهو لا يعنيهم .. لأن انتسابهم إلى الإسلام ( دعوى ) من غير بيِّنَة !
هاهو ( الآخر ) بزعمكم يتطاول على دين الله وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فبماذا أجبتم ؟

= تَهَافُتْ دعاوى ( قبول الآخر ) الذي لم ولن يَقبلكم ! حتى " يجتمع الماء والنار ، والضَّب والحوت " !
شأنكم في ذلك شأن ذلك ( الْمُتَفَرْنِس ) الذي أمضى عمره في التذلّل للغرب .. ولو كان على حساب دِين ومبدأ .. فإذا الغرب يَرفضه ويَلفظه .. بل وينبذه نَبْذ الحذاء المرقّع !
وها هو يقول عن نفسه : " وأصبح (محمد أركون) أصولياً متطرفاً !! أنا الذي انْخَرَطْتُ منذ ثلاثين سنة في أكبر مشروع لنقد العقل الإسلامي ! أصْبَحْتُ خارج دائرة العلمانية والحداثة "
ويقول أيضا : " والمثقف الموصوف بالْمُسْلِم يُشار إليه دائماً بضمير الغائب : فهو الأجنبي المزعج ! الذي لا يمكن تمثّله ، أو هضمه في المجتمعات الأوروبية ، لأنه يَسْتَعْصِي على كل تحديث أو حداثة ! " .
وقد أخبر الله عن ذلك الرفض ، وعن تلك العداوة المتأصِّلة بقوله : (هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) .

= وفي هذا الْحَدَث تميّز الطيب من الخبيث .. والصادق من الكاذب .. (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) .
إذا اشتبكت دموع في خُدود = تَبَيَّنَ من بَكى ممن تباكى

تبيَّن الْمُحبّ الصادق لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الدَّعِيّ الْمُدَّعِي !

= وفي الغرب ( مُنصِفُون ) .. فقد تُثيرهم تلك الحملات الشعواء على طلب الحقائق .. فيهدي الله بِتلك الصحيفة رجالاً ونساء كانوا في ( عَمَاء ) !
ومن سُـنّة الله " إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " كما في الصحيحين .

وفي شِعْر أبي تمام :

وإذا أراد الله نَشْـر فَضَيلـة = طُويت أتَـاحَ لها لسـان حسود
لولا اشتعال النار فيما جَاوَرَتْ = ما كان يُعْرَف طِيب عَرف العُود

= أن الصِّدام المباشِر ، والمساس الواضِح أبلغ وأيقَظ للقلوب .. وهذا يُبيِّن مدى خطورة الغزو الفكري ، وأنه أخطر من الغزو العسكري – وإن كان مُدمِّراً – .
ذلك أن اليهود والنصارى يقولون في الله قولاً عظيماً .. ومع ذلك وُجِد من يُحبّهم أو يتعاطَف معهم .. إلا أن هذا الذي صَدَر من نصارى ( الدانمارك ) أيقظ في الأمة قلوباً غافلة ، أو مُستَغفَلة ! ..
فالنصارى قالت قولاً عظيماً في الله من قَبْل ومن بعد .. قالوا في الله قولاً عظيماً (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا) .
وما قالته النصارى في حقّ الله أعظم وأكبر ..
وقد أخبر الله وخبره الحقّ ، وقال وقوله الصِّدْق (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) .

وإن تلك الحملات الشعواء على الإسلام وأهله .. لم تُغيِّر قناعات الشعوب ..
يقول مُحدِّثي : سَافَرْتُ إلى بلد أفريقي في رِحلة عمل .. فاقتضى الأمر أن أتعامل مع (أفريقي نصراني) .. فلما انتهى تعاملنا معه .. سألناه عن أفضل مدينة سياحية في بلدهم .. فأرشدنا إليها .. فسألناه عن طبيعتها وأمْنِها .. فأخبرنا أن غالبية سُكانِها من المسلِمين ..
يقول صاحبي :
فسألته : كيف تكون الأكثر أمْناً وغالبية سُكانها من المسلمين ؟ .. مع ما نسمع في وسائل الإعلام عن المسلمين ؟!
فقال النصراني : هذه جعجعة إعلامية !
نحن نعرف المسلمين .. فَدِينُهم يأمرهم بذلك !
يقول : فتعجّبت من شهادة النصراني وهو في بلده ..

إن ما يُقال أو يُثار ضد الإسلام أو ضدّ نبيِّه صلى الله عليه وسلم يسوء كل مسلم ..
إلا أنّ هذا الشرّ لا يَخلو من خير ..
هُم يُريدون أمراً .. والله يُريد أمراً .. (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)

دبّروا .. ومكروا .. وقلّبوا الأمور .. فأبْطَل الله سعيهم .. ووردّ كيدهم في نحورهم .. وحاق بهم مكرهم ..
وهذه سُـنَّـة الله في نصر أوليائه ، وخُذلان أعدائه ..
لقد سَعى المنافقون بكل حيلة .. فَصَرّفوا الأمور ، وأرادوها ظهرا لبطن ، وبَطْناً لِظَهْر وطلبوا بكل حيلة إفساد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فَنَصَرَ الله نبيّه .. وأظْهَر دينه ..
قال تعالى : (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ)
(وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ) أي دَبَّرُوها من كل وجه ، فأبْطَل الله سعيهم . كما قال ابن جُزيّ .
قال ابن كثير : يقول تعالى مُحَرِّضاً لِنبيه عليه السلام على المنافقين (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ ) ، أي لقد أعْمَلُوا فكرهم ، وأجالوا آراءهم في كيدك وكيد أصحابك ، وخُذلان دِينك وإخماده مدة طويلة ؛ وذلك أول مَقْدَم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة رَمَتْه العرب عن قوس واحدة ، وحاربته يهود المدينة ومنافقوها ، فلما نصره الله يوم بدر ، وأعلى كلمته ، قال عبد الله بن أبي وأصحابه: هذا أمْرٌ قد تَوَجَّه ! فَدَخَلُوا في الإسلام ظاهرا ، ثم كلما أعَزّ الله الإسلام وأهله غاظهم ذلك وساءهم ، ولهذا قال تعالى : (حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ) . اهـ .

وقد أقسم النبي صلى الله عليه وسلم على نُصْرَة هذا الدِّين ..
فقال عليه الصلاة والسلام : ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مَدَرٍ ولا وَبَر إلا أدخله الله هذا الدين ، بِعِزّ عزيز ، أو بِذُلّ ذليل ، عِزًّا يعز الله به الإسلام ، وذلا يذل الله به الكفر . رواه الإمام أحمد .


والله ليكونن هذا وإن رَغِمَتْ أنوف !
والله ليُتمَّنّ الله نوره ولو كَرِه الكافرون ..

مِن دعاء عمر رضي الله عنه في القنوت :
اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يُكذبون رسلك ، ويقاتلون أولياءك ، اللهم خالف بين كلمتهم ، وزلزل أقدامهم ، وأنزل بهم بأسك الذي لا تردّه عن القوم المجرمين . رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق والبيهقي .

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 19-12-2009, 10:58 AM
المشاركة 8

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم)حفظه الله
حريص عليكم ...

وصفه
ربُّـه
بذلك
فقال : (
لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )
هذا من أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن .
(
عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ) يشق عليه ما يشقّ عليكم ، وما يُسبب لكم العَـنت ، وهو الحرج والمشقـّـة .
(
حَرِيصٌ عَلَيْكُم )
وسبب ذلك الحرص رحمته بالمؤمنين ورأفته بهم .

وقد جاء في وصفه صلى الله عليه وسلم :
(
مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ )

ولعلي أستعرض شيئا من حرصه عليه الصلاة والسلام على أمته .

فمن صور حرصه صلى الله عليه وسلم :

حرصه صلى الله عليه وسلم على أمته يوم القيامة :
قال عليه الصلاة والسلام : إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض – ثم ذكر مجيئهم إلى الأنبياء – فقال :
فيأتونني فأقول أنا لها ، فأستأذن على ربي فيؤذن لي ويلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن فأحمده بتلك المحامد وأخر له ساجدا ، فيقال : يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعط واشفع تشفع فأقول : يا رب أمتي أمتي ... الحديث . رواه البخاري ومسلم .

ودعوى الأنبياء يومئذٍ : اللهم سلـّـم سلـّـم .

قال أبو عبدالرحمن السلمي – في قوله تعالى (
لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )
قال – رحمه الله – :
انظر هل وصف الله عز وجل أحدا من عباده بهذا الوصف من الشفقة والرحمة التي وصف بها حبيبه صلى الله عليه وسلم ؟ ألا تراه في القيامة إذا اشتغل الناس بأنفسهم كيف يدع نفسه ويقول : أمتي أمتي . يرجع إلى الشفقة عليهم . اهـ .

حرصه على هداية أمته :
قال عليه الصلاة والسلام لما تلا قول الله عز وجل في إبراهيم (
رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) وقول عيسى عليه السلام ( إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) فرفع يديه وقال : اللهم أمتي أمتي وبكى ، فقال الله عز وجل : يا جبريل اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فسله ما يبكيك ، فأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم ، فسأله ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم ، فقال الله : يا جبريل اذهب إلى محمد فقل : إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك . رواه مسلم .

حرصه صلى الله عليه وسلم على هداية الناس أجمع :
كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه ، فقال له : أسلم ، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له : أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار . رواه البخاري .
مع أنه غلام يهودي ، ولم يعد خادما للنبي صلى الله عليه وسلم ، لكنه الحرص على هداية الخلق .

حرصه صلى الله عليه وسلم على عدم المشقـّة عليهم في التكاليف :
في الصلاة :
لما فـُرضت الصلاة على أمته خمسين صلاة ، استشار موسى عليه الصلاة والسلام ، فقال موسى : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيقون ذلك ، فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم .
فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يُراجع ربّه حتى خفف الله عن هذه الأمة فصارت خمس صلوات .
ولما أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل وحتى نام أهل المسجد ثم خرج فصلى فقال : إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي . رواه مسلم

ولما صلى في رمضان ، وصلى رجال بصلاته ، ترك القيام في الليلة الثالثة أو الرابعة ، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال : أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم لكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها . متفق عليه .

في الحج :
لما قال عليه الصلاة والسلام : أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ، فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قلت نعم لوجبت ، ولما استطعتم ثم قال : ذروني ما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه . رواه مسلم .

في السنن :
لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة .
وفي رواية : لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة . رواه البخاري ومسلم .

شفقته بنساء أمته :
قال عليه الصلاة والسلام : إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي ، فأتجوّز في صلاتي كراهية أن أشق على أمـِّـه . رواه البخاري .

حرصه على مراعاة نفسيات أصحابه :
قال عليه الصلاة والسلام : لولا أن أشق على المؤمنين ما قعدت خلف سرية تغزو في سبيل الله ، ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة فيتبعوني ، ولا تطيب أنفسهم أن يقعدوا بعدي . رواه البخاري ومسلم .

حرصه صلى الله عليه وسلم على شباب أمته :
حدّث مالك بن الحويرث رضي الله عنه فقال : أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون ، فأقمنا عنده عشرين ليلة ، - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رقيقا - فظن أنا قد اشتقنا أهلنا ، فسألنا عن من تركنا من أهلنا ، فأخبرناه ، فقال : ارجعوا إلى أهليكم ، فأقيموا فيهم ، وعلموهم ، ومروهم . متفق عليه .

فاللهم صلِّ وسلّم وزد وأنعم على عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم .
اللهم اجزه عنا خير ما جازيت نبيّـاً عن أمته .
اللهم احشرنا في زمرته ، وأوردنا حوضه ، واسقنا من يده الشريفة .


تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 19-12-2009, 10:59 AM
المشاركة 9

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم)حفظه الله
من هو الكريم إذا عُـدّ الكرماء ؟؟

إذا أراد بعض الناس أن يضرب مثلا للكرم فإنه يذكر حاتم الطائي .
فيقول بعضهم : كرم حاتمي !!
أو أكرم من حاتم !!

وفي الشجاعة يُضرب المثل بعنتر أو بغيره من شُجعان العرب .

وفي الحِلم يُضرب المثل بالأحنف أو بخاله قيس بن عاصم .

وهكذا ...

ولكن دعونا نرى :
من هو الكريم ؟
ومن هو الشجاع ؟
ومن هو الحليم ؟

إن هذه الصفات وغيرها من كريم الخصال وحميد السجايا قد جمعها الله – عز وجل – لصفوة خلقه
جمعها الله لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم .

فلقد وُصِف – عليه الصلاة والسلام – بأنه يُعطي عطاء من لا يخشى الفقر

قال أنس – رضي الله عنه – :
ما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلا أعطاه . قال : وجاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين ، فرجع إلى قومه ، فقال : يا قوم أسلموا ، فإن محمدا يُعطي عطاء لا يخشى الفاقة . رواه مسلم .

وأعطى صفوان بن أمية يوم حُنين مائة من النعم ، ثم مائة ، ثم مائة . رواه مسلم .

فمن أعطى مثل هذا العطاء ؟؟
ومن يستطيع مثل ذلك العطاء والسخاء والجود والكرم ؟؟؟
بل مَن يُدانيه ؟؟؟

إن من يملك القناطير المقنطرة من الذهب والفضة لا يُمكن أن يُعطي مثل ذلك العطاء .

ولو أعطى مثل ذلك العطاء ، فلديه الكثير
أما رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيُعطي العطاء الجزيل ، وربما بات طاوياً جائعاً .

فهذا الذي أخذ بمعاقد الكرم فانفرد به ، وحاز قصب السبق فيه بل في كل خلق فاضل كريم
فلا أحد يقترب منه أو يُدانيه في ذلك كله .

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الرِّيحِ المرسَلَة ، وكان أجود ما يكون في رمضان . كما في الصحيحين من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – .

وقَدِمَ عليه سبعون ألف درهم ، فقام يَقْسمُها فما ردَّ سائلاً حتى فرغ منها صلى الله عليه وسلم . رواه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم .

وأخبر جبير بن مطعم أنه كان يسير هو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الناس مَـقْـفَـلَـهُ من حنين ، فَـعَـلِـقـه الناس يسألونه حتى اضطروه إلى سمُرة ، فخطفت رداءه ، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أعطوني ردائي . لو كان لي عدد هذه العِـضَـاه نَـعَـماً لقسمته بينكم ، ثم لا تجدوني بخيلا ، ولا كذوبا ، ولا جبانا . رواه البخاري .


ورسول الله صلى الله عليه وسلم الشُّجاع الذي يتقدّم الشجعان إذا احمرّت الحَدَق ، وادلهمّت الخطوب

أنت الشّجاع إذا الأبطال ذاهلة **** والهُنْدُوانيُّ في الأعنـاق والُّلمَـمِ

قال البراء رضي الله عنه : كنا والله إذا احمر البأس نتقي به ، وإن الشجاع مـنـّا للذي يحاذي به ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم
وقال عليّ رضي الله عنه : كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه . رواه أحمد وغيره .
أما البراء رضي الله عنه فهو الملقّب بالمَهْلَكَة ، وأما عليٌّ رضي الله عنه فشجاعتُه أشهرُ من أن تُذْكَر .

ومع ذلك يتّقون برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
ومع ذلك كان الشجاع منهم الذي يُحاذي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم

قال رجل للبراء بن عازب – رضي الله عنهما – : أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ؟ قال : لكن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يَـفِـر . متفق عليه .
وقال – رضي الله عنه – : كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس ، وأشجع الناس ، وأجود الناس ، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت ، فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا ، وقد سبقهم إلى الصوت ، وهو على فرس لأبي طلحة ، وهو يقول : لم تراعوا . لم تراعوا . قال : وجدناه بحراً ، أو إنه لبحر . ( يعني الفرس ) متفق عليه .

كان صلى الله عليه وسلم حليم على مَنْ سَفِـه عليه ، أتتـه قريش بعد طول عناء وأذى ، فقال : اذهبوا فأنتم الطلقاء .

شَـدّ أعربيٌّ بُردَه حتى أثّـر في عاتقـه ، ثم أغلظ له القول بأن قال له : يا محمد مـُرْ لي من مال الله الذي عندك ! فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك ثم أمـر له بعطاء . متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه .

هو مَنْ جمع خصال الخير وكريم الشمائل ، وَصَفَه ربّـه بأنـه ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) .
قال الحسن البصري في قوله عز وجل ( فبما رحمةٍ من الله لِنْتَ لهم ) قال : هذا خُلُقُ محمد صلى الله عليه وسلم نَعَتَـه الله عز وجل .

كان علي رضي الله عنه إذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم قال : كان أجودَ الناس كـفّـاً ، وأشرَحهم صدرا ، وأصدق الناس لهجة ، وألْيَنهم عريكة ، وأكرمهم عِشرة ، من رآه بديهةً هابَـه ، ومن خالطه معرفـةً أحبَّـه ، يقول ناعِتـُه : لم أرَ قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم . رواه الترمذي وابن أبي شيبة والبيهقي في شُعب الإيمان .

تلك قَطْرِةٌ من بحرِ صفاتِه ، وإشارةٌ لمن ألقى السَّمْعَ ، وتذكِرةٌ للمُـحِبّ .
فهذه أخلاقه فأين المحبـُّـون ؟
هذه من أخلاقه عليه الصلاة والسلام فأين المقتدون ؟
فهل أبقى لحاتم طي مِن كرم ؟
وهل أبقى لعنتر من شجاعة ؟
وهل أبقى لقيس مِن حِلـم ؟

صلى الله عليه وعلى آله وسلم .

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 19-12-2009, 11:00 AM
المشاركة 10

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم)حفظه الله
يهود يشهدون بنبوة نبينا صلى الله عليه وسلم

شهِدت اليهود بصدق نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
قال الله عز وجل : ( وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ )

عن أنس رضي الله عنه قال : كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له : أسلم . فنظر إلى أبيه وهو عنده ، فقال له : أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ، فأسْلَمَ ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار . رواه البخاري .

فهذا اليهودي أمـر ابنه أن يُطيع أبا القاسم ، مما يدلّ على أنه يعلم في قرارة نفسه بصدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم .

وحدّث سلمة بن سلامة بن وقش - وكان من أصحاب بدر - قال : كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل قال : فخرج علينا يوما من بيته قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بيسير فوقف على مجلس عبد الأشهل . قال سلمة : وأنا يومئذ أحدث من فيه سِناً على بردة مضطجعا فيها بفناء أهلي فذكر البعث والقيامة والحساب والميزان والجنة والنار ، فقال ذلك لقوم أهل شرك أصحاب أوثان لا يرون أن بعثاً كائن بعد الموت ، فقالوا له : ويحك يا فلان ترى هذا كائناً أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار ، يُجزون فيها بأعمالهم ؟ قال : نعم ، والذي يحلف به لودّ أن له بحظه من تلك النار أعظم تنور في الدنيا يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطبق به عليه ، وأن ينجو من تلك النار غدا . قالوا له : ويحك وما آية ذلك ؟ قال : نبي يُبعث من نحو هذه البلاد ن وأشار بيده نحو مكة واليمن . قالوا : ومتى تراه ؟ قال : فنظر إلـيّ وأنا من أحدثهم سناً ، فقال : إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه . قال سلمة : فو الله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم وهو حي بين أظهرنا ، فآمنا به وكفر به بغياً وحسداً ، فقلنا : ويلك يا فلان ! ألست بالذي قلت لنا فيه ما قلت ؟ قال : بلى ، وليس به !

وحدّثت صفية – رضي الله عنها – فقالت : كنت أحبّ ولد أبي إليه وإلى عمي أبي ياسر ، لم ألقهما قط مع ولدٍ لهما إلا أخذاني دونه . قالت : فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل قباء في بني عمرو بن عوف غدا عليه أبي حُيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين ، فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس ، فأتيا كالَّيْن كسلانين ساقطين يمشيان الهوينا . قالت : فهششت إليهما كما كنت أصنع ، فوالله ما التفت إليّ واحد منهما مع ما بهما من الغمّ . قالت : وسمعت عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي حُيي بن أخطب : أهـو هـو ؟ قال : نعم والله ! قال : أتعرفه وتثبته ؟ قال : نعم . قال : فما في نفسك منه ؟ قال : عداوته والله ! رواه ابن إسحاق في السيرة فيما ذكره ابن هشام .

ها هم اليهود يشهدون بنبوة سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام ، ومع ذلك جحدوا بها .
( فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ ) .

ولذا قال عليه الصلاة والسلام : لو آمن بي عشرة من اليهود ، لآمن بي اليهود . رواه البخاري ومسلم .

وفي رواية لمسلم : لو تابعني عشرة من اليهود ، لم يبق على ظهرها يهودي إلا أسلم .

اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .


تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 19-12-2009, 11:02 AM
المشاركة 11

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم)حفظه الله
أمنية رسول الله صلى الله عليه وسلم

ما تمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من الدنيا ، وإنما تمنى ما له علاقة بمنازل الآخرة ، بل برفيع المنازل ، وعالي الدرجات .
فقال عليه الصلاة والسلام : والذي نفس محمد بيده لولا أن يشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا ، ولكن لا أجد سعة فأحملهم ، ولا يجدون سعة ، ويشق عليهم أن يتخلفوا عني ، والذي نفس محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل ، ثم أغزو فأقتل ، ثم أغزو فأقتل . رواه البخاري ومسلم .

هذه كانت أمنية رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وإذا كانت النفوس كبار = تعبت في مرادها الأجسامُ
أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أشجع الشجعان حتى إنه ليحتمي به صناديد الأبطال عند اشتداد النِّـزال
قال البراء رضي الله عنه : كنا والله إذا احمر البأس نتقي به ، وإن الشجاع مـنـّا للذي يحاذي به ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم
وقال عليّ رضي الله عنه : كنا إذا احمرّ البأس ، ولقي القوم القوم ، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه . رواه الإمام أحمد وغيره .

من هنا كانت أمنية رسول الله صلى الله عليه وسلم عالية ، كانت منزلة رفيعة ، ألا وهي الشهادة في سبيل الله .
وليست مرة بل مرّات

تأمل :
" والذي نفس محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل ، ثم أغزو فأقتل ، ثم أغزو فأقتل "
وفي رواية للبخاري :
والذي نفسي بيده وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ، ثم أحيا ثم أقتل ، ثم أحيا ثم أقتل ، ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا .

وما ذلك إلا لكرامة الشهيد والشهادة على الله .
ولذا لما قُتِل من قُتِل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد ولقوا ربهم تبارك وتعالى ، فسألهم : ماذا يُريدون ما اختاروا غير العودة للدنيا من أجل أن يُقتلوا في سبيل الله مرة ثانية .
لما قُتل عبد الله بن عمرو بن حرام يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا جابر ألا أخبرك ما قال الله عز وجل لأبيك ؟ قلت : بلى . قال : ما كلم الله أحداً إلا من وراء حجاب ، وكلّم أباك كفاحا ، فقال : يا عبدي تمنّ عليّ أعطك . قال : يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية ! قال : إنه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون . قال : يا رب فأبلغ من ورائي ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .
وقال عليه الصلاة والسلام : لما أصيب إخوانكم بأُحد جعل الله عز وجل أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش ، فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن منقلبهم قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون بما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ، ولا ينكلوا عن الحرب . فقال الله عز وجل : أنا أبلغهم عنكم ، فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات على رسوله ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

فأي كرامة يُكرم الله عز وجل بها الشهيد الذي قُتِل في سيل الله لإعلاء كلمة الله ؟
قال عليه الصلاة والسلام :
للشهيد عند الله عز وجل سبع خصال :
يُغفر له في أول دفعة من دمه .
ويرى مقعده من الجنة .
ويُحلى حلة الإيمان .
ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين .
ويُجار من عذاب القبر ، ويأمن من الفزع الأكبر .
ويوضع على رأسه تاج الوقار ، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها .
ويشفع في سبعين إنساناً من أقاربه . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وهو في صحيح الجامع.

فأي كرامة فوق هذه الكرامة ؟
وأي فضل فوق هذا الفضل سوى رؤية وجه الرب سبحانه وتعالى ؟

ولما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد ؟ قال : كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة . رواه النسائي .

تلك كانت أمنية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو عليه الصلاة والسلام لا يتمنى إلا ما كان يُقرّبه إلى الله عز وجل .

فهل نتمنى ما تمناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

أما إنها لو كانت أمنية صادقة لكفى .

قال صلى الله عليه وسلم : من مات ولم يغز ، ولم يحدث به نفسه ، مات على شعبة من نفاق . رواه مسلم .

وقال عليه الصلاة والسلام : من سأل الله الشهادة بصدق بلّغه الله منازل الشهداء ، وإن مات على فراشه . رواه مسلم .

وأختم بوصية الصِّدِّيق رضي الله عنه : احرص على الموت توهب لك الحياة .
وإن تعجب فاعجب لمن قال تلك الكلمة ؟
لقد قالها أبو بكر رضي الله عنه لسيف الله المسلول رضي الله عنه .

وبقول الخنساء :

نهين النفوس وهَوْن النفوس = يوم الكريهة أوقى لها
وما أروع قول الحصين المرّي :
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد = لنفسي حياة مثل أن أتقدما

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 19-12-2009, 11:03 AM
المشاركة 12

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم)حفظه الله
ماذا يُـحـب الحبيب ؟

أكمل خلق الله هو سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام .
فماذا كان صلى الله عليه وسلم يُحب ؟
لنحاول التعرّف على بعض ما يُحب لنحبّ ما أحب صلى الله عليه وسلم .
قال أنس رضي الله عنه : إن خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه قال أنس : فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام ، فقرّب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزاً ومرقا فيه دباء وقديد ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حوالي القصعة . قال : فلم أزل أحب الدباء من يومئذ . رواه البخاري ومسلم .

ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طيباً أحب الطِّيب والجنس اللطيف
قال عليه الصلاة والسلام : حُبب إليّ من الدنيا النساء والطيب ، وجُعلت قرة عيني في الصلاة . رواه الإمام أحمد والنسائي .
وحُبه صلى الله عليه وسلم للطيب معروف حتى إنه لا يردّ الطيب .
وكان لا يرد الطيب ، كما قاله أنس ، والحديث في صحيح البخاري .
وكان يتطيّب لإحرامه ، وإذا حلّ من إحرامه ، كما حكته عنه عائشة رضي الله عنها ، والحديث في الصحيحين .
قالت عائشة رضي الله عنها : كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم عند إحرامه بأطيب ما أجد . رواه البخاري .

ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طيباً أحب الطيّبات والطيبين .
سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة فقيل : من الرجال ؟ فقال : أبوها . قيل : ثم من ؟ قال : عمر بن الخطاب ، فعدّ رجالا .

فما كره الطيب أو النساء إلا منكوس الفطرة !
وما على العنبر الفوّاح من حرج = أن مات من شمِّـه الزبّال والجُعلُ !!

وأحب صلى الله عليه وسلم الصلاة ، حتى إنه ليجد فيها راحة نفسه ، وقرّة عينه .
فقد كان عليه الصلاة والسلام يقول لبلال : يا بلال أرحنا بالصلاة . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

بل إن الكفار علموا بهذا الشعور فقالوا يوم قابلوا جيش النبي صلى الله عليه وسلم : إنه ستأتيهم صلاة هي أحب إليهم من الأولاد . رواه مسلم .
وشُرعت يومها صلاة الخوف .

فهذا الشعور بمحبة الصلاة علِم به حتى الكفار !
ومن أحب شيئا أكثر من ذِكره ، وعُرِف به .

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل . رواه البخاري ومسلم .

وكان صلى الله عليه وسلم يحب الزبد والتمر . رواه أبو داود .

وما هذه إلا أمثلة لا يُراد بها الحصر .

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه :
هل نجد الشعور الذي وجده أنس بن مالك رضي الله عنه الذي أحب ما أحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعاً لمحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

اللهم صلّ وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه .


تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 19-12-2009, 11:06 AM
المشاركة 13

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم)حفظه الله
والله لا أُكلّمك أبداً

تحدثت في مقال سابق بعنوان :

عـقـول للبيع أو للتأجير ... لعـدم التّفـرّغ !!

واليوم سوف أتحدّث عن نوعية أخرى من عقول بعض بني آدم
وذلك أن من الناس من يَزِن الأمور بعقله ، سواء فيما للعقل فيه مجال للنظر أو ليس له فيه مجال

في يوم من الأيام سُئلت عن حُـكم إسبال الثياب للرجال ، فبيّنت الحكم .
وذكرت أن الإسبال على نوعين :
إن كان مُجرّد إسبال فهو كبيرة من كبائر الذنوب ، وقد تُوعّد المسبل بوعيد شديد كما في صحيح مسلم .
وإن كان للخيلاء فإنه بالإضافة إلى كونه كبيرة من كبائر الذنوب ، فإن الله لا ينظر إلى صاحبه يوم القيامة .
وذكرت الأدلة ، وكلام بعض أهل العلم في التفريق بينهما وفق قواعد أصول الفقه .

وهو هنا :
http://www.almeshkat.net/index.php?pg=fatawa&ref=411

وكان السائل سأل لحاجة في نفسه ! وظن أنني أوافقه فيما يذهب إليه !
فلما رآني خالفته تغيّر وجهه
ثم بلغني فيما بعد أنه قال لبعض جلسائه : إيش هذا ؟! يُعذبني الله على خِـرقة ؟!

فهذا منطق أعوج !
وهذا قياس بالعقل السقيم وليس السليم !

يا هذا !
هل يُعذّب الله المشرك لأجل أنه طاف حول شجرة أو حول حجر ؟!
هل يُعذّب الله من ذبح دجاجة لغير الله بقصد التقرّب ؟!
وهل ... وهل .. ؟

وعلى هذا قِـس .

ما هكذا تُورد الإبل

وما هكذا تُورد النصوص

إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم لم يكونوا يغضبون ذلك الغضب الشديد إلا عندما تُعارَض السنة بأقوال الرجال أو بالآراء
وإن كانت تلك الأقوال من أقوال كبار الصحابة رضي الله عنهم

وما ذلك إلا لتعظيمهم لأقوال النبي صلى الله عليه وسلم ولسنّته عليه الصلاة والسلام

فقد رأى عبد الله بن المغفل رجلا من أصحابه يخذف ، فقال له : لا تخذف ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره أو قال : ينهى عن الخذف ، فإنه لا يُصطاد به الصيد ، ولا يُنكأ به العدو ، ولكنه يكسر السن ، ويفقأ العين ، ثم رآه بعد ذلك يخذف ، فقال له : أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره أو ينهى عن الخذف ، ثم أراك تخذف ، لا أكلمك كلمة كذا وكذا . رواه البخاري ومسلم .

وفي رواية لمسلم : أن قريبا لعبد الله بن مغفل خذف ، فنهاه ، وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف ، وقال : إنها لا تصيد صيدا ، ولا تنكأ عدوا ، ولكنها تكسر السن ، وتفقأ العين . قال : فعاد ، فقال : أحدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه ، ثم تخذف ، لا أكلمك أبدا .

نعم . لا يرضون بمعارضة قول سيّدهم وقدوتهم ، بل ويشتدّون على المخالِف

فهذا عمران بن حصين كان في رهط وفيهم بشير بن كعب فحدّث عمران يومئذ فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحياء خير كله . قال : أو قال : الحياء كله خير ، فقال بشير بن كعب : إنا لنجد في بعض الكتب أو الحكمة أن منه سكينة ووقارا لله ، ومنه ضعف ! فغضب عمران حتى احمرّتا عيناه ، وقال : ألا أراني أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتُعارض فيه . فأعاد عمران الحديث ، فأعاد بشير ، فغضب عمران قال أبو السوار العدوي : فما زلنا نقول فيه : إنه منا يا أبا نجيد ، إنه لا بأس به . رواه البخاري ومسلم .

ولما قال عبد الله بن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنكم إليها . قال : فقال بلال بن عبد الله : والله لنمنعهن .
قال الراوي : فأقبل عليه عبد الله فسبّه سبّـاً سيئاً ما سمعته سبه مثله قط ، وقال : أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول : والله لنمنعهن . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية : فضرب في صدره ، وقال : أحدِّثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتقول : لا !

وبلغوا من الامتثال أجمله وأحسنه واكمله
روى البخاري عن نافع عن ابن عمر قال : كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد ، فقيل لها : لم تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار ؟

قالت : وما يمنعه أن ينهاني ؟

قال : يمنعه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله .

وروي أن عمر رضي الله عنه جَلَدَ رجلين سبّحـا بعد العصر . أي صليا .

ورأى سعيد بن المسيب رجلا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين يُكثر فيها الركوع والسجود ، فنهاه ، فقال : يا أبا محمد يعذبني الله على الصلاة ؟!
قال : لا ، ولكن يعذبك على خلاف السنة . رواه البيهقي في الكبرى .

وبلغ من شدّة تمسُّك سلف الأمة بسُنّةِ نبيِّها مبلغاً استفاضت معه أقوالُهم .

واتّفقت كلمة العلماء أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة المتبوعة على ردِّ قولِهم إذا خالف الحديث .

قال الإمام أبو حنيفة : إذا صحّ الحديث فهو مذهبي .
وقال أيضا : لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه .
وقال أيضا : إذا قلت قولاً يُخالف كتاب الله تعالى وخبرِ الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي

وقال الإمام مالك : إنما أنا بشر أخطئ وأصيب ، فانظروا في رأيي فكلّ ما وافق الكتاب والسنة فخذوه ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه .
وقال أيضا : ليس أحدٌ بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم .

وأما الإمام الشافعي فقال : أجمع المسلمون على أن من استبان له سُنةٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحِلّ له أن يدعها لقول أحد .
وقال أيضا : إذا وجدتم في كتابي خلاف سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا ما قلت .

وقال الإمام أحمد : من ردّ حديثَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلَكَة .
وقال أيضا : لا تقلد في دينك أحداً من هؤلاء ، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابهِ فخُذ به .

قال الحميدي : روى الشافعي يوماً حديثاً ، فقلت : أتأخذ به ؟
فقال : رأيتني خرجت من كنيسة ، أو عليَّ زُنّار حتى إذا سمعتُ عن رسول صلى الله عليه وسلم حديثاً لا أقول به ؟!

وهذا كله يدلّ على تعظيمهم لأقوال نبيِّهم صلى الله عليه وسلم .
ويدلّ على تأدّبهم مع إمامهم عليه الصلاة والسلام
وعلى شدّة محبته صلى الله عليه وسلم

إن محبة النبي صلى الله عليه وسلم لا تنبت إلا على ساق المتابعة والاقتداء

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى :
( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
: هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادّعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله ، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : مَنْ عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد . ولهذا قال : ( إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ )
أي يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه وهو محبته إياكم وهو أعظم من الأول ، كما قال بعض العلماء الحكماء : ليس الشأن أن تُحِبّ إنما الشأن أن تُحَبّ . وقال الحسن البصري وغيره من السلف : زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية ، فقال : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ) اهـ .

وقال الإمام الطحاوي :
ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام .
قال ابن أبي العز : أي لا يثبت إسلام من لم يسلم لنصوص الوحيين وينقاد إليها ولا يعترض عليها ولا يعارضها برأيه ومعقوله وقياسه . روى البخاري عن الإمام محمد بن شهاب الزهري رحمه الله أنه قال : من الله الرسالة ، ومن الرسول البلاغ ، وعلينا التسليم . وهذا كلام جامع نافع . اهـ .

فمن أحبّ سيد ولد آدم فليُعظّم أقواله وسُننه أكثر من تعظيمه لقول مَن سواه من البشر .
أما دعوى محبته مع مُخالفته أو مع تقديم قول غيره على قوله فهذه دعاوى و " لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه " كما في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام .

وليدع : ( ما اقتنعت – ما يُعقل – ما يدخل مزاجي ! ) ليدع هذه الكلمات وأمثالها عند الكوكب ، كما قال ابن عمر رضي الله عنهما لمن سأله عن استلام الحجر ، فقال ابن عمر : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويُقبِّله . فقال : أرأيت إن زُحمت ؟ أرأيت إن غُلبت ؟
فقال ابن عمر : اجعل أرأيت باليمن ! رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويُقبِّله . رواه البخاري .

وقال لمن سأله عن قيام الليل : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة . فقال السائل : أرأيت إن غلبتني عيني ؟ أرأيت إن نمت ؟ قال : اجعل أرأيت عند ذلك النجم . رواه ابن ماجه .

هكذا فلتُعظّم السنة

وليُربّى عليها الأولاد والأتباع .

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 19-12-2009, 06:09 PM
المشاركة 14

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
قديم 19-12-2009, 06:13 PM
المشاركة 15

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
الجواب المفصّل عن شبهات في التوسل

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه .

أما بعد :
فهذه أسئلة وردتني من أحد إخواننا من خلال الشبكة ( الإنترنت ) ، وقد أُورِدتْ عليه شُبُهات في التوسّل ، وطلب مِني الإجابة عنها .
حيث يقول الأخ الفاضل نبيل :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتـه
شيخنا الكريـم عبد الرحمن حفظكم الله تعالى ..
هذه بعض الشبهات يطرحها أعداء الدين من يستغيثون بالقبور أو يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم..
فنرجو أن نرى إجابة شافيـة لدحر الباطل .. وقد أرسلت لكم في البريد غير عن هذا، وفقكم الله تعالـى..
يقول هذا الرجـل/
و هذي الأدلة من أمهات كتب أهل السنة و الجماعة ، والقوانين تمشي على الجميع ما دام الموضوع ليس من تأليفي الشخصي ، و ما يحق لأحد أن يمسح ردودي إذا كانت منقولة من القرآن الكريم و سنة الرسول ص ، أقصد الصحاح و كتب السنن .
--------

* أحاديث تثبت أن التوسل برسول الله ص يجوز حتى و هو في قبره ، و أن التوسل و طلب الغوث منه حيا و ميتا ليس شرك ، لكن يتعمدون أن ما يذكرونها ....

[ أوْرَدَ شُبهات كثيرة أُورِدَتْ عليه ، فَجَعَلْتُ كل شُبهة في فقرة مُستَقِلّة ، ثم أجبتُ عنها بما يسّر الله تعالى في خمس وعشرين فقرة ، ونَقَلتُ القول كما هو من غير زيادة ولا نُقصان ] ..


الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك وحفظك .

هذه شُبُهات أوْهَى من بيت العنكبوت !
وهي لا تَخرج عن أربعة أمور :
الأول : إما استدلال بدليل لا يُسلَّم لِصاحبه باستدلاله فيه ، إذ ليس فيه ما يخدم مقصده
الثاني :
أن يكون الدليل ضعيفاً لا تقوم به حجّة .
الثالث :
أن يكون فِعل عالم ، وأفعال العلماء يُستَدلّ لها ولا يُستدلّ بها ، كما بينه ابن القيم رحمه الله . فليس فِعل أحد من الناس حُجّة على الْخَلْق إلا فعل محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم أفعال الصحابة على خِلاف بين أهل العلم ، والصحيح حُجّية قول الصحابي ما لم يُخالِف أو يُخالَف .
الرابع :
تحريف في النصوص لهوى في النفس ! وثَنْي أعناق النصوص والزيادة فيها ، أو النقص منها لتخدم أغراض قائليها !

وقبل التفصيل أُشير إلى ما جاء في المقال ، حيث زَعَم القائل أن :

[ بعض الناس لا يظهرون حبا للنبي ، إنما يظهرون بغضا له والعياذ بالله . كالذين يزعمون أن النبي محمد ميتة ، أو أنه لا ينفع، أو أن التبرك به وبآثاره شرك ، أو أن زيارة قبره شرك أو أن التوسل به شرك والعياذ بالله ، أو الذين يحرمون مدحه عليه السلام والاحتفال بمولده وغير ذلك، كله يظهر بغضا للنبي ولا يظهر حبا له صلى الله عليه وسلم ولا اتباعا له]

فالدعاوى أسهل وأيسر ما يكون !
والدعوى لا بُـدّ لها من بَيِّنَة !
فالذين يَدّعون محبته صلى الله عليه وسلم هم أكثر الناس بُعدا عن هديه وعن سُنّته صلى الله عليه وسلم ..
ففي هذا المقال أورِدت أحاديث ضعيفة ، وبعضهم يُورِد أحاديث مكذوبة ! بِدعوى محبته صلى الله عليه وسلم ! وسوف يتبيّن هذا من خلال مناقشة هذه الشُّبُهات ..
فأين هي دعوى المحبة ؟!
ولدى أصحاب دعوى المحبة من المخالفات لِهَدْيه ولِسُنّته صلى الله عليه وسلم ما يَضيق الوقت عن تِعدادها ، من رقص وطَرَب وشرب للخمور واختلاط ، وغير ذلك مما لا يَخفى على عاقل يَعرف حقائق عن احتفالات بعض مشايخ الطُّرُق الصوفية !
ثم إنهم مِن أكثر الناس صدودا عن السنة ، فهم يَهجرون العمل بالسُّنة طيلة العام ثم يُحيونها ليلة في العام !
فهم كالأوربي الذي هَجَر أمه عاماً كاملاً ثم زَعَم أنه يبرّها بزيارة لها في عيد الأم !
فأين القوم والمحبة الصادقة ؟
وسبق أن كتبت مقالاً بعنوان :
هـل نحتفـل بالمولـد النبوي ... ؟؟؟
وهو هنا :
http://saaid.net/Doat/assuhaim/100.htm

وذكرتُ فيه طرفا من أحوال الصحابة في صِدق المحبة له صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك لم يُنقَل عنهم ما يَفعله أهل الأهواء والبدع .

ثم إن دعاوى المحبة والتي يُحاول أولئك إثباتها عَبْر الاحتفال بمولده فيها إزراء بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، مع ما فيها من مخالفة هَدْيِه وأمْرِه صلى الله عليه وسلم .
فالاحتفال بالمولد النبوي لم يَكن في القرون الفاضلة ! وحسبُك بِعمل لم يَكن في القرون الفاضلة ، ولم يَكن عليه خيار الناس – أن يُرَدّ على صاحبه !

وأما قوله : (كالذين يزعمون أن النبي محمد ميتة) فهذا ظُلم عظيم ، وكذب مُبين ! فلم يَقُل بهذا مسلم قطّ ، أي لا أحد يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم مَيْتَة .
أما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات فهذا حق ، ومن أنكره فقد كُفُر بالقرآن ، فإن الله يقول في مُحكم كِتابه مُخاطشبا نبيّه صلى الله عليه وسلم : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) ، وقال : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) .
وقالت عائشة رضي الله عنها : أقبل أبو بكر رضي الله عنه على فرسه من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد ، فلم يُكَلّم الناس حتى دخل على عائشة رضي الله عنها فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مُسَجّى بْبُرْد حَبرة ، فكشف عن وجهه ، ثم أكَبّ عليه فَقَبّلَه ، ثم بكى ، فقال : بأبي أنت يا نبي الله ! لا يجمع الله عليك موتتين ، أما الموتَة التي كُتِبَتْ عليك فَقَد مُتَّها . رواه البخاري .
وقالت أيضا عن خطبة أبي بكر رضي الله عنه : فَحَمِدَ الله أبو بكر وأثنى عليه ، وقال : ألا من كان يعبد محمداً صلى الله عليه وسلم فإن محمداً قَدْ مَات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقال : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) ، وقال (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) ، فَنَشَجَ الناس يَبْكُون . رواه البخاري .
فهل كان أبو بكر رضي الله عنه مُبغِضاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أخبر أنه ميّت ؟!
والأحاديث في هذا كثيرة .

وإليك الجواب بالتفصيل عما استُدلّ به :

1 – قول القائل :
[وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ما نصه: " وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمّان عن مالك الدار قال أصاب الناس قحط (أي مجاعة) في زمن عمر (أي في خلافته) فجاء رجل (من الصحابة) إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسقِ لأمتك فإنهم قد هلكوا، (معناه اطلب من الله المطر لأمتك) ]

الجواب :
أولاً : هذا النصّ أُدْخِل فيه ما ليس منه ، لِيَخْدِم الغَرَض الذي سِيق لأجله !
ثانياً : النصّ كما هو في فتح الباري :
[ وروى بن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الداري - وكان خازن عمر - قال : أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله اسْتَسْقِ لامتك فإنهم قد هلكوا . فأُتي الرجل في المنام فقيل له : ائت عمر .. الحديث . وقد روى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة ] .
فقوله في النصّ السابق [فجاء رجل (من الصحابة)] يُوهَم أنه من رواية ابن أبي شيبة التي صحَّح إسنادها الحافظ ابن حجر رحمه الله ، وليس كذلك ، بل هي من رواية سيف بن عمر ، وروايته لا يُعوّل عليها عند أهل العلم !
فلا يثبت أن الذي جاء هو رجل من الصحابة ، فلِم أُقْحِم في النصّ أن الرجل من الصحابة ؟!
ولماذا حُذِفتْ بقية كلام الحافظ ؟
ربما لأنها تُسقط الاستدلال !
كما أنه زيد في النص ما ليس منه ، وهو قوله : [إيتِ عمر فاقرئه مني السلام وأخبره أنهم يُسقون]
وهذا القدر ليس في فتح الباري .. وإن كان في رواية ابن أبي شيبة .
وهذا تُبيّنه وتُوضِّحه رواية بن أبي خيثمة – وفيها - : ائت عمر فقل له : إنكم مُسْتَسْقُون فعليك الكَّفّين . قال : فبكى عمر وقال : يا رب ما آلوا إلا ما عجزت عنه . ذَكَرها ابن حجر في كتاب " الإصابة " .
فقوله : " إنكم مُسْتَسْقُون " يُوضِّح المقصود ، وهو ما دَلَّتْ عليه رواية البخاري ، وأوصاه بالدعاء ورفع الأكَفّ .

ثم إن هذا ليس فيه مُستمسَك لأهل التوسّل الممنوع [ التوسّل بالأموات ] !
كيف ؟
الجواب :

أولاً : أنه رؤيا منام ، ورؤيا المنام ليس فيها دليل ، ولا يُعوّل عليها ولا يَجوز العمل بمقتضاها ، وإلا لزِم منه تغيير الدِّين ، والاستدراك على شريعة خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم ، كما بيّنه أوضح بيان الإمام الشاطبي في كتابه " الاعتصام " .
ثم إن الرؤى يُستبشر بها ولا يُعوّل عليها ، لقوله عليه الصلاة والسلام : لـم يَبْقَ من النبوة إلا المبشِّرات . قالوا : وما المبشِّرات ؟ قال : الرؤيا الصالحة . رواه البخاري .
فهي مُبشرِّة بنصّ قوله صلى الله عليه وسلم ، أي أنه يُستبشر بها ، ولا يُعوّل عليها من ناحية العمل .

ثانياً : لو صحّ الاستدلال بها لم يكن فيها مُستمسَك ، لأن الرجل لم يَكتَفِ بإتيان قبره صلى الله عليه وسلم وسؤاله ، بل أُتِي الرّجل في المنام – أتاه آتٍ – فأرشده أن يأتي إلى عمر رضي الله عنه

ثالثاً : أصحاب هذا الْمَسْلَك والاستدلال يبترون النصوص لِيَتِمّ لهم ما أرادوا .
وإلا فلِم لم يُعرِّجوا على آخر القصة ، وأن الرجل قيل له في المنام : ائت عمر .
وأنه أتى إلى عمر رضي الله عنه ، وفَعَل عمر ما فَعَل ، وهو ما رواه البخاري عن أنس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قَحِطُوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب ، فقال : اللهم إنا كُنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بِعَمِّ نبينا فاسقنا . قال : فَيُسْقَون .
وهذا لا يُنكَر .
بل فيه دليل على من أجاز التوسّل بالأموات ، وفيه إسقاط لِشُبْهَتِه ، ودحض لِباطِله .
إذ لو كان من الْمُستَقِرّ عند الصحابة إتيان قبره صلى الله عليه وسلم والتوسّل به لما لجأ عمر رضي الله عنه ومن معه من الصحابة إلى العباس عمّ النبي صلى الله عليه وسلم .
ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الأنبياء ، وأفضل من عمّه بلا ريب ، فلو كان الصحابة رضي الله عنهم يَرون جواز التوسّل بالأموات لأتوا إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وسألوه السُّقيا والشفاء !
وهذا لم يَكن منهم رضي الله عنهم .
وتقديم عمر رضي الله عنه للعباس رضي الله عنه ليس من باب التوسّل بالأموات ، بل هو من باب طلب الدعاء من الحيّ الذي يُرجَى صلاحه ، وهذا لا خلاف فيه .
والعباس رضي الله عنه حيّ وهو رجل صالح بالإضافة إلى قُربه من النبي صلى الله عليه وسلم .
ولو كان يجوز التوسّل بالنبي صلى الله عليه وسلم لما تَرَكَ الصحابة رضي الله عنهم سؤاله صلى الله عليه وسلم وهم أقرب الناس إليه – في المدينة – وأحب الناس إليه ، وهو أحب الناس إليهم ، ولما قدّموا العباس رضي الله عنه يَدعو لهم .
ولم يكن التوسّل بشخص العباس فحسب بل بِصلاحه ودعائه ، فقد روى عبد الرزاق في المصنّف عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر استسقى بالمصلى ، فقال للعباس : قُم فاسْتَسْقِ ، فقام العباس فقال : اللهم إن عندك سحابا وإن عندك ماء ، فانشر السحاب ، ثم أنزل فيه الماء ، ثم انزله علينا ، فاشْدُد به الأصل ، وأطَلْ به الزرع ، وأدِرّ به الضرع ... الحديث .
وكان من دعاء العباس يومئذ : اللهم إنه لا ينزل بلاء إلا بذنب ، ولا يكشف إلا بتوبة ، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك ، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ، ونواصينا إليك بالتوبة ، فاسقنا الغيث .
فَدَلّ هذا على أن التوسّل إنما كان بِدعاء العباس رضي الله عنه ، ولو كان بشخص العباس فَحَسْب لاكتفى عمر رضي الله عنه بالدعاء بشخص العباس أو بمن هو أولى منه ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفرق بين طلب الدعاء من الحيّ ، وبين طلبه من الميّت .
فالأول مسموح ، والثاني ممنوع .

2 – الاستدلال بقوله تعالى : (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) ليس مَحلّ استدلال بجواز التوسّل أو الاستغاثة بالأموات ، بل فيه الاستغاثة بالحيّ القادر فيما يَقدر عليه .
وهذا محلّ اتّفاق .
ولو كانت الاستغاثة بِنوحٍ عليه الصلاة والسلام في زمان موسى عليه الصلاة والسلام لربما استدلّ به المخالِف !
ولو كان يجوز ذلك في شريعة من قبلنا لم يَكن ليُستَدلّ به في شريعتنا ، إلا أن تأتي شريعتنا بإقراره ، ولذلك لا يجوز الاستدلال بِفعل يوسف عليه الصلاة والسلام مع أبويه بجواز السجود لغير الله ، لأن شريعتنا جاءت بمنعه .

وهذا من الأدلة التي يضعونها في غير مواضعها ! فإن استغاثة الرّجل بموسى عليه الصلاة والسلام فيما كان موسى يقدر عليه في حال حياته عليه الصلاة والسلام .

3 – ومثل الاستدلال السابق ما يُستَدلّ به في الشفاعة يوم القيامة ، فقد جاء في السؤال قول صاحب الشُّبْهَة :
[ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بعض أحوال يوم القيامة : إن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد فيشفع ليقضى بين الخلق. رواه البخاري في كتاب الزكاة ]

وهذا ليس في حال الوفاة بل هو فيما يكون بعد البِعْث ، أي أن هذا يكون يوم القيامة ، والناس أحياء حياة لا موت بعدها .
فلا يستقيم الاستدلال بهذا الدليل ، لأننا نُثبت الشفاعة لنبينا صلى الله عليه وسلم ، وهي الشافعة العُظمى في الموقف العصيب ، وهذا يكون يوم القيامة .

والشفاعة أنواع ، وسبق ذِكرها هنا :
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?threadid=16044

وهل نحن نُنكِر الشفاعة حتى يُستَدلّ علينا بمثل هذا ؟!
هذا والذي قبله يُنكَر بهما على من يُنكِر ذلك .

4 – الاستدلال بحياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في قبورهم ، حيث يقول صاحب الشُّبْهَة :
[ روى الإمام مسلم في صحيحه كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى عليه السلام قال: حدثنا هدّابُ بنُ خالد وشيبانُ بنُ فَرّوخٍ قالا: حدّثنا حماد بنُ سَلَمةَ عن ثابتٍ البُناني وسُليمان التميمي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتيتُ (وفي رواية هدّابٍ: مررتُ) على موسى ليلةَ أُسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يُصلي في قبره" ]
أقول :
وأصْرح منه قوله صلى الله عليه وسلم : الأنبياء أحياء في قبورهم يُصَلّون .
قال الهيثمي : رواه أبو يعلى والبزار ، ورجال أبي يعلى ثقات . اهـ .
وقال الألباني : صحيح .
وقال الشيخ رحمه الله مُعلِّقا على هذا الحديث : اعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما هي حياة برزخية ، ليست من حياة الدنيا في شيء ، ولذلك وجب الإيمان بها دون ضرب الأمثال لها ؛ ومحاولة تكيفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا . هذا هو الموقف الذي يجب أن يَتّخذه المؤمن في هذا الصَّدَد : الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيِسَة والآراء ، كما يَفعل أهل البِدع الذين وصَل الأمر ببعضهم إلى ادِّعاء أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره حياة حقيقية ! قال : يأكل ويشرب ويجامع نساءه ! ، وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى . ويشهد للحديث رؤيته صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء لموسى قائما في قبره يُصلي . اهـ .

فإذا أثبتنا حياة الأنبياء في قبورهم ، وأنها ليست من جنس حياة الأحياء في هذه الدنيا ، فليس لأحد أن يتوسّل بهم ، ولا أن يَدعوهم .
لأن إخباره صلى الله عليه وسلم عن حياته في قبره أو عن حياة الأنبياء ليس فيه إذن ولا أمر بالتوسّل به صلى الله عليه وسلم ولا بِغيره من الأنبياء .

5 – الاستدلال بأن صلاة من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم معروضة عليه .
حيث جاء في الشُّبْهَة : [قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى علي من بعيد أُعلمته". قال الحافظ في الفتح وسنده جيد .اهـ ]
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عن حياة الأنبياء :
وإذا ثبت أنهم أحياء من حيث النّقل فإنه يقويه من حيث النظر كون الشهداء أحياء بنص القرآن والأنبياء أفضل من الشهداء ، ومِن شواهد الحديث ما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة رفعه ، وقال فيه : وصَلُّوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم . سنده صحيح ، وأخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب بسند جيد بلفظ : من صلى على عند قبري سمعته ، ومن صلى عليّ نائيا بُلِّغته . وعند أبي داود والنسائي وصححه بن خزيمة وغيره عن أوس بن أوس رفعه في فضل يوم الجمعة : فأكْثِرُوا عليّ من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة عليّ . قالوا : يا رسول الله وكيف تُعْرَض صلاتنا عليك وقد أَرِمْت ؟ قال : إن الله حَرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء . اهـ
فصلاة من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم تَبْلُغه وإن كان بعيدا فإن صلاته تُعرَض على النبي صلى الله عليه وسلم .
ولا إشكال في ذلك ، وكيفية ذلك لا تُعلَم ، لأن هذا من ألأمور الغيبية التي لا عَهْد للإنسان بها ، ولا بِكيفيتها .
وإثبات حياة النبي صلى الله عليه وسلم في قبره لا يُسوِّغ دعاءه ، ولا يُجيز التوسّل به صلى الله عليه وسلم ، إذ لو كان ذلك جائزاً لَدَلّ أمته عليه .
فإن كان دَلّ أمته عليه ، فأين هو الدليل ؟!
وإن لم يكن فهو من قبيل الممنوع ، إلا حَسب زعم الصوفية أن الأولياء فوق درجة الأنبياء ! فيجوز حينئذ عندهم أن يفعل الوليّ ما لم يأذن به النبي ! وهذا هو الكفر بِعينه !
وهذا لَعمر الحقّ هو التنقّص للنبي صلى الله عليه وسلم من أقوام زعموا محبته ! والإزراء به عليه الصلاة والسلام .
يقول قائل الصوفية :
مقام النبوة في برزخ *** فُويق الرسول ودون الولي !

وأمرٌ آخر أشار إليه الحافظ ابن حجر ، وهو أن الله أثبَت حياة الشهداء ، فمن ذلك قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) .
وممن قُتِل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حمزة رضي الله عنه ، وهو عمّ النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أسد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك لا يَسُوغ أن يُدعى ، ولا أن يُتبرّك به ، وإن كان حيًّـا حياة برزخية .
ولو جاز أن يُتبرّك به ، أو يُدْعَى أو يُستشفَع به لَدَلّ النبي صلى الله عليه وسلم أمّته عليه ، فلما لم يَدُلّ أمته عليه عُلِم أنه غير مشروع .
ومن قال بجواز التوسّل بالأموات ، أو التبرّك بهم ، فإنه يستدرك على النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ويتّهمه بالتقصير في البلاغ .

6 – الاستدلال بمشروعية زيارة القبور على شدّ الرِّحال ، والاستدلال بآية النساء :
حيث جاء في السؤال قول صاحب الشُّبْهَة :
[وقال الإمام أحمد بن زيني دحلان في كتابه الدرر السُّنية في الرد على الوهابية : اعلم رحمك الله أن زيارة قبر نبينا صلى الله عليه وسلم مشروعة مطلوبة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة أما الكتاب فقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً}
دلت الآية على حث الأمة على المجيء إليه صلى الله عليه وسلم والاستغفار عنده واستغفاره لهم وهذا لا ينقطع بموته.اهـ]

أولاً : أحمد دحلان هذا لا يَرقى لمراتب العلماء فضلا عن أن يُوصَف بالإمامة !
ثانياً : زيارة القبور لا يُجادَل فيها ولا يُمارَى ، وهي مشروعة ، وليس المقصود منها التبرّك بالأموات ، ولا التوسّلأ بهم ، بل مقصودها الأعظم نَفْع الزائر نفسه ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام : نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإن في زيارتها تَذْكِرة . رواه أبو داود وغيره ، وأصله في صحيح مسلم .

ثالثاً : ما يتعلّق بِشَدّ الرِّحال إنما يكون لِمسجده صلى الله عليه وسلم ابتداء ثم يُزار قبره ، امتثالاً لأمره صلى الله عليه وسلم حيث قال : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومسجد الأقصى . رواه البخاري ومسلم .
رابعاً : الاستدلال بالآية لا يُسلَّم ، وذلك من خمسة أوجه ، سبق بسطها وبيانها هنا :
مسألة في قوله تعالى(وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ)
ولم يثبت أن أحداً من أهل العلم استدلّ بها على ما زعمه "دحلان " ، ولا فَعَله أحد من الصحابة رضي الله عنهم .

وأما حديث : " حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه ، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم " . فهو حديث ضعيف لا تقوم به حجّة ، كما بينه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة .
وقد ورد مختصرا بلفظ : تُعْرَض عليّ أعمالكم كل خميس . وهو حديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما قول [رواه البزار ورجاله رجال الصحيح كما قال الحافظ الهيثمي في مجمعه]
فهذا تدليس على القرّاء ! وإيهام تصحيح الحديث !
وقول الحافظ الهيثمي لا يُعتبر تصحيحاً للحديث ، فإن قوله : رجاله رجال الصحيح . لا يقتضي صِحّة إسناد الحديث ، بل ولا يقتضى اتِّصال إسناده ، بل الوصف لِرجال الإسناد دون الإسناد نفسه ، وهذا يَعلمه من له أدنى معرفة بمصطلح الحديث وطُرُق الأئمة في كُتبهم .
فقول الحافظ الهيثمي مثلا : رجاله ثقات ، أو رجاله رجال الصحيح ، ونحوها ، لا يُقتضي صِحّة الحديث ، بل الوصف مُتعلّق بِرجال الإسناد ، دون تصحيح الإسناد ، ودون تصحيح مَتْن الحديث .
والحدث ضعيف كما علمت .

فانظر إلى فِقه القوم ودعاوى المحبة ، حيث يستدلّون بالضعيف والموضوع المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! زعما منهم أنهم ينصرون سُنّته ، وأنهم يُحبّونه .
وهذا مثل استدلال من يستدلّ بحديث : إذا سألتم الله فاسألوه بِجاهِي ، فإن جاهي عند الله عريض . وهو حديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا تجوز روايته ، ولا يَحِلّ تناقله إلا على سبيل التحذير منه .
وسبق بيان ذلك هنا :

ما صحة حديث : أن آدم عليه السلام قد توسل برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
http://www.almeshkat.net/index.php?pg=fatawa&ref=832

ما حُكم التوسّل بِجاه النبي صلى الله عليه وسلّم ، أو بِحَـقِّه ؟
http://www.almeshkat.net/index.php?pg=fatawa&ref=833

7 – الاستدلال بالحديث الضعيف مرة أخرى ، في التوسّل والسؤال بِحق السائلين ! حيث جاء في الشُّبْهَة :
[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قال إذا خرج إلى المسجد: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا ، فاني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة ، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك ، فأسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك . رواه ابن ماجة وأحمد والطبراني والبيهقي]
فهذا ليس فيه مُا يَتمسّك به دُعاة دُعاء الأموات ! من وجهين :
الأول : ضَعف الحديث ، كما بيّنه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة .
الثاني : أن هذا الحديث لو صحّ لم يَجُز أن يُتعدّى إلى كل توسّل ممنوع ، بل يُقتصر على ما وَرَدَ فيه ، هذا مِن جِهة ، ومن جهة أخرى فإن الداعي يدعو ربه ، وبما أوجَب رب العزّة على نفسه ، لا يَدعو الأموات من دون الله ، فتأمّل !
فإن الداعي يقول : " أسألك بِحقّ السائلين عليك " فلو صحّ الحديث لم يَكن فيه دعاء أموات ، بل فيه دعاء الله بما أوجَب على نفسه .
هذا لو صحّ ، كيف والحديث ضعيف ؟!

8 – قول القائل :
[ألف علماء الإسلام الكتب في الاستشفاع والتوسل نذكر منها:
1 - كتاب الوفاء في فضائل المصطفى لابن الجوزي ، أفرد بابا حول التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وبابا للإستشفاء بقبره الشريف.
2 - شفاء السقام لتقي الدين السبكي حيث تعرض لمسألة التوسل بشكل تحليلي معتبر.
3 - مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام لمحمد بن نعمان المالكي وغيرهم كثير]

وهذا مردود من وجوه :
الأول : أن كلام العالم يُستدَلّ له ، ولا يُستَدلّ به ، فليست العصمة لأحد بعد الأنبياء ، وكلّ يُؤخَذ من قوله ويُترَك إلا محمد صلى الله عليه وسلم .
ثانياً : أن ابن الجوزي رحمه الله ليس ممن تُؤخَذ عنه العقيدة ، فقد وقع في التأويل المذموم ، ويُقال مثله عن السُّبْكي .
وقديما قيل : اعرف الحقّ تَعرِف أهله .
وهؤلاء يُريدون قلب القاعدة !
فهم لا يَعرفون الحقّ إلا إذا جاء عن فلان أو فلان !
ثالثاً : أن كتاب " مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام " مما تستدلّ به الرافضة والصوفية ! وقد رأيت بعض مواقع الرافضة تُشيد بهذا الكتاب !
وحسبك أن الكتاب خَدَم أعداء الإسلام ، ولم يَخدم أهل الإسلام !

وليست العبرة بالتأليف بِقدر ما تكون العِبرة بمحتوى الكتاب ومضمونه ، فإن قُطْب الصوفية ! ابن عربي ألّف كتابا في الشِّرْك والْكُفْر ! وقد قال عنه الإمام الذهبي : ومن أردأ تواليفه كتاب (الفصوص) فإن كان لا كـُـفْــر فيه فما في الدنيا كفــر!!! نسأل الله العفو والنجاة . فواغوثاه بالله ، وقد عَظَّمَه جماعة وتكلّفوا لما صَدَرَ منه ببعيد الاحتمالات . اهـ .

9 – الاستدلال مرة ثالثة بالحديث الضعيف ! وفي غير ما دلّ عليه ! يقول صاحب الشُّبْهَة :
[أخرج البزار من حديث عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لله ملائكة سياحين في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد أعينوا عباد الله]
فالحديث أولاً ضعيف ، لا تقوم به حُجّة ، ولا يُعوّل عليه ، كما بيّنه الشيخ الألباني في تخريج " الكلِم الطيب " وفي " السلسلة الضعيفة " .
وقول الحافظ الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله ثقات . لا يُعتَبر تصحيحاً له . فتوثيق الرِّجال لا يَلزم منه صِحّة الإسناد ، وصِحّة الإسناد لا يَلزم منها صِحّة الحديث . وهذا مبني على قواعد وأصول بيّنها العلماء في مصطلح الحديث .
ومثله حديث : إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة ، فليناد : يا عباد الله احبِسُوا عليّ ، يا عباد الله احبِسُوا عليّ ، فإن لله عز وجل في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم . فهو ضعيف أيضا .
ومثله أيضا حديث : " إذا أضلّ أحدكم شيئًا أو أراد عونًا وهو بأرضٍ ليس فيها أنيس فليقل يا عباد الله أعينوني" وفي رواية " أغيثوني " ، " فإن لله عبادًا لا ترونهم " . فهو ضعيف أيضا .

ولو صحّ الحديث فليس فيه مُسْتَمسَك لمن يستدلّ به على التوسّل بالأموات ، فإن الاستغاثة بالحي فيما يَقدِر عليه لا تُنكَر ، وقد مضى هذا في آية القصص (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) .
فالشخص يُنادي حيًّـا قادراً ، ولا يُنادي ميّتا . فغاية ما في هذا الحديث – لو صَحّ – أن يكون الإنسان يستعين بِـ " حَيّ قادر " على أمر يستطيعه .
وهذا كأن ترى إنسان قادم من بعيد وأنت تريد ردّ الدابة فتُنادِيه وتصيح به : رُدّ الدابة .

10 – تحريف الكلم عن مواضِعه ! والزيادة في النصوص لتخدم أهواءهم ! يقول صاحب الشُّبْهَة:
[روى البخاري في الأدب المفرد ما نصه : حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن أبي اسحق عن عبد الرحمن بن سعد قال : " خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك فقال : يا محمد "ا.هـ . وقد ذكر البخاري هذا الحديث تحت عنوان: "باب ما يقول الرجل إذا خدرت رجله]
أولاً : الحديث ضعيف ، ففي إسناده أبو إسحاق السبيعي ، وهو قد اختلط وتغيّر بأخرة ، وهو مُدلّس أيضا . فالحديث ضعيف كما بيّنه الشيخ الألباني في تخريج " الكلِم الطيب " وفي "ضعيف الأدب المفرَد " .
ثانياً : ليس في الحديث عند البخاري في الأدب المفرد حرف النداء ( يا ) بل ( محمد ) بدون يا النداء .
ثالثاً : لو صحّ الأثر ليس فيه مُستمسك على الاستغاثة بالأموات ولا بالتوسّل بهم ، بل غاية ما فيه ذِكْر اسم من تُحبّ .
ولم يَقُل ابن عمر – ولا غيره من الصحابة – بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد أغثني ، ولا يا محمد اشفِ مريضي ، أو اقضِ حاجاتي ، ولا حتى في هذا الحديث لم يَقُل : يا محمد أزِل الْخَدَر عن رِجْلِي !
فابن عمر رضي الله عنهما لم يَدعُ النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يسأله الشفاء ، كما يفعله بعض الجهال .
ووَرَد هذا الأثر عن ابن عباس ، وذَكَره شيخ الإسلام ابن تيمية في " الْكَلِم الطيب " وحَكم عليه الألباني بالضعف الشديد .

11 – الاستدلال بما في كُتب التواريخ دون النظر إلى مناهج مؤلِّفيها ، ودون النظر في أسانيدها
حيث جاء في السؤال :
[في كتاب البداية والنهاية لابن كثير الذي تحبه الوهابية في المجلد الذي فيه الجزء السابع والثامن ص 104-105 يذكر فيه عن بلال ابن الحارث المزني الصحابي الذي قصد قبر النبي وطلب منه ما لم تجري به العادة وتوسل به، وفيه يقول: "إن أهله طلبوا منه أن يذبح لهم شاة فقال ليس فيهِنَّ شيء فألحوا عليه فذبح الشاة فإذا عظمها حُمُرٌ فقال: "يا محمداه"]

أولاً : من يُسمّيه الكاتب ( الوهابية ) هم أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، وهم يُحبّون كُتُب السلف ، بل وكُتُب الْخَلَف ، ويأخذون منها ما هو نافع ، وما وافَق الحق أخذوا به

ثانياً : قال ابن كثير في البداية والنهاية :
ثم روى سيف عن مبشر بن الفضيل عن جبير بن صخر عن عاصم بن عمر بن الخطاب أن رجلا من مزينة عام الرمادة سأله أهله أن يذبح لهم شاة فقال : ليس فيهن شيء ، فألَحُّوا عليه فذبح شاة فإذا عظامها حمر فقال يا محمداه ... . اهـ .
وهذا أولاً سياق تاريخي ، وكُتُب التواريخ يَتسمّح فيها العلماء ما لا يتسمّحون في غيرها .
هذا من جهة
ومن جهة ثانية أن العلماء كانوا يَرون إبراز وإظهار الإسناد إبراء للعُهدة ، فابن كثير أحال في هذه القصة على رواية راوٍ أخباري ضعيف ، وهو سيف بن عمر . فأقواله غير معتبرة في الحديث فضلا عن أن تكون مُعتبرة في العقائد !
قال عنه الإمام الذهبي : ضَعَّفَه ابن معين وغيره .
وقال عنه ابن حجر في التقريب : سيف بن عمر التميمي ، صاحب كتاب الرِّدّة ، ويُقال : الضبي ، ويُقال غير ذلك ، الكوفي ، ضعيف الحديث ، عمدة في التاريخ ، أفحش ابن حبان القول فيه . اهـ .
فهو في الحديث ضعيف ، فلا يُستدَلّ بما رواه في الأحاديث فضلا عن أن يُستَدَلّ بما رواه في العقائد .
أما في التاريخ فأمرها يسير ، إذ لا يُبنى عليها أحكام ، ولا يُعوّل على ما في كُتُب التواريخ والسِّيَر غالباً ، ولذا قال الإمام أحمد : ثلاثة كتب ليس لها أصل : المغازي والملاحم والتفاسير .
قال الخطيب في جامِعِه : وهذا محمول على كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة غير معتمد عليها لعدم عدالة ناقليها وزيادات القصاص فيها ، فأما كتب الملاحم فجميعها بهذه الصفة ، وليس يصح في ذِكر الملاحم المرتقبة والفتن المنتظرة غير أحاديث يسيرة ، وأما كتب التفاسير فمن أشهرها كتابا الكلبي ومقاتل بن سليمان ، وقد قال الإمام أحمد في تفسير الكلبي : من أوله إلى آخره كذب . قيل له : فَيَحِلّ النظر فيه ؟ قال : لا . وقال أيضا : كتاب مُقَاتِل قريب منه . انتهى ... وأما المغازي فمن أشهرها كتب محمد بن إسحاق ، وكان يأخذ عن أهل الكتاب .
وقال الشافعي : كُتُب الواقدي كذب ، وليس في المغازي أصحّ من مغازي موسى بن عقبة . انتهى .
وكذا ما يُذْكَر من القبور بجبل لبنان في البقاع أنه قبر نوح عليه الصلاة والسلام لا أصل له ، وإنما حدث في أثناء المائة السابعة ! وكذلك القبر المشهور الذي يُنْسَب لأُبَيّ بن كعب رضي الله عنه بالجانب الشرقي من دمشق ، مع اتّفاق العلماء على أنه لم يَدخلها ، فضلا عن دفنه فيها ! وإنما مات في المدينة . وكذلك المشهد المنسوب لعبد الله بن سلام رضي الله عنه في قرية " سقبا " من الغوطة لا أصل له هنا ، وإنما مَدْفَنه بالمدينة كما ذكره العلماء المعتبرون ، منهم النووي . وكذلك المكان المنسوب لابن عمر من الجبل الذي بالمعلاة مقبرة مكة لا يصح أصلا ، وإن اتّفَقُوا على أنه تُوفّي بمكة . والمكان المنسوب لعقبة بن عامر رضي الله عنه من قرافة مصر ، بل منام رآه بعضهم بعد أزمنة متطاولة ! والمكان المنسوب لأبي هريرة رضي الله عنه بعسقلان ، إنما هو قبر حيدرة بن خيشنة على ما جَزَم به بعض الحفاظ الشاميين ، ولكن جزم ابن حبان وتبعه الحافظ ابن حجر بالأول . وكذلك المكان المشهور بالمشهد الحسيني من القاهرة فليس الحسين مَدفوناً فيه بالاتفاق ، وإنما فيه رأسه كما ذكر بعض المصريين . قال الحافظ ابن حجر : ونفاه بعضهم ، ومنهم ابن تيمية فإنه بالغ في إنكار ذلك وأطال ، كما نقله عنه السخاوي .
وقال الإمام محمد بن الجزري : لا يصح تعيين قبر نبي غير نبينا عليه الصلاة والسلام ، نعم قبر إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام في تلك القرية لا بخصوص تلك البقعة . انتهى . اهـ . نَقَله العجلوني في كشف الخفاء .

فالعقائد بل والأحكام لا تُؤخَذ من كُتُب التواريخ ابتداءً ، وإنما يُستأنس بما فيها .
وأصحاب تلك الْكُتُب لهم مناهِج وطُرُق في الرواية ، فيَروون في تلك الكُتُب ما لا يَروونه في كُتبهم الأخرى .
فابن جرير الطبري – مثلاً – لم يُعوّل على رواية " أبي مِخنف " في التفسير ، بل ولم يَلتفت إليها في كُتُبه في العقيدة ، ككتاب " صَرِيح السُّنة " .
ولكنه روى عنه في التاريخ ، في كتاب " تاريخ الأمم والملوك " ، لأن له مَنْهَجاً في التفسير وفي العقيدة غير منهجه في التاريخ .
فمن أراد الاستدلال من كُتُب أهل العلم فلا بُدّ أن يكون عالما بمناهج أهل العلم ، وإلا زَلّ فَضَلّ وأضَلّ ، وربما نَسَب إلى العالِم ما لم يَقُلْه ، وما لم يَقُل بِه .

ثم لو صَحّتْ نِسبة ذلك القول إلى الصحابي ، فليس فيه ما يُستَنَد إليه !
فقول : " يا محمداه " ليس فيه نداء استغاثة ، ولا توسّل به صلى الله عليه وسلم ، بل غاية ما فيه أن يكون كما في التشهّد " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " ، فهو من باب استحضار الْمُخَاطَب ، لا من باب دعائه .
ويَدلّ على هذا قوله عليه الصلاة والسلام لأصحابه : إن الله هو السلام ، فإذا صلى أحدكم فلْيَقُل : التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ؛ فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض . رواه البخاري ومسلم .
أي أصابه ذلك السلام ، ولم يَقُل : إنكم تَدعون كل عبد صالح ، ولا أنه يسمعكم كل عبد صالح
وهذا كما يُسلّم على الأحياء يُسلّم على الأموات .
ولا يُنكَر أن يأتي آتٍ ويُسلِّم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه ، بل على عامة أموات المسلمين ، فالسلام مشروع من الأحياء للأحياء ، ومن الأحياء للأموات ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : لا تَقُل عليك السلام ، فإن عليك السلام تحية الموتى . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
فقول : " يا محمداه " من باب استحضار الْمُخاطَب ، وليس من باب الدعاء في شيء ، كما يقول القائل : وا مُعتَصِماه ، وهو لا يَدعو " المعتَصِم " ولا يُريد منه نُصرَة ! وكما يقول القائل : أين أنت يا صلاح الدّين ؟ فهو لا يَدعو " صلاح الدّين " ويَعلم عِلم يَقين أن صلاح الدين لا يَرجِع إلى الدنيا ، ولا يَملك لِنفسه ولا لغيره ضَرًّا ولا نفعاً ولا موتا ولا حياة ولا نشوراً .
وإنما هو يستحضر شَخص ذلك الْمُخاطَب ، وهذا أسلوب معروف عند أهل العربية .

12 – الاستدلال بحديث ربيعة بن كعب رضي الله عنه ، حيث قال :
[روى مسلم في صحيحه أن ربيعة بن كعب الأسلمي الذي خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله من باب حُبّ المكافأة:"سلني"، فطلب من رسول الله أن يكون رفيقه في الجنة، فقال له: أسألك مرافقتك في الجنة، فلم يُنكر عليه رسول الله بل قال له من باب التواضع:" أو غير ذلك" ، فقال الصحابي : هو ذاك ، فقال له : " فأعني على نفسك بكثرة السجود " ]

وهذا حق ّلا مِرية فيه ، ولكن لا بُد لكل استدلال من أمرين :
الأول : صِحّة الدليل .
والثاني : صِحّة الاستدلال .

فالدليل صحيح لا إشكال فيه ، ولا غُبار عليه ، وإنما الاستدلال هنا لا يُسلّم لِمن استَدَلّ به .
فسؤال النبي صلى الله عليه وسلم في حياته أمراً مُمكِناً لا يُنكَر ، فهل أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ضَمَانة إلى الجنة ؟
وهل قال له النبي صلى الله عليه وسلم : أدْخَلْتُك الجنة ؟
الجواب : لا ، فلا صُكوك غفران في الإسلام ، وإنما هذا في النصرانية وفي دِين الرافضة !
وإنما أحَالَه عليه الصلاة والسلام على عَمَلٍ يُدخِله الجنة ، وهو " كثرة السجود " .
ولذلك بوّب عليه الإمام النووي في شرح مسلم بـ " باب فضل السجود والحث عليه " .
ومع ذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم مُؤيّد بالوحي ، فإذا أخبر أن شخصا بِعينه في الجنة ، فإنما يكون ذلك بما أوحاه الله إليه .
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال لأقرب الناس إليه : يا أم الزبير بن العوام عمة رسول الله ، يا فاطمة بنت محمد اشتريا أنفسكما من الله لا أملك لكما من الله شيئا ، سَلاني من مالي ما شئتما . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم : لما أنزلت هذه الآية : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا ، فاجْتَمَعُوا ، فَعَمّ وخَصّ ، فقال : يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار ، فإني لا أملك لكم من الله شيئا ، غير أن لكم رَحِمًا سَأبُلّها ببلالها .
قال الإمام النووي : ومعنى الحديث سَأصِلُها ، شُبِّهَتْ قطيعة الرحم بالحرارة ووصلها بإطفاء الحرارة ببرودة ، ومِنه : " بُلّوا أرحامكم " أي صِلُوها . اهـ .
وفي حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم : ولكن لهم رَحِم أبُلّها ببلالها . يعني أصِلُها بِصِلَتِها . رواه البخاري .
فهذا إعلان منه صلى الله عليه وسلم لأقرب الناس إليه - فضلا عن غيرهم - أنه لا يَملِك لهم شيئاً ، إلا ما يكون من صِلَة الرّحِم ، وما كان يستطيع أن يُعطيهم من مالِه ، فقال لعمّته وابنتِه : " سَلاني من مالي ما شئتما " رواه البخاري ومسلم .
وقال لِقَرَابته : " فإني لا أملك لكم من الله شيئا ، غير أن لكم رَحِمًا سَأبُلّها ببلالها " .

13 – الاستدلال بما جاء عن موسى عليه الصلاة والسلام ، حيث قال :
[وكذلك سيدنا موسى عليه السلام سألته عجوز من بني إسرائيل أن تكون معه في الجنة ، ولم يُنكر عليها ذلك ، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها أي طلبها.. رواه ابن حبان والحاكم والهيثمي وصححوه .. ولفظ الحديث أنه قال: "دلوني على قبر يوسف ، قالت : حتى تعطيني حكمي ، قال: ما حكمك ؟، قالت : أن أكون معك في الجنة ، فَكَرِه أن يعطيها ذلك ، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها ". فماذا يقولون بعد هذا ؟؟]

أولاً : قال ابن كثير عن هذا الحديث : وهذا حديث غريب جدا ، والأقرب أنه موقوف . اهـ .

ثانياً : لم يُصحِّحه الإمام الهيثمي ، كما يُوهِمه قوله أعلاه ، بالإضافة إلى خطأ منهجي يَدلّ على ضعف علم من استدلّ به ! وهو قوله : " رواه ابن حبان والحاكم والهيثمي " فالهيثمي لا يُقال في حقِّه : رواه الهيثمي ؛ لأنه لا يَروي الحديث بإسناده ، بل يُورِده مُختَصَراً .
ومع ذلك فلم يُصحِّح الهيثمي الحديث ، بل قال فيه : ورجال أبي يعلى رجال الصحيح . اهـ .
وهذا لا يُعتَبَر تصحيحاً عند الْمُحدِّثِين ، فالْحُكم على الرِّجال ليس حُكما على الإسناد ، والْحُكم على الإسناد لا يَعني تصحيح الحديث ، فقد يكون متن الحديث مُنْكَراً ، وقد يكون مُعللاً ، وقد يكون شاذًّ ، كما هو معلوم عند أهل هذا الفنّ .
ومع ذلك فالهيثمي مُتَعّقّب في كثير من أحكامه ، ومنها هذا ، فهذا الحديث على شرط مسلم وحده ، فإن " يونس " لم يُخرِّج له البخاري في صحيحه . كما بيّنه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " .

ثالثاً : إحقاقاً للحقّ – وحتى لا يُقال تغافل عمّن صحّح الحديث - فالحديث صحّحه الشيخ الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " .

رابعاً : فِقه الحديث :
1 - ليس فيه ما يَدلّ على دعاء الأموات ، فإن تلك المرأة سألت موسى عليه الصلاة والسلام أن تكون معه في الجنة ، فأمره الله أن يُعطيها سؤلها ، وهو أن تكون معه في الجنة ، وموسى عليه الصلاة والسلام مُؤيّد بالوحي ، فلا يُقاس غير الأنبياء على الأنبياء ، وهي لم تَطلب ذلك من يوسف عليه الصلاة والسلام وهو في قَبره مع معرفتها بِقَبْرِه ، بل طلبت ذلك من نبيّ حيّ يُوحى إليه ، وقد أوحى الله إليه أن يُعطي تلك المرأة ما سألتْ .
هذا من ناحية .
2 - ومن ناحية أخرى فإن النبي صلى الله عليه وسلم ساق تلك القصة شحذاً للهِمم ، ويُؤيِّد هذا ما جاء في أول الحديث .
قال أبي موسى رضي الله عنه : أتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أعرابياً فأكرمه ، فقال له : ائتنا . فأتاه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : سَلْ حاجتك . قال : ناقة نركبها ، وأعْنُز يحلبها أهلي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل ؟ قالوا : يا رسول الله ، وما عجوز بني إسرائيل ؟ قال : إن موسى عليه السلام لما سار ببني إسرائيل من مصر ضَلُّوا الطريق ، فقال : ما هذا ؟ فقال علماؤهم : إن يوسف عليه السلام لما حضره الموت أخذ علينا مَوثِقاً من الله أن لا نَخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا . قال : فمن يعلم موضع قبره ؟ قال : عجوز من بني إسرائيل ، فَبَعَثَ إليها ، فأتته ، فقال : دُليني على قبر يوسف . قالت : حتى تعطيني حُكمي . قال : وما حكمك ؟ قالت : أكون معك في الجنة . فَكَرِه أن يُعْطِيها ذلك ، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها ، فانطلقت بهم إلى بحيرة موضع مستنقع ماء ، فقالت : أنضبوا هذا الماء فأنْضَبوه ، فقالت : احتفروا ، فاحتفروا ، فاسْتَخْرَجُوا عظام يوسف ، فلما أقَلّوها إلى الأرض وإذا الطريق مثل ضوء النهار .
فكأن النبي صلى الله عليه وسلم كَرِه سؤال الأعرابي واقتصاره على متاع دنيوي زائل ، فأراد تعليق هِمم الناس بالنعيم المقيم ، فَضَرَب مثالا بتلك العجوز التي لم تسأل موسى عليه الصلاة والسلام شيئا من متاع الدنيا ، وإنما سألته أن تَكون معه في الجنة .
3 - ثم إن في هذه القصة ما يَرُدّ على من يَدعو الأموات ، أو يتوسّل بالأنبياء ، فإن تلك العجوز ، بل بني إسرائيل لم يتوسّلوا بنبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام ، ولا تبرّكوا به ، ولا ذُكِر أن تلك العجوز كانت تأتي مكانه – وهي تَعْلَمه – لتسأل حوائجها !
فَدَلّ هذا على منع التوسّل بالأموات ، ولو كان ذلك جائزاً لكان موسى عليه الصلاة والسلام قد دَلّ الناس عليه ، خاصة مع كثرة أنبياء بني إسرائيل ، وإخراجهم لِجَدَث يوسف عليه الصلاة والسلام .

14 – الاستدلال بِفعل عائشة في وضع قطعة من قميصه عليه الصلاة والسلام معها في قبرها ، حيث قال حيث قال صاحب الشُّبْهَة : [روى الإمام مرتضى الزبيدي في شرح الاحياء ( 10/ 333 ) عن الشعبي قال حضرت عائشة رضي الله عنها فقالت : إني قد أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثا ولا أدري ما حالي عنده فلا تدفنوني معه ، فاني أكره أن أجاور رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أدري ما حالي عنده ثم دعت بخرقة من قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ضعوا هذه على صدري وادفنوها معي لعلي أنجو بها من عذاب القبر]

ولا يُنكَر التبرّك به عليه الصلاة والسلام في حياته ، والتبرّك بآثاره بعد وفاته ، وهذا ثابت عن غير واحد من الصحابة .
أما في حال حياته صلى الله عليه وسلم فالأحاديث والآثار الواردة في ذلك كثيرة جداً ، منها التبرّك بِشَعْرِه صلى الله عليه وسلم وآثاره ، من فَضْلَة وضوء ، ومِن فَضْلَة سؤر ، ومن تبرّك بريقه صلى الله عليه وسلم في تحنيك المواليد ، إلى غير ذلك ، مما هو معلوم مُتّفق عليه بين الجميع
وأما تبرّك الصحابة بآثاره بعد موته صلى الله عليه وسلم ، أو طَلَب البركة في آثاره صلى الله عليه وسلم لتكون مع أحدهم في قبره ، فكثير أيضا ، ومن ذلك :
ما رواه البخاري من حديث سهل بن سعد قال : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بِبُرْدَة ، فقالت : يا رسول الله أكسوك هذه ، فأَخَذَها النبي صلى الله عليه وسلم مُحْتاجًا إليها فلبسها ، فرآها عليه رجل من الصحابة ، فقال : يا رسول الله ما أحسن هذه فاكْسُنِيها ، فقال : نعم ، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم لامَـهُ أصحابه ، قالوا : ما أحسنت حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذها مُحتاجًا إليها ثم سألته إياها ، وقد عَرَفْتَ أنه لا يُسْأل شيئا فيمنعه ، فقال : رَجَوتُ بَركَتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم لَعَلِّي أُكَفَّن فيها .

وروى البخاري من طريق ثمامة عن أنس أن أم سليم كانت تبسط للنبي صلى الله عليه وسلم نِطْعًا فيقيل عندها على ذلك النطع . قال : فإذا نام النبي صلى الله عليه وسلم أخَذَتْ مِن عَرَقِه وشَعْرِه فجمعته في قارورة ، ثم جمعته في سُكّ . قال : فلما حضر أنس بن مالك الوفاة أوصى إليّ أن يُجِعَل في حَنوطه من ذلك السُّك . قال : فَجُعِل في حَنوطه . ورواه مسلم مُختَصراً .

قال ابن حجر في فتح الباري : قوله : " أخَذَتْ مِن عَرَقِه وشَعْرِه فجعلته في قارورة " في رواية مسلم : " في قوارير " ولم يَذكر الشعر ، وفي ذكر الشعر غرابة في هذه القصة ، وقد حمله بعضهم على ما ينتثر من شَعْرِه عند التَّرَجّل ، ثم رأيت في رواية محمد بن سعد ما يزيل اللبس ، فإنه أخرج بسند صحيح عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حَلَق شَعْرَه بِمِنى أخذ أبو طلحة شعره فأتى به أم سليم ، فجعلته في سُكّها . قالت أم سليم : وكان يجيء فَيَقِيل عندي على نَطع ، فَجَعَلْتُ أسْلُت العرق .. الحديث . فيُسْتَفاد من هذه الرواية أنها لما أخذت العرق وقت قيلولته أضافته إلى الشعر الذي عندها ، لا أنها أخذت من شَعْرِه لما نام . ويستفاد منها أيضا أن القصة المذكورة كانت بعد حجة الوداع ، لأنه صلى الله عليه وسلم إنما حَلَق رأسه بِمِنى فيها . اهـ .

هذا على سبيل المثال لا الْحَصْر ، والآثار كثيرة في الباب .
ولا يُمكن التبرّك بما يُنسَب إليه صلى الله عليه وسلم من أثر من شَعر أو غيره في زماننا هذا ، لِعدَم اليقين بأن هذه من شَعره ، أو تلك من ثوبه وقميصِه صلى الله عليه وسلم .
ولأن من وجد شيئا من آثاره عليه الصلاة والسلام لا يُؤثِر بها غيرَه ، ولذا قال ابن عباس رضي الله عنهما للنبي صلى الله عليه وسلم : ما كنت لأوثِر بنصيبي منك أحداً يا رسول الله . رواه البخاري ومسلم .
هذا من جهة .
ومِن جِهة أخرى من يستطيع أن يَجزم في الأزمنة المتأخِّرة أن ما وُجِد ونُسِب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه من آثاره عليه الصلاة والسلام فِعلاً ؟
ونُدرة آثاره عليه الصلاة والسلام كانت في القرون الفاضلة ، ويَدلّ عليه ما رواه البخاري عن ابن سيرين قال : قلت لَعَبِيدة : عندنا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أصبناه من قِبَلِ أنس ، أو مِن قِبَلِ أهل أنس . فقال : لأن تكون عندي شَعْرَة منه أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها .
وهذا في زمن التابعين ، وهم أقرب الناس إلى الصحابة .

وفي زمان الخليفة المهدي جاءه رجل وفي يده نعل ملفوف في منديل ، فقال :
يا أمير المؤمنين ، هذه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهديتها لك !
فقال : هاتها .
فدفعها الرجل إليه ، فقبّـل باطنها وظاهرها ، ووضعها على عينيه ، وأمَرَ للرجل بعشرة آلاف درهم ، فلما أخذها وانصرف ، قال المهدي لجلسائه :أترون أني لم أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَرها فضلا علن أن يكون لبسها ؟! ولو كذّبناه لقال للناس : أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فردّها عليّ ، وكان من يُصدّقه أكثر ممن يدفع خبره ، إذ كان من شأن العامة ميلها إلى أشكالها ! والنصرة للضعيف على القوي وإن كان ظالما ! فاشترينا لسانه وقبلنا هديته وصدّقناه !ورأينا الذي فعلناه أنجح وأرجح .

فيُقال لمن زَعم أن ذلك الثر من آثاره صلى الله عليه وسلم : أثبِتْ العرش ثم انقُش !
أثبت أولاً أن ذلك الأثر من آثاره صلى الله عليه وسلم ونحن نوافقك على التبرّك به .

15 – قال في الشُّبْهَة : [روى الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخه بإسناده إلى علي بن ميمون قال : سمعت الشافعي يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم ، يعني زائرا ، فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده ، فما تبعد عني حتى تقضى . اهـ . تاريخ بغداد -(1/123) ]

أولاً : يُقال مثل ما قيل عن كتاب " البداية والنهاية " ، فكُتُب التواريخ لأصحابها مناهج في إيراد الروايات ، ولا يتم الاستدلال إلا بمعرفة مناهج أصحابها .

ثانياً : في إسناد هذه القصة من لا يُعرَف ، فالذي يظهر عدم ثبوت ذلك عن الإمام الشافعي .

ثالثاً : غاية ما في هذه القصة أنها فِعل عالم ، وأفعال العَالِم وأقواله تُعْرَض على الكتاب والسُّنَّة ، وتُوزَن بهما .
وكلام العالِم يُسَتَدَلّ له ، ولا يُستَدَلّ به .
وكلام العالِم يُحَتَجّ له ، ولا يُحتَجّ به .
وإلا لزِم ادِّعاء العصمة للعالم والإمام ، كما تفعل الرافضة !

ثم إن الصحابة والتابِعين أفضل ممن جاء بعدهم ، ولم يأتِ أحد منهم إلى قبر أفضل الْخَلْق صلى الله عليه وسلم يَتَبرّك به ، أو يسأل الله الحاجة عنده ، أو يَدعو عند قبره صلى الله عليه وسلم ، ولم يثبت عن أهل القرون الفاضلة من ذلك شيء .

16 – الاستدلال بِفعل الإمام مالك رحمه الله .
حيث قال صاحب الشُّبْهَة : [ قال الإمامِ مالكٍ للخليفةِ المنصورِ لما حَجَّ فزارَ قبرَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم وسألَ مالكًا قائلاً: "يا أبا عبدِ الله أستقبلُ القِبلَةَ وأدعو أم أستقبلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : وَلِمَ تَصرِفُ وجهَكَ عنه وهو وَسيلَتُكَ ووسيلةُ أبيكَ آدم عليه السلام إلى الله تعالى؟ بل استقبِلهُ واستشفع بهِ فيشفّعهُ الله" ذكرهُ القاضي عياضٌ في كتابِ الشّفا]

أولاً : هذه الرواية لم تثبت ولم تَصِحّ عن الإمام مالك رحمه الله ، فإن الذي رواها هو محمد بن حُميد ، وهو ضعيف .
ولو صَحّت القصّة لم تَكن تَخفى على علماء المالكية ، خاصة وأن منهم مُفسِّرين ، كابن عطية والقرطبي وابن جُزيّ وغيرهم ، ومع ذلك لم يُشيروا إلى هذه الحكاية في تفاسيرهم .

ثانياً : يُقال في هذا ما قيل في سابقِه ، من أن فِعل العَالِم وقوله يُحتَجّ له ، ولا يُحتَجّ به ، هذا لو صحّت القِصّة .
وقد اشتهر عن الإمام مالك رحمه الله أنه كان يقول : كل أحد يُؤخذ من قَولِه ويُرَدّ عليه إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم .
وجاء هذا المعنى عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وعن مُجاهد رحمه الله ، كما تقدّم .

ثالثاً : الإمام مالك رحمه الله من اشد الناس في ردّ البِدَع وذمّها ، وكان يَنهى ويَزجُر عن إحداث أمر لم يَكن عليه عَمَل السَّلَف ، فقد أمر بِسَجن أحد العلماء – ولم يَعرِفه – لما ألْقَى ثوبه بين يديه حال الصلاة !

رابعاً : هذا يُخالِف ما اشتُهر عن الإمام مالك رحمه الله مِن نَهيِه عن استقبال القبور عند الدعاء ، ففي المبسوط : قال مالك : لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن لِيُسَلِّم ويمضي .
ونص أحمد أنه يستقبل القبلة ويجعل الحجرة عن يساره لئلا يستدبره ، وذلك بعد تحيته والسلام عليه ؛ فظاهر هذا أنه يقف للدعاء بعد السلام . وذكر أصحاب مالك أنه يدعو مستقبلا القبلة يوليه ظهره ، وبالجملة فقد اتفق الأئمة على أنه إذا دَعَـا لا يَستقبل القبر . نَقَله الشيخ سليمان بن عبد الله في شرح كتاب التوحيد .

خامساً : وهو يُخالِف نَهْيَه صلى الله عليه وسلم عن اتِّخاذ قبره عيداً ومسجداً .
روى ابن أبي شيبة من طريق علي بن عمر عن أبيه عن علي بن حسين أنه رأى رجلا يجيء إلى فُرْجَة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو ، فَدَعَاه ، فقال : ألا أُحَدِّثُك بحديث سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا تتخذوا قبري عيدا ، ولا بيوتكم قبورا ، وصَلُّوا عَليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم .

فهذا ما فهمه أئمة آل البيت رضي الله عنهم مع قُربِهم منه عليه الصلاة والسلام .
فهل يَزعُم زاعِم أن أئمة آل البيت كانوا لا يُحبّون رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
سبحانك هذا بهتان عظيم .

قال ابن القيم رحمه الله : وهذا أفضل التابعين من أهل بيته علي بن الحسين رضي الله عنهما نَهَى ذلك الرجل أن يَتَحَرّى الدعاء عند قبره ، واستدل بالحديث وهو الذي رواه وسَمِعَه من أبيه الحسين عن جده علي رضي الله عنه - وهو أعلم بمعناه من هؤلاء الضُّلاّل - وكذلك ابن عمه الحسن بن الحسن - شيخ أهل بيته - كَرِهّ أن يَقْصد الرجل القبر إذا لم يكن يريد المسجد ، ورأى أن ذلك من اتخاذه عيدا .
قال شيخنا [ يعني ابن تيمية ] : فانظر هذه السنة كيف مَخْرَجها من أهل المدينة ، وأهل البيت الذين لهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم قُرْب النسب وقُرْب الدار ؛ لأنهم إلى ذلك أحوج من غيرهم ، فكانوا له أضبط . اهـ .

17 – الاستدلال بالحديث الموضوع المكذوب بِدعوى محبته صلى الله عليه وسلم ! حيث يقول صاحب الشُّبْهَة :
[في الحديثِ الذي رواه السيوطي وغيره أن آدمَ عليه السلامُ لما أكلَ من الشجرةِ قالَ: "يا رب أسألُكَ بحقِّ محمدٍ إلا ما غفرتَ لي". قال: "وكيف عرفتَ محمداً ولم أخلقْهُ". قالَ : "رفعتُ رأسي إلى قوائِمِ العرشِ فوجَدْتُ مكتوباً : لا إله إلا اللهُ محمدٌ رسولُ اللهِ فعَرَفتُ أَنَّكَ لم تُضِفْ إلى اسمِك إلا أحبَّ الخلقِ إليكَ". بهذا الحديثِ يُسْتَدَلُّ على التوسلِ ومشروعِيَّتِهِ]

أولاً : الحديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما بيّنه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة .
وقد صَحَّح الحاكم هذا الحديث فتعقّبه الإمام الذهبي ، بقوله :
قال : صحيح . قُلتُ : بل موضوع ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم المذكور في إسناده واهٍ .
قال الحاكم : وهو أول حديث ذكرته له في هذا الكتاب . قلتُ [ أي الذهبي ] : وفيه عبد الله بن مسلم الفهري ، ولا أدري من هو . اهـ .
وفي تخريج وتحقيق " مختصر استدراك الحافظ الذهبي على مستدرك أبي عبد الله الحاكم " لابن الملقِّن ما نصّه :
الْحُكم على الحديث :
قلتُ : مما تقدّم يتبيّن أن عبد الرحمن بن زيد ضعيف ، وأما عبد الله بن مسلم ، فالظاهر أنه ابن رشيد مُتّهم بِوضع الحديث ، فعليه يكون الحديث بهذا الإسناد موضوعاً ... ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أُنْكِر عليه ، فإنه نفسه قد قال في كتاب " الْمَدْخَل " : عبد الرحمن بن زيد بن أسلم رُوى عن أبيه أحاديث موضوعة لا يَخْفَى على من تأمّلها من أهل الصَّنْعَة أن الْحَمْل فيها عليه . اهـ .

وقد ضعّفه غير واحد من أهل العلم .
ففي تاريخ مدينة دمشق لحافظ ابن عساكر : قال البيهقي : تَفَرَّد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من هذا الوجه ، وهو ضعيف . والله أعلم . اهـ .
وقال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط والصغير ، وفيه من لم أعرفهم . اهـ .

فانظر إلى من يدّعي محبة النبي صلى الله عليه وسلم كيف يُشارِك في الكذب عليه ، وذلك بِنَشْر الحديث الموضوع المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ونشر الحديث الموضوع ذَنْب وخطيئة تجب التوبة منها .
قال الإمام الذهبي في ترجمة " أبي نُعيم " : وما أبو نعيم بِمُتَّهَم بل هو صدوق عالم بهذا الفن . ما أعلم له ذنبا - والله يعفو عنه - أعظم من روايته للأحاديث الموضوعة في تواليفه ، ثم يَسْكُت عن توهيتها . اهـ .
فَقَبّح الله من يستدلّ بالحديث الموضوع على بِدعة مُحدَثَة ، يَزعم بها نُصرة النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته !
فبَطَل قوله : [بهذا الحديثِ يُسْتَدَلُّ على التوسلِ ومشروعِيَّتِهِ] بل لا يجوز نشر هذا الحديث ولا ذِكره إلا على سبيل التحذير ، فكيف يُسَتَدلّ به ؟؟!

وسبق الجواب عن سؤال :
ما صحة حديث : أن آدم عليه السلام قد توسل برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
http://www.almeshkat.net/index.php?pg=fatawa&ref=832

18 – الاستدلال بِحديث الأعمى ، حيث يقول صاحب الشُّبْهَة : [روى الطبراني في المعجم الكبير والصغير أن الرسول علم رجل أعمى أن يتوسل به علمه أن يقول: "اللهم إني أسألك وأتوجه بنبيك محمد نبي الرحمة .. يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضي لي". قال الطبراني والحديث صحيح]

الحديث صحيح ، والاستدلال به بهذه الطريقة غير صحيح .
لا يصح في التوسّل به صلى الله عليه وسلم إلا حديث الأعمى .
وحديث الأعمى رواه الترمذي وابن ماجه النسائي في الكبرى عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ادعُ الله أن يعافيني . قال : إن شئتَ دعوت ، وإن شئتَ صبرت فهو خير لك . قال : فادْعُه . قال : فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي ، اللهم فَشَفِّعْه فِيَّ .
وفي رواية :
فقال : يا رسول الله ادع الله أن يكشف لي عن بصري . قال : أو أدَعُك ؟ قال : يا رسول إنه شقّ علي ذهاب بصري . قال : فانطلق فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيي محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك أن يكشف لي عن بصري شفعه فيّ وشفعني في نفسي ، فَرَجَع وقد كَشَفَ له عن بصره .
وهذا ليس فيه دليل ولا مستمسك لمن يتوسّل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم
بل فيه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل ، فقد سأل الله عز وجل أن يُشفّع النبي صلى الله عليه وسلم فيه ، وذلك في حال حياته دون مماته .
والذي دلّ على هذا أن من الصحابة من عَمِي وأُصِيب في بصره ، ولم يأتِ إلى قبره صلى الله عليه وسلم بعد وفاته عليه الصلاة والسلام فيدعو بهذا الدعاء .
فابن عباس رضي الله عنهما من علماء هذه الأمة ، وهو ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أُصيب ببصره وعَمِي في آخر عمره ، ولم يأتِ إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم يستشفع به ، ولم يصحّ عن واحد من أصحابه أنه فَعَل ذلك بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .

قال ابن عبد البر في ترجمة ابن عباس هو القائل ما روي عنه من وجوه :
إن يأخذ الله من عينيّ نورهما *** ففي لساني وقلبي منهما نور

فبَطَل بذلك قول السُّبكي الآتي بعد ذلك .
19 – قول السُّبْكي ، حيث أوْرَدَ صاحب الشُّبْهَة عن السبكي قوله :
[ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي إلى ربه ، ولم ينكر ذلك أحد من السلف حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع ما لم يفعله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مُثلة ]
أقول :
بل لا يُعرَف ذلك عن السَّلَف ، أي الاستشفاع به صلى الله عليه وسلم ، ولا التوسّل بشخصه عليه الصلاة والسلام ، ولا بِجاهه صلى الله عليه وسلم .
فالصحابة رضي الله عنهم منهم من أصابه المرض ، ومنهم من عَمِي ، بل وقع بينهم الْخِلاف ، ومنهم من شكَا غربته وكُربته ،ولكنه لم يشكُها إلا إلى الله ، امتثالاً لقوله عليه الصلاة والسلام : إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله . رواه الإمام أحمد والترمذي .

فالْمُحَدَّث الْمُلْهَم عمر رضي الله عنه شكا حاله عند الكبر ، وإنما شكاه إلى الله لا إلى أحد مِن خلْقِه .
روى الإمام مالك في الموطأ وعبد الرزاق في المصنّف والحاكم في المستدرك من طريق سعيد بن المسيب قال : لما صَدَر عمر بن الخطاب عن مِنى في آخر حجّة حجها أناخ بالبطحاء ثم كوّم كومة ببطحاء ثم طَرَح عليها صنفة ردائه ثم استلقى ومَدّ يديه إلى السماء فقال : اللهم كبر سني ، وضَعُفَتْ قوتي ، وانتشرت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مُضَيّع ولا مُفَرِّط .

واشتهر عن عليّ رضي الله عنه قوله : أشكو إلى الله عجري وبُجَري .قال الأصمعي : يعني همومي وأحزاني .

وهذا هو دِين الأنبياء ، فإبراهيم عليه الصلاة والسلام حينما أُلْقِي في النار لم يَزِد على قول : حسبنا الله ونعم الوكيل .
قال ابن عباس : (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقى في النار ، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) . رواه البخاري .
ويعقوب عليه الصلاة والسلام إنما شَكا حُزنه وبثّ شكواه إلى مولاه ، فقال : (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) .
وهذا هو دِين النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن الله تبارك وتعالى قال : (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) .
فَنَسَب الإيتاء والإعطاء إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، أما الكفاية – وهي الْحَسْب – فنسبها إلى الله وحده (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ) .
ومثله ما جاء في أجوبة أسئلة الناس ، فإن الله وَكَل الجواب فيها إلى رسوله صلى الله عليه وسلم
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ ... ) الآية .
( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ ... ) الآية .
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ ... ) الآية .
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ ... ) الآية .
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ ... ) الآية .
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ ... ) الآية .
وهكذا في سائر أسئلة الناس يأتي الجواب من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم آمراً إياه أن يقول للناس كذا وكذا .
فـ (قُلْ) خِطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقول وأن يُبلِّغ الجواب .
إلا في مسألة واحدة ، وهي الدعاء ، فإن الله تبارك وتعالى قال : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) فلم يأتِ بـ(قُلْ) لئلا يَتوهّم مُتوهِّم أن النبي صلى الله عليه وسلم واسطة بين الْخَلْق والْحَقّ سبحانه وتعالى في الدعاء ، وإنما أتى بصيغة التوكيد (فَإِنِّي) ثم أخبر عن نفسه أنه قريب مُجيب ، فما على الداعي إلا أن يَدعو الله (فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) .
ولأن الدعاء عبادة محضة لا يَصلُح فيها واسطة بين العبد وبين ربِّه جل جلاله ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : الدعاء هو العبادة . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه .
فشيخ الإسلام ابن تيمية لم يأتِ بِبِدْعٍ من القول ، ولم يَعدِل عن الصراط المستقيم ، بل مشى على ما كان عليه سَلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين .
فلا يَصِحّ عن واحد من الصحابة أنه أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم يَدعوه أو يتوسّل به أو يطلب منه قضاء الحوائج ، بل لما أرادوا الاستسقاء طلبوا من العباس عمّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يَدعو لهم ، ولم يَعدِلوا عن الإتيان إليه صلى الله عليه وسلم في قبره إلا لِما تقرّر عندهم أنه لا يجوز دعاء الأموات ولا التوسّل بهم ، وقد تقدم هذا المعنى .
وعداء السُّبكي لابن تيمية يَعرفه أهل العلم ! وذلك لاختلاف المشارِب بينهما !

20 – قوله : [ثبت أن خبيبَ بن عدى الصحابي حين قُدّم للقتل نادى : يا محمّد . رواه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني]
وأين إثبات ذلك ؟
وقد تقدّم قول الإمام الذهبي في ترجمة " أبي نُعيم " : وما أبو نعيم بِمُتَّهَم بل هو صدوق عالم بهذا الفن . ما أعلم له ذنبا - والله يعفو عنه - أعظم من روايته للأحاديث الموضوعة في تواليفه ، ثم يَسْكُت عن توهيتها . اهـ .

وفي إسناد هذه القصة عند أبي نُعيم في الْحِلية " الهيثم بن عدي " نَقَل ابن عدي في الكامل عن يحيى بن معين قال : الهيثم بن عدي كوفي ليس بثقة ، كان يكذب .
ونَقَل عن البخاري قوله فيه : سكتوا عنه .
ونَقَل عن النسائي قوله : الهيثم بن عدي متروك الحديث .
فمثل هذا تكون روايته موضوعة مكذوبة .

فكيف يُقال : [ ثَبَت .. ] ؟؟ هذا إيهام للقراء ، وعدم أمانة في النقل .

فهذا يُوجِب ردّ قوله ، واطِّراح ما يقوله ، وعدم الركون إلى ما ينقله .

21 – الاستدلال بقول خالد بن الوليد رضي الله عنه ، حيث يقول صاحب الشُّبْهَة : [خالد بن الوليد رضي الله عنه كان شعار كتيبته يوم اليمامة "يا محمداه" فخالد نادى بذلك ونادى بندائه الجيش فهل يكون هذا إلا إقرارًا من هذا الجيش الكريم على تصويب ما أمر به خالد رضي الله عنه وقد كان في الجيش من الحفاظ والعلماء والبدريين وعِليَة الصحابة رواه ابن الأثير في الكامل]

أقول :
أولاً : هذا منقول من كُتُب التواريخ ، وقد سبق التنبيه على مناهج كُتُب التواريخ أكثر من مرّة
وقد رواه ابن جرير الطبري في تاريخه بإسناده من طريق شيخه محمد بن حُميد ، وهو ضعيف ، فالرواية على هذا ضعيفة ، يُستأنس بها في التواريخ ، ولا يُعتَمد عليها في العقائد .

ثانياً : لو صحّ هذا فإنه – كما تقدّم – من باب استحضار المخَاطَب فحسب .

ثالثاً : لو صحّ هذا فلا يُمكن الاستدلال به على التوسّل ، لأن خالداً رضي الله عنه لم يَقُل : يا محمد انصرني . ولم يَقُل : يا محمد أغثني ! بل غاية ما فيه أن جعلوا شعارهم " يا محمداه" ، وهو كقول : وا إسلاماه ، ونحوها ، كما تقدّم .

22 – قوله : [وتوسل عمر بن الخطاب بالعباس رضي الله عنه لما استسقى الناس وغير ذلك مما هو مشهور فلا حاجة إلى الإطالة بذكره والتوسل الذي في حديث الأعمى قد استعمله الصحابة السلف بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وفيه لفظ "يا محمَّد"، وذلك نداء عند المتوسل]

أقول : الدعاوى أسهل ما يكون !
وقد تقدّم الجواب عن فِعل عمر رضي الله عنه مع العباس رضي الله عنه ، وليس فيه توسّل بِميّت ، ولم يتوسّل عمر رضي الله عنه بالعباس بشخصه فحسب ، بل بِدعائه ، فَطَلب من العباس رضي الله عنه أن يَدعو لهم ، وهذه حُجة عليهم لا لهم .
فلو توسّل عمر بالعباس لقال : اللهم إنا نتوسّل إليك بالعباس فاسقنا ، ولم يأمره بالدعاء .
وقد ثبت أن عمر رضي الله عنه قال للعباس : قم يا عباس فادعُ . وقد تقدّم .
وحديث الأعمى تقدّم أيضا .
ولم يستعمله الصحابة كما زعم صاحب الشُّبْهَة ، بل لا يُعرف هذا عن الصحابة رضي الله عنهم
فأين هي الأسانيد الصحيحة والثابتة عن الصحابة رضي الله عنهم في أنهم استعملوا حديث الأعمى ، وأنهم توسّلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ، أو طلبوا منه قضاء الحاجات ، أو تفريج الكُرُبات ؟
لا يثبت عن واحد من الصحابة من ذلك حرف واحد في ذلك ، ولو وَجدوا حرفا واحدا عن صحابي واحد لرفعوا الأعلام ، ونادَوا في الأنام على ذلك !

23 – التلبيس المتكرر على الناس ، حيث يقول صاحب الشُّبْهَة : [الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم كان من دعائه :"اللهمّ إني أسألك بحقّ السائلين عليك" وهذا توسّل لا شكّ فيهِ وكان يُعلّم هذا الدّعاء أصحابَه ويأمرهم بالإتيانِ]
تقدّم بيان ضعف الحديث ، والجواب عنه لو صحّ ، مع أنه لم يصِحّ ، بل هو حديث ضعيف .

24 – تكرار التلبيس وتصحيح ما ليس بصحيح !
حيث يقول : [وصحّ عنه أنه صلى الله عليه وسلم لما ماتت فاطمة بنت أسد أمّ عليّ رضي الله عنها ألحدها صلى الله عليه وسلم في القبر بيده الشريفة وقال:" اللهمَّ اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسّعْ عليها مدخلها بحقّ نبيّك والأنبياء الذين من قبلي إنك أرحم الراحمين]

فقوله : [ صَحّ عنه .. ] هذا تصحيح منه للحديث ، وهو حديث ضعيف .
قال الهيثمي في الْمَجْمَع : رواه الطبراني في الكبير والأوسط ، وفيه روح بن صلاح وثَقه ابن حبان والحاكم ، وفيه ضعف ، وبقية رجاله رجال الصحيح . اهـ .

والحديث قد ضعّفه ابن الجوزي في العلل المتناهية بقوله : تَفَرّد به " روح بن صلاح " وهو في عِداد المجهولين ، وقد ضَعَّفَه ابن عدي . اهـ .

فقوله : [ وصَحّ عنه .. ] مُخالِف للأمانة العلمية ، وتلبيس على القرّاء !

25 – قوله : [وقد ذَكَرَ الحافظُ الجزريُّ وهو شيخُ القرَّاءِ وكانَ من حفَّاظِ الحديثِ في كتابٍ له يُسمَّى الحصن الحصين وكذلكَ ذكرَ في مختصرهِ قال: "مِن مواضِعِ إجابةِ الدُّعاءِ قبورُ الصّالحينَ" ا.هـ، وهذا الحافظُ جاءَ بعد ابن تيمية بِنحوِ مائةِ سنةٍ، ولم يُنكِر عليه العلماءُ إلا أن يكونَ بعض الشَّاذّين الذين لَحِقوا نفاةَ التَّوسُّلِ من أتباعِ ابن تيمية]

سبق القول بأن كلام العالِم يُعرَ على الكتاب والسنة ، ويُوزَن بميزان الكتاب والسُّنَّة .
وأن كلام العالِم يُحتَجّ له ، ولا يُحتَجّ به .
وأن كلام العالِم يُسْتَدَلّ له ، ولا يُسْتَدَلّ به .

وهذا الاستدلال مثل الاستدلال بأفعال المشركين ! حيث كانوا يَدعون أصنامهم فربما استُجيب لهم استدراجاً ، وربما لبّس عليهم الشيطان فكلّمهم من خِلال تلك الأصنام فيزدادون غَيا إلى غيِّهم ، وضلالاً إلى ضلالهم .

وأما قوله : [ولم يُنكِر عليه العلماءُ إلا أن يكونَ بعض الشَّاذّين الذين لَحِقوا نفاةَ التَّوسُّلِ من أتباعِ ابن تيمية]
فابن تيمية رحمه الله لم يَنْكِر التوسّل جُملة وتفصيلا ! بل أنكَر التوسّل الممنوع ، وأما التوسّل المشروع فهو لا يُنكِره ، بل يُقرّه ويُثبته ويَدعو إليه .
ولو تأمّلت في أحوال أصحاب التوسّل البِدْعِيّ لرأيت أنهم لا يتوسّلون إلا التوسّل الممنوع ! فلا يَكادون يَعرفون التوسّل المشروع !
والتوسّل المشروع هو التوسّل إلى الله بأسمائه وصفاته وبمحبة نبيِّه صلى الله عليه وسلم وبالأعمال الصالحة .
وأما نفي التوسّل الممنوع والمنع منه ، فلم يَنفرد به ابن تيمية – كما يُوهمه قول القائل – ولم يَشُذّ به ، وإنما أراد هؤلاء تشويه صورة ذلك العالم الرباني الذي حارب البِدع وأهلها ! فوصَفُوه بالشذوذ لتنفير الناس منه ومن أقواله !

ونفي التوسّل الممنوع هو ما دلّ عليه الكتاب والسُّنَّة .
فَمِن الكتاب العزيز قول رب العزة سبحانه : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا) .
وقرأ ابن مسعود : { أولئك الذين تدعون ..}
وهذا في ذم ما كان عليه أهل الشرك من توسّل ممنوع !
قال ابن جُزيّ في تفسيره : المعنى أن أولئك الآلهة الذين تَدعون من دون الله يَبتغون القُرْبَة إلى الله ويرجونه ويخافونه ، فكيف تعبدونهم معه ؟ . اهـ .

ومن السُّنَّة قوله صلى الله عليه وسلم : إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله . رواه الإمام أحمد والترمذي .
ولم يَقُل عليه الصلاة والسلام فاسألوا الله بِجاهي ، أو تَوسّلوا بي . بل أمَر بسؤال الله مُباشَرة .

وخلاصة القول :

أنه لم يثبت خبر ولا أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه بل ولا عن أحد من التابعين في التوسّل الممنوع ، ولا في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، أو الاستغاثة به عليه الصلاة والسلام بعد وفاته .
وما صحّ من خبر فليس فيه التوسّل به صلى الله عليه وسلم ولا بِجاهِه ، ولا الاستغاثة به عليه الصلاة والسلام ، ولا طلب قضاء الحوائج ، أو كشف الكروب ، أو شفاء المرضى .

واسأل الله أن يُرينا الحق حقا ويُوفّقنا لاتِّبَاعِه ، ويُرينا الباطل باطلا ويُوفّقنا لاجتنابِه .
والله تعالى أعلم .

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة












الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأحاديث النبوية الشريفة( كل يوم حديث) إن شاء الله تعبت أسافر ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 170 27-06-2009 01:39 PM
عقيدة اهل السنة والجماعة N.S.A ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 16 12-10-2008 11:01 PM
نبذة يسيرة عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم...ارجو التثبيت.. الزهراني ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 7 27-07-2008 02:15 AM
°•¤[ ســنــن مــنــســيــة ]¤•° .. ×عاشقة نفسها× ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 16 07-05-2008 03:56 PM
صفات الرسول صلى الله عليه وسلم fai9al ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 17 22-11-2007 03:19 PM

Bookmark and Share



الساعة الآن 05:29 AM.